اختصاص في قانون خاص
jurisdiction in private law - compétence en droit privé
الاختصاص في القانون الخاص
الاختصاص في القانون الخاص
محمد واصل
يُعـرَّفُ اختصاص القضاء العادي La compétence judiciaire بأنه سلطة المحاكم الخاضعة لقانون السلطة القضائية بنظر الدعوى المرفوعة إليها سواء تعلق ذلك بنوع الدعوى أم بقيمتها، أم بمكان رفعها.
أولاً- الاختصاص النوعي للمحاكم:
يفيد الاختصاص النوعي بتحديد المحكمة المختصــة بحسب نوع الدعوى أو طبيعتها، حيث حدد المشرع أنواعاً معينة من الدعاوى المستمدة من موضوعها وجعل كلاً منها من اختصاص إحدى المحاكم التي نص عليها قانون السلطة القضائية وقانون أصول المحاكمات.
1- الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح: تنظر محكمة الصلح في دعاوى محددة مستمدة من طبيعة الحق الذي تحميه على سبيل الحصر بغض النظر عن قيمة المدعى به فيها، وإذا اجتمعت في الدعوى طلبات من اختصاص قاضي الصلح وأخرى غير داخلة في اختصاصه وجب أن يبت فيما هو من اختصاصه فقط وأن يقرر عدم الاختصاص بما سواه. إلا إذا كانت التجزئة غير ممكنة عندئذٍ يحكم بعدم الاختصاص، وتختص محكمة الصلح اختصاصاً نوعياً شاملاً بغض النظر عن قيمة النزاع وفق قانون أصول المحاكمات والقوانين الخاصة بالآتي:
أ- المنازعات الإيجارية: تختص محكمة الصلح بكل المنازعات الإيجارية سواء تعلقت بعقار أم بمنقول، وسواء منها المنازعات التي تقع على تنفيذ عقد الإيجار أم على بدله مهما بلغ مقداره، وعلى صحة عقد الإيجار مهما كانت قيمة المدعى به، أو الأعطال التي لحقت بالعين المأجورة في أثناء استعمالها خلال مدة الإيجار وتحديد مسؤولية المستأجر عنها بوصفه نزاعاً على تنفيذ عقد الإيجار، ولو كان العقار السكني المأجور مبنياً على أرض زراعية، وأجر المثل إذا تعلق بعقار، ولا يعد أجر المثل المحكوم به بمنـزلة أجر مسمى، أما أجر مثل المنقول فيخضع للقواعد العامة، وقد وضعت محكمة النقض السورية مجموعة من المبادئ لضبط الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح.
ب- منازعات العمل: تختص محكمة الصلح اختصاصاً شاملاً في الدعاوى المطالبة بأجور الخدم والصناع والعمال، كما تختص في الفصل في الدعاوى التي تقام من العمال أو من أرباب العمل على مؤسسة التأمينات الاجتماعية. أما دعاوى الاستحقاق على الأموال المحجوزة أو دعاوى الغير من مسببي إصابات العمل الذين تحل المؤسسة بمواجهتهم بما تكلفته على العمال المصابين فتطبق عليها القواعد العامة المتعلقة بالاختصاص. فهي تختص بدعاوى فسخ عقد العمل بوصفه محدد المدة، كما يدخل في اختصاصها المنازعات التي تقع بين العامل وصاحب العمل التي تستمد أصولها في عقد العمل المشمول بقانون العمل على ضوء الأحكام الواردة في القانون المذكور أو في القانون العام التي لا تعارض أحكام القانون الخاص.
ج- الخلافات الزراعية والتعويض عن الأضرار الزراعية: تختص محكمة الصلح اختصاصاً نوعياً شاملاً بجميع الدعاوى المتعلقة بالخلافات الزراعية الناشئة عن استثمار الأرض الزراعية التي لا تتعلق بالملكية مهما كانت صفة أطراف الخلاف ونوع علاقاتهم التعاقدية بما في ذلك الدعاوى المتعلقة بعلاقات المغارسة والضمان وبيع الثمار والحاصلات الزراعية، إلا أنها لا تختص بالعلاقة العقدية وغير العقدية بين الدولة والأشخاص على أراضي أملاك الدولة وأراضي الإصلاح الزراعي، والعلاقة العقدية وغير العقدية بين المنتفعين بأراضي أملاك الدولة أو أراضي الإصلاح الزراعي والغير إلاّ إذا كان الغير عاملاً زراعياً أو متعاقداً لعمل زراعي معين مع المنتفع، والاستثمارات العائلية القائمة بين أفراد العائلة الواحدة وهي الاستثمارات الزراعية التي يعمل فيها صاحب العمل الزراعي وأفراد عائلته بصورة مشتركة. وتشمل العائلة: الزوج والزوجة، والأصول والفروع، والإخوة والأخوات وأولادهم، والأصهار وتختص أيضاً اختصاصاً شاملاً بدعاوى التعويض عما يصيب أراضي الزراعة أو المحصولات أو الثمار من ضرر بفعل إنسان أو حيوان مهما بلغت قيمة المدعى به.
د- الدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه وتطهير القنوات والمجارير: تختص محكمة الصلح بكل المنازعات المتعلقة بكيفية ومدى الانتفاع بمياه الينابيع الطبيعيـة والمساقي الطبيعية أو الاصطناعية، والآبـار الارتوازية، وتلك المتعلقة بصيانتها وإدارتها، سواء كانت ملكيتها مشتركة، أم كانت حقوق ارتفاق قانونية أو طبيعية، أو تعاقدية، وسواء تعلقت الدعاوى بأصل الحق أو بالحيازة، أم بالتعويض عن الاعتداء الواقع عليها، أما إذا لم يتعلق النزاع بالانتفاع بالمياه وتطهير القنوات والمجارير، بل بالملكية فترفع الدعوى بحسب الاختصاص القيمي، أما المنازعات المتعلقة بالحقوق الواردة على المياه فهو من اختصاص لجنة خاصة إذا لم يتناول مسألة الانتفاع بها.
هـ - دعاوى قسمة المال الشائع: تختص محكمة الصلح بدعاوى قسمة المال الشائع، باستثناء المنازعات التي تدخل في اختصاص لجنة إزالة الشيوع. أما المنازعات التي يمكن أن تنشأ عن القسمة الرضائية أو الاتفاقية فإنها تخضع لقواعد الاختصاص القيمي على أساس قيمة المعقود عليه.
و- الدعاوى المتعلقة بحقوق الارتفاق: تختص محكمة الصلح في الدعاوى المتعلقة بإحداث حق الارتفاق التعاقدي واستعمال حقوق الارتفاق الطبيعية والقانونية والتعاقدية وجميع المنازعات الناشئة عن هذه الحقوق بشرط ألا تكون الملكية وأصل الحق موضوع نزاع، ويدخل في ذلك ترقين حقوق الارتفاق، ويدخل أيضاً في اختصاصها قيام مالك الطابق الأرضي مع الفسحة السماوية بحجب حق الطابق الأعلى بالنور والهواء من تلك الفسحة، ولو كان المالك لديه رخصة من البلدية بالبناء في تلك الفسحة.
ز- الدعاوى المتعلقة بالحدود والمسافات: يدخل في الاختصاص الشامل لمحكمة الصلح كل الدعاوى المتعلقة بتعيين الحدود وتقدير المسافات المقررة بالقوانين والقرارات أو العرف، فيما يتعلق بالأبنية أو المنشآت الضارة أو الغرس إذا لم تكن الملكية أو أصل الحق محل نزاع وذلك في ضوء الخرائط «الطبوغرافية» والمساحية الموضوعة والمحددة لذلك. ويدخل في شمول الاختصاص المنازعات الناجمة عن أبنية أو منشآت قد تلحق ضرراً بالجوار بسبب الإزعاج أو الخطورة الضارة بالصحة، كبناء الحظائر التي تنبعث منها الرائحة الكريهة، أو الأفـران التي تنبعث منها الحرارة، أو دور السينما التي يخرج منه الضجيج، أو غيرها من المنشآت، عندما لا يكون أصل الملكية، أو الحق المترتب عليه محل نزاع فعندئذٍ تخرج من الاختصاص النوعي إلى الاختصاص القيمي.
ح- دعاوى إدارة الملكية الشائعة والمنازعات المتعلقة بشأنها: يدخل في الاختصاص النوعي الشامل لمحكمة الصلح كل المنازعات المتعلقة بإدارة الملكية الشائعة مهما كان سبب الشيوع أو نوعه، سواء كان الشيوع عادياً أم جبرياً، وعلى ذلك فإن المنازعة المتعلقة باستعمال أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك تدخل في اختصاص قاضي الصلح الشامل.
ط- دعاوى الحيازة: تختص محكمة الصلح اختصاصاً نوعياً شاملاً بدعاوى الحيازة، وقد حدد المشرع السوري ثلاثة أنواع من دعاوى الحيازة؛ هي دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة.
ي- دعاوى الأحوال المدنية: تختص محكمة الصلح اختصاصاً نوعياً شاملاً بجميع المنازعات المتعلقة بتصحيح قيود الأحوال المدنية في السجل المدني أو تعديلها، سواء تعلقت تلك الأحوال بواقعات الولادة أو الزواج أو الوفاة، أو تغيير الاسم الشخصي أو العائلي أو اللقب أو النسب أو تصحيحها، أو تغيير الدين أو المذهب، من دون أن يمتد الاختصاص إلى الموضوع إلا بالقدر الذي يسمح للقاضي التثبت من صحة الوقائع أو المستندات التي تسمح بإجراء التصحيح أو التعديل، ويدخل في مسائل الأحوال المدنية حصر الإرث القانوني المتعلق بانتقال الحقوق غير المنقولة والمتعلق بالأراضي الأميرية.
2- الاختصاص النوعي لمحكمة البداية: تختص محكمة البداية اختصاصاً نوعياً شاملاً بكل دعوى ليست من اختصاص محكمة أخرى سواء تعلق الأمر بالاختصاص الولائي أم النوعي، حيث يدخل في اختصاصها كل منازعة مهما كان نوعها أو مقدارها مالم يخرجها القانون منه بنص خاص، ومن الدعاوى التي تختص بها اختصاصاً نوعياً شاملاً على سبيل المثال الآتي:
أ- الدعاوى المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات الأجنبية: أعطى المشرع السوري صلاحية الحكم بتنفيذ السندات التنفيذية الأجنبية سواء كانت أحكاماً أم سندات رسمية في سورية لمحكمة البداية المطلوب تنفيذ تلك الأحكام والسندات في دائرتها. وذلك عن طريق الدعوى، وبشرط المعاملة بالمثل، مع الإشارة إلى أنه في حالة وجود معاهدات ثنائية أو دولية تتعلق بتنفيذ تلك السندات طبقت أحكام الاتفاقية عملاً بمبدأ سمو المعاهدة على التشريـع الداخلي.
