القائمة الرئيسية

الصفحات



الغرامة التهديدية كوسيلة لإجبار الإدارة على تنفيذ أحكام القضاء الإداري

الغرامة التهديدية كوسيلة لإجبار الإدارة على تنفيذ أحكام القضاء الإداري
 الأستاذ محمد قصري

الوكيل القضائي للمملكة




مقدمـــة:

في الواقع لا قيمة للقانون بدون تنفيذ ولا قيمة لأحكام القضاء بدون تنفيذها ولا قيمة لمبدأ الشرعية في الدولة ما لم يقترن بمبدأ آخر مضمونه احترام أحكام القضاء وضرورة تنفيذها، وإلا فماذا يجدي أن يجتهد ويبتكر القاضي الإداري في إيجاد الحلول الناجعة بما يتلاءم وصون الحقوق والحريات والمشروعية إذا كانت أحكامه مصيرها الموت. فما يطمح إليه كل متقاض من رفع دعواه لدى القضاء الإداري ليس هو إغناء الاجتهاد القضائي في المادة الإدارية، بل استصدار حكم لصالحه يحمي حقوقه المعتدى عليها من طرف الإدارة مع ترجمة منطوقه على أرض الواقع بتنفيذه.

إن عدم التنفيذ يضرب في الصميم حرمة وهيبة وقدسية القضاء، ويزرع الشك حول فعالية وجدوى قضاء إداري يقتصر دوره على معاينة عدم مشروعية المقررات الإدارية المطعون فيها أو الحكم بالتعويض، إن ذلك يتعارض مع الآمال المعقودة على هذه المحاكم في بناء صرح دولة الحق والقانون فبدون تنفيذ تصير الأحكام عديمة الجدوى  والفعالية ويفقد الناس ثقتهم في القضاء ويدب اليأس في نفوسهم وينعدم الأمن والاستقرار وذلك كما يقول صاحب الجلالة الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته: " يجر المرء إلى تفكير آخر هو انحلال الدولة ".

وبهذا المعنى يؤكد الدكتور عصمت عبد الله الشيخ[1]: " إن الحقيقة التي تفرض وجودها وتؤكد ثبوتها جهرا وبيانا أن في إهدار الأحكام النهائية بالامتناع عن تنفيذها يفقد الإنسان الطمأنينة والإحساس بأن مصالحه مضمونة وهو ما ينعكس على ولاءه وعطاءه لوطنه ". 

وإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية يكمن في الأساس في غياب مسطرة فعالة وناجعة لإجبار الإدارة على التنفيذ، فقانون المحاكم الإدارية وكذلك قانون المسطرة المدنية لا يتضمنان الوسائل اللازمة لجبر الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به.

وقد استقرت أحكام القضاء الإداري بالمغرب[2] وفرنسا[3] ومصر[4]،على أن عدم تنفيذ الشيء المقضي به يعتبر دائما خطأ على أساس أن امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم ينطوي على مخالفة أصل من الأصول القانونية، وهو احترام حجية الشيء المقضي به والذي من شأنه إشاعة الطمأنينة واستقرار الأوضاع وإحاطة القضاء بسياج من الحماية وأن امتناع الإدارة عن تنفيذ قوة الشيء المقضي به هو مخالفة قانونية صارخة لقوانين التنظيم الأساسي والإجراءات القضائية التي باحترامها يحترم النظام العام، ذلك أنه لا يليق بحكومة في بلد متحضر أن تمتنع عن تنفيذ الأحكام النهائية بغير وجه قانوني لما يترتب عن هذه المخالفة الخطيرة من إشاعة الفوضى وفقدان الثقة في سيادة القانون.   

فالمشرع في القانون 90-41 من خلال الفصل 49 منه اكتفى بالقول على أنه يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط  المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم ويمكن للمجلس أن يعهد تنفيذ قراراته إلى محكمة إدارية، كما أن المادة 7 منه نصت على أن تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك. وإذا كانت الأحكام القضائية الصادرة ضد الأفراد الحائزة لقوة الشيء المقضي به تتضمن في مواجهتهم إمكانية التنفيذ الجبري المنصوص عليها بالباب الثالث من قانون المسطرة المدنية فإن هاته القواعد الجبرية المحال عليها بموجب الفصل 7 من القانون 90-41 لا نجد لها تطبيقا في مواجهة أشخاص القانون العام لاعتبارات خاصة تحظر التنفيذ الجبري ضد الإدارة تستمد جذورها من نظرية القانون العام كالفصل بين السلطات واستقلال الإدارة في مواجهة القاضي، وامتياز التنفيذ المباشر، واختلاف الصيغة التنفيذية للأحكام الإدارية عن الأحكام العادية القابلة للتنفيذ الجبري، وحسن سير المرافق العامة بانتظام وعدم تعطيل وظيفة النفع العمومي، ومن ثم  يبقى تنفيذ الأحكام الإدارية مرتبط بأخلاقيات الإدارة وامتثالها طواعية للتنفيذ. وعملية التنفيذ في مواجهة الإدارة تنطلق بصدور الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به وتذييله بالصيغة التنفيذية الخاصة بالأحكام المدنية إعمالا للفصل 7 من القانون 90-41 المحيل على قواعد المسطرة المدنية في انتظار تدخل تشريعي، وقد يذيل هذا الحكم من طرف المحكمة الإدارية المصدرة للحكم أم من طرف محكمة الاستئناف الإدارية في حالة إلغاء الحكم والتصدي للنزاع، وقد ينفذ من المحكمة المصدرة للحكم عن طريق توجيه الملف التنفيذي  للعون القضائي المختار من طرف طالب التنفيذ تفاديا للإشكاليات القانونية المترتبة عن توجيه إنابة قضائية إلى المحكمة العادية التي يقع بدائرتها التنفيذ أو بواسطة إنابة  لمحكمة إدارية أخرى. وبالنظر لما تتمتع  به الإدارة من استقلال بسبب حظر التنفيذ الجبري ضدها فهي قد تتما طل أو تمتنع عن التنفيذ، وإذا كان المشرع الفرنسي قد سن تدابير خاصة لحمل الإدارة على التنفيذ ممثلة في نظام وسيط الجمهورية[5] الذي يتدخل لدى الإدارة المعنية بالتنفيذ لحملها على الرضوخ لقوة الشيء المقضي به داخل أجل معين تحت طائلة تحرير تقرير خاص ينشر في الجريدة الرسمية ويتم الإعلان عنه للعموم، وفي فرض الغرامة التهديدية في حق الإدارة الممتنعة عن التنفيذ[6] من طرف مجلس الدولة أو المحاكم الإدارية هذا فضلا عن إمكانية تغريم المسؤول عن الإدارة المعنية من طرف المحكمة المختصة بالشؤون المالية والميزانية، واعتبار الحكم الصادر بأداء مبلغ مالي بمثابة أمر بحوالة يقدم إلى أمين الحساب العام المختص الذي يقوم بتنفيذه بمجرد  الإطلاع عليه إذا كان الأمر يتعلق بتنفيذه ضد الدولة وحتى إذا كان الحكم صادرا في مواجهة جماعة محلية، تحرر السلطة الوصية أمر رسميا بصرف المبلغ المحكوم به ويقيد بجدول ميزانية المصاريف تلقائيا.

وإذا كان المشرع المصري قد قرر جزاءات خاصة تحمل الإدارة على التنفيذ كتقريره للمسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ وتقرير مسؤوليته الجنائية بموجب الدستور المصري[7] والفصل 123[8] من قانون العقوبات المصري، فضلا عن إثارة المسؤولية السياسية أمام مجلس الوزراء عن طريق تقديم رئيس مجلس الدولة سنويا لتقرير يتضمن ما أظهرته الأحكام والبحوث من نقص في التشريع أو غموض فيه، وحالات إساءة استعمال السلطة التي تدخل فيها حالات الامتناع عن تنفيذ الأحكام أو تعطيلها.

وإذا كانت المحاكم الإدارية تعتبر محاكم عادية مندرجة في التنظيم القضائي للمملكة مع تخصصها في المادة الإدارية، وأن القول بوحدة القضاء يعني توحيد المسطرة وبالتالي توحيد مسطرة التنفيذ وأن تنفيذ الأحكام الإدارية لذلك يخضع للقواعد العامة للتنفيذ كما هي منصوص عليها بقانون المسطرة المدنية، فإنه بالرجوع إلى هاته المقتضيات القانونية نلاحظ غيابا تاما لوسائل التنفيذ الجبري للأحكام الصادرة ضد الإدارة.

وأمام هذا الفراغ التشريعي لم يبق القاضي الإداري مكتوف الأيدي أمام استفحال ظاهرة امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، بل انطلاقا من دور القضاء الإداري كقانون قضائي يسعى إلى خلق القاعدة القانونية وتكريسا لدوره الخلاق والمبتــكر وانطلاقا من التفسير الواسع لأحكام المادة 7 من القانون 90-41 الذي ينص على تطبيق قواعد المسطرة المدنية ما لم يوجد نص مخالف اهتدى القاضي الإداري إلى بعض الوسائل المنصوص عليها بقانون المسطرة المدنية لحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها كالغرامة التهديدية والحجز علاوة على وسيلتين أخريتين غير منصوص عليهما قانونا، ويتعلق الأمر بالتنفيذ التلقائي ضد الإدارة في الحالة التي لا يستلزم تنفيذ الحكم أي تدخل من جانبها[9] والمساءلة الشخصية للمسؤول الإداري الرافض لتنفيذ الحكم المكتسب لقوة الشيء المقضي به.

وعلى هدى ما تقدم، تتضح معالم هذا البحث كما يلي : سوف نتناول في فقرات متتالية مفهوم الغرامة التهديدية، خصائصها، ومبررات تحديدها في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، وما إذا كان يجوز تحديدها لمنطوق الحكم أم بعد تسجيل امتناع  الإدارة عن التنفيذ، ومبررات  تحديدها بين الإدارة والمسؤول عن التنفيذ وبين أحكام الإلغاء وأحكام القضاء الشامل، مع بيان الجهة المختصة لتحديدها والقواعد التي تحكم تصفيتها بين اعتبارها مستقلة ومنفصلة عن التعويض وبين إخضاعها في التصفية لأهمية الضرر ونوعه ومداه.

الغرامة التهديدية والقواعد التي تحكم تطبيقها أمام القضاء الإداري

تعتبر الغرامة التهديدية وسيلة غير مباشرة لتنفيذ الأحكام الإدارية الحائزة لقوة الشيء المقضي به، وكذا وسيلة لحمل الإدارة على تنفيذ تلك الأحكام، والقاضي الإداري وهو يقوم بتوقيع الغرامة التهديدية ضد الإدارة لا يعتبر تدخلا  منه ضد الإدارة ولا هو يحل محلها في شيء ولا يمس في ذلك الفصل بين السلط، ولكنه لا يفعل سوى أن يذكر الإدارة بالتزاماتها الأساسية المتمثلة في احترام مضمون قوة الشيء المقضي به مع إلباس هذا التذكير ثوب التحذير الرسمي وهو التهديد بجزاء مالي فما هو مفهوم الغرامة التهديدية وما هي خصائصها ومبررات تحديدها من طرف القضاء الإداري على ضوء قانون إحداث المحاكم الإدارية والقواعد العامة للمسطرة المدنية. وما هو موقف المشرع الفرنسي منها وهل تحدد بمنطوق الحكم أم بعد تسجيل امتناع الإدارة عن التنفيذ ومن هو الشخص المعني بتحديدها الإدارة أم المسؤول عن التنفيذ، وهل تحدد من طرف القضاء الإداري في غيبة الأطراف بناء على الفصل 148 من ق.م.م أم بشكل تواجهي وما هو موقف القضاء الإداري منها بين دعاوى الإلغاء و دعاوى القضاء الشامل ؟ وما هي الجهة المختصة لتحديدها وتصفيتها بين القضاء العادي والإداري ؟ هاته مجموعة من التساؤلات سنحاول من خلال هذا الموضوع الإجابة عنها تباعا من خلال الفقرات المتتالية بعده.

