القائمة الرئيسية

الصفحات



تقرير حول الندوة العلمية الوطنية المنظمة بمناسبة الذكرى العشرية لصدور النظام الأساسي لهيئة تفتيش الشغل، تحت شعار هيئة تفتيش الشغل أمام رهانات النموذج التنموي الجديد – المساهمات والمتطلبات

تقرير حول الندوة العلمية الوطنية المنظمة بمناسبة الذكرى العشرية لصدور النظام الأساسي لهيئة تفتيش الشغل، تحت شعار هيئة تفتيش الشغل أمام رهانات النموذج التنموي الجديد – المساهمات والمتطلبات



- تم تنظيم ندوة علمية وطنية تحت شعار هيئة تفتيش الشغل أمام رهانات النموذج التنموي الجديد - المساهمات والمتطلبات - وذلك من طرف الجمعية المغربية لمفتشي الشغل، تخليدا  للذكرى العشرية لصدور النظام الأساسي لهيئة تفتيش الشغل، في يومه السبت 19 يناير 2019 بالمركز الوطني للرياضة مولاي رشيد المعمورة سلا. هذا التخليد الذي رمى إلى الاحتفاء بالنساء والرجال  المنتمين لهيئة تفتيش الشغل بمختلف أطرهم، عرفانا وتقديرا لهم بجهودهم وتضحياتهم في سبيل الوفاء بالأمانة الملقاة على عاتقهم، ونقاش متطلبات هذا الجهاز، من أجل تجاوز التحديات القانونية والواقعية التي تحول دون قيامه  بالدور المنوط به كجهاز يعتبر بمثابة العمود الفقري في خلق التوازن بين حماية حقوق الأجراء واستقرار المقاولة.

      حيث استهلت الجلسة الافتتاحية  بكلمة ترحيبية للجمعية المغربية لتفتيش الشغل، تلتها كلمة وزارة الشغل والادماج المهني، بعدها أعطيت الكلمة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، مرورا بكلمات النقابات الأكثر تمثيلا، في مداخلة لممثل المنظمة النقابية الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، دارت مداخلته، حول وضعية مفتش الشغل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي، حيث جاء في معرض حديثه، بأنهم يعتبرون أنفسهم شركاء اجتماعيين مع جهاز تفتيش الشغل، وكذا رفضهم القاطع للحوارات المغشوشة مع الحكومة، إضافة إلى اعتباره أن جهاز تفتيش الشغل هو المحور الأساسي في تحقيق الأمن الاجتماعي، كلٌّ من أجل تقوية دور هذا الجهاز في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق السلم الاجتماعي من خلال الفكر والتشريع.
ثم أعطيت الكلمة لممثل الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الأستاذ عبد الصمد عصاد، حيث ارتكز في  كلمته، على ضرورة البحث عن نموذج تنموي جديد إلى جانب جهاز تفتيش الشغل من خلال الاستراتيجيات والتخطيط الحكيم، واعتبر على أن جهاز التفتيش _ رغم الإكراهات التي يعاني منها من قبيل، تعدد المهام وضعف الآليات القانونية الحمائية، وقلة الموارد البشرية لهذا الجهاز _  صمام الأمان للدولة من خلال عمله ومده بالنواقص قي التشريع، ورافعة أساسية للتنمية.



ليأخذ بعده ممثل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الكلمة، والتي دارت مضامينها حول، دور التفتيش في التحولات الاقتصادية والاجتماعية، فلا يمكن حصر عمل التفتيش في معاهدة فرساي، في ظل تعدد تدخلاته وأعبائه وذلك بموارد بشرية قليلة، وبالتالي إثقال كاهل المفتش في قيامه بدوره،  وضرورة مسايرة التطورات التكنولوجية وعقود الشغل الجديدة.
    تم تتويج هذه الجلسة الافتتاحية بحدث هام و المتمثل في توقيع اتفافية إطار للشراكة بين الجمعية المغربية لمفتشي الشغل وماستر تدبير نزاعات الشغل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، بحضور منسقه أستاذنا الفاضل الدكتور عبد الله أشركي أفقير، هذا الحدث المتميز بالنسبة لنا كطلبة باحثين بهذا الماستر، لأهمية الجمعية في تشريف وتدبير وتكوين  مكونات الماستر والتي تعتبر أول شراكة من أجل التعاون في البحث العلمي وقضايا تفتيش الشغل على المستوى الوطني.
  ليتم بعده حفل تكريم الرؤساء السابقين للجمعية المغربية لمفتشي الشغل.