ب- الدعاوى المتعلقة بالشركات التجارية: تفصل محكمة البداية المدنية التي يقع في دائرتها سجل الشركات في غرفة المذاكرة في كل خلاف يقع بين أصحاب العلاقة وأمين هذا السجل بقرار مبرم تصدره خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ اكتمال الخصومة في الدعوى، وتكون محكمة البداية المدنية التي يقع مركز الشركة في دائرة اختصاصها المكاني هي المحكمة المختصة للفصل في جميع المنازعات التي تنشأ بين الشركاء أو بينهم وبين القائمين على إدارتها، أو التي تنشأ عن علاقة الغير بالشركة، أو في أي نزاع آخر يتعلق بأمور الشركة ونشاطها.
ج- دعاوى الإفلاس والصلح الواقي: تختص محكمة البداية اختصاصاً شاملاً بدعاوى الإفلاس والصلح الواقي من الإفلاس مهما كانت قيمة النزاع، سواء تعلقت تلك الدعاوى بتاجر صغير أم بشركة تجارية كبيرة. ويكون اختصاصها شاملاً في كل المنازعات التي سببها أو منشؤها الأحكام الخاصة بالصلح الواقي من الإفلاس والإفلاس المنصوص عليهما في قانون التجارة بدءاً من دعوة الدائنين وتعيين وكيل التفليسة ومروراً بإدارة التفليسة حتى إقفالها بالتصديق على الصلح، أو بالتصفية وتوزيع الديون.
د- دعاوى العاملين في الدولة: تختص محكمة البداية اختصاصاً نوعياً حصرياً شاملاً بجميع الدعاوى الناشئة عن تطبيق قانون العاملين الأساسي في الدولة وعلى سبيل الولاية الاستثنائية، وذلك إلى حين إنشاء المحاكم الإدارية وفقاً لأحكام المادة (160) بدلالة المادة (143) من القانون المذكور، وبالتالي فإن الأحكام الصادرة عن محكمة البداية بهذه الصفة تخضع للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
وبعد صدور القانون 77 لعام 2002 أصبحت محكمة القضاء الإداري هي الجهة المختصة للنظر في قضايا العاملين لدى شركات عقود الخدمة في عمليات التنقيب عن النفط وإنتاجه واستخراجه… إلخ (مثل شركة الفرات للنفط، وشركة دير الزور، وشركة حيان… إلخ).
هـ- منازعات الضرائب: تختص محكمة البداية على سبيل الولاية الاستثنائية بجميع منازعات الضرائب إذا كان مبلغ التكليف الضريبي لا يزيد على مئة ألف ليرة سورية، ويطعن في أحكامها أمام المحكمة الإدارية العليا.
و- دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب: تختص محكمة البداية اختصاصاً نوعياً شاملاً بدعاوى الأحوال الشخصية للأجانب الذين يخضعون في بلادهم لقانون مدني سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين. وإذا أقيمت هذه الدعوى أمام المحكمة الشرعية فعلى القاضي أن يحكم برد الدعوى لعدم الاختصاص من دون الإحالة إلى المحكمة المختصة؛ لأنه لا يملك قانوناً سلطة الإحالة في عدم الاختصاص النوعي.
ز- الاختصاص في الطلبات العارضة والمرتبطة: تختص محكمة البداية بالطلبات العارضة التي يجوز تقديمها من المدعي أو المدعى عليه بعد رفع الدعوى مهما كان موضوعها أو نوعها، ولو كانت تدخل في الاختصاص النوعي أو القيمي لمحكمة الصلح؛ لأن من يملك الأكثر يملك الأقل.
3- الاختصاص النوعي للقضاء المستعجل: يعد القضاء المستعجل مؤسسة قانونية مهمة وخطيرة وذات طبيعة خاصة، تنظر قي بعض المنازعات المستعجلة أو المؤقتة من دون المساس بأصل الحق أو من دون أن تغير بصورة نهائية المراكز القانونية للخصوم. وعدَّ اختصاصه من النظام العام لا يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفته، ويباشر هذه الوظيفة قاضي محكمة البداية، و يباشر اختصاصه قاضي الصلح تبعاً للاختصاصات الأخرى الكثيرة التي يقوم بها وذلك في المناطق التي لا توجد فيها محكمة بداية، كما يمكن أن يكون قاضي الموضوع قاضياً للأمور المستعجلة إذا قدمت إليه تبعاً لدعوى الموضوع، والمسائل المستعجلة هي التي يخشى عليها من فوات الوقت، ويجوز أن تكون الدعوى مستعجلة بحكم القانون، أو بتقدير القضاء.
4- الاختصاص النوعي لمحكمة الاستئناف: تفصل محكمة الاستئناف في القضايا التي تقبل الاستئناف، وفي القضايا التي هي من اختصاصها بمقتضى القوانين النافذة، وعلى ذلك تختص محكمة الاستئناف بالاستئناف الذي يرفع إليها بشأن أحكام محكمة الصلح التي تزيد فيها القيمة على ألف ليرة سورية وتقبل الطعن بالاستئناف، وبالاستئناف الذي يرفع إليها بشـأن الأحكام الصادرة بالدرجة البدائية وبالحكم في جميع القضايا التي يرد عليها نص خاص في القانون، وبالاستئناف الذي يرفع إليها بشأن الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة التي تقبل الاستئناف أياً كانت المحكمة التي أصدرتها، وبقضايا التنفيذ وتبت المحكمة المختصة بهذا الاستئناف قراراً لا يقبل أي طريق من طرق الطعن، والنظر في دعوى رد القضاة إذا كان القاضي المطلوب رده قاضياً في محكمة الصلح، أو في محكمة بداية أو في محكمة استئناف، أو قاضياً عقارياً أو أحد ممثلي النيابة العامة الاستئنافية عندما يكون خصماً منضماً، وبدعوى المخاصمة المرفوعة على سائر القضاة في محكمة الصلح أو المحكمة البدائية وممثلي النيابة الآخرين في المنطقة الاستئنافية التي يتبعون لها، وتختص بجميع الاستئنافات التي تدخل في اختصاصها بموجب قوانين خاصة، مثل أحكام لجان إزالة الشيوع وقرار مجلس فرع نقابة المحامين بتقدير الأتعاب، وأحكام القضاء العقاري… إلخ.
5- الاختصاص النوعي لمحكمة النقض: تُعدُّ مبدئياً محكمة النقض محكمة قانون وليست محكمة موضوع وبالتالي فهي ليست درجة من درجات التقاضي، ومع ذلك تختص الهيئة العامة في محكمة النقض بالفصل في الدعاوى التي يقدمها قضاة الحكم والنيابة العامة بإلغاء المراسيم الجمهورية والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شؤون القضاة، وبالدعاوى الخاصة بالمرتبات ومعاشات التقاعد والتعويضات المستحقة لهم أو لورثتهم، في طلبات التعويض الناشئة عن كل ذلك، إلا أن القرارات الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى بشأن التعيين والترقية والنقل والندب والتأديب مبرمة لا تخضع للطعن أمام هيئة أخرى، وبدعاوى المخاصمة المرفوعة على قضاة محكمة النقض وممثلي النيابة العامة أمامها، وبالدعاوى الجزائية المرفوعة على القضاة بالجرائم التي يرتكبونها في أثناء قيامهم بالوظيفة أو خارجها. ومع ذلك تصبح محكمة النقض محكمة موضوع في الأحوال الآتية:
أ- مخاصمة قضاة محكمة الاستئناف والنائب العام الاستئنافي. وتختص الغرفة المدنية بالنظر في هذه الدعوى، طبقاً لأحكام المادة 490/2 أصول.
ب- الطعن للمرة الثانية في المسألة ذاتها.
ج- نقل الدعوى في حال ما إذا تعذر تشكيل المحكمة لأسباب قانونية، أو بسبب الإخلال بالأمن.
ثانياً: الاختصاص القيمي للمحاكم:
يعرَّف الاختصاص القيمي بأنه دليل تحديد المحكمة المختصة في ضوء قيمة النـزاع أو قيمة الطلبات في الدعوى المرفوعة، ومعياره إما أن يكون بالنص حصرياً على اختصاص محكمة معينة بذاتها دون غيرها، وإما على أسـاس قيمة النـزاع المطروح في الدعوى، ولا يتم البحث في الاختصاص القيمي قبل البحث في الاختصاص النوعي، فإذا كانت الدعوى لا تدخل في اختصاص محكمة معينة وفق القائمة التي سبق بيانها يتم البحث في قواعد تحديد الاختصاص القيمي وفق الآتي:
1- الاختصاص القيمي بين أنواع المحاكم: يُميز في تحديد الاختصاص القيمي بين محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الدرجة الثانية، وبالتالي فإن الاختصاص القيمي من حيث المبدأ فيما يتعلق بدرجـات المحاكم من النظام العام، ويمكن للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها.
أ- الاختصاص القيمي لمحكمة الصلح: تختص محكمة الصلح قيمياً بالدعاوى الشخصية والعينية المدنية والتجارية المنقولة أو العقارية التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف ليرة سورية، ويكون حكمها نهائياً ومبرماً ويتمتع بقوة القضية المقضية إذا كانت القيمة في الدعوى لا تزيد على ألف ليرة سورية. وتعد الدعوى من اختصاص المحكمة المذكورة إذا لم تكن قد حددت القيمة فيها ابتداءً، ولم يدفع بعدم الاختصاص القيمي، حيث تعد قيمتها دون المبلغ المحدد للاختصاص، ولا يجوز لها أن تحكم بأكثر من ذلك، وإن العبرة في تقدير القيمة هي لما يطلبه المدعي وليس لما تحكم به المحكمة. كما تختص محكمة الصلح بالحكم في طلب الضمان وفي سائر الطلبات الفرعية والعارضة على الدعوى الأصلية ولو كانت قيمة هذه الطلبات تتجاوز نصاب اختصاصها.
ب- الاختصاص القيمي لمحكمة البداية: تختص محكمة البداية اختصاصاً شاملاً بالحكم بدرجة بدائية في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي تزيد فيها القيمة على الاختصاص القيمي لمحكمة الصلح، وفي كل دعوى ليست من اختصاص محكمة أخرى، كما تختص بكل دعوى غير مقدرة القيمة.
ج- الاختصاص القيمي لمحكمة الاستئناف: تعد محكمة الاستئناف درجة ثانية من درجات التقاضي، ويحدد الاختصاص القيمي لها في ضوء تحديد الأحكام الصادرة عن محكمة الصلح ومحكمة البداية، ومدى قابليتها للاستئناف، حيث تقدر قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الاستئناف على أساس قيمة الدعوى يوم رفع الاستئناف ولا يدخل في التقدير ما يكون مستحقاً من الفوائد والتعويضات والمصاريف وغيرها من الملحقات.
