القائمة الرئيسية

الصفحات



المقاربة القانونية والقضائية لمكافحة التصحر بالمغرب

المقاربة القانونية والقضائية لمكافحة التصحر بالمغرب
إعــداد : د.حسـن فتـوخ

مستشار بمحكمة النقض

رئيس قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي





مــقــــدمـــــة:

ظاهرة "التصحر" هي تحول مساحات واسعة خصبة وعالية الإنتاج إلي مساحات

فقيرة بالحياة النباتية والحيوانية وهذا راجع إما لتعامل الإنسان الوحشي

معها أو للتغيرات المناخية.

ويعتبر التصحر مشكلة عالمية تعانى منها العديد من البلدان في كافة أنحاء

العالم. ويعرف على أنه تناقص في قدرة الإنتاج البيولوجي للأرض أو تدهور

خصوبة الأراضي المنتجة بالمعدل الذي يكسبها ظروف تشبه الأحوال المناخية

الصحراوية([1]).

ويمكن القول أن تعدد التعريفات([2]) للتصحر يوحي بأن الظاهرة كان يُنظر إليها بادئ الأمر باعتبارها تحيل على زحف رمال الصحراء، قبل إدراك أن استغلال البشر للموارد هو السبب الرئيسي لتدهور الأراضي.

وبعد انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئةوالتنمية المستدامة في ريو دي جانيرو عام 1992، تم تعريف التصحربأنه: " تدهور الأراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة الناتجة عن عوامل مختلفة، منها التغيرات المناخية والنشاطات البشرية".

وفي المغرب، تؤثر هذه الظاهرة على مساحات شاسعة، وقد زاد من حدتها المناخ الجاف مع تواتر دورات الجفافلفترات طويلة وفقر التربة وتعرضها للتآكل. وبالإضافة إلى ذلك، دفع سوء الأحوال المعيشية بسكان المناطق الريفية إلى استغلال الموارد الطبيعية بشكل مفرط بهدف تلبية احتياجاتهم المتنامية، مما فاقم من تدهور الوسط.

وتتمثل العوامل المشجعة على ظهور التصحروازدياد حدته في المناخ الجاف الذي يسود نحو 93% من التراب الوطني، ويشمل الأراضي التي كانت فيما مضى قادرة على تجديد غطاءها بسهولة حتى بعد فترات طويلة من الجفاف. وأمام الظروف الراهنة يمكن لهذه الأراضي التي تلعب دورا مساعدا أن تفقد قدرتها على الإنتاج بسرعة إذا لم يتم تدبيرها بصورة معقلنة.

وينضاف إلى هذه الإكراهات الطبيعية التدهورُ المتواصل في الغطاء النباتي الذي يتم اللجوء إليه باستمرار لتلبية احتياجات السكان من الأراضي المزروعة والأخشاب وعلف الماشية. ويؤدي هذان العاملان إلى فقر التربة وهشاشتها، بفعل ضعف احتواءها على المادة العضوية، والاستخدامات التي لا تتلاءم مع مبدأ المحافظة عليها، وتنامي الضغط الديمغرافي ويتم تقدير مستوى التصحرانطلاقا من العديد من المعايير المرتبطة بنوعية الأراضي (مجالات غاباوية، أراضي الرعي، أراضي زراعية).

فما هو إذن الإطار القانوني لعمل الجهات المعنية بمكافحة التصحر المغرب؟ وما هي الخطوات العملية في هذا المجال؟

إن الجواب عن ذلك يقتضي منا تقسيم هذا الموضوع إلى محورين على الشكل التالي:

المحور الأول: المرجعيات الملكية والدولية والدستورية في مكافحة التصحر

المحور الثاني: المقاربة التشريعية والقضائية في مكافحة التصحر

المحور الأول:

المرجعيات الملكية والدولية والدستورية في مكافحة التصحر

أولا : المرجعية الملكية

1-  الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في أشغال الجمع العام لمرصد الصحراء والساحل ( الرباط 6-3-2000).

" ما أحوج عالم اليوم لصورة واضحة عما تعانيه دول الصحراء والساحل من حجم الجفاف والتصحر ومن هنا تتجلى لنا مسؤولية المرصد الذي سيساهم ولا محالة في بلورة تشخيص واقعي للوضع الراهن ويقترح مناهج العمل الناجعة لمعالجة هذه الإشكالية".

2-  الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة السابعة لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغييرات المناخية ( مراكش 7-11-2001).

" لذا فإننا نعتبر أن العالم في حاجة ملحة إلى مقاربة جديدة للإيكولوجيا تقوم على التشاور والبحث عن حلول توافقية بين كل الأطراف المعنية وتستحضر إعلان ريو بأن سيادة الدولة تنتهي حينما تلحق ضررا ببيئة دول أخرى وتراعي المصالح الاسترتيجية الوطنية المشروعة لجميع البلدان وتضمن في نفس الوقت الإنصاف والشفافية الكفيلين بحفزنا – كل حسب موقعه – على تقديم تنازلات كفيلة بتدبير كوكبنا الأرضي باعتباره إرثا إنسانيا مشتركا ".

3-  الخطاب الملكي السامي أمام مؤتمر التنمية المستدامة بجوهانسبورغ ( 2-9-2002).

" إننا مطالبون باعتماد استراتيجية جماعية متكاملة قائمة على شراكة حقيقية وتضامن فعلي وقرب ناجع ووضع ضوابط لتطويق الأخطار الناجمة عن التحولات المناخية وعن الاستغلال المفرط للثروات المائية والغابوية والسمكية والضغوط الممارسة على الأنظمة البيئية والتنوع البيولوجي ".

4-  الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى الدورة الثالثة لتكاملات الاستثمار تحت شعار (الاستثمار المسؤول اجتماعيا ) – ( الصخيرات 1-12-2005).

"ومن هذا المنطلق، فإننا نعتبر أن التنمية البشرية والمحافظة على البيئة ينبغي أن تشكلا معايير أساسية للاستثمارات ولسياساتنا الاقتصادية، ولاستراتيجياتنا في مجال النمو".

5-  الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في حفل إعطاء الانطلاقة لبرنامج حماية وتنمية واحة النخيل في مراكش ( مراكش 19-3-2007).

"إن الواحات المغربية، التي تعد أقدمها إلى أزيد من 2000 عام، تعد، بالفعل، فضاءات تخضل بالحياة وتنعم بالسكينة في قلب الصحراء.

