القائمة الرئيسية

الصفحات



انتهاء عقد التأمين البحري والجهات المختصة بفض النزاعات الناشئة عنه.




انتهاء عقد التأمين البحري والجهات المختصة بفض النزاعات الناشئة عنه.






المقدمة:
           تمتاز الدول المطلة علي البحر و المحيطات بحركة اقتصادية واسعة ،خاصة بعد الثورة الصناعية و افتتاح الأسواق الدولية حيث أصبحت التجارة لا تنحصر علي الأسواق الداخلية ،و إنما التطور و الاستقرار الاقتصادي للدولة يعكسه مدا احتكا رها للتجارة  العالمية ،و لذلك عليها العمل علي تطوير وسائل النقل في هذا المجال ،من اجل تسهيل عملية الاستيراد  و التصدير ،سواء من اجل التنمية أو  بغرض سد الحاجات الداخلية ،و مع اتساع دائرة النقل البحري يتولد عنه مجموعة من العلاقات القانونية التي تتطلب قدرا كبير من التنظيم القانوني لكي تكفل الحماية لأطراف العلاقة التعاقدية ، وبالتالي استلزم و تطلب الضمان في العمليات التي تتم عبر البحر لما في ذلك من أخطار مصادفة ،وهو ما تم اعتماده من طرف كل الدول ،سواء فيما يتعلق بالتامين علي السفن أو التامين علي البضائع أو كما يسميه العض بالتامين الشحنات ،و السبب في ذلك لضخم حجم المبالغ المالية المستثمرة في الملاحة البحرية ،سواء في شراء السفن الكبيرة أو في البضاعة و أهميتها في تحقيق الربح 

    و عليه أصبح التامين البحري يلعب دورا هاما في جلب رجال الأعمال و استثمار أموالهم دون التحفظ أو التردد بسبب الأخطار البحرية التي تتعرض لها السفينة أو البضاعة أثناء الرحلة، و عليه فالتامين البحري ضرورة لا محال منه،
     و التامين البحري ليس بحديث اليوم ،إنما تعود جذوره إلي العهد اليوناني ،لكن ليس بهذه التسمية ، وإنما كان يتمثل في شكل قرض يقدم للمجهز أو الشاحن من اجل تغطية رحلة بحرية ،ففي حالة ما تمت الرحلة و عادت السفينة أو وصلت البضاعة سليمة إلي المكان المقصود ،فانه يتم استرداد المبلغ المقدم مع حصول المقرض علي فائدة مرتفعة ، وفي حالة الهلاك اعفي المتحصل علي القرض من رده ،
       و أصبح تطلق عليه تسمية التامين البحري ابتداء من القرن الرابعة عشر (14 ) ، وكان ذلك علي يد اللومبارديين في شمال ايطالية ، الذين هاجرو إلي بريطانية ، حيث أسسوا فيها صناعة التامين ،أم بالنسبة لفرنسا فلم تعرف التامين البحري بمفهومه الدقيق إلا في القرن الخامس عشر (15) ،أين قننت قواعده في مرشد البحر في نهاية القرن السادس عشر ،ثم نقلها في الأمر الملكي الفرنسي الصادر سنة 1681 ،بعدها وظفها في التقنين التجاري في سنة 1807 ،
      إلا أن تطوير قواعد التامين البحري كان بفضل ظهور قهوة اللويدز في انجلترا في نهاية القرن 17 ،التي كانت مقر اجتماع المهتمين بالشؤون البحرية .و علي رئسها الاهتمام بالتامين بفضل الفقيه ا دوردو للويد الذي كون جماعة أصبحت تلقب بجماعة اللويدزا ، و عليه فان التامين أصبح جزء لا يتجزأ في مختلف العمليات التجارية التي تتم عن طريق البحري .سواء عملية النقل أو البيع ،ويعتبر الركيزة الأساسية للتجارة الدولية ،إلي جانب تسهيل عملية حصول المستثمرين علي القروض و المساعدات من البنوك التجارية فيما يتعلق بقبول تمويل التجارة الدولية للمصدرين و المستوردين ،و باعتبار الجزائر من الدول المعتمدة أساسا علي البحري اقتصادها خاصة فيما يتعلق بنقل البترول و النفط .حيث أصبحت العمليات الاقتصادية للدولة عبر البحر ،تقدر نسبتها ب98 %حاليا ،هذا ما دفع بالضرورة إلي الاهتمام بتنظيم التامين و وضع أسسه القانونية ،و بالأخص التأمن البحري ،و ذلك بمحاولة التوفيق بين حقوق المؤمن و المؤمن له ، بموجب عقد التامين الممثل للرابطة القانونية بين صاحب السفينة أو البضاعة مع المؤمن الذي هو شركة التامين ،التي تتحمل تعويض المؤمن له عند وقوع الضرر الناتج عن خطر بحري كما سنعرف ذلك فيما بعد ،مقابل إلزام المؤمن له بدفع مبلغ التامين في شكل أقساط . 
      لذلك نجد أن التامين البحري يتميز بمجموعة من المميزات و الخصائص من حيث العناصر التي يقوم عليها من حيث الطبيعة القانونية، و الإطراف و المحل، الذي هو سبب تواجد العقد ذاته لكونه يتمثل ف الخطر البحري.
      ، وا دفع بالمفكرين إلي الاهتمام بتحديد فكرة الخطر البحري المستوجب للتعويض ،عند وقوعه ،بموجب أحكام التامين البحري ،بتحديد أطراف العقد و أركانه و عناصره و تحديد التزامات الأطراف ،إلا انه يجب الاهتمام أكثر بالآثار المترتبة عنه ، في حالة عدم القيام بالالتزامات ، و حالة عدم تحقيق الهدف من إبرام هذا العقد ،و لذلك نتساءل من خلال هذا العمل المتواضع ،فما هي حالات انتهاء عقد التامين البحري و ما هي الآثار المترتبة عن ذلك ؟ ، و ما هي الجهات الخاصة بالفصل في النزاعات الناشئات عنه ؟ .
للإجابة على هذه الأسئلة إرتئينا إتباع الخطة التالية: 

الفصل التمهيدي:نظام التامين البحري في الجزائر

المبحث الأول:تعريف عقد التامين البحري و أركانه.  

  المطلب الأول: التعريفات المختلفة للتامين البحري و خصائصه 
  الفرع الأول:حسب التشريعات المقارنة 
  الفرع الثاني:طبقا للتشريع الجزائري 
 الفرع الثالث:خصائص عقد التامين البحري 
المطلب الثاني:عناصر عقد التامين البحري.
الفرع الأول: الخطر
الفرع الثاني:القسط 
الفرع الثالث:مبلغ التامين 

المبحث الثاني :إجراءات إبرام العقد و الالتزامات المترتبة عنه 
المطلب الأول :إجراءات إبرام عقد التامين البحري 
الفرع الأول:طلب التامين 
الفرع الثاني:مذكرة التغطية المؤقتة 
الفرع الثالث:وثيقة التامين 
المطلب الثاني:الالتزامات المترتبة عن عقد التامين البحري 
الفرع الأول:التزامات المؤمن له 
الفرع الثاني:التزامات المؤمن 
               

  الفصل الأول: انتهاء عقد التامين البحري 
         
  المبحث الأول:الطرق العادية لانقضاء عقد التامين البحري.           
المطلب الأول: انتهاء المدة القانونية للعقد
الفرع الأول:سريان عقد التامين البحري 
الفرع الثاني: الآثار المترتبة عند انتهاء مدة العقد                                      
المطلب الثاني: وقوع الخطر المؤمن لأجله و حالة عدم وقوعه 
الفرع الأول: تعرض الشيء المؤمن عليه للخطر 
الفرع الثاني:  حالة عدم وقوع الخطر المؤمن لأجله.

المبحث الثاني:الطرق الغير العادية لانتهاء عقد التامين البحري.
المطلب الأول: فسخ العقد أو بطلانه.
الفرع الأول:فسخ العقد 
الفرع الثاني:بطلان العقد.
                                                  
المطلب الثاني: التقادم.
الفرع الأول:تعريف التقادم المقرر لعقد التامين البحري 
الفرع الثاني:سريان مدة التقادم في التامين البحري 
الفرع الثالث:انقطاع ووقف مدة التقادم
الفرع الرابع :الاثار المترتبة عن التقادم 

                                                          
الفصل الثاني:آليات حل المنازعات المتعلقة بعقد التامين البحري.

