القائمة الرئيسية

الصفحات



التدخل في الدعوى وإدخال ضامن

تدخل في دعوي وادخال ضامن

intervene in lawsuit and introduction of a guarantor - intervenir dans la procédure et la mise en place d'un garant

 التدخل في الدعوى وإدخال ضامن

التدخل في الدعوى وإدخال ضامن

محمد واصل





تقتضي المصلحة أحياناً توسيع نطاق الخصومة في الدعوى المرفوعة أمام المحكمة سواء بقبول شخص ثالث فيها بعد رفعها عن طريق ما يسمى بالتدخل الاختياري، أو بإدخال شخص ثالث فيها. إما لوجود رابطة له بالدعوى المرفوعة أو لأن مصلحة العدالة تقتضي اختصامه فيها، وهذا ما يعبر عنه بالتدخل الإجباري أو اختصام الغير.

أولاً- التدخل في الدعوى:

أجاز المشرع لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى إما طالباً الحكم لنفسه فيها بطلب مرتبط بها. كتدخل صاحب اليد في دعوى استرداد الحيازة، أو المشتري في دعوى استحقاق العين، وهو التدخل الخصامي، أو بطلب الانضمام إلى أحد الخصوم فيها للمحافظة على حقوقه عن طريق مساعدته، كالمتدخل ضد الدائن، ليعين المدين على الدفاع عن حقوقه، حتى لا يخسر المدين القضية، ويتأثر هذا بالضمان العام المقرر له.

1- أنواع التدخل:

يعد التدخل في دعوى مرفوعة وسيلة لتجنب خصومات أخرى لإمكانية نشوء نزاعات متفرعة عن النزاع المعروض فيها، لوجود رابطة بين هذا النزاع ومسائل أخرى يمكن أن تتصل به برابطة لا تقبل التجزئة، أو لأن مراكز قانونية نشأت أو ترتبت بعد نشوء الحق المطالب به في الدعوى المنظورة.

أ- التدخل الاستقلالي أو الأصلي أو الهجومي:

يقوم التدخل الاستقلالي أو الهجومي على أساس أن المتدخل يطلب الحكم لنفسه، دون أن يتبنى أي من طلبات المدعي أو دفوع المدعى عليه، بل يطالب بالحكم له بالحق موضوع الدعوى أو بحق متفرع عنه بوصفه ذي مركز مستقل في الخصومة.

كما لو طالب المشتري الأول بتثبيت ملكية عقار اشتراه المدعي في الدعوى الذي قام وسبق بوضع إشارة الدعوى على صحيفته في السجل العقاري، بالاستناد إلى أنه الأولى بالحماية لأن المشتري الثاني سيئ النية، أو التدخل في دعوى منظورة بمادة تعويض عن فعل ضار للمطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق به من الفعل الضار ذاته، أو أنه تدخل في دعوى مرفوعة بمادة تثبيت عقد بيع كي يطالب ببطلان العقد لأن له مصلحة مرتبطة بالعقد ذاته. فالمتدخل في هذا النوع يهاجم طرفي الخصومة فيها مدعياً الحق لنفسه، ويعد هذا التدخل اختصامياً أيضاً لأن المتدخل يخاصم كل من المدعي والمدعى عليه لأنه يطالب بالحق لنفسه بمواجهتهما.

ب- التدخل الانضمامي أو التبعي:

يقتصر التدخل الإنضمامي أو التبعي على انضمام طرف ثالث غير ممثل في الدعوى إلى أحد طرفيها دون أن يطالب المتدخل بحق أو بمركز قانوني لنفسه، فهو يهدف من تدخله دعم أو تأييد طلبات المدعي أو دفوع المدعى عليه لذلك يسمى بالتدخل التبعي أو الدفاعي، وقد يقصد المتدخل من تدخله الاحتفاظ بحق أو الإبقاء على مركز قانوني تحصل عليه من أحد الطرفين، أو للحفاظ على أموال مدينه باعتبارها تشكل ضماناً عاماً للوفاء بديونه، كما لو تدخل الضامن إلى جانب المضمون ليساعده في كسب الدعوى كي يتجنب تحمل الخسارة والرجوع عليه بالدين المضمون، وكذلك تدخل البائع إلى جانب المشتري في نزاع يتعلق بالمبيع بين المشتري وشخص آخر كي لا يعود المشتري على البائع في حال استحقاق المبيع كلاً أو جزءاً. لذلك لا يجوز للمتدخل المنضم لأحد الأطراف أن يتقدم بطلبات تغاير طلبات الخصم الذي تدخل لتأييده، وذلك تقتصر وظيفة المحكمة في تدخل الانضمام على الفصل في موضوع الدعوى الأصلي، كما لا يحق لطالب التدخل المنضم لأحد الأطراف أن يتقدم بطلبات جديدة في الاستئناف تخالف الطلبات التي طالب بها من انضم إليه، وإذا كانت الدعوى في الأصل مفتقرة إلى الصفة والمصلحة والدليل، فإنها تكون غير صحيحة. ولا يصححها تدخل من آخر إلى جانب المدعي.