فعلاوة على الدور الهام الذي لعبته هذه الواحات في بلادنا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، فإنها تكتسي أهمية حقيقية بالنسبة للأنشطة الفلاحية والسياسية، فضلا عن كونها تشكل تراثا زاخرا له أهميته من الناحية التاريخية والثقافية والبيئية، مما حدا باليونيسكو إلى إدراجه ضمن شبكة محميات المحيط الحيوي عالميا".

6-  الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء البيئة (الرباط 29-10-2008).

"وقد كانت تجربة المغرب في تدبير موارده المائية وسيلة فعالة لمعالجة هذه الظواهر والحد من وطأتها على الطبيعة والإنسان. ويعد اللجوء المكثف إلى تشييد السدود من أنجع الوسائل للتأقلم مع حدة تلكم الظواهر. وقد تم تشييد ما يزيد عن 120 سد كبير، مما مكّن من تعبئة طاقة تخزينية تزيد عن ستة عشر مليار متر مكعب، ومن توفير مستوى عال من الحماية ضد الفيضانات ومن تسخير موارد تؤمن احتياجات البلاد أثناء فترات الجفاف".

7-  الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى حول الطاقة ( الرباط 6-3-2009).

"وانطلاقا من منظورنا، على المدى البعيد، الذي يأخذ بعين الاعتبار توجهات ومتغيرات الوضع الطاقي العالمي، خلال العقود القادمة، فإننا نضع ضمان تزويد بلادنا بالطاقة، والحفاظ على البيئة، في صدارة انشغالاتنا.

لذلك، فبلادنا مطالبة بالاستعداد والتكيف المستمر مع مختلف التحولات، لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، بالموازاة مع تلبية حاجياتها المتزايدة من الطاقة".





8-  مقتطفات من الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى العاشرة لعيد العرش المجيد (30-7-2009).

"وإن المغرب، وهو يواجه كسائر البلدان النامية، تحديات تنموية حاسمة وذات أسبقية، فإنه يستحضر ضرورة الحفاظ على المتطلبات البيئية.

والتزاما منه بذلك، يؤكد وجوب انتهاج سياسة متدرجة وتأهيلية شاملة، اقتصادا وتوعية، ودعما من الشركاء الجهويين الدوليين. وفي هذا الصدد، نوجه الحكومة إلى إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجالاتها ومحمياتها ومواردها الطبيعية، ضمن تنمية مستدامة.

كما يتوخى صيانة معالمها الحضارية ومآثرها التاريخية، باعتبار البيئة رصيدا مشتركا للأمة، ومسؤولية جماعية لأجيالها الحاضرة والمقبلة.

وفي جميع الأحوال، يتعين على السلطات العمومية، أن تأخذ بعين الاعتبار، في كناش تحملات المشاريع الإنمائية، عنصر المحافظة على البيئة".

9-  الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الملتقى الدولي حول التغيرات المناخية (16-10-2009).

"وإن تخفيف الضغط على الموارد الطبيعية، يعني بالأساس المحافظة على توازن الأنظمة البيئية.

ومن هذا المنطلق، انخرطت بلادنا بكل حزم في مجال تجديد مواردنا الغابوية، وحماية التنوع البيولوجي، ومحاربة تدهور التربة وانجرافها، والحد من زحف الرمال والتصحر، وذلك من أجل تحصين وتنمية قدراتنا على إنتاج مواردنا الطبيعية وتجديدها".

10-                            الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في قمة كوبنهاغن حول المناخ (17-12-2009).

"ومن هذا المنطلق، جعلنا القضايا البيئية في صلب برامجنا التنموية، سواء منها المائية، بانتهاج سياسة رائدة لتعبئة مواردنا المائية، ومحاربة الفيضانات والجفاف؛ أو بإطلاقنا وتفعيلنا لمبادرة وطنية للتنمية الفلاحية، وحماية البيئة، من خلال دعوتنا لإعداد ميثاق وطني، وكذا النجاعة الطاقية، وتطوير الطاقات المتجددة".

11-                            الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الندوة الدولية حول: "التدبير المستدام للساحل: دور التربية والتحسيس". (طنجة 09-10-2010). 

"وفيما يخص التغيرات المناخية، التي تشكل أحد الانشغالات الرئيسية للمجتمع المدني، فقد أطلقت بلادنا عدة مبادرات، نذكر من بينها مواصلة برامج حسن تدبير الموارد المائية، والحفاظ على جودتها، واعتماد استراتيجيات وطنية لمحاربة الفيضانات والتصحر، والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية".

ثانيا: المرجعية الدولية

انضم المغرب إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد و/أو من التصحر، وبخاصة في إفريقيا والموقعة بباريس في 17 يونيو 1994، وذلك بمقتضى محضر إيداع وثائق المصادقة الموقع بنيويورك  بتاريخ 7 نونبر 1996، والتي تشمل التزامات الدول الأطراف فيها إعطاء الأولوية لمحاربة التصحرعبر تخصيص موارد كافية لهذا الغرض، والقضاء على أسباب التصحر، مع إيلاء عناية خاصة للعوامل الاجتماعية والاقتصادية وإدخال الإصلاحات الضرورية في إطار سياسات جديدة على المدى البعيد وبرامج العمل الجديدة.

وفي هذا الإطار صدر الظهير الشريف رقم 1-96-1 بتاريخ 28 أبريل 1997 المتعلق بنشر الاتفاقية المذكورة، والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 4 شتنبر 1997، ليعتمد المغرب بعده بحوالي ثلاث سنوات برنامج عمل وطني لمحاربة التصحرفي يونيو 2001، وسعى إلى تعزيز جهوده وتعبئة الموارد لمحاربة التصحر، إلى جانب دمج استراتيجيات القضاء على الفقر ضمن جهود محاربة التصحر.

ويقوم الخيار الذي اعتمده برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحرعلى تكريس الوفاء بالتزاماته إزاء المجتمع الدولي من جهة، وتفضيل اتخاذ تدابير مكملة للبرامج القطاعية القائمة، بهدف المساعدة على تنفيذها وإطلاق دينامية حقيقية لتنمية قروية قوامها الإندماج ومراعاة الخصوصيات المحلية عند وضع السياسات و تشجيع الشراكة ونهج مقاربة تشاركية وقد تم وضع برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحربهدف تعزيز الترابط والتكامل بين البرامج القطاعية.

وجدير بالذكر أن البرنامج الوطني أعلاه تم تحديثه في 2014 أخذا بعين الاعتبار كل ماجاء من تحاليل و استنتاجات بهذا الخصوص، مسجلا أن هذا المشروع يرتكز أساسا على تثبيت التربة عبر محاربة انجرافها، والذي تم بموجبه معالجة 800 ألف هكتار من التربة لحماية الأرض وحماية السدود من التوحل وإحداث مجالات غابوية، وكذا تثبيت الكتبان الرملية القارية والساحلية.

ثالثا: المرجعية الدستورية

لقد أفرد المشرع الدستوري الباب الثاني من دستور 2011 للحريات والحقوق الأساسية، حيث نص في الفصل 19 منه، على مساواة الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق والحريات البيئية[3]، التي وردت في الوثيقة الدستورية وتلك المنصوص عليها في الاتفاقيات والمواثيق الدولية. هذا بالإضافة إلى التنصيص على الحق في الحياة من خلال الفصل 20، على اعتبار أن الحياة هي مناط الانشغال المشترك بحماية البيئة.كما أن تكريس الحق في المعلومة من خلال الفصل 27 يجسد أهمية نشر المعلومة البيئية ووضعها رهن إشارة العموم، لا سيما وأن الحديث في مجال البيئة يقتضي توافر معلومات والاطلاع على التقارير المنجزة وأرقام وإحصائيات لأجل بلوغ الأهداف التنموية المرتبطة أساسا باحترام البيئة.

ذلك أن  الدستور المغربي لسنة 2011 نص لأول مرة في الفصل 31 على استفادة المواطنات والمواطنين من الحق في الحصول على الماء، والعيش في بيئة سليمة، والتنمية المستدامة[4]، وذلك وفق قاعدة المساواة، وهو ما يؤكد انسجام السياق الدستوري مع مضامين تصريحي المحطتين الدوليتين الهامتين (المبادئ الأولى من تصريحي استوكهولم "1972" وريو "1992").

وفي نفس السياق ينص الفصل 35 من الدستور[5] على أن الدولة تعمل على تحقيق تنمية بشرية، من شأنها تعزيز الحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، وعلى حقوق الأجيال القادمة، وهذا نص صريح بشأن الحفاظ على عناصر البيئة الطبيعية، وضمان تنمية مستدامة تكفل مراعاة ما سنخلف من مكاسب للأجيال القادمة.

كما أن الفصل 40 من الدستور ينص على واجب التضامن في تحمل تكاليف تنمية البلاد، والأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية، وهو ما يجسد أهمية هذا التضامن الايجابي في حماية البيئة المشيدة من معمار وإسكان، من التغيرات التي تطرأ على البيئة الطبيعية.

المحور الثاني: 

المقاربة التشريعية والقضائية في مكافحة التصحر

أولا: المقاربة التشريعية

تعد المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحرالجهة الرسمية المكلفة بتنسيق إعداد سياسة الحكومة في مجال محاربة التصحرومتابعتها وتقييمها بمقتضى المرسوم رقم 2.04.503 المؤرخ في فاتح فبراير 2005)[6]. 

كما تناط بالسلطة المكلفة بالمياه والغابات ومحاربة التصحر، في إطار القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، المهام التالية:

-   إعداد وتنفيذ سياسة الحكومة في ميادين المحافظة والتنمية المستديمة للموارد الغابوية، ومروج الحلفاء والأحراج الرعوية في الأراضي الخاضعة للنظام الغابوي، وكذا تنمية موارد تربية الأسماك بالمياه القارية والوحيش والمنتزهات والمحميات الطبيعية؛

-   تنسيق وضع الآليات القانونية لإعداد وتنفيذ ومتابعة وتقييم السياسة الحكومية في ميدان محاربة التصحر؛

-   المساهمة في إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية في ميدان التنمية القروية.

ولهذا الخصوص، ومع مراعاة الاختصاصات المسندة إلى الوزارات والهيئات الأخرى بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، يعهد إلى المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بما يلي:

§                        ضمان إدارة الملك الغابوي الخاص بالدولة والممتلكات الأخرى الخاضعة للنظام الغابوي، وكذا الشرطة الغابوية ومراقبة تطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بالقطاع، وذلك بتفويض من الوزير الأول وطبقا لمقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 20 من ذي الحجة 1335(10 أكتوبر 1917) المتعلق بالمحافظة واستغلال الغابات، كما وقع تغييره وتتميمه؛

§                        المحافظة وإعداد وتنمية الموارد الغابوية ومروج الحلفاء والأحراج الرعوية في الأراضي الخاضعة للنظام الغابوي وموارد تربية الأسماك بالمياه القارية والوحيش وتثمين مختلف المنتوجات والخدمات والامتيازات المتعلقة بها؛

§                        العمل على النهوض بالأنشطة المتعلقة بتوسيع وتنمية الغابات على الأراضي ذات الطابع الغابوي غير الخاضعة للملك الغابوي؛

§                        تنسيق إعداد وتنفيذ البرامج المتعلقة بتصاميم التهيئة الخاصة بالأحواض المائية والمنتزهات والمحميات الطبيعية، وتتبع تنفيذها وتقييمها بتشاور مع مختلف الوزارات وكذا الهيئات المعنية؛

§                        تنسيق إعداد وتنفيذ برامج ومشاريع التنمية المندمجة في المناطق الغابوية ومروج الحلفاء، والمساهمة في تنفيذها ومتابعتها وتقييمها؛

§                        إنعاش وتشجيع التعاون والشراكة مع مختلف القطاعات الوزارية والهيئات المعنية والجماعات المحلية والفاعلين المتعاملين معها والمنظمات الجهوية والدولية، وكذا المهنيين والمنظمات غير الحكومية وكل مستعملي الملك الغابوي؛

§                        تنسيق، على المستوى الوطني، تنفيذ المقتضيات المتعلقة بالمعاهدات الدولية الخاصة بمحاربة التصحر والغابات، والوحيش وموطنه الطبيعي، وذلك بالتوافق مع مختلف القطاعات الوزارية والمنظمات المعنية؛

وفي هذا الصدد، فان المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، تعمل على إعداد البرنامج الوطني لمحاربة التصحر، بتنسيق مع القطاعات والمنظمات المعنية؛

§                        وضع آليات اليقظة الإستراتيجية والمستقبلية في ما يخص المحافظة على الموارد الغابوية وصيرورة ظاهرة التصحر، وتطوير نظام مندمج ومستديم لمتابعة وتقييم المشاريع وبرامج العمل، ونشر المعلومات المرتبطة بذلك؛

§                        توجيه وتنمية البحث العلمي والدراسات التقنية والاقتصادية المرتبطة بالتشخيص والمحافظة والتنمية والتثمين والمتابعة والتقييم للموارد الغابوية، ومروج الحلفاء والمراعي والتنوع الحيوي والمنتزهات  والمحميات الطبيعية.