المبحث الأول: الآليات الغير القضائية 
المطلب الأول: التسوية الودية للنزاع 
الفرع الأول:تقيم الضرر اللاحق بالشيء المؤمن 
الفرع الثاني: مقدار تعويض الأضرار                                                            
المطلب الثاني: تسوية النزاعات عن طريق التحكيم 
الفرع الأول: أساس التحكيم في نزاعات التامين البحري 
الفرع الثاني:أثار اللجوء إلي التحكيم 
           
المبحث الثاني: .الآليات القضائية 
المطلب الأول:قواعد الاختصاص القضائي في التامين البحري 
 الفرع الأول:قواعد الاختصاص النوعي 
 الفرع الثاني:قواعد الاختصاص المحلي                                                      
المطلب الثاني: الدعاوى القضائية المتاحة في مجال التامين البحري 
الفرع الأول:دعوى الترك 
الفرع الثاني:دعوى الخسارة و ممارسة حق الحلول 

الخاتمة:





الفصل التمهيدي:نظام التامين البحري في الجزائر.
       باعتبار الجزائر من الدول التي عاشت الاستعمار،  لمدة زمنية طويلة، هذا ما يجعل تجربتها في التشريع تكون مستمدة من تشريع الدولة المستعمرة لها، و ذلك بالنسبة لكل النصوص القانونية.
       إذ كانت في المرحلة الاستعمارية تخضع للتشريع الفرنسي و عليه تم تطبيق قانون التامين الفرنسي الصادر في 30 جويلية 1930، و المرسومين الصادرين في 14و 30 ديسمبر 1938 على كافة النشاطات الخاصة بالتامين و ذلك إلي غاية الاستقلال .
       و بعد استرجاع البلاد سيادتها ،شرعت في معالجة تشريعاتها و من بينها التامين البحري ، كان ذلك بإصدار القانون رقم 63/201 المؤرخ في 08/06/1963 المتعلق بفرض التزامات و ضمانات علي شركات التامين العاملة بالجزائر ،و إخضاعها لإجراءات طلب الاعتماد من وزارة المالية ،إلي جانب إلزامية دفع كفالة مسبقة .و بعدها قامت بترميم جميع تلك الشركات التي تمارس نشاطها علي التراب الوطني ،و ذلك بموجب الأمر رقم:66/129المؤرخ في 27/05/1966 المتضمن إنشاء احتكار الدولة لعملية التامين طبقا لما جاء في الجريدة الرسمية عدد 45، الصادرة بتاريخ 31/05/1966،وفقا للمادة الأولي من الأمر ،و المادة الثانية من نفس الأمر التي تضيف انه  تنتقل جميع الأموال و الحقوق و الالتزامات التي هي علي عاتق الشركات الأجنبية  بعد أن تم تأميمها إلي الدولة .ونظمت التأمينات  بموجب نصين :قانون التأمينات و القانون المدني ،لا سيما أحكام المواد219 إلي غاية المادة 625  من هذا الأخير .و استمر الأمر علي حاله إلي غاية التحولات التي شاهدتها البلاد بعد سنة 1988 بالتقريب ،.بتغير الإستراتيجية الاقتصادية في البلاد،و انتهاج سياسة التجارة الخارجية ،فأصبح سوق التامين يتطلب التقليص و التقليل من تسلط الدولة ،ذلك ما استحدث بمنح الاستقلالية لشركات التامين ،و جسد ذلك بصدور قانون التامين رقم :95/07المؤرخ في 23 شعبان عام 1415 الموافق ل25/01 /1995و أتى هذا الأمر بجميع أحكام التامين ، فالنصوص الخاصة بالتامين البحري جاء تحت إطار الباب الثاني بعنوان التأمينات البحرية ،و نص علي كل ما يتعلق بإبرام العقد و الضمان و حقوق المؤمن و المؤمن له و التزاماتهم و كذلك آثار الإخلال بها .
       فانطلاقا من الأمر: 95/07 نحاول التعرف علي عقد التامين البحري من حيث التعريف و الأركان و الآثار المترتبة عن إبرامه.




 المبحث الأول:تعريف عقد التامين البحري وأركانه.
المطلب الأول:التعريفات المختلفة للتامين البحري و خصائصه.
     التامين البحري نظام خاص، له خصوصيات ذاتية ينفرد بها مما جعل التشريعات تختلف في تحديد مفهومه، ذلك انطلاقا من الأساس المختلف لكل دولة، و عليه نتطرق إلي موقف التشريعات المقارنة في الفرع الأول، ثم موقف التشريع الجزائري في الفرع الثاني.
الفرع الأول:القوانين المقارنة.
  في هذا النطاق نكتفي بالتطرق للتشريع الفرنسي و الانجليزي في هذا المجال ،باعتبارهما أكثر تأثيرا علي التشريع الجزائري .
    *القانون الفرنسي:لم يتم تعريف التامين البحري مباشرة في النصوص القانونية و إنما تولى ذلك الفقه و القضاء أولا.
    فنجد أن الفقيه جورج ريبر الذي يرى أن التامين البحري هو بمثابة عقد، بمقتضاه يقبل شخص يسمى المؤمن تعويض شخص آخر يدعى المؤمن له ،عن  الضرر الذي لحقه في رحلة بحرية من جراء وقوع بعض الأخطار ،و ذلك في حدود نسبة المبلغ المؤمن عليه مقابل دفع قسط ... 
ما يلاحظ علي هذا التعريف انه ذكر الطبيعة القانونية للتامين و أطراف العلاقة التعاقدية، إلي جانب ذكر محل التعاقد و مقابل ذلك .
  أما النص التشريعي حسب المادة 171 /1 من قانون 3 جويلية 1961 التي تنص  انه يخضع لهذا الباب المتعلق بالتامين البحري ،كل عقد تامين يكون محله ضمان المخاطر المتعلقة بعملية بحرية ما ....و النص الفرنسي كما يلي :
Il est régi par le présent titre tout contrat d’assurance qui a pour objet des garantes les risques relatifs a une opération maritime 
    *في انجلترا : تعتبر انجلترا من بين الدول الأكثر تطورا في مجال التأمينات ،خاصة أنها تحتوي علي اكبر شركات التامين في العالم ،إذ تنص في المادة الأولي من قانون 1966 علي عقد التامين البحري 



باعتباره عقد بموجبه يتعهد المؤمن، بتعويض المؤمن له وفق طريقة و إلي الحد المتفق عليه, عن الخسائر البحرية التي تترتب عن مخاطر بحرية. 
                ما يلاحظ هو أن التشريع الانجليزي حسب هذه المادة اكتف بذكر ما علي المؤمن من التزام في حالة وقوع الخطر , محل العقد,دون ذكره ما يجب علي المؤمن له في مقابل طلب الحصول علي تعويض و تغطية الأضرار من طرف المؤمن.
الفرع الثاني: طبقا للتشريع الجزائري.
      نحاول التطرق إلي التامين البحري الجزائري من خلال الامر95/07 المعدل و المتمم بموجب القانون 06ـ04 الصادر في 27 فبراير 2006 , و كذلك وثائق التامين البحرية الجزائرية .
1ـ بالنسبة للأمر 95/07 :نجد أن المشرع في هذا الأمر في الباب المتعلق بالتأمينات البحرية، علي عكس التامين البري الذي لم يعطي فيه أي تعريف, بينما التامين البحري عرفه في المادة 92 من نفس الأمر كمايلي: "تطبيق أحكام هذا الباب علي أي عقد تامين يهدف إلي ضمان الأخطار المتعلقة بأية عملية نقل بحري .
       غير أن تامين الأخطار المرتبطة بملاحة النزهة, يبقي خاضعا لأحكام الباب الأول المتعلق بالتأمينات البرية.
و كذلك تنص المادة120 من القانون رقم 80ـ07...تطبيق أحكام الباب الثاني من هذا القانون علي أي عقد تامين هدفه ضمان الأخطار المتعلقة بعملية بحرية ما.
   ما يستنتج من النصين هو أن المشرع الجزائري وسع من نطاق التامين البحري، إذ لم يحدد بالحصر الخطر محل عقد التامين البحري ,و إنما جعله شامل لكل الأخطار البحرية التي تكون متعلقة بالعملية البحرية  ذاتها,و هذا أكثر ضمانا للمؤمن له ـ هذا ما تؤكده المادة 124 من الأمر 95/07 عند نصها علي ضمان السفينة أثناء سفرها أو تركيبها أو رسوها في احدي الموانئ أو في مكان مائي أو جاف . خلال الآجال المحددة للعقدـ
2ـ بالنسبة لوثائق التامين البحرية:نجد نصين 
وثيقة التامين علي البضائع أصدرتها الشركة الجزائرية لتامين النقل في 17 ديسمبر 1981.
وثيقة التامين علي السفن بجميع أنواعها صدرت في 20 مارس 1975، و كلا الوثيقتين صدرت في ضل القانون 80ـ07 المتعلق بالتأمينات الملغى بموجب الأمر 75ـ07. 




هذه الوثائق لم تقدم تعريف معين للتامين البحري , و إنما اكتفت  بتعداد الأخطار المضمونة , و الأخطار المستبعدة، و تحديد زمان و مكان سريان و تنفيذ عقد التامين مع تحديد شروط و التزامات كل طرف ، إلي جانب النص علي حالات البطلان و الإلغاء و كيفية تسوية النزاعات ، كم نلاحظ ذلك فيما بعد .
الفرع الثالث: خصائص عقد التامين البحري: يتميز التامين البحري بعدة خصائص تميزه عن غيره من العقود.
عقد التامين البحري عقد رضائي: ينعقد بموجب تبادل المؤمن و المؤمن له التعبير عن إرادتهما، أما الشكلية المفروضة فهي للإثبات.          
عقد ملزم للجانبين : فالمستأمن يلتزم بدفع القسط ،كما يلتزم ببذل العناية المعقولة لكي يحافظ علي الشيء المؤمن عليه، و يعطي البيانات الصحيحة المتعلقة بالعقد كله ،أو بالخطر للمؤمن و لكل مستنجد يقع أثناء تنفيذ العقد و يقع علي عاتق المؤمن دفع تعويض التامين عند تحقق الخطر المضمون.
عقد التامين من عقود الإذعان :باعتبار أن شروط التامين  لا يناقشها   المؤمن له ،و إنما يتم تحضيرها  في شكل وثيقة نموذجية مطبوعة من طرف شركة التامين، و ما علي المؤمن له إلا قبولها ، دون أي نقاش ،و نظرا للأهمية فالمؤمن له   في مركز الضعف ما عليه إلا  القبول .
يقوم عقد التامين البحري  علي مبدأ حسن النية  : يعتبر حسن النية، المبدأ الأساسي في جميع العقود ،بحيث يجب تفسير العقد وفقا للنية المشتركة للمتعاقدين ،دون التوقف علي المعنى الحرفي للعقد و هذا ما نص عليه صراحة القانون الانجليزي الذي جاء فيه : 
A contract based upon the utmost good faith 
التامين البحري عقد احتمالي:لكونه يقع علي مدي وقوع الخطر و عدم معرفة درجة خطورته مسبقا، و بالتالي مقدار التعويض احتمالي التحديد في البداية، رغم اعتبار الخطر ركن من أركان العقد.  
التامين البحري عقد تعويض عن الأضرار، و هذا ما يفهم من نص المادة 101 من الأمر 95ـ07المتضمن قانون التامين الجزائري.
التامين عقد مستمر:لكون تنفيذه  يكون خلال مدة زمنية يتفق عليها المتعاقدين مسبقا ،و الزمن عنصراساسي في عقد التامين ، خاصة في معرفة مدي وقوع الخطر المؤمن لأجله خلال هذه المدة أو خارجها  .



المطلب الثاني: عناصر عقد التامين البحري
تقوم عقود التامين بصفة عامة بمختلف أنواعها علي ثلاثة عناصر أساسية هي الخطر، القسط و مبلغ التامين.
الفرع الأول:الخطر 
بصفة عامة كما يقول الدكتور حسام محمود لطفي أن الخطر هو حادث مشروع محتمل الوقوع، لا يتوقف وقوعه علي خطر إرادة احد المتعاقدين خصوصا المؤمن له، و من خلال هذا التعريف تتبين لنا شروط الخطر:
     أن يأخذ الخطر شكل الحادث المستقبلي: أن يكون الخطر بعد إبرام العقد و أن يكون غير  متوقع و غير محدد، و أن يرد علي شيء موجود و واقعي ، و بالتالي في حالة ما يكون الخطر منعدم في لحظة إبرام العقد أصبح باطلا لانعدام المحل، و هذه الفكرة مستمدة من القواعد العامة ، حيث تنص المادة 93 من القانون المدني انه في حالة ما كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته كان العقد باطلا بطلان مطلق ، كذلك المادة 121ـ15 من تقنين التامين الفرنسي:"يكون التامين باطلا إذا كان الشيء المؤمن عليه في لحظة العقد قد تلف أو لا يمكن تعرضه للأخطار " و هذا ما اخذ   المشرع الجزائري بالنسبة للخطر البحري في المواد 99 و 100 من الأمر 95/ 07.  
ـ و بالنسبة للتامين البحري يجب أن يكون الخطر أما خطر البحر أو خطر وقع في البحر، و يقع تحديد الخطر علي أساس طبيعته من جهة و علي أساس أسباب وقوعه من جهة أخرى  فالخطر البحري القابل للضمان حسب التشريع الجزائري محددة في المادة 101 من قانون التامين الجزائري و يمكن تقسيمها إلي ثلاثة فئات تتمثل في :
             1ـ الفئة الأولي: تتعلق بالأضرار المادية التي تلحق بالسفينة أو البضاعة المشحونة.
             2ـ الفئة الثانية: تتعلق بالخسائر العامة و التكاليف التي يقدمها المؤمن لاستبعاد خطر وشيك أو التقليل من آثاره و نعبر عنها عادة بالخسائر المشتركة.
            3ـ الفئة الثالثة:  تتعلق بجملة المصاريف التي ينفقها المؤمن له خلال الرحلة البحرية نظيرا حماية الأموال المؤمن عليها من وقوع المخاطر أو التقليل منها. 


الفرع الثاني:القسط 
هو ذلك المبلغ من المال الذي يلتزم المؤمن له بدفعه للمؤمن، مقابل تغطية المخاطر المؤمن منها . و أشار إليه الدكتور عبد الرزاق احمد السنهوري ، بأنها المقابل المالي الذي يدفعه المؤمن له لتغطية الخطر المؤمن منه .
  و بالتالي فهو مبلغ مالي يدفعه المؤمن له مقابل الحصول علي ضمان خطر قد يتعرض له ، و هنا تظهر علاقة القسط  بالخطر،لأنه أساس لتقدير الخطر و يتغير الخطر بتغيير القسط بالزيادة أو بالنقصان ، و تحديد القسط من طرف المشرع الجزائري يكون علي أساس النسبة، و لتطبيق القاعدة يجب الأخذ باعتبارين،الأول يتعلق بدرجة احتمال وقوع الخطر المؤمن منه ، و الثاني خاص بدرجة جسامة الضرر الذي يتسبب فيه هذا الخطر عند تحققه و القسط عدة أنواع ، منها القسط الوحيد و قسط الجرد و القسط الدوري ، طبقا للمواد 79 و 80 و 81 من الأمر 95ـ07 .
الفرع الثالث: مبلغ التامين.....
يتمثل في ذلك المبلغ الذي يتعهد المؤمن شركة التامين بدفعه للمؤمن له في حالة تحقق الحادث أو الخطر المؤمن لأجله ، و يخضع في تقديره لاتفاق الأطراف بمقتضى عقد التامين ، و يجب أن يتناسب المبلغ مع القسط بحيث يزداد مبلغ التامين كلما زاد القسط  ، و نص عليه المشرع الجزائري في المادة 117من الأمر 95ـ07 المتضمن لقانون التامين الجزائري 












المبحث الثاني : إجراءات إبرام العقد و الالتزامات المترتبة عنه.
 المطلب الأول: إجراءات إبرام عقد التامين البحري:
        علي غرار باقي العقود، فانه يتم إبرام عقد التامين البحري بالتعبير عن الإيجاب و إعلان القبول بين الأطراف، إلا أن الطبيعة الخاصة، لعقد التامين البحري يجعل انعقاده يمر بثلاثة مراحل هامة.
الفرع الأول: طلب التامين 
             : يتم ذلك من طرف المؤمن له ، و في غالب الأحيان يكون عن طريق وسيط التامين، الذي يبقى  دوره في شرح و تبسيط مزايا و ضرورة التامين للمؤمن له ، لكي  يتم إقناعه  و تمكينه من نموذج للعقد في شكل مطبوعة لطلب  التامين، يكون متكون و متضمن لمجموعة من  التساؤلات.،.. حول الخطر المرغوب التامين من اجله ، و يقوم المؤمن بالإجابة عليها ، و تحديد ظروفه، و مبلغ التامين، و القسط و طلب التامين سواء في حالة ما هو واقع علي السفينة أو علي البضائع دون تميز.
     و هذا الطلب ليس له أي قوة إلزامية علي الطرفين، لكونه يمثل مجرد عرض يمكن أن يقع التراجع أو التعديل فيه من طرف المؤمن له(عارضه) و للمؤمن حرية القبول أو الرفض
الفرع الثاني:مذكرة التغطية المؤقتة
 هو عبارة عن نموذج  ترسله الجهة المؤمنة إلي المؤمن له ، تخطره بقبولها تغطية الخطر المطلوب بصفة مؤقتة .                                                                                                             
و يعتبر بمثابة اتفاق مؤقت بين الطرفين، في انتظار الإعلان النهائي بالقبول من طرف المؤمن، و في حالة الرفض تسقط مباشرة معه التغطية المؤقتة.
   و هذه المذكرة تكون موقعة من طرف المؤمن دون المؤمن له،
 وتحتوي علي   مجموعة من البيانات و العناصر الأساسية تتمثل أصلا في:
ذكر الأطراف.
مبلغ التامين.
القسط.
مدة التغطية.
بدايتها ونهايتها و تاريخ السريان. 



الفرع الثالث : وثيقة التامين La police d’assurance  
حتي وتنص:ن عقد التامين البحري هو عقد رضائي ،إلا انه يتطلب  كتابته من اجل إثباته ،و بذلك يصطلح عليه  بمفهوم وثيقة التامين ،كمفهوم قانوني ،و هذا ما اخذ به المشرع الجزائري من خلال المادة 97 من القانون 06/04 المعدل والمتمم للأمر 95/07 .التي تنص:
   "يثبت عقد التامين البحري بوثيقة التامين ،و يمكن إثبات التزام الطرفين قبل إعداد الوثيقة بأية وثيقة كتابية أخرى ،لا سيما وثيقة الإشعار بالتغطية "
      و حتى يكون لوثيقة التامين اثر قانوني يجب أن تتوفر علي البيانات الواردة في المادة 98 من نفس القانون.و تتمثل في :
تاريخ و مكان الاكتتاب. 
اسم الأطراف المتعاقدة و مقر أقامتهما مع الإشارة عند الاقتضاء إلي أن مكتب التامين يتصرف لحساب مستفيد معين أو لحساب من سيكون له الحق فيه.
الشيء أو المنفعة المؤمن عليها.
الأخطار المؤمن عليها و الأخطار المستبعدة .
مكان وقوع الخطر المؤمن لأجله .
مدة الأخطار المؤمنة عليها. 
المبلغ المؤمن عليه .
مبلغ قسط التامين .
توقيع الطرفين المتعاقدة.
من خلال ذلك نصل إلى القول أن العقد هو الاتفاق القانوني بين طرفي التعاقد ،أما وثيقة التامين فهي النموذج المعد لإثبات هذا التعاقد في صورة معينة ،جرى عليها العرف التأميني ،و من أشهر هذه الوثائق نجد تلك التي أصدرها التشريع الانجليزي تحت تسمية "وثائق التامين لويدزا"،و أصبحت فيما بعد مصدر ترجع إليه معظم الدول في حالة وجود صعوبات في تفسير وثائقها، لان هذه الوثائق  أي وثائق الويدزا كانت محل مراجعة من طرف هيئة الويدزا، بعد التقرير الذي قدمته المجموعة السبعة و السبعين77 في ندوة الأمم المتحدة للتنمية     
 في نوفمبر 1973.CNUCE و  التجارة 
   و بالتالي يمكن القول أن كتابة عقد التامين البحري هو بغرض  الإثبات ،أما وجود  الالتزام ذاته فانه يمكن أن يتم إثباته بكافة الطرق القانونية الممكنة ،و ذلك حسب القواعد العامة في الإثبات ،كالإقرار أو اليمين ،شهادة 



الشهود  لكن بالرجوع إلي المادة 97 من الامر95/  07 نجد أن  المشرع الجزائري يقرر بان الكتابة المنصوص عليها  هي للإثبات،إلا  انه يقيد إثبات وجود الالتزام ذاته بموجب عقد التامين البحري ،أن يكون بأي وثيقة كتابية أخرى ،أضف إلي ذلك أن التشريع الجزائري، لم يحدد من يحرر وثيقة التامين ،بحيث كانت في السابق يتم من طرف كاتب العدل أو الموثق، إلا أن الأمر لم يعد كذلك ،بسبب تعارض الرسمية التي تتطلب نفقات ومدة زمنية .مما لا يتناسب مع أساليب التجارة و السرعة في المعاملات، كما لم يحدد ا للغة المفروض العمل بها. فهل يشترط اللغة العربية لكتابة العقد أم أن اختيار اللغة متروك لأطراف العقد؟.
     ووثيقة التامين البحرية قابلة للتغيير أو التعديل من أطراف العقد، و ذلك بموجب ملحق للوثيقة،  ويجب أن يخضع لنفس الشروط التي تلحق الوثيقة المتضمنة للعقد الأصلي .
     و نجدها علي عدة أنواع، حسب الشيء المؤمن عليه، كوثيقة التامين على البضائع، وثيقة التامين علي السفن، وثيقة التامين المفتوحة، و كل نوع من هذه الوثائق يخضع لشروط معينة.
المطلب الثاني:الالتزامات المترتبة عن عقد التامين البحري:
       يترتب عن إبرام عقد التامين البحري مجموعة من الآثار، تشكل التزامات أطراف العقد، -المؤمن و المؤمن له ـ، و يتوقف سريان هذا العقد و تنفيذه علي مدى قيام كل طرف بالالتزامات التي تقع علي عاتقه.
الفرع الأول :التزمات المؤمن له :باختصار تتمثل في ثلاثة التزامات:من طلب التامين ،و كل ما يترتب عنه من واجب الإدلاء بكل المعلومات المتعلقة بالخطر ،و دفع أقساط التامين ،المحافظة علي مصالح المؤمن ،وذلك إعمالا لمبدأ حسن النية ،فيجب عليه تحديد الخطر تحديدا دقيق و وفي ،و  ذلك بإعطاء جميع المعلومات التي من شانها تسهيل عملية حصر الخطر ومدا جسامته ،لان عدم القيام بذلك يؤدي إلي عدم إمكانية تحديد مبلغ 
التعويض المستحق له بصورة واضحة ،و غير متناسب ،و هذا ما تستوجبه المادة 108 من الأمر 95/07 التي جاءت تحت عنوان حقوق المؤمن و المؤمن له و التزاماتهما ،التي تنص :
"يترتب علي المؤمن له :
أن يقدم تصريحا صحيحا بجميع الظروف التي عرفها و تسمح للمؤمن بتقدير الخطر،
أن يدفع القسط حسب الكيفيات المحددة في العقد ،
أن يصرح خلال عشرة ايام10 علي الأكثر بعد اطلاعه علي أي تفاقم للخطر المضمون حصل أثناء العقد ،...........الخ ".



  وتضيف المادة 13 من وثيقة التامين علي البضائع الجزائرية :     
« L’assuré es tenu de faire a l’assureur une déclaration exacte de toute les circonstances dont il a connaissance permettant une appréciation du risque »  
و الامتناع عن ذلك يؤدي إلى بطلان العقد حسب ما جاء في المادة 113 من الأمر 95\07 و زيادة عن ذلك يعد العقد لاغيا في حالة الغش الذي يرتكبه المؤمن له طبقا للمادة 110 من نفس الأمر .
و التزام بالإعلان عن الخطر  يبقى ساري المفعول طوال مدة سريان العقد, وكل  تفاقم يقع يجب إبلاغه إلى المؤمن و كذلك ظروفه،  و أن يكون ذلك خلال مدة 10 أيام على الأقل من تاريخ معرفة تفاقم الأضرار. 
كذلك التزامه بتحديد القسط و دفعه حسب ما هو متفق عليه في العقد طبقا للمادة 108 من الأمر 95/07 ، و حسب ما هو معمول به فانه يحدد القسط بمبلغ ثابت أو بنسبة مئوية  بعد مراعاة  مدى احتمال وقوع الخطر المؤمن منه و مدى جسامته ، كذلك وضعية الشيء المؤمن عليه ، مدة سريان العقد .
و في حالة إغفال تحديد قيمة مبلغ القسط، فيتم ذلك طبقا لما هو جاري العمل عليه في مكان إبرام العقد،  ومن طرف هيئات فنية مختصة.
      والأصل انه يلتزم المؤمن له بالمبلغ المحدد في العقد الأصلي المنشئ للالتزام بالتامين ،إلا أن ذلك ليس من النظام العام ،إذ يمكن للأطراف الاتفاق علي رفع مبلغ القسط أو تخفيضه حسب  إرادتهما المنفردة ،و ما يؤخذ علي المشرع الجزائري في الامر95/07 المعدل بموجب القانون 06/04 ،هو انه نص علي إلزامية  و ضرورة تحديد و دفع القسط في العقد إلا انه اغفل ضرورة تحديد المهلة التي يجب دفع القسط فيها ،إلا انه استدرك الأمر في وثائق التامين ،حيث ينص في المادة 13 من وثيقة التامين علي البضائع التي تنص :
« La prime est acquise à l’assureur  dés que les risques ont commencés à courir, elle est payable comptant entre les mains de l’assureur, ou lieu de la souscription de l’assurance ayants droit de l’acte dans le quel elle est ressortie »  
    أما فيما يتعلق  بمكان دفع القسط فانه يخضع للقواعد العامة ،فباعتباره دين فيكون مطلوب و ليس محمول ،و عليه فيحدد مكانه بإقامة المؤمن له ،و عند امتناعه عن الدفع بعد أعذار المؤمن بضرورة القيام بذلك ، سبب يترتب عنه حق المؤمن في طلب فسخ العقد مع التعويض (المادة 119 من الأمر 95 /07) .
الفرع الثاني:التزامات المؤمن 
           يقوم المؤمن بالتزاماته في مقابل قيام المؤمن له  بما عليه من التزامات ،المحددة بموجب عقد التامين ،و تتمثل خاصة في دفع مبلغ التامين عند وقوع الضرر للشيء المؤمن عليه ،و يكون بعد إثبات 

علاقة السببية بين الضرر و الخطر المؤمن لأجله من طرف المؤمن له ،مع اشتراط عدم تجاوز التعويض قيمة الأشياء المؤمن عليها ، و هو يشمل كل من ثمن الهلاك أو التلف و النفقات و المصروفات التي يدفعها المؤمن له أثناء و بمناسبة و قوع الخطر و إصابته بأضرار .
       و هذا الالتزام يختلف باختلاف الضرر، فقد يكون تعويض عن خسارة في حالة الضرر الجزئي للشيء المؤمن، أو التزام بتعويض الهلاك في حالة الترك التي تترتب عن الهلاك الكلي للشيء ( سواء تعلق الأمر بالبضائع أو السفينة ) و يحدد ذلك وثيقة التامين.
     و بالتطرق إلي هذه العناصر و الأركان المكونة لعقد التامين البحري ،إلي جانب المميزات الخاصة به ،حتي و لو انه كان بصفة مختصرة  جدا ،رغم انه ذو أهمية بالغة ،إلا أن التدقيق فيه يكون علي حساب الموضوع محل البحث ،الذي ينحصر في كيفية و أسباب انتهاء عقد التامين البحري ،الذي يستوجب طرح إشكالية الآثار أو النتائج التي تترتب عن إخلال احد الأطراف عن التزم التعاقدية ،و كذلك حالة عدم توفر شروط خاصة في العقد ، تؤدي إلي انقضاء العقد أو بطلانه .ويترتب عنها في غاب الأحيان عدم تفاهم الأطراف عن تسوية الأوضاع مما يستوجب تدخل جهات أخرى لحلها 
    فالسؤال المطروح:ما هي صور انتهاء عقد التامين البحري و كيف يتم حل النزاعات المترتبة عنه ؟ و أمام أي جهة يطرح النزاع من اجل التسوية ؟
       و هذا ما سنجيب عنه من خلال الفصل الأول و الثاني من هذه المذكرة.
       
     
    











الفصل الأول: انتهاء عقد التأمين البحري:
  عقد التامين البحري من العقود الزمنية ،لذلك يخضع من حيث انتهائه لأحكام القانون المدني،فينقضي بانقضاء المدة الزمنية المحددة له في العقد أو باتفاق الأطراف ،و ذلك ما سنتوقف عليه من خلال معالجة الطرق العادية لانقضائه ،إلي جانب التطرق للحالات أو الأسباب التي تؤدي إلي انتهائه حتى
 قبل انتهاء المعاد القانوني المحدد له .
المبحث الأول:الطرق العادية لانقضاء عقد التامين البحري:
        يبرم عقد التامين البحري من اجل تغطية و ضمان أضرار تكون نتيجة خطر مزعم وقوعه خلال زمن معين ،مما يجعل منه عقد مستمر يمتد تنفيذه في الزمان ، و تخضع مدته لاختيار أطراف العقد ،و يكون بتحديد تاريخ بدايته و انتهائه ،و بالتالي انقضاء هذه المد ترتب انقضاء العقد و هذا ما نتوقف عليه في المطلب الأول ،كما يرتبط استمرار العقد و انقضاءه بمدى تحقق الخطر المؤمن لأجله من عدم ذلك،لكونه محل عقد التامين بأكمله ،و عليه فان بقاء و استمرار العقد يتوقف علي الخطر ووقوعه (المطلب الثاني ). 
المطلب الأول :انتهاء المدة القانونية للعقد:
         من بين البيانات الجوهرية التي يجب ذكرها عند إبرام عقد التامين البحري ،طبقا لنص المادة 7 من الأمر 95 /07 المعدل والمتمم بموجب القانون 06/04 المتضمن لقانون التامين الجزائري ،وجوب تحديد تاريخ الاكتتاب و تاريخ سريان العقد و مدته ،مما يجعله عقد غير ابدي ، و إنما محدد بمدة معينة ،ترتبط التزامات أطراف العقد بها .
الفرع الأول:سريان عقد التامين البحري: 
      بصفة عامة كما سبقا القول ،نجد أن المشرع الجزائري و علي غرار باقي التشريعات ،جعل من عقد لتامين البحري عقد محدد المدة و اعتبر ضرورة تحديد المدة في العقد إلزامية علي الأطراف ،لكونه بيان جوهري في تحديد الإطار الزمني لوقوع الخطر المؤمن لأجله ،و ميز بين تاريخ الاكتتاب تاريخ سريان العقد في وثيقة التامين ،ذلك من خلال  المادة   98من الأمر 95/07 التي تنص : "يجب أن يحتوي عقد التامين علي ما يلي :
تاريخ و مكان الاكتتاب ،
اسم الأطراف المتعاقدة و مقر إقامتها مع الإشارة عند الاقتضاء إلي أن مكتتب التامين يتصرف لحساب مستفيد معين أو لحساب من سيكون له الحق فيه،
الشيء أو المنفعة المؤمن عليها و الأخطار المستبعدة،
مكان الأخطار

مدة الأخطار المؤمنة عليها......الخ" 
وبالتالي تحديد مدة العقد أهمية بالغة يلتزم الأطراف به لمعرفة مدى وقوع الخطر المؤمن لأجله في ظل هذه المدة أو انه وقع خارج الآجال المحددة ،أي إما انه حدث قبل بداية زمن العقد أو بعد انتهائه ،إلي جانب الدور الذي يلعبه في تحديد المسؤولية في حالة تعدد التأمينات علي الشيء ذاته  ،إلا أن تسرع المشرع في وضع النصوص التشريعية نجده مرة أخرى يثير إشكال في تطبيق النصوص القانونية ،و ذلك بجعله مدة العقد مزدوجة إذ في بعض الحالات نجد أن تاريخ اكتتاب العقد هو نفسه تاريخ سريانه ،و في حالة أخرى  نجده مستقل عنه .
      و ما يلاحظ في المادة 98 من هذا الأمر هو أن المشرع لم يلزم الأطراف بمدة معينة لا من حيث الحد الأدنى و لا من حيث الحد الأقصى للعقد ، و إنما ترك المجال مفتوح يخضع لإرادتهما الحرة في ذلك ،و نفس الأمر نجده في وثائق التامين الجزائرية علي البضائع أو علي السفن ، لكن السؤال الذي يطرح هو انه في حالة عدم تحديد الإطار الزمني للعقد هل يترتب عن ذلك بالضرورة بطلان العقد أم لا ؟
   الأمر ليس بهذه البساطة لكون عقد التامين البحري ذو أهمية بالغة في تنشيط الاقتصاد الوطني ففي حالة عدم تحديد الأطراف لمدة العقد فإنها تخضع للقاعدة العامة التي جرى العمل بها ،و هي أن يكون تحديد المدة بسنة واحدة   و هذا ما أخذا به المشرع الجزائري من خلال المادة 26 من وثيقة التامين علي البضائع التي جاءت تحت عنوان مدة سريان العقد بأنه في حالة عدم وجود اتفاق مخالف بسنة واحدة كمايلي :
    «   Sauf stipulation contraire .la police est souscrite pour une durée d’un an et se renouvellera d’année en année par tacite reconduction ».
بالإضافة حسب هذه المادة فان مدة العقد تتجدد ضمنيا من سنة لسنة أخرى.
      و بالتالي فالعقد ينتهي بانتهاء المدة المحددة صراحة من أطراف العلاقة التعاقدية. أو بمرور سنـــة في حالة عدم تحديد مدة العقد، تطبيقا للقاعدة العامة الواردة في وثائق التأمين البحري الجزائريةـ على لبضائع أو السفن ـ في حالة عدم وقوع تجديد ضمني للعقد أو بالوصول في حالة عقد التأمين المحددة برحلة أو عدة رحلات .





