القائمة الرئيسية

الصفحات



الأنظمة القانونية المطبقة على العقار الدكتور حسن فتوخ



الأنظمة القانونية المطبقة على العقار
الدكتور حسن فتوخ
مستشار بمحكمة النقض
أستاذ بالمعهد العالي للقضاء








مقدمة
يعرف النظام العقاري تعددية على مستوى أنواع العقار، بحيث هناك عقارات الدولة، وعقارات الأوقاف، والعقار المحفظ وغير المحفظ والذي في طور التحفيظ، وأراضي الجموع، وأراضي الكيش، وأملاك الدولة الخاصة، وأراضي المياه والغابات، ولكل واحدة من هذه العقارات نظامها القانوني الخاص.
   وعليه سنحاول من خلال هذا التقديم أن نعرف أولا بالعقار في مبحث أول، على أساس أن نعالج الأنظمة الخاصة بكل فئة من العقارات في مبحث ثان.
 المبحث الأول: مفهوم العقار وتميزه عن المنقول
يطلق فقهاء المالكية على العقار تسمية "الأصل وتجمع على أصول"، ويقصدون به الأرض وما اتصل بها، فشمل الدور والحوانيت والجنات...، فالأصل أعم من العقار، إذ يقسمه إلى قسمين:
رباع: هي الدور والحوانيت والأفران ونحوها
وعقار: وهي الفدادين والجنات ونحوهما من كل ما يعقر بالفأس، فالأصول عندهم أعم، لأنها الأرض وما اتصل بها.
فالعقار إذن في المذهب المالكي يشمل الأرض والبناء والغرس، وكل ما وضع في الأرض على سبيل الاستقرار، وبصيغة أخرى هو ما لا يمكن نقله من مكان إلى آخر كالأراضي والدور... فمفهوم العقار عند المالكية أوسع وأشمل منه في المذهب الحنفي.
وعرفت بعض التشريعات العقار كالقانون المدني المصري (الفصل 82) والقانون المدني السوري (الفصل 84)، وحسب هذين التشريعين فإن العقار لم يعد ما يستحيل نقله استحالة مطلقة بل أصبح ما لا يمكن نقله من حيزه دون تلف.
أنواع العقار:
*العقار بالطبيعة:
العقار بالطبيعة هو الشيء المستقر الثابت الذي لا يمكن نقله من مكان إلى آخر دون تلف من البديهي أن يصدق هذا التعريف على الأراضي سواء كانت معدة للزراعة أو البناء، والمشرع المغربي عرف العقار تعريفا مباشرا، فنص في المادة 6 من مدونة الحقوق العينية بأن العقار بطبيعته هو كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله من دون تلف أو تغيير في هيئته.  فالملاحظ أن لفظ العقار فضفاض يشمل حتى ما يمكن أن نعتقد أنه مجرد منقول، لا قيمة له كالأعشاب الصغيرة التي تنبت بالأرض مادامت متصلة بها.





