القائمة الرئيسية

الصفحات



أوصاف الالتزام الأجل والشرط

أجل و شرط

term and condition - terme et la condition

أوصاف الالتزام

أوصاف الالتزام

الأجل والشرط

ياسر عياش

 الشرط

الأجل">الأجل




لا يخفى على أي دارس قانون أو مشتغل فيه ما لنظرية الالتزام من شأن كبير بين القوانين باختلاف فروعها وأقسامها. فتأثير هذه النظرية كبير، ويمتد إلى كل أركان القوانين المدنية والجزائية والإدارية. وإن في دراستها والتمكن منها ما يعطي الدارس والقاضي والمحامي ملكة قانونية تمكنه من إضاءة طريقه في مختلف دراساته وأبحاثه العلمية ومواضيعه القانونية حيث يمكن تسميتها ودون تحفظ بالعمود الفقري للقانون المدني والتجاري بالدرجة الأولى وللقانون بوجه عام.

والالتزام هو حالة قانونية يرتبط بمقتضاها شخص معيّن بنقل حق عيني أو بالقيام بالعمل أو بالامتناع عن عمل؛ وبالتالي فإن جوهر الالتزام هو فعل الوجوب، وبما أن الواجب يقع على عاتق البشر وفي حدود الاستطاعة - إذ لا تكليف إلا بمستطاع - فالوجوب والإمكان هما وجها الالتزام.

وعناصر الالتزام ثلاثة: رابطة قانونية تربط المدين بالدائن. ومحل الالتزام: وهو الشيء الذي يلتزم المدين بأدائه للدائن. وطرفا الالتزام وهما الدائن والمدين. وقد يلحق الالتزام في أحد هذه العناصر الثلاثة وصف يكون من شأنه أن يعدل من هذه الآثار، فيكون الالتزام موصوفاً.

وهذا الوصف قد يلحق العنصر الأول من عناصر الالتزام، وهي رابطة المديونية، فتعلّق هذه الرابطة على شرط، ويصبح وجودها غير محقق، ويسـمى هذا الوصف بالشرط. أو يتراخى نفاذ الرابطة إلى أجل، ويسمى هذا الوصف بالأجـل. وبالتالي يمكـن القول: إن لعنصر رابطـة المديونية وصفين؛ هما الشـرط والأجل.

والقانون المدني السوري عالج الشرط في المواد (265-270)، واقتصر على القواعد الأساسية التي رتبها ترتيباً منطقياً، وأحكم وضعها، وعالج الأجل في المواد (271-274) علاجاً ضبط فيه حدود أحكام الأجل، فأزال عن نصوصه كل إبهام وغموض.

أولاً: الشرط

1- تعريفه: لغة يدل على معنى العلاقة الدالة المميزة. والشرط والشريطة إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه.

والشرط قانوناً هو أمر مستقبل غير محقق الوقوع كشفاء مريض أو قدوم مسافر أو وصول بضاعة أو نحو ذلك، وهذا مستفاد من نص المادة (265) من القانون المدني الذي جاء فيه أنه: «يكون الالتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع».

2- أنواعه: للشرط نوعان:

أ- الشرط الواقف: هو الشرط الذي يتوقف على تحققه وجود الالتزام، فإن تخلف لم يخرج الالتزام إلى الوجود. ومثال ذلك أن يعلق الواهب هبته لابنه على شرط أن يتزوج. فالزواج هنا شرط واقف، إذا تحقق وتزوج الابن وُجِدَ التزام الأب بالهبة، وإذا تخلف الشرط ولم يتزوج الابن فإن التزام الأب بإعطاء هبة لابنه لا يوجد.

ب- الشرط الفاسخ: وهو ما يعلق عليه زوال الالتزام القائم والنافذ، فتحقق الشرط الفاسخ المعلق عليه يُحل الملتزم من التزامه، وتزول رابطته. ومثال ذلك نزول الدائن عن جزء من حقه بشرط أن يدفع المدين الأقساط الباقية كل قسط في ميعاده، فالشرط هنا شرط فاسخ، فإذا تأخر المدين في دفع الأقساط الباقية عدّ نزول الدائن عن جزء من الدين كأن لم يكن.

3- خصائصه: للشرط خصائص أربع جاءت على ذكرها المادتان 265 و266 من القانون المدني السوري وهي:

أ- أن يكون الشرط المعلق عليه أمراً مستقبلاً وممكناً: أما إذا كان أمراً ماضياً أو حاضراً فهو ليس بشرط حتى لو كان طرفا الالتزام يجهلان وقت التعامل ما إذا كان الأمر الماضي قد وقع أو لم يقع، أو إذا كان الأمر الحاضر واقعاً أو غير واقع.

واعتقاد الملتزم أن التزامه معلق على شرط بينهما هو شرط منجز، بل اعتقاد الطرفين معاً -المدين والدائن- أن الشرط لم يتبين مآله بعد وأن الالتزام معلق على شرط؛ لا يؤثر في الالتزام المنجز إن كان هذا الأمر قد تحقق فعلاً قبل وجود الالتزام. أو أن الالتزام غير موجود أصلاً إن كان هذا الأمر لم يتحقق. لكن إذا علم الطرفان أن الشرط قد تحقق أو هو متحقق، ومع ذلك علقا الالتزام عليه باعتبار أنه قد يقع مرّة أخرى في المســتقبل وكانا واهمين في هذا الظن لأن الأمر لا يمكن وقوعه بعد ذلك؛ فإن الشرط يكون في هذه الحالة أمراً مستحيلاً، ويتخلف الاحتمال لأن الأمر المعلق عليه لن يحصل يقينياً.

والأمر المستقبل الذي ينطوي عليه الشرط قد يكون أمراً إيجابياً أو أمراً سلبياً. فالأب الذي التزم أن يهب ابنه داراً إذا تزوج يكون قد علق التزامه على شرط، هو زواج ابنه، وهذا أمر إيجابي. والزوج الذي يوصي لامرأته بدار على شرط ألا تتزوج بعده يكون قد علق الوصية على شرط، هو عدم زواج امرأته، وهذا أمر سلبي.

ب- أن يكون الشرط المعلق عليه غير محقق الوقوع: فإذا كان الأمر مستقبلاً ولكنه محقق الوقوع فإنه لا يكون شرطاً، بل يكون أجلاً. فإذا أضاف الملتزم التزامه إلى موسم الحصاد كان الالتزام مقترناً بأجل لا معلقاً على شرط؛ لأن موسم الحصاد في المألوف من شؤون الدنيا لابد آتٍ، فالأمر هنا محقق الوقوع، فيكون أجلاً لا شرطاً.

وكذلك لا يكون شرطاً الأمر المستحيل الوقوع وفق ما نصت عليه الفقرة الأولى من (المادة 266 مدني). فإذا علق الملتزم التزامه على أمر مستحيل استحالة مطلقة؛ فإن الالتزام لا يوجد أصلاً، وتكون الاستحالة مطلقة إن استحال تحقق الشرط بالوسائل المعروفة للإنسان.

أما إذا كانت الاستحالة نسبية فإنها لا تعيب الالتزام، بل يكون في هذه الحالة قائماً يتوقف وجوده أو زواله على تحقق الشرط. وتعدّ الاستحالة نسبية إذا غلب الظن أن تقدم المعارف البشرية يجعل الشرط ممكناً، وليس مستحيل الوقوع.

وكما تكون الاستحالة طبيعية كما سبق ذكره كذلك قد تكون قانونية. فالالتزام المعلق على شرط أن يبيع المشترط عليه تركة مستقبلية لا يكون قائماً؛ لأنه علق على شرط مستحيل استحالة مطلقة.

ج- أن يكون الشرط المعلق عليه مشروعاً: ويكون الشرط غير مشروع ليس فقط إذا خالف نصاً قانونياً آمراً؛ بل إذا كان أيضاً مخالفاً للنظام العام والآداب وفق ما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 266 من القانون المدني السوري.

فإذا كان الشرط مخالفاً للنظام العام أو الآداب فيكون في هذه الحالة باطلاً، ولا يقوم الالتزام الذي عُلق وجوده عليه، ومثال ذلك إذا اشترطت الزوجة غير المسلمة أن يكون أولادها من زوجها المسلم على دينها هي لا على دين زوجها وإلا كان لها حق الطلاق من زوجها، فإن هذا الشرط باطل لمخالفته النظام العام. أو إذا التزم شخص نحو آخر بمبلغ من النقود بشرط أن يقوم بارتكاب عمل غير مشروع؛ فهذا الشرط باطل لمخالفته الآداب.

أما إذا كان الشرط الفاسخ مستحيلاً أو مخالفاً للنظام العام أو للآداب كان باطلاً؛ لأن الالتزام المعلق على شرط فاسخ التزام نافذ وفوري، وزواله هو المعلق على الشرط الفاسخ الذي يعدّ كأن لم يكن لبطلانه، فهو إذن لن يتحقق. ويترتب على ذلك أن الالتزام المعلق على هذا الشـرط يكون باتاً غير معلق على أي شرط، وليس التزاماً مهدداً بالزوال كما هو شأن الالتزام المعلق على شـرط فاسخ صحيح.

أما إذا كان السبب الدافع إلى الالتزام معلقاً على شرط فاسخ مخالف للآداب أو النظام العام - كأن يهب رجل لامرأة مالاً لأجل استمرارها معه في حياة غير شرعية - كان الشرط الفاسخ هنا باطلاً لمخالفته للآداب، وعدّ غير قائم؛ وبالتالي فإن سقوط الشرط يسقط الالتزام معه كما تقضي بذلك الفقرة الثانية من المادة 266 من القانون المدني السوري.

د- ألا يكون الشرط المعلق عليه إرادياً محضاً متوقفاً على إرادة الملتزم: فإذا كان الشرط المتعلق بإرادة المدين شرطاً واقفاً كأن يلتزم المدين إذا أراد أو إذا رأى ذلك معقولاً أو مناسباً، فهذا شرط يجعل عقد الالتزام منحلاً منذ البداية، إذ إن الالتزام قد عُلق وجوده على محض إرادة المدين إن شاء حقق الشـرط وإن شاء جعله يتخلف، ومن ثم يكون هذا الشرط باطلاً، ويسقط الالتزام وفق ما نصت عليه المادة 267 من القانون المدني بقولها: «لا يكون الالتزام قائماً إذا عُلق على شرط واقف يجعل وجود الالتزام متوقفاً على محض إرادة الملتزم». أما في الشرط الفاسخ فيكون صحيحاً دائماً لو كان شرطاً إرادياً محضاً حتى ولو تعلق بإرادة المدين.

وتنقسم الشروط من حيث ارتباطها بإرادة أحد الطرفين إلى أنواع ثلاثة:

(1) الشرط الاحتمالي: وهو متروك للمصادفة المحضة دون أن يتعلق بإرادة أي من طرفي الالتزام.

(2) الشرط المختلط: وهو شرط يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام وبإرادة شخص ثالث. وكلا الشرطين الاحتمالي والمختلط صحيح؛ لأنه ينطوي على عنصر خارجي يفلت من إرادة المتعاقدين.

(3) الشرط الإرادي: وهو ذاك الذي يتوقف على إرادة أحد الطرفين أو قدرته. وهو إما أن يكون شرطاً إرادياً محضاً وإما شرطاً إرادياً بسيطاً.

فالشرط الإرادي البسيط: هو الذي يتوقف على إرادة أحد الطرفين مقترنة بظروف خارجية على نحو لا يكون فيه العقد متوقفاً على محض مشيئة المدين. فالزواج شرط إرادي يتعلق بإرادة الدائن أو المدين، ولكن إرادة المشـترط عليه الزواج ليسـت مطلقة، إذ الزواج تحوط به الظروف والملابسات الاجتماعية والاقتصادية؛ ومن ثم يكون شرطه صحيحاً.

أما الشرط الإرادي المحض: فهو الذي يتوقف على إرادة أحد الطرفين فقط كالتعليق على المشيئة.

فإذا تعلق بمحض إرادة الدائن كان شرطاً صحيحاً، وكان الالتزام قائماً معلقاً على إرادة الدائن، إن شاء تقاضى المدين الشيء الذي ألزمه به وإن شاء أحله من التزامه. كما لو التزمت أنا بأن أعيرك سيارتي للتنزه إذا أردت أنت. أما إن تعلق الشرط بمحض إرادة المدين؛ فإن كان شرطاً فاسخاً، كأن يلتزم المدين حالاً، ويجعل فسخ هذا الالتزام معلقاً على إرادته المحضة؛ كان الشرط صحيحاً، وكان الالتزام قائماً؛ لأن الالتزام لم يعلق وجوده على محض إرادة المدين، فهو إذن قد وجد، وإنما استبقى المدين زمامه في يده، إن شاء أبقاه، وإن شاء فسخه. ومثال ذلك أن تخول المحلات التجارية لزبائنها الحق برد البضاعة إذا لم تعد تروق لهم.

وإن كان الشرط المتعلق بمحض إرادة المدين شرطاً واقفاً، كأن يلتزم المدين إذا أراد، أو يلتزم إذا رأى ذلك معقولاً أو مناسباً؛ فهذا الشرط يجعل عقدة الالتزام منحلة منذ البداية كما لو قلت: «سأدفع لك ألف ليرة إذا أردت أنا» إذ إن الالتزام قد عُلق وجوده على محض إرادة المدين إن شاء حقق الشرط وإن شاء جعله يتخلف؛ ومن ثم يكون هذا الشرط باطلاً، ويسقط كل التزام معلق على شرط واقف؛ هو محض إرادة المدين. وهذا ما نصت عليه المادة 267 من القانون المدني سالفة الذكر.

4- آثاره: حتى يتبين بوضوح ما يترتب على الشرط من آثار يجب التمييز بين مرحلتين: مرحلة التعليق، وهي المرحلة التي يكون فيها الشرط قائماً لا يعلم هل يتحقق أو يتخلف. ومرحلة ما بعد التعليق، وهي المرحلة التي يتبين فيها مآل الشرط هل تحقق أو تخلف. وفي كلتا المرحلتين تختلف آثار الشرط الواقف عن آثار الشرط الفاسخ.

أ- آثار الشرط الواقف خلال فترة التعليق: نصت المادة 268 من القانون المدني على أنه: «إذا كان الالتزام معلقاً على شرط واقف فلا يكون نافذاً إلا إذا تحقق الشرط، أما قبل تحقق الشرط فلا يكون الالتزام قابلاً للتنفيذ الجبري ولا للتنفيذ الاختياري، على أنه يجوز للدائن أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقه».

يتبين من النص المتقدم الذكر أن الالتزام المعلق على شرط واقف وهو في مرحلة التعليق؛ لا يكون نافذاً، بل هو لا يكون موجوداً وجوداً كاملاً، فهو حق موجود ولكن وجوده غير كامل. فالدائن ذو حق في الالتزام المعلق على شرط ناشئ من وقت الاتفاق، ولكنه مرتبط بتحقق الشرط، فحقه منعقد السبب، ولكنه ليس كالحقوق المنجزة لأن وجوده المنتج مرتبط بوجود شرط معلق عليه.

وعليه فإن الحق المعلق على شرط واقف حق موجود وآية وجوده تظهر فيما يأتي:

(1) ينتقل هذا الحق من صاحبه إلى الغير بالميراث وغيره من أسباب انتقال الحقوق.

(2) يجوز لصاحبه أن يجري الأعمال المادية اللازمة لصيانته من التلف. ولا يجوز للمدين تحت شرط واقف أن يقوم بأي عمل من شأنه أن يمنع الدائن من استعمال حقه عند تحقق الشرط أو يزيد هذا الاستعمال صعوبة.

(3) يجوز لصاحبه أن يقوم بالأعمال التحفظية اللازمة للمحافظة على حقه، ويجوز أن يستعمل الدعوى غير المباشرة ودعوى الصورية.

(4) يجوز لصاحبه أن يدخل في التوزيع، ويطلب أن يختص بمبلغ يقابل قيمة حقه مع حفظ هذا المبلغ في خزانة المحكمة وتعليق قبضه إياه على تحقق الشرط. ويجوز أن يوزع المبلغ على الدائنين التالين بشرط أن يقدموا كفالة تضمن رده في حالة تحقق الشرط.

(5) لا يجوز لصاحبه حجز ما لمدينه لدى الغير ولا أن يقوم بأي حجز تحفظي آخر؛ لأن حقه غير حال الأداء ولا محقق الوجود. ولكن إذا حجز دائن آخر ما للمدين لدى الغير كان للدائن تحت شرط واقف أن يدخل في التوزيع.

ويترتب على كون الحق المعلق على شـرط واقف باعتبار أن وجوده غير كامـل النتائج التالية:

(1) لا يكون قابلاً للتنفيذ الجبري.

(2) لا يجوز للدائن تحت شرط واقف أن يتقاضى حقه برضاء المدين عن طريق التنفيذ الاختياري، فإذا كان المدين قد وفى الدين وهو يعتقد خطأ أن الدين غير معلق على شرط أو أن الشرط قد تحقق جاز له استرداده وفقاً للقواعد العامة في دفع غير المستحق.

(3) لا يسري التقادم عليه، ولا تجوز المقاصة القانونية بهذا الحق.

(4) إذا كان هذا الحق هو حق الملكية، كان لهذا الحق مالكان، مالك تحت شرط واقف؛ وهو الذي انتقلت إليه الملكية معلقة على هذا الشرط وحقه غير كامل الوجود، ومالك تحت شرط فاسخ؛ وهو من انتقلت منه الملكية إلى المالك تحت شرط واقف وحق المالك كامل الوجود، وبالتالي لهذا المالك الأخير أن يدير العين، ويتصـرف بها، وأن يطهـر العقار وهو الذي يتحمل هلاك العين، ويستطيع دائنوه أن ينفذوا بحقوقهم عليها.

ب - آثار الشرط الفاسخ خلال فترة التعليق: إن حق الدائن المرتبط بشرط فاسخ هو حق منجز قائم من كل وجه ومنتج لآثاره خلال فترة التعليق وإن كان معرضاً للزوال بتحقق الشرط الفاسخ.

فصاحب هذا الحق يملكه حالاً، وله أن يديره وأن يتصرف فيه، ولكن تصرفاته تكون على خطر الزوال كحقه، فإذا ما تحقق الشرط الفاسخ زال حقه وزالت معه جميع التصرفات التي أجراها فيه.

على أن هناك من الأعمال التي يقوم بها صاحب الحق العيني المعلق على شرط فاسخ ما يبقى حتى بعد تحقق الشرط، وهي أعمال الإدارة المقترنة بحسن النية.

فيستطيع المالك تحت شرط فاسخ أن يباشر دعاوى الملكية والحيازة وأن يطلب قسمة العين إذا كانت على الشيوع.

ج- آثار الشرط الواقف بعد انتهاء فترة التعليق: إذا تحقق الشرط الواقف ينفذ الالتزام المعلق عليه، ويجوز للدائـن أن ينفذ حقه اختياراً أو إجباراً، وله أن يسـتعمل الدعوى البولصية تمهيداً لهذا التنفيذ، ولا يرد ما قبضه؛ لأنه قبض ما هو مستحق له. ويسري التقادم منذ تحقق الشرط. ويعدّ الالتزام بتحقق الشرط موجوداً منذ نشوء الالتزام لا منذ تحقق الشرط، وهذا هو الأثر الرجعي للشرط.

أما إذا تخلف الشرط الواقف فإن الالتزام الذي كان معلقاً على هذا الشرط يزول، ويصبح كأن لم يكن، ولا يعتبر له وجود لا كامل ولا ناقص منذ البداية، وهذا هو الأثر الرجعي لتخلف الشرط.

د- آثار الشرط الفاسخ بعد تحقق الشرط: نصت المادة 269 من القانون المدني على ما يلي:

«1- يـترتب على تحقق الشرط الفاسخ زوال الالتزام، ويكون الدائن ملزماً برد ما أخذه، فإذا استحال الرد لسبب هو مسؤول عنه وجب عليه التعويض.

2- على أن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط».

يستخلص من ذلك أنه إذا تحقق الشرط الفاسخ فإن تحققه يزيل الالتزام زوالاً مستنداً إلى تاريخ انعقاد سببه، كما لو لم يكن ثمة عقد ولا التزام أصلاً، ويجب إعادة المتعاقدين إلى ما كانا عليه قبل العقد. فيكون المشتري ملزماً بردّ المبيع الذي تسلمه، كما يكون البائع ملزماً بردّ الثمن الذي قبضه.

وإذا استحال الرد لسبب غير أجنبي كان عليه أن يعوض المدين عما أصابه من ضرر، أما إذا رجعت الاستحالة إلى سبب أجنبي فقد انقضى الالتزام بالرد، ولا محل للتعويض في هذه الحالة.

وبتحقق الشرط الفاسخ تسقط جميع التصرفات التي صدرت من الدائن تحت شرط فاسخ، ولا تبقى إلا أعمال الإدارة كالإيجار الذي لا تزيد مدته على ثلاث ســنوات وقبض الأجرة وقبض المحصولات والثمار وبيعها، ذلك لأن هذه الأعمال لا تؤثر في الحقوق التي تترتب على تحقق الشرط، وقد اشترط القانون لبقائها على الرغم من تحقق الشرط الفاسخ أن يكون الدائن قد أجراها بحسن نية، ولم يتجاوز فيها حدود المألوف.

5- الأثر الرجعي لتحقق الشرط: إن فكرة الأثر الرجعي لتحقق الشرط تستجيب في أكثر الأحوال لظروف التعاقد وللنية المحتملة للمتعاقدين، ذلك أن المتعاقدين لا يعرفان وقت التعاقد إن كان الشرط يتحقق أو لا يتحقق، ولو أنهما كانا يعرفان ذلك لما علقا العقد على الشرط ولجعلاه عقداً بسيطاً منجزاً.

وقد أورد المشرع لهذا المبدأ استثناءات جاءت على ذكرها المادتان 269 و270 من القانون المدني، وهي:

أ- إن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط الفاسخ.

ب- إذا تبين من إرادة المتعاقدين أنهما استبعدا الأثر الرجعي.

ج- إذا كانت طبيعة العقد تقضي بعدم الاستناد إلى أثر الشرط الرجعي.

د- إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد للمدين فيه قبل تحقق الشرط.

ثانياً: الأجل"> الأجل

1- تعريفه: الأجل لغة مدة الشيء. وقانوناً هو أمر مستقبل كالشرط ومحقق الوقوع بخلاف الشرط، ويترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه.

وقد عرفت المادة 271 من القانون المدني الأجل بقولها:

«1- يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع.

2- ويعتبر الأمر محقق الوقوع متى كان وقوعه محتماً، ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه». ومن أمثلة الأجل المحقق الوقوع الموت ولا أحد يعرف متى، فإذا التزم المقترض أن يرد مبلغ القرض عند موته، فيؤخذ من تركته؛ جاز ذلك.

والأجل عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري، وهو لا يقترن بالالتزام إلا بعد أن يسـتوفي الالتزام جميع عناصره الجوهرية، فلو رُفع عنه هذا الوصف لارتفع دون أن يزول الالتزام.

2- أنواعه:

أ- من حيث الأثر:

(1) الأجل الواقف: وهو ما يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام، فلا يكون نافذ الأثر قبله.

(2) الأجل الفاسخ: وهو ما كان حلوله منهياً للالتزام النافذ قبله. كما لو أجّر أحد داره في أول آذار حتى 31 آب، فإن أول آذار هو الأجل الواقف و31 آب هو الأجل الفاسخ.

ب - من حيث المصدر:

(1) الأجل الاتفاقي: وهو الأجل الذي يحدده العاقدان ســواء في العقد الأصلي أم في العقد اللاحق، وهذا التحديد قد يكون صريحاً أو ضمنياً. فالتزام شخص بتوريد أغذية لمدرسة بعد نفاذه منوط بأجل ضمني، هو ابتداء فصل الدراسة.

(2) الأجل القانوني: وهو الذي يحدده القانون، ويحصل عندما يمنح المشرع مثلاً المدينين مهلة لوفاء ديونهم بسبب أزمة اقتصادية أو حرب.

(3) الأجل القضائي (أو نظرة الميسرة): وهي المهلة التي يعطيها القاضي للذي قصر بأداء ديونه حيث خوله القانون ذلك. وعلى هذا نصت المادة 272 من القانون المدني «إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة؛ عيّن القاضي ميعاداً مناسباً لحلول الأجل، مراعياً في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلة، ومقتضياً منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه».

3- آثاره:

أ- يكون حق الدائن في الأجـل الواقف قبل انقضائه حقاً مؤكد الوجود ولكنه غير مسـتحق الأداء، ويترتب على كونه حقاً مؤكد الوجود النتائج ذاتها المترتبة على وجود الحق المعلق على شرط واقف، ويزيد عليه أنه يجوز لصاحب هذا الحق بوجه خاص أن يطالب بتأمين إذا خشي إفلاس المدين أو إعساره، واستند في ذلك إلى سبب معقول عملاً بأحكام الفقرة الأولى من المادة 274 من القانون المدني السوري. فإذا لم يقدم المدين التأمين ترتب على ذلك سقوط الأجل على ما نصت عليه المادة 273 من القانون المدني السوري التي حددت الحالات التي يسقط فيها حق المدين في الأجل، وهي:

(1) إذا شهر إفلاسه أو إعساره وفقاً لنصوص القانون.

(2) إذا أضعف بفعله إلى حد كبير ما أُعطي الدائن من تأمين خاص، ولو كان هذا التأمين قد أُعطي بعقد لاحق أو بمقتضى القانون، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين. أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه؛ فإن الأجل يسقط ما لم يقدم المدين ضماناً كافياً.

(3) إذا لم يقدم للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات.

أما كونه غير مستحق الأداء فيترتب عليه أنه إذا أدى المدين الدين قبل حلول أجله جاهلاً قيام الأجل كان له أن يسترد ما أداه بناء على قاعدة دفع غير المستحق. بيد أنه ولكون حق الدائن حقاً مؤكد الوجود؛ فقد أعطى القانون للدائن مبرراً في أن يحتفظ بأصل الأداء الواقع قبل موعده على أن يرد قدر الاستفادة من هذا التعجيل في حدود ما لحق المدين بسببه من ضرر وفقاً لقاعدة الإثراء بلا سبب، أي إنه يعوض المدين بأقل القيمتين: قيمة ما أثراه الدائن به وقيمة ما خسره المدين بسبب الوفاء المعجل. وإذا كان التزام المدين الذي لم يحل أجله هو التزام بأداء مبلغ من النقود، فيلتزم الدائن بردّ فائدتها بمعدلها القانوني أو الاتفاقي.

ب- إن حق الدائن في الأجل الفاسخ قبل انقضائه هو حق مؤكد الوجود ونافذ ومستحق الأداء، ولكنه محقق الزوال عند حلول الأجل المحقق. والدائن بأجل فاسخ له حق حال واجب الأداء، ويستطيع أن يتقاضاه من المدين طوعاً أو كرهاً، وله أن يوقع حجز ما للمدين لدى الغير والحجوزات التحفظية الأخرى، وأن يسـتعمل الدعوى البولصية، وأن يحبس ما تحت يده للمدين حتى يسـتوفي حقه، وإن التقادم المسقط يسري ضده منذ نشوئه.

ج- إن حق الدائن في الأجل الواقف بعد انقضائه أو سقوطه أو النزول عنه يصبح نافذاً بحلول الأجل، فيجوز للدائن أن يطالب المدين بالوفاء وأن يتخذ الإجراءات التنفيذية عليه وأن يطعن في تصرفات مدينه بالدعوى البولصية، وتقع المقاصة القانونية بين هذا الحق وأي حق آخر منجز، ويسري في حق الدين الذي حلّ أجله التقادم المسقط، وللدائن أن يحبس به ديناً في ذمته للمدين. مع التنويه إلى أن هذه النتائج تثبت مقتصرة منذ الانقضاء ودون أي أثر رجعي.

د- ينقضي الحق المضاف إلى أجل فاسخ بعد انقضائه أو سقوطه أو النزول عنه من تلقاء نفسه بحلول الأجل بأثر مقتصر عملاً بأحكام الفقرة الثانية من المادة 274 من القانون المدني التي نصت على أنه يترتب على انقضاء الأجل الفاسخ زوال الالتزام دون أن يكون لهذا الزوال أثر رجعي.



مراجع للاستزادة:



- عبد الرزاق السنهوري، الموجز في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصري (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1946).

- مصطفى أحمد الزرقا، نظرية الالتزام العامة (مطبعة جامعة دمشق، 1961).
المصدر: http://arab-ency.com

تعليقات