- الفرع الثاني : الآثار المترتبة عند انتهاء مدة العقد:
القول أن عقد التأمين عقد زمني، يؤدي إلى جعل التزامات أطراف العقد محددة في إطاره الزمني،فانقضاء المدة المحددة صراحة أو ضمنا أو طبقا للقاعدة العامة يترتب عنه إنهاء التزامات الأطراف بدلك .
    إذ ينتهي التزام المؤمن بتغطية الخطر المؤمن منه. حتى ولو لم ينتهي الخطر ذاتـــه .
* لكن الإشكال المطروح: ما هو مصير العقد في حالة انتهاء مدته قبل انتهاء الخطر، وخاصة في حالة التأمين لرحلة ؟.
         أجاب التشريع الفرنسي على هذا التساؤل، من خلال الوثيقة الفرنسية للتأمين على السفن في المادة 09 منها على استمرار التأمين إذا انقضى الأجل المحدد، وكانت السفينة في حالة إصلاح أضرار  مضمونة بموجب العقد ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يستمر التأمين رغم انقضاء الآجال في حالة  الإصلاحات على حساب المؤمن لغاية انتهاء الرحلة لأن امتداد الرحلة ناتج عن خطر يضمنه المؤمن ،مما يتطلب استمرار ضمانه لأجل معين، وهذا ما استقر عليه القضاء الفرنسي بضمان الأضرار التي تظهر بعد انتهاء مدة العقد متى كان ذلك ناتج عن أسباب حاصلة خلال زمن التأمين .
وتشير المادة 123 من الأمر 95-07 المتضمن لقانون التأمين الجزائري أنه في حالــــة    
التأمين لرحلة أو لعدة رحلات، تربط زمن سريان أثار عقد التأمين البحري، ببداية الشحـــــــن إلى نهاية التفريغ الخاصة برحلة أو رحلات مؤمن عليها، وخلال 15 يوما على الأكثر من وصول السفينة إلى الميناء المقصود، فهنا نجد انه فـــي حالة ما تكون مـدة العقد المحددة اقل من زمن الرحلة، فإن العقد يبقى مستمر و منتج لأثره.
و دلك كاستثناء للقاعدة العامة، التي تقضي بان انقضاء مدة العقد يؤدي إلى انقضاء التزامات الأطراف كما تجذبنا المادة أيضا إلى فكرة الأخطار المؤمنة ، فالمشرع الجزائري الذي ينصص على أن الأخطار المعنية بالتامين البحري هي الأخطار البحرية فقط، لكنه في هذه المادة يجعل الأخطار المستبعدة مؤمن عليها بصفة غير مباشرة، و هي التي تقع أثناء الشحن أو التفريغ في الموانئ أو المخازن. وهذا ما تؤكده المادة 123 من الأمر 95/07 التي تنص: " .... و خلال 15 يوما على الأكثر من وصول السفينة إلى الميناء المقصود.... ."  .           وكما سبق القول إن محل عقد التأمين البحري هو الخطر، وبالتالي يتحدد عمر عقد التأمين البحري بوقوع الخطر من عدمه.


   المطلب الثاني : وقوع الخطر المؤمن لأجله و عدم وقوعه:
سبقت الإشارة في المطلب الأول أن عقد التأمين البحري، تحدد مدته بالخطر المؤمن لأجله ومدى إطالة و عدم وقوعه.
- وبالتالي لقيام عقد التأمين البحري و ترتيب آثاره لا يكفي أن يكون الشيء المؤمن عليــــه
معرض للخطر، بل يتطلب في ذلك أن لا يكون الخطر المؤمن ضده قد تحقق أو زال قبل بداية سريان مدة العقد، لأن في هذه الحالة يترتب بطلان العقد لانعدام محله.
 الفرع الأول: تعرض الشيء المؤمن عليه للخطر:
- للحديث عن تعرض الشيء للخطر، يجب الحديث أولا عن الخطر الذي هو محل عقد التأميـن
 البحري لكون المشرع اعتبره معيار لتحديد وتميز عقد التأمين البحري عن باقي عقود التامين الأخرى 
   فالخطر يقصد به الحادث القهري أو الفجائي الذي يحتمل وقوعه للشيء المؤمن عليه خلال الرحلة البحرية وبالتالي نستنتج أن الشرط الأساسي في الخطر البحري هو وقوعه في البحر سواء أخطار ناتجة عن البحر PERILS OF SEA  مثلا العاصفة , الغرق، الجنوح  أو الأخطار التي تحدث على البحر PERILS ON THE SEA مثلا التصادم،الحريق..الخ .
و بالتالي استبعاد الأخطار التي قد تصيب الشيء المؤمن عليه في الموانئ، لأنها لا تدخل في التأمين البحري، وإنما تعتبر أضرار برية وتطبق عليها أحكام التأمين البري... .
- وعبئ إثبات تعرض الشيء المؤمن عليه للخطر،يقع على عاتق المستأمن، لكونه هو من
يقوم بطلب التعويض، و لا يكفي تقديم وثيقة التأمين لطلب لدلك، وإنما يجب إثبات تنفيذ العقد، و باعتبار الخطر واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، أضف إلي دلك فانه يجب أن يكون التعرض للخطر واقع أثناء إبرام و سريان مدة العقد ،لاستبعاد الخطر السابق على العقد، وهذا ما اخذ به المشرع الجزائري طبقا للمادة 99 من القانون 06-04 إذ جاء فيها " لا يترتب عن التأمين أي اثر إذا لم يبدأ حدوث الأخطار خلال شهرين من إبرام العقد أو من التاريخ المحدد لبدء اثر الأخطار، إلا إذا وقع الاتفاق على اجل محدد ..." وتطبيق المادة 100 من نفس القانون: 
   " لا تكون للتأمين المكتب بعد وقوع الحادث أو بعد وصول الأموال المؤمن عليها إلى المكان المقصود أي اثر." كما حصر المشرع الجزائري الأخطار التي هي محل التأمين البحري تحت نص المادة 101 من القانون 06-04 التي جاء فيها.