فأول ما يعتبر عقارا بطبيعته هو الأرض والأبنية والنباتات.
ــــ الأرض: إن التحليل الكلاسيكي لمفهوم الأرض، يعتبر الأرض بما لها من صفتي الثبات والدوام، هي العقار، ولفظ الأرض جاء عاما فيشمل الأرض الفلاحية أو الأرض الصخرية والتي يصعب زرعها، وسواء كانت هذه الأرض بالمدن أو بالبوادي، ومنطقي أن الأرض تتصف بالثبات والاستقرار ولا يمكن أن تتحرك إلا بقوة خارقة، وإذا تحركت يحدث بها تلف.
ــــ الأبنية: تعتبر كذلك عقارات بطبيعتها لاندماجها في الأرض، فالأبنية الثابتة المستقرة على الأرض مادام يشد بعضها بعضا تحتفظ بالصفة العقارية، فالبناية سواء كانت بالإسمنت أو بالحجر تعتبر عقارات بطبيعتها ولا يؤثر كونها بنيت من طرف المالك أو المغتصب أو المترامي.
   فالدور والمعامل والجسور والخزانات والأفران والسدود والأنفاق والزرائب، كلها تعتبر عقارات بطبيعتها، وكذلك مكملات البناء من أبواب وشرفات وأنابيب جر الماء، ومن الضروري أن تكون المباني مشيدة فوق سطح الأرض، بل يعتد بتلك التي تكون مشيدة في باطنها.
ــــ النباتات: المشرع اعتبر كل ما يتصل بالأرض عقارا بطبيعته، فالمحصولات الزراعية الثابتة بجذورها، وثمار الأشجار التي لم تقطف والأشجار بالغابات التي لم تقطع، فهذه كلها اعتبرها المشرع عقارات بطبيعتها. وسبب ذلك أن وصف الأرض امتد إليها مادامت متصلة بها اتصال قرار، فإذا انفصلت عنها اعتبرت منقولا، وهذا التصور من صنع الفقه والقانون ويجب التسليم به، وربما هذا امتداد للنظرة الاقتصادية التي كانت سائدة والتي كانت تعطي للأرض أهمية كبيرة، فكل ما يتصل بها تحميه النصوص الخاصة بها.
ويشترط في النباتات حتى تعتبر عقارات بالطبيعة أن تمتد جذورها إلى باطن الأرض بغض النظر عن كونها صغيرة أم كبيرة، وبما أن الأبنية لا يعتد بتوقيتها كذلك االنباتات مادامت متصلة بالأرض فهي عقارات حتى لو كانت معدة لأن تنقل، ولا عبرة كذلك لغارسها إن كان مالكا أو مستأجرا أو مزارعا، فالعبرة بالاتصال بالأرض والثبات بها، أما إذا قطعت الأشجار أو قطفت الثمار فتعتبر منقولا.
*العقار بالتخصيص:
العقار بالتخصيص هو خروج عن قاعدة العقار بالطبيعة المتصف بالثبات والاستقرار، وعرفته مدونة الحقوق العينية في المادة 7 بأنه هو المنقول الذي يضعه مالكه في عقار يملكه رصدا لخدمة هذا العقار واستغلاله أو يلحقه به بصفة دائمة ويشترط لاعتبار المنقول عقارا بالتخصيص شروطا أساسية حسب المادة المذكورة، وهما:
- أن يكون المنقول والعقار لمالك واحد: فالآلات الفلاحية مثلا في مجال الزراعة، يجب أن تكون مملوكة لحائز الأرض بغض النظر عن كون الحائز يحوز بصفة قانونية أم لا، ما دام يقوم بالأعمال التي يقوم بها المالك، باستثناء الحائز العرضي، فالأشياء التي يرصدها لخدمة العقار الذي بيده تحتفظ بصفة المنقول.
- تخصيص المنقول لاستغلال العقار: كالحيوان في أعمال الحرث وآلات الزراعة المختلفة مثل المحراث والجرار والسماد المعد للإنتاج.
أما الأشياء الموضوعة لخدمة صاحب العقار كسيارته، وإن كان يتنقل بها لخدمة العقار فلا تعتبر عقارا بالتخصيص.
- أن يكون المنقول مخصصا لخدمة عقار محفظ.
*العقار بحسب المحل:
 وهو الحقوق العينية الآتية: ملكية العقارات، الانتفاع بهذه العقارات، الأحباس حق الاستعمال والسكنى، الكراء الطويل الأمد، حق السطحية، الرهن الحيازي، حقوق الارتفاق والتكاليف العقارية، الامتيازات والرهون الرسمية، الحقوق الإسلامية كالجزاء، والاستئجار، والجلسة، والزينة والهواء.
المبحث الثاني: الأنظمة الخاصة بكل فئة من العقارات
أولا: أمـلاك الدولـة




