القائمة الرئيسية

الصفحات



الإنابة القضائية في قانون المسطرة المدنية المغربي الاستاذ مراد السراج.

الإنابة القضائية في قانون المسطرة المدنية المغربي الاستاذ مراد السراج أستاذ جامعي.





تحميل المقال من هنا
مقدمة: 

إذا كان الأصل أن تقوم المحكمة بنفسها بكافة إجراءات التحقيق والإثبات من أجل تكوين الأدلة التي توصلها إلى قناعة كافية للبث في النزاع المعروض أمامها. وأيضا أن تقوم هذه المحكمة نفسها بمباشرة جميع إجراءات التنفيذ من أجل فرض الحكم الذي أصدرته في نزاع معين. وبالتالي تحقيق العدالة المنشودة، فإن عدم قيام المحكمة بنفسها بهذه الإجراءات وإنابتها لمحكمة أخرى يعتبر استثناءا من الأصل العام. فاللجوء إلى الإنابة القضائية أمر تفرضه اعتبارات حسن سير العدالة وضمان حقوق الأفراد. وحتى لا تكتفي المحكمة بما يقدم إليها من أدلة دون أن تبسط تحقيقها وتستقصي الأدلة المتعلقة بموضوع النزاع الموجودة خارج دائرة اختصاصها. فأهمية الإنابة القضائية تأتي من كونها تتيح للقاضي فرصة أن يمحص وجه المشكلة المطروحة عليه بحصوله على دليل الإثبات أو النفي ولو كان خارج دائرة اختصاصه المكاني. 

ومن هنا فإن فكرة الإنابة القضائية قد تبدو من الوهلة الأولى فكرة سهلة انطلاقا من كونها تنظيم لمرفق القضاء وتحديد للاختصاص القضائي، وهي وسيلة تساعد القضاء على الحصول على أدلة الإثبات أو النفي بسهولة ويسر موفرة للجهد والوقت والمال الذي يكلفه انتقال القاضي أو المحكمة بنفسها للقيام بجميع إجراءات التحقيق خارج دائرة اختصاصها. لكن الصعوبة تظهر في الإشكاليات العملية التي يفرزها سلطة المحكمة المنيبة واختصاصات الجهة المنابة والتي لم تكن محل تنظيم من طرف المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية و قانون المسطرة الجنائية. بالإضافة إلى ذلك فإن مجال الإنابة القضائية يشمل مرحلة التقاضي وأيضا مرحلة التنفيذ أو ما بعد الحكم. وهنا تنشأ مجموعة من العراقيل والصعوبات التي تجعل من تنفيذ الإنابة القضائية بمجموعة من العراقيل والصعوبات التي تجعل من تنفيذ الإنابة القضائية أمر مستحيلا. سنحاول أن نعالج كل هذه المعطيات في المحورين التالين: 

المحور الأول: الإطار القانوني للإنابة القضائية. 

المحور الثاني: الإطار العملي للإنابة القضائية. 





المحور الأول: الإطار القانوني للإنابة القضائية. 

سنعالج في هذا المحور خصائص الإنابة القضائية في المبحث الأول. ثم شروط الإنابة القضائية في المبحث الثاني.و أخيرا كون الإنابة القضائية تلقائية أو بناءا على طلب في المبحث الثالث. 

المبحث الأول: خصائص الإنابة القضائية 

يمكن حصر خصائص الإنابة القضائية في أن لها طابعا اختياريا (الفقرة الأولى) كما أن لها طابعا تكميليا (الفقرة الثانية). 

الفقرة الأولى: الإنابة القضائية اختيارية 

أعطى المشرع المغربي للقاضي سلطة تقديرية في اللجوء إلى الإنابة القضائية في الفصلين 78 و527 من ق. م. م. 

ينص الفصل 78 على أنه:" إذا كان الشاهد يقيم خارج دائرة اختصاص المحكمة أمكن الاستماع إلى شهادته بواسطة إنابة قضائية". 

و ينص الفصل 527على أنه: "... أمكن للقضاة انتداب محكمة قريبة أو قاض حسب ما يقتضيه الحال كما يمكن لهم الإذن لمحكمة بتعيين أحد أعضائها للقيام بالعمليات المأمور بها". وهذه الإمكانية منحها القانون للقاضي لاتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق أو الإثبات بمقتضى الإنابة القضائية إذا رأى القاضي ضرورة لذلك. 