2- القواعد العامة في تحديد قيمة الدعوى: يتم تحديد المحكمة المختصة بين محاكم الدرجة الأولى من درجات التقاضي في ضوء قيمة الدعوى؛ فلذلك وضع المشرع مجموعة من القواعد أو الأسس العامة لتحديد قيمة الدعوى من أجل تحديد الاختصاص هي:
أ- تقدر قيمة الدعوى يوم رفعها: تقدر القيمة يوم رفع الدعوى، ولا يدخل في التقدير الفوائد والتضمينات والمصاريف وغيرها من الملحقات، فلا يعتد بما يحدث من تقلبات في الأسعار أو القيم بعد رفع الدعوى سواء بالزيادة أم بالنقصان مادام المدعي لم يتقدم بطلب جديد يعدل فيه تلك القيمة، فإذا كانت الدعوى تتضمن المطالبة بمبلغ من النقود، وفي أثناء نظر الدعوى طرأ ارتفاع أو انخفاض على قيمة النقد فإن العبرة دائماً تكون للمبلغ المطالب به يوم رفع الدعوى، فمرور الزمن لايؤدي إلى تغيير المركز القائم عند رفع الدعوى.
ب- العبرة في تحديد قيمة الدعوى لطلب المدعي: يحدد المدعي طلباته في الدعوى، وفي ضوء تلك الطلبات تحدد القيمة التي يبنى عليها الاختصاص، وإذا تضمنت الدعوى طلبات أصلية متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير بحساب قيمتها جملة، فإن كانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير بحساب قيمة كل منها على حدة، ويقصد بسبب الالتزام الواقعة التي يستمد المدعي منه الحق المدعى به (منشأ الالتزام أو مصدر الالتزام) وهو العقد، الإرادة المنفردة، العمل غير المشروع، الإثراء بلا سبب، القانون، أما إذا كانت تستند إلى أسباب قانونية مختلفة قدرت قيمة كل منها على حدة، وبالتالي فإن قيمة الدعوى تحسب على أساس قيمة كل طلب على حدة.
ج- العبرة في تحديد قيمة الدعوى لجزء الحق المطالب به: تقدر قيمة الدعوى على أساس قيمة الحق المطالب به، وخرج المشرع على هذا المبدأ إذا كان المطالب به جزءاً من الحق، فعندئذٍ تقدر قيمة الدعوى بهذا الجزء إلا إذا كان أصل الحق محل نزاع فتؤخذ قيمة الحق كاملاً في معرض تحديد الاختصاص القيمي لأنه لا يمكن الفصل في الجزء دون الفصل في الكل ويشترط في المنازعة أن تكون مؤثرة وجدية.
د- العبرة في تحديد قيمة الدعوى لوحدة السبب أو تعدده: يقضي المبدأ أنه إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير بحساب قيمتها جملة، وإن كانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير بحساب قيمة كل منها على حدة، ويقصد بالسبب القانوني: الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق المطالب به، أي السبب المنشئ للالتزام (مصدر الالتزام).
هـ- العبرة في تحديد قيمة الدعوى لمصدر الالتزام: يقضي المبدأ القانوني أنه إذا كانت الدعوى مرفوعة من واحد أو أكثر على واحد أو أكثر بمقتضى سبب قانوني واحد كان التقدير بحساب قيمة المدعى به بتمامه بغير التفات إلى نصيب كل منهم، ولا تسمع دعوى واحدة على عدد من المدعى عليهم إلا إذا كانت تستند إلى سبب قانوني واحد عملاًً بالقاعدة التي تقول إنه لكل حق دعوى واحدة تحميه.
و- الاختصاص لمحكمة البداية في كل دعوى غير مقدرة القيمة: ينعقد الاختصاص القيمي لمحكمة البداية في كل دعوى غير مقدرة القيمة، وتكون الدعوى غير مقدرة القيمة عندما لا يمكن تقدير قيمتها بحسب قواعد تقدير القيمة، بحساب أن قيمتها تزيد على الاختصاص القيمي المحدد لمحكمة الصلح.
3- القواعد الخاصة في تحديد قيمة الدعوى: وضع المشرع والاجتهاد القضائي مجموعة من القواعد الخاصة بتقدير القيمة في بعض أنواع الدعاوى عندما لا يكون موضوعها مبلغاً من النقود -فتحدد كيفية تقدير قيمة العقار، وقيمة التجاوز، والقيمة في بعض أنواع العقود- وعندما لا تكون الدعوى قابلة للتقدير وفق الآتي:
أ- الدعاوى المتعلقة بإزالة التجاوز بالبناء أو الغراس: تعد الدعوى المتعلقة بإزالة التجاوز بالبناء أو الغرس حالة خاصة من الدعاوى العينية العقارية، وهي من صنع اجتهاد القضاء السوري، وتحدد قيمة الدعوى إذا كانت تهدف إلى إزالة البناء المشاد على أرض الغير، أو قلع الغراس المزروعة في تلك الأرض على أساس قيمة البناء أو الغراس المتجاوز بها بناء أو غراساً.
ب- الدعاوى العينية العقارية: وضع المشرع طريقة واضحة تحدد كيفية تحديد القيمة في الدعاوى المتعلقة بالعقارات، وبمقتضى النص القانوني فإن المدعي هو الذي يعين ابتداءً هذه القيمة في عريضة الدعوى في ضوء المستندات التي يقدمها من أجل هذه الغاية، وعند الاعتراض عليها يتم تحديد القيمة في ضوء التخمين المالي من قبل الدوائر المالية، فإن لم يوجد مثل هذا التخمين يقوم القاضي بتقديرها عن طريق الاستعانة بالخبرة الفنية، وتحدد القيمة في ضوء الأسعار الرائجة في منطقة موقع العقار مع الأخذ بالحسبان الموقع والمساحة، ومجموعة من العوامل الأخرى التي تدخل في حساب القيمة، أما إذا كانت قيمة العقار واردة في عقد بيع فإن تلك القيمة هي المعتمدة في تحديد الاختصاص.
ج- الدعاوى الخاصة بمرتب: يقضي المبدأ أنه عندما يصاب أحد الأشخاص بضرر ناجم عن حادث مرور مثلاً، أو قد يوجد اتفاق بين طرفين على التزام دفع مرتب من دون تحديد، ويقع نزاع بصدد تنفيذ الالتزام، فهو يستطيع أن يقيم الدعوى للمطالبة بالتعويض، وأن يكون مضمون الطلب الحكم بالتعويض بتخصيص مرتب، ففي هذه الحالة تحسب قيمة الدعوى على أساس أن المرتب سيكون لعشرين سنة.
د- الدعاوى المتعلقة بالمحاصيل الزراعية: يقضي المبدأ أنه في الدعوى المتعلقة بمحصول زراعي أتلف أو تم بيعه أو رهنه، وينشأ نزاع بشأنه ولا يوجد عقد أو اتفاق على تحديد القيمة عندئذٍ يصار إلى تقدير القيمة وفق السعر الرائج في الأسواق العامة المعـدة لبيع المحاصيل بتاريخ الجني أو الحصاد أو القطاف.
هـ- الدعاوى المتعلقة بطلب صحـة عقد أو إبطاله أو فسخه: يقضي المبدأ القانوني أن قيمة الدعوى المتعلقة بطلب إبطال عقد أوفسخه تقدر على أساس القيمة العقدية في جميع الدعاوى التي ترفع لتثبيت عقد وإلزام المدعى عليه مضمونه، أو بإبطال عقد من العقود المسماة أو غير المسماة لوجود خلل في أحد أركانه من محل أو رضا أو سبب، أو لوجود عيب من عيوب الرضا مثل التدليس أوالإكراه أو الغلط، أو بطلب فسخ عقد نشأ صحيحاً سليماً بأركانه وشروطه لأن الطرف الآخر أخل بتنفيذه.
و- الدعاوى المتعلقة بحجز المنقول وبالحقوق العينية التبعية: تقدر قيمة الدعوى المتعلقة بصحة حجز المنقول أو ببطلانه بين الدائن الحاجز والمدين على أساس قيمة الدين المطالب به الذي وقع الحجز لضمان الوفاء به، وتقدر الدعوى المتعلقة بالحقوق العينية التبعية من رهن تأميني أو رهن حيازي أو حقوق امتياز المقامة بين الدائن المرتهن والمدين الراهن على أساس الدين المضـمون بالرهن. أما إذا كانت الدعوى مقامة من الغير باستحقاق الأموال المحجوزة أو المحملة بالحقوق العينية التبعية فتحسب القيمة علــى أساس قيمـة المال محل الحجز أو الحق.
ز- الدعاوى المتعلقة بصحة التوقيع أو بالتزوير: تقدر قيمة دعاوى صحة التوقيع أو البصمة، وكذلك دعاوى التزوير الأصلية بقيمة الحق المثبت بالورقة المطلوب الحكم بصحة التوقيع أو البصمة عليها أو بتزويرها.
ثالثاً: الاختصاص المحـلي للمحاكم:
تهدف قواعد الاختصاص المحلي إلى تحديد أي محكمة من محاكم الدرجة الأولى يجب أن ترفع الدعوى إليها من مجموع تلك المحاكم المنتشرة في أرجاء الدولة، حيث جعل المشرع كل محكمة تختص بنزاع يقوم في دائرة أو مساحة جغرافية معينة. لذلك يتم توزيع العمل بين المحاكم ذات الطبقة الواحدة على أساس جغرافي أو إقليمي أو مناطقي، استناداً إلى قواعد الاختصاص المحلي، فمن خلال تلك القواعد تحدد كل محكمة الدعاوى التي تدخل في نطاق اختصاصها المكاني أو المحلي، ويتم ذلك وفق القواعد الآتية:
1- القواعد العامة في تحديد الاختصاص المحلي: يقوم الاختصاص المحلي للمحاكم على مجموعة من الأسس والمبادئ؛ منها قواعد وأسس عامة وأخرى خاصة، وتتصف جميعها بأنها مقررة لمصلحة المدعى عليه أو لمصلحة المدعي؛ لذلك فهي لا تتعلق بالنظام العام، ويتعين إبداء الدفع بعدم الاختصاص المحلي قبل أي دفع أو دفاع آخر وإلا سقط الحق به.
