القائمة الرئيسية

الصفحات



مركز حسن النية في بيع العقار المحفظ

مركز حسن النية في بيع العقار المحفظ





يعتبر مبدأ حسن النية من المبادئ التي تعود جذورها للقانون الروماني، إذ أن هذا المبدأ نشأ في بدايته كقاعدة أخلاقية لينتقل بعد ذلك إلى القاعدة القانونية.

و إن كان من المسلم به أن القاعدة القانونية هي قاعدة سلوك، فإنها لا تعنى بالنيات و البواعث ما لم تتبلور في شكل سلوكات خارجية، لأن ذلك يدخل في الذات الإنسانية التي لا يمكن الغوص في مكنوناتها. و بالتالي يمكن القول أن تقدير مشروعية العلاقات التي تربط بين الأفراد يستند بدرجة أولى على ما يظهره السلوك الخارجي. و هنا تبرز الصعوبة في كشف الغموض الذي يلف مفهوم حسن النية، إذ لا يمكن التكهن بنيات الأفراد ما لم تتبلور إلى أفعال خارجية.

و قد انتقل مبدأ حسن النية من القانون الروماني إلى التشريعات الوضعية الحديثة، على غرار كل من التشريع الفرنسي[1]، الإيطالي، و الألماني.

و المشرع المغربي كغيره من التشريعات[2]  أقر حسن النية  كقاعدة يجب أن تسود معظم التصرفات، من خلال التنصيص عليها في القواعد العامة، على غرار الفصل 231 من ق.ل.ع.م الذي جاء فيه ” كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية“.

و مجموعة من القوانين الخاصة المتعلقة بالعقار كظهير التحفيظ العقاري الصادر بتاريخ 12 غشت 1913 المتمم و المعدل بمقتضى القانون 14-07،  حيث نجد الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري ينص على أنه لا يمكن التمسك بإبطال التقييدات في مواجهة الغير حسن النية، بما يوحي بملاحظة أساسية وهي أن التقييد  بنية حسنة يكسب الحق المقيد حجية ثبوتية قوية بين الأطراف المتعاقدة و في مواجهة الكافة.






و تتمثل  أهمية مبدأ حسن النية في المادة العقارية في الخصوصية التي يحظى بها  من الناحية الوظيفية، فالمشرع لم يتطلب ضرورة توفر حسن النية إلا من أجل تحقيق وظائف تتنوع من حيث الأهمية، لعل أهمها الحماية التي يقررها هذا المبدأ لفائدة الغير الذي يكتسب حقوقا على العقار بحسن نية من جهة و ضمان استقرار المعاملات من جهة ثانية، بالإضافة إلى كونه واحدا من المبادئ التي تهدف إلى تحقيق الأمن العقاري من خلال السهر على تحصين الملكية العقارية و تنظيم و تيسير تداولها و انتقالها، بما يكفل استقرار المعاملات العقارية و في نفس الوقت يعزز الحماية المكفولة لحقوق الملاك و أصحاب الحقوق العينية المتعاملين بحسن نية.



و بناءا على كل ما سبق ذكره، فإن مبدأ حسن النية في حقل التصرفات العقارية يطرح إشكالية أساسية، تتمحور حول الازدواجية الوظيفية التي يلعبها هذا المبدأ من خلال الوظيفة الحمائية  التي يوفرها للغير حسن النية و الوظيفة الاقتصادية التي تتجلى في هاجس ضمان سرعة و استقرار المعاملات الاقتصادية بما يعزز ثقة الأفراد و يساهم في تحريك عجلة التنمية،  خاصة و أن العقار يعتبر موردا حيويا و لبنة أساسية في التنمية بمختلف مجالاتها.

إن مبدأ حسن النية يفترض في جميع الأحوال لا بل هو الأصل الذي ينبغي أن تقوم عليه المعاملات، غير أن الإشكال يثور عندما يصبح أداة بيد الغير للتعسف في استعمال الحق، فعندها يمكن لنا التساؤل عن الحدود التي وضعها المشرع المغربي بشكل خاص للحيلولة دون ذلك.




تحميل البحث من هنا

تعليقات