القائمة الرئيسية

الصفحات



إجراءات تحقيق الدعوى المدنية:البحث -الخبرة -معاينة الأماكن.

إجراءات تحقيق الدعوى المدنية:البحث -الخبرة -معاينة الأماكن.
إعداد ذة: لبنى الوزاني 







التحقيق من أهم مراحل الدعوى المدنية،عند طرح الخصوم لادعاءاتهم، ومحاولتهم إثباتها، وأمر المحكمة بالإجراءات اللازمة لجمع العناصر اللازمة للبث في الدعوى.
  ومصطلح "إجراءات التحقيق" استعمله المشرع المغربي كعنوان للإجراءات المنصوص عليها في الفصول من 55 إلى 102 من ق م م ، والتي تصدر في شكل أوامر آو أحكام قضائية غير قابلة للطعن إلا في أن واحد مع الحكم الفاصل في الموضوع، ومن بينها الأمر بإجراء بحث ، والأمر بإجراء خبرة ، والأمر بإجراء معاينة للاماكن ، وذلك في إطار مقتضيات الفصل 55 ، الذي نص على ما يلي :" يمكن للقاضي بناء على طلب الأطراف أو احدهم أو تلقائيا أن يأمر قبل البث في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو الوقوف على عين المكان أو بحث أو تحقيق خطوط أو أي إجراء أخر من إجراءات التحقيق .
وسنتناول الإجراءات المذكورة كأمثلة من خلال فقرتين:
  نخصص الأولى للأمر بإجراء خبرة أو إجراء المعاينة، والثانية للأمر بإجراء البحث.




