القائمة الرئيسية

الصفحات



نظام التأديب في المؤسسة السجنية.

نظام التأديب في المؤسسة السجنية




من إنجاز الطلبة الباحثين :                                            تحت إشراف الدكتور
عبد الحميد البقالي                                                        عبد الجليل عينوسي
يوسف أهنو
محمد الغازي
عبد الكافي ورياشي
السنة الجامعية 2011/2012

مقدمة
       العقوبة كما الجريمة، قديمة قدم الإنسان، لازمت المجتمع البشري منذ نشأته وسارت معه جنبا إلى جنب على مر العصور، وتعاقب الأزمنة والدهور؛ ومرد ذلك إلى ما تتضمنه من قوة الردع والحفاظ على كيان الجماعة ووحدتها ، ولعل من أهم تطبيقاتها على الإطلاق سلب الحرية وإيداع المخالفين بالسجون، هذه المؤسسات التي أعدت منذ زمن ليس بالقصير، كأماكن لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية، وقد عرفت تطورا بتعاقب الحضارات والأجناس حيث كان الحبس L’enfermement في البداية مجرد إجراء إداري تحفظي يتم بموجبه تجميع المعنيين بالأمر في أماكن معينة تمهيدا لمحاكمتهم وتنفيذ ما حكم عليهم بها من عقوبات والتي غالبا ما تتم بطرق وحشية ومروعة ، فكان سلب الحرية مجرد تمهيد لإنزال عقوبة جسدية، ولم تعرف السجون بأنظمتها الحالية إلا مع مجيء الثورة الفرنسية سنة 1789  . وفي التاريخ الإسلامي، قيل عن الرسول عليه الصلاة والسلام حبس شخصا في دار وأقام على المحبوس حارسا ، وقد تأكد أن الخليفة عمر بن عبد العزيز وضع نظاما محكما لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية من خلال ما وجهه من رسائل لولاة الأمر، نهى فيها عن وضع القيد في أرجل السجناء إلا من كان فيهم مطلوبا بدم، وأمر لهم بقدر من المال لإعاشتهم وحث على مسك سجلات لتدوين أسمائهم .





       وفي المغرب عرفت السجون تطورا مضطردا منذ فترة الحماية التي ألحقت بها هذه المؤسسات بمديريات الأمن ، وهي الفترة التي شهدت إصدار أول ظهير ينظم وضعية السجون والسجناء، ويتعلق الأمر بالظهير الشريف الصادر بتاريخ 11 جمادى الثانية 1333 الموافق ل 26 أبريل 1915 الذي اختص الباب الرابع منه بموضوع تأديب السجناء والعقوبات التي تجري عليهم حال مخالفتهم للأنظمة الداخلية للسجون، والتي كان من أهمها الإنفراد في زنزانة التأديب ، ليتعزز بعد ذلك النظام العقابي المغربي بصدور ظهير 26 يونيو 1930 الموافق ل 28 محرم الحرام 1349، والذي تضمن ثمانية أبواب وجاء منظما لكافة السجون المتواجدة بالمغرب، وقد ظل نظام الانضباط المعمول به في ظل ظهير 1915 ساري المفعول في ظهير 1930  . وبمجيء الاستقلال ألحقت مصلحة السجون بوزارة العدل، وخلال هذه المرحلة صدرت العديد من الظهائر والمراسيم التي اهتمت أكثر بأطر السجون وهيكلة الإدارة السجنية، غير أن تدابير التأديب لم يطرأ عليها كبير تغيير حتى صدور القانون رقم 23.98 1 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، والذي تضمن تسعة أبواب خصص منها الباب الرابع لمسألة الانضباط والأمن، وتعرضت المواد من 53 إلى 62 لنظام التأديب الذي لا يختلف اثنان على ما يكتسيه من أهمية قصوى في حفظ الأمن وضبط النظام، داخل المؤسسة السجنية، حتى تتمكن من النهوض بدورها الأساسي الذي يتماشى مع المفهوم الجديد للعقوبة الذي لم يعد يقتصر على مجرد الردع، وإنما يتعداه إلى التأهيل وإعادة الإدماج، ولاشك أن خرق الأنظمة الداخلية للسجون وانتشار الفوضى في محيطها سيشكل لا محالة عائقا حقيقيا يحول دون تطبيق برامج التهذيب والاصلاح، غير أن موضوع التأديب داخل المؤسسات السجنية يبقى أمرا شديد الحساسية، باعتباره عقابا جديدا ينضاف إلى عقاب سابق لا يزال قائما أصلا، وجزاء إضافي فوق الجزاء الأصلي يتعين تنفيذهما في آن واحد، وهو ما يدفعنا إلى طرح تلك الإشكالية المحورية التي سيحاول هذا البحث تسليط الضوء على بعض جوانبها : وهي إلى أي حد يمكن التوفيق بين مراعاة حقوق السجناء القانونية، والمحافظة على النظام والأمن داخل هذه المؤسسات السجنية ؟ فهي بلا شك معادلة شديدة التعقيد وصعبة التحقيق، ولقد استقر الرأي على معالجة ذلك في مبحثين، نتناول في أولهما الأحكام القانونية للمخالفة التأديبية ومسطرة التأديب المتبعة بشأنها، وفي ثانيهما سنتطرق للرقابة على الإجراءات التأديبية.      


تعليقات