   الفقرة الأولى:مفهوم الغرامة التهديدية وخصائصها

إن الغرامة التهديدية وسيلة قانونية منحها المشرع بمقتضى المادة 448 من قانون المسطرة المدنية للدائن لتمكينه من الحصول على التنفيذ العيني، متى كان الأمر يتعلق بالقيام بعمل أو بالإمتناع عنه لصيق بشخص المنفذ عليه، ممكن وجائز قانونا وتلزم إرادته في تنفيذه ولا تسعف فيه إجراءات التنفيذ الجبري ومن خصائص الغرامة التهديدية أنها تهديدية وتحذيرية وتحكمية ولا يقضى بها إلا بناء على طلب.

وهي تهديدية تحذيرية لكونها تنبه المحكوم عليه إلى الجزاءات المالية التي سوف يتعرض لها إن هو استمر في مقاومة تنفيذ الحكم الصادر ضده، وهي تحذر المحكوم عليه إلى الالتزامات المالية التي سوف تثقل عاتقه في حالة امتناعه عن تنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به، وتتميز بكونها تحكمية يؤخذ في تحديدها مدى تعنت المدين في تنفيذ التزامه الوارد بمنطوق الحكم المعني بالتنفيذ ومن جملة خصائصها أنه لا يقضى بها تلقائيا بل بناء على المطالبة القضائية لصاحب الشأن وهي تنقلب في نهاية الأمر إلى تعويض يحدد تبعا لطبيعة الضرر وأهميته ومداه الناتج عن الامتناع عن التنفيذ مع الأخذ بعين الإعتبار تعنت المدين.

هاته هي الغرامة التهديدية وخصائصها، فما هي مبررات تحديدها من طرف القضاء الإداري ؟

الفقرة الثانية : مبررات تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة أو المسؤول عن التنفيذ على ضوء قانون إحداث المحاكم الإدارية 90-41 والقواعد العامة للمسطرة المدنية

بمراجعة القانون المحدث للمحاكم الإدارية لا نجده ينص على مقتضيات خاصة لمواجهة امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، لذا فالمرجع القانوني في حل الإشكال المطروح هو المادة 7 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية التي تحيل مقتضياتها على قواعد المسطرة المدنية.

لذا فالقاضي الإداري المغربي يعتمد في فرض الغرامة التهديدية على نظام وحدة القضاء من جهة التي تقتضي تطبيق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات الإدارية والمدنية على حد سواء، ذلك أن وحدة مسطرة التقاضي تؤدي منطقيا إلى وحدة مسطرة التنفيذ، خصوصا وأن المحاكم الإدارية تعتبر محاكم عادية مندرجة في النظام القضائي للمملكة مع تخصصها في المادة الإدارية. ومن جهة أخرى، بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون 90-41 نجده ينص في الباب الثالث المتعلق بالقواعد العامة للتنفيذ من خلال الفصل 448 على الغرامة التهديدية كوسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على التنفيذ في غياب أي نص قانوني يستثني الإدارة من هاته الوسيلة. والملاحظ أن كلمة المنفذ عليه الواردة بالفصل المذكور جاءت عامة مما يعني جواز تحديدها سواء ضد أشخاص القانون العام أو الخاص كلما تعلق الأمر بامتناع عن تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، لذلك فكلما تعلق الأمر بالقيام بعمل أو بالامتناع عنه جائز وممكن ولاتعسف فيه وسائل التنفيذ الجبري متوقف على إرادة المحكوم عليه جاز تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة أو المسؤول عن التنفيذ خصوصا وأنه لا يوجد نص مخالف لذلك.

وأن هاته المبررات القانونية هي التي استقر عليها العمل القضائي الإداري في تحديد الغرامة التهديدية (أنظر في هذا الشأن حكم ورثة لعشيري[10] موضوع تعليق من طرف ذ. آمال المشرفي[11] حكم المحكمة الإدارية بوجدة[12]).






  الغرامة التهديدية في التشريع الفرنسي :

إن القضاء الإداري الفرنسي قبل قانون 16 يونيو 1980 لم يجرء على تحديد الغرامة التهديدية  في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به، بناء على كونه لا يستطيع أن يحل محل الإدارة أو أن يصدر لها أوامر بعمل شيء أو بالإمتناع عنه أو ما يرغمها على ذلك تحت التهديد المالي بحجة احترام مبدأ الفصل بين السلطات، وهذا هو الاتجاه المعمول به في العمل القضائي المغربي قبل دخول قانون إحداث المحاكم الإدارية حيز التطبيق[13].

وقد قرر مجلس الدولة[14] في قراراته السابقة أنه: " بالنسبة للطلبات التي تهدف إلى تحديد الغرامة التهديدية فإنه لا يختص بتحديدها وإذا حدث وأن صدرت أحكام عن المحاكم الإدارية بهذا المعنى كان مجلس الدولة يلغـيها بلا رحمة[15]".

لكن بصدور القانون رقم  539/80 بتاريخ 16 يوليوز 1980 أجازت مواده من الثانية إلى السادسة للقاضي الإداري أن يقضي بغرامات تهديدية ضد الأشخاص المعنوية العامة لضمان تنفيذ الأحكام في مواجهتها، وبخصوص تحديد  شروط وقواعد الحكم بالغرامة التهديدية تنص المادة الثانية من القانون على أنه في حالة عدم تنفيذ حكم صادر من جهة الإدارة فإن لمجلس الدولة ولو من تلقاء نفسه أن يقضي بغرامة تهديدية ضد الأشخاص المعنوية للقانون العام لضمان تنفيذ هذا الحكم. إذن وعلى ضوء التشريع الفرنسي هناك شرطان للحكم بالغرامة التهديدية أولهما أنه لا يحكم بالغرامة التهديدية إلا في حالة تسجيل امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم القابل للتنفيذ، ومن هنا فالقاضي الإداري لا يمكنه إصدار الغرامة التهديدية مع الحكم في الموضوع وهو لا يلتجأ إلى استعمال هذه السلطة إلا بعد الحكم بعد أن يثبت له امتناع الإدارة عن التنفيذ وقد قصد المشرع من وراء ذلك أن يترك فرصة للإدارة قبل استخدام هذا الأسلوب الإكراهي ضدها . وثانيهما أنه لايمكن أن يقضى بها إلا من طرف مجلس الدولة فقط ولم يخول القانون سلطة توقيعها لجهة قضائية غيره.

وينص الفصل الرابع من القانون الفرنسي بخصوص تصفية الغرامة التهديدية أنه: " في حالة عدم التنفيذ الكلي أو التنفيذ الناقص أو المتأخر يقوم مجلس الدولة بتصفية وتحديد الغرامة التهديدية التي سبق له أن أصدرها "، وتتضمن المواد من 4 إلى 6 كيفية تصفية تلك الغرامة بقولها: " فيما عدا الحالة التي يثبت فيها أن عدم تنفيذ الحكم يرجع لقوة قاهرة أو حادث فجائي فإن مجلس الدولة عند تسويته للغرامة النهائية لا يمكنه تعديلها "، وفي هاته الحالة يبقى دور القاضي بسيطا تماما في حالة تسوية الغرامة التهديدية إذا كان قد حددها بمبلغ نهائي وهو لا يزيد عن إجراء عملية حسابية وهو ما يعطي للغرامة التهديدية طابعها الإكراهي والتهديدي لحث الإدارة على التنفيذ خصوصا إذا كانت محددة في مبلــغ مرتفع، وفي هاته الحالة وبالنظر لما يترتب عن تصفيتها بالشكل الآنف الذكر من إثراء بدون سبب قرر قانون 16 يوليوز 1980 كحل وسط في هذا الميدان من خلال الفصل 5 منه أن لمجلس الدولة أن يقرر أن جزءا من الغرامة يعطى للمحكوم له ويمنح الباقي لصندوق تجهيز الهيئات المحلية.

وإذا كان قانون 16 يوليو 1980 قد أعطى لمجلس الدولة وحده سلطة إصدار الغرامة التهديدية ضد الإدارة في حالة امتناعها عن تنفيذ الأحكام الإدارية أيا كان مضمونها، سواء تلك الصادرة في دعاوى تجاوز السلطة أو دعاوى القضاء الشامل فإنه بصدور القانون رقم 125/95(١٢٥) الصادر في 7 فبراير 1995 المتعلق بتنظيم السلطة القضائية والإجراءات المدنية والجنائية والإدارية فقد اعترف المشرع للمحاكم الإدارية والمحاكم الإدارية الاستئنافية بالحق في فرض الغرامة التهديدية حيث تنص المادة 7/4 من هذا القانون على أن طلب تحديد هذه الغرامة التهديدية يجب أن يقدم بالنسبة للأحكام النهائية إلى الجهة القضائية التي أصدرتها، وقد حدد المشرع الفرنسي مدة ستة أشهر للتنفيذ يمكن بعد فواتها ابتداء من تاريخ إعلان الحكم أن يتقدم المحكوم لصالحه إلى مجلس الدولة للمطالبة بفرض الغرامة التهديدية على الإدارة الممتنعة عن التنفيذ، وقصر تلك المدة إلى ثلاثة أشهر بالنسبة لأحكام المحاكم الإدارية وقرارات محكمة الاستئناف الإدارية لكن شرط لمدة يتغاضى عن تطبيقه إذا ما ثبت أن الإدارة قد بدأت فعلا في التنفيذ. ومما تجدر الإشارة إليه أن القاضي الإداري لا يستطيع أن يفرض الغرامة التهديدية على الإدارة إلا في حالة عدم التنفيذ المحقق وعلى خلاف ذلك فإن القاضي الإداري لا يستطيع فرضها إذا كان التنفيذ مستحيلا من الناحية القانونية[16] أو من الناحية المادية[17] أو في حالة ما إذا كانت الإدارة تملك فترة تستطيع خلالها أن تقوم بالتنفيذ[18].

وبخصوص تسديد الغرامة التهديدية فقد نصت المادة الأولى من قانون يوليوز 1980 أن الإدارة يجب عليها أن تسدد مبلغ الغرامة التهديدية المصفى بموجب الحكم الحائز لفترة الشيء المقضي به داخل شهرين من تاريخ إعلانه، أو إذا لم يتم سداد المبلغ المحكوم به خلال تلك المدة فإن الأمر لا يخلو إما أن يكون الحكم صادرا في مواجهة الدولة ففي هاته الحالة يتقدم المحكوم له إلى المحاسب المكلف بالدفع بطلب التنفيذ مرفق بصورة من الحكم الذي عليه أن يقوم بالدفع الفوري للمبلغ المحكوم به، أما إذا كان الحكم صادرا في مواجهة أشخاص اعتبارية أخرى فإن سلطة الوصاية هي المكلفة لإصدار أمر بالدفع وحتى إذا لم توجد لدى الإدارة اعتمادات مالية كافية للتنفيذ أجاز المشرع من خلال المادة 17 من قانون 12 أبريل لسنة 2000 مد المدة إلى أربعة اشهر لتوفير الاعتمادات اللازمة للتنفيذ أما بالنسبة لأشخاص القانون العام الأخرى فإن الأجل يمدد إلى شهرين تحت طائلة حلول سلطة الوصاية محلهم في السداد.

وتدعيما من المشرع الفرنسي لنظام الغرامة التهديدية وجعله وسيلة ناجعة في ضمان تنفيذ الأحكام الإدارية، فرض غرامة مالية على الموظف الذي تفضي تصرفاته إلى الحكم على أحد الأشخاص القانون العام بالغرامة التهديدية، أو تلك التي تهدف إلى تعطيل تنفيذ الأحكام المالية، كما قرر نفس العقوبة على السلطة الوصية التي ترفض أن تحل محل الشخص المعنوي العام في الدفع خلال الأجل المحدد للتنفيذ.