الفقرة الأولى: الأمر بإجراء خبرة، أو معاينة الأماكن

  تعتبر الخبرة من بين أهم إجراءات التحقيق، وأكثرها تطبيقا في العملالقضائي، وقد نظمها المشرع المغربي في الفصول من 59 إلى 66 من ق م م، كما نظم الإجراء المتعلق بمعاينة الأماكن في الفصول من 67 إلى 70 من نفس القانون.
والمقصود من الخبرة القضائية مجموع العمليات والتقارير التي يقوم بها الخبير المعين من طرف المحكمة للجواب على أسئلة علمية أو فنية وتقنية، يتوقف عليها البث في النزاع، ولا علاقة لها بالمقتضيات القانونية وتطبيقها، الذي يعتبر من صميم عمل القاضي.
وهذا المقتضى التشريعي نجده مكرسا في العديد من القرارات الصادرة عن محكمة النقض،  ومن بينها القرار عدد 1375 بتاريخ 30 - 5 – 1992 ، الذي جاء فيه :"إن مهمة الخبير الذي تعينه المحكمة تنحصر في جلاء أمر تقني يرى القاضي الاطلاع عليه ضروريا للفصل في النزاع المعروض عليه ،أما الإجراءات التي تتعلق بالقانون كمعرفة الأرض المتنازع عليها هل هي من الأملاك الخاصة أو من أملاك الدولة والجماعات؟ ، وهل المدعون يتصرفون في الأرض عن طريق المنفعة والاستغلال فقط أو عن طريق التملك؟ ، فهذه كلها إجراءات وأسئلة قانونية من صميم أعمال القاضي ،الذي لا يجوز أن يتنازل عنها أو يفوض النظر فيها.
وان المحكمة التي اعتمدت على خبرة من هذا النوع، تكون قد جردت قضاءها من الأساس القانوني، وعرضته للنقض."
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة في بعض الملفات، تكون ملزمة بالأمر بأكثر من إجراء لتحقيق الدعوى، وإلا اعتبر قرارها ناقص التعليل موازيا لانعدامه، وهو الشيء الذي قررته محكمة النقض في قرارها عدد 277 بتاريخ 5 -5 -2015، المنشور بمجلة قضاء محكمةالنقض عدد 80، والذي جاء فيه:
" إن تطبيق الحجج على العقار المدعى فيه، والتأكد ممن بيده الحيازة هو من صميم عمل المحكمة أو المستشار المقرر،الذي يمكنه الاستعانة بمهندس طبوغرافي عند الاقتضاء.
والمحكمة عندما اقتصرت فقط على إجراء خبرة، رغم أن ظروف النازلة تتطلب إجراء بحث بعن المكان، وبمساعدة مهندس طبوغرافي لتطبيق الحجج، والبحث مع الشهود والجيران في حدود العقار سابقا، وما إذا كان يدخل ضمن وعاء العقار المسترجع، يكون قرارها فيما انتهى إليه ناقص التعليل."
كما ورد في القرار عدد 17 بتاريخ 15 – 1 – 2013، الصادر عن نفس المحكمة، والمنشور بمجلة قرارات محكمة النقض:
" إن المحكمة لما اعتمدت على التصميم الطبوغرافي للعقار موضوع النزاع للقول إن المدعى فيه هو الملك الذي استرجعته الدولة من مالكه الأجنبي، دون إجراء معاينة على العقار المدعى فيه لتطبيق الحجج عليه، وبمساعدة مهندس مساح طبق الشروط المنصوص عليها في الفصلين 34 و43 من قانون التحفيظ العقاري، يكون قرارها غير مرتكز على أساس قانوني."   
واستنادا إلى مقتضيات الفصل 55 أعلاه من ق م م، فانه يمكن للمحكمة بناء على طلب الأطراف، أو بكيفية تلقائية أن تأمر بإجراء خبرة، أو بإجراء خبرة ومعاينة للاماكن متى تبين لها وجود مسائل فنية وتقنية تستوجب التوضيح، ولازمة للبث في النزاع، وتصدر حكما تمهيديا بذلك يتضمن ما يلي:
- الأمر بإجراء خبرة مع تعيين الخبير الذي سيقوم بالمهمة.
- تحديد مفصل لمهمة الخبير انطلاقا من استدعاء الأطراف ووكلائهم طبقا للقانون، ثم تحديد الأسئلة التقنية المطروحة عليه للجواب، وأخيرا الإجراءات المتعلقة بوضع التقرير والوثائق المرفقة به.
- تحديد مبلغ لأتعاب الخبير، والطرف الذي عليه إيداعه، واجل الإيداع.
وتأتي صياغة المنطوق كالتالي:
" لهذه الأسباب:
وتطبيقا للفصول............................
حكمت المحكمة علنيا تمهيديا، وحضوريا " أو بمثابة حضوري أو غيابيا ":
 " بإجراء خبرة يعهد بها للخبير
 (فلان، اختياره من بين الخبراء المسجلين بالجدول المعتمد من طرف الوزارة، حسب الاختصاص، وفي حالة عدم وجوده، تعيين خبير غير مسجل مع تعيين جلسة أدائه لليمين أمام القاضي المقرر قبل انجاز الخبرة).
تحدد مهمته فيمايلي:
1 – استدعاء الطرفين ونائبيهما طبقا للقانون، مع تعيين تاريخ ومكان إجراء الخبرة.
2 -الانتقال إلى العقار الكائن ب .......(ذو الرسم العقاري عدد .......عند الاقتضاء) ومعاينته، ووصفه، وتحديد مساحته ومشتملاته، ثم الجواب على الأسئلة التالية: 1 .......2......الخ
(تحديد الأسئلة حسب طبيعة الدعوى، قسمة عقار أو رفع الضرر أو .......الخ.)
   مثلا في حالة كون النزاع يتعلق بقسمة عقار، تطرح الأسئلة كالتالي:
- هل يعتبر العقار المذكور قابلا للقسمة العينية أم لا؟
وفي حالة الإيجاب، إعداد مشروع أو أكثر لها، لفرز نصيب الطرف المدعي عن نصيب الطرف المدعى عليه.
-وفي حالة النفي مع بيان أسباب ذلك، ما هو الثمن الافتتاحي لبيع هذا العقار بالمزاد العلني.
3– إعداد تقرير بكل ما ذكر، مرفقا بمحضر يتضمن أقوال الطرفين، وملاحظاتهما وتوقيعهما، مع الإشارة إلى من رفض التوقيع، وإيداعه في أصل ونسخ مساوية لعدد الأطراف بكتابة ضبط هذه المحكمة، داخل اجل شهر من توصله بهذا الحكم، تحت طائلة الاستبدال بخبير أخر.
تحدد أتعاب الخبرة في مبلغ ......درهم، يؤديه فلان بصندوق المحكمة، داخل اجل عشرة أيام من التوصل أو الإعلام بهذا الحكم، تحت طائلة صرف النظر عن هذا الإجراء والبث في الملف على حالته.
ويدرج الملف بجلسة .........، يعلم لها نائبا الطرفين."
أما بالنسبة للأمر بإجراء المعاينة، فيصدره القاضي في حالة الحاجة إلى التعرف على الوقائع في مكان النزاع، وإجراء معاينات للاماكن.
ويحدد الأمر القاضي بإجراء المعاينة، مكان ويوم وساعة الانتقال، مع استدعاء الأطراف ووكلائهم للحضور، وإذا كان موضوع النزاع يتطلب معلومات تقنية، كما في حالة تطبيق الحجج في قضايا التحفيظ العقاري، فيحدد الأمر الخبير أو المهندس الطبغرافي الذي سينتقل رفقة القاضي أو الهيئة للاستعانة به في النقط التقنية.
     كما يجوز للقاضي أثناء إجراء المعاينة، أن يستمع للأطراف أو الجيران، أوأي شخص يرى منفعة في الاستماع إليه.
  وإذا تم إصدار الأمر بإجراء المعاينة من طرف تشكيلة جماعية،فيمكن تنفيذه بواسطة القاضي أو المستشار المقرر.
مقتضيات عامة تتعلق بالأمر بإجراء خبرة أو الأمر بإجراء معاينة أو الأمر بإجرائهما معا:
في حالة عدم أداء صائر الخبرة أو المعاينة، يصرف النظر عن هذا الإجراء، ويتم البث في الملف على حالته.
   في حالة عدم انجاز الخبير لمهمته داخل الأجل المحدد من طرف المحكمة، يمكن لهذه الأخيرة أن تمنحه أجلا إضافيا، أو تصدر أمرا باستبداله، في هذه الحالة، وأيضا في حالة رفضه القيام بالمهمة، أو تعذر عليه ذلك، دون المساس بما يمكن أن يتعرض له الخبير من عقوبات تأديبية في بعض الحالات، التي يثبت فيها إهماله وتماطله، أو رفضه غير المبرر.
   ويتم تبليغ الأطراف، الأمر بإجراء الخبرة، والأمر باستبدال الخبير، حفاظا على حقهم في تقديم طلب التجريح وفقا للمقتضيات القانونية.
   يمكن للمحكمة أن تقرر الزيادة في مبلغ أتعاب الخبير بناء على طلبه، اعتبارا للمصاريف اللازمة لإنجاز المأمورية، والوقت الواجب تخصيصه، مع أمر الملزم بأداء صائر الخبرة بإيداع المبلغ المضاف، بصندوق المحكمة داخل اجل معين، تحت طائلة صرف النظر عن إجراء الخبرة.
تقدير نتائج الخبرة موكول للسلطة التقديرية للمحكمة، شريطة التعليل، وهو العنصر الذي تراقبها من خلاله محكمة النقض.
    ويمكن للمحكمة أن تأمر بإجراء خبرة تكميلية، في حالة ظهور نقط تقنية جديدة تتطلب التوضيح، أو تقوم باستدعاء الخبير للإدلاء بتوضيحات شفوية تدون في محضرالجلسة التي يستدعى لها الأطراف.
    كما يمكنها أن تأمر بإجراء خبرة مضادة بناء على طلب الخصم، إذا تبين لها جدوى هذا الإجراء.