أ- المحكمة المتفق عليها: يتم تعيين المحكمة المختصة محلياً باتفاق الخصوم لأنه ليس من النظام العام، ولا يجوز إثبات الموطن المختار إلا بالكتابة، ومع ذلك يبقى الخيار أمام المدعي أن يرفع الدعـوى أمام محكمـة موطـن المدعى عليه، وعلى صاحب المصلحة أن يتمسك بالاختصاص المحلي للمحكمة المتفق عليها، وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة المرفوعة إليها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المتفق عليها.
ب- محكمة موطن المدعى عليه: تقضي القاعدة أنه في دعاوى الحقوق الشخصية، وتلك المتعلقة بمنقول أن محكمة موطن المدعى عليه هي صاحبة الاختصاص المحلي، وتقوم هذه القاعدة على افتراض براءة ذمة المدعى عليه، وأنه على المدعي أن يسعى إلى المدعى عليه حيث هو موجود منعاً من التعسف في استعمال حق التقاضي بجلب المدعى عليه إلى محكمة يختارها المدعي من منطقة بعيدة بهدف الكيد به وتكبيده مصاريف الانتقال، وقد يكون فعلاً بريء الذمة تجاه المدعي، كما تقوم على مبدأ التوازن الذي يقوم على حق المدعي في اختيار الوقت الذي يرفع خلاله الدعوى، وإجبار المدعي على الحضور أمام المحكمة، فلذلك يلزم أن يسعى المدعي إلى المدعى عليه حيث هو موجود وليس إلى المحكمة التي يختارها هو.
¯ موطن الشخص الطبيعي: يعرف موطن الشخص الطبيعي بأنه المكان الذي يقيم فيه عادة، ويمكن أن يكون للشخص أكثر من موطن أو أكثر من محل إقامة معتاد، ويمكن ألا يكون له موطن أو محل إقامة ثابت على وجه الدوام كما هو عليه الأمر عند البدو الرحل أو النَّور حيث ترفع الدعوى على هؤلاء في مكان سكنهم المؤقت، والمعتد به في تحديد الموطن أو السكن هو وقت رفع الدعوى من دون الالتفات إلى تغييره بعد ذلك.
¯ موطن الشخص الاعتباري: إن موطن الشخص الاعتباري هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته، وإن الشركات التي يكون مركزها الرئيس في الخارج ولها نشاط في سورية يعد مركز إدارتها في القانون الداخلي المكان الذي توجد فيه الإدارة المحلية، وقد اعتمد تحديد الموطن على نظرية المقر الرئيس من دون تجاهل فكرة المحطات الفرعية.
2- القواعد الخاصة في تحديد الاختصاص المحلي: يقوم المعيار في تحديد هذا الاختصاص على شخص المتخاصمين انطلاقاً من مراعاة ظروف المدعى عليه بتحميله أقل النفقات الممكنة، أو مـن موضوع النـزاع حيث وجد المشرع أن تنظر الدعوى المتعلقة ببعض المنازعات أمام محكمة معينة كمحكمة مكان وجود المال المتنازع عليه، أو من السبب المنشئ للالتزام الذي يكون محل نزاع كإعطاء الاختصاص المحلي للمحكمة التي أبرم العقد في دائرتها أو جـرى تنفيذه فيها، أو المحكمة التي وقع في منطقتها الحادث الذي أدى إلى نشوء الالتزام (محل وقوع حادث المرور).
أ- في الدعاوى العينية العقارية والشخصية العقارية: يكون الاختصاص المحلي في الدعاوى العينية العقارية و دعاوى الحيازة للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعاً في دوائر محاكم متعددة، وإذا تعددت العقارات كان الاختصاص للمحكمة التي يقع أحدها في دائرتها سواء كانت تهدف تلك الدعاوى إلى إنشاء حق عيني أم تعديله أم نقله أم استرداد العين أم حمايتها. أما الدعاوى الشخصية العقارية فهي التي تستند إلى حق شخصي بحت ويطلب فيها تقرير حق عيني على العقار أو اكتساب هذا الحق. فهي تهدف إلى إنشاء حق عيني ناشئ عن حق شخصي أو تعديله أو نقله كعقد بيع عقار قبل تسجيله، ويكون الخيار للمدعي في أن يرفع الدعوى أمام محكمة موقع العقار أو أمام محكمة موطن المدعى عليه.
ب- الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية: يكون الاختصاص المحلي في الدعاوى المتعلقة بالنفقة والحضانة والرضاع للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو موطن المدعي، وعلى هذا فإن دعوى تعديل النفقة كدعوى النفقة تقام في موطن المدعي أو المدعى عليه، وكذلك الأمر لدعوى إسقاط الحضانة، كما يكون نصب الوصي من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المتوفى أو الموصى عليه، وإعطاء الإذن بخصوص إدارة شؤون القاصر من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن الولي أو الوصي أو المحكمة التي يقع في دائرتها أحد عقارات التركة، وإعطاء الإذن بالزواج من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحد الزوجين.
ج- في الدعاوى المتعلقة بالتوريدات والمقاولات والأجرة والأجور: تتعدد الخيارات أمام المدعي بشأن الدعاوى المتعلقة بما تم توريده للمدين من مأكل أو ملبس أو سواه، أو تلك المتعلقة بعقود المقاولة التي يقوم بموجبها المقاول بعمل من أعمال البناء لمصلحة رب العمل، أو فيما يخص أجـرة المساكن المستحقة للمؤجر، أو الأجور المستحقة للعمال والصناع والأجراء؛ إذ يكون لهؤلاء وتيسيراً لهم -لأن مصلحتهم مقدمة على مصلحة المدين بالالتزام- أن يقيموا الدعوى أمام محكمة موطن المدعى عليه، أو أمام المحكمة التي أبرم الاتفاق أو نفذ في دائرتها، وعلى هذا فإذا نفذ العقد في أكثر من مكان يصبح القضاء في كل مكان نفذ فيه مختصاً محلياً للنظر في النزاع الذي يقوم حول العقد المذكور.
د- في الدعاوى المتعلقة بطلب التأمين: يكون للمدعي بطلب قيمة التأمين أو بدله عدة أمكنة لرفع الدعوى أمام قضائها، حيث يكون الاختصاص المحلي معقوداً لمحكمة موطن الشخص المؤمن عليه أو المستفيد من التأمين، أو أمـام محكـمة مكان وجود المال المؤمن عليه، أو في موطن المدعى عليه. وعلى هذا فإن دعاوى التعويض عن الضرر نتيجة حوادث السير تقام أمام المحكمة التي وقع الحادث في دائرتها أو التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو أمام المحكمة التي أبرم في دائرتها عقد التأمين.
هـ- في دعاوى المواد التجارية: تكون الدعـوى بمادة تجارية إذا تعلقت بأعمال تاجر، ويكون للدائن - سواء كان تاجراً أم فرداً عادياً- الخيار في أن يقيم الدعوى على التاجر أمام المحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعى عليه، أو محله التجاري، أو أمام المحكمة التي وقع الاتفاق أو نفذ في دائرتها كلاً أو جزءاً، أو أمام المحكمة التي كان يجب الوفاء في دائرتها، ولا قيمة للترتيب المشار إليه لأن الأماكـن المذكـورة جميعها صالحة لإقامة الدعـوى والخيار للمدعي الدائن. أما في المنازعات المتعلقة بالإفلاس أو الإعسار المدني يكون الاختصاص للمحكمة التي قضت به.
و- في الدعاوى المتعلقة بالتركات: يكون الاختصاص في الدعاوى المتعلقة بالتركات للمحكمة التي يقع في دائرتها محل فتح التركة، ومنها الدعاوى التي يرفعها بعض الورثة على بعض قبل قسمة التركة، وإن محل فتح التركة هو آخر موطن للمورث المتوفى.
ز- في الدعاوى المستعجلة: يكون الاختصاص المحلي للطلبات الوقتية التي يختص بها قاضي الأمور المستعجلة معقوداً لمحكمة موطـن المدعى عليه، أو لمحكمة مكان اتخاذ الإجراء المؤقت، كما لو تعـلق الطلـب بحجز احتياطي.
ح- في قضايا التنفيذ: يكون الاختصاص لدائرة التنفيذ التي توجد في منطقة المحكمة التي أصدرت الحكم أو الدائرة التي أنشئت السندات في منطقتها، ويجوز التنفيذ في الدائرة التي يكون موطن المدين أو أمواله فيها، أو للدائرة التي اشترط الوفاء في منطقتها. أما الاختصاص المحلي للمحاكم الجمركية فيكون للمحكمة التي وقعت المخالفة بدائرتها بغض النظر عن موطن مرتكب المخالفة أو محل إقامته.
مراجع للاستزادة:
- إبراهيم نجيب سعد، القانون القضائي الخاص، ج1- ط1 (منشأة المعارف، الإسكندرية 1973).
- أحمد أبو الوفا، التعليق على قانون المرافعات المصري، ج1 (منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الثالثة، 1979).
- أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار النهضة العربية، القاهرة 1990).
- أحمد الهندي، أصول قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية 2002م).
- أحمد مسلم، أصول المرافعات (دار الفكر العربي، القاهرة 1978).
- إدوار عيد، موسوعة أصول المحاكمات، الأجزاء 1 و2 و3 و4 (1978-1986).
- رزق الله إنطاكي، أصول المحاكمات المدنية والتجارية، الطبعة الرابعة (مطبعة الإنشاء، دمشق 1961).
- رمزي سيف، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، طبعة 8 (دار النهضة العربية، القاهرة 1965).
- عبد الحميد أبو هيف، المرافعات المدنية والتجارية والنظام القضائي في مصر، طبعة2 (مكتبة الاعتماد، القاهرة 1921).
- عبد المنعم الشرقاوي وعبد الباسط جميعي، شرح قانون المرافعات الجديد (دار الفكر العربي، القاهرة 1975-1976).
- عوض أحمد الزعبي، أصول المحاكمات المدنية، ج2( دار وائل للنشر، عمّان، الطبعة الأولى 2002م).
- فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، ج1 (دار النهضة العربية، القاهرة 1992).
- مأمون الكزبري وإدريس العلوي، شرح المسطرة المغربية، ج3 (1971).
- محمد وعبد الوهاب عشماوي، قانون المرافعات في التشريع المصري والمقارن، ج1 (مكتبة الأدب، القاهرة 1957).
- محمود محمد هاشم، قانون القضاء المدني، ج1(دار الفكر العربي، القاهرة 1981).
- محمود الكيلاني، شرح قانون أصول المحاكمات المدنية (دار وائل للنشر، عمّان 2002م).
- مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي، ط3 (دار الثقافة، عمّان 1998).
- وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني، طبعة1 (دار الفكر العربي، القاهرة 1986).
- نبيل إسماعيل عمر، أصول المرافعات المدنية والتجارية (منشأة المعارف، الإسكندرية 1986).
المصدر: http://arab-ency.com
jurisdiction in private law - compétence en droit privé
الاختصاص في القانون الخاص
الاختصاص في القانون الخاص
محمد واصل
يُعـرَّفُ اختصاص القضاء العادي La compétence judiciaire بأنه سلطة المحاكم الخاضعة لقانون السلطة القضائية بنظر الدعوى المرفوعة إليها سواء تعلق ذلك بنوع الدعوى أم بقيمتها، أم بمكان رفعها.
أولاً- الاختصاص النوعي للمحاكم:
يفيد الاختصاص النوعي بتحديد المحكمة المختصــة بحسب نوع الدعوى أو طبيعتها، حيث حدد المشرع أنواعاً معينة من الدعاوى المستمدة من موضوعها وجعل كلاً منها من اختصاص إحدى المحاكم التي نص عليها قانون السلطة القضائية وقانون أصول المحاكمات.
1- الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح: تنظر محكمة الصلح في دعاوى محددة مستمدة من طبيعة الحق الذي تحميه على سبيل الحصر بغض النظر عن قيمة المدعى به فيها، وإذا اجتمعت في الدعوى طلبات من اختصاص قاضي الصلح وأخرى غير داخلة في اختصاصه وجب أن يبت فيما هو من اختصاصه فقط وأن يقرر عدم الاختصاص بما سواه. إلا إذا كانت التجزئة غير ممكنة عندئذٍ يحكم بعدم الاختصاص، وتختص محكمة الصلح اختصاصاً نوعياً شاملاً بغض النظر عن قيمة النزاع وفق قانون أصول المحاكمات والقوانين الخاصة بالآتي:
أ- المنازعات الإيجارية: تختص محكمة الصلح بكل المنازعات الإيجارية سواء تعلقت بعقار أم بمنقول، وسواء منها المنازعات التي تقع على تنفيذ عقد الإيجار أم على بدله مهما بلغ مقداره، وعلى صحة عقد الإيجار مهما كانت قيمة المدعى به، أو الأعطال التي لحقت بالعين المأجورة في أثناء استعمالها خلال مدة الإيجار وتحديد مسؤولية المستأجر عنها بوصفه نزاعاً على تنفيذ عقد الإيجار، ولو كان العقار السكني المأجور مبنياً على أرض زراعية، وأجر المثل إذا تعلق بعقار، ولا يعد أجر المثل المحكوم به بمنـزلة أجر مسمى، أما أجر مثل المنقول فيخضع للقواعد العامة، وقد وضعت محكمة النقض السورية مجموعة من المبادئ لضبط الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح.
ب- منازعات العمل: تختص محكمة الصلح اختصاصاً شاملاً في الدعاوى المطالبة بأجور الخدم والصناع والعمال، كما تختص في الفصل في الدعاوى التي تقام من العمال أو من أرباب العمل على مؤسسة التأمينات الاجتماعية. أما دعاوى الاستحقاق على الأموال المحجوزة أو دعاوى الغير من مسببي إصابات العمل الذين تحل المؤسسة بمواجهتهم بما تكلفته على العمال المصابين فتطبق عليها القواعد العامة المتعلقة بالاختصاص. فهي تختص بدعاوى فسخ عقد العمل بوصفه محدد المدة، كما يدخل في اختصاصها المنازعات التي تقع بين العامل وصاحب العمل التي تستمد أصولها في عقد العمل المشمول بقانون العمل على ضوء الأحكام الواردة في القانون المذكور أو في القانون العام التي لا تعارض أحكام القانون الخاص.
ج- الخلافات الزراعية والتعويض عن الأضرار الزراعية: تختص محكمة الصلح اختصاصاً نوعياً شاملاً بجميع الدعاوى المتعلقة بالخلافات الزراعية الناشئة عن استثمار الأرض الزراعية التي لا تتعلق بالملكية مهما كانت صفة أطراف الخلاف ونوع علاقاتهم التعاقدية بما في ذلك الدعاوى المتعلقة بعلاقات المغارسة والضمان وبيع الثمار والحاصلات الزراعية، إلا أنها لا تختص بالعلاقة العقدية وغير العقدية بين الدولة والأشخاص على أراضي أملاك الدولة وأراضي الإصلاح الزراعي، والعلاقة العقدية وغير العقدية بين المنتفعين بأراضي أملاك الدولة أو أراضي الإصلاح الزراعي والغير إلاّ إذا كان الغير عاملاً زراعياً أو متعاقداً لعمل زراعي معين مع المنتفع، والاستثمارات العائلية القائمة بين أفراد العائلة الواحدة وهي الاستثمارات الزراعية التي يعمل فيها صاحب العمل الزراعي وأفراد عائلته بصورة مشتركة. وتشمل العائلة: الزوج والزوجة، والأصول والفروع، والإخوة والأخوات وأولادهم، والأصهار وتختص أيضاً اختصاصاً شاملاً بدعاوى التعويض عما يصيب أراضي الزراعة أو المحصولات أو الثمار من ضرر بفعل إنسان أو حيوان مهما بلغت قيمة المدعى به.
د- الدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه وتطهير القنوات والمجارير: تختص محكمة الصلح بكل المنازعات المتعلقة بكيفية ومدى الانتفاع بمياه الينابيع الطبيعيـة والمساقي الطبيعية أو الاصطناعية، والآبـار الارتوازية، وتلك المتعلقة بصيانتها وإدارتها، سواء كانت ملكيتها مشتركة، أم كانت حقوق ارتفاق قانونية أو طبيعية، أو تعاقدية، وسواء تعلقت الدعاوى بأصل الحق أو بالحيازة، أم بالتعويض عن الاعتداء الواقع عليها، أما إذا لم يتعلق النزاع بالانتفاع بالمياه وتطهير القنوات والمجارير، بل بالملكية فترفع الدعوى بحسب الاختصاص القيمي، أما المنازعات المتعلقة بالحقوق الواردة على المياه فهو من اختصاص لجنة خاصة إذا لم يتناول مسألة الانتفاع بها.
هـ - دعاوى قسمة المال الشائع: تختص محكمة الصلح بدعاوى قسمة المال الشائع، باستثناء المنازعات التي تدخل في اختصاص لجنة إزالة الشيوع. أما المنازعات التي يمكن أن تنشأ عن القسمة الرضائية أو الاتفاقية فإنها تخضع لقواعد الاختصاص القيمي على أساس قيمة المعقود عليه.
و- الدعاوى المتعلقة بحقوق الارتفاق: تختص محكمة الصلح في الدعاوى المتعلقة بإحداث حق الارتفاق التعاقدي واستعمال حقوق الارتفاق الطبيعية والقانونية والتعاقدية وجميع المنازعات الناشئة عن هذه الحقوق بشرط ألا تكون الملكية وأصل الحق موضوع نزاع، ويدخل في ذلك ترقين حقوق الارتفاق، ويدخل أيضاً في اختصاصها قيام مالك الطابق الأرضي مع الفسحة السماوية بحجب حق الطابق الأعلى بالنور والهواء من تلك الفسحة، ولو كان المالك لديه رخصة من البلدية بالبناء في تلك الفسحة.
ز- الدعاوى المتعلقة بالحدود والمسافات: يدخل في الاختصاص الشامل لمحكمة الصلح كل الدعاوى المتعلقة بتعيين الحدود وتقدير المسافات المقررة بالقوانين والقرارات أو العرف، فيما يتعلق بالأبنية أو المنشآت الضارة أو الغرس إذا لم تكن الملكية أو أصل الحق محل نزاع وذلك في ضوء الخرائط «الطبوغرافية» والمساحية الموضوعة والمحددة لذلك. ويدخل في شمول الاختصاص المنازعات الناجمة عن أبنية أو منشآت قد تلحق ضرراً بالجوار بسبب الإزعاج أو الخطورة الضارة بالصحة، كبناء الحظائر التي تنبعث منها الرائحة الكريهة، أو الأفـران التي تنبعث منها الحرارة، أو دور السينما التي يخرج منه الضجيج، أو غيرها من المنشآت، عندما لا يكون أصل الملكية، أو الحق المترتب عليه محل نزاع فعندئذٍ تخرج من الاختصاص النوعي إلى الاختصاص القيمي.
ح- دعاوى إدارة الملكية الشائعة والمنازعات المتعلقة بشأنها: يدخل في الاختصاص النوعي الشامل لمحكمة الصلح كل المنازعات المتعلقة بإدارة الملكية الشائعة مهما كان سبب الشيوع أو نوعه، سواء كان الشيوع عادياً أم جبرياً، وعلى ذلك فإن المنازعة المتعلقة باستعمال أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك تدخل في اختصاص قاضي الصلح الشامل.
ط- دعاوى الحيازة: تختص محكمة الصلح اختصاصاً نوعياً شاملاً بدعاوى الحيازة، وقد حدد المشرع السوري ثلاثة أنواع من دعاوى الحيازة؛ هي دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة.
ي- دعاوى الأحوال المدنية: تختص محكمة الصلح اختصاصاً نوعياً شاملاً بجميع المنازعات المتعلقة بتصحيح قيود الأحوال المدنية في السجل المدني أو تعديلها، سواء تعلقت تلك الأحوال بواقعات الولادة أو الزواج أو الوفاة، أو تغيير الاسم الشخصي أو العائلي أو اللقب أو النسب أو تصحيحها، أو تغيير الدين أو المذهب، من دون أن يمتد الاختصاص إلى الموضوع إلا بالقدر الذي يسمح للقاضي التثبت من صحة الوقائع أو المستندات التي تسمح بإجراء التصحيح أو التعديل، ويدخل في مسائل الأحوال المدنية حصر الإرث القانوني المتعلق بانتقال الحقوق غير المنقولة والمتعلق بالأراضي الأميرية.
2- الاختصاص النوعي لمحكمة البداية: تختص محكمة البداية اختصاصاً نوعياً شاملاً بكل دعوى ليست من اختصاص محكمة أخرى سواء تعلق الأمر بالاختصاص الولائي أم النوعي، حيث يدخل في اختصاصها كل منازعة مهما كان نوعها أو مقدارها مالم يخرجها القانون منه بنص خاص، ومن الدعاوى التي تختص بها اختصاصاً نوعياً شاملاً على سبيل المثال الآتي:
أ- الدعاوى المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات الأجنبية: أعطى المشرع السوري صلاحية الحكم بتنفيذ السندات التنفيذية الأجنبية سواء كانت أحكاماً أم سندات رسمية في سورية لمحكمة البداية المطلوب تنفيذ تلك الأحكام والسندات في دائرتها. وذلك عن طريق الدعوى، وبشرط المعاملة بالمثل، مع الإشارة إلى أنه في حالة وجود معاهدات ثنائية أو دولية تتعلق بتنفيذ تلك السندات طبقت أحكام الاتفاقية عملاً بمبدأ سمو المعاهدة على التشريـع الداخلي.