فقرار الاستعانة بالإنابة القضائية يخضع للسلطة التقديرية للقاضي أو الهيئة القضائية المنيبة وما سيعود على الدعوى من فائدة ومن سرعة للفصل فيها. 

الفقرة الثانية: الإنابة القضائية إنابة تكميلية 

يستشف الطابع التكميلي للإنابة القضائية من خلال الفصل 527 ق م م والذي يجيز للمحكمة انتداب محكمة أخرى خارج دائرتها القضائية من أجل الحصول على ما ينقصها من أدلة تكون مكملة لتكوين قناعة هذه المحكمة للفصل في النزاع المرفوع أمامها. 

فالمحكمة تلجأ إلى الإنابة القضائية لإتمام ما ينقصها من أدلة، يجعلها قادرة على الإلمام بجميع جوانب النزاع حتى تفصل فيه بصورة عادلة. لذلك فالإنابة القضائية تعتبر مكملة للوسائل التي تفصل بها المحكمة في النزاع المعروض أمامها. 

المبحث الثاني: شروط الإنابة القضائية 

يتعين على المحكمة قبل القيام بإجراء الإنابة الالتزام بمجموعة من القيود لكي تنشا الإنابة القضائية صحيحة. فسلطة المحكمة ليست مطلقة في إجراء الإنابة متى شاءت و كما شاءت. وسنيين هذه القيود كما يلي: 

الفقرة الأولى: أن يكون الإجراء محل الإنابة القضائية موجودا خارج دائرة اختصاص المحكمة المنيبة. 

اشترط المشرع المغربي أن يكون إجراء التحقيق أو الإثبات عن طريق الإنابة القضائية بعيدا عن المحكمة المنيبة (ف 527.) فلا يجوز استعمال الإنابة القضائية إلا إذا تحقق هذا الشرط. بحيث يمنع على المحكمة القيام بنفسها بإجراء من إجراءات التحقيق خارج حدود ولايتها واختصاصها، ويقع باطلا كل ما تقوم من إجراءات وذلك تطبيقا للقواعد العامة في الاختصاص. فلا يتصور أن تقوم محكمة بإجراء لا يدخل في اختصاصاها كما يتضح من خلال ما نص عليه الفصل 527. فإذا كان المكان المراد اتخاذ الإجراء فيه يقع في دائرة اختصاص المحكمة المنيبة فلا يجوز لها إنابة محكمة أخرى لاتخاذه ولكن يكون عليها أن تقوم به هي نفسها. 

وعلى هذا الأساس فإن المحكمة المنيبة يجب أن تكون مختصة للنظر في الدعوى سواء أكان الاختصاص مكانيا أو نوعيا. أي وفق ما يكون عليه التوزيع النوعي للقضايا على المحاكم. وعليه وجب أن تكون المحكمة المنيبة مختصة نوعيا حتى تستطيع أن تصدر قرار الإنابة القضائية ولا يجب أن يكون الاختصاص لغيرها من المحاكم. وعدم التزام المحكمة بقواعد الاختصاص النوعي يترتب عليه بطلان إجراء الإنابة وسائر الإجراءات الأخرى لأن هذا الاختصاص يعتبر من النظام العام الذي يجوز الدفع به في أي مرحلة من مراحل التقاضي. 

كما يجب على المحكمة أن تراعي الاختصاص المحلي أو المكاني إلى جانب الاختصاص النوعي وهو ما نظمه المشرع المغربي من خلال تقسيم الاختصاص القضائي إلى اختصاص نوعي واختصاص محلي في الباب الثاني من قانون المسطرة المدنية المتعلق بالاختصاص النوعي في الفرع الأول اختصاص المحكمة الابتدائية والفرع الثالث المتعلق بالاختصاص المحلي(ف 18 من ق.م. م) 

وسيرا في نفس الاتجاه فإن محكمة الدرجة الأولى مبدئيا هي التي يكون لها الحق في إصدار قرار الإنابة القضائية على أن تكون مختصة بالدعوى حتى تستطيع المحكمة المنيبة الاستعانة بالإنابة القضائية لاتخاذ إجراء التحقيق المناسب للفصل في الدعوى وحتى لا يتعرض حكمه للطعن بعدم الاختصاص. 

الفقرة الثانية: جدوى وضرورة الإجراء محل الإنابة القضائية. 

