إثبات القانون الأجنبي pdf
المــقدمـة
ينقسم الإدعاء بحق أو بأي رابطة قانونية إلى عنصرين، عنصر الواقع:وهو مصدر الحق المدعى به أي التصرف القانوني أو الواقعة القانونية التي أنشأت هذا الحق. و عنصر القانون:أي تطبيق القانون على ما ثبت لدى القاضي من وقائع. و الأصل في محل الإثبات أن يكون تصرفا قانونيا أو واقعة مادية، فالمدعي يكون مطالبا بإثبات عنصر الواقع دون عنصر القانون، إذ أن القاضي هو الذي يبحث من تلقاء نفسه عن القواعد القانونية واجبة التطبيق على ما يثبت عنده من وقائع فيطبقها، وهو في تطبيقها يخضع لرقابة المحكمة العليا. فالمسائل القانونية يقضي بها القاضي دون أن يكلف أحدا من الخصمين بإثباتها فهي ليست محلا للإثبات إذ أنه يفترض علم القاضي بالقانون. و هو ما يعبر عنه بالقاعدة القائلة " jura novit curiaالمحكمة تعرف القانون" ، أو التي يعبر عنها" da midri factum, dado tibi jusأعطني الواقعة، أعطيك القانون".
و غالبا ما يكون هذا الافتراض مطابقا للواقع إذا كان القانون المطبق على النزاع هو قانون القاضي الداخلي(lex fori). لكن قد يحدث في نزاع مشتمل على عنصر أجنبي، أن يكون القانون واجب التطبيق هو قانون أجنبي إذا نصت إحدى قواعد الإسناد على ذلك. ففي هذه الحالة يثور مشكل عملي يتمثل في أن القاضي لا يمكنه أن يكون عالما بجميع القوانين في العالم، خاصة و أن قواعد القانون الأجنبي لم تنشر في بلد القاضي مثلما تنشر القوانين الوطنية.
غير أنه من جانب آخر، قد يجهل الخصوم وجود قاعدة إسناد بجانب القاعدة الموضوعية و عندئذ لا يلام الخصوم على ذلك، لأن هؤلاء ملزمون بتقديم الوقائع و القاضي ملزم بتطبيق القانون.
لذلك حاولت عدة اتجاهات فقهية و قضائية معالجة هذا المشكل، إما من خلال تحميل الخصوم عبء إثبات القانون الأجنبي وهو ما ذهب إليه كل من القضاء الفرنسي والقضاء المصري، اللذان اعتبرا أن القانون الأجنبي واقعة، بينما لجأ القضاء الإنجليزي إلى تقنية الافتراضla présomption، عندما افترض أن القانون الأجنبي مطابق للقانون الإنجليزي ما لم يثبت الخصم خلاف ذلك . و إما من خلال توزيع مهمة البحث عن القانون الأجنبي بين القاضي و الخصوم، و هو ما ذهبت إليه الأنظمة التي اعترفت للقانون الأجنبي بطبيعته القانونية.
و بررت هذه المدارس على اختلافها مواقفها من إثبات القانون الأجنبي مستندة إلى موقفها من طبيعة هذا القانون، و أساس تطبيقه. لذلك وجب أن نحدد مفهوم القانون الأجنبي و أساس تطبيقه في مبحث تمهيدي، ثم سنحاول في صلب الموضوع الإجابة على المسائل التالية:
- على عاتق من يقع عبء إثبات القانون الأجنبي. هل يقع على عاتق القاضي أم يقع على عاتق الخصم الذي يطالب بتطبيقه؟
- هل تتقيد الجهة التي يقـع على عاتقهـا عبء إثبـات مضمون القـانون الأجنبي بقواعد الإثبات القضائي التي نظمها المشرع لإثبات الوقائع، أم أن هناك طرق إثبات خاصة به؟
- و أخيرا في حالة استحالة التوصل إلى إثبات مضمون القانون الأجنبي، فما هو الحل الذي يأخذ به القاضي؟
وسنحاول الإجابة على هذه المسائل بانتهاج الخطة التالية:
مبحث تمهيدي: مفهوم القانون الأجنبي و أساس تطبيقه
أولا: تطبيق القانون الأجنبي باعتباره واقعة
ثانيا: تطبيق القانون الأجنبي باعتباره قانونا
المـبحث الأول:المكلف بالبحث عن مضمون القانون الأجنبي
المـطلب الأول:النـظــم التـي تحــمـل الخــصـوم عـبــء إثــبات القــانــون الأجــنـبي
الفرع الأول: النظم التي تمنع القاضي من البحث عن مضمون القانون الأجنبي
الفرع الثاني: النظم التي تسمح للقاضي بالبـحث عن مضمون القانون الأجنــبي
المطلب الثاني:النظم التي تحمل القاضي مهمة البحث عن مضمون القانون الأجنبي
الفرع الأول: لمحة عن النظم التي تبنت هذا الاتجاه
الفرع الثاني: الـوضـعية فـي الجـزائـر
المبحث الثاني:كيفية البـحث عن مضـمون الـقانـون الأجـنبـي
المطلب الأول: وسائل البحث عن القانون الأجنبي
الفرع الأول: الوسائل المألوفة في إثبات الوقائع
الفرع الثاني: الوسائل غير المألوفة في إثبات الوقائع
المطلب الثاني: حالة تعذر إثبات القانون الأجنبي
الفرع الأول: الحلول المقترحة
الفرع الثاني: اتجاه المشرع الجزائري
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم