📁 آخر الأخبار

استجواب المتهم في القانون القطري.

استجواب المتهم في القانون القطري




تتناول هذه الدراسة أحد أهمّ الموضوعات الهامة والدقيقة التي حرص المشرع القطري على تنظيمها وبيانها في قانون الإجراءات الجنائية القطري رقم 23 لسنة 2004م، وهو موضوع إجراء استجواب المتهم، حِفاظا على شرعيّة الإجراءات القانونية، وإعلاء لسلطة العدالة، وتأصيلا لمنطق الحقّ والوصول إلى الحقيقة.
 إنّ موضوع رسالتنا يكتسب وجاهته البحثية والعلمية من خلال إنارته لِجهة نظرٍ متعلقة أساساً بمعرفة النطاق الذي أجازه المشرع القطري لمُمارسة الاستجواب، وعن مدى تحقيقه للمواءمة والتّوازن المنشود بين حقّين جامعين: أوّلهما، حقّ المجتمع في إقامة العدالة الجنائية من خلال جَمع الأدلة والبراهين التي تُفضي إلى كشف الحقيقة. وثانيهما، حقّ المتهم الذي لا يزال مُتحصّناً بقرينة البراءة في التمتع بالضمانات والحريات الأساسية في جميع مراحل الدعوى الجنائية.
 إن الملمح الأول الذي نستجليه من خُطورة مسألة الاستجواب يكمن أساساً في جُملة الآثار القانونية التي قد تترتّب عليه أثناء تفعيله إجرائياً مع المتهم، لأنه قد يقود إلى اعتراف من قِبله يُسيء إلى مركزه القانوني في جميع مراحل الدعوى الجنائية، وفي ذات الوقت قد يكون سبباً رئيسياً لإثبات براءته عن طريق تفنيد جميع الأدلة القائمة ضدّه.



 وعليه، يمكن القول إنّ ضمانات استجواب المتهم تنبثق من أصل البراءة فيه، وتحقيق هذا الأصل يتطلب لِزاماً معاملة المتهم بوصفه بريئاً حتى تثبت إدانته، ولا يتحقّق هذا الأمر إلا بتوفير الضمانات الأساسية التي تَكفِل تمتّعه بالحرية الشخصية المطلقة اثناء خضوعه لهذا الإجراء الخطير.
 إنّ السبيل لتحقيق الغائيّة القائمة على ايجاد التوازن المطلوب بين مختلف الحقوق المضادة في الواقع العملي تكمن أساساً في ضرورة تحقيق الموازنة بين حقّ المجتمع من جهة، وحقّ المتهم من جهة أخرى. ولن يتحقق هذا المسعى دون بلورة شكل قانوني يكفل هذين الحقّين دون ترجيح مصلحة أحدهما عن الآخر. وعليه كان لزاماً إسناد هذه المهمة إلى جهة تتمتع بالاستقلالية والحيادية والنزاهة، وتسهر على صَون وحماية الأفراد وحرياتهم.
 ويُعتبر الاستجواب من بين أحد الوسائل الأساسية التي تكفل للمتهم حقّه في الدفاع عن نفسه لِضمان مصلحتهِ من جهة، وتحقيق العدالة الضرورية والمتوازنة من جهة أخرى. ولن يتحقق هذا المطلب إلا بتوافر مُختلف الضمانات التي تكفل للمتهم حقّه في الدفاع عن نفسه.
 وقد حرصت كافة التشريعات الإجرائية على ضمان الإلتزام بهذه الضمانات -ومن بينها التشريع القطري- بتقريرها جزاءً إجرائياً عند مخالفتها يتمثل في البطلان، كما ذهبت إلى تنظيم هذه القواعد من حيث نطاق امتداد البطلان إلى الإجراءات السابقة أو اللاحقة على الاستجواب.




تعليقات