ينص الفصل 78 من ق. م. م :"إذا كان الشاهد يقيم خارج دائرة اختصاصها أمكن الاستماع إلى شهادته بواسطة إنابة قضائية". وفي هذا النص نلمس حرص المشرع المغربي على ضرورة وجود سبب لاتخاذ إجراء بمقتضى الإنابة القضائية وهو سماع شهادة شاهد يكون بعيدا وخارج حدود اختصاص المحكمة. فالمشرع سمح للمحكمة المختصة بالنظر في الدعوى أن تستعين بالإنابة القضائية للحصول على إجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق متى تطلب ذلك إظهار الحقيقة وصون حقوق الأفراد فلابد أن يكون هناك سبب للإنابة القضائية يتجلى في نقص المستندات أو الأدلة المرفقة لتكوين قناعة المحكمة في إصدار حكمها أما إذا كانت الأدلة متعددة وكافية لإصدار الحكم فإن الإنابة القضائية تصبح وسيلة لإطالة أمد الدعوى فقط. 

الفقرة الثالثة: أن تكون واقعة المراد إثباتها بمقتضى الإنابة القضائية محددة. 

أي أن تكون واقعة المراد إثباتها بمقتضى الإنابة القضائية محددة تحديدا كافيا. فالواقعة الغير محددة والمجهولة لا يمكن إثباتها. ويجب أن تكو ن محددة تحديدا كافيا مانعا للجهالة لأنه اذا كانت كذلك يصبح عمل المحكمة المنابة صعبا وغير قابل للتطبيق كما هو الشأن للإنابة بسماع شاهد غير معروف أو معاينة محل عنوانه غير مضبوط. 



الفقرة الرابعة:أن تكون الواقعة المراد إثباتها بمقتضى الإنابة ممكنة 

أي أن تكون هذه الواقعة غير مستحيلة لأن الأمر المستحيل غير قابل للإثبات. ويجب هنا عدم الخلط بين صعوبة الإثبات واستحالته. لان صعوبة الإثبات لا تعطي للمحكمة رفض الإنابة بينما استحالته تخول له إمكانية رفض الطلب لعدم جدواه. 

المبحث الثالث: الإنابة القضائية تلقائية أم بناءا على طلب 

اعتبارا للنصوص السابقة فإن للمحكمة وحدها حق إصدار قرار الإنابة القضائية. لكن هل للخصوم حق مطالبة المحكمة بإصدار الإنابة؟ 

لم يشر المشرع المغربي إلى هذه الحالة لكن ليس هناك ما يمنع ذلك لكون ق.م.م ينص في الفصل 55 على أنه "يمكن للمحكمة بناءا على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن تأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين المكان أو بحث أو تحقيق خطوط أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق..." 

بالإضافة إلى نصوص أخرى يجيز فيها المشرع للأطراف حق مطالبة المحكمة باتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق. ولما كانت الإنابة القضائية وسيلة من وسائل المحكمة في الحصول على أدلة الإثبات أو النفي أمكن للخصوم المطالبة بها أمام المحكمة. وهنا يجب عليها أن تجيبهم على ذلك أو تعرض قرارها للطعن والبطلان. 






المحور الثاني: الإطار العملي للإنابة القضائية. 

سنتطرق في هذا المحور لعملية الإنابة القضائية أثناء مرحلة التقاضي في المبحث الأول ثم لعملية الإنابة القضائية أثناء مرحلة التنفيذ في المبحث الثاني على أن نخصص المبحث الثالث لإجراءات تنفيذ الإنابة القضائية. 

المبحث الأول: الإنابة القضائية أثناء مرحلة التقاضي. 

حدد المشرع المغربي محل الإنابة القضائية في مرحلة التقاضي في الفصل 527 من ق م م : ' إذا تعلق الأمر بتلقي شهادة أو يمين أو استجواب طرف أو بتعيين خبير أو أكثر وبصفة عامة القيام تنفيذا لأمر أو حكم أو قرار بعملية كيفما كانت....“ 

ومن خلال هذا النص يتحلى لنا أن المشرع المغربي حدد للمحكمة المختصة مجموعة من الصلاحيات التي تمكنها من الوصول للحقيقة. مثل تلقي شهادة أو يمين أو استجواب طرف أو تعيين خبير... لكن هل وردت هذه الإجراءات على سبيل الحصر أم على سبيل المثال ؟ 

مما لاشك فيه أن المشرع المغربي أورد الأعمال التي أعطى للمحكمة الحق في إنابة محكمة أخرى فيها نظرا لبعد المسافة. لكن الملاحظ أن هذه الأعمال تشمل كافة إجراءات التحقيق التي تحتاجها المحكمة للإثبات والوصول إلى الحقيقة، مما يعني أن المشرع وإن عدد الأعمال التي يمكن إجراء الإنابة القضائية فيها، فإن جميع إجراءات التحقيق تعتبر محلا للإنابة أيضا. وسنبين بعض تطبيقات إجراءات التحقيق التي تكون محل الإنابة القضائية كما يلي: 

1-التبليغ بالحضور: 

إن التبليغ بالحضور والإعلان بوجود دعوى قضائية يعتبر من الوسائل التي تمكن الخصوم من الدفاع عن حقوقهم. فالتبليغ له أهمية كبرى للتقاضي. فلا يمكن للدعوى أن تسلك مسلكها العادي دون حضور الأطراف منذ بداية الدعوى إلى صدور الحكم. والتبليغ شكلية هامة تؤثر على الحكم ووصفه، إذا كان التبليغ بهذه الأهمية فهل يمكن القيام به عن طريق إنابة قضائية؟ 

و إذا كان المشرع المغربي قد أشار في الفصل 527 من ق م م إلى الإجراءات التي يجوز انتداب محكمة قريبة أو قاض للقيام بالعمليات المأمور بها، فإنه أعطى للمحكمة القيام بذلك بصورة واسعة حينما نص في نفس المادة "... تنفيذا لأمر ولحكم أو قرار بعملية كيفما كانت..." فهذه الإشارة واضحة بحيث تجيز للمحكمة بتكليف المحكمة القريبة من المدعى عليه بتبليغه بأوراق التكليف بالحضور. 

2-شهادة الشهود 

تعتبر شهادة الشهود من بين أكثر إجراءات التحقيق تطبيقا. وتعتبر محلا للإنابة القضائية استنادا إلى الفصل527 من ق.م.م. 

والأصل أن يتم سماع الشهادة من المحكمة التي يرفع النزاع أمامها. إلا أن تطور ظروف الحياة وسهولة التنقل من مكان إلى آخر قد يصعب من هذه الإمكانية وقد يجعلها مستحيلة. لذا أجاز المشرع المغربي الاستعانة بالإنابة القضائية كوسيلة مناسبة للحصول على هذه الشهادة. والمشرع المغربي أوضح بأنه يمكن إنابة محكمة أخرى لسماع شهادة شاهد على أن تبين المحكمة المنيبة المضمون الذي تريده من سماع هذه الشهادة وتبين كذلك كافة المعطيات المتعلقة بهذا الشاهد. 

3-استجواب الخصوم 

الاستجواب طريق من طرق التحقيق يسأل فيه أحد الخصوم سواء من طرف المحكمة من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب الخصم عن وقائع معينة تمكن الإجابة عنها من الوصول إلى الحقيقة. ويشترط في الاستجواب الشروط التالية: 

-أن يكون الاستجواب بشأن واقعة متعلقة بموضوع الدعوى. 

-أن يكون الاستجواب موجها إلى أحد الخصوم في الدعوى وليس لمن لم يكن طرفا فيها. 

-أن لا يكون الغرض من الاستجواب نفي حجية الحكم. 

-أن لا يكون الاستجواب لغرض نفي حجية ورقة رسمية صادرة عن موظف عمومي. 

وقد أعطى المشرع المغربي للمحكمة حق استجواب طرف من أطراف الدعوى وإذا كان بعيدا عليها فجاز لها أن تنتدب محكمة أخرى أو قاضيا آخر لاستجواب هذا الطرف البعيد عن دائرة اختصاصها بواسطة الإنابة القضائية مع احترام الشروط السابقة. 

4-معاينة الشيء المتنازع عليه 

المعاينة انتقال المحكمة لمشاهدة محل النزاع وذلك للوقوف على ما يدعيه الخصم من أوصاف الشيء المتنازع عليه كرؤية حدود عقار ما أو الوقوف على منقول معين. 