2- إجراءات وشروط التدخل:

يقدم طلب التدخل باستدعاء يبلغ للخصوم قبل موعد الجلسة، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة، ولكن إذا فتح باب المرافعة جاز التدخل فيه، وكذلك الأمر إذا أعيد الحكم منقوضاً من محكمة النقض؛ لأنه يجوز التدخل في الدعوى لأول مرة أمام محكمة الاستئناف مادام من حق المتدخل التقدم باعتراض الغير وفق أحكام المادة (239) أصول، وإن وجود دعوى استحقاق على المتدخل لا يحجب عنه حق التدخل دفاعاً عن مصالحه، إلا أن عدم استئناف المتدخل الحكم الصادر برد تدخله شكلا أو موضوعا إنما يمنعه من التدخل من جديد في الاستئناف المرفوع في الدعوى الأصلية، ذلك أنه يجب على المتدخل وقد أصبح طرفا في الخصومة التي فصل فيها الحكم الابتدائي ولو كان تدخله إنضمامياً أن يسلك سبيل الطعن في ذلك الحكم، وإن طلب التدخل المقدم بموجب مذكرة ودون أداء رسم الطابع ورسم القيد باطل لأن المتدخل يعد مدعياً، وقانون الرسوم والتأمينات لا يجيز قيد الدعوى قبل دفع الرسم وإلصاق الطوابع القانونية، ويكفي أن تتوافر للمتدخل المصلحة الواجبة لرفع دعوى مستقلة في الحق الذي يطالب الحكم له به سواء كان هذا الحق محل الدعوى الأصلية أو مرتبطا به، أي لا يشترط أن يكون الحق الذي يدعيه المتدخل هو نفس الحق محل النـزاع، وإنما يكفي وجود ارتباط بين الطلبين يبرر عرضهما على نفس المحكمة، كما يكفي للمتدخل أن يكون الحق الذي يدعي به مرتبط بموضوع الدعوى الأصلية القائمة بين طرفي الخصومة ويشكل جزءاً من ذات الموضوع المعروض على المحكمة.

3- آثار التدخل:

لا يترتب على طلب التدخل بنوعيه إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى توافرت أسباب الحكم فيها، ويجب أن تحكم المحكمة على وجه السرعة في كل نزاع يتعلق بقبول طلب التدخل شكلاً، كما تحكم المحكمة في موضوع طلب التدخل مع الدعوى الأصلية ما لم تر ضرورة التفريق بينها، إلا أنه وإن كان لا يترتب على التدخل أرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى توفرت أسباب الحكم فيها وإن كان للمحكمة التفريق بين طلبات التدخل، وبين طلبات الدعوى الأصلية بمقتضى المادة (162) من قانون أصول المحاكمات، إلا أن هذا التفريق أو الفصل في الدعوى الأصلية لا يستدعي رد الدعوى المتقابلة المدفوع عنها الرسوم شكلا لمجرد جاهزية الدعوى الأصلية للحكم، إذا لم يكن ثمة مانع قانوني أو شكلي يحول دون قبول الدعوى الأصلية أو طلب التدخل.





ثانياً- الإدخال أو اختصام الغير:

يطلق على الإدخال مفهوم اختصام الغير أو التدخل الجبري ، حيث لا يقوم الغير اختياراً بطلب التدخل في دعوى مرفوعة ، بل يرغم على أن يكون خصماً فيها دون إرادته بل وعلى الرغم من معارضته، وحتى أمام محكمة غير محكمته استناداً إلى نظرية الارتباط بين الدعاوى تحقيقاً لفائدة الخصوم ولمصلحة العدالة منعاً من قيام نزاع جديد، أو لعدم الاحتجاج بالحكم الصادر بمواجهة المدخل لكونه لم يكون خصماً أو طرفاً فيه، أو لممارسة حق الدفاع.

1- أنواعه الإدخال أو الاختصام:

يُعَدُّ الإدخال نوعاً من الطلبات العارضة ، أو شكلاً من الإجراءات القضائية التي تستدعيها العدالة، ويمكن أن يكون الإدخال بناء على طلب أحد الخصوم ، أو بناء على أمر من المحكمة.

