القائمة الرئيسية

الصفحات



إجراءات التفتيش بين النص القانوني والعمل القضائي.

إجراءات التفتيش بين النص القانوني والعمل القضائي.




يحتل المسكن حرمة خاصة في معظم التشريعات. و لما كان ينضوي على خصوصيات جمة، فإن المشرع السماوي والمشرع الوضعي أحاطاه بمجموعة من الضمانات حماية لحقوق الأفراد وممتلكاتهم كونه يعد أخطر الإجراءات الماسة بالحرية الشخصية. ويرى البحث أن التفتيش، في الأصل، هو عمل من أعمال التحقيق، لا يجوز الالتجاء إليه إلا بناء على تهمة موجهة إلى شخص مقيم بالمسكن المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو اشتراكه في ارتكابها، أو في حالة وجود قرائن على وجود أشياء تتعلق بالجريمة في المسكن. وكان المفروض ألا يكون من حق ضابط الشرطة القضائية اللجوء إلى تفتيش المسكن كإجراء من إجراءات البحث التمهيدي. ولكن المشرع خروجا عن هذا الأصل، أعطى لضابط الشرطة القضائية حق تفتيش المسكن كإجراء من إجراءات البحث التمهيدي، ولكنه قيد ذلك بشرط رضاء الشخص الذي يراد تفتيش مسكنه. فإجراء التفتيش يعتبر عملا من أعمال البحث التمهيدي وليس عملا من أعمال التحقيق ، و يشترط لصحته أن يتم بناء على الرضاء الصحيح من الشخص الذي يراد تفتيش مسكنه، ويجب أن يتم هذا الرضاء كتابة إذا كان الشخص يجيد الكتابة و إلا فعلى ضابط الشرطة القضائية إثبات الموافقة في المحضر الذي يجريه، وإن كان الشخص غائبا فلا يصح تفتيش مسكنه في غيبته لأن التفتيش هنا إجراء استثنائي، فلا يصح قياس التفتيش هنا على التفتيش باعتباره عملا من أعمال التحقيق.


ويرجع التأصيل التاريخي لنظام التفتيش، يضيف البحث، لنشأة فكرة الأمن ،منذ خلق الله تعال الإنسان، الذي وجد نفسه مهددا من طرف الكوارث الطبيعية و الحيوانات المفترسة و من بني جنسه . ففي الشريعة الإسلامية نص القرآن الكريم على ما يكفل حرمة المسكن، حيث ورد في سورة النور الآيتان 27/28 قوله تعالى: «يا أيها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون، فإن لم تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإ ن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم». وفي قوله أيضا: «وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من أتقى واتوا البيوت من أبوابها و اتقوا الله لعلكم تفلحون» سورة البقرة الآية 189..
...أما حرمة المسكن في المواثيق الدولية فإننا نجده بارزا من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة1948 في مادته 12: لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو حملات على شرفه وسمعته و لكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات». وتؤكد الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان و الحريات الأساسية 1950 ،في المادة الثامنة منها على أن «لكل شخص الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية و مسكنه و مراسلاته». وفي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966، نصت المادة 17 منه على أنه «لا يجوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو أسرته أو بيته أو مراسلاته ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته».



تعليقات