§                        تشجيع البحث العالمي والدراسات التقنية والاقتصادية المتعلقة بتطور ظاهرة التصحر وتقييم آثارها، وكذا الطرق والوسائل المسخرة لمواجهتها.

وتهدف هذه الأدوات التشريعية والتنظيمية إلى تعزيز انخراط السكان المستغِلّين في مشاريع لإعادة تكوين الغابات وتأهيلها، وذلك من خلال انتظامهم ضمن تعاونيات أو جمعيات تضطلع بدور المخاطب فيما يتعلق بتنفيذ برامج تأهيل المجالات الغابوية ضمن إطار من المشاركة والشراكة.

ومن أجل ضمان استدامة مناطق النخيل في منطقة جنوب المغرب، تم سن قانون يتعلق بالتنمية المستدامة لمناطق النخيل وبحماية نخلة التمر. ويتيح هذا القانون رقم 1-06 تحديد مناطق الحماية والتنمية المستدامة المصنفة مناطق نخيل محمية. وعند تواجد منطقة النخيل كليا أو جزئيا في مركز حضري، يجب أن تكون هذه المنطقة موضوع خطة للحماية. كما ينظم هذا القانون استخدام نخلة التمر عبر إخضاع قطعها أو انتزاعها لقيود.

وسعيا وراء تدبير أفضل للمراعي التي تتعرض للاستغلال المفرط من طرف السكان المستغِلين، تم التوقيع على اتفاقية ثلاثية الأطراف بين القطاعات الرئيسية المكلفة بتدبير المراعي في هضاب المنطقة الشرقية. ويتعلق الأمر هنا بقطاعات وزارة الفلاحة والصيد البحري، والمفوضية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، ووزارة الداخلية. وتهدف الاتفاقية إلى إقامة تعاون وثيق بين الشركاء الثلاثة، مع تحديد الأدوار والصلاحيات المنوطة بكل طرف منهم في مجال تهيئة المراعي في هذه المنطقة وضمان تدبير مستدام لها.

ثانيا: المقاربـة القضائيـة

يكتسي الملك الغابوي أهمية كبيرة، ويلعب أدوارا اقتصادية واجتماعية وبيئية، تتجلى في توفير المواد الأولية الخام المستعملة في عدد من الصناعات كالفلين والورق والفحم والنجارة، كما أن عددا من الأسر تقـوم باستغلال الملك الغابوي إمـا عن طريق الرعي أو الكراء [7] أو الحرث، وهو علاوة على هذا الدور وذاك يساعد على تلطيف الجو وتنقية الهواء وخلق مناخ طبيعي يساهم في تساقط الأمطار والمحافظة على التربة من الانجراف.

ويلاحظ أن غابات الأركان لا يمكن أن تستغل عن طريق الحرث من طرف الأغيار، فقد راعى المشرع خصوصية شجرة الأركان وأفردها بتنظيم خاص بمقتضى الظهير الشريف الصادر في شعبان 1343 الموافق ل 4 مارس 1925 المتعلق بالمحافظة على غابات الأركان وتحديدها.

وهكذا جاء في الفصل الثاني من الظهير تعداد الحقوق الواردة على هذا النوع من الغابات كما يلي:

"يجب أن تكون الضوابط المذكورة محتوية على إثبات حقوق التصرف التي للأهليين منذ القديم في غابات شجر أركان ويبين فيها خصوصا كيفية مباشرة تلك الحقوق فيما يتعلق بالأشجار وثمارها والانتفاع بالأرض".

وفي هذا الصدد، وتكريسا للحماية القضائية لهذا النوع من الأشجار، اعتبرت محكمة النقض في أحد قراراتها المؤرخ في 27 ماي 2009 ما يلي:

"حسب مقتضيات الفصل الثالث من ظهير 4/3/1925 تمنع كل معاملة حول غابة أشجار الأركان أو إحالة بين أهالي القبائل وبين أناس أجانب عن تلك القبائل، وكل اتفاق يخالف ما ذكر يعد باطلا، وأن قيام الطرف المستأنف بكراء ملك الغابة بقصد إقامة مقلع حسب ما يفيده عقد الكراء المبرم بين الطرفين فيه مخالفة للمقتضيات القانونية أعلاه، وأن ما أثير بأن إدارة المياه والغابات قد استولت على الملك المدعى فيه لما منحت لشركة رخصة استغلاله إنما يدخل في إطار حق الدولة في إدارة الأملاك الغابوية فجاء بذلك قرارها مستندا على أساس قانوني"[8]".

وفي سياق آخر، وبالنظر للأهمية الكبيرة للغابات من الناحية البيئية، لاسيما وأنها "رئة الأرض الحقيقية" التي تتنفس بها أرضنا، وأحد أهم المصادر الطبيعية المتجددة التي تقوم بدورها الحيوي في تحقيق التوازن البيئي، اعتبرت محكمة النقض في سابقة من نوعها ما يلي:

"ما دام أن تنفيذ القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية سيؤدي إلى أضرار كارثية تتمثل في قطع أشجار غابوية، والحال أن الغابة تقوم بمهمة ايكولوجية، وان من شأن إزالتها التأثير سلبيا على المناخ وعلى التوازن البيئي ككل، فإنه يتبين من ظاهر المستندات ومن وقائع الدعوى أن هناك ظروفا استثنائية تبرر الاستجابة لطلب إيقاف تنفيذ القرار إلى حين البت في طلب النقض[9]".