أ- الاختصام أو الإدخال بناء على الطلب:

يصح اختصام الغير عن طريق الإدخال في دعوى مرفوعة إذا كان يصح اختصامه فيها ابتداءً عند رفعها، فلقد منح المشرع لصاحب المصلحة رخصة بسلك طريق مختصرة في أن يتقدم بطلب أو باستدعاء إلى المحكمة يُعَبِّرُ فيها عن إرادة جدية بمخاصمة من لم يخاصم بالدعوى عند رفعها، وبالتالي لا يجوز طلب الإدخال الشفهي، أو بناء على الطلب على محضر الجلسة، إلا أن هذه الرخصة مشروطة بموافقة المحكمة؛ لأن الصفة الأصلية في المخاصمة قد تتوفر في أكثر من شخص كما لو كانت تقوم بينهم رابطة تضامن، وقد اختار المدعي أحدهم ليقيم الدعوى عليه، كما أنه يمكن اختصام المتضامنين الآخرين بناء على طلب المدين، وقد يكون المطلوب إدخاله الأكثر ملاءة من الناحية المالية؛ لذلك، يلزم في جميع الأحوال لقبول طلب الإدخال وجود ارتباط بينه وبين الدعوى الأصلية، ويتحقق هذا الارتباط عند وجود المصلحة من جهة إضافة إلى أن يكون المطلوب إدخاله من الأشخاص الذين كان يصح مخاصمتهم بالدعوى عند رفعها، وتعد دعوى الضمان الفرعية الشكل النموذجي لإدخال الغير في دعوى منظورة؛ حيث يقوم مفهوم الضمان على التزام الضامن حماية المضمون بمواجهة طرف ثالث يمكن أن يقيم عليه دعوى المسؤولية بصدد حوادث معينة كما هو الحال في التزام شركات التأمين بتغطية المسؤولية الناجمة عن حوادث المرور، وكذلك الأمر في جميع دعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المضمونة بكفالة عينية أو شخصية، وبمقتضى ذلك فإنه يكون من حق المضرور في حوادث المرور، وكذلك الدائن في الدين المضمون أن يوجه الخصومة على المسؤول أو المدين مباشرة، ويمكن أن يرفعها بمواجهة الضامن بصفة دعوى أصلية، إذا صادف أن أقام المضرور أو الدائن المضمون الدعوى على المسبب المسؤول، أو على المدين، فإنه يكون من حق هذا، أن يطلب إدخال الضامن في الدعوى كي يقود الدفاع معه من جهة، ولكي يتحمل نتيجة الحكم عند خسارة الدعوى، وأن الأفضل له أن يلجأ إلى الدعوى الفرعية عن طريق الإدخال وألا ينتظر الفصل في الدعوى ثم اللجوء إلى الضامن ليطالبه بالضمان في حدود الالتزام الذي حكم عليه به. كما أنه من مصلحة المتبوع ومن مصلحة الضامن إذا رفعت عليه الدعوى استناداً إلى عقود الضمان أن يطلب إدخال المسؤول أو المدين في الدعوى عن طريق دعوى الضمان الفرعية التي تخوله الحق بالرجوع على المضمون في بعض الحالات وكل ذلك دون الحاجة إلى دعوى جديدة ، وإن جرت العادة أن الذي يستعمل دعوى الضمان الفرعية هو المدعى عليه وليس المدعي، ويتعين على المحكمة أن تفصل في الدعوى الأصلية وفي طلب الضمان بحكم واحد كلما أمكن ذلك.

ب- الاختصام أو الإدخال بناء على أمر المحكمة:

