القائمة الرئيسية

الصفحات



وسائل الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة وتطبيقاتها في مجلس النواب اللبنانين من اعداد الباحث علي ارجدال

وسائل الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة وتطبيقاتها في مجلس النواب اللبنانين من اعداد الباحث علي ارجدال باحث في القانون العام والعلوم السياسية







وسائل الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة وتطبيقاتها في مجلس النواب اللبناني
مقدمة
     تحتل السلطة التشريعية مكانة هامة في النظام السياسي والدستوري في كل الدول الديمقراطية، فبعد سقوط نظام الحكم المطلق وتزايد أدوار الدولة في شتى المجالات اصبح لابد من ترجيح كفة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية ، ومن خلاله فقد البرلمان مكانته الأولى كفاعل أساسي في عملية صنع القوانين لصالح الحكومة والتي اصبح لها أيضا حق المبادرة بالتشريع والرقابة، وقد اصبح دور كل من الحكومة والبرلمان محددا للتوازنات خصوصا مع إقرار العقلنة البرلمانية والتي كان الهدف منها الحد من صلاحيات البرلمان من اجل ضمان استمرارية الحكومة في أداء وظائفها . 
  تعتبر لبنان من اهم النظم السياسية العربية والتي تتسم بطابع خاص ومتميز عن باقي النظم السياسية العربية فالنظام السياسي في لبنان يقوم على الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها 
ويصنف الدستور اللبناني النظام السياسي على انه نظام " جمهورية ديمقراطية وبرلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة.. " 
ويتألف مجلس النواب اللبناني من 128 عضوا ينتخبون لمدة اربع سنوات على أساس التمثيل النسبي بالاقتراع العام والسري في دورة واحدة، ويتم انتخاب أعضاء البرلمان بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، فقد كان يتكون سابقا من غرفتين إلى ان تم تعديل الدستور سنة 1927 والذي بموجبه الغي مجلس الشيوخ وضم أعضاؤه لمجلس النواب وبالتالي اصبح يتكون من غرفة واحدة.
وتكمن أهمية الموضوع في اعتبار الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة حجر أساس للبرلمانات الديمقراطية وهي تهدف إلى مساءلة الحكومة عن أعمالها وضمان استقلالية السلط الثلاث من خلال قيام كل سلطة بدورها المنوط اليها، ويقتضي أيضا التوازن في فصل السلط ان لا تهيمن احدى السلط على الأخرى بشكل يعطل فعالية المؤسسات الدستورية لصالح سلطة محددة لذلك أوجد المشرع الدستوري مجموعة من الوسائل المؤثرة والفعالة من اجل ضمان توازن حقيقي بين السلط. ولتسليط الضوء على الموضوع لابد من تضمين الإشكالية التالية: 
البرلمان اللبناني ممثلا في مجلس النواب يمتلك وسائل متعددة للرقابة على أعمال الحكومة غير ان المعطيات السياسية والطائفية تفرض السياسي على الإداري.
 ولمعالجة الإشكالية سيتم تقسيم الموضوع إلى مطلبين : 
المطلب الأول: آليات الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة
المطلب الثاني: التطبيقات العملية لوسائل الرقابة البرلمانية 






المطلب الأول: المطلب الأول: آليات الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة
بالعودة للنظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني والصادر بتاريخ 18 نونبر 1994 والمعدل سنة 2003 فإنه حدد في الباب الثالث الآليات الرقابية التي يمتلكها البرلمان والمتمثلة في الأسئلة، الاستجواب، التحقيق البرلمان 
 أولا: الأسئلة 
ان الأسئلة البرلمانية هي طلب للمعلومات من طرف البرلمان موجهة للحكومة لقد ظهرت الأسئلة البرلمانية في مجلس العموم البريطاني سنة 1721 وذلك بعد إقرار مسؤولية الوزراء، وقد طرح أول سؤال بتاريخ 19 دجنبر 1721 والذي كان الهدف منه الحصول على معلومات من الحكومة، وانتقلت هذه الآلية إلى فرنسا في لوائح الجمعية الوطنية سنة 1876 حيث كان طرح الأسئلة ينحصر في بداية الجلسة . 
والسؤال البرلماني بصفة عامة هو وسيلة بيد النواب في مواجهة الحكومة من اجل الحصول على المعلومات ومعرفة موقف الحكومة أو سياستها في قطاع معين.
وبالعودة إلى النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني في بابه الثالث والذي نظم الأسئلة البرلمانية في الفصل الأول من المادة 124 إلى 130.
ويتمتع النواب البرلمانيون بإمكانية توجيه أسئلة شفوية أو كتابية إلى الحكومة أو إلى احد وزراء قطاعاتها، وتجيب الحكومة عن السؤال الشفوي فورا ويمكن لها طلب تأجيل السؤال شرط ان تودعه إلى الوزير المعني بالسؤال، غير ان الأسئلة الكتابية يوجهها رئيس المجلس للحكومة لتجيب عنها في اجل 15 يوما كحد اقصى عند تسلمها.  أما اذا لم تحترم الحكومة هذه الآجال فإن سؤال النائب البرلماني يتحول إلى استجواب . 
 بعد انتهاء الآجال المحددة لأجوبة الحكومة تعقد جلسة مخصصة لأجوبة الحكومة وهي جلسة مخصصة تدرج الأجوبة الواردة. وقبل عقد الجلسة فانه يتم توزيع جدول أعمالها على النواب ثلاث أيام قبل موعد الجلسة . ولكل نائب الحق في الكلام لمدة 10 دقائق كحد اقصى. ولا يمكن تكرار السؤال مرتين اذا اعلن النائب البرلماني اكتفاءه بجواب الحكومة. 
ثانيا: الاستجواب البرلماني
يعتبر الاستجواب آلية رقابية يحق لكل برلماني بمقتضاها ان يطلب من الوزير المعني معطيات أو بيانات عن السياسة العامة للدولة أو وزير قطاع معين ليس بهدف الاستفهام وإنما بهدف المناقشة والانتقاد والمسائلة وتصل أحيانا إلى التجريح والاتهام .  وقد اختلف الفقه الدستوري في تحديد غايات وأهداف الاستجواب فاتجاه أول يرى ان الاستجواب هو انتقاد للحكومة واتهام لها عكس السؤال الذي هدفه هو الاستفهام أما الاتجاه الآخر فيرى ان الاستجواب ليس بهدف الانتقاد بقدر ما هو كشف المخالفات السياسية المترتبة عن عمل الحكومة وأعضائها وبالتالي ينتج عنه أما سحب الثقة أو إثارة المسؤولية السياسية للحكومة بواسطة ملتمس الرقابة . 
ويحق لكل نائب برلماني أو اكثر في لبنان ان يطلب استجواب الحكومة بكاملها أو احد أعضائها في موضوع معين، شريطة تقديم طلب كتابي إلى رئيس مجلس النواب والذي يحيله إلى رئيس الحكومة. 
أما بالنسبة للآجال التي يجب ان تجيب فيها الحكومة على الاستجواب فهي لا يجب ان تتجاوز خمسة عشرة يوما من تاريخ تسلمها ، وفي حالة كان جواب الحكومة يستلزم إجراء تحقيقات أو البحث عن معلومات فلا تقدم الجواب في المهلة المحددة بل يتم تمديد المهلة بناء على طلب رئيس الحكومة الموجه لهيئة مكتب المجلس .
    أما الاستجواب الذي لم تجب عليه الحكومة فهو يدرج مباشرة في جدول أعمال المجلس وذلك في جلسة مخصصة للاستجوابات يحصر فيها النقاش في موضوع الاستجواب على ان لا يتجاوز مضمونها ذلك أو ان يكون النقاش موضوع السياسة العامة للحكومة إلا اذا وافق المجلس على طلب من الحكومة أو عشرة نواب، ويمكن بعد  جميع الاستجوابات والجواب عليها ان يتكلم أي نائب أو يريد طرح الثقة . 
ويمكن لعشرة نواب أو بطلب من الحكومة ان تعقد جلسة لمناقشة السياسة العامة للحكومة المادة 137 ومن خلالها يمكن لكل نائب أو للحكومة أيضا طلب ملتمس طرح الثقة، فإذا تقدم به النواب يمكن  أيضا للحكومة ان تطلب ملتمس تعليق الثقة في إقرار مشروع قانون تقدمت به واذا تم رفضه يعتبر نزعا للثقة من الحكومة 
 ولكل نائب ان يقدم طلب نزع الثقة غير انه الثقة لا تعتبر معلقة اذا تعلق الأمر بقبول مشروع قانون إلا بموافقة الحكومة، وهنا للحكومة وللنائب اجل 15 يوما من اجل عقد جلسة للتصويت حول الملتمس.
وللتذكير فوزراء الحكومة أيضا يمكنهم التقدم بطرح ملتمس الثقة بشكل انفرادي حول كل مشروع قانون قيد المناقشة ويمكن لكل نائب طرح هذه الإمكانية بشخص الوزير. 

ثالثا: التحقيق البرلماني
ان الحق في التحقيق أو التقصي من التقاليد البرلمانية الراسخة، وهو آلية مهمة للرقابة البرلمانية على الحكومة ، يعتبر هذا الحق لهدف أساسي وهو تمكين البرلمان من تحري معلومات حول خلل معين وتحديد مصدره وترتيب المسؤوليات . 
وتقوم اللجان البرلمانية لتقصي الحقائق بإنجاز تقرير شامل في نهاية مهمتها والذي يتضمن توصيات ويرتب مسؤوليات ذات طبيعة سياسية فقط.
ولمجلس النواب الحق في إجراء تحقيق حول موضوع معين أما بناء على اقتراح أو سؤال مقدم أثناء مناقشة أو استجواب أو مشروع طرح عليه ، ويمكن لمجلس النواب ان يولي هذه اللجان سلطات تغير من طبيعة عملها حيث تصبح لها طبيعة عمل قضائية بعد ان يصدر قرار في جلسة للهيئة العامة . 
لم ينص الدستور اللبناني بشكل صريح على صلاحيات البرلمان في إنشاء لجان تقصي الحقائق إلا ان النظام الداخلي لمجلس النواب قد فصل في هذا الأمر من خلال الفصل الثالث والمعنون بالتحقيق البرلماني
وتجري اللجان البرلمانية تحقيق يختم بتقرير يرفع إلى رئيس مجلس النواب والذي يعرضه على المجلس من اجل تدارس التقرير والبث فيه ، ومن صلاحيات هذه اللجنة الاطلاع على جميع المعلومات التي تتوفر عليها مختلف دوائر الدولة وتأخذ منها نسخا كذلك يمكن لها الاستماع إلى الإفادات التي ترى أنها ستساعد في الوصول إلى اهدفا التحقيق 
المطلب الثاني التطبيقات العملية لوسائل الرقابة البرلمانية 
أولا: الأسئلة والاستجوابات 
  1 ـ سؤال النائب جوزف معلوف عن تأخر تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى سنة 2012 
 ممارسة لصلاحياتها البرلمانية المنصوص عليها في الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب وجه النائب البرلماني عن كتلة القوات اللبنانية جوزف معلوف سؤال حول سبب تأخر تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى وبعد انتهاء مدة السؤال المفترض ان تجيب فيها الحكومة عليه طلب تحويله إلى استجواب بناء على النظام الداخلي الذي يمنح للنائب حق تحويل السؤال إلى استجواب .
2 ـ سؤال النائب عاطف مجدلاني حول السياسة الخارجية للبنان سنة 2012 
     وجه النائب عاطف مجدلاني عن التيار الوطني الحر سؤالا إلى الحكومة حول موضوع السياسة الخارجية للبنان ومن يقررها فيما يخص الطائرة الإيرانية التي أرسلها حزب الله إلى إسرائيل واعتبر من جانبه ان موضوع الطائرة الإيرانية يشكل خطرا على امن لبنان ويمس سيادته، وطالب من الحكومة ان توضح ما اذا كانت توافق على الخطوة التي قام بها حزب الله وان تستعد لردود الفعل الإسرائيلية " وامهل الحكومة 15 يوما من اجل الجواب عن السؤال والا طلب تحويله إلى استجواب.
ثانيا: لجان التحقيق البرلمانية 
  1ـ تشكيل لجنة تحقيق نيابية في مضمون العريضتين الاتهاميتين بحق وزير المالية ووزير النفط السابق 

قد مجلس النواب جلسة سرية يوم الثلاثاء 16/12/2003 حول تشكيل لجنة نيابية للتحقيق في العريضتين الاتهاميتين ضد وزير المالية فؤاد السنيورة في ملف محرقة برج حمود، ووزير النفط السابق شاهي برصوميان في ملف الرواسب النفطية وتم التصويت على أسماء النواب أعضاء لجنة التحقيق وقد شارك في التصويت 75 برلماني  والذين تم التصويت عليهم بموافقة 66 نائبا في مقابل 9 ممتنعين.


 خاتمة 

 من الصعب تقييم الفعالية البرلمانية في لبنان نظرا لوجود العديد من العوامل المسيطرة على المشهد السياسي والتي تتحكم فيه، فإذا كانت الشكليات المسطرية تمنح لمجلس النواب أدوات مهمة للرقابة على أعمال الحكومة إلا ان هيمنة السياسي على الإداري تجعل من الصعب على البرلمان القيام بوظائفه خصوصا عندما تتحول الخصوصية الثقافية والطائفية إلى معرقل للديمقراطية .
 وفي جانب آخر يمكن القول ان بالنسبة للجان تقصي الحقائق أنها تمتلك أداة جد مهمة وهي إسناد الصلاحية القضائية لأعمالها غير ان على مستوى الواقع العملي يظهر ان لجان التحقيق البرلمانية لم تحقق أي نتيجة بسبب هيمنة التوجهات السياسية على عملها اذا أخذنا بعين الاعتبار ان البرلمان في لبنان يتكون من مسلمين ومن مسيحيين ومن كتل نيابية تأثرت بالسياسي اكثر .



المراجع 

الدستور اللبناني الصادر في 23 أيار 1926 وتعديلاته 
النظام الداخلي للمجلس النيابي الصادر بتاريخ 18 يونيو 1994 والمعدل الجديد ـ نظام صادر في 2003/10/21 
بن لولو محمد الأمين، راهم علي، النظام السياسي اللبناني دراسة في المؤسسات والفواعل، بحث لنيل شهادة الإجازة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، سكيكدة، 2015/2016 
قيبوعة عماد الدين ، فعالية الرقابة البرلمانية في الجزائر، رسالة لنيل شهادة الماستر، كلية الحقوق ،ورقلة، 2014-2015
ليلى بن بغيلة، آليات الرقابة التشريعية في النظام السياسي، رسالة لنيل شهادة الماستر،  كلية الحقوق والعلوم السياسية، باتنة، 2003/2004
  الموقع الرسمي لمجلس النواب اللبناني https://www.lp.gov.lb       

Ninane Florent ,Le droit d’enquête parlementaire dans une perspective comparative Belgique – France – Luxembourg – Angleterre,  Travail de fin d’études Master , Faculté de Droit & Sciences politiques et de criminologie, 2016-2017

تعليقات