ومن هذا المنطلق، وحماية للفضاء الغابوي من كل إتلاف أو تصرف مخالف للضوابط القانونية الجاري بها العمل في هذا المجال، اعتبرت محكمة النقض في أحد قراراتها ما يلي:  

"إن المحكمة لما أدانت المتهم من أجل جنحة قطع أشجار العرعار والتعشيب داخل الملك الغابوي بدون رخصة فقد استندت في ذلك على ما ثبت لديها من اعترافه بمحضر إدارة المياه والغابات الموثوق بمضمنه ما لم يثبت ما يخالفه بأنه هو من ارتكب المخالفة وحالة التلبس التي ضبط فيها. وبالنسبة للغرامات والتعويضات فقد كان ذلك تطبيقا لمقتضيات الفصول 34 و 36 و40 من ظهير 10/10/1917 المتعلق بحفظ الغابات".[10]

وسعيا وراء عدم إفلات أي شخص يعتدي على اشجار الغابة كمور بيئي طبيعي، قررت محكمة النقض في أحد قراراتها ما يلي:

" المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للجريمة بل تكون ملزمة بفحص الواقعة المطروحة عليها من خلال وثائق الملف و البحث الذي تجريه بالجلسة وفي إطار هذه السلطة المخولة لها قانونا فانه لما تبين لها أن الفعل المتابع به المتهم إنما يكيف ضمن عناصر جنحة أخذ ونقل مواد غابوية دون إذن من إدارة المياه والغابات المنصوص عليه وعلى عقوبته في الفصل 32 من ظهير 10/10/1917 يكون قرارها سليما[11]".

وفي نازلة أخرى تتعلق بحرث ملك غابوي بعد حرق جذوع الأشجار قررت محكمة النقض في أحد قراراتها أن " المحكمة لما ادانت المتهم من أجل الحرث داخل الغابة المخزنية وإتلاف أشجار الفلين الأخضر استندت على محضر إدارة المياه والغابات المحرر بصفة قانونية طبقا لمقتضيات الفصل 65 من ظهير 10/10/1917 والذي لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور والثابت منه أن محرريه عثرا على قطعة أرضية تم حرثها بعد حرق جذوع أشجار من نوع الفلين، اضافة إلى اعترافه عند الاستماع إليه تمهيديا مما يكون معه القرار قد جاء مؤسسا ومعللا[12]".

وفي إطار تفعيل مقتضيات المادة 17 من قانون 06-01 المتعلق بالتنمية المستدامة بمناطق النخيل وبحماية نخل التمر التي  تعاقب  كل من اقتلع أو قطع نخلة أو عدة نخلات ثمر دون إذن سابق م[13]ن الإدارة كما هو منصوص عليه بالمادتين 12/13، وكذا من  شوه أو أحرق  نخلة أو عدة نخلات تمر أو الحق بها ضررا مستديما أو اتلف واحدا أو  أكثر من الاخلاف أو الأغراس الفتية، اعتبرت محكمة النقض في أحد قراراتها " أن عدم تحديد المنطقة المحمية لا يعني أنه يمكن القيام بنزع براعم النخيل منها أو عدم التقيد بالمقتضيات القانونية التي توجب الحصول على إذن سابق من الإدارة للقيام بذلك ".

وحماية للملك الغابوي من الاجتثات من طرف السكان المجاورين لغابة الدولة قررت محكمة النقض في أحد قراراتها ما يلي:

" لما استندت المحكمة في إدانة الطاعن وعقابه على ما ورد في التقرير المنجز من طرف إدارة المياه والغابات بما له من حجية في الإثبات بحيث تمت معاينة اجتثاث حديث لعدة أشجار حية من الكالبتوس خلال هجوم جماعي من طرف سكان الدوار المحاذي لغابة الدولة، وعلى ما أسفر عليه البحث الذي أجراه أعوان إدارة المياه والغابات من كون الطاعن هو المخالف، الذي تم استفساره في الموضوع فاعترف باقترافه المخالفة، فإن قرارها يكون معللا بما فيه الكفاية ولم يخرق القانون "[14].

ونظرا لخصوصية الضرر البيئي باعتباره واقعة مستمرة لايخضع للتقادم حسبما كرسته محكمة في أحد قراراتها الذي جاء فيه ما يلي:

 " بصرف النظر عن كون التقادم هو دفع موضوعي يمكن التمسك به في أية مرحلة من مراحل الدعوى ابتدائيا واستئنافيا فإنه لا محل لتطبيقه في النازلة باعتبار أن الدخان الذي تنفته معامل المستأنف عليه والنفايات الكيماوية الملقاة من طرفه تعتبر واقعة مستمرة لا تخضع للتقادم "[15].

كما أن المسؤولية البيئية تقوم على نظرية مضار الجوار أو ما يعرف بالضرر غير المألوف وفق ما أكدته محكمة النقض في نازلة تتجلى وقائعها في انبعاث الدخان والغازات من إحدى المعامل وقد تسببت في الإضرار بمزروعات المطلوب، وهي مسؤولية لا تقوم على الخطأ أو على التعسف في استعمال الحق وإنما تقوم على نظرية تحمل التبعية، بمعنى أن المعمل يتحمل نتيجة نشاط استعمالاته التي يستفيد منها فيبقى عليه مقابل ذلك تعويض أصحاب الأراضي المجاورة والمتضررة[16]

 [1]-لذلك فإن التصحر يؤدى إلي انخفاض إنتاج الحياة النباتية، ولقد بلغ مجموع المساحات المتصحرة في العالم حوالي 46 مليون كيلومتر مربع يخص الوطن العربي منها حوالي 13 مليون كيلومتر مربع أي حوالي 28% من جملة المناطق المتصحرة في العالم.

[2]-ويرى روزا نوف ان " التصحر عملية تحول غير عكسي في الأرض الجافة والغطاء النباتي يؤدي إلى

الجفاف وتضاؤل الإنتاجية الحيوية التي قد تنتهي في الحالات الشديدة إلى تمام تلف المجال الحيوي وتحول الأرض إلى صحراء. ويقصد بالتحول غير العكسي تغير الأرض أو الغطاء النباتي الذي يستوجب تدخل الإنسان لمعالجته أو أن العمليات الطبيعية تعيده إلى حالته الطبيعية الأصلية، ولو أن الاعتماد على هذه العمليات الطبيعية يقتضي أجيالاً أو قروناً حتى يتحقق ".

[3]- ينص الفصل 19 من الدستور على ما يلي:

"يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها".

[4]- ينص الفصل 31 من الدستور على ما يلي:

"تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحقوق التالية:  

-الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛

-التنمية المستدامة ".

[5]- ينص الفصل 35 من الدستور على ما يلي: "تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة، والتنافس الحر. كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية مستدامة، من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، وعلى حقوق الأجيال القادمة".

كما أن الفصل 152 من نفس الدستور يلزم الحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في جميع القضايا، التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي، يدلي المجلس برأيه في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة.

[6]-جريدة رسمية عدد 5292 صادرة بتاريخ ( 8 محرم 1426)  17فبراير 2005.