     الانتقال إلى الجلسة العامة العلمية برئاسة الدكتور محمد طارق، التي تمحورت مواضيعها حول :
1 _ الإشكالات القانونية والتطبيقية المرتبطة بمدونة الشغل، تقدمت بها الدكتورة رشيدة أحفوض، التي عالجت مجموعة من الإشكالات العالقة على المستوى القضائي، ألحت في البداية على ضرورة تغيير مدونة الشغل، لكي تتماشى مع النموذج التنموي الجديد، لتثير بعد ذلك، الإشكال المتعلق  بمسطرة الفصل، المواد 62 و 63 و64 من مدونة الشغل، ثم إشكال مسطرة الصلح، بسبب جهل أطراف العلاقة الشغلية بهذه المسطرة، وكذلك إشكالية عقود الشغل بخصوص التعويض، ثم إشكالية الخيار بين الرجوع إلى العمل أو التعويض، فاستحضرت التجربة الفرنسية في هذا المجال، التي أبانت على أن الأجير لا يمكنه أن يعود إلى العمل إلا إذا قبِل مشغله، وهنا يظهر لنا دور مفتش الشغل في توجيه الأجير، مرورا بإشكالية تخفيض ساعات العمل، كما ترى الدكتورة رشيدة أحفوض أنه حان الوقت أن يصبح اللجوء إلى مفتش الشغل إلزامي، لتخفيف ثقل الملفات على القضاء، فمن الضروري التنسيق بين جهاز تفتيش الشغل والقضاء، وإعادة الاعتبار لمفتش الشغل في تطبيق القانون كطرف أساسي، حيث أشارت إلى أن واقع العلاقة بين القضاء ومحاضر مفتش الشغل كانت دائما مُلزمة في تحرير الأحكام، كما أكدت على ضرورة تجديد النظر في النظام الأساسي لتفتيش الشغل، ويجب أيضا تدخل كل من المشرع والاجتهاد القضائي لتفعيل دور مفتشي الشغل.
2 _ المدخلات التشريعية لتعزيز مكانة جهاز تفتيش الشغل في مشروع النموذج الاقتصادي الجديد، تفضل بها الأستاذ جمال أغماني، تطرق إلى نقاط مهمة، والتي استخلصنا منها أن من مداخل تعزيز أدوار هيئة التفتيش في النموذج التنموي الجديد هو مراجعة مدونة الشغل، فلا وجود لمساهمة دون مراجعة هذه الأخيرة، حيث دعى  إلى ضرورة التفكير في وضع نموذج تنموي جديد، يحقق ما فشل فيه النموذج التنموي القديم، الذي خلف إشكالات من خلال عدم دمج جميع الشرائح الاجتماعية في الحماية الاجتماعية، وإشكالية منظومة التربية والتكوين، كذلك ارتفاع نسبة البطالة، ثم التفاوت المجالي، ومن جهة أخرى قد أشار إلى أن أغلب العمال في سن التقاعد لا يستفيدون من المعاش.
 لا بد من بحث سبل دعم وتطوير مركز هيئة التفتيش وتأهيلها، واعتبر مفتش الشغل بمثابة رجل أمن اجتماعي، وتطرق إلى إشكالية مهمة جدا، وهي العمل عبر المواقع الإلكترونية، فمن الصعوبة بمكان القيام بمهمة التفتيش في هذا النوع من العمل لأسباب عدة، كما جاء في معرض حديثه، أن جهاز تفتيش الشغل أصبح عاجزا عن القيام بمهامه الكثيرة والتي تحتاج إلى مجموعة من الآليات للقيام بها، لما تعترضهم من صعوبات.
كما تحدث عن المهام التي أسندت إلى هذا الجهاز في ظل القانون 19.12، وصعوبة القيام بها، فمنذ دخول قانون العمال المنزليين حيز التنفيذ إلى يومنا هذا، فقد تم التصريح ب 125 عامل(ة) منزلي(ة) فقط، وخلص إلى نقطة مهمة مفادها أن عدم التصريح بالأجير جريمة.