-يغطي المؤمن الأضرار المادية التي تلحق حسب الحالة، الأموال والبضائع المشحونة، و هياكل السفن المؤمن عليها الناتجة عن الحوادث المباغتة أو القوة القاهرة، أو الأخطار البحرية طبقا للشروط المحددة في العقد .
   وعليه لا يكفي وجود الخطر، و إنما لا بد من تعرض الشيء المؤمن عليه لهذا الخطر،لان عدم التعرض يؤدي إلي زوال التامين لانتفاء محل العقد بالبطلان  .
و عند وقوع هدا الخطر، و قيام المستأمن بالتزامه بتبليغ المؤمن بذلك، و تحمل هدا الأخير  مسؤولية الضمان بدفع مبلغ التأمين الواجب عليه لتغطية الخطر،يتم تنفيذ عقد التامين  البحري، و بالتالي انقضائه على أساس وقوع وتحقق الغاية من إبرامه.و ترتيب أثار الالتزامات المتبادلة للطرفين.
الفرع الثاني: حالة عدم وقوع الخطر المؤمن لأجله: 
        سبق القول أن الخطر البحري هو الذي يميز عقد التأمين البحري عن باقي العقود الأخرى.لكونه محل العقد ذاته، و عليه يتوقف تنفيذ و ترتيب أثار العقد، بوقوعه و عدم إمكانية وقوعه، إذ هناك حالات أين لا يتم تعرض الشيء المؤمن للخطر و ذلك لتدخل عدة عوامل نجد مثلا:
1- عدم القيام بالرحلة المزعوم القيام بها: التي عبر عنها المشرع الفرنسي في المادة 349 مـــن قانون التامين :
                             بإلغاء الرحلة مهما كان السبب في ذلك، لكن هذا لا يمنع المؤمن له من الحصول على تعويض يقدر بنصف مبلغ التأمين الواجب دفعه، إلا انه في الآونة السنوات الأخيرة تراجع عن هذا الموقف.
       أما بالنسبة للتشريع الجزائري فإن عدم وقوع الخطر خلال مدة شهرين من إبرام العقد، يكفي لإنهاء عقد التأمين وبالتالي عدم ترتيب أي اثر عنه.
2- وقوع الخطر قبل اكتتاب العقد او بعد إتمام الرحلة أو وصول الأموال المؤمنة سالمـــــة
إلى المكان المقصود وهذا ما يتضح من خلال المادة 100 من الأمر 95-07 المعدل و المتمم بموجب القانون 06-04 التي تنص بصريح العبارة على مايلي :" لا يكون للتأمين المكتتب بعد وقوع الحادث، أو بعد وصول الأموال المؤمن عليها إلى المكان المقصود أي اثر و يبقى القسط مكتسبا للمؤمن إذا كان المؤمن له على علم بذلك من قبل ." 
    و عليه ينتهي عقد التأمين البحري و يصبح عديم الأثر يتحقق أو وقوع الخطر المؤمن من اجله، قبل إبرام العقد وسريانه . لأن جعل عقد التأمين البحري ساري المفعول رغم أن الخطر سابق له يؤدي إلى حصول 

المستأمن على تعويض الأضرار تعرضت لها الأشياء المؤمن عليها قبل العقد، وليس أثناء سريانه،  باعتباره عقد زمني محدد لفترة معينة، إلى جانب تفادي حالة تأمين أموال وصلت إلى المكان المقصود، وهذا هو موقف التشريع الجزائري الذي لا يأخذ بالخطر الضني. الذي يتبين لنا بكل وضوح في نص المادة 100 من الأمر 95-07 التي تضيف:
    " لايكون للتأمين المكتتب بعد وقوع الحادث أو بعد وصول الأموال المؤمن عليها إلى المكان المقصود أي اثر، ويبقى القسط مكتسب للمؤمن إذا كان المؤمن له على علم بذلك من قبل .
  يحق للطرف المتضرر في هذه الحالة المطالبة بالتعويض عن الأضرار." .
3) تغيير الطريق المعتاد أو الانحراف:
                                      من المعمول به هو أن ينفذ عقد التامين البحـــــري كما تم الاتفاق عليه بين الطرفين دون تغير, و يكون بقيام السفينة بالانطلاق من ميناء القيام إلى ميناء الوصول لرحلة مقررة على طريق محدد و معتاد ،والانحراف عنه يؤدي إلى زوال التزامات المؤمن ،و مسؤوليته في تغطية الأضرار الناتجة عن خطر بجري أثناء الرحلة، و ذلك في حالة الانحراف الإرادي، أما في حالة الانحراف الاضطراري الذي أدت إليه القوة القاهرة، فإن المؤمن يبقى مسئول عن كل هلاك أو ضرر يلحق بالشيء المؤمن لأجله .  
          إلا انه قد يترتب انتهاء أثار عقد التأمين  البحري بأسباب أخرى، قبل تحقق الغرض منه ،وقبل انتهاء المدة الزمنية المحددة له أو حتى قبل القيام بالرحلة المؤمن لأجلها و ذلك بتدخل ظروف  أخرى أو بسبب عدم القيام بالتزامات تعاقدية يترتب عنها فسخ أو بطلان هذا العقد، و هذا ما سنتوقف عليه خلال المبحث الثاني ،، تحت عنوان الطرق الغير عادية لانتهاء عقد التأمين البحري. 





* المبحث الثاني: الطرق الغير العادية لانتهاء عقد التأمين البحري: 
                                       قد يبرم عقد التأمين البحري من اجل تغطية خطر معين، إلا انه  يتوقف تنفيذه، إما لعدم قيام الأطراف بالتزاماتهم، أو لعدم تحقق محل العقد لكونه  محل العقد بأكمله،   أو نتيجة لغش صادر من طرف المؤمن له مما يؤدي إلى فسخ أو بطلان العقد، إلى جانب حالة التقادم التي تلحق بالدعاوي  الناشئة عنه .
المطلب الأول: فسخ العقد أو بطلانه 
                                     : يعتبر الفسخ أو البطلان جزاء يترتب عن عدم قيام احد أطراف العقد بالتزاماته التعاقدية، و دلك طبقا للقواعد العامة للالتزامات.
الفرع الأول: فسخ العقد
                      : ينقضي عقد التأمين البحري كغيره من العقود الزمنية بالفسخ، ويخضع في ذلك لأحكام القانون المدني، سواء كان ذلك بسبب المؤمن أو المؤمن له أو باتفاق منهما عليه ،و يترتب عنه إرجاع المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد، و الفسخ يختلف عن الإلغاء أو حل العقد RESITATION DE CONTRAT ، لأن هذا يتم  في حالة استحالة تنفيذ الالتزامات العقدية وتمحى أثاره بأثر رجعي .ولا يمكن الحديث عن الفسخ إلا بعد قيام الطرف الذي يتوفر عنده سبب الفسخ أو اتجهت إرادته إليه بتوجيه تبليغ للطرف الأخر، و يكون بموجب رسالة موصى عليها...  .
 و بالنسبة للتأمين البحري فنجد أن المشرع الجزائري نص على الفسخ في العقد فقط بالنسبة للمؤمن بذكري حالات عدم قيام المؤمن له بالتزاماته التعاقدية، و بالتالي أحق للمؤمن طلب الفسخ نتيجة لذلك .
- و تتمثل حالات الفسخ في  :
حالة إفلاس المؤمن له أو خضوعه لإجراءات التسوية القضائية: و هدف المؤمن في طلب الفسخ لذلك باعتباره يتمثل دائما في شركة التأمين ،الحل الوحيد  لتفادي دخول شركة التأمين مع بقية الدائنين في قسمة غرماء عند التنفيذ علي أموال المدين  .. .
حالة إخلال  المؤمن له بالتزاماته التعاقدية المحددة بموجب عقد التأمين البحري، لا سيما 
فيما يتعلق بدفع القسط  إذ في  حالة عدم دفع المؤمن له لمبلغ القسط خلال 08 أيام، بعد إنذاره بموجب رسالة مضمونة الوصول، مع إشعار بالاستلام فإنه يحق للمؤمن وقف التأمين ويجوز له فسخ العقد خلال مدة 10 أيام من إيقاف الضمان، طبقا للمادة 111من الأمر 95/07 ،إلا أن هدا الفسخ لا يكون له أي اثر بالنسبة للغير الحسن النية ،الذي أصبح مستفيد من التامين قبل التبليغ بالإيقاف و الفسخ .
حالة الفسخ بسبب عدم قيام المؤمن له بالتصريح بالإرساليات المرسلة لحسابه أو تنفيذ العقود، تحمله التزام التأمين، فالإرسالية رغم أنها تمت لحساب الغير، لكن تعهد المؤمن له أن يقوم بالتأمين عليها، و ذلك يكون في حالة وثيقة التأمين المفتوحة طبقا للمادة 140 من الأمر 95-07 و المادة 141 من نفس الأمر.
كذلك حـق المؤمن بفسخ العقد بانتقــال ملكية السفينة أو استئجارهـا بدون تجهيز و يترتب 
                   بمرور شهر واحد ابتداء من اليوم الذي يتلقى فيه التبليغ بنقل الملكية أو الاستئجار، و يسري مفعول هذا الفسخ بعد 15 يوما من تاريخ التبليغ  .    
وبصفة عامة للقيام بفسخ العقد يجب توفر شروط معينة تتمثل في أن يكون العقد من العقود المحددة بمدة 
- أن يحدد المشرع المدة التي يجوز فيها طلب الفسخ .
- أن يكون العقد من عقود التأمين على الأضرار.
- أن يقوم الطرف الذي يهتم بالفسخ بإخطار الطرف الذي اخل بالتزاماته قبل نهاية الميعاد
المحدد لذلك .
الفرع الثاني: بطلان العقد:
      يتم بطلان العقد بموجب قرار تصدره سلطة إدارية أو قضائية و يكون ذلك لسبب عيب في العقد ،أو أن العقد ابرم في غير أوانه، و بالرجوع إلى الفقيه عبد الرزاق السنهوري، حيث انه يعرف البطلان بفكرة  انعدام اثر العقد بالنسبة للمتعاقدين و بالنسبة للغير طبقا لذلك . 
- أما وثيقة التأمين على البضائع الجزائرية فتعبر عن البطلان حسب المادة 17 منها كما يلي:
Tout assurance souscrite après la réalisation d'un sinistre, en après l’arrivée des biens assures au lieu de destination est sans effet. Si l'assuré en avait eu connaissance ; et les primes restent acquise à l'assureur.
- l'assurance ne produit aucun effet, lorsque les risques n'ont pas commencé dans
 les deux mois de la conclusion du contrat ou du la date qui à été fixé pour prise d'effet des risques sauf si un nouveau délai a été convenu .