تنقسم أملاك الدولة إلى أملاك خاصة وأملاك عامة. وأن الإطار القانوني لأملاك الدولة العامة يتمثل في دورية للصدر الأعظم مؤرخة في فاتح نونبر 1912، تميز ما بين أملاك المخزن التي لا يمكن تفويتها إلا بترخيص من المخزن، وأملاك غير قابلة للتفويت وتستعمل من طرف العموم، وهي الطرق والمسالك وشواطئ البحر والموانئ والأنهار والبنايات العمومية وأسوار المدن. ثم بعد ذلك صدر ظهير شريف بتاريخ فاتح يوليوز 1914 حول الملك العام، الذي وضع ضوابط الملك العام للدولة والجماعات المحلية، وحدد خصائص الملك العام في عدم قابلية تفويته أو تملكه بالتقادم وكيفية استخراجه من حيز الملكية العامة ومسطرة جديدة لتحديده.
أما أملاك الدولة الخاصة فهي الأملاك التي لم تخصص للاستعمال من طرف العموم، وليست خاصة بمرفق عمومي ولا ضرورية لسير هذا المرفق.
وقد يكون مصدرها ملكية عامة للدولة فانتقلت إلى الأملاك الخصوصية بمرسوم لرئيس الحكومة، وقد تصبح ملكية خاصة للدولة لأنها أراضي لا مالك لها باعتبارها من قبيل أراضي الموات كما هو منصوص عليه في مدونة الحقوق العينية، أو يتم امتلاكها بواسطة مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، أو نها كانت مملوكة سابقا للمعمرين فتم استرجاعها واعتبارها بمثابة عقارات خاصة للدولة بمقتضى ظهير 02 مارس1973، أو تركات شاغرة، أو المصادرة.... إلخ.
وجدير بالذكر أن المشرع أضفى على المياه طبيعة أملاك الدولة العامة، وحافظ في نفس الوقت للخواص على الحقوق المكتسبة العائدة لهم قبل إعلان الملكية العامة للمياه.  ذلك أن مسطرة تحديد الحقوق الخاصة على المياه العامة تخضع لمقتضيات القانون الجديد رقم 36.15 الذي نص من خلال مادته الرابعة على عدم قابلية المياه العامة للتفويت
 أو الحجز أو التقادم.
ومعلوم أن التحديد الخاص بأملاك الدولة العامة سواء فيما يتصل بجانبه المائي أوغير المائي، يبقى في حقيقة الأمر مجرد قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها من طرف صاحب المصلحة في ذلك، أي إثبات وجود حقوق عينية خاصة سابقة على ما اعتبره ذلك التحديد داخلا في نطاق الملك العام وفق مقتضيات الفصل 2 من ظهير فاتح يوليوز 1914، وهو الأمر الذي أكده العمل القضائي حينما افترض كون الساقية جزءا من أملاك الدولة العامة، وعلى الملاك المجاورين لها الذين يدعون أنها على ملكهم الخاص أن يثبتوا ما يدعونه، تحت طائلة استقرار الطابع العام للساقية.
وجدير بالذكر أن أملاك الدولة العامة تخضع من حيث إدارتها، وصيانتها والحفاظ عليها لوزارة التجهيز، باستثناء بعض الأملاك العامة التي تختص بها البلديات أوالجماعات المحلية أو العمالات والأقاليم، في حين أن تدبير شؤون أملاك الدولة الخاصة يعود إلى وزارة المالية التي لها الصلاحية لسلوك مسطرة التحديد الإداري الواردة في ظهير 3-1-1916 كخطوة أولى نحو تحفيظ هذا النوع من العقارات، وكذا إمكانية تفويتها للخواص وفق الشروط المحددة قانونا.
ثانيا: الأمـلاك المحبسة
تجدر الإشارة إلى أن مدونة الأوقاف حددت بدقة القواعد المتعلقة بالأملاك المحبسة من خلال تناولها لأركان الوقف) الواقف، الموقوف عليه، الموقوف، والصيغة (، وشروطه (الإشهاد على الوقف، وحوز المال الموقوف عن الواقف)، وكذا الآثار المترتبة عن عقد الوقف، عبر تنظيم الأحكام الخاصة بالرجوع في الوقف، ووسائل إثباته.
 ونظرا لخصوصية الوقف، فقد أقرت المدونة أعلاه القواعد التالية:
عدم جواز الحجز على الأملاك الموقوفة أو اكتساب ملكيتها بالحيازة أو التقادم، أوالتصرف فيها بغير تلك التصرفات المنصوص عليها قانونا.
إضفاء الصفة الامتيازية على الديون المستحقة لفائدة الأوقاف العامة وإعطاؤها حق الأولوية في الاستيفاء بعد أداء الديون الناشئة عن مهر الزوجة ومتعتها ونفقتها ونفقة الأولاد والأبوين وغيرهم ممن تجب عليه نفقته، علاوة على عدم سقوطها بالتقادم.
ضرورة الحصول على الموافقة الصريحة للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف، لنزع ملكية العقارات الموقوفة وقفا عاما.
وضع آلية لتصفية الحقوق العرفية المنشأة على أملاك الأوقاف العامة (الجزاء، الجلسة، الزينة....).
إعفاء الأوقاف العامة من جميع الضرائب والرسوم أو أي اقتطاع ضريبي محلي أووطني، فيما يخص التصرفات والأعمال أو العمليات أو الدخول المتعلقة بها.
إن إجراء أي معاوضة عينية للأوقاف العامة يشترط طبقا للمادة 72 من مدونة الأوقاف أن تكون العين المعاوض بها محفظة وأن تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة.
تعتبر الصفة من الشروط الأساسية للتقاضي، حيث أكدت المادة 56 من مدونة الأوقاف أن الذي ينوب عن الأوقاف هو الممثل الحكومي أو من ينتدبه لهذه الغاية:
 "تمثل الأوقاف العامة أمام القضاء مدعية أو مدعى عليها من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف أو من تنتدبه لهذا الغرض".
لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة في موضوع الكراء بالاستئناف، حسب ما جاء في المادة 93 من مدونة الأوقاف:
 " تكون الأحكام والأوامر القضائية الصادرة لفائدة الأوقاف العامة في النزاعات المتعلقة بكراء الأملاك الحبسية نهائية. ولا يجوز للمكتري الطعن فيها بالاستئناف."
خلافا للفصل 402 من قانون المسطرة المدنية، فإن مدونة الأوقاف جاءت بمقتضى جديد يعطي إمكانية اللجوء إلى الطعن بإعادة النظر في الأحكام الصادرة في الدعاوى المتعلقة بالوقف العام متى قامت حجة على حبسيته، حيث تنص المادة 58 على أنه:
   " يمكن الطعن بإعادة النظر في الأحكام القضائية الصادرة في الدعاوى المتعلقة بالوقف العام متى قامت حجية على حبسية المدعى فيه، وذلك داخل أجل خمس (5) سنوات من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائيا". 
تدخل النيابة العامة إجباري في القضايا المنصبة على الأملاك الحبسية تحت طائلة بطلان الحكم عملا بمقتضيات الفصل (9) من قانون المسطرة المدنية.
الطعن بالنقض من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف يوقف تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في الدعاوى المتعلقة بالأوقاف العامة، طبقا للمادة 57 من مدونة الأوقاف، وهو استثناء ينضاف إلى باقي الاستثناءات المذكورة ضمن مقتضيات الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية.





إن الأملاك المحبسة تحبيسا عموميا لا تسري عليها قاعدة لتطهير الواردة في الفصلين 1 و62 من ظهير التحفيظ العقاري، وذلك عملا بمقتضيات المادة 54 من مدونة الأوقاف التي تنص على أن الرسوم العقارية المؤسسة لفائدة الغير لا تمنع المحكمة من النظر في كل دعوى ترمي إلى إثبات صفة الوقف العام لعقار محفظ، شريطة أن ترفع الدعوى في مواجهة جميع ذوي الحقوق المقيدين.
وإذا ثبت أن العقار المذكور موقوف وقفا عاما، بناء على الحكم القضائي الصادر بذلك والحائز لقوة الشيء المقضي به، فإن المحافظ يشطب على كل تسجيل سابق، ويقيد العقار بالرسم العقاري المتعلق به في اسم الأوقاف العامة ".


ثالثا: الملك الغابوي
يحدد مفهوم الملك الغابوي بصفة عامة استنادا إلى معيار موضوعي، بدليل أن شخص المالك غير لازم لإضفاء صفة الملك الغابوي على عقار معين، على اعتبار أن هذا النوع من الأملاك يمكن أن يكون في ملك الدولة، أو جماعة سلالية، أو شخص طبيعي
 أو معنوي.

وبعد التأكد من وجود قرائن تفيد ملكية العقار يمكن للمندوبية السامية للمياه والغابات مباشرة مسطرة التحديد الإداري لاتسامها بالبساطة والسرعة مع حق هذه الأخيرة في الاختيار بين اللجوء مباشرة إلى تحفيظ ممتلكاتها وفق المسطرة العادية (قانون 07/14) كلما كانت مساحة العقار تقل عن 1000 هكتار، وبين اللجوء إلى مسطرة التحديد الإداري (3/1/1916) إذا كانت المساحة تفوق 1000 هكتار، باستثناء الأراضي المخزنية (الملك الغابوي وغير الغابوي) الواقعة خارج المدار الحضري في المناطق الشمالية.





رابعا: الأملاك الجماعيـة
يقصد " بالأراضي الجماعية "، تلك الأراضي التي توجد في حوزة القبائل والسلالات، التي هي إما قبائل أو فرقة أو دواوير أو عشائر تربط بينهم روابط عرقية،أي أنها تنتمي الى أصل واحد أو سلالة واحدة. ويتم الاستغلال في إطار ملكية شائعة بين جميع أفراد الجماعة مع إمكانية توزيع حق الانتفاع فيما بينهم. كما يسهر على تدبير هذه الأملاك إما الجماعة، أي رؤساء العائلات المكونة للقبيلة أو الفرقة أو الدوار، وإما نواب الجماعة الذين ينتدبون لهذه المهمة ومجلس الوصاية وفقا للأحكام المنصوص عليها في ظهير 27/04/1919 الذي تضمن التنصيص كذلك على عدم قابلية الأملاك الجماعية للتفويت أو الحجز أو التقادم مع بعض الاستثناءات الواردة في الفصل 10 من نفس الظهير أوفي ظهائر لاحقة.
وجدير بالذكر أن تسمية جمعية المندوبين مستمدة من قانون أراضي الجموع المؤرخ في 27/04/1919 كما تم تعديله وتتميمه بظهير 06 فبراير 1963 الذي نص في فصله الثاني على أن " الجماعات الأصلية أو السلالية يمكن لها أن تنقل سلطاتها إلى أشخاص طبيعيين تختارهم بواسطة رسم عدلي أو ضمن الكيفيات الصحيحة المعمول بها، ويكون مجموع الأشخاص الذين يقع اختيارهم على هذا الشكل جمعية المندوبين أو جماعة النواب أو اللجن النيابية ".
وباعتبار وزارة الداخلية هي الوصية على هذا النوع من الأراضي، فإنها تتدخل من خلال إصدارها لمجموعة من المناشير لتحديد اختصاصات كل من الجماعة النيابية ومجلس الوصاية أهمها المنشور الوزاري المشترك بين وزير الداخلية ووزير العدل والحريات بتاريخ 12 مارس 1962 الذي نظم بدقة اختصاص الجهات المعنية للنظر في نزاعات الأملاك الجماعية.
وجدير بالذكر أن ظهير 25 يوليوز 1969 المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري، المعتبر بمثابة ميثاق الاستثمارات الفلاحية منح ذوي الحقوق الجماعيين الذين يستقرون على الأراضي الجماعية والكائنة بالدوائر السقوية صفة ملاك على الشياع، وهذا من شأنه أن يخرج هذه الأراضي من دائرة الأراضي الجماعية ويدخلها في إطار نظام الملكية الخاصة المشاعة. بل الأكثر من ذلك فقد سمح هذا الظهير للمالكين على الشياع أن يخرجوا من هذه الحالة ويفرزوا نصيبهم الخاص بهم على يد المصالح التقنية للاستثمار الفلاحي بقرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الفلاحة، شريطة ألا يقل كل جزء مفرز عن خمسة هكتارات.
خامسا: أراضـي الجيـش
يقصد بها تلك الأراضي التي منحها المخزن من أملاكه لقبائل الجيش بغاية السكنى والاستغلال على وجه الشياع في شكل حصص سميت "المخازني" وذلك مقابل خدماتهم في الجيش، ويمكن إعادة قسمتها كل سنة حسب عادات القبائل، أو بعد مرور عدة سنوات وتقدر مساحتها بحوالي ألف هكتار تقريبا.