[7]- راجع الظهير الشريف الصادر في 10 أكتوبر 1917 المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغلالها كما وقع تغييره وتتميمه بظهير 30 أبريل 1949 وظهير 17-04-1959.

[8]-قرار محكمة النقض عدد 1926 الصادر بتاريخ 27 ماي 2009 في الملف المدني عدد 3664/1/6/2007 جاء في حيثياته ما يلي:

" لكن، ردا على الوسائل مجتمعة لتداخلها فإن الإدلاء بالحجج لأول مرة أمام المجلس الأعلى غير مقبول، وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما لها من سلطة في تقييم الحجج المعروضة عليها لما اعتمدت بالأساس على المعاينة المجراة من طرف المحكمة الابتدائية بكلميم بتاريخ 11/6/1999 وعلى مقتضيات ظهيري 10/10/1917 و4/3/1925 وعللت قضاءها "بأن المستأنفين ولإثبات تملكهما وحيازتهما للمدعى فيه اكتفيا بالإدلاء بعقود شراء قديمة معرفة لإثبات الملكية في حالة النزاع وأن المحكمة الابتدائية عند انتقالها إلى عين المكان قد وقفت على الطبيعة الغابوية للملك موضوع النزاع الذي توجد به أشجار الأركان المحمية قانونا بمقتضيات ظهير 4/3/1925 الذي حدد ضوابط استغلال مثل هذه الأملاك في منح سكان القبيلة المجاورين الحق في استغلال الغابة بالحرث وجمع الغلة والرعي دون حق ملكية الأرض والأشجار التي تبقى خاضعة للنظام الغابوي طبقا لمقتضيات الفصل الأول من ظهير 10/10/1917 ولا يمكن التصرف فيها عملا بمقتضيات الفصل 2 من نفس الظهير، كما أنه قد ورد في الفصل الثالث من ظهير 4/3/1925 بأنه في غابة أشجار الأركان تمنع كل معاملة أو إحالة بين أهالي القبائل وبين أناس أجانب عن تلك القبائل، وكل اتفاق يخالف ما ذكر يعد باطلا لا يعتد به على الإطلاق، وأن قيام المستأنفين بكراء ملك الغابة إلى الغير "المطلوب حضورها شركة تومريو" بقصد إقامة مقلع حسب ما يفيده عقد الكراء المبرم بيـن الطرفين بتاريـخ 9/11/1992 فيه مخالفة للمقتضيات القانونية أعلاه، وأن ما أثاره المستأنف بأن إدارة المياه والغابات قد استولت على الملك المدعى فيه لما منحت لشركة "..." رخصة استغلاله إنما ما يدخل في إطار حق الدولة في إدارة الأملاك الغابوية" فجاء بذلك قرارها معللا تعليلا كافيا ومستندا على أساس قانوني، وما بالوسائل غير جدير بالاعتبار ".

[9]-قرار محكمة النقض عدد 419 صادر بتاريخ 3 يونيو 2010 في الملف الإداري عدد 481/4/1/2010. ومما جاء فيه ما يلي:

"... حيث تقدم السيد الوكيل القضائي بتاريخ 20/4/2010 بمقال رام إلى إيقاف تنفيذ القرار المشار إلى مراجعه أعلاه لحين البت في الطعن بالنقض المقدم ضد ذلك القرار، وركز الطالب طلبه على عدة أسباب من بينها أن تنفيذ القرار سيؤدي إلى أضرار كارثية تتمثل في قطع أشجار غابوية والحال أن الغابة تقوم بمهمة ايكولوجية هامة، بحيث أنها تعتبر الرئة التي تتنفس بها المنطقة، وان من شأن إزالتها التأثير سلبيا على المناخ بالمنطقة وعلى صحة المواطنين وعلى التوازن البيئي ككل .

حيث يتبين من ظاهر المستندات ومن وقائع الدعوى أن هناك ظروفا استثنائية تبرر الاستجابة للطلب

لهذه الأسباب: قضى المجلس الأعلى بإيقاف تنفيذ القرار عدد 2574 الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 9/12/2009 إلى حين البت في طلب النقض.

[10]- قرار محكمة النقض عدد 1101 الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2011 في الملف الجنحي عدد 11753/6/8/2011. ومما جاء في حيثياته :

"في شأن وسيلة النقض الفريدة المتخذة من انعدام الأساس القانوني وانعدام التعليل ذلك أن المحكمة عللت قرارها بوجود حالة التلبس إلا أن لا محضر أعوان المياه والغابات ولا المتابعة لم يشرا إلى ذلك ثم إن الطاعن أنكر المنسوب إليه في سائر المراحل وأن أعوان المياه والغابات لم يعاينوه وهو يقوم بالتعشيب أو قطع الأشجار كما أنهم اقتصروا على استفساره وفي غياب المواد المحجوزة ثم إن المحكمة لم تعلل قرارها بالحكم عليه بالغرامة والتعويضات المطلوبة في المحضر المذكور مع العلم أن هذه الطلبات غير ملزمة للمحكمة الأمر الذي يعرض قرارها للنقض والإبطال.

لكن، حيث من جهة إن القرار المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيكون قد تبنى علله وأسبابه وأن الحكم الابتدائي المؤيد عندما قضى بإدانة الطاعن من أجل المخالفة الغابوية فقد استند في ذلك على ما ثبت للمحكمة من اعترافه بمحضر إدارة المياه والغابات الموثوق بمضمنه ما لم يثبت ما يخالفه بأنه هو من ارتكب المخالفة المذكورة وحالة التلبس التي ضبط فيها.

ومن جهة أخرى، فإن المحكمة عندما قضت على الطاعن بالغرامات والتعويضات كما هو مسطر بمنطوق قرارها فقد كان ذلك تطبيقا لمقتضيات الفصول 34، 36، و40 من ظهير 10/10/1917 المتعلق بحفظ الغابات وبذلك يكون القرار المطعون فيه بتبنيه علل وأسباب الحكم الابتدائي قد جاء معللا ومؤسسا والوسيلة على غير أساس ".