وبذلك يتجلى أن الغرامة التهديدية بالقانون الفرنسي تعد وسيلة من أقوى الوسائل في ضمان تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة.    

هل يجوز تحديد الغرامة التهديدية بمنطوق الحكم

أم بعد تسجيل امتناع الإدارة عن التنفيذ ؟

هل يشترط في تحديد الغرامة التهديدية أولا صدور حكم في مواجهة الإدارة بالقيام بعمل أو الامتناع عنه وتسجيل امتناعها عن تنفيذه ثانية، أم يجوز تحديد تلك الغرامة بمنطوق الحكم متى تعلق الأمر بعمل أو بالامتناع عنه لصيق بشخصية المنفذ عليه ولا تسعف فيه وسائل التنفيذ الجبري؟.

قد تكون الغرامة التهديدية وسيلة تابعة لامتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به، وكجزاء لتقاعس الإدارة عن تنفيذ حكم صادر ضدها، ومن هنا فالمعني بالأمر الذي يصطدم الحكم الصادر ضده بامتناع الإدارة عن تنفيذه يمكنه اللجوء مجددا للقضاء الإداري في إطار المسطرة القضائية المنصوص عليها قانونا للمطالبة بالحكم على الإدارة الممتنعة عن التنفيذ بالغرامة التهديدية لحملها على التنفيذ، بعد أن يثبت هذا الامتناع بالوسائل القانونية، لذلك فالغرامة التهديدية هنا تكون لاحقة على الحكم الأصلي لضمان تنفيذه بعد ثبوت امتناعها أو تماطلها في التنفيذ [19].

لكن سار العمل القضائي بمختلف المحاكم الإدارية (أنظر بهذا الخصوص الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بوجدة [20]) على تحديد الغرامة التهديدية في منطوق الحكم الذي أصدره وأن مجموع هاته الأحكام صدر الأمر فيها بإيقاف الأشغال تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ...... عن كل يوم تأخير عن التنفيذ.

وفي هاته الحالة لم يقرر القاضي الإداري الغرامة التهديدية لمواجهة رفض التنفيذ الحاصل فعلا ولم ينظر واقع عدم التنفيذ للحكم بالغرامة التهديدية،  بل إن الأمر يتعلق باحتمال وقوع امتناع عن التنفيذ فالقاضي هنا يتحسب لاصطدام حكمه بمقاومة الإدارة وامتناعها عن التنفيذ. وتفرض الغرامة التهديدية كوسيلة احتياطية وسابقة لضمان التنفيذ وهاته الوسيلة التهديدية و الإكراهية يستعملها القاضي ليبين للإدارة ما سوف تتعرض له من جزاءات مالية في حالة امتناعها عن التنفيذ ومؤدى ذلك، فتحديد الغرامة التهديدية بمنطوق الحكم وبمعزل عن تسجيل الامتناع عن التنفيذ أمر جائز مادام أنه لا وجود لأي نص يمنعه، والغاية من تحديد تلك الغرامة التهديدية التي تعتبر ملازمة لمنطوق الحكم وأحد عناصره الأساسية أنها تحذر الإدارة من الالتزامات المالية التي سوف تتحملها إن هي امتنعت عن التنفيذ وهي وسيلة فعلية وذات أهمية لكونها تضمن التنفيذ بشكل سريع وتغني عن اللجوء مجددا للقضاء للمطالبة بتحديد الغرامة التهديدية في إطار المسطرة الإجرائية وهذه الوسيلة كما يقول ( ذ . أمال المشرفي) بمناسبة تعليقه على حكم إدارية وجدة  بالملف الاستعجالي عدد 28/98 الذي حدد الغرامة التهديدية بمنطوقه : " تضفي فعالية ملموسة على الحكم القضائي وعلى هيبة القضاء الإداري وبالتالي يعطي مدلوله الحقيقي لمبدأ قوة الشيء المقضي به الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى تعزيز دافعه لدولة الحق والقانون ".

إذن نخلص مما ذكر أنه يمكن استعمال الغرامة التهديدية كوسيلة لاحقة على التنفيذ أو كوسيلة سابقة عليه وهاته الأخيرة تعتبر عملية وفعلية وذات أهمية كبرى.

تحديد الغرامة التهديدية بين الإدارة والمسؤول عن التنفيذ

تنص مقتضيات الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على ما يلي: " إذا رفض المنفذ عليه أداء التزام بعمل أو خالف إلتزاما بالإمتناع عن عمل، أثبت عون التنفيذ ذلك في محضره، وأخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية............. ".

إن القراءة الأولية لنص المادة أعلاه في ضوء صياغته القانونية، توحي بأن المخاطب بإجراءات تنفيذ الأحكام الإدارية هو الشخص المعنوي العام دون الخاص الذي يبقى مخاطبا بتنفيذ الأحكام العادية الصادرة في إطار القانون الخاص. ولكن أمام عمومية لفظة المنفذ عليه التي تحوي كلا من أشخاص القانون العام والخاص هل تسعف في القول بإمكانية تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الموظف المسؤول عن التنفيذ إذا ما تعلق الأمر بتنفيذ حكم في مواجهة الشخص المعنوي العام.

وأول مبادرة جريئة وشجاعة في العمل القضائي الإداري المغربي ذهبت في هذا المنحى، وأجازت تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة المسؤول عن تنفيذ الحكم الإداري هو الحكم الصادر عن إدارية مكناس[21]، وقد جاء في تعليله أن قانون المسطرة المدنية المطبق أمام المحاكم الإدارية يشير بأن التنفيذ الجبري للأحكام إلى الغرامة التهديدية كوسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على التنفيذ، ولما لم يستثن المشرع أي طرف محكوم عليه من هذه الوسيلة فإنه لاشيء يمنع من إقرار الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة أو المسؤول الإداري نتيجة امتناعهما غير المبرر عن التنفيذ، وانتهى الحكم في النهاية إلى تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة المدعى عليه شخصيا وليس بوصفه شخصا من أشخاص القانون العام. وقد تعلق الأمر في هاته النازلة بامتناع رئيس المجلس من تنفيذ حكم بإلغاء قرار العزل من وظيفة جماعية ومن التخلي عن القرار الملغى وإرجاع الطاعن إلى وظيفته وتسوية وضعيته الإدارية، وقد أعطى هذا الحكم مفهوما جديدا للمنفذ عليه المعني بتحديد الغرامة التهديدية، وتوسع في مجال تطبيق تلك الغرامة ليحددها في النهاية في مواجهة المسؤول عن التنفيذ، تسعفه في ذلك القواعد العامة للقانون العام والقضاء الإداري كقانون قضائي يعتبر فيه القاضي الإداري فاعل أساسي في المجال الإداري وصانع رئيسي للقواعد الإدارية والمبادئ القانونية ومبتكر للحلول القضائية على ضوء التفسير الملائم للقواعد القانونية، لغاية إيجاد الحلول الناجعة لسد كل فراغ تشريعي في سبيل صيانة الحقوق والحريات لترسيخ دولة الحق والقانون.

وقد عمد القاضي الإداري المغربي في هاته النازلة إلى تطبيق فكرة المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ التي نادى بها فقهاء القانون العام في فرنسا، فقد كان للعميد (هوريو) فضل كبير في صياغة نظرية الخطأ الشخصي للموظف المسؤول عن عدم تنفيذ الشيء المقضي به ضد الإدارة بمناسبة تعليقه على حكم Fabregues  وحكم Delle Manrot حيث قال: " إننا انشغلنا أكثر من اللازم بالمسؤولين عن خطأ المرفق فقط دون أن نعطي الاهتمام الكافي للمسؤولية الشخصية للموظفين وقد حان الوقت للنظر إلى هذا الجانب الذي له فائدته هو أيضا والذي يكمن بصفة خاصة أن تقدم جزاء لكل الأحكام الصادرة ضد الإدارة لأنه بالنسبة لرجل الإدارة المسؤول عن عدم تنفيذ الشيء المقضي به ضد الإدارة فإن طرق التنفيذ العادية يمكن استخدامها ". وموقف العميد (هوريو)من تنفيذ الإدارة للأحكام الصادرة ضدها يتلخص في مبدأ عام مؤداه، أنه عندما يقضى ضد الإدارة بحكم نهائي فإن الموظف المسؤول عن تنفيذ هذا الحكم يرتكب خطأ شخصيا إذا امتنع عن تنفيذه ويسأل في ماله الخاص.

وقد نادى العميد (ديجي)أيضا بالمسؤولية الشخصية للموظفين باعتبارها الوسيلة الناجعة لضمان تنفيذ الشيء المقضي به بقوله : " إنه من المفترض أن كل حكم مطبق للقانون أو كل قانون يجد أساسه في المرفق العام نفسه ومن ثم فإن الموظف بتجاهله حكم القاضي يتجاهل قانون المرفق نفسه ويرتكب بذلك خطأ شخصيا ".

كما قرر (جيز) : " إن الموظفين الذين يقع على عاتقهم تنفيذ الشيء المقضي به ويرفضون دون سبب مشروع القيام به يرتكبون خطأ شخصيا يرتب مسئوليتهم"، ويرى (فيدل): " إن الوسيلة الجدرية الوحيدة الجديرة بالدولة القانونية هي بلا شك الانعقاد التلقائي للمسؤولية المالية للموظف المــسؤول عن عدم تنفيذ الحكم القضائي ".

وقد تبنى مجلس الدولة المصري فكرة المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ[22] جاء فيه : " إن امتناع الوزير عن تنفيذ الحكم ينطوي على مخالفة قانونية لمبدإ أساسي وأصل من الأصول القانونية تمليه الطمأنينة العامة وتقضي به ضرورة استقرار الحقوق والروابط الاجتماعية استقرارا ثابتا ولذلك تعتبر المخالفة القانونية في هاته الحالة خطيرة وجسيمة لما تنطوي عليه من خروج سافر على القوانين فهي عمل غير مشروع ويعاقب عليه قانونا ومن ثم وجب اعتبار خطأ الوزير خطأ شخصيا يستوجب مسؤوليته ".

وقد ذهبت محكمة القضاء الإداري بمصر[23] بمناسبة امتناع أحد الوزراء عن تنفيذ أحكامها، إلى القول بأن الامتناع عن تنفيذ الحكم في أي صورة من الصور يشكل خطأ مصلحيا وخطأ شخصيا في نفس الوقت وصاحب الشأن كما يستطيع أن يرفع دعواه على الإدارة أو على الموظف يمكنه أن يرفعها عليهما معا وجاء في حكمـهـا ما يلي : " إن ذات الفعل أو الترك قد يكون خطأ شخصيا وخطأ مصلحيا في الوقت ذاته إذ يعد الخطأ الشخصي متى وقع من الموظف أثناء تأديته لوظيفته أو بمناسبة تأديتها دليلا على خطأ مصلحي تسأل عنه الحكومة لإهمالها في الرقابة والإشراف على موظفيها وعلى ذلك ليس في القانون ما يمنع من قيام مسؤولية الحكومة عن خطئها المصلحي المستقل بجانب مسؤولية الموظف عن خطأه الشخصي ولا يمنع أيضا طالب التعويض من أن يجمع بين المسؤولتين معا في قضية واحدة ."