الفقرة الثانية: الأمر بإجراء بحث

نظم قانون المسطرة المدنية إجراء الأبحاث في الفصول من 71 إلى84.
اذ يمكن للمحكمة أن تأمر بإجراء البحث للاستماع إلى الأطراف، وكذا شهودهم عند الاقتضاء، وذلك إما بكيفية تلقائية أو بناء على طلبهم، بهدف إثبات واقعة مادية، أو واقعة قانونية يجوز قانونا إثباتها بشهادة الشهود.
كما يمكنها أن ترفض ملتمس استدعاء الشهود والاستماع إليهم، إذا لم تتوفر شروطه القانونية، وهي:
   أن تكون الوقائع المراد اتباثها مفيدة في تحقيق الدعوى.
   أن يسمح القانون بإثبات هذه الوقائع بشهادة الشهود.
وهو ما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد 19 الصادر بتاريخ 20 -01 – 2015، المنشور بنشرة قرارات محكمة النقض، الغرفة المدنية، والذي جاء فيه:
   " إن إجراء بحث، يندرج ضمن إجراءات التحقيق الموكولة لسلطة المحكمة التقديرية، ولا تقوم بهإلا إذا كان ضروريا للفصل في النزاع."
وفي حالة قبول المحكمة لملتمس إجراء البحث، أو قررت ذلك تلقائيا، تصدر أمرا بذلك وفق الصيغة التالية:  
" لهذه الأسباب:
      وتطبيقا للفصول............................
حكمت المحكمة علنيا تمهيديا، وحضوريا " أو بمثابة حضوري أو غيابيا ":
" بإجراء جلسة بحث بين الطرفين بمكتب القاضي المقرر، (أو بالجلسة العمومية)، يوم.............، على الساعة ..........يستدعى لها الطرفان شخصيا، ودفاعهما، (وعند الاقتضاء الشهود).
ويجرى البحث حول النقط التالية: 1 -....2 - .......
إجراءات البحث
    يتم بداية تسجيل المحكمة لحضور الأطراف والشهود بعد إدلائهم بوثيقة معتمدة ومقبولة لإثبات هويتهم، ثم بعد ذلك تقوم المحكمة بالاستماع إلى الأطراف بعد إخراج الشهود من القاعة، وذلك قبل بدء الاستماع إلى كل شاهد على حدة، في غياب باقي الشهود.
  ويتم سؤال الشاهد عن اسمه، وعن وجود علاقة قرابة أو عداوة مع أحد من الطرفين، وعن سوابقه القضائية، وفي حالة نفي ذلك، وعدم تقديم طلب مقبول لتجريح الشاهد، وسؤاله عما إذا كان مستعدا لأداء اليمين، وبعد أدائها بالصيغة المقررة قانونا، الانتقال إلى استفساره عن موضوع الشهادة عن طريق طرح أسئلة واضحة، ودقيقة تتعلق بالواقعة المراد اتباثها.
  ويتم تدوين كل ما راج بالجلسة وأقوال الشهود بمحضر الجلسة من طرف كاتب الضبط، مع توقيع كل شاهد على تصريحاته.
وتجدر الإشارة إلى كون المحكمة يمكنها العدول عن قرارها بإجراء البحث قبل إجرائه، متى ظهرت عناصر جديدة تجعل هذا الإجراء غير مجد، كظهور حجة كتابية تثبت الواقعة موضوع الأمر بإجراء البحث.

تعليقات