أجاز المشرع إدخال الغير أو اختصامهم في دعوى مرفوعة لمصلحة العدالة أو من أجل إظهار الحقيقة، وهذا يتمشى مع الدور الإيجابي التي يتولاه القاضي في إدارة دفة القضاء بما يؤدي إلى العدالة خلافاً للقاعدة التي تقضي بحرية المدعي اختيار من يخاصمه، فالمحكمة تأمر بإدخال طرف ثالث في الدعوى لمصلحة العدالة عندما يكون الهدف من الإدخال هو صدور الحكم بمواجهته كي يكون حجة له أو عليه تفادياً لتناقض الأحكام ومنعاً من إثارة نزاعات جديدة أمام القضاء، لوجود ارتباط بن الإدخال وبين موضوع النزاع المطروح في الدعوى، أو لحماية الغير من ضرر يلحق به من احتمال قيام تواطؤ بين الخصوم الأصليين في الدعوى المنظورة، كما لو أقيمت دعوى تثبيت بيع عقار بين شخصين وكان يوجد على صحيفة العقار إشارة لصالح أحد الأشخاص ترجح أن له حقاً على العقار محل البيع، وكذلك حق المدعى عليه في إدخال البائع السابق للعقار والذي أعطاه حق الانتفاع بالعقار للرجوع عليه بما سيحكم به للمدعي باعتباره ضامناً. واختصام الغير بناء على أمر من المحكمة لا يستلزم بالضرورة قيام رابطة بين الإدخال والدعوى، بل يمكن أن يكون بناء على ملاحظة المحكمة أن أحد الأشخاص كان مختصماً في الدعوى في مرحلة سابقة، أو لأن المحكمة ترى أن مصلحة العدالة تتحقق بوجود مصلحة للمدخل لأن الطلبات المرفوعة في الدعوى قد تمس حقوقه. وعلى هذا لا يصح اختصام الغير سواء بناء على طلب الخصوم أو بأمر من المحكمة إلا أمام محاكم الدرجة الأولى. كما يكون الإدخال بناء على أمر من المحكمة لإظهار الحقيقة، كما لو قررت المحكمة إدخال طرف ثالث فيها لإبراز ورقة أو سند موجود تحت يديه، ومن شأنه أن يظهر حقوق الخصوم فيها، والإدخال لإظهار الحقيقة جائز أمام محاكم الأساس سواء منها محاكم الدرجة الأولى أو محاكم الاستئناف بعكس الإدخال لمصلحة العدالة الذي لا يجوز إلا أمام محاكم الدرجة الأولى، وإن مصطلح إظهار الحقيقة مرن بحيث يسمح للمحكمة استعماله في ضوء وقائع كل نزاع وبذلك يتم رسم حدود العدالة التي تقتضي المصلحة بيانها، وإن كان هذا الأمر يمارس في أضيق الحدود.

2- إجراءات الإدخال:

يقضي المبدأ القانوني أنه للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها، ويقدم طلب الإدخال باستدعاء أو بمذكرة، ولا يصح تقديمه بطلب عارض على محضر الجلسة ، ويجب أن يبلغ من يطلب إدخاله صورة الطلب ويدعى للمحاكمة في الموعد المحدد لذلك مع مراعاة مواعيد الحضور ومهل المسافة، وأن طلب إدخال خصم في الدعوى ممن يصح اختصامهم فيها بصورة مستقلة ملزم للمحكمة وليس لها سلطة جوازيه في ذلك، ويتوجب في حال تقرير إدخال خصم بالدعوى عدم فصلها قبل اكتمال الخصومة بمواجهة المدخل، وإن عدم معالجة صحة إجراءات التقاضي في المرحلة الثانية من التقاضي بالرغم من إثارتها في لائحة الاستئناف يجعل الحكم الصادر سابق لأوانه ومستوجب للنقض، ويجوز بعد نقض الحكم إدخال من كان يصح اختصامه فيها عند رفع الدعوى (المادة 151 أصول) ولا محل لتطبيق المادة (239) أصول المتعلقة بطلبات الإدخال أمام محكمة الاستئناف حصراً.

مراجع للاستزادة:

- أحمد أبو الوفا، التعليق على قانون المرافعات المصري، ج1 (منشأة المعارف، الطبعة الثالثة، الإسكندرية 9791).

- أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار النهضة العربية، القاهرة 1990).

- أحمد الهندي، أصول قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار الجامعة الجديدة، كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، الإسكندرية 2002).

- إدوار عيد، موسوعة أصول المحاكمات ، الأجزاء 1 و2 و3 و4 (1978-1986).

- رزق الله إنطاكي، أصول المحاكمات المدنية والتجارية (الطبعة الرابعة، مطبعة الإنشاء،ـ دمشق 1961).

- رمزي سيف، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة (8) (دار النهضة العربية، القاهرة 1965).

- فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني (ج1) (دار النهضة العربية، القاهرة 1992).

- محمد وعبد الوهاب عشماوي، قانون المرافعات في التشريع المصري والمقارن، ج1 (مكتبة الأدب، القاهرة 1957، ص 4).

- محمود محمد هاشم، قانون القضاء المدني -ج1 (دار الفكر العربي، القاهرة 1981).

- وجدي راغب،ـ مبادئ القضاء المدني، طبعة1 (دار الفكر العربي، القاهرة 1986).

- نبيل إسماعيل عمر، أصول المرافعات المدنية والتجارية (منشأة المعارف، الإسكندرية 1986.
المصدر: http://arab-ency.com

تعليقات