القائمة الرئيسية

الصفحات



أحكام الحيازة والاستحقاق الأستاذ مبارك بوطلحة


أحكام الحيازة والاستحقاق
الأستاذ مبارك بوطلحة

رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بالرباط
أستاذ بالمعهد العالي للقضاء
مقدمة



إن ارتباط الإنسان بالأرض وإعمارها نشأ يوم وجد الإنسان فوق هذا الكون، وكثر نزاع حولها منذ القديم، وأصبحت الخصومات والنزاعات حول ملكية الأراضي واستغلالها، تكتسي طابعا يختلف من عصر لآخر.
وفي المجتمع الإسلامي، منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم إلى الآن، كانت الأرض بجميع أنواعها محط الاهتمام من عامة المسلمين وخاصتهم، وهذا الاهتمام بالأرض وقيمتها، أنتج أحكاما تختلف باختلاف المذاهب الفقهية وبالبيئة الاجتماعية والزمن الذي صدرت فيه الفتوى موضوع الحكم.
والحيازة التي ترتب أثرا قانونيا على الحقوق، لابد فيها من توفر شروط وموجبات شرعية اعتنى فقهاء المذهب ببحثها، وحللوا أحكامها بحسب كل نازلة بعينها، حتى أثروا هذا الباب وأصبح لا ينقصه إلا العناية به.
وأهمية الحيازة تكمن في أن الشارع اعتنى بها وقدر قيمتها في حياة الإنسان، إذ تعد من القرائن الواقعية لإثبات التملك، ووسيلة من وسائل إثبات الشيء لحائزه، ومرجحة للحقوق عند التنازع في ساحة القضاء، وقد قنن المشرع المغربي بعض أحكامها في قوانين مختلفة دون جمعها كاملة في مدونة واحدة يسهل الرجوع إليها والعمل بأحكامها.
وتتداخل الحيازة للأرض مع استحقاق العقار، فقد يدعي المدعي حقا على عقار ويتمسك الخصم بالحيازة، مما يطرح إشكالية بحث الحلول الفاصلة بين الحيازة والاستحقاق علما أن المشرع المغربي أفرز لكل من دعاوى الحيازة والاستحقاق أحكاما قانونية مفصلة في كل من قانون المسطرة المدنية ومدونة الحقوق العينية، فضلا على ثرات فقهي وقضائي راكمه العمل القضائي من خلال القضايا التي عرضت على المحاكم.
وللإحاطة ببعض جوانب هذا الموضوع فإننا سوف نتحدث عن أحكام الحيازة (المبحث الأول) ثم عن أحكام الاستحقاق (المبحث الثاني).
المبحث الاول: أحكام الحيازة
سنتناول في هذا المبحث أقسام الحيازة وتعريف كل صنف منها والعناصر التي تتكون منها، ونبين المجال الذي تنصب عليه، والعقارات التي يمكن أن تكون موضوع حيازة، والموجبات الشرعية والفقهية التي تشترط في الحيازة المكسبة للملك،
(المطلب الأول) ونتطرق بعد ذلك إلى الدعاوى التي تحمي الحيازة وشروط إقامتها وآثارها القانونية على النزاع والمدعى فيه. (المطلب الثاني).





المطلب الأول: أنواع الحيازة
تقسم الحيازة إلى نوعين فهي إما استحقاقية وإما عرضية (تصرفية)، وسنعرض لكل واحدة منهما في فقرة مستقلة.
الفقرة الأولى الحيازة التصرفية:
يمكن تعريف الحيازة التصرفية بأنها وضع اليد على العقار بطريقة قانونية والتصرف فيه باستغلال منفعته دون إمكانية تملكه بتلك الحيازة، ولو طالت مدتها واستمر استغلالها. وأبرز مجال للحيازة التصرفية هو المجال الراجع للحيازة المادية ضمن حالات الملكية الناقصة، وتكون كذلك في الحالات التالية:
- أراضي الجماعات السلالية: التي يحوزها ويستغلها أفراد القبائل والجماعات المختلفة الساكنون بعين المكان، والمقيمون إقامة دائمة بتلك الجماعة أو القبيلة. ويتم استغلال هذه الأراضي حسب النظام المحلي لتلك القبائل والجماعات والأعراف التقليدية المتبعة منذ أجيال (يراجع ظهير 27 ابريل1919 مع تغييراته وتعديلاته).
- أراضي الكيش: الخاصة بالقبائل المعروفة بقبائل الكيش بالمغرب الموجودة خاصة بنواحي فاس، والقنيطرة، مراكش، وبجهات أخرى بجنوب المغرب. وكل من حاز عن طريق الجماعة أـو بواسطة قبيلة الكيش، قطعة أرضية راجعة لتلك الجماعة، أو تخص هذه القبيلة، كان له حق التصرف فيها بالغرس والبناء البسيط وحفر الآبار للسقي والشرب دون ما حق في تلك الرقبة، مالكا لما قام بإنشائه فوقها بما يعرف بالزينة. وهذه الحيازة لا تكسب حقا على عين العقار لصاحبها ولو طالت المدة واستمر التصرف ووضع اليد، والمؤيد التشريعي في ذلك فيما يخص أراضي الجموع هو الفصل الرابع من ظهير 27/4/1919 بشأن الوصاية على أراضي الجماعات وطريقة تسييرها والذي قرر قاعدة مضمنها أن هذه الأراضي لا تتملك بالتقادم، مع الإشارة إلى أن قواعد هذا الظهير لا تطبق على أراضي الكيش، والتي لا يعلم أن هناك نصا يحكم نظام تسييرها واستغلال الأراضي الراجعة لقبائل الكيش فيها.