يفهم من خلال هذه المادة أنه لا يترتب أي اثر عن عقد التأمين في حالة ما جاء إبرامه بعد وقوع الخطر المؤمن عليه أو أن العقد تم إبرامه لضمان و تغطية بضائع وصلت إلى مكان الوصول مع إبقاء القسط المدفوع في حق المؤمن .
- كذلك في حالة إبرام عقد تأمين إلا انه الأخطار المؤمن لأجلها لم تبدأ في الحدوث بعد مرور مدة شهرين من إبرام العقد أو بعد المدة المحددة لذلك باتفاق الأطراف .
- حالة غش المؤمن له طبقا للمادة 110 التي تنص " يعتبر التأمين لاغيا في جميع حالات الغش الذي يرتكبه المؤمن له و ذلك بهدف تغليط المؤمن .
- تقديم تصريحات و بيانات غير صحيحة أو كاذبة من طرف المؤمن له مما يؤدي بالضرورة إلى إبطال العقد حسب ما جاء في المادة 113 من الأمر 95-07 : 
" يترتب عن كل تصريح غير صحيح يقدمه المؤمن له عن سوء نية بخصوص حادث ما سقوط التأمين 
 يقع عبئ الإثبات على المؤمن ".
و بالرجوع إلى القواعد العامة طبقا للقانون المدني تجد انه لا يترتب البطلان لغلط إلا في حالة وقوعه على الصفات الجوهرية ، لكن قانون التأمين البحري عند نصه على البطلان المترتب عن غلط لم يحدد هل يجب أن يكون في العناصر و الصفات الجوهرية في العقد أم أي بيان أو عدم يرتب البطلان و أن يكون هو الدافع إلى التعاقد طبقا للقواعد العامة و بالتالي تقول أن البطلان المقرر في عقد التأمين البحري يكون لغلط حتى و لو كان بسيط إلى جانب حق المؤمن يطلب إبطال العقد في حالة إخلال المؤمن بالتزامه بتقديم المعلومات المتعلقة بالمستجدات التي تطرح على العقد و التي من شأنها تسهيل عملية تقدير الأخطار من طرف المؤمن لكن هل دائما يترتب عن امتناع المؤمن له عن تقديم المعلومات بطلان العقد ؟ يكون ذلك فقط في حالة ما يكون السكوت من شأنه التقليل من فكرة الخطــــر و بالتالي تقدير المؤمن بأقل من حقيقته و تضليله و عليه تكون قيمة القسط المستحق الدفع بأقل من الحقيقة التي يتوجب دفعه ذلك كما جاء في المادة 297 من قانون التأمين اللبناني ، على أن هذا النوع من البطلان لم يترتب عن عيب في رضا المؤمن ، و إنما جزاء عن إخلال المستأمن عن التزاماته التي هي مزاولة لعقد التامين طوال مدة سريانه مما يعني أن البطلان يمكن أن يتقرر في أي مرحلة من مراحل تنفيذ العقد نفس الموقف تبناه التشريع الفرنسي حسب الفقيه كيون كان و رينوخ الذي يرى بوجه عام أن عقد التامين يكون قابل للإبطال إذا اغفل المستأمن خلال العقد أن يكشف للمؤمن عن واقعة لها تأثير في تحديد الخطر .



- لكن السؤال المطروح هل البطلان المقرر لعقد التامين البحري هو بطلان مطلق أو نسبي.
- أحكام القانون التامين البحري جاءت بصفة عامة، حيث لم تحدد ذلك و بالتالي باعتباره ناتج عن إخلال طرف من أطراف العقد بإحدى التزاماته التعاقدية و يترتب من جراء ذلك إضرار بالطرف الأخر فإن البطلان هو نسبي لكونه مقرر لمصلحة المؤمن الذي له أن يتمسك به أو أن يتنازل عنه و ذلك بإجازة من المؤمن صراحة للعقد أو ضمنيا و تتمثل صورة الإجازة الضمنية في استمرار المؤمن في تحصيل أقساط التامين بعد معرفته لسبب البطلان أو قيامه بدفع مبلغ التامين مع علمه سيكون المؤمن له على تقديم المعلومات مثلا و بالتالي لا يجوز طبقا لذلك للمحكمة أن تثيره أو أن تحكم به من تلقاء نفسها  .
   المطلب الثاني: التقادم:
من أهم المميزات التي يتصف بها عقد التأمين البحري تقادم الدعاوي الناشئة عنه ، سواء كانت من أجل المطالبة بمبلغ التعويض أو بدفع القسط ، أو خاصة بالمساهمة في الخسائر المشتركة أو التخلي .
الفرع الأول: تعريف التقادم المقرر لعقد التامين البحري:
التقادم وسيلة لاكتساب أو التخلص بعد انقضاء مدة زمنية و ذلك وفقا للشروط المحددة و نص عليه المشرع الفرنسي في المادة 2219 من القانون المدني 
" La prescription est un moyen d'acquérir ou de se libérer par un certain laps de temps et sous les conditions déterminées par la loi.» 
فالتقادم هو سقوط الحق بسبب عدم تحرك صاحبه خلال مدة زمنية معينة و يعرف بالتقادم المسقط   و نضمه المشرع الجزائري تحت أحكام القانون المدني في إطار المواد 308-322 من ق م ج و خصص في حالات للتقادم الخاصة تسيطر على القواعد العامة من بينها نجد حالات عقد التامين البحري الذي يفرج عن القواعد العامة لا سيما فيما يتعلق بالمدة فالمادة 322 من م ج تنص أنه لا يجوز التنازل عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون "   و بالتالي فالتقادم حسب هذا النص من النظام العام لا يجوز الاتفاق على استبعادها و لا التعرض مدته لا بالتقصير أو الإطالة و هذا ما يجعل أحكام التقادم في التامين البحري يختلف على القواعد العامة . كما جاءت في المادة 121 من الأمر 95-07 تحت عنوان التقادم إذ تنص هذه المادة " 



يحدد اجل تقادم الدعاوي الناتجة عن عقد التامين البحري بعامين و كذلك موقف اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحري للبضائع 1978   .
و باعتبار التقادم كحالة من حالات انتهاء عقد التامين البحري و أثاره فلا بد من التوقف على كيفية احتساب مدة التقادم في التامين البحري.
الفرع الثاني: سريان مدة التقادم في التامين البحري:
نصت المادة 121 من الأمر 95-07 المعدل و المتمم بموجب القانون 06-04 على مدة سنتين أو أكدت على ذلك المادة 26 من وثيقة التامين على البضائع و يبدأ أجل التقادم طبقا للمادة 121 من:
1- تاريخ الاستحقاق لدعاوي دفع القسط .
2- تاريخ الحادث الذي يقضي إلى دعوى العطب بالنسبة للتأمينات على السفينة .
3- فيما يخص البضائع المشحونة يكون ابتدءا من :
تاريخ وصول السفينة أو إحدى وسائل النقل الأخرى.
التاريخ المقرر الذي تصل فيه السفينة أو إحدى وسائل النقل الأخرى أن لم يكن ذلك.
تاريخ وقوع الحادث الذي يقضي إلى دعوى العطب إذا وقع بعد تاريخ وصول السفينة 
أو إحدى وسائل النقل الأخرى .
4- من تاريخ وقوع الحادث الذي يخول حق التخلي أو انقضاء الأجل المقرر لرفع دعوى التخلي.
5- تاريخ دفع المؤمن له أو يوم رفع الدعوى عليه من الغير بالنسبة للسهام في الخسائر المشتركة أو أجرة المساعدة أو الإنقاذ أو الطعن من الغير.
6- تاريخ الدفع الغير مستحق فيما يخص أي دعوى من اجل استرجاع المبلغ المدفوع طبقا لعقد التامين   و لمناقشة هذه المادة نجد أنها