والمشرع المغربي أفراد للمعاينة الفرع الثالث من الباب الثالث من القسم الأول من ق.م.م وحدد المهام التي تستطيع المحكمة القيام بها عند إقرارها للمعاينة. أما إذا كانت الأماكن المعاينة خارج دائرة اختصاص المحكمة فإنها تنتدب محكمة أخرى أو قاضيا آخر للقيام بهذه المهمة وفق ف 527 من نفس القانون. 

5-الخبرة الفنية 

الخبرة طريق من طرق الإثبات المباشر تنصب على الواقعة المراد إثباتها للوقوف على الحقيقة من الناحية الفنية. وهي بالتالي إجراء تحقيقي واستشارة فنية تقوم بها المحكمة بقصد الحصول على معلومات ضرورية عن طريق أهل الخبرة ممن له الكفاءة التي قد لا تتوافر للقاضي. 

وقد أجاز المشرع المغربي الاستعانة بالخبرة إذا اقتضى موضوع الدعوى ذلك في الفصول ابتداء من 59 من ق م م . 

إلا أنه قد تكون الخبرة المراد القيام بها بعيدة عن دائرة اختصاص المحكمة ولا يستطيع القاضي أن يأمر بها مما يجعل الحلول القانونية التي يبني عليها حكمه ناقصة و قاصرة. لذلك أكد المشرع المغربي على إمكانية الاستعانة بالإنابة القضائية للحصول على الرأي الفني الذي يعين القاضي على تكوين قناعته للحكم في النزاع. على أنه غالبا ما تقوم المحكمة من تلقاء نفسها بانتداب خبير ولو كان بعيدا عن دائرة اختصاصها بأن يقوم بإبداء آراءه الفنية حول واقعة معينة. 

6-توجيه اليمين القانونية. 

اليمين القانونية وسيلة من وسائل الإثبات والتحقيق يتم بها إشهاد الله تعالى على صدق ما يخبر به الحالف. وهي ليست عملا مدنيا فحسب، بل هي عمل ديني أيضا. وقد أجاز المشرع المغربي استخدام هذه الوسيلة بواسطة الإنابة القضائية في الفصل 86 من ق م م :“ إذا عاق الطرف مانع مشروع و ثابت بصفة قانونية أمكن تأدية اليمين أمام قاض أو هيئة منتدبة للتوجه عنده...“ شريطة تبيان مضمون اليمين وأسبابها. 

المبحث الثاني: الإنابة القضائية أثناء مرحلة التنفيذ 

لكي تتحقق العدالة فإنه يجب عند صدور الحكم تنفيذه. فلا معنى للحكم القضائي بدون تنفيذ وإن اقتضى الأمر إجبار المحكوم عليه بتنفيذ ذلك الحكم. والمشرع المغربي أجاز الإنابة القضائية في تنفيذ الأحكام القضائية داخل المملكة وهو ما نستنتجه من الفصل 429 من ق.م.م "يمكن لمحكمة الاستئناف أن تعهد بتنفيذ قراراتها للمحكمة الابتدائية". 

وهذا التنفيذ لا يتم إلا بناءا على إنابة قضائية بصريح الفصل 439 من نفس القانون: "يتم التنفيذ ضمن الشروط المقررة في الفصلين 433 و 434 غير أنه يمكن لكتابة المحكمة التي أصدرت الحكم أن تنيب عنها كتابة ضبط المحكمة التي يجب أن يقع التنفيذ في دائرتها القضائية". 

المبحث الثالث: إجراءات الإنابة القضائية. 

يمكن التطرق لإجراءات الإنابة القضائية في مرحلة التقاضي (الفقرة الأولى) ثم لإجراءات الإنابة القضائية في مرحلة التنفيذ ( الفقرة الثانية). 

الفقرة الأولى: إجراءات تنفيذ الإنابة في مرحلة التقاضي 

أجاز المشرع المغربي استعمال الإنابة القضائية من طرف محاكم أثناء التقاضي بموجب حكم قضائي يصدر من المحكمة المنيبة إلى المحكمة المنابة. 

فيتم إرسال الإنابة القضائية من المحكمة الأولى إلى المحكمة الثانية والقصد من ذلك هو تنفيذ مضمون الإنابة. لذلك يكون من واجب المحكمة المنابة أن تقوم بمواجهة الخصوم بحكم الإنابة حتى يقوم كل طرف بإبداء دفاعه وآرائه حول موضوع الإنابة ووضع المستندات اللازمة لإجراء الإنابة. 

فعلم الخصوم بموضوع الإنابة وتمكينهم من إبداء دفوعهم يعتبر من حقوق الدفاع التي لا يمكن الاستغناء عنها. فعلى المحكمة المنابة أن تعطي الفرصة للخصم للإطلاع على موضوع الإنابة القضائية وما يرفقها من مستندات ومعلومات و ذلك يتيح للخصم المساعدة في تنفيذ الإنابة أثناء التقاضي. وعلى المحكمة المنابة أن تراعي حقوق الدفاع حتى لا يتعرض عملها للإبطال. 

الفقرة الثانية: إجراءات تنفيذ الإنابة القضائية في مرحلة تنفيذ الأحكام 

الأحكام القضائية الواجبة التنفيذ هي أحكام الإلزام أو الأحكام الصادرة في الموضوع وحدها وليس الأحكام التمهيدية. كما أنه لا تنفذ إلا الأحكام الحائزة لقوة الأمر المقضي به. ويرد استثناء على هذه القاعدة العامة يتمثل في تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل طبقا للفصلين 428 و 147 من ق.م.م. 

والأصل أن تنفيذ الأحكام يتم من طرف كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم وفقا لنص الفصل 429 لكن المشرع المغربي وضع استثناء على هذا الأصل في الفصل 433 من ق.م.م "غير أنه يمكن لكتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أن تنيب عنها كتابة ضبط المحكمة التي يجب أن يقع التنفيذ في دائرتها القضائية". 

وبناءا عليه فإذا تم التنفيذ عن طريق الإنابة القضائية فإنه يجب أن ترسل جهة التنفيذ إلى الجهة المنابة الأوراق التالي: 

-صورة من منطوق الحكم المطلوب تنفيذه. 

-وثيقة تثبت ما يجب تنفيذه استنادا لما ورد في منطوق الحكم 

-كل الأوراق والبيانات اللازمة للتنفيذ بما فيها عناوين المنفذ عليهم وأماكن التنفيذ. 

ومن الناحية العملية فإنه يرفق نموذج إنابة رقم 60017 بعد ملئه بكل عناية بمختصر من أصل الحكم أو القرار الذي يتضمن الغرامات والعقوبات المالية وفق نموذج 40104 والذي يملأ أيضا بكيفية دقيقة مع تجنب الشطب أو الأخطاء. وهذان النموذجان يتضمنان كافة المعلومات المتعلقة بملف المحكمة المنيبة وبالمحكوم عليه والعقوبات المالية الموقعة عليه. 

وفي بعض المحاكم ترفق الإنابة بمحضر بعدم وجود ما يحجز وفق النموذج 60022 وذلك في حالة عدم توفر المعنى بالأمر على ما يسدد به المبالغ المالية التي بذمته. من أجل المرور إلى المرحلة الأخيرة وهي تطبيق الإكراه البدني وفق النموذج المحدث والذي يطلب فيه رئيس مصلحة كتابة الضبط من الوكيل العام للملك تطيق مسطرة الإكراه البدني في حق المعنى بالأمر الذي لم يقم بأداء ما بذمته من غرامات وعقوبات مالية. 

خاتمة 

تعتبر الإنابة القضائية سواء في مرحلة التقاضي أو في مرحلة التنفيذ وسيلة هامة لتكوين قناعة المحكمة للفصل في النزاع المرفوع أمامها ووسيلة لتحقيق العدالة بتنفيذ الأحكام القضائية أينما كان المكوم عليه. لكن عدم الاهتمام بهذه الإنابة وإهمالها من طرف بعض المحاكم والتعامل السلبي لبعض الموظفين والقضاة معها ينقص من قيمتها و يجعلها كأي إجراء روتيني يساهم في تعطيل العدالة . 

قائمة المراجع: 

قانون المسطرة المدنية المغربي. 

عبد الحميد الشواربي – التنفيذ الجنائي في ضوء القضاء والفقه- منشأة المعارف الإسكندرية 2003. 

علي الهادي صالح- الانابة القضائية دراسة مقارنة بين قانون المرافعات الليبي وقانون المسطرة المدنية المغربي-مطبعة دار السلام ط 1- الرباط 2008. 

عبد الحميد الشواربي- إشكالات التنفيذ في المواد الجنائية والمدنية- دار المطبوعات الجامعية- كلية الحقوق الإسكندرية 
المصدر:http://www.marocdroit.com

تعليقات