3_ مفتشية الشغل وضمان الحقوق الأساسية في العمل والمساهمة في تفعيل أجندة العمل اللائق في أفق المخطط التنموي الجديد. تقدم بها الأستاذ عبد العزيز عضوم، استهل مداخلته بالحديث عن تعدد وظائف مفتشي الشغل، حيث اعتبر أن مفتش الشغل، يجب أن تكون له يقظة قانونية في التشريع الاجتماعي، ثم انتقل للحديث عن إشكالية القطاع غير المهيكل والذي يطرح لنا فرصا مهمة للشغل، إذ يساهم في تحريك الدورة الاقتصادية، أما بخصوص القانون 19.12، فقد أقصى العمال المنزليين من التسجيل في الضمان الاجتماعي، إذ يرى أن المعادلة لن تكون سهلة في تطبيقه. واعتبر على أن الأجير هو المتضرر الأول من مدونة الشغل.
4_ الشغل ك "قيمة" لدى الفاعل في التنمية الترابية ( مقاربة سوسيولوجية )، تقدم بها الدكتور إدريس أيتحلو، حيث انطلق من مقاربة سوسيولوجية تثير  مشاكل الفرد في المجتمع، إذ يجب تحديد المفاهيم بدقة في هذا المجال، ومثال ذلك أن العدالة الإجتماعية هي مفهوم واسع يحتمل كل معنى، فدائما ما نبحث عن المساواة في الشغل في حين، أنها لا تكون عادلة دائما، وبالتالي نريد تفاوتات عادلة، ثم انتقل إلى الحديث عن الشغل كقيمة، إنسانية، اقتصادية و اجتماعية، فمن أجل تجاوز هذه الإشكالات، لابد من بناء العلاقة الشغلية على قيم الإحترام والتعاون، ففي البداية كان الشغل ذا علاقة عمودية، أما الآن فقد أصبح ذا علاقة أفقية،  وعليه، يستحسن أن تُمرر القرارات من الأسفل إلى الأعلى، في إطار مقاربة تشاركية بعيدا عن كل أوجه الأنانية والمصالح، والتحكم والإستلاب، واستحواذ السلطة من جهة معينة.




      بعد ذلك تم تنظيم أربعة ورشات للنقاش الموضوعاتي، حضرنا الورشة الثانية المعنونة ب : مفتشية الشغل وسؤال التنمية الاقتصادية، والتي تم تأطيرها بواسطة أستاذنا الدكتور عبد الله أشركي أفقير وأستاذنا الدكتور حسن الرحية مقررا لها، كان أول المتدخلين الأستاذ النخلي عبد الله ( مفتش شغل متقاعد ) والذي تحدث عن حوادث الشغل، باعتبار أن الخسارة التي تأتي بعد الحادثة خسارة كبيرة جدا، لكلا الطرفين، الأجير المصاب وتوقفه عن العمل، والمشغل الذي تتوقف آلته عن العمل لمدة معينة، وربْط هذا بالتنمية الاقتصادية واضح جدا، لأن الأجير الذي يصاب بالحادثة تكون وراءه أسرة، وعند توقفه عن العمل يتوقف أو يقل دخله إن صح التعبير. كما أشار إلى أن شركة التأمين هي التي تتحمل الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.
كما أشارت مفتشية إقليمية بمديرية الشغل بالرباط، إلى افتقاد المفتش للضمانات القانونية، وتحدثت عن الإكراهات العملية، ومنها التحرش الجنسي، وأشارت أيضا إلى أنه ونظرا للعراقيل التي تعترض الأعوان المكلفين بالتفتيش، يقتصر سؤالهم عن تسجيل الأجراء في الضمان الاجتماعي، والتغطية الصحية، والمطالبة ببطاقة الشغل. وأدلت بمداخلة في غاية الأهمية، حيث أن هناك بعض مفتشي الشغل في تجربة العشر سنوات لم يقوموا بتحرير ولو محضر واحد، وهنا يبقى السؤال مفتوحا.
واعتبر مفتش إقليمي آخر، أن هذا الجهاز يلعب دورا كبيرا في التنمية الاقتصادية لأن إغلاق المقاولة يترتب عنه مثلا تسريح 50 أجيرا و وكل أجير تتبعه 50 أسرة.
كما أشار مفتش للشغل بالرباط، إلى وجود خلل داخل  الجهاز في علاقته مع المركز، وتطرق إلى مجموعة من الإشكالات الإدارية، كما نبه بتكوين هيئة تفتيش الشغل، والتي لا تضم فقط المفتشين بل حتى أطباء ومهندسي الشغل، ونوه بالدور الفعال للجهاز، إذ يساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية.

 - وفي ختام هذه الأمسية العلمية المتميزة رُفعت مجموعة من التوصيات  المهمة من أجل الرقي بدور جهاز تفتيش الشغل، نذكر منها :
1- المطالبة بتعديل وتغيير مدونة الشغل، بما يتوافق مع النموذج التنموي الجديد.
2- تفعيل دور مفتش الشغل بالتنسيق مع جهاز القضاء
3- إعادة النظر في النظام الأساسي لتفتيش الشغل.
4- تكوين وتمكين مفتش الشغل من دلائل منهجية للعمل.
5- وضع نظام رقمي معلوماتي
كمنظومة إعلامية لدور التفتيش وتدخلاته.
6- تعزيز العمل القائم بين مفتش الشغل ومفتش الضمان الاجتماعي.
7- وضع آليات التتبع والرقابة كبداية لعملية التنزيل والإصلاح.
8- تعبئة الموارد البشرية كمًّا وكيفا.
9- التكوين الاستباقي قبل صدور القوانين.
10- اعتماد التخصص في مهام مفتشية الشغل أمام تعددها.
11- دراسة وصياغة القوانين ابتداءً من دراسة الجدوى، ثم النص على التوافقات بين الأطراف على غرار التجارب الأجنبية.
12- التشجيع على إبرام الاتفاقيات الجماعية، وثقافة المفاوضات الجماعية.
13- النهوض بالحوار الاجتماعي.
14- مسايرة التطورات التكنولوجية وعقود الشغل الجديدة.
15- وضع مرونة في التعويضات عن الفصل.
16- رفع الغرامات عند خرق مدونة الشغل تبعا لحجم المقاولة.
17- توسيع نطاق تطبيق قانون الشغل.
18- تقريب القاعدة القانونية عن الواقع، وليس العكس.


   وأخيرا وبأصدق مشاعر التعلق المتين بأهداب العرش العلوي المجيد، رفعت الجمعية المغربية لمفتشي الشغل على لسان رئيسها الدكتور حاتم دايدو  أسمى آيات الولاء و الإخلاص و الوفاء إلى السدة العالية بالله، تؤكد على التزامها بالسير على توجيهات ملك البلاد، و العمل على هدى الإرادة السامية، التي عبر عليها جلالته في خطابه السامي ليوم 13 أكتوبر 2017 في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية، من الولاية العاشرة، جنبا إلى جنب مع مختلف المؤسسات و الهيئات المعنية و الحكومة و البرلمان، على بلورة نموذج تنموي جديد، أكثر ملائمة و نجاعة يكون رافعة من رافعات التنمية الشاملة وتكريسا للشروط الأساسية لتحقيق العدالة الإجتماعية.


تعليقات