[11]- القرار عدد 871 الصادر بتاريخ 21 أكتوبر 2010 في الملف الجنحي عدد 5294/6/8/2010، والذي جاء فيه:

" ... في شأن الفرع الأول من وسيلة النقض الأولى ووسيلة النقض الثانية مجتمعين المتخذ حسب الفرع من خرق القواعد الجوهرية في إجراءات المسطرة. خرق مقتضيات المادة 36 من قانون المسطرة الجنائية ذلك أن المحكمة مقيدة بالوصف القانوني الذي تصف به النيابة العامة الجريمة ولا يمكنها أن تضيف فصولا جديدة وبالرجوع إلى حيثيات الحكم الابتدائي يلاحظ أن المحكمة صرحت بأن الفعل الثابت في حق الطاعن معاقب عليه بمقتضى الفصل 32 من ظهير 10/10/1917 في حين أن صك المتابعة اكتفى بذكر الظهير ولم يحدد أي فصل بالمرة كما أن الحكم الابتدائي أضاف تهمة الأخذ والنقل من الغابة لتلك المواد وأن القرار المطعون فيه أيده متبنيا علله وأسبابه مما يعتبر خرقا لمقتضيات المادة 36 المذكورة أعلاه وإخلالا بحقوق الدفاع.

والمتخذ حسب الوسيلة الثانية من الشطط في استعمال السلطة وخرق مقتضيات الفصل 36 المذكور ذلك أن الوصف القانوني للجرائم جعله المشرع المغربي من اختصاص النيابة العامة تكريسا لمبدأ فصل السلط والمحكمة ملزمة بالنظر في هذا الوصف فإن كان ينطبق على الواقعة طبقته وإذا لم ينطبق تصرح ببراءة المتهم والقرار المطعون فيه عندما أيد الحكم الابتدائي وأضاف جنحة الأخذ والنقل لمواد غابوية خلافا لوصف النيابة العامة يكون قد أخل بمبدأ فصل السلط مما يعرضه للنقض والإبطال.

لكن، حيث إن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للجريمة بل إنها ملزمة بأن تفحص الواقعة المطروحة عليها وأن تنظر في حقيقتها كما تبين لها من خلال وثائق الملف ومن البحث الذي تجريه بالجلسة وان المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه وفي إطار هذه السلطة المخولة لها قانونا ومن خلال دراستها ومناقشتها لوقائع القضية والظروف المحيطة بها تبين لها أن الفعل المتابع به الطاعن إنما يكيف ضمن عناصر جنحة أخذ ونقل مواد غابوية دون إذن من إدارة المياه والغابات المنصوص عليه وعلى عقوبته في الفصل 32 من ظهير 10/10/1917 مما يكون معه القرار المطعون فيه سليما ولا يؤيد أي خرق للقانون والفرع والوسيلة على غير أساس.

في شأن الفرع الثاني من وسيلة النقض الأولى المتخذ من الإخلال بحق الدفاع خرق الفصل الثالث من قانون المسطرة الجنائية ذلك أنه بالرجوع إلى صك المتابعة لا يتبين منه أي تحديد لنص من الظهير المتعلق بحفظ الغابة وأن القرار المطعون فيه لما صرح بتأييد الحكم الابتدائي الذي أغفل عن تحديد النص يكون قد خرق حقا من حقوق الدفاع ويعرضه للنقض والإبطال.

لكن، حيث إن القرار المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي وأن هذا الأخير كما هو ثابت من حيثياته أشار إلى الفصل المطبق في النازلة مما تكون معه الوسيلة خلاف الواقع.

في شأن وسيلتي النقض الثالثة والرابعة بفروعهما مجتمعة المتخذة أولاهما من الخرق الجوهري للقانون خرق مقتضيات المادة 286 من قانون المسطرة الجنائية حسب الفرع الأول ذلك أن المادة المذكورة توجب أن يتضمن القرار العناصر التي تشكل قناعة المحكمة وأنه ليس بالملف ما يفيد قيام الطاعن بأخذ ونقل المواد الغابوية دون إذن وإنما اشتراها من مدينة كرسيف مما يعتبر خرقا للمادة المذكورة.

خرق مقتضيات المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية حسب الفرع الثاني ذلك أن القرار المطعون فيه عندما أيد الحكم الابتدائي الذي قضى بإدانة الطاعن من أجل فعل غير مجرم بمقتضى نص خاص ومحدد في صك المتابعة يكون بدوره قد خرق مقتضيات الفصل 3 من القانون الجنائي مما يعرضه للنقض والإبطال.

والمتخذة ثانيتهما بفرعيها مجتمعين من انعدام الأساس القانوني أو انعدام التعليل ذلك أنه وحسب الفرع الأول فإن القرار المطعون فيه خرق مقتضيات المادة 365 من قانون المسطرة الجنائية طالما أن كل حكم يجب أن يتضمن بيان الوقائع موضوع المتابعة وتاريخها ومكان اقترافها والأسباب الواقعية والقانونية التي بني عليها إلا أن الحكم الابتدائي لم يشير إلى ذلك وأن القرار المطعون فيه عندما أيده يكون قد خرق المادة المذكور.

وحسب الفرع الثاني فإن القرار المذكور حرف وقائع القضية إذ بالرجوع إلى محضر إدارة المياه والغابات يلاحظ أن الفعل الثابت في حق العارض هو حيازة مواد غابوية دون إذن إلا أن المحكمة بدرجتيها عندما أدانته من أجل أخذ ونقل مواد غابوية تكون قد حرفت الوقائع علما أن الطاعن اشترى المواد المذكورة من أحد الباعة بمدينة كرسيف مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض والإبطال.

لكن، حيث من جهة أولى فإن الثابت من القرار المطعون فيه أنه يتضمن الوقائع موضوع المتابعة وتاريخها ومكان اقترافها كما تضمنها محضر الضابطة القضائية والحكم الابتدائي وفي زمن لم يمض عليه أمد التقادم الجنائي.

ومن جهة أخرى فإن القرار المذكور عندما قضى مبدئيا بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بإدانة الطاعن من أجل الجنحة الغابوية المشار إليها في المنطوق أعلاه يكون قد تبنى علله وأسبابه وأن الحكم الابتدائي المؤيد استند في ذلك على اعترافه بمحضر إدارة المياه والغابات الموقع من طرف عونين والذي لا يمكن الطعن فيه إلا عن طريق الزور بحيازته لـ 255 رافدة أرز دون توفره على رخصة تسمح له بذلك مما تكون معه المحكمة قد أبرزت بما فيه الكفاية العناصر الواقعية والقانونية المكونة للفعل الذي أدانته من أجله طالما أنه تم ضبط المواد الغابوية التي نقلها من الغابة بحوزته فجاء قرارها بتبنيه لعلل وأسباب الحكم الابتدائي معللا ومؤسسا ولا يشوبه أي خرق للقانون أو تحريف للوقائع وكانت الوسيلتان فيما اشتملتا عليه على غير أساس ".