ب- الدعاوى المتعلقة بالشركات التجارية: تفصل محكمة البداية المدنية التي يقع في دائرتها سجل الشركات في غرفة المذاكرة في كل خلاف يقع بين أصحاب العلاقة وأمين هذا السجل بقرار مبرم تصدره خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ اكتمال الخصومة في الدعوى، وتكون محكمة البداية المدنية التي يقع مركز الشركة في دائرة اختصاصها المكاني هي المحكمة المختصة للفصل في جميع المنازعات التي تنشأ بين الشركاء أو بينهم وبين القائمين على إدارتها، أو التي تنشأ عن علاقة الغير بالشركة، أو في أي نزاع آخر يتعلق بأمور الشركة ونشاطها.
ج- دعاوى الإفلاس والصلح الواقي: تختص محكمة البداية اختصاصاً شاملاً بدعاوى الإفلاس والصلح الواقي من الإفلاس مهما كانت قيمة النزاع، سواء تعلقت تلك الدعاوى بتاجر صغير أم بشركة تجارية كبيرة. ويكون اختصاصها شاملاً في كل المنازعات التي سببها أو منشؤها الأحكام الخاصة بالصلح الواقي من الإفلاس والإفلاس المنصوص عليهما في قانون التجارة بدءاً من دعوة الدائنين وتعيين وكيل التفليسة ومروراً بإدارة التفليسة حتى إقفالها بالتصديق على الصلح، أو بالتصفية وتوزيع الديون.
د- دعاوى العاملين في الدولة: تختص محكمة البداية اختصاصاً نوعياً حصرياً شاملاً بجميع الدعاوى الناشئة عن تطبيق قانون العاملين الأساسي في الدولة وعلى سبيل الولاية الاستثنائية، وذلك إلى حين إنشاء المحاكم الإدارية وفقاً لأحكام المادة (160) بدلالة المادة (143) من القانون المذكور، وبالتالي فإن الأحكام الصادرة عن محكمة البداية بهذه الصفة تخضع للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
وبعد صدور القانون 77 لعام 2002 أصبحت محكمة القضاء الإداري هي الجهة المختصة للنظر في قضايا العاملين لدى شركات عقود الخدمة في عمليات التنقيب عن النفط وإنتاجه واستخراجه… إلخ (مثل شركة الفرات للنفط، وشركة دير الزور، وشركة حيان… إلخ).
هـ- منازعات الضرائب: تختص محكمة البداية على سبيل الولاية الاستثنائية بجميع منازعات الضرائب إذا كان مبلغ التكليف الضريبي لا يزيد على مئة ألف ليرة سورية، ويطعن في أحكامها أمام المحكمة الإدارية العليا.
و- دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب: تختص محكمة البداية اختصاصاً نوعياً شاملاً بدعاوى الأحوال الشخصية للأجانب الذين يخضعون في بلادهم لقانون مدني سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين. وإذا أقيمت هذه الدعوى أمام المحكمة الشرعية فعلى القاضي أن يحكم برد الدعوى لعدم الاختصاص من دون الإحالة إلى المحكمة المختصة؛ لأنه لا يملك قانوناً سلطة الإحالة في عدم الاختصاص النوعي.
ز- الاختصاص في الطلبات العارضة والمرتبطة: تختص محكمة البداية بالطلبات العارضة التي يجوز تقديمها من المدعي أو المدعى عليه بعد رفع الدعوى مهما كان موضوعها أو نوعها، ولو كانت تدخل في الاختصاص النوعي أو القيمي لمحكمة الصلح؛ لأن من يملك الأكثر يملك الأقل.
3- الاختصاص النوعي للقضاء المستعجل: يعد القضاء المستعجل مؤسسة قانونية مهمة وخطيرة وذات طبيعة خاصة، تنظر قي بعض المنازعات المستعجلة أو المؤقتة من دون المساس بأصل الحق أو من دون أن تغير بصورة نهائية المراكز القانونية للخصوم. وعدَّ اختصاصه من النظام العام لا يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفته، ويباشر هذه الوظيفة قاضي محكمة البداية، و يباشر اختصاصه قاضي الصلح تبعاً للاختصاصات الأخرى الكثيرة التي يقوم بها وذلك في المناطق التي لا توجد فيها محكمة بداية، كما يمكن أن يكون قاضي الموضوع قاضياً للأمور المستعجلة إذا قدمت إليه تبعاً لدعوى الموضوع، والمسائل المستعجلة هي التي يخشى عليها من فوات الوقت، ويجوز أن تكون الدعوى مستعجلة بحكم القانون، أو بتقدير القضاء.
4- الاختصاص النوعي لمحكمة الاستئناف: تفصل محكمة الاستئناف في القضايا التي تقبل الاستئناف، وفي القضايا التي هي من اختصاصها بمقتضى القوانين النافذة، وعلى ذلك تختص محكمة الاستئناف بالاستئناف الذي يرفع إليها بشأن أحكام محكمة الصلح التي تزيد فيها القيمة على ألف ليرة سورية وتقبل الطعن بالاستئناف، وبالاستئناف الذي يرفع إليها بشـأن الأحكام الصادرة بالدرجة البدائية وبالحكم في جميع القضايا التي يرد عليها نص خاص في القانون، وبالاستئناف الذي يرفع إليها بشأن الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة التي تقبل الاستئناف أياً كانت المحكمة التي أصدرتها، وبقضايا التنفيذ وتبت المحكمة المختصة بهذا الاستئناف قراراً لا يقبل أي طريق من طرق الطعن، والنظر في دعوى رد القضاة إذا كان القاضي المطلوب رده قاضياً في محكمة الصلح، أو في محكمة بداية أو في محكمة استئناف، أو قاضياً عقارياً أو أحد ممثلي النيابة العامة الاستئنافية عندما يكون خصماً منضماً، وبدعوى المخاصمة المرفوعة على سائر القضاة في محكمة الصلح أو المحكمة البدائية وممثلي النيابة الآخرين في المنطقة الاستئنافية التي يتبعون لها، وتختص بجميع الاستئنافات التي تدخل في اختصاصها بموجب قوانين خاصة، مثل أحكام لجان إزالة الشيوع وقرار مجلس فرع نقابة المحامين بتقدير الأتعاب، وأحكام القضاء العقاري… إلخ.
5- الاختصاص النوعي لمحكمة النقض: تُعدُّ مبدئياً محكمة النقض محكمة قانون وليست محكمة موضوع وبالتالي فهي ليست درجة من درجات التقاضي، ومع ذلك تختص الهيئة العامة في محكمة النقض بالفصل في الدعاوى التي يقدمها قضاة الحكم والنيابة العامة بإلغاء المراسيم الجمهورية والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شؤون القضاة، وبالدعاوى الخاصة بالمرتبات ومعاشات التقاعد والتعويضات المستحقة لهم أو لورثتهم، في طلبات التعويض الناشئة عن كل ذلك، إلا أن القرارات الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى بشأن التعيين والترقية والنقل والندب والتأديب مبرمة لا تخضع للطعن أمام هيئة أخرى، وبدعاوى المخاصمة المرفوعة على قضاة محكمة النقض وممثلي النيابة العامة أمامها، وبالدعاوى الجزائية المرفوعة على القضاة بالجرائم التي يرتكبونها في أثناء قيامهم بالوظيفة أو خارجها. ومع ذلك تصبح محكمة النقض محكمة موضوع في الأحوال الآتية:
أ- مخاصمة قضاة محكمة الاستئناف والنائب العام الاستئنافي. وتختص الغرفة المدنية بالنظر في هذه الدعوى، طبقاً لأحكام المادة 490/2 أصول.
ب- الطعن للمرة الثانية في المسألة ذاتها.
ج- نقل الدعوى في حال ما إذا تعذر تشكيل المحكمة لأسباب قانونية، أو بسبب الإخلال بالأمن.
ثانياً: الاختصاص القيمي للمحاكم:
يعرَّف الاختصاص القيمي بأنه دليل تحديد المحكمة المختصة في ضوء قيمة النـزاع أو قيمة الطلبات في الدعوى المرفوعة، ومعياره إما أن يكون بالنص حصرياً على اختصاص محكمة معينة بذاتها دون غيرها، وإما على أسـاس قيمة النـزاع المطروح في الدعوى، ولا يتم البحث في الاختصاص القيمي قبل البحث في الاختصاص النوعي، فإذا كانت الدعوى لا تدخل في اختصاص محكمة معينة وفق القائمة التي سبق بيانها يتم البحث في قواعد تحديد الاختصاص القيمي وفق الآتي:
1- الاختصاص القيمي بين أنواع المحاكم: يُميز في تحديد الاختصاص القيمي بين محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الدرجة الثانية، وبالتالي فإن الاختصاص القيمي من حيث المبدأ فيما يتعلق بدرجـات المحاكم من النظام العام، ويمكن للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها.
أ- الاختصاص القيمي لمحكمة الصلح: تختص محكمة الصلح قيمياً بالدعاوى الشخصية والعينية المدنية والتجارية المنقولة أو العقارية التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف ليرة سورية، ويكون حكمها نهائياً ومبرماً ويتمتع بقوة القضية المقضية إذا كانت القيمة في الدعوى لا تزيد على ألف ليرة سورية. وتعد الدعوى من اختصاص المحكمة المذكورة إذا لم تكن قد حددت القيمة فيها ابتداءً، ولم يدفع بعدم الاختصاص القيمي، حيث تعد قيمتها دون المبلغ المحدد للاختصاص، ولا يجوز لها أن تحكم بأكثر من ذلك، وإن العبرة في تقدير القيمة هي لما يطلبه المدعي وليس لما تحكم به المحكمة. كما تختص محكمة الصلح بالحكم في طلب الضمان وفي سائر الطلبات الفرعية والعارضة على الدعوى الأصلية ولو كانت قيمة هذه الطلبات تتجاوز نصاب اختصاصها.
ب- الاختصاص القيمي لمحكمة البداية: تختص محكمة البداية اختصاصاً شاملاً بالحكم بدرجة بدائية في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي تزيد فيها القيمة على الاختصاص القيمي لمحكمة الصلح، وفي كل دعوى ليست من اختصاص محكمة أخرى، كما تختص بكل دعوى غير مقدرة القيمة.
ج- الاختصاص القيمي لمحكمة الاستئناف: تعد محكمة الاستئناف درجة ثانية من درجات التقاضي، ويحدد الاختصاص القيمي لها في ضوء تحديد الأحكام الصادرة عن محكمة الصلح ومحكمة البداية، ومدى قابليتها للاستئناف، حيث تقدر قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الاستئناف على أساس قيمة الدعوى يوم رفع الاستئناف ولا يدخل في التقدير ما يكون مستحقاً من الفوائد والتعويضات والمصاريف وغيرها من الملحقات.
2- القواعد العامة في تحديد قيمة الدعوى: يتم تحديد المحكمة المختصة بين محاكم الدرجة الأولى من درجات التقاضي في ضوء قيمة الدعوى؛ فلذلك وضع المشرع مجموعة من القواعد أو الأسس العامة لتحديد قيمة الدعوى من أجل تحديد الاختصاص هي:
أ- تقدر قيمة الدعوى يوم رفعها: تقدر القيمة يوم رفع الدعوى، ولا يدخل في التقدير الفوائد والتضمينات والمصاريف وغيرها من الملحقات، فلا يعتد بما يحدث من تقلبات في الأسعار أو القيم بعد رفع الدعوى سواء بالزيادة أم بالنقصان مادام المدعي لم يتقدم بطلب جديد يعدل فيه تلك القيمة، فإذا كانت الدعوى تتضمن المطالبة بمبلغ من النقود، وفي أثناء نظر الدعوى طرأ ارتفاع أو انخفاض على قيمة النقد فإن العبرة دائماً تكون للمبلغ المطالب به يوم رفع الدعوى، فمرور الزمن لايؤدي إلى تغيير المركز القائم عند رفع الدعوى.
ب- العبرة في تحديد قيمة الدعوى لطلب المدعي: يحدد المدعي طلباته في الدعوى، وفي ضوء تلك الطلبات تحدد القيمة التي يبنى عليها الاختصاص، وإذا تضمنت الدعوى طلبات أصلية متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير بحساب قيمتها جملة، فإن كانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير بحساب قيمة كل منها على حدة، ويقصد بسبب الالتزام الواقعة التي يستمد المدعي منه الحق المدعى به (منشأ الالتزام أو مصدر الالتزام) وهو العقد، الإرادة المنفردة، العمل غير المشروع، الإثراء بلا سبب، القانون، أما إذا كانت تستند إلى أسباب قانونية مختلفة قدرت قيمة كل منها على حدة، وبالتالي فإن قيمة الدعوى تحسب على أساس قيمة كل طلب على حدة.
ج- العبرة في تحديد قيمة الدعوى لجزء الحق المطالب به: تقدر قيمة الدعوى على أساس قيمة الحق المطالب به، وخرج المشرع على هذا المبدأ إذا كان المطالب به جزءاً من الحق، فعندئذٍ تقدر قيمة الدعوى بهذا الجزء إلا إذا كان أصل الحق محل نزاع فتؤخذ قيمة الحق كاملاً في معرض تحديد الاختصاص القيمي لأنه لا يمكن الفصل في الجزء دون الفصل في الكل ويشترط في المنازعة أن تكون مؤثرة وجدية.
د- العبرة في تحديد قيمة الدعوى لوحدة السبب أو تعدده: يقضي المبدأ أنه إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير بحساب قيمتها جملة، وإن كانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير بحساب قيمة كل منها على حدة، ويقصد بالسبب القانوني: الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق المطالب به، أي السبب المنشئ للالتزام (مصدر الالتزام).
هـ- العبرة في تحديد قيمة الدعوى لمصدر الالتزام: يقضي المبدأ القانوني أنه إذا كانت الدعوى مرفوعة من واحد أو أكثر على واحد أو أكثر بمقتضى سبب قانوني واحد كان التقدير بحساب قيمة المدعى به بتمامه بغير التفات إلى نصيب كل منهم، ولا تسمع دعوى واحدة على عدد من المدعى عليهم إلا إذا كانت تستند إلى سبب قانوني واحد عملاًً بالقاعدة التي تقول إنه لكل حق دعوى واحدة تحميه.
و- الاختصاص لمحكمة البداية في كل دعوى غير مقدرة القيمة: ينعقد الاختصاص القيمي لمحكمة البداية في كل دعوى غير مقدرة القيمة، وتكون الدعوى غير مقدرة القيمة عندما لا يمكن تقدير قيمتها بحسب قواعد تقدير القيمة، بحساب أن قيمتها تزيد على الاختصاص القيمي المحدد لمحكمة الصلح.
3- القواعد الخاصة في تحديد قيمة الدعوى: وضع المشرع والاجتهاد القضائي مجموعة من القواعد الخاصة بتقدير القيمة في بعض أنواع الدعاوى عندما لا يكون موضوعها مبلغاً من النقود -فتحدد كيفية تقدير قيمة العقار، وقيمة التجاوز، والقيمة في بعض أنواع العقود- وعندما لا تكون الدعوى قابلة للتقدير وفق الآتي:
أ- الدعاوى المتعلقة بإزالة التجاوز بالبناء أو الغراس: تعد الدعوى المتعلقة بإزالة التجاوز بالبناء أو الغرس حالة خاصة من الدعاوى العينية العقارية، وهي من صنع اجتهاد القضاء السوري، وتحدد قيمة الدعوى إذا كانت تهدف إلى إزالة البناء المشاد على أرض الغير، أو قلع الغراس المزروعة في تلك الأرض على أساس قيمة البناء أو الغراس المتجاوز بها بناء أو غراساً.
ب- الدعاوى العينية العقارية: وضع المشرع طريقة واضحة تحدد كيفية تحديد القيمة في الدعاوى المتعلقة بالعقارات، وبمقتضى النص القانوني فإن المدعي هو الذي يعين ابتداءً هذه القيمة في عريضة الدعوى في ضوء المستندات التي يقدمها من أجل هذه الغاية، وعند الاعتراض عليها يتم تحديد القيمة في ضوء التخمين المالي من قبل الدوائر المالية، فإن لم يوجد مثل هذا التخمين يقوم القاضي بتقديرها عن طريق الاستعانة بالخبرة الفنية، وتحدد القيمة في ضوء الأسعار الرائجة في منطقة موقع العقار مع الأخذ بالحسبان الموقع والمساحة، ومجموعة من العوامل الأخرى التي تدخل في حساب القيمة، أما إذا كانت قيمة العقار واردة في عقد بيع فإن تلك القيمة هي المعتمدة في تحديد الاختصاص.
ج- الدعاوى الخاصة بمرتب: يقضي المبدأ أنه عندما يصاب أحد الأشخاص بضرر ناجم عن حادث مرور مثلاً، أو قد يوجد اتفاق بين طرفين على التزام دفع مرتب من دون تحديد، ويقع نزاع بصدد تنفيذ الالتزام، فهو يستطيع أن يقيم الدعوى للمطالبة بالتعويض، وأن يكون مضمون الطلب الحكم بالتعويض بتخصيص مرتب، ففي هذه الحالة تحسب قيمة الدعوى على أساس أن المرتب سيكون لعشرين سنة.
د- الدعاوى المتعلقة بالمحاصيل الزراعية: يقضي المبدأ أنه في الدعوى المتعلقة بمحصول زراعي أتلف أو تم بيعه أو رهنه، وينشأ نزاع بشأنه ولا يوجد عقد أو اتفاق على تحديد القيمة عندئذٍ يصار إلى تقدير القيمة وفق السعر الرائج في الأسواق العامة المعـدة لبيع المحاصيل بتاريخ الجني أو الحصاد أو القطاف.
هـ- الدعاوى المتعلقة بطلب صحـة عقد أو إبطاله أو فسخه: يقضي المبدأ القانوني أن قيمة الدعوى المتعلقة بطلب إبطال عقد أوفسخه تقدر على أساس القيمة العقدية في جميع الدعاوى التي ترفع لتثبيت عقد وإلزام المدعى عليه مضمونه، أو بإبطال عقد من العقود المسماة أو غير المسماة لوجود خلل في أحد أركانه من محل أو رضا أو سبب، أو لوجود عيب من عيوب الرضا مثل التدليس أوالإكراه أو الغلط، أو بطلب فسخ عقد نشأ صحيحاً سليماً بأركانه وشروطه لأن الطرف الآخر أخل بتنفيذه.
و- الدعاوى المتعلقة بحجز المنقول وبالحقوق العينية التبعية: تقدر قيمة الدعوى المتعلقة بصحة حجز المنقول أو ببطلانه بين الدائن الحاجز والمدين على أساس قيمة الدين المطالب به الذي وقع الحجز لضمان الوفاء به، وتقدر الدعوى المتعلقة بالحقوق العينية التبعية من رهن تأميني أو رهن حيازي أو حقوق امتياز المقامة بين الدائن المرتهن والمدين الراهن على أساس الدين المضـمون بالرهن. أما إذا كانت الدعوى مقامة من الغير باستحقاق الأموال المحجوزة أو المحملة بالحقوق العينية التبعية فتحسب القيمة علــى أساس قيمـة المال محل الحجز أو الحق.
ز- الدعاوى المتعلقة بصحة التوقيع أو بالتزوير: تقدر قيمة دعاوى صحة التوقيع أو البصمة، وكذلك دعاوى التزوير الأصلية بقيمة الحق المثبت بالورقة المطلوب الحكم بصحة التوقيع أو البصمة عليها أو بتزويرها.
ثالثاً: الاختصاص المحـلي للمحاكم:
تهدف قواعد الاختصاص المحلي إلى تحديد أي محكمة من محاكم الدرجة الأولى يجب أن ترفع الدعوى إليها من مجموع تلك المحاكم المنتشرة في أرجاء الدولة، حيث جعل المشرع كل محكمة تختص بنزاع يقوم في دائرة أو مساحة جغرافية معينة. لذلك يتم توزيع العمل بين المحاكم ذات الطبقة الواحدة على أساس جغرافي أو إقليمي أو مناطقي، استناداً إلى قواعد الاختصاص المحلي، فمن خلال تلك القواعد تحدد كل محكمة الدعاوى التي تدخل في نطاق اختصاصها المكاني أو المحلي، ويتم ذلك وفق القواعد الآتية:
1- القواعد العامة في تحديد الاختصاص المحلي: يقوم الاختصاص المحلي للمحاكم على مجموعة من الأسس والمبادئ؛ منها قواعد وأسس عامة وأخرى خاصة، وتتصف جميعها بأنها مقررة لمصلحة المدعى عليه أو لمصلحة المدعي؛ لذلك فهي لا تتعلق بالنظام العام، ويتعين إبداء الدفع بعدم الاختصاص المحلي قبل أي دفع أو دفاع آخر وإلا سقط الحق به.