وتتم الحيازة أيضا بواسطة عقود عادية كالكراء والمنفعة، والعارية التي يقوم بإنشائها مختلف الأفراد في ميادين عديدة تبعا لرغباتهم ولحاجياتهم، وهكذا يستغل الحائز العقار بمقتضى عقد يعطيه حق الاستغلال فقط، دون أن يكون لهذا الحائز نية التملك بناء على ذلك العقد، ولذلك تبقى حيازته للعقار الذي هو تحت يده، حيازة تصرفية، أي تمكنه وتعطيه حق التصرف القانوني في ذلك العقار فقط.
فالحيازة التصرفية إذا كانت تتوفر على العنصر المادي للحيازة، الذي هو وضع اليد، فإنها لا تتوفر فيها جميع الشروط الأخرى المكسبة للحق، ولذلك فكلما اختل شرط من شروط الحيازة الاستحقاقية فتتحول إلى حيازة مجردة (تصرفية)، لا يثبت الملك بها للحائز، ولكن يثبت له حق التصرف في المنفعة دون ما حق في التصرف في الرقبة، علما أن الفرق واضح بين حائز يملك الرقبة والتصرف فيها، وبين حائز لا يملك إلا حق المنفعة فقط.
وهذه الحيازة لها خصائص تمتاز بها فهي لا تكون إلا مطابقة للقانون بخلاف الحيازة الاستحقاقية، فقد تكون بيد السارق والمغتصب، لأن كلا منهما يدعي حق ملكية الشيء، أما الحائز العرضي فهو يحوز الشيء الذي بيده بمقتضى سند كعقد الكراء، أو بمقتضى ترخيص من القانون، كالحائز لأرض جماعية مثلا، وهكذا فالمكتري حائز عرضي، حيازته مقتصرة في الشيء الذي بيده لمدة محددة، ومن تم فإنه ملزم برد الشيء في الأجل المحدد بمقتضى العقد أو بنص القانون أو بحكم القضاء.
كما يعتبر من المميزات الأساسية للحيازة التصرفية (العرضية) تخلف العنصر المعنوي للحيازة الحقيقية (الاستحقاقية) بسبب ما يتضمنه عقد هذه الحيازة من اعتراف للحائز بحق المالك الحقيقي للعقار، وهذا العقد هو ما يمنع الحائز تصرفيا من أن يظهر بسبب وضع يده على الشيء بمظهر المالك أو صاحب الحق العيني على الشيء، وهذا العقد أيضا هو الذي يكون الحاجز المانع من ملكية العقار بطول مدة حيازته وتقادمها، بسبب اعتراف الحائز نفسه بحق غيره على العقار الذي يحوزه في العقد الذي يربط بينهما.
الفقرة الثانية: الحيازة الاستحقاقية
الحيازة الاستحقاقية هي التي تتعلق بوضع اليد وادعاء صاحبها ملكتيه لعين العقار ورقبته، وبذلك تختلف عن الحيازة التصرفية ( العرضية ) اختلافا بينا، على اعتبار أن الحيازة العرضية  مجردة من هذا الادعاء المرتبط بنية التملك لتعلقها بحائز يرمي من ورائها إلى استغلال ما بيده والتمتع بمنفعته وثماره، ويطلق عليها أيضا الحيازة المجردة أي المجردة عن ادعاء الحائز اصل الملك لنفسه، لكون السبب الذي اكتسب به الحق على العقار لا يرجع للتملك، ولكن يهدف فقط إلى المنفعة، وهذا السبب إما أن يكون هو العقد الذي أنشأها كعقد الكراء و العارية أو القانون الذي أباح حق التصرف في العقار الذي بيده كما في حيازة أولياء السفهاء، أو حكم القضاء، كما في حيازة الحارس القضائي إذ أن هؤلاء لا يتصرفون إلا بمقتضى عقد العارية أو الكراء، أو بسبب تلك الولاية القانونية على السفيه، أو بمقتضى ذلك الحكم القضائي بالنسبة للحارس.
وينتج عن الحيازة الاستحقاقية، إذا توفرت شروطها المعتبرة شرعا، أن يكتسب صاحبها ملكية عين العقار ورقبته، وكل ثماره الطبيعية والمدنية نتيجة الالتصاق بالعقار، وبذلك يستطيع أن يتصرف فيه بكافة أنواع التصرفات والاستفادة من منافعه كلها، ويتمتع بثماره جميعها، كما بإمكانه أن يتصرف في رقبته بسائر أنواع التصرفات، بما في ذلك تفويت للعقار بالبيع والهبة أو بأي نوع من أنواع التصرفات القانونية التي تقع عادة على مثل العقار محل الحيازة.





ولقد قسم الفقهاء الحيازة الاستحقاقية بحسب العقار الذي تنصب عليه إلى:
* حيازة تثبت التملك: أي تجعله مستحقا لمن هو بيده، مصدقة لادعائه إياه، وهذه يكتفى فيها بمدة السنة أو العشرة أشهر، مع الإشارة إلى أن الفصل 63 من الظهير الشريف المتعلق بالتحفيظ العقاري ينص على أن التقادم لا يكسب أي حق عيني على العقار المحفظ في مواجهة المالك المقيد اسمه بالرسم العقاري، ولا يزيل أي حق من الحقوق العينية المقيدة برسم الملك.
*حيازة قاطعة للنزاع: وهي الحيازة المبطلة لحق القائم، والقائم في اللغة الفقهية هو المدعي، وهذه لابد فيها من عشر سنين فأكثر بالنسبة للأجنبي، والقريب الذي بينه وبين الحائز تشاحن، أو ما فوق الأربعين عاما إذا لم يكن بين الأقربين تشاحن، علما أنه لاحيازة بين الأب وابنه ولو طالت المدة.
فالحيازة الاستحقاقية هي المستجمعة لشروط وضع اليد على العقار وحيازته بقصد التصرف في عينه ورقبته بجميع أنواع التصرفات المباحة قانونا من بيع، وكراء وعارية، وهبة، وغير ذلك، مع طول التصرف العلني الذي يظهر نية الحائز بكونه يباشر سلطته الفعلية وسيطرته الواقعية على شيئه، ونسبته لنفسه، والناس ينسبونه إليه كذلك دون منازع ينازعه أو معارض يعارضه، وهذا ما يكسب الحائز حق الملكية على أصل العقار المحوز، وبالنتيجة تملكه له ليتصرف فيه بجميع أنواع التصرفات، بما في ذلك التصرفات التي تؤدي إلى تفويته بالبيع او غيره.
أما الحيازة التصرفية أو المجردة، فلا يتأتى بها كسب عين العقار وأصله بل إن أثرها مقصور على حق التصرف في ثماره، أي جني المنفعة منه، ويعبر عنها بالحيازة المجردة لتجردها عن ادعاء الملكية لأصل العقار، رغم توفر مباشرة السيطرة الواقعية والسلطة الفعلية على الشيء، وهكذا فكلما اختلت شروط الحيازة المكسبة للملك واستحقاق عينه، تصبح حيازة تصرفية مجردة، لا يثبت بها للحائز إلا حق التصرف في المنفعة دون ما حق في التصرف في عين الملك ورقبته، ولا يحق بسببها تفويته لغيره ببيع ومثله.


والخلاصة أن الحيازة الاستحقاقية لابد لوجودها من توفر:
       ·العنصر المادي: الذي هو وضع اليد، ومباشرة السلطة الفعلية على العقار والتصرف فيه مباشرة أو بواسطة الغير بكل التصرفات القانونية.
       ·العنصر المعنوي: وهو نية تملك رقبة العقار وعينه، وإظهار هذه النية بالأفعال الخارجية التي تؤكد هذه النية، الشيء غير المطلوب في الحيازة التصرفية أو ما يدعونها بالحيازة المجردة.
والحيازة المنتجة كالبينة لصاحبها، تصدق دعواه وتؤيدها عند توفر شروطها، ولذلك ذكر بعض المؤلفين قواعدها في باب البينات والشهادات، كما ذكر أحكامها الآخرون بين وسائل الإثبات وخاصة عند الكلام على أثر التقادم بالنسبة للحقوق المدعى بها، وهكذا ذكرها الشيخ خليل صاحب المختصر وهو من أشهر من ألف وجمع القواعد الفقهية في المذهب المالكي آخر باب الشهادات، ومثله الزقاق في لاميته، والفاسي في عملياته، وابن ابي زيد القيرواني في رسالته، أما ابن عاصم في تحفته، فلقد خصص للحيازة فصلا مستقلا بذاته سماه: "فصل في حكم الحوز" قبل "فصل الاستحقاق" .
 أما قانون الالتزامات والعقود، فقد أشار إلى بعض ما يترتب من مسؤوليات عن حيازة العقارات، وجعل حسن النية وسوءها ضابطا مميزا لتطبيق مجموعة من الأحكام الذي تختلف بحسب حسن نية الحائز أو سوئها، علما أن ذات القانون حدد في الفصل 101 مفهوم الحائز حسن النية واعتبره هو من يحوز الشيء بمقتضى حجة يجهل عيوبها
وهكذا عالج المشرع التزامات الحائز برد ثمار العقار ووعاء الرد في الفصول 101 و102 و105 من الباب الثالث من قانون الالتزامات والعقود الذي عنوانه، "الالتزامات الناشئة عن الجرائم وشبهها"، كما أقر في الفرع المتعلق بحق الحبس إمكانية مباشرة حق الحبس بالنسبة للحائز حسن النية وذلك بمقتضى الفصل 192 من ق.ل.ع .
ولا بد لكل تصرف لكي ينتج أثره القانوني من توفر شروط وجوده، وعناصر تكوينه، والحيازة الاستحقاقية من تلك التصرفات التي يلزم أن تتوفر فيها الشروط التي تثبت وجودها، والعناصر التي ينبني عليها تكوينها، لكي تصبح دليلا قاطعا في ذاته من غير حاجة إلى ما يعضده من السندات والبينات الأخرى.
شروط الحيازة: تكاد الأبحاث والدواوين الفقهية تجمع على أن للحيازة المعتبرة منتجة، ستة شروط وتعتبر في مجملها مثبتة لحق تملك العقار واكتسابه وقاطعة للنزاع بشأنه، وهي:
وضع اليد على العقار وحيازته؛
التصرف فيه تصرف المالك في ملكه؛
عدم المنازعة في الحيازة؛
نسبة الملك للحائز من نفسه والغير؛
طول مدة الحيازة لذلك العقار؛
العلم بعدم وجود ناقل شرعي وهو شرط صحة في إثبات الملك للميت وشرط كمال للحي.
وتعتبر الشروط المذكورة كافية، وحجة على صحة ادعاء الملك بسبب الحيازة، كما سبق القول، ولو لم يكن هناك ما يعضدها من البيانات الأخرى.
ويجدر التنبيه هنا إلى أن بعض الفقهاء، فرق بين الحوز والملكية والحيازة في مدلولها، تبعا لتغيير ألفاظها، وقال: ·الحوز هو وضع اليد على الشيء، سواء كان بطريقة شرعية أم لا، كان اغتصبه أو سرقه، كما يطلق الحوز على كون الشيء بيد المدعى عليه. أما الملكية فهي اثبات الملك بشروطه المذكورة فيما قبل، ويكفي في حوزه عشرة أشهر، إذا جهل أصله ولم يعرف لمن كان الملك قبل أن يحوزه المدعي ملكيته، وإذا علم أصله لغير الحائز فلا تكفي الملكية وحدها، أما الحيازة فهي وضع اليد على الشيء، مع ادعاء تملكه والتصرف فيه خلال المدة المعتبرة شرعا، بمحضر المدعي وسكوته من غير عذر، ومحلها ما جهل أصل مدخل الحائز، أوعلم وكان ينقل الملك عن الأول.






المطلب الثاني: دعاوى الحيازة
أقر المشرع حماية للحيازة العقارية في قانون المسطرة المدنية، وهكذا فإنه قسم دعاوي الحيازة إلى ثلاث وهي: دعوى منع التعرض، ودعوى وقف الأعمال الجديدة، ودعوى استرداد الحيازة.
وسنحاول من خلال هذا المطلب أن نبين صور الحيازة (فقرة أولى)، ثم نقوم برصد مجموع الأحكام والقواعد المنظمة لدعاوي الحيازة، (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: صور دعاوى الحيازة
للحيازة ثلاث دعوى تحميها، وهي دعوى منع التعرض، ودعوى وقف الأعمال الجديدة، ودعوى استرداد الحيازة. وسنبين في هذه الفقرة كل واحدة من هذه الدعاوي.
1-دعوى منع التعرض
 هي الدعوى الحيازية التي يقيمها حائز العقار أو الحق العيني العقاري لمنع غيره من الاعتداء عليه في حيازته والتعرض له بأي عمل مادي يتضرر منه كحرث الأرض التي في يده مثلا.
والتعرض إما أن يكون واقعيا، وهو كل عمل مادي ينطوي على إنكار حيازة الحائز، كأن يزرع شخص أو يبني في أرض موجودة في حيازة صاحبها، وأما التعرض الواقعي الذي لا ينم عند صاحبه عن فكرة إنكار الحيازة كأن يمر شخص في عقار غيره دون أن تكون لديه نية التمسك بحق ارتفاق لمصلحة عقاره لا يسمح بإقامة دعوى منع التعرض، بل يشكل عملا غير مشروع يعطي المضرور حق المطالبة بالعطل والضرر ليس إلا.
وإما أن يكون قانونيا، وهو كل تصرف يكتسي صفة قانونية يستفاد منه التعرض لحيازة الحائز؛ كأن يقيم صاحب العقار المرتفق به بحق مرور دعوى منع التعرض على مالك العقار المرتفق لمنعه من ممارسته حق الارتفاق.
وتوجه دعوى منع التعرض ضد مرتكب التعرض حتى لو كان من قام بالتعرض إنما قام به بناء على أمر تلقاه من الغير أو بوصفه نائبا عن الغير على أن يكون للمدعى عليه حق إدخال هذا الغير كضامن في الدعوى.
2-دعوى وقف الأعمال الجديدة
هي دعوى حيازية تهدف إلى وقف أعمال شرع القيام بها، وبموجبها يسوغ لكل من حاز عقارا أو حقا عينيا على عقار ووقع له التعرض من جراء أعمال تهدد حيازته أن يرفع الأمر إلى المحكمة للمطالبة بوقف هذه الأعمال.
3-دعوى استرداد الحيازة
 يرفع هذه الدعوى كل من كان قصده هو استرجاع الحيازة التي كانت بيده وسلبت منه بالقوة والعنف، فإذا لم تكن هناك قوة ولا إكراه فلا محل لدعوى الحيازة، لأن أساسها حماية الحق العمومي وردع كل من يحاول أخذ حقه بنفسه أوعن طريق العنف، وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل 166 من المسطرة المدنية التي جاء فيها أنه:
"يجوز رفع دعوى استرداد الحيازة المنتزعة أو بالإكراه إذا كانت للمدعي وقت استعمال العنف والإكراه حيازة مادية وحالة وهادئة وعلنية"، كما يتضح من خلال هذا النص أنه لابد من توافر شروطا لرفع الدعوى الحيازية."
الفقرة الثانية: أحكام دعاوي الحيازة
بالرجوع إلى الأحكام العامة المذكورة في الفصول من 166 إلى 170 من قانون المسطرة المدنية المبينة لأهم أحكام دعاوي الحيازة، يلاحظ أن هاته الأحكام تقتضي تقييد هذه الدعاوي الحيازية من حيث النطاق الزمني لتكون مقبولة، بحيث يشترط فيها أن ترفع خلال السنة التالية للفعل الذي يخل بالحيازة، والأجل المنصوص عليه هنا هو أجل سقوط فلا تسري عليه أحكام الوقف التقادم أو قطعه، كما أجاز المشرع رفعها إما بطلب أصلي مستقل أو بواسطة طلب مقابل لدعوى أخرى.





على أن دعاوى الحيازة لا يرفعها إلا الشخص الذي كانت له حيازة عقار، أو حق عيني عقاري منذ سنة على الأقل، وسواء كانت هذه الحيازة بيد رافعها شخصيا أو كانت له بواسطة الغير، وهكذا اشترطت النصوص المذكورة لصحة الدعوى الحيازية توفر شروط محددة في الحيازة هي:
- أن تكون الحيازة علنية: والمقصود من العلنية هو الظهور بمظهر صاحب الحق ومباشرة التصرفات القانونية على العقار بصفة علنية ظاهرة حتى تكون الحيازة معروفة ومعلومة.
أما إذا حصلت في الخفاء فتعتبر معيبة ولا تكون صالحة للتملك بالتقادم، وتكون الحيازة مشوبة بعيب الخفاء إذا كانت الأعمال التي يباشرها الحائز على الشيء ليس من شأنها أن تظهر الحيازة للناس وعلى الأخص من لهم مصلحة في العلم بها.
والخفاء عيب يرد به في الغالب على حيازة المنقولات، لأن المنقولات يمكن إخفاؤها في سهولة ويسر، إلا أنه من المتصور نظريا على الأقل أن يعتري هذا العيب حيازة العقارات أيضا، وإن كان هذا الأمر بالغ النذرة في العمل إن قدر له أن يكون لأن طبيعة العقارات تحول دون إخفاء وضع اليد عليها، والمثال التقليدي للحيازة الخفية في العقارات هو أن يحفر الجار كهفا تحت منزل جاره ويستعمله دون أن تدل عليه علامة خارجية، أو أن يتعمد الجار المرور في الأرض المجاورة في أوقات لا يراه فيها مالكها.
- أن تكون الحيازة هادئة: أي أن تكون الحيازة قد تمت بدون عنف ولا إكراه، أي دون منازعة ولا معارضة بشيء يخل بصحة الهدوء. فإذا حاز شخص عقارا أو منقولا بطريق الإكراه لا يكون لحيازته أثر، ولا يمكنه مثلا الاستناد لهذه الحيازة في سبيل التملك بالتقادم على أن العنف أو الإكراه لا يعيب الحيازة إلى ما لا نهاية. فإذا ما زال هذا العيب واستمر الحائز بعد ذلك في حيازته بصورة هادئة أصبحت حيازته صحيحة وأنتجت آثارها القانونية من حيث إمكانية حمايتها بدعوى منع التعرض، أو من الاعتداء بها في حقل التقادم المكسب. ثم إن عيب عدم الهدوء عيب نسبي لا يحتج به إلا المعتدى عليه الذي كان عرضة لأعمال العنف. وعليه تقبل دعوى منع التعرض ما دامت الحيازة هادئة بالنسبة للمدعى عليه حتى ولو لم تكن كذلك بالنسبة للغير.
- أن تكون الحيازة متصلة: أي أن يقوم الحائز بأعمال متكررة على الشيء بما يطابق نوع الحق الذي يمارسه عليه، وبصورة منتظمة دون أن تتوسط أعماله مدد مختلفة تنقطع خلالها الحيازة انقطاعا غير عادي، على أنه يجب أن لا يؤاخذ استمرار الحيازة على معنى أن يكون الحائز دائم الاتصال بالشيء فيكفي لاعتبار الحيازة مستمرة أن يباشر الشخص سلطته على الشيء على الوجه الذي يتفق مع طبيعة الغرض المعد له، فإذا وضع شخص مثلا يده على أرض لا تزرع إلا مرة واحدة كل عام كفاه أن يزرعها في موسم الزراعة، وإن تركها في غير ذلك من الأوقات، أي في الأوقات التي تكون فيها غير مزروعة.
- أن تكون الحيازة غير مجردة من الموجب القانوني: إذ لا عبرة بحيازة دون سبب، فإذا كانت لا تستند لموجب شرعي فلا تستحق أن تكون محمية بدعاوي الحيازة.
- أن تكون الحيازة خالية من الالتباس: أي مجردة عن كل التباس يشوبها أو يؤثر على وجودها أوعلنيتها أو على هدوئها، وتكون الحيازة مشوبة بعيب اللبس أو الغموض إذا حاطت بها ظروف تثير الشك في أن الحائز يباشر على الشيء لحساب نفسه، بحيث أن الأعمال التي يقوم بها يمكن أن تحتمل معنيين، فيصح أن تحمل على أنه يريد الاستئثار بالحق لنفسه، كما يصح أن تحمل على أنه يجوز لحساب غيره.
- ان تكون الحيازة حالة: وذلك بالنسبة لقبول دعوى استرداد العقار، أي أن يكون العقار أو الحق موجودا في يد الحائز وقت وقوع أعمال العنف التي أدت إلى فقدان الحيازة حسب ما نص عليه الفصل 166 من قانون المسطرة المدنية.
فإذا لم تتحقق هذه الشروط لا يمكن رفع هذه الدعوى إلا أنه لا يمكن الظن بأن المتضرر يحرم من الالتجاء إلى القضاء للدفاع عن حقه، أو استرجاعه في سائر الأحوال بل إنه من حقه أن يقدم دعواه في إطار آخر إذا كان لها وجه شرعي يمكنه من الاستفادة أمام القضاء.
ولقد أتى قانون المسطرة المدنية باستثناء في الفقرة الثانية من الفصل 166 يعطي إمكانية رفع دعوى استرداد الحيازة التي وقع انتزاعها بواسطة العنف والإكراه، لكنه قيدها بقيود وهي: أن يكون المدعي وقت تعرضه لاستعمال العنف من الغير حائزا للعقار حيازة مادية فعلية في الوقت الذي استعمل غيره معه العنف أو الإكراه. وأن يتم توفرها على الهدوء وعدم النازع أو العارض مع العلنية القانونية في مثل تلك الحيازة.
وقد يحدث أحيانا أن يدعي كل من المدعي والمدعى عليه بأنه الحائز فعلا، ويؤيد كل منهما ادعاءه بأدلة لا يستطيع القاضي بسببها في تلك الظروف الترجيح بينها ليعرف بالتالي لمن هي الحيازة، فحكم هذه الحالة هو المنصوص عليه في الفصل 170 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه:
" إذا ادعى كل من المدعي والمدعى عليه أنه حائز، وتقدم كل منهما بأدلة على تلك الحيازة فللقاضي أن يبقي الحيازة لهما معا في نفس الوقت أو يأمر بحراسة قضائية على المتنازع فيه أو أن يسند حراسته لأحد الطرفين مع التزامه بتقديم حساب عن ثماره إذا اقتضى الحال ذلك".
وعليه فإن الفصل 170 من ق م م أعطى للقاضي ثلاثة خيارات:
       ·إما أن يأمر القاضي بإبقاء الحيازة للطرفين المتخاصمين معا، وفي نفس الوقت، وبذلك يكون هذا الأثر تأكيدا لحالة سابقة استوجبت إبقاء ظروف لاحظها القاضي تلقائيا أو أثيرت أمامه ورأى أن فائدة الطرفين في ذلك.
2-وإما أن يأمر القاضي بإجراء حراسة قضائية على المتنازع فيه، وسيكون الأثر هو إعطاء الحيازة لغيرهما وهو الجهة المكلفة بالحراسة ومنعهما من التصرف في العقار بأنفسهما بسبب النزاع المثار بينهما والذي يرى معه القاضي أن المصلحة تقتضي حرمانهما من العين المتنازع عليها إلى حين الفصل في الخصومة.
3-وإما أن يسند الحراسة لأحدهما مع إلزامه بتقديم الحساب عن الثمار إذا اقتضى الحال ذلك، وتكون نتيجة وأثر الدعوى في هذه الحالة هو حرمان أحدهما ولو مؤقتا من حق مباشرة التصرف، وينتهي بانتهاء النزاع بينهما، نظرا لما تأكد للقاضي من أن المصلحة تقتضي النزاع تحتم تنصيب أحدهما حارسا على المتنازع عليه.
وبخصوص المحكمة المختصة بالنظر في دعاوي الحيازة فالفصل 27 من قانون المسطرة المدنية يشير في فقرته الخامسة إلى أنه:
" تقام الدعاوي خلافا لمقتضيات الفصل السابق أمام المحاكم التالية: في الدعاوي العقارية المتعلقة بدعوى الاستحقاق أو الحيازة ترفع أمام محكمة موقع العقار المتنازع عليه."
وهذا الفصل لا خلاف في أنه واضح في الاختصاص المحلي، ويجب بناء عليه أن يعرض النزاع على محكمة مكان العقار.
كما أن الباب الثاني التعلق بالاختصاص النوعي في الفصول من 18 إلى 23 لم تقع فيه الإشارة فيه إلى المحكمة المختصة بهذا النوع من الدعاوي.
إن دعاوي الحيازة تخضع جميعها لبعض الأحكام المشتركة التي تتجلى في القواعد التالية:
1 – لا تمارس دعاوي الحيازة إلا بالنسبة للعقارات أو الحقوق العينية العقارية التي يجوز التعامل فيها.
2_ إن دعاوي الحيازة يجب أن تمارس خلال مدة سنة من ارتكاب العمل الذي يشكل تعرضا للحيازة، حيث نصت المادة 167 من قانون المسطرة المدنية على أنه:
"لا تقبل دعاوي الحيازة سواء قدمت بطلب أصلي أو بطلب مقابل إلا إذا أثيرت خلال السنة التالية للفعل الذي يخل بالحيازة."
3_ لا يجوز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية، فالمالك الذي اعتدي على حيازته يستطيع حماية هذه الحيازة عن طريق دعوى الحيازة، حيث ينصب النزاع على واقعتي الحيازة والتعرض ليس إلا، على أن يتقدم ذو المصلحة عند الاقتضاء فيما بعد بدعوى الملكية للنظر في جوهر حق الملكية أو جوهر الحق العيني العقاري.
ويترتب على قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية مجموعة من النتائج أهمها.
1-إذا أقيمت دعوى الحيازة وأنكر المدعى عليه واقعة الحيازة أو واقعة التعرض وقرر القاضي الاستماع إلى البينة الشخصية، فشهادة الشهود يجب أن تكون محصورة بهاتين الواقعتين ولا يمكن أن تتناول جوهر الحق، لأن مثل هذا الموضوع من متعلقات دعوى الملكية ويخرج عن نطاق دعوى الحيازة، وعلى هذا قررت المادة 168 من المسطرة المدنية أنه:
" إذا وقع إنكار الحيازة والتعرض لها فإن البحث الذي يؤمر به لا يمكن أن يتعلق بموضوع الحق الذي لا يمكن أن يكون إلا محل دعوى ملكية تستهدف الاعتراف بحق عقاري."
2-لا يجوز للمحكمة التي تنظر في الدعوى الحيازية أن تنظر في دعوى الملكية؛ لأن دعوى الملكية إنما تتعلق بجوهر الحق، وجوهر الحق لا يمكن أن يكون إلا محل دعوى ملكية تستهدف الاعتراف بحق عيني عقاري حسب ما أشارت إليه المادة 168من ق م م.
3-من قدم دعوى الملكية لا تقبل منه بعد ذلك دعوى الحيازة إلا إذا وقع إخلال بحيازته بعد تقديم دعوى الملكية.
أما دعوى الحيازة التي تستند إلى أعمال وقعت بعد رفع دعوى الملكية فتبقى مسموعة، وإلى هذا أشار الفصل 169 من المسطرة المدنية.



المبحث الثاني: أحكام استحقاق العقار
إن دعوى الاستحقاق هي دعوى عينية يرفعها المالك مستندا إلى حقه ومطالبا بكل الملك عكس دعوى الانتفاع أو الارتفاق وتسمى أمام المحاكم بدعوى التخلي عن عقار أو دعوى الإفراغ أو دعوى التمكين من عقار.
والدعاوى التي ترمي إلى استحقاق عقار أو الدعوى العقارية وصف منحه المشرع للحقوق العينية الواقعة على العقارات، وكذا إلى جميع الدعاوى الرامية إلى استحقاق حق عيني مترتب على عقار، وهكذا نصت المادة 12 من مدونة الحقوق العينية على أن كل دعوى ترمي إلى استحقاق أو حماية حق عيني واقع على عقار تعتبر دعوى عينية عقارية وتختص بها المحكمة التي يتواجد بها موقع العقار وفق أحكام الفصل 27 من قانون  المسطرة المدنية، وتبت فيها أي الدعاوى العينية العقارية دون المنقولة وكذا المختلطة التي تؤول إلى العقار المحكمة وهي مشكلة من هيئة جماعية وفق الفصل 4 من القانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة.
والقاضي العقاري يتعين عليه اتباع مسلك دقيق في تعامل مع حجج الأطراف وتقيمها وفق قواعد ترجيح الحجج، ذلك أن المدعي في البداية ملزم بإثبات صحة دعواه بالبينة الشرعية أو القانونية لقول ابن عاصم الغرناطي في نظمه:
والمدعي استحقاق شيء يلزمه بينة مثبتة ما يزعم
 من غير تكليف لمن ملكه من قبل بأي وجه ملكه
وإذا عجز المدعي عن إثبات دعواه فإما ان يقر المدعى عليه فيؤاخذ بما أقر به على نفسه إذا استوفى الإقرار شروطه القانونية فهو أقوى من إقامة البينة عليه لقول الشيخ خليل: "يؤاخذ المكلف بلا حجر بإقراره".
أما إذا أنكر الخصم ما جاء في ادعاء المدعي فلا شيء لما يدعيه إلا يمين مقابله،
قال المتحف:
والمدعى عليه باليمين         في عجز المدعي عن التبين
واليمين التي تقضي بها المحكمة على المدعى عليه إذا تجردت دعوى المدعي من الحجة تقلب وتسمى فقها يمين الإنكار، وقد هجرت المحاكم تطبيق ذلك لما فيه من إرهاق للمدعى عليه وتطويل سير القضايا وتشعبها امام المحاكم.
وفي حالة إذا ما أدلى المدعي بحجة فلا يخلو الأمر من احتمالين:
       ·أن تكون حجة ناقصة فلا يعذر فيها المدعي، لأنه لا إعذار في ناقص.
       ·أن يدلي بحجة تامة الشروط أي كاملة المبنى تامة المعنى فيعذر فيها للخصم أي توجه اليه للرد عليها، فيتبادل الطرفين الردود، ويمكن للمحكمة أن تتخذ من إجراءات التحقيق ما تراه مناسبا لجعل القضية جاهزة للحكم فيها، وبشكل أساسي تطبيق الرسوم على أرض الواقع وسماع أقوال الشهود المذكورة أسمائهم بالبينات.
وتتبع المحكمة في تقييم حجج الطرفين الترتيب التالي:
أولا: تبحث عن إمكانية الجمع بين الحجج الصحيحة، قال خليل "وإن أمكن الجمع بين بينتين جمع"، على أن الحجة ناقصة غير عاملة في الدعوى.
ثانيا: إذا تعذر الجمع بين الحجتين فإنها تبحث عن سبب مرجح لإحداهما على الأخرى، وأسباب الترجيح عديدة وأهمها هي:
ترجح البينة التي تتضمن سبب الملك على غيرها.
تقدم بينة ثبوت الملك على بينة ثبوت الحوز.
يقدم الإثبات على النفي.
يقدم النقل على الأصل.
تقدم بينة التجريح على بينة التعديل.
تقدم شهادة العدلين على غيرها.
قدم التاريخ أحد المرجحات بين البينات والعبرة بزمن التحمل لا الأداء.
يقدم الاصل على الفرع.
تقدم شهادة البت على شهادة السماع.
تقدم بينة زيادة العدالة على العدد (المستفسرة تقدم على غير مستفسرة).
تقدم البينة التي تثبت الصحة على التي تثبت الفساد.
تقدم البينة المعرفة (الشهادة العلمية) على التعريف وهي (الاسترعائية).
تقدم البينة المؤرخة على البينة غير المؤرخة.
‏تقدم بينة التفصيل على بينة الإجمال.
وقد اشارت المادة 3 من مدونة الحقوق العينية إلى بعض أسباب الترجيع وهي وردت على سبيل المثال لا الحصر كما يتضح من صياغة المشرع في المادة المذكورة، وهكذا فقد جاء فيها ما يلي:
" يترتب على الحيازة المستوفية للشروط القانونية اكتساب الحائز ملكية العقار غير المحفظ أو أي حق عيني آخر يرد عليه إلى أن يثبت العكس
لا تفيد عقود التفويت ملكية العقارات غير المحفظة إلا إذا استندت على أصل التملك وحاز المفوت له العقار حيازة متوفرة على الشروط القانونية.
إذا تعارضت البيانات المدلى بها لإثبات ملكية عقار أو حق عيني على عقار، وكان الجمع بينها غير ممكن، فإنه يعمل بقواعد الترجيح بين الأدلة ومن بينها.
- ذكر سبب الملك مقدم على عدم بيانه؛
- تقديم بينة الملك على بينة الحوز؛
- زيادة العدالة والعبرة ليست بالعدد؛
- تقديم بينة النقل على بينة الاستصحاب؛
- تقديم بينة الإثبات على بينة النفي؛
- تقديم بينة الأصالة على خلافها أو ضدها؛
- تقديم تعدد الشهادة على شهادة الواحد؛
- تقدم البينة المؤرخة على البينة غير المؤرخة؛
- تقديم البينة السابقة على البينة اللاحقة تاريخا؛
- تقديم بينة التفصيل على بينة الاحتمال.
ثالثا: إذا لم تجد المحكمة سببا مرحجا وبقي التعارض كانت لأحدهما الحيازة وهي مرحج فإنه يحكم للحائز، لقول خليل: " وإن يعدم الترجيح فاحكم لحائز"، فتحكم بسقوط البينتين وهو ما يسمى بتهاتر الحجج.

خاتمة
إن الحماية التي أقرها المشرع للحيازة والأحكام التي فرض لاستحقاق عقار أو حقوق عقارية، لا تؤتي ثمارها، ما لم يتحلى القاضي العقاري بما يلزم من إلمام بالقواعد الشرعية والفقهية التي أنتج الفقه المالكي على مر العصور وفتاويه بالنوازل،  والنصوص المدونة في مدونة الحقوق العينية قلة القليل وهي تقنين الراجح والمشهور وما جرى به العمل في مجالس القضاء والفتيا،  فهي فرع عن أصل لا غنى عنه ، كما يتعين على القاضي الانخراط في التوجهات التشريعية والاجتهادات القضائية التي راكمت محكمة النقض، والتي تسعى إلى منح القاضي حركية في توجيه الخصوم والتحقيق في الدعاوى وفهم حقيقة النزاع بروية وتوخي التطبيق.

تعليقات