[12]- قرار محكمة النقض عدد 985 الصادر بتاريخ 29 شتنبر 2011 في الملف الجنحي عدد 7261/6/8/2011 والذي فيه:

" في شأن وسيلة النقض الفريدة المتخذة من انعدام الأساس القانوني الناتج عن ضعف التعليل الموازي لانعدامه ذلك أن القرار المطعون فيه اعتمد في ثبوت الفعل المنسوب إلى الطاعن على مضمون المحضر

 - تقرير المياه والغابات. والحال أن المحضر جاء خلاف الفصل 291 من قانون المسطرة الجنائية علاقة بمقتضيات الفصول 65 و 66 و58 من ظهير 10/10/1917 إذ أن الطالب لم يضبط في حالة تلبس وهو يقوم بالمنسوب إليه، لاسيما أنه أنكر ذلك أمام المحكمة مادام أن محضر المتابعة يشير إلى ذلك في وقائعه مما يكون معه القرار قد خرق مقتضيات هذا الفصل.

هذا فضلا عن كون المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه ثبت لها بكون الهوية الكاملة للطالب

 – خاصة اسم أمه – غير متوفرة في النازلة ونتيجة لذلك قررت استدعاء محرر المحضر للاستماع إليه في الموضوع، وعدلت عن ذلك دون تبرير لهذا العدول مما يشكل خرقا لحق من حقوق الدفاع ويتعين معه نقض القرار.

لكن، حيث إن القرار المطعون فيه استند فيما قضى به من إدانة الطاعن بالمنسوب إليه على محضر إدارة المياه والغابات المحرر بصفة قانونية طبقا لمقتضيات الفصل 65 من ظهير 10/10/1917 والذي لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور والثابت منه أن محرريه عثرا على قطعة أرضية مساحتها 0,60 هكتار تم حرثها بعد حرق جذوع 9 أشجار من نوع الفلين، وبعد البحث توصلا إلى أن الطاعن هو من قام بذلك ولدى الاستماع إليه تمهيديا اعترف بما نسب إليه فضلا على أن التحقق من الهوية أمر موكول لمحكمة الموضوع وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد جاء مؤسسا ومعللا تعليلا كافيا والوسيلة بالتالي على غير أساس ".

[13]- قرار صادر في ا لملف الجنحيرقم 11015/10 جاء في معرض حيثياته ما يلي:

" ومن جهة ثانية فإن المحكمة لما أفادت في إحدى تنصيصاتها الواردة بالصفحة 11 من قرارها  بأن " عدم تحديد المنطقة المحمية لا يعني أنه يمكن القيام بنزع براعم النخيل منها أو عدم التقيد بالمقتضيات القانونية التي توجب الحصول على إذن سابق من الإدارة للقيام بذلك وكما تشترط ذلك المادة 17 من الظهير التي  تعاقب  كل من اقتلع أو قطع نخلة أو عدة نخلات ثمر دون إذن سابق من الإدارة كما هو منصوص  عليه  بالمادتين  12/13 كذلك من  شوه أو أحرق  نخلة أو عدة نخلات تمر أو الحق بها ضررا مستديما أو اتلف واحدا أو  أكثر من الاخلاف أو الأغراس الفتية.." تكون  قد أجابت على ما تضمنته مذكرة الطاعن من وسائل تعلقت بعدم  توفر الشروط المحددة في قانون 06-01 المتعلق بالتنمية المستدامة بمناطق النخيل وبحماية نخل التمر الذي توبع بمقتضياته وعللت قرارها تعليلا كافيا من الناحيتين الواقعية والقانونية وطبقت مقتضيات القانون المذكور الذي كان ساري المفعول وقت ارتكاب الفعل  الجرمي على اعتباره أنه  نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 23/4/2007 والفعل ارتكب بتاريخ 30/8/2010 دون أن يكتنف قرارها أي خرق لحقوق الدفاع ولا خطأ ولا نقصان في تعليله ولا في تفسير مقتضيات الفصل الثالث من  القانون  المطبق في النازلة مما  تبقى  معه الوسائل  الثلاثة على غير أساس ".         

[14]- القرار رقم 208/8 المؤرخ في12/02/2015 ملف جنحي رقم 13296/6/8/2014.

[15]- القرار رقم 512 المؤرخ في 23 مايو2007 ملف إداري رقم  1226/4/2/2006.

-       - راجع كذلك قرار آخر لمحكمة الموضوع في نفس الموضوع مؤرخ في : 18/07/2007 ملف إداري عدد : 1188/4/2/2006 جاء فيه ما يلي:

" لما استخلصت محكمة الموضوع في حكمها توافر شرطي الفصل 106 من ق ل ع بسبب قرب أراضي المدعية المستأنفة من منشآت المكتب الشريف للفوسفاط رغم أنه ليس في الملف ما يثبت هذا العلم تكون قد طبقت الفصل المذكور تطبيقا خاطئا، فضلا على أن انبعاث الدخان من المنشآت واستمرار وجودها بالموقع واقعة مستمرة، لذلك لا يمكن الأخذ فيها بالتقادم مما يجعل الحكم المستأنف مجانبا للصواب عندما قضى بالتعويض فقط عن الخمس سنوات السابقة لتاريخ رفع الدعوى ويتعين تعديله بالحكم بالتعويض عن كل المدة المطلوبة أي ابتداء من سنة 1981 إلى 2004 ".

-       انظر قرار آخر في نازلة مماثلة مؤرخ في 26 فبراير2013 ملف مدني قرار 3291/1/5/2012 جاء فيه ما يلي:

" إذا كان الضرر ثابتا لمحكمة الاستئناف بضجيج وغبار الآلات الناتج عن محل حرفي يستغل في ممارسة أعمال النجارة بواسطة آلات كهربائية ينتج عنها ضجيج وتلوث وروائح بسبب المواد الكيماوية والغبار، فهي غير ملزمة بالبحث في أعمال غير الطاعن التي ثبت للمحكمة أنها تسبب هذا النوع من الضرر المتقلب الذي لا يخضع للتقادم لعدم معرفة بداية تأثيره خاصة أن إصابة عائلة المطلوب بالربو يؤثر فيه الغبار حتى ولو لم يكن الربو نتيجة هذا الغبار، وتوفر المحكمة على كل العناصر المبررة لرفع الضرر يغنيها عن إجراء بحث أو خبرة أخرى ".   

[16]- القرار رقم 633 المؤرخ في 09 يوليوز2008 ملف إداري  رقم 460/4/2/2007.

تعليقات