أ- المحكمة المتفق عليها: يتم تعيين المحكمة المختصة محلياً باتفاق الخصوم لأنه ليس من النظام العام، ولا يجوز إثبات الموطن المختار إلا بالكتابة، ومع ذلك يبقى الخيار أمام المدعي أن يرفع الدعـوى أمام محكمـة موطـن المدعى عليه، وعلى صاحب المصلحة أن يتمسك بالاختصاص المحلي للمحكمة المتفق عليها، وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة المرفوعة إليها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المتفق عليها.
ب- محكمة موطن المدعى عليه: تقضي القاعدة أنه في دعاوى الحقوق الشخصية، وتلك المتعلقة بمنقول أن محكمة موطن المدعى عليه هي صاحبة الاختصاص المحلي، وتقوم هذه القاعدة على افتراض براءة ذمة المدعى عليه، وأنه على المدعي أن يسعى إلى المدعى عليه حيث هو موجود منعاً من التعسف في استعمال حق التقاضي بجلب المدعى عليه إلى محكمة يختارها المدعي من منطقة بعيدة بهدف الكيد به وتكبيده مصاريف الانتقال، وقد يكون فعلاً بريء الذمة تجاه المدعي، كما تقوم على مبدأ التوازن الذي يقوم على حق المدعي في اختيار الوقت الذي يرفع خلاله الدعوى، وإجبار المدعي على الحضور أمام المحكمة، فلذلك يلزم أن يسعى المدعي إلى المدعى عليه حيث هو موجود وليس إلى المحكمة التي يختارها هو.
¯ موطن الشخص الطبيعي: يعرف موطن الشخص الطبيعي بأنه المكان الذي يقيم فيه عادة، ويمكن أن يكون للشخص أكثر من موطن أو أكثر من محل إقامة معتاد، ويمكن ألا يكون له موطن أو محل إقامة ثابت على وجه الدوام كما هو عليه الأمر عند البدو الرحل أو النَّور حيث ترفع الدعوى على هؤلاء في مكان سكنهم المؤقت، والمعتد به في تحديد الموطن أو السكن هو وقت رفع الدعوى من دون الالتفات إلى تغييره بعد ذلك.
¯ موطن الشخص الاعتباري: إن موطن الشخص الاعتباري هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته، وإن الشركات التي يكون مركزها الرئيس في الخارج ولها نشاط في سورية يعد مركز إدارتها في القانون الداخلي المكان الذي توجد فيه الإدارة المحلية، وقد اعتمد تحديد الموطن على نظرية المقر الرئيس من دون تجاهل فكرة المحطات الفرعية.
2- القواعد الخاصة في تحديد الاختصاص المحلي: يقوم المعيار في تحديد هذا الاختصاص على شخص المتخاصمين انطلاقاً من مراعاة ظروف المدعى عليه بتحميله أقل النفقات الممكنة، أو مـن موضوع النـزاع حيث وجد المشرع أن تنظر الدعوى المتعلقة ببعض المنازعات أمام محكمة معينة كمحكمة مكان وجود المال المتنازع عليه، أو من السبب المنشئ للالتزام الذي يكون محل نزاع كإعطاء الاختصاص المحلي للمحكمة التي أبرم العقد في دائرتها أو جـرى تنفيذه فيها، أو المحكمة التي وقع في منطقتها الحادث الذي أدى إلى نشوء الالتزام (محل وقوع حادث المرور).
أ- في الدعاوى العينية العقارية والشخصية العقارية: يكون الاختصاص المحلي في الدعاوى العينية العقارية و دعاوى الحيازة للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعاً في دوائر محاكم متعددة، وإذا تعددت العقارات كان الاختصاص للمحكمة التي يقع أحدها في دائرتها سواء كانت تهدف تلك الدعاوى إلى إنشاء حق عيني أم تعديله أم نقله أم استرداد العين أم حمايتها. أما الدعاوى الشخصية العقارية فهي التي تستند إلى حق شخصي بحت ويطلب فيها تقرير حق عيني على العقار أو اكتساب هذا الحق. فهي تهدف إلى إنشاء حق عيني ناشئ عن حق شخصي أو تعديله أو نقله كعقد بيع عقار قبل تسجيله، ويكون الخيار للمدعي في أن يرفع الدعوى أمام محكمة موقع العقار أو أمام محكمة موطن المدعى عليه.
ب- الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية: يكون الاختصاص المحلي في الدعاوى المتعلقة بالنفقة والحضانة والرضاع للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو موطن المدعي، وعلى هذا فإن دعوى تعديل النفقة كدعوى النفقة تقام في موطن المدعي أو المدعى عليه، وكذلك الأمر لدعوى إسقاط الحضانة، كما يكون نصب الوصي من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المتوفى أو الموصى عليه، وإعطاء الإذن بخصوص إدارة شؤون القاصر من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن الولي أو الوصي أو المحكمة التي يقع في دائرتها أحد عقارات التركة، وإعطاء الإذن بالزواج من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحد الزوجين.
ج- في الدعاوى المتعلقة بالتوريدات والمقاولات والأجرة والأجور: تتعدد الخيارات أمام المدعي بشأن الدعاوى المتعلقة بما تم توريده للمدين من مأكل أو ملبس أو سواه، أو تلك المتعلقة بعقود المقاولة التي يقوم بموجبها المقاول بعمل من أعمال البناء لمصلحة رب العمل، أو فيما يخص أجـرة المساكن المستحقة للمؤجر، أو الأجور المستحقة للعمال والصناع والأجراء؛ إذ يكون لهؤلاء وتيسيراً لهم -لأن مصلحتهم مقدمة على مصلحة المدين بالالتزام- أن يقيموا الدعوى أمام محكمة موطن المدعى عليه، أو أمام المحكمة التي أبرم الاتفاق أو نفذ في دائرتها، وعلى هذا فإذا نفذ العقد في أكثر من مكان يصبح القضاء في كل مكان نفذ فيه مختصاً محلياً للنظر في النزاع الذي يقوم حول العقد المذكور.
د- في الدعاوى المتعلقة بطلب التأمين: يكون للمدعي بطلب قيمة التأمين أو بدله عدة أمكنة لرفع الدعوى أمام قضائها، حيث يكون الاختصاص المحلي معقوداً لمحكمة موطن الشخص المؤمن عليه أو المستفيد من التأمين، أو أمـام محكـمة مكان وجود المال المؤمن عليه، أو في موطن المدعى عليه. وعلى هذا فإن دعاوى التعويض عن الضرر نتيجة حوادث السير تقام أمام المحكمة التي وقع الحادث في دائرتها أو التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو أمام المحكمة التي أبرم في دائرتها عقد التأمين.
هـ- في دعاوى المواد التجارية: تكون الدعـوى بمادة تجارية إذا تعلقت بأعمال تاجر، ويكون للدائن - سواء كان تاجراً أم فرداً عادياً- الخيار في أن يقيم الدعوى على التاجر أمام المحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعى عليه، أو محله التجاري، أو أمام المحكمة التي وقع الاتفاق أو نفذ في دائرتها كلاً أو جزءاً، أو أمام المحكمة التي كان يجب الوفاء في دائرتها، ولا قيمة للترتيب المشار إليه لأن الأماكـن المذكـورة جميعها صالحة لإقامة الدعـوى والخيار للمدعي الدائن. أما في المنازعات المتعلقة بالإفلاس أو الإعسار المدني يكون الاختصاص للمحكمة التي قضت به.
و- في الدعاوى المتعلقة بالتركات: يكون الاختصاص في الدعاوى المتعلقة بالتركات للمحكمة التي يقع في دائرتها محل فتح التركة، ومنها الدعاوى التي يرفعها بعض الورثة على بعض قبل قسمة التركة، وإن محل فتح التركة هو آخر موطن للمورث المتوفى.
ز- في الدعاوى المستعجلة: يكون الاختصاص المحلي للطلبات الوقتية التي يختص بها قاضي الأمور المستعجلة معقوداً لمحكمة موطـن المدعى عليه، أو لمحكمة مكان اتخاذ الإجراء المؤقت، كما لو تعـلق الطلـب بحجز احتياطي.
ح- في قضايا التنفيذ: يكون الاختصاص لدائرة التنفيذ التي توجد في منطقة المحكمة التي أصدرت الحكم أو الدائرة التي أنشئت السندات في منطقتها، ويجوز التنفيذ في الدائرة التي يكون موطن المدين أو أمواله فيها، أو للدائرة التي اشترط الوفاء في منطقتها. أما الاختصاص المحلي للمحاكم الجمركية فيكون للمحكمة التي وقعت المخالفة بدائرتها بغض النظر عن موطن مرتكب المخالفة أو محل إقامته.
مراجع للاستزادة:
- إبراهيم نجيب سعد، القانون القضائي الخاص، ج1- ط1 (منشأة المعارف، الإسكندرية 1973).
- أحمد أبو الوفا، التعليق على قانون المرافعات المصري، ج1 (منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الثالثة، 1979).
- أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار النهضة العربية، القاهرة 1990).
- أحمد الهندي، أصول قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية 2002م).
- أحمد مسلم، أصول المرافعات (دار الفكر العربي، القاهرة 1978).
- إدوار عيد، موسوعة أصول المحاكمات، الأجزاء 1 و2 و3 و4 (1978-1986).
- رزق الله إنطاكي، أصول المحاكمات المدنية والتجارية، الطبعة الرابعة (مطبعة الإنشاء، دمشق 1961).
- رمزي سيف، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، طبعة 8 (دار النهضة العربية، القاهرة 1965).
- عبد الحميد أبو هيف، المرافعات المدنية والتجارية والنظام القضائي في مصر، طبعة2 (مكتبة الاعتماد، القاهرة 1921).
- عبد المنعم الشرقاوي وعبد الباسط جميعي، شرح قانون المرافعات الجديد (دار الفكر العربي، القاهرة 1975-1976).
- عوض أحمد الزعبي، أصول المحاكمات المدنية، ج2( دار وائل للنشر، عمّان، الطبعة الأولى 2002م).
- فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، ج1 (دار النهضة العربية، القاهرة 1992).
- مأمون الكزبري وإدريس العلوي، شرح المسطرة المغربية، ج3 (1971).
- محمد وعبد الوهاب عشماوي، قانون المرافعات في التشريع المصري والمقارن، ج1 (مكتبة الأدب، القاهرة 1957).
- محمود محمد هاشم، قانون القضاء المدني، ج1(دار الفكر العربي، القاهرة 1981).
- محمود الكيلاني، شرح قانون أصول المحاكمات المدنية (دار وائل للنشر، عمّان 2002م).
- مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي، ط3 (دار الثقافة، عمّان 1998).
- وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني، طبعة1 (دار الفكر العربي، القاهرة 1986).
- نبيل إسماعيل عمر، أصول المرافعات المدنية والتجارية (منشأة المعارف، الإسكندرية 1986).
المصدر: http://arab-ency.com
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم