القائمة الرئيسية

الصفحات



موانع المسؤولية الجنائية في نظام المحكمة الجنائية الدولية pdf

موانع المسؤولية الجنائية في نظام المحكمة الجنائية الدولية






تأتي أهمية هذه الدراسة والهدف منها بأنها محاولة بحثية منهجية للكشف عن أسباب الإباحة والتبرير في نظام المحكمة الجنائية الدولية، ومعرفة الشروط القانونية الواجب توافرها للاعتداد بها في ترتيب آثارها القانونية. ومقارنتها بتلك المنصوص عليها في القانون الجنائي الوطني. بداية شكل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية حدثا بالغ الأهمية في تاريخ الإنسانية، فقد بذل المجتمع الدولي جهودا كبيرة في سبيل إيجاد آلية يمكن من خلالها ملاحقة الأشخاص المسؤولين ومعاقبتهم عن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وقد أثمرت جهود الأمم المتحدة في نهاية المطاف في التوقيع على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998م، ودخوله حيز التنفيذ عام 2002م. فمنذ ذلك التاريخ لم يعد الأشخاص ممن يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في معزل عن المسائلة الجنائية ودائرة العقاب، دون الاعتداد بأي نوع من الحصانة أو الحماية، فقد ترأست المحكمة الجنائية الدولية منظومة القضاء الجنائي الدولي وأرست مبادئه ومعالمه في إطار تكاملي مع القضاء الجنائي الوطني محفزة هذا الأخير على القيام بمسؤولياته في محاسبة كل من يعبث بسلم الإنسانية وأمنها وفي حالة عجزه أو عدم رغبته عن القيام بذلك يأتي دور المحكمة الجنائية الدولية في بسط اختصاصها ومعاقبة الجناة. 






بعد هذا التمهيد تحدثت الباحثة في الفصل الأول من هذه الدراسة عن أسباب الإباحة والتبرير المتفق عليها في القانون الجنائي الدولي، فتناولت الدفاع الشرعي باعتباره أوفر أسباب الإباحة والتبرير حظا نظرا للنص عليه في كل من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وميثاق الأمم المتحدة ومقارنته بالدفاع الشرعي في القانون الجنائي الوطني، فخلصت الباحثة إلى أن الدفاع الشرعي يعد عند تحقق شروطه القانونية سببا من أسباب الإباحة والتبرير التي يمكن الدفع بها أمام المحكمة الجنائية الدولية لإزالة الصفة الجرمية عن الفعل ورده إلى نطاق المشروعية ونفي المسؤولية الجنائية والعقاب عن مرتكبيه. والتقائه مع الدفاع الشرعي في القانون الجنائي الوطني في العديد من النقاط أبرزها استفادة المدافع من سبب الإباحة والتبرير الذي يؤمنه الدفاع الشرعي سواء كان في حالة الدفاع عن نفس المدافع أم عن غيره، إلا انه يوجد اختلاف بينهما فيما يتعلق بإباحة الدفاع الشرعي عن المال. كما تناولت الباحثة بالدراسة التدخل الدولي الإنساني باعتباره سببا من أسباب الإباحة والتبرير التي يمكن الدفع بها أمام المحكمة الجنائية الدولية شريطة أن يتم تحت مظلة الأمم المتحدة. واشتمل الفصل أيضا على دراسة حقوق المحاربين باعتبارها سببا من أسباب الإباحة والتبرير التي يمكن الدفع بها أمام المحكمة الجنائية الدولية، فالتفرقة بين المقاتل وغيره أساس تمتع غير المقاتلين بالحماية المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، وفي ذات الوقت تعد أساس استفادة المقاتلين من سبب الإباحة والتبرير التي يؤمنها حقوق المحاربين للتذرع بموجبه أمام المحكمة الجنائية الدولية لإزالة الصفة الجرمية عن الأفعال غير المشروعة التي اقتضتها طبيعة النزاعات المسلحة طالما أن تلك الأفعال لم تتخط حدود قوانين الحرب وأعرافها. 


أما الفصل الثاني فقد تطرقت فيه الباحثة إلى أسباب الإباحة والتبرير المختلف فيها في القانون الجنائي الدولي، فبعض الفقه الدولي ذهب إلى اعتبارها أسبابا للإباحة والتبرير والبعض الآخر ذهب إلى أنها تعد من قبيل أسباب امتناع المسؤولية الجنائية، لذلك عملت الباحثة على تناولها بالدراسة في هذا الفصل، فتحدثت عن حالة الضرورة وخلصت إلى عدم اعتبارها سببا من أسباب الإباحة والتبرير وإنما تعد مانعا من موانع المسؤولية الجنائية بصفتها صوره شبيهه للاكراه المعنوي المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما تحدثت الباحثة عن إطاعة أمر الرئيس الأعلى فقد ذهب الرأي الراجح في الفقه الدولي إلى عدم اعتباره سببا من أسباب الإباحة والتبرير وإنما يعتبر في بعض الحالات عذرا مخففا للعقوبة أو مانعا للمسؤولية الجنائية الدولية إذا ما كان صورة من صور الإكراه المعنوي الضاغط على إرادة المنفذ على النحو الذي يعدم الركن المعنوي للجريمة الدولية. وهذا النهج قد سارت عليه المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة "نورمبرج وطوكيو ويوغسلافيا ورواندا" غير إن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية نص صراحة على اعتبار إطاعة أمر الرئيس الأعلى سببا من أسبابا امتناع المسؤولية الجنائية في الحالات والجرائم التي حدها النظام الأساسي. وتحدثت الباحثة أيضا عن السبب الأخير الذي اختلف في اعتباره سببا للإباحة في القانون الجنائي الدولي وهو رضاء المجني عليه فهو لا يعتبر سببا للإباحة والتبرير حسب الرأي الراجح في الفقه الدولي إلا انه يمكن اعتباره عاملا مؤثرا على الركن المادي لبعض الجرائم الدولية التي لا تقوم إلا بانعدام رضاء المجني عليه فوجود هذا الرضاء يؤدي إلى عدم قيام الجريمة أصلا لانتفاء ركنها المادي وفي هذه الحالة لا يعاقب الفاعل ليس لاستفادته من سبب الإباحة والتبرير وإنما لعدم قيام الجريمة.


التحميل من هنا

تعليقات