الإخطار بالشبهة المالية الأستاذ المحاضر: علي مسكين
محاضرة يوم الأربعاء 30 أفريل 2008
مجلس قضاء بومرداس
الأستاذ
المحاضر: علي مسكين
موضوع المحاضرة : الإخطار بالشبهة
المالية
·
مقدمة
تعتبر
ظاهرة تبييض الأموال من الظواهر التي تشكل
هاجسا مقلقا للمؤسسات وكل دول العالم لما لها من آثار سلبية على
الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لتلك الدول، ولمكافحة
هذه الظاهرة تم تشكيل تحالف دولي تجسد في التوقيع على عدة اتفاقيات دولية كاتفاقية
الأمم المتحدة، المتضمنة مكافحة الاتجار الغير مشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية
الموافق عليها بتاريخ 20/12/1988 والمصادق عليها بموجب المرسوم الرئاسي رقم
41-95 المؤرخ 28/01/1995، وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة
لمكافحة الجريمة المنظمة المعتمدة من قبل الجمعية العامة من قبل الأمم المتحدة
بتاريخ 15/11/2000 والمصادق عليها بموجب المرسوم الرئاسي رقم 55-02
المؤرخ في 05/02/2002،
وقد
حذى المشرع الجزائري في إطار تنفيذ وتطبيق تلك الاتفقيات إلى سن مجموعة نصوص
قانونية في شكل قوانين ومراسيم للحد من ظاهرة تبييض الأموال. وتجسد ذلك في إنشاء
خلية الاستعلامات بموجب المرسوم التنفيذي رقم 02-127 المؤرخ في 07/04/2002
(الجريدة الرسمية رقم 23) الذي حدد تنظيم وكيفية سير خلية الاستعلامات
والكائن مقرها بوزارة المالية بحيث تتمتع هذه الخلية بالشخصية المعنوية والاستقلال
المالي وتكون مهامها لمحاربة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، وذلك من خلال تلقي
تبليغات المتضمنة الإخطار بالشبهة لكل العمليات المالية لتمويل الإرهاب أو تبييض
الأموال والمرسلة من قبل مختلف الهيئات والأشخاص المنصوص عليهم طبقا للقانون وتقوم
هذه الخلية بمعالجة هاته الإخطارات بالشبهة بشتى الوسائل واكتشاف مصدر تلك الأموال
وتقوم بإرسال الملف إلى وكيل الجمهورية المختص إذا ارتبطت الوقائع بجريمة تمويل
الإرهاب أو تبييض الأموال.
وبما
أن موضوع اليوم يتمحور حول عملية الإخطار بالشبهة المالية فوجب معرفة هيكلة خلية
الاستعلامات وكذا الهيئات الأشخاص المكلفين بهذا الإخطار والإجراءات وكذا العقوبات
المترتبة عليها
يتكون
مجلس خلية الإستعلامات من ستة (06) أعضاء من بينهم رئيس، يعينون بموجب
مرسوم لمدة أربعة (04) سنوات قابلة
للتجديد مرة واحدة، ويتألف المجلس حاليا من قاضيين (02) وإطار سامي من إدارة
الجمارك وإطار سامي من بنك الجزائر وأول عميد للشرطة، ومفتش عام للمالية يشغل
حاليا منصب رئيس مجلس ويجتمع مجلس الخلية مرة واحدة في كل أسبوع وتتخذ قرارته بالإجماع كما يمكن أن
يجتمع المجلس بناء على طلب الرئيس أو أحد الأعضاء كلما اقتضت الضرورة.
ولخلية
الاستعلام المالي مصالح تقنية عددها أربعة (04)
مصلحة
التحريات (تلقي كل الإخطارات بالشبهة التي ترد إلى الخلية والمعلومات والتقارير
وتقوم بتحليلها ومعالجتها).
مصلحة
التحليل القانوني (تقوم بدراسة كل الجوانب القانونية للملفات وتحليل الوقائع
وتقديم بطاقية تتوفر على مدى تأسيس الشبهة ومقارنتها بجريمة تبييض الأموال).
مصلحة
التعالون الدولي (تقوم بالتحريات وطلب المعلومات بداخل وخارج الوطن، من خلال
التحليل المشترك وجمع كل البيانات)
مصلحة
التوثيق.(جمع وحفظ كل الوثائق والدراسات والإطلاع على كل ما يجري في العالم في
مجال الوقاية ومكافحة من طاهرة تبييض الأموال كل الوسائل التقنية والتكنولوجية
الحديثة،).
كما
لخلية معالجة الاستلام المالي دور داخل الوطن من خلال تلقي وتحليل ومعالجة
الإخطارات بالشبهة التي يخضع لها الأشخاص والهيئات المذكورين في المادة 19 من
القانون رقم 01-05 المؤرخ في 06/02/2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل
الإرهاب ومكفحاتهما.
أما
مهام الخلية خارج الوطن فتتمحور في مجال تبادل المعلومات مع نظيراتها من وحدات
الاستخبارات الدولية.
·
الأشخاص
والهيئات المعنية بواجب الإخطار بالشبهة.
حددت
المادة 19 من القانون رقم 01-05 المؤرخ في 06/02/2005 المتعلق بالوقاية من تبييض
الأموال وتمويل الإرهاب ومكفحاتهما الأشخاص والهيئات المعنية بواجب الإخطار
بالشبهة في فئتين (02).
الفئة
الأولى :
ü البنوك
والمؤسسات المالية
ü مصالح
المالية لبريد الجزائر.
ü المؤسسات
المالية المشابهة الأخرى.
ü شركات
التأمين
ü مكاتب
الصرف
ü التعاضديات
– الرهانات الألعاب والكازينوهات.
الفئة
الثانية :
كل شخص
طبيعي أو معنوي يقوم في إطار مهنته بالاستشارة أو بإجراء عمليات إيداع أو مبادلات
أو توضيفات أو تحويلات أو أي حركة لرؤوس الأموال لا سيما المهن الحرة المنظمة
وخصوصا المحامين، الموثقين، محافظي البيع بالمزايدة، خبراء المحاسبة، محافظي
الحسابات، السماسرة، الوكلاء الجمركيين، أعوان الصرف، الوسطاء في عملية البورصة،
الأعوان العقاريين، مؤسسات الفوترة، تجار الأحجار الكريمة والأثرية والتحف الفنية
والمعادن الثمينة .
ولا
يمكن الاعتداد بالسر المهني في مواجهة الهيئة.
وباعتبار
الموثق أحد الأشخاص المعنيين بواجب الإخطار بالشبهة بموجب المادة 19 من القانون
رقم 01-05 المؤرخ في 06/02/2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب
ومكافحتهما فيتحتم عليه يتعين عليه كل العملية مهما كانت طبيعتها مالية مصرفية بيع
أو شراء عقارات أو منقولات ...إلخ تثير شكوكا بخصوص كونها تمت بأموال متحصل عليها
من جناية أو جنحة سيما الجرائم المنظمة أو المتاجرة بالمخدرات والمؤثرات العقلية أو يبدو أنها موجهة لتمويل
الإرهاب.
يتجسد
الإخطار بالشبهة في شكل وثيقة أو نموذج معد خصيصا لهذا الغرض يحتوي على جملة
بيانات جوهرية جسدها المرسوم التنفيدي 06-05 المؤرخ في 09/01/2006 (الجريدة
الرسمية رقم 02) والمتضمن شكل الإخطار بالشبهة ونموذجه ومحتواه ووصل استلامه. حيث
يتعين على كل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين بما فيهم الموثق المحددين بالمادة 19
المذكورة أعلاه ملأ هذا النموذج متى اشتبه بأن الأموال التي تصل إليهم ذات مصدر
إجرامي. وإيداعه لدى خلية معالجة الاستعلام المالي ويكون محرر بوضوح بدون حشو أو
شطب وذلك بواسطة الآلة الراقنة أو بالوسائل الإلكترونية (جهاز الإعلام الآلي) ويجب
أن يتضمن هذا الإخطار ستة (06) بيانات إلزامية :
ü معلومات
حول المخطر (الموثق أو المؤسسة المالية... إسمه عنوانه رقم الهاتف ورقم الفاكس
وكافة المعلومات المتعلقة به)
ü معلومات
حول الزبون المشتبه فيه (شخص طبيعي أو معنوي)
ü معلومات
حول العمليات موضوع الشبهة
ü دواعي
الشبهة
ü خلاصة
وآراء
ü توقيع
الجهة المخطرة.