وفي غياب أي قانون ينظم هذه الأراضي وطريقة تسييرها، فإن مديرية الأملاك المخزنية التابعة لوزارة المالية هي التي تشرف على تنظيم هذه الأراضي وكيفية استغلالها، وفق الأعراف المحلية التي تختلف بدورها من قبيلة لأخرى، وأن أي نزاع بشأنها يجعل الاختصاص منعقدا للقضاء العادي وليس للجماعات النيابية حسبما أكدته محكمة النقض في أحد قراراتها كما يلي:
"... حيث صح ما عابه السبب، ذلك إن طلب المدعين ينحصر في التمكين من واجب في حق استغلال أرض من أراضي الكيش، واستغلالها يخضع للأعراف المحلية ولا يرجع للأملاك الجماعية بصريح الفصل 16 من ظهير 27 أبريل 1919، وينعقد الاختصاص للبت في المنازعات الناشئة بين المنتفعين منها إلى القضاء العادي لتوفره على الولاية العامة ما دام أنه لا يوجد أي نص قانوني يسند الاختصاص إلى جهة قضائية أو إدارية أخرى ومحكمة القرار المنتقد حينما اعتبرت المنازعة في حق الاستغلال الذي هو موضوع الدعوى يخرج عن ولاية القضاء تكون قد أقامت قضاءها على غير أساس مما يعرضه للنقض ".
سادسا: أملاك الخـواص
هي عقارات تعود ملكيتها إلى أشخاص ذاتيين أو معنويين عن طريق الإرث أوبمقتضى مختلف أنواع التصرفات القانونية من بيع وشراء وهبة وصدقة وغيرها.
وتخضع هذه العقارات لنصوص تشريعية مختلفة تهدف في مجموعها إلى ضبط الوضعية القانونية للعقار نذكر منها:
- مدونة الحقوق العينية الصادرة بتاريخ 24/11/2011، والتي دخلت حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من تاريخ النشر أي في 24/05/2012. وقد حددت المادة الأولى منها نطاق تطبيقها حيث تطبق على العقارات المحفظة والتي في طور التحفيظ وغير المحفظة وذلك طبقا للمادة الأولى منها التي تنص حرفيا على ما يلي:
" تسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية والحقوق العينية ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار
 تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1933 (12 أغسطس 191) بمثابة قانون الالتزامات والعقود فيما لم يرد به نص في هذا القانون، فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي."
- ظهير التحفيظ العقاري الذي يحدد المسطرة الخاصة بتحفيظ العقار، ومجموع القواعد القانونية المطبقة على العقار بعد تأسيس الرسم العقاري.
- قانون الالتزامات والعقود باعتباره الإطار العام المنظم لمختلف عمليات التعاقد، وباعتباره الإطار المرجعي الذي كان يطبق على البيوع العقارية المبرمة قبل دخول مدونة الحقوق العينية حيز التطبيق.
- قواعد الفقه الإسلامي بناء على الإحالة الواردة في مدونة الحقوق العينية بخصوص ما لم يرد فيه نص.
- القانون رقم 4400 كما وقع تعديله والمنظم لعمليات بيع العقار قيد الإنجاز.
- القانون رقم 51.00 المنظم للإيجار المفضي للتملك.
خاتمة:
الملاحظ على جميع هاته الأنواع من العقارات هو تعدد الجهات الوصية على تدبير شؤونها وإدارتها ومراقبتها في غياب سياسة عقارية موحدة، حيث نجد وزارة الداخلية هي الوصية على الأملاك الجماعية، ووزارة المالية على أملاك الدولة الخاصة وأراضي الجيش، والمندوبية السامية للمياه والغابات هي المشرفة على الأملاك الغابوية، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي التي يعود لها تدبير شؤون الأوقاف العامة.

تعليقات