وهو نفس الاتجاه الذي أخذ به القضاء الإداري المغربي [24] جاء في أمر عن رئيس المحكمة الإدارية بالرباط وهو يقضي بتحديد الغرامة التهديدية في حق كل من الإدارة لتقصيرها في فرض الرقابة على الموظف التابع لها الممتنع عن التنفيذ، وفي حق الموظف المكلف بالتنفيذ لامتناعه غير المبرر عن التنفيذ ما يلي :

1-   أن ذات الفعل وهو الامتناع عن التنفيذ يشكل خطأ مرفقيا في مواجهة الإدارة لتقصيرها في فرض الرقابة على الموظف التابع لها، وخطأ شخصي في حق الموظف المسؤول عن التنفيذ لامتناعه غير المبرر عن التنفيذ وأن الخطأ المرفقي يستغرق الخطأ الشخصي في إطار قواعد المسؤولية الإدارية وحق الإدارة في الرجوع على الموظف المنسوب إليه الخطأ، وبالتالي يجوز الجمع بين الخطأ المرفقي والشخصي بما يترتب على ذلك من آثار قانونية بخصوص تحديد الغرامة التهديدية أو تصفيتها في دعوى واحدة.

" استنادا لمقتضيات الفعل 448 من ق.م.م المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون 90-41 وعمومية مبناه يجوز تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة كل من أشخاص القانون العام والخاص نتيجة امتناعهما غير المبرر عن التنفيذ لقوة الشيء المقضي به، ما دام أنه لا توجد وسائل قانونية بديلة من شأنها إجبارهما على التنفيذ".  

وفكرة المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ التي نادى به حكم إدارية مكناس السالف الذكر تعتبر ضامنا حقيقيا لتنفيذ الأحكام الإدارية الحائز ة لقوة الشيء المقضي به، ذلك أن الموظف الذي سوف يدرك أنه معرض للحكم عليه بالغرامة التهديدية التي تنقلب إلى تعويض في نهاية الأمر وبخطورة الفعل الغير المشروع المرتكب من جانبه، وبالتالي لن يستهين بقوة الشيء المقضي به للأحكام الإدارية ويعمل على تنفيذها، أما إذا ظل لديه إحساس بأنه مغطى بنوع معين من الحصانة وأنه في حماية الآلية  الإدارية التي يعمل في ظلها، فإنه سيسخر ويستهين بقوة الشيء المقضي به دون أن يكون معرضا لأي عقاب وهذا الجزاء سوف يكون له أثر مانع من عرقلة عملية تنفيذ الأحكام الإدارية.

وإذا كانت فكرة المسؤولية الشخصية للموظف قد لقيت حماسا كبيرا من طرف الفقه الإداري المغربي[25]، فإن هذا الحماس وهذا التطور الإيجابي الذي هجر فيه القاضي الإداري القاعدة الكلاسيكية التي سار عليها المجلس الأعلى والتي تنص على أن موقف الإدارة السلبي من التنفيذ يعتبر قرارا سلبيا يشكل أساسا لدعوى الإلغاء أو دعوى التعويض وهو اتجاه غير مرغوب فيه، فقد اصطدم ذلك الحماس بموقف المجلس الأعلى الذي رفض فكرة الغرامة التهديدية في مواجهة المسؤول عن تنفيذ حكم الإلغاء. وقد قرر وهو يلغي حكم إدارية مكناس[26] : " إنه إذا كانت الجماعة القروية التي ألغي قرارها بعزل الطاعن المذكور قد امتنعت عن تنفيذ الحكم المذكور رغم سلوك المعني بالأمر الإجراءات المسطرية لحملها على التنفيذ، فإنه لا يمكن إجبارها على التنفيذ عن طريق الغرامة التهديدية مادام القضاء الإداري قد اقتصر على إلغاء قرارها الذي اعتبره متسما بالشطط في استعمال السلطة فيبقى أمام المعني بالأمر اللجوء إلى القضاء الإداري بعد الإدلاء بمحضر بالإمتناع عن التنفيذ لطلب التعويض عن الأضرار الناتجة عن هذا التصرف بخصوص نشاطات أشخاص القانون العام التي من شأنها الإضرار بمصالح الخواص ".

ولعل المجلس الأعلى في قراره هذا يميز بين تحديد الغرامة التهديدية بخصوص أحكام الإلغاء بالشطط في استعمال السلطة وأحكام القضاء الشامل.

ولعله أيضا يسحب الاعتراف للمحاكم الإدارية في فرض الغرامة التهديدية رجوعا منه إلى القاعدة التقليدية القائمة على اعتبار دعوى التعويض هي الوسيلة الوحيدة لمعالجة ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام الإدارية انطلاقا من مبدأ احترام استقلال الإدارة لعدم توجيه الأوامر إليها في إطار مبدأ الفصل بين السلط.

ونعتقد أنه لامبرر للتمييز بين أحكام دعاوى الإلغاء وأحكام القضاء الشامل فيما يخص تحديد الغرامة التهديدية، مادام أن النتيجة واحدة وهي امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها، وتعلق التنفيذ بإرادتها المنفردة  دون إمكانية للتنفيذ الجبري وسوف نعود لمناقشة هذا الموضوع بمناسبة التطرق للغرامة التهديدية بين دعوى الإلغاء والقضاء الشامل.

كما أن مبدأ  الفصل بين السلطات المبني عليه قرار المجلس الأعلى المذكور، وما يستتبعه من استقلال الإدارة لا يتخذ إلا ليضمن للموظفين العموميين حرية الحركة والتصرف وليس عد م الالتزام بقوة الشيء المقضي به.

وإذا كان حكم إدارية مكناس المعلن لأول مرة في تاريخ القضاء الإداري المغربي للمسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ يشكل قفزة نوعية في اتجاه تطوير القضاء الإداري ببلادنا، فإن مجموعة من التساؤلات تثار حوله بخصوص مسألة الاختصاص.

فإذا كانت المسؤولية الشخصية للموظف لا تدخل ضمن حالة الاختصاص النوعي الوارد بالفصل 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، وإذا كان تحديد تلك الغرامة  في مواجهة المسؤول عن التنفيذ باعتباره مرتكبا  لخطأ  شخصي سوف تؤول في النهاية إلى تعويضين تبقى الجهة المختصة بتصفية التعويض في إطار طبيعة الضرر وأهميته ومداه هي محكمة القضاء العادي وليست الإداري، فهل كان القضاء الإداري في شخص قاضي المستعجلات مختص بتحديد الغرامة التهديدية في مواجهة أشخاص القانون الخاص المدعي  بوصفه من أشخاص القانون الخاص والمدعى عليه بوصفه الشخص المرتكب لخطأ شخصي ؟ وهل تكون المحكمة الإدارية لاحقا مختصة بتصفية تلك الغرامة التهديدية أمام عدم وجود نص خاص يخولها الحق في تعويض المتضرر عن الأخطاء الشخصية ؟ هاته الإشكالية سوف نتناولها بمناسبة مناقشة الجهة المختصة بتحديد الغرامة التهديدية وتصفيتها.

الغرامة التهديدية بين امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام الإلغاء لتجاوز السلطة   وأحكام القضاء الشامل

ذهب المجلس الأعلى في قراره عدد 935 الصادر بتاريخ 11/3/99 وهو يلغي حكم إدارية مكناس القاضي بتحديد الغرامة التهديدية في مواجهة رئيس جماعة- تونفيت - شخصيا لامتناعه من تنفيذ الحكم القاضي بإلغاء قرار العزل وإرجاع الموظف الطاعن إلى عمله، إلى القول بما معناه أنه لايمكن إجبار الإدارة على تنفيذ حكم الإلغاء عن طريق الغرامة التهديدية مادام أن القضاء الإداري قد اقتصر على إلغاء قراره الذي اعتبره شططا في استعمال السلطة وأنه يبقى أمام المعني بالأمر الحق في اللجوء إلى القضاء الإداري لطلب التعويض عن الأضرار الناتجة عن الضرر من جراء عدم التنفيذ.

وفي قرار لاحق[27]، أيد الأمر الاستعجالي الصادر عن المحكمة الإدارية بوجدة تحت عدد 13/98 القاضي بإيقاف أشغال البناء تحت طائلة غرامة تهديدية، وقد تبنى في ذلك نفس العلل التي تواتر اجتهاده على الأخذ بها بخصوص دعاوى القضاء  الشامل وهي أن الإجبار على تنفيذ الأمر المستأنف بواسطة الغرامة لا يوجد ما يمنع تطبيقه في مواجهة الإدارة وفقا للفصل 448 من قانون المسطرة المدنية الذي تحيل عليه مقتضيات المادة 7 من القانون رقم 90-41.

والمجلس الأعلى وهو يلغي الحكم المذكور لم يتناول في حكمه مدى إمكانية تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الشخص الممتنع عن التنفيذ، باعتباره مرتكبا لخطأ شخصي ولم يتطرق إلى مسألة اختصاص رئيس المحكمة بتحديد الغرامة التهديدية ضد الشخص الذاتي لفائدة شخص من أشخاص القانون الخاص. بل استبعد هاته الوسيلة كلها من دعوى الإلغاء وهو بذلك يكون قد تراجع عن المكسب القضائي الذي نادى به حكم إدارية مكناس، ورجع إلى قاعدته الأصلية التي تقضي بأن الامتناع عن تنفيذ الإدارة لا يرتب سوى المطالبة بالتعويض.

والملاحظ أن المجلس الأعلى من خلال القرارين السالفي الذكر يميز في تحديد الغرامة التهديدية بين امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام الإلغاء الحائزة لقوة الشيء المقضي به، ومثيلتها الصادرة في إطار القضاء الشامل، ويجيز تحديد الغرامة التهديدية بشأن امتناع الإدارة عن تنفيذ هاته الأحكام الأخيرة دون مثيلتها الأولى، فهل هناك من مبرر للقول بهاته التفرقة ؟

إن المجلس الأعلى وهو يحدد الغرامة التهديدية بشأن أحكام القضاء الشامل يعلل ذلك بقولـه  أن الإجبار على تنفيذ الأمر المستأنف بواسطة الغرامة التهديدية لا يوجد ما يمنع تطبيقه في مواجهة الإدارة وفق الفصل 448 من ق.م.م المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون 90-41. وفي قرار آخر ذهب المجلس الأعلى [28] إلى قول بحصر نطاق الحكم بالغرامة التهديدية في الأحكام التي تقتضي التنفيذ العيني دون شمول ذلك الأحكام القاضية بأداء مبالغ مالية.

إذن فما هو المانع الذي يمكن الاستناد عليه لعدم قبول تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة حينما تمتنع عن تنفيذ أحكام الإلغاء. خصوصا وأنه لا يوجد أي نص صريح يمنع من ذلك، وأن مبررات تحديد الغرامة التهديدية كما هي منصوص عليها بالفصل 448 من ق.م.م تشفع بذلك. إذ أن الأمر يتعلق بامتناع عن تنفيذ الحكم القاضي بالإلغاء وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، وإن ذلك الامتناع لصيق بشخصية المحكوم عليه وتلزم إرادته في تنفيذه دونما إمكانية لإجباره على ذلك بواسطة وسائل التنفيذ الجبري المحددة بالباب الثالث من قانون المسطرة المدنية المتعلقة بالتنفيذ الجبري للأحكام.

نعتقد أن نفس المبررات التي تدعو إلى تحديد الغرامة التهديدية في إطار القضاء الشامل المعتمدة من طرف المجلس هي نفسها المتاحة لأعمالها في إطار قضاء الإلغاء، وأنه لا داعي للتفرقة بين الدعويين معا مادام أن وسائل التنفيذ الجبري لا تسعف في تنفيذ حكم الإلغاء و حكم القضاء الشامل معا، وهذا ما ذهب إليه أمر رئيس المحكمة الإدارية بالرباط [29] جاء فيه : "حيث تعتبر الغرامة التهديدية وسيلة قانونية لإجبار المحكوم عليه على التنفيذ متى كان الأمر يتعلق بالقيام بعمل أو الامتناع عنه لصيق بشخص المنفذ عليه وتلزم إرادته في تنفيذه دون أن تسعف فيه إجراءات التنفيذ الجبري، وشرط في ذلك أن يكون التنفيذ ممكنا وجائزا وامتناع المنفذ عليه غير المبرر عن تنفيذ سواء يتعلق الأمر بحكم صادر في إطار دعوى الإلغاء أو القضاء الشامل ما دام أن إمكانية التنفيذ الجبري غير ممكنة في حقه ".

وأن مبدأ الفصل بين السلطات وما يستتبعه من استقلال الإدارة وعدم توجيه أوامر لها لم يتخذ إلا ليضمن للموظفين العموميين حرية الحركة، وليس عدم الالتزام بقوة الشيء المقضي به. وإذا كان اتجاه حكم إدارية مكناس قد لقي حماسا لدى الفقه الإداري المغربي ويعتبر بحق تطورا إيجابيا يساير العمل القضائي المقارن بمصر وفرنسا كما سبق تناول ذلك ويعتبر مكسبا قضائيا للقضاء الإداري.

فإن المجلس الأعلى لم يسايره ولم يتبنى نظرية الغرامة التهديدية في حق المكلف بالتنفيذ في إطار المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ بدون مبرر، غير أن أحكام القضاء الإداري لاحقا ذهبت في منحى آخر وأقرت مبدأ تحديد الغرامة التهديدية في حق المكلف بالتنفيذ شخصيا في إطار نظرية الخطأ الشخصي متى كانت إمكانية التنفيذ قائمة، وامتنع المكلف بالتنفيذ عن تنفيذ قوة الشيء المقضي به بدون مبرر، وهكذا ذهب أمر رئيس المحكمة الإدارية بالرباط[30] وهو يحدد الغرامة التهديدية في مواجهة الخازن الخاص لوزارة الداخلية( السيد عبد الله الفاضلي) إلى القول بما يلي: " وحيث يؤخذ من أوراق الملف ومستنداته والملف التنفيذي عدد 360/08/2 أن الخازن الخاص لوزارة الداخلية هو المنفذ لعملية الإشعار للغير الحائز بعد إشعاره بذلك من طرف إدارة الضرائب باعتباره محجوزا بين يديه وقد صدر أمر قضائي أعلاه مشمول بالنفاذ المعجل يقضي في مواجهته برفع الحجز المضروب بين يديه، وبعد أن عبر عن استعداده لتنفيذ الحكم القضائي موضوع التنفيذ آثار صعوبة قانونية في التنفيذ كانت محل رفض من طرف القضاء بحكم قضائيعلى أساس أنه المعني بالتنفيذ وبرفع الحجز وأن الحكم القضائي المذكور مشمول بالنفاذ المعجل ولا تطبق بشأنه مقتضيات الفصل 437 من ق.م.م، وبعد مواصلة التنفيذ في حقه من طرف مأمور التنفيذ امتنع عن التنفيذ بعلة أنه ينبغي إحالة ملف رفض الصعوبة على الجهة التي أصدرت الحجز وموافاته بنسخة من رفع اليد عن الحجز ليتأتى له التنفيذ.

وحيث اعتبارا لذلك ولما كان القابض قد أوقع حجزا  بين يديه بناء على مجرد إجراء إشعار للغير الحائز و لما صدر حكم قضائي يخاطبه برفع الحجز، وكانت الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضى به أو المشمولة بالنفاذ المعجل والقابلة للتنفيذ تسمو على كل قاعدة قانونية وعلى القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية وعلى الإجراءات التنفيذية الأخرى يكون ملزما بالتنفيذ خصوصا بعد رفض منازعته المتعلقة بالصعوبة في التنفيذ.

وحيث إن الالتزام بالشيء المقضي به هو مبدأ قانوني مقدس يستهدف سيادة  القانون والمشروعية  وليعلو في القيمة  على كل قرار أو إجراء إداري وأنه لا قيام للدولة القانونية إلا بإعلاء مبدأ خضوع  الدولة ورجالاتها للقانون وسيادة المشروعية وأنه لا قيمة لهذا المبدأ ما لم يقترن مبدأ تقديس واحترام أحكام القضاء ووجوب تنفيذها من طرف المسؤولين عن التنفيذ فانه لا حماية قضائية ولا قيمة للقانون بغير تنفيذ.

وحيث لذلك ولما كان المطلوب ضده هو المعني بالتنفيذ  في وضوء فحوى منطوق الأمر القضائي أعلاه وكان الحكم القضائي مشمولا بالنفاذ المعجل ولهاتين العلتين قضى برفض طلب إثارة الصعوبة من طرف المطلوب ضده بالملف 937/08 س يبقى امتناعه عن التنفيذ غير مبرر مما يبرر تحديد الغرامة التهديدية في حقه بصفته مسؤولا  عن التنفيذ خصوصا وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد اتخاذ الإجراء المقابل لتنفيذ الحجز وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه برفعه ولا تستدعي تراتيب  إدارية معنية أو برمجة للمال العام أو تعطيل  وظيفة المرفق العام ".

وقد سطر هذا الأمر القواعد التالية :

- لا قيام لدولة القانون وسيادة المشروعية ولا قيمة لهذا المبدأ ما لم يقترن بمبدأ تقديس واحترام أحكام القضاء ووجوب تنفيذها، ولا حماية قضائية إلا بتمام تنفيذ الأحكام الصادرة عن السلطة القضائية ولا قيمة للقانون بدون تنفيذ مقتضاه. 

- الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به أو المشمولة بالنفاذ المعجل تسمو على القاعدة القانونية وعلى القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية وباقي الإجراءات الإدارية الأخرى.

- ما دام أن القابض قد أوقع حجزا بين يديه في إطار تنفيذ مسطرة الإشعار للغير الحائز يكون ملزما برفع الحجز بناء على حكم قضائي مشمول بالنفاذ المعجل، لأن الأحكام القضائية تسمو على القرارات الإدارية والإجراءات الإدارية الأخرى.

- ما دام أن الخازن الخاص لوزارة الداخلية قد رفض طلبه المتعلق بإثارة الصعوبة في التنفيذ لم يعد له أي مبرر للامتناع عن التنفيذ، سيما وأن التنفيذ لا يحتاج إلى اتخاذ تراتيب إدارية أو برمجة للمال العام.

- التنفيذ في مواجهة الإدارة هو في حقيقة الأمر ترجمة للأحكام الصادرة في مواجهتها إلى واقع من طرف رجالات الإدارة المسؤولين عن التنفيذ، باعتبار أن الإدارة شخص معنوي وآلية إدارية.

- امتناع أشخاص الإدارة عن التنفيذ بدون مبرر واقعي أو قانوني ترتب مسؤولياتهم الشخصية وتحديد الغرامة التهديدية في مواجهتهم.

- يراعى في تحديد الغرامة التهديدية طبيعة الحكم المعني بالتنفيذ ومدى تعنت أشخاص الإدارة في التنفيذ.      

وفي نفس المنحى، ذهب أمر رئيس المحكمة الإدارية بالرباط[31] وهو يحدد الغرامة التهديدية في حق الخازن الرئيسي السيد (مرزوقي محمد) إلى القول بما يلي: " حيث يختص رئيس المحكمة الإدارية بوصفه قاضيا للتنفيذ بتحديد الغرامة التهديدية بصفته هاته وليس بصفته قاضيا للمستعجلات، مما يبقى الدفع بعدم اختصاصه لتحديد الغرامة  التهديدية بصفته قاضيا للمستعجلات بناء على شرطي توافر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق غير مؤسس.

وحيث إن الالتزام بالشيء المقضى به هو مبدأ قانوني مقدس يستهدف سيادة  القانون والمشروعية وليعلو في القيمة على كل قرار أو إجراء إداري وأنه لا قيام للدولة القانونية إلا بإعلاء مبدأ خضوع  الدولة ورجالاتها للقانون وسيادة المشروعية وأنه لا قيمة لهذا المبدأ ما لم يقترن مبدأ تقديس واحترام أحكام القضاء ووجوب تنفيذها من طرف المسؤولين عن التنفيذ فانه لا حماية قضائية ولا قيمة للقانون بغير تنفيذ.

وحيث أن المرجع القانوني في تحديد الغرامة  التهديدية كوسيلة لإجبار الإدارة ورجالاتها على التنفيذ هو مقتضيات الفصل 448 من ق.م.م بناء على الإحالة الواردة  في فصل 7 من القانون 90-41 على قواعد  المسطرة المدنية، وأن صيغة المنفذ عليه الواردة بالمادة 448 من ق.م.م جاءت عامة وبذلك  تشمل كلا من أشخاص القانون العام والخاص، خصوصا وأن التنفيذ في نهاية الأمر لا يجري ضد الإدارة كشخص معنوي وآلية  إدارية بقدر ما  يجري ضد المسؤولين في الإدارة عن التنفيذ وان امتناعهم عن التنفيذ بدون مبرر بصفتهم هاته يبرر تحديد الغرامة التهديدية في  حقهم.

وحيث أن المناط في تحديد الغرامة التهديدية على مقتضى الفصل 448 من ق.م.م هو أن يتعلق الحكم أو الأمر المعني بالتنفيذ بالقيام بعمل أو بالامتناع عنه ويشمل ذلك حتى الأداءات المالية، وأن يكون العمل المقصود بالتنفيذ مما يدخل في صلاحيات المعني بالتنفيذ ويتطلب تدخله الشخصي لانجازه وأن يكون الامتناع عن التنفيذ غير مبرر ويكتسى طابع التعنت.

وحيث يؤخذ من أوراق الملف التنفيذي امتناع الخزينة في شخص الخازن الرئيسي لها باعتباره محجوز بين يديه عن تنفيذ قوة الشيء المقضى به بدون  مبرر، ذلك أن الأحكام القابلة للتنفيذ تعتبر بمثابة وثيقة محاسبية تلزم المحاسب العمومي بالتنفيذ باعتبارها تسمو على القاعدة القانونية ومن ثم فلا مجال للتمسك بخرق قواعد المحاسبة العمومية، مما يرتب مسؤولية المطلوب ضده وبالتالي يبقى طلب تحديد الغرامة التهديدية في حقه مؤسس ".

والحاصل مما ذكر، أن العمل القضائي بالمحاكم الإدارية قد استقر على القول باختصاص القضاء الإداري في شخص رئيس المحكمة الإدارية في النظر في طلب تحديد الغرامة التهديدية ضد المكلف بالتنفيذ سواء في إطار نظرية الخطأ المرفقي أو نظرية الخطأ الشخصي على حد سواء، باعتبار أن اختصاصه في ذلك مستمد من صفته كقاضي لتنفيذ الأحكام الإدارية وأن تلك الطلبات تندرج في إطار إجراءات التنفيذ التي يرجع الاختصاص فيها للبت في إشكالات التنفيذ حولها سواء المتعلقة بالصعوبات أو تحديد الغرامات الناتجة عن عدم التنفيذ  بمؤسسة الرئيس باعتبارها المشرفة على عملية تنفيذها، ويبت في هذه الطلبات بصفته هاته كرئيس للمحكمة وكقاضي للتنفيذ وليس قاضيا للمستعجلات.

إن العمل القضائي لمختلف المحاكم الإدارية أجاز تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة المكلف بالتنفيذ في إطار نظرية الخطأ الشخصي متى كانت إمكانية التنفيذ قائمة ومتاحة ولا تتطلب أية تراتيب إدارية أخرى، وأن المكلف بالتنفيذ يمتنع بسوء نية وبدون مسوغ واقعي أو قانوني عن التنفيذ.

وفي جميع الأحوال، يبقى تحديد الغرامة التهديدية في حق المسؤول عن التنفيذ شخصيا هو الضامن الحقيقي لتنفيذ الأحكام الإدارية، ذلك أن المكلف بالتنفيذ حينما يستشعر أنه مهدد بالتنفيذ على أمواله الشخصية  في إطار تنفيذ الأحكام الإدارية سوف يبادر إلى تنفيذ قوة الشيء المقضي به بدل أن يجنح إلى تعطيله.

وقد أبدت محكمة الاستئناف[32] مبدأ إقرار الغرامة التهديدية في شخص المكلف بالتنفيذ في إطار نظرية الخطأ الشخصي جاء في قرارها وهي تؤيد أمر رئيس المحكمة الإدارية بالرباط في قضية الخازن الرئيسي (المرزوقي) السالفة الذكر وتجيب عن الوسيلة المتعلقة بكون الأحكام القضائية ليست وثائق محاسبتية كما وصفها الحكم وأن الإدارة لا يمكنها أن تؤدي نفقة خارج إطار ما نص عليه المشرع : " وفي نازلة الحال، وأمام امتناع الخزينة في شخص الخازن الرئيسي عن التنفيذ بدون مبرر قانوني رغم كون الأحكام القضائية القابلة للتنفيذ والتي تجسد قواعد القانون تعتبر بمثابة وثيقة محاسبتية تفرضإلزامها،ولهذا الاعتبار تصبح ملزمة للمحاسب العمومي لتبرير صرفه لمستحقات المنزوعة ملكيته التي يفترض القانون مسبقا رصد نفقات لتغطيتها، مما يبقى معه تمسك الطرف المستأنف بخرق قواعد المحاسبة العمومية ليس له ما يبره ويقتضي ترتيب مسؤولية الممتنع عن التنفيذ بتطبيق الغرامة التهديدية في حقه وترتيبا على ذلك يكون الحكم المستأنف صائبا وواجب التأييد ".

الجهة المختصة بتحديد الغرامة التهديدية وتصفيتها.

ينص الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون رقم 90-41 بما معناه أنه إذا رفض المنفذ عليه تنفيذ منطوق الحكم القاضي بالقيام بعمل أو بالامتناع عنه أثبت عون التنفيذ ذلك في محضره  وأخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية، والصياغة القانونية لهاته المادة توحي بأن رئيس المحكمة الإدارية هو المختص بإيقاع الغرامة التهديدية على الممتنع عن تنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به الجاري تنفيذه في مواجهته ليس بوصفه قاضيا للمستعجلات، واختصاصه مشروط بتوافر حالة الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق ولكن بوصفه مختصا بنص القانون واستعمال كلمة " الرئيس " دون الإشارة إلى " أو من ينيبه " كذلك تطرح التساؤل حول ما إذا كان رئيس المحكمة الإدارية هو المختص الوحيد بفرض الغرامة التهديدية دون غيره، باعتباره المشرف على عملية التنفيذ بمحكمته وصياغة الفقرة الأخيرة من المادة أعلاه التي تخول للرئيس تحديد الغرامة التهديدية بعد إخباره بالإمتناع عن التنفيذ من طرف العون المكلف بالتنفيذ تبعث على التساؤل حول ما إذا كان يجوز لرئيس المحكمة تحديد تلك الغرامة بصفة تلقائية، ودونما طلب من المعني بالأمر. كما أن الصيغة التي ورد بها الفصل المذكور يؤخذ منها أن هاته الغرامة التهديدية تحدد في غيبة الأطراف بناء على أمر من رئيس المحكمة الإدارية في إطار الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية. غير أننا لا نعلم بوجود تطبيقات عملية لما ذكر، وأن ما جرى به العمل القضائي الإداري عموما هو تحديدها بناء على طلب من المعني بالأمر في إطار مسطرة تواجهية استعجالية. وقد صدر  عن رئيس المحكمة الإدارية بوجدة في هذا الشأن مجموعة من الأوامر في هذا الاتجاه في إطار الفصل 149 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، وأيدت كلها من طرف الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (أنظر بهذا الخصوص[33] والأمر عدد 08/98 القاضي بإرجاع الماء إلى سكنى (ميموني) تحت طائلة غرامة تهديدية أيد من طرف الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بالقرار عدد 1080/98 بتاريخ 26/11/98 غير منشور كذلك. والأمر عدد 13/98 القاضي بإيقاف أشغال البناء تحت طائلة غرامة تهديدية أيد بالقرار عدد 453 صادر بتاريخ 22/04/99 غير منشور).

هل تجوز المطالبة بتحديد الغرامة التهديدية بناء على امتناع الإدارة عن التنفيذ أمام محكمة الموضوع ؟

بالفعل لقد صدر حكم عن المحكمة الإدارية بالرباط[34] يقضي بتحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة الممتنعة عن التنفيذ. وما يهمنا في هذا الحكم الإشارة إليه هو أن الوكيل القضائي أثار دفعا بعدم الإختصاص النوعي للبت في الطلب وقد كان موضوع حكم مستقل صادر بتاريخ  06/03/97 قضى بانعقاد الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية كمحكمة موضوع، وقد أيد القرار من طرف الغرفة الإدارية في قرارها الصادر بتاريخ 25/9/1997 بالملف عدد 1301، ويستفاد من ذلك أنه وكما تجوز المطالبة بتحديد الغرامة التهديدية أمام رئيس المحكمة الإدارية بشكل تواجهي بناء على الفصل 149 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، تجوز كذلك المطالبة بتحديدها أمام محكمة الموضوع في إطار الضوابط القانونية المنصوص عليها بالفصل 3 من القانون 90-41 وقواعد المسطرة المدنية.

لكن هل يجوز المطالبة بتحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الشخص الذاتي بتقرير مسؤوليته الشخصية عن عدم تنفيذ الحكم الإداري أمام رئيس المحكمة الإدارية، ونذكر هنا قضية (عطاوي ضد رئيس جماعة تونفيت وقضية عبد الله الفاضلي وقضية المرزوقي السالفة الذكر).

فهل استند رئيس المحكمة الإدارية وهو يحدد تلك الغرامة التهديدية إلى مقتضيات الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية باعتبار أنه مشرف على عملية تنفيذ الأحكام الإدارية ؟

وهل يجوز له ذلك حتى ولو تعلق الأمر بخطأ شخصي يرتب المسؤولية الشخصية للموظف في إطار قواعد القانون الخاص الذي لا تختص بالبت فيه المحاكم الإدارية.

نعتقد أن رئيس المحكمة بوصفه ذلك أو بصفته قاضيا للمستعجلات هو جزء من المحكمة ويستمد اختصاصه من اختصاصها، وبالترتيب على ذلك فاختصاصه العام في إطار الفصل 148 أو في إطار الفصل 149 وما يليه من قانون المسطرة المدنية أو في إطار نصوص خاصة مرتبط وجودا وعدما بالاختصاص النوعي الشامل لمحكمة الموضوع، وبالتالي لا يملك الاختصاص في إصدار أي إجراء أو أمر إلا إذا كان الحق المراد حمايته به مما تختص بالبت فيه نوعيا المحكمة الإدارية. وإعمالا لهذا المبدأ أو بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 8 من القانون 90-41 الذي يحدد الاختصاص النوعي للقضاء الإداري لا نجد به ما يشير لا تلميحا ولا تصريحا إلى اختصاص القضاء الإداري بالبت في المسؤولية الشخصية للموظفين وترتيب الآثار القانونية على ذلك بتحديد الأضرار الناتجة عنها.

لذلك وإذا كنا نعلم أن تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الشخص الممتنع عن التنفيذ على أساس خطأه الشخصي في ذلك تنقلب في النهاية إلى تعويض في إطار الضرر الناتج عنه وطبيعته وأهميته ومداه، فمن هي الجهة القضائية المختصة بتصفية تلك الغرامة التهديدية في شكل تعويض ؟ الجواب على ذلك تتنازعه نظريتان.

نظرية تقول ما معناه أن الجهة القضائية المختصة بما يرتب الآثار القانونية عن إطار الخطأ الشخصي بناء على الفصل 80 من ق. ل.ع هي المحكمة العادية بدليل أن الفصل 8 من القانون 90-41 يتحدث عن اختصاص القضاء الإداري في إطار نظرية الخطأ المرفقي وليس الخطأ الشخصي، وأن من الفقه من ينادي  بتعديل الفصل 8 من القانون 90-41 أعلاه يشمل حتى الخطأ الفقهي المرتكب في إطار الوظيفة العمومية (مشيل روس). ونظرية أخرى وهي المعمول بها حاليا في ظل العمل القضائي الإداري بخصوص تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة المسؤول على التنفيذ شخصيا وتنبني هاته النظرية على أساس أن القضاء الإداري يستمد اختصاصه في هذا المجال من كون رئيس المحكمة الإدارية يبت في طلب تحديد الغرامة التهديدية سواء في إطار الخطأ المرفقي أو الشخصي كقاضي للتنفيذ وأن ولايته في هذا الإطار عامة وتشمل حتى صلاحية تحديد الغرامة التهديدية الناتجة عن الامتناع غير المبرر عن التنفيذ سيما وأن عبارة المنفذ عليه الواردة بالفصل 448 من ق.م.م جاءت عامة وتشمل بذلك كلا من أشخاص القانون العام والخاص. 

والأمر يزيد تعقيدا إذا كان الامتناع عن التنفيذ يشكل خطأ شخصيا وخطأ مصلحيا في الوقت ذاته.

إذ يعد خطأ شخصيا وخطأ مصلحيا في الوقت ذاته، إذ يعد خطأ شخصيا بامتناع الموظف المسؤول عن التنفيذ أو تهاونه في القيام بعملية التنفيذ، وخطأ مصلحيا لتهاون الإدارة في فرض الرقابة والإشراف على موظفيها، فمن تكون الجهة القضائية المختصة بتحديد الغرامة التهديدية وتصفيتها في نهاية الأمر على شكل تعويض، هل القضاء الإداري أو القضاء العادي ؟ وهل الخطأ المرفقي يجر الخطأ الشخصي إلى القضاء الإداري وينعقد الاختصاص بالبت في الدعوى إلى القضاء الإداري أم أن العكس هو الصحيح. خصوصا وأن مقتضيات المادة 18 من القانون 90-41 التي تنص على أن المحكمة العادية المرفوعة إليها الدعوى الأصلية التي تدخل في إطار اختصاصها النوعي تبقى مختصة أيضا في كل دعوى فرعية تهدف إلى الحكم على شخص من أشخاص القانون العام لا ترفع هذا الإشكال على اعتبار أن الأمر في هاته الحالة لا يتعلق بطلب أصلي وطلب فرعي مترتب عنه بل بدعوى واحدة.

ونعتقد أن حل الإشكال المطروح لا يتأتى إلا بتدخل تشريعي  صريح بمنح الإختصاص النوعي للمحاكم الإدارية بالبت في دعاوى التعويض الناتجة عن كل من الخطأ الشخصي للموظف والخطأ المرفقي لأشخاص القانون العام، وقد نادى بهاته الفكرة باستمرار تفاديا للإشكال المطروح مجموعة من الفقهاء وعلى رأسهم د. ميشيل روسيفي أكثر من مناسبة.

حول تصفية الغرامة التهديدية :

إذا كانت الغرامة التهديدية تعتبر وسيلة قانونية لحمل الإدارة على التنفيذ فكيف تتم تصفيتها بعد تسجيل امتناع المنفذ عليه على التنفيذ، هل تصفى بإجراء عملية حسابية لمبلغ الغرامة المحدد لضربه في عدد الأيام المشمولة بالامتناع عن التنفيذ بشكل تسلب معه السلطة التقديرية للمحكمة باعتبار أن لها نظام خاص مستقل عن التعويض أم تصفي تلك الغرامة التهديدية في إطار الضرر المترتب عن عدم التنفيذ تبعا لحجمه وأهميته ونوعه ومداه.

لقد تواتر العمل القضائي واجتهاد المجلس الأعلى الغرفة المدنية على أن الغرامة التهديدية تصفى في شكل تعويض مدني بناء على الضرر وحجمه وأهميته ومداه بالنسبة للطالب[35]، وهو يرتكز في ذلك على نفس المقتضيات القانونية المنصوص عليها بقانون المسطرة المدنية ف 448 منه. وقد ذهبت المحكمة الإدارية بوجدة في نفس المنحى بعد أن تقدم المدعي بطلب تعويض جزافي عن الأضرار الناتجة من جراء امتناع المجلس البلدي عن تنفيذ أمر قضى عليه بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه تحت طائلة غرامة تهديدية، وقد ذهبت المحكمة إلى القول بأن الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشي المقضى به يعتبر خطأ مرفقيا ويبرر المطالبة بتصفية الغرامة التهديدية في شكل تعويض بناء على الضرر وأهميته ومداه بالنسبة للطالب. وأكدت هذا الاتجاه في نازلة أخرى حيث أمرت بإجراء خبرة لتحديد التعويض عن الأضرار الناتجة عن عدم تنفيذ حكم يقضي بإرجاع الماء في مواجهة المكتب الوطني للماء تحت طائلة غرامة تهديدية محددة في 500 درهم يوميا. وقد ذهبت في نفس المنحى المحكمة الإدارية بأكادير[36] بقولها: " حيث حدد القرار الاستعجالي مبلغ الغرامة التهديدية في 200 درهم عن كل يوم تأخير ... ونظرا لما للمحكمة من سلطة في تقدير التعويض المناسب فإنها تحدده في مبلغ 15000 درهم للغرامة التهديدية موضوع القرار أعلاه ". 

غير أن المحكمة الإدارية بفاس ذهبت في منحنى آخر[37] حيث اعتبرت أن الغرامة التهديدية تعتبر وسيلة لإكراه المدين على تنفيذ السند القضائي، وليس هدفها التعويض عن الأضرار ولذلك اعتبرت أنه من الواجب فصلها عن التعويض وقد استنتجت ذلك من تنصيصات الفصل 448 من ق.م.م الذي ينص على تحديد الغرامة والمطالبة بالتعويض لذلك فهي تنفرد بوضع قانوني مميز ولا ينبغي أن تؤول إلى تعويض وقد كانت الغرامة التهديدية التي طالب المنفذ له بتصفيتها في إطار عملية حسابية خارج قواعد التعويض عن الضرر محدد في مبلغ 500 درهم يوميا وقد حددتها المحكمة من جديد في مبلغ 50 درهم يوميا معللة ذلك بأنه لا يوجد أي مانع قانوني يحول دون تدخل قضاء الموضوع لتحديد مبلغها من جديد متى كان الامتناع ناشئا في تاريخ لاحق لتاريخ السند المحدد لها، وفي النهاية قامت المحكمة بعملية حسابية لتحكم على الجهة المعنية بالتنفيذ وهي وزارة الشبيبة والرياضة بالمبلغ الناتج عن التصفية[38] وقد تم تبني هذا الاتجاه بتأييده من طرف الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى. هذا وأن هذا المنحنى الجديد يثير مجموعة من التساؤلات منها كيف يمكن للمحكمة أن تمد رقابتها على تحديد الغرامة التهديدية المحكوم بها سابقا خارج وسائل الطعن في الأحكام أو إذا كان هذا الاتجاه من شأنه أن يجعل الغرامة التهديدية بالفعل وسيلة حقيقية لإجبار الإدارة على التنفيذ، فهل أن الغرامة التهديدية تعتبر بالفعل ذات نظام خاص مستقل عن التعويض، وكيف يكون الحل في حالة تقديم دعوى التعويض عن الأضرار الناتجة عن عدم التنفيذ علاوة على طلب تصفيتها في إطار القواعد الواردة بالحكم المذكور ألا يعتبر ذلك من قبيل الازدواج في التعويض عن نفس الضرر.

ثم إن الاتجاه الأول الذي يقول بتصفية الغرامة التهديدية في شكل تعويض بناء على الضرر وأهميته ومداه يبعث على التساؤل التالي إذا كانت الغرامة التهديدية المحكوم بها تصفى بناء على الضرر الناتج عن الخطأ المرفقي للإدارة الممتنعة عن التنفيذ وأهميته ومداه، فما الجدوى من سلوك المسطرة اللازمة لتحديدها والمطالبة بتصفيتها مادام أن الاتجاه المذكور يخول اللجوء إلى القضاء مباشرة للمطالبة بالتعويض كذلك تبعا للضرر وأهميته ومداه انطلاقا من اعتبار امتناع الإدارة عن التنفيذ  خطأ مرفقيا، لذلك ومع إقرار هذا المنحنى يبقى أن تحديد الغرامة التهديدية أمرا زائدا لا فائدة من اللجوء إليه وأعتقد أنه يمكن الجمع بين الاتجاهين معا باعتبار أن الغرامة التهديدية المحكوم بها تصفى في شكل تعويض بناء على الضرر وأهميته ومداه مع اعتبار تلك الغرامة بالفعل وسيلة إكراه في إطار النظام الخاص بها، والأخذ بعين الإعتبار في احتساب التعويض تعنت المنفذ عليه وإصراره على الامتناع عن التنفيذ كعنصر في احتساب التعويض، وكظرف مشدد للرفع من التعويض.

ويبقى الإشكال مطروحا أمام القضاء الإداري حول تصفية الغرامة التهديدية والقواعد التي تحكم هاته التصفية، بين اعتبارها ذات نظام خاص مستقل عن التعويض وبين اعتبار تصفيتها في إطار الضرر وأهميته ومداه. وإذا كان المجلس الأعلى (الغرفة المدنية) وهو يطبق نفس المقتضيات القانونية المتعلقة بالغرامة التهديدية المنصوص عليها بقانون المسطرة المطبقة أمام  المحاكم الإدارية في إطار الإحالة المنصوص عليها بالفصل 7 من القانون 90-41، وقد تواتر اجتهاده على اعتبار تصفيتها في شكل تعويض بناء على الضرر وحجمه ننتظر موقف نفس المجلس الأعلى من خلال الغرفة الإدارية حول الإشكال المطروح بين الأخذ بأحد الاتجاهين أو الجمع بينهما في صيغة جديدة.

ونخلص في نهاية الأمر إلى القول بأن تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الإدارية  الحائزة لقوة الشيء المقضي به لا يعتبر وسيلة ملائمة وناجعة لإلزام الإدارة بتنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها لاعتبارين أساسيين:

أولهما : أن الإدارة إذا استمرت في امتناعها عن الوفاء بهذا الالتزام المالي فلا يتوفر القاضي على أية وسيلة أخرى يجبرها على التنفيذ، إذ لا يجوز لـه سلوك طرق التنفيذ الجبري ضدها ومباشرة مسطرة الحجز على الأموال العمومية باعتبارها غير قابلة للحجز وبالتالي البيع القضائي.

وثانيهما : أن الغرامة التهديدية تنقلب في نهاية الأمر إلى تعويض وتنفيذ هذا التعويض في مواجهة الإدارة تعترضه عدة معوقات قانونية وواقعية، تتمثل في الإجراءات المعقدة والمساطر الطويلة التي تحددها قواعد المحاسبة العمومية التي تستلزم تدخل عدة سلطات : الآمر بالصرف - المحاسب - مراقب التزامات - الخزينة العامة، إضافة إلى ذلك فهاته المبالغ المالية تعتبر نفقات طارئة لاتدخل في الحسبان عند تحديد الميزانية والاعتمادات اللازم رصدها، وأمام ضغط هذه الإكراهات المالية وتعقد المحاسبة المحيطة بالوفاء بالالتزامات المالية للإدارة تبقى الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة وسيلة غير ناجعة وغير كافية لمواجهة ظاهرة عدم تنفيذ الإدارة للأحكام الصادرة ضدها، ويبقى الحل الأ مثل والناجع هو تقرير المسؤولية الشخصية للموظف  الممتنع عن التنفيذ، حتى تتأتى مواجهته بوسائل التنفيذ الجبرية المنصوص عليها بالباب الثالث من قانون المسطرة المدنية.

وهكذا نخلص من دراسة موضوع هذا البحث، إلى أن الوسائل القانونية  المقررة لضمان تنفيذ الأحكام الإدارية كما هي منصوص عليها بقواعد المسطرة المدنية والنصوص القانونية الأخرى، تظل قاصرة عن ضمان تنفيذ تلك الأحكام وإذا كان نظام الوسيط المحدث بالقانون قد خول للوسيط دورا معينا بتنفيذ الأحكام الإدارية من خلال معاينة الأحكام غير المنفذة وحث الإدارة على التنفيذ وتحريك المساطر التأديبية ضد الموظف الممتنع بدون مبرر عن التنفيذ، فضلا عن إنجاز التقرير السنوي عن وضعية التنفيذ ورفعه إلى جلالة الملك وأن طبيعة الدور المخول له في التنفيذ لا يمكن بحال أن يقاوم تعنت الإدارة في التنفيذ ولا يتوفر على الوسائل القانونية لإلزام الإدارة على الرضوخ لقوة الشيء المقضي به. وإذا كان أسلوب تحديد الفوائد القانونية بمنطوق الأحكام يعد أسلوب آخر للضغط على الإدارة لتنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها لما تتضمنه من التزامات مالية تبقى سارية في حقها حتى ترضخ لقوة الشيء المقضي به، ولتفادي مماطلة التنفيذ فهو أسلوب بدوره لا يقوم على مواجهة معضلة التنفيذ.

وإذا كان الحجز على أموال الشخص المعنوي العام يصطدم بمبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العامة وعدم تعطيل وظيفة النفع العام الملقاة على عاتق المرفق العمومي في ظل المرفق العمومي وضرورة اشتغاله بانضباط وانتظام، وبالتالي يبقى معمولا به في حدود الحجز على الأموال الخاصة للشخص المعنوي العام في حدود عدم تعارضه مع سيره بانتظام ويبقى بالتالي وسيلة غير ضامنة للتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة.

وإن كان الامتناع عن تنفيذ قوة الشيء المقضي به أو المماطلة في تنفيذه، تعتبر خطأ مرفقيا في حق الشخص المعنوي العام الممتنع عن التنفيذ يترتب مسؤوليته عن جميع الأضرار الناتجة بالمحكوم له، فإن هاته الأحكام الصادرة بالتعويض في مواجهة الإدارة تصطدم بدورها بموقف الإدارة وتعنتها في التنفيذ وتجعلنا ندور في حلقة مفرغة لا يمكن الخروج منها.

وإذا كانت الغرامة التهديدية المنصوص عليها بالفصل 448 من ق.م.م المحال عليه بموجب الفصل 7 من القانون 90-41 تخول للقضاء الإداري حق فرضها في حق الإدارة الممتنعة عن تنفيذ قوة الشيء المقضي به، فهي في نهاية الأمر تصفى في شكل تعويض مدني بناء على الضرر وأهميته ومداه وتصطدم الأحكام الصادرة حولها بتعنت الإدارة في التنفيذ وعدم وجود وسائل قانونية بديلة تجبرها على التنفيذ.

وإذا كان المشرع الفرنسي قد قرر في هذا المجال عدة وسائل قانونية ليجبر الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها منها إحداثه للجنة التقرير والدراسات مجلس النواب بالمرسوم رقم 766/63 حيث نص في المادة الثالثة منه على أن يقدم مجلس الدولة كل عام تقرير للحكومة حول نشاطه الإداري والقضائي مع إثارة الصعوبات التي تواجه تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة، وإحالته بقانون 24 دسمبر 1976 لنظام الوسيط البرلماني الذي تتلخص وظيفته الأساسية في تلقي الشكاوى والتظلمات المتعلقة بنشاطات الإدارة الدولة والهيئات العامة والإقليمية وكل الهيئات المكلفة بنشاط مرفق عام، ومنها الشكاوى المتعلقة بالتنفيذ حيث تأمر الجهة الإدارية المعنية بالتنفيذ خلال مهلة يحددها لذلك، وحتى إذا لم تمتثل لهذا الأمر، فإن حالة عدم التنفيذ تلك تكون محلا لوضع تقرير خاص عنها ينشر بالجريدة الرسمية، وإحداثه بقانون 1980 وسيلة الغرامة التهديدية.

وإذا كانت الوسيلة الأولى والثانية يتمحور مضمونها حول إصدار التوصيات إلى الإدارة المعنية لإزالة صعوبات التنفيذ والضغط على الإدارة من خلال التقارير المنجزة في هذا الشأن، وبالتالي تبقيا قاصرين على ضمان تنفيذ الأحكام ضد الإدارة، فإن الوسيلة الثالثة وهي الغرامة التهديدية قد أحاطها المشرع الفرنسي مجموعة من الضمانات الإجرائية تكفل فعالياتها في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية كإلزام سلطة الوصاية بالحلول محل الهيئة المحلية في الدفع في حالة عدم توفر الاعتمادات المالية، وتقرير المسؤولية المالية والتأديبية عن تصرفات الموظف الممتنع عن تنفيذ الأحكام المالية الصادرة في مواجهة الإدارة أو التي تبين تصرفاته وأخطاءه في الحكم على الإدارة بغرامة تهديدية فضلا عن الوسائل القضائية المتمثلة باعتبار التماطل في التنفيذ أو الامتناع فيه يشكل خطأ مرفقيا يترتب مسؤولية الإدارة بالتعويض، مع الإشارة إلى أن نظام تنفيذ الأحكام الإدارية في فرنسا يفتقر إلى وسيلة دعوى المسؤولية الجنائية، كما هو الشأن بمصر.

وإذا كان المشرع المصري قد قرر جزاءات خاصة لحمل الإدارة على الرضوخ لقوة الشيء المقضي به، كإقراره للمسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ وتقرير مسؤوليته الجنائية بالدستور وقانون العقوبات المصري، فضلا عن المساءلة السياسية أمام مجلس الوزراء بواسطة تقديم رئيس مجلس الدولة سنويا لتقرير يتضمن حالة الامتناع عن تنفيذ الأحكام وتعطيلها. ولم ينظم الغرامة التهديدية كوسيلة لجبر الإدارة على تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة كما فعله المشرع الفرنسي والمغربي، فإن المسؤولية الشخصية والمسؤولية الجنائية للموظف الممتنع عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضد الإدارة تغني عن تنظيم تلك الوسيلة، وبالتالي نخلص إلى القول أن الوسائل القانونية المقررة بالتشريع المصري وخصوصا منها المسؤولية الجنائية تعتبر ضمانة حقيقية لتنفيذ الأحكام ضد الإدارة ومن شانها أن تضع حدا لتعنت المسؤول عن التنفيذ ومماطلته في التنفيذ.

ما هي الحلول المقترحة للتغلب على معضلة تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضد الإدارة ؟.

انطلاقا من هذه الخلاصة الموجزة المستمدة من القانون المقارن، لنا أن نتساءل عن كيفية تفعيل نظام تنفيذ الأحكام الإدارية في مواجهة الإدارة إزاء عدم فاعلية الوسائل التي يعرفها النظام القانوني المغربي لإجبار الإدارة على تنفيذ ما يصدر من الأحكام ضدها، وفي هذا الإطار وفي سبيل ضمان تنفيذ الأحكام الإدارية ضد الإدارة نقترح ما يلي :

- تنظيم مؤسسة قاضي التنفيذ بقانون المسطرة المدنية تكون مهمته الهيمنة على سير إجراءات التنفيذ والإشراف عليها، والفصل في جميع المنازعات القضائية المتعلقة بالتنفيذ.

- إقرار المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع على التنفيذ بدون مبرر، إذ يجب أن يكون الأصل في هذا الشأن هو الخطأ الشخصي للموظف المعرقل لعملية التنفيذ الممتنع عن التنفيذ بدون مبرر مما يترتب على ذلك من مسائلته عن ذلك في ماله الخاص، ذلك إذا أحس الموظف أنه يسأل عن الأضرار الناتجة عن عدم التنفيذ في ماله الخاص مما يترتب على ذلك من حجزه وبيعه سوف يبادر إلى التنفيذ عوض أن يعرقله.

- إعادة تنظيم الغرامة التهديدية بقانون المسطرة المدينة بالتنصيص على جواز فرضها في حق المكلف بالتنفيذ متى كانت إمكانية التنفيذ قائمة و غير مستحيلة، ومتى تبين سسوء نية الموظف في التنفيذ تكريسا للعمل القضائي الصادر في هذا المجال السالف الذكر، مع التنصيص على أن تصفيتها في مواجهته لا تخضع لقواعد التعويض عن الضرر بقدر ما تجرى في إطار عملية حسابية بضربها في عدد الأيام المشمولة بالامتناع عن التنفيذ.

- التنصيص على أن الأحكام الصادرة في هذا المجال تعتبر بمثابة إذن بحوالة تقدم على غرار باقي الأحكام للمحاسب العمومي المختص لصرفها له داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ إعلانها له.

- التنصيص على المسؤولية المالية والتأديبية للموظف الممتنع عن التنفيذ.

- اعتبار الامتناع عن التنفيذ فعلا جرميا يعاقب عليه طبقا للقانون الجنائي مع ملاءمة قواعد المسطرة المدنية مع القانون الجنائي.   

[1]- د. عصمت عبد الله الشيخ في كتابه- الوسائل القانونية لضمان تنفيذ الأحكام الإدارية -ص 5.

[2]- قرار المجلس الأعلى عدد 4 الصادر بتاريخ 24-11-1987 منشور القرارات الغرفة الإدارية (1966-1970 صفحة 22).

[3]- L’exécution forcée des decisions du juge administratif par la mise en jeu de la responsabilité pecuniaire du service public EDCE1953P50.

[4]- محكمة القضاء الإداري القضية رقم ٦٧٦٤ لسنة ٥٠ جلسة ٣٠/٧/١٩٩٦

[5]- نظام الوسيط بفرنسا تقرر بموجب قانون ٢٤ دسمبر ١٩٧٦ معدل بقانون ٣ يناير ۱۹۷۳

[6]- القانون الفرنسي برقم 539/80 الصادر في 16 يوليو 1980 المعدل بالقانون 125/95 الصادر بتاريخ 8-2-1995 والقانون 388 الصادر بتاريخ 4-5-2000 الذي أقر للقضاء الإداري الحق في توقيع الغرامة التهديدية ضد الإدارة في حالة عدم تنفيذها الأحكام الإدارية الصادرة في مواجهتها أيا كان مضمون هذه الأحكام.

[7]- تنص المادة 72 من الدستور المصري الصادر سنة 1971: " تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون".

[8]- ينص الفصل 123 بما يلي: " يعاقب بالحبس والعزل على موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته أن وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكم منه أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأحوال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة. كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاص الموظف ".

[9]- قضية العراقي ضد المجلس البلدي المتعلقة بتنفيذ القرار القاضي بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.

[10]- حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط تحت عدد 134 بتاريخ 6/3/97.

[11]- المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 23 أبريل ويونيو 1998.

[12]- حكم إدارية وجدة بالملف رقم 10/00 بتاريخ 11/5/00 غير منشور وحكم بالملف 11/97 بتاريخ 21/7/97 غير منشور.

[13]- الرباط 15/11/1955 كوهين بيير ضد الدولة المغربية قرارات محكمة الاستئناف بالرباط 15/11/1955 صفحة 520.

[14]- قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 20 يوليوز 1913 قضية Commune de la Curtine.

[15]- قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية Gas de Pesnas.

[16]- CE . 7 Janv 1983, Raveau. Rec P 830أورده الدكتور عصمت عبد الله الشيخ في كتابه الوسائل القانونية لضمان تنفيذ الأحكام ......الصفحة 93.

[17]- 1987 Mme LanlaneyCE 27 Mas نفس المرجع أعلاه صفحة 93.

[18]- CE 13 Sep 1996 Fereol المشار إليه بنفس المرجع صفحة 93.

[19]- أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 2009.1.19 تحت عدد 15 بالملف رقم 64/08 تم تأييده بقرار محكمة الاستئناف الإدارية بقرارها عدد 1370 بتاريخ 2009.6.1 بالملف عدد 80/09/2.

[20]- حكم إدارية وجدة تحت عدد 11/97 بتاريخ 21/7/1997 غير منشور وحكم عدد 01/97 بتاريخ 21/7/97 وحكم عدد 10/00 بتاريخ 11/5/00.

[21]ـ حكم إداري عن المحكمة الإدارية بمكناس في قضية العيطاوي ضد رئيس جماعة تونفيت بالملف عدد 110/98 بتاريخ 3/4/1998.

[22]- حكم محكمة القضاء الإداري في القضية عدد : 888 مشار إليه بكتاب تنفيذ الأحكام الإدارية والإشكاليات المتعلقة بها للأستاذ حسن عبد الواحدصفحة 595.

[23]- حكم صادر عن محكمة القضاء الإداري بتاريخ : 29/06/1950 مشار إليه في المرجع السابق.

[24]- حكم المحكمة الإدارية بالرباط بالملف 172/06 قضية المرابط ضد وزارة التجهيز.

أمر قضائي رقم 172 بتاريخ 2007.5.2 بالملف 118/07 في قضية شركة صوكرار ضد وزارة الداخلية وقائد قيادة تاغراست.

[25]- أمال المشرفيفي تعليقه على حكم إدارية مكناس عدد : 110/98 بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد : 26 يناير ومارس 1999.

[26]- قرار المجلس الأعلى الغرفة الإدارية عدد : 235 بتاريخ :11/03/1999.

[27]- قرار الغرفة الإدارية عدد 453 بتاريخ 22/04/1999 في قضية أحمد بن يونس ضد الوكيل القضائي.

[28]- قرار المجلس الأعلى عدد 235 الصادر بتاريخ 11-3-1999 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 31 مارس، أبريل 1120.

[29]- أمر رئيس المحكمة الإدارية الرباط 334/08 س تحت رقم 497 بتاريخ 23/07/2008 قضية الشرقاوي ضد رئيس المجلس البلدي بسوق أربعاء الغرب.

[30]- أمر رئيس المحكمة الإدارية بالرباط بالملف 807/08 تحت رقم 787 بتاريخ 11/12/08 قضية شركة بريفير ضد الخازن الخاص لوزارة الداخلية عبد الله الفاضلي.

[31]- أمر رئيس المحكمة الإدارية بالرباط بالملف رقم 65/08 تحت رقم 16 بتاريخ 19/01/09 قضية الساخي عائشة والمهنديز ضد الخازن الرئيسي للمملكة السيد المرزوقي.

[32]- قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 1370 بتاريخ 01/06/09 بالملف عدد 80/09/2 قضية الوكيل القضائي ضد الساخي عائشة ومن معها.

[33]- الأمر عدد :09/98 القاضي بإرجاع الماء تحت طائلة غرامة تهديدية تم تأييده بالقرار الصادر عن المجلس الأعلى عدد 1079 بتاريخ : 26/11/1998 غير منشور.

[34]- حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط في قضية ورثة لعشيري ضد الدولة المغربية تحت عدد 34.

[35]- قرار المجلس الأعلى بالملف المدني عدد 56542 تحت رقم 109 بتاريخ 14 مارس 1979.

[36]- حكم المحكمة الإدارية بأكادير تحت رقم 80/02 بتاريخ 4/04/2002 بالملف 275/01 ش.

[37]- حكم المحكمة الإدارية بفاس بالملف 96/01 بتاريخ 5/03/2002 غير منشور.

[38]- قرار الغرفة الإدارية عدد 1100 بتاريخ 3-11-2004 قضية وزارة الأوقاف ضد وزارة الشبيبة والرياضة.

تعليقات