أما
وصل الاستلام فهو شهادة يملأها عضو من أعضاء خلية الاستعلام ويوقع عليها بتاريخ
ثابت.
·
الأحكام
الجزائية
بمفهوم المواد 32 33 34 من القانون رقم 01-05 المؤرخ في
06/02/2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكفحاتهما، يعاقب
بغرامة مالية كل الأشخاص المذكورين في المادة 19 و الذين يمتنعون على إرسال
الإخطار بالشبهة، تتراوح من خمسين ألف دينار جزائري (50.000,00 دج) إلى خمسة
ملايين دينار جزائري (5.000.000,00 دج). دون الإخلال بالعقوبات التأديبية
إن الأشخاص المذكورين في المادة 19ن لا يمكنهم بالسر المهني أو البنكي في
مواجهة الهيئة ولا يمكن اتخاذ إجراءات ضدهم في حالة إفشاء بالسر سواء إدارية أو
مدنية أو جزائية حتى في حالة عدم نجاعة المعلومات المقدمة وانتهاء المتابعة
بالبراءة أو لا وجه للمتابعة (المواد 22، 23، 24 من القانون 05-01).
كيفية معالجة الإخطار بالشبهة من طرف خلية الاستعلامات :
تباشر الخلية عملها بمجرد وصول الإخطار بالشبهة وتقوم بإرسال الملف لوكيل الجمهورية المختص إذا
ارتبطت الوقائع بتبييض الأموال أو تمويل الإرهاب كما يمكن لها اتخاذ أمر بصفة
تحفظية لمدة أقصها 72 ساعة لوقف تنفيذ أي عملية بنكية أو تجميد أو حجز لأي شخص
طبيعي أو معنوي تقع عليه الشبهة وإذا تجاوزت المدة فلابد من قرار قضائي ويعود
الاختصاص لرئيس محكمة الجزائر بناء على طلب من الخلية بعد استطلاع رأي وكيل
الجمهورية.
·
الخاتمــــــــــــــــة
من خلال محاولتنا البسيطة هذه، لـدراسة الإخطار بالشبهة
المالية و إلقـــاء الضوء على أهم جوانبها تبين لنا و أن المشرع الجزائري لا زال في بداية مشواره لقمع
جرائم تبييض الأموال وانه يعمل جاهدا للاستفادة من تجارب الدول المتقدمة و الرائدة في هذا المجال ، فبعد
مصادقـة الجزائر على معاهدة الأممية
لمكافحـــة الجريمة عبر الوطنية بقي على المشرع إدراج هاته الجريمة ضمن
المنظومة الجنائية الوطنية بغض النظر عن كل الاعتبارات التي يمكن أن تؤخذ في
الحسبــــان، وعلى ضوء ما سبق تناوله في دراسـة و تحليل الأبعاد المختلفة لموضوع
الإخطار بالشبهة المالية، ارتأينا تقديــم بعض الاقتراحات التي قدمها الأخصائيون
سواء عبر المقالات في الجرائد والمجلات أو عبر شبكة الأنترنت ونرى أن الأخذ بها
ووضعها موضع التطبيق العملي قد يؤدي إلى الوصول إلى نتائج إيجابية سواء على الصعيد
الدولي أو على الصعيد الداخلي.
فأما على الصعيد الدولي نرى ضرورة تفعيل الدولي فيما
يتعلق بمكافحة التبييض و ذلك للقضاء على عقبات الحدود الجغرافية و السياسية التي
يتخطاها المجرمون بأموالهم التي تحصلوا عليها من مصادر غير مشروعة و ذلك من خلال
إبرام اتفاقيات مساعدة ثنائية و متعددة الأطراف، بالإضافـة إلى استفادة الدول
المبتدئة في مكافحة تبييض الأموال مثل الجزائر من تجارب الدول المتقدمة في الإخطار
بالشبهة المالية حتى يتسنى لها اللحاق بركب التطور العلمي و القانوني و العملي في
المكافحة.
أما على الصعيد الوطني فكما ذكرناه أعلاه على المشرع
الجزائري إدماج جريمة تبييض الأموال ضمن
قانون العقوبات و لكن رغم كل ذلك عليه وضع الميكانيزمات و الآليات الضرورية و
الجديرة بتحقيق النجاعة المرجوة.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم