القائمة الرئيسية

الصفحات



الفرق بين الأحكام الملزمة والأحكام التقريرية و الأحكام المنشئة.

الفرق بين الأحكام الملزمة والأحكام التقريرية و الأحكام المنشئة




وتقسم الأحكام من زاوية قابليتها للتنفيذ الجبري إلى أحكام ملزمة وتقريرية ومنشئة، وهكذا يعرف الحكم الملزم بأنه الحكم الذي يرد فيه التقرير على حق يقابله التزام الطرف الآخر بأداء حق معين)، أما الحكم التقريري فيعرف بأنه الحكم الذي يؤكد وجود أو عدم وجود الحق أو المركز القانوني، وهو إما إيجابي مثل الحكم بوجود رابطة زوجية بين شخصين، وإما سلبي مثل الدعوى التي يقيمها المالك بهدف الحكم بعدم وجود حق ارتفاق على ملكه ضد شخص يدعي وجود هذا الحق)، أما الحكم المنشئ فهو الذي يقرر حقا فينشأ عن هذا التقرير تغير في مركز سابق وينشأ مركزا جديدا مثل الحكم الصادر بالتصفية القضائية أو إبطال العقد أو التطليق أو الفسخ،  و عليه فأحكام الإلزام وحدها التي تقبل أن تكون محلا للتنفيذ الجبري دون باقي الأحكام التقريرية أو المنشئة).



والتساؤل المطروح هو ما هو معيار التمييز بين هذه الأنواع المختلفة من الأحكام ؟
لقد اختلفت الآراء الفقهية حول معيار التمييز بينها، بحيث ذهب رأي فقهي إلى اعتماد النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ومن خلالها تحدد طبيعته اعتمادا على ما تضمنه من أمر أو تأكيد أو تطبيق لجزاء معين.
أما الرأي الثاني فيذهب إلى البحث عن عنصر الإلزام من خلال العلاقات القانونية التي يرد عليها الحكم.
أما محكمة النقض المصرية فقد تبنت الطرح الفقهي الأول، إذ جاء في أحد قراراتها: "إن الأحكام التي يقتصر التنفيذ الجبري عليها هي تلك التي تتضمن إلزام المدعى عليه بأمر معين يقبل التنفيذ الجبري، بحيث لا يقتصر على تقرير حق أو مركز قانوني أو واقعة قانونية، بل تتعدى إلى وجوب أن يقوم المدعى عليه بعمل أو أعمال لصالح المحكوم له".
وقد أوضحت محكمة النقض المصرية في قرار آخر لها أن تحديد طبيعة الحكم يكون من خلال تفهم مراميه ومقاصده وليس بمجرد الاعتماد على ظاهره فقط، ومما جاء في قرارها: "إن المناط في معرفة ما للحكم الصادر من قوة الإلزام هي بتفهم مقتضاه وتقصي مراميه" .

وعموما فإنه مهما تعددت تصنيفات الأحكام القضائية، فإن المهم فيها هو احترام معايير الجودة التي تفرض في الحكم أن يسعى إلى التطبيق العادل للقانون، وأن يحافظ فيه على نسق منطقي يبرر النتيجة التي انتهى إليها الحكم، وأن يدعم بالنصوص القانونية والاتفاقيات الدولية والاجتهادات القضائية والآراء الفقهية ذات الصلة بالموضوع، أما حيث لغة الحكم فإنه من الأكيد أنه يتعين على القاضي أن يكتبه بلغة مبسطة وواضحة، على اعتبار أنه لم يعد ينظر للمقررات القضائية على أنها وثيقة تقنية يكفي أن يفهمها المهنيون المعنيون بها فحسب، بل من طرف المتقاضي حاضرا وأساسيا لدعم الثقة فيها بتبسيط لغتها وتوخي جعلها في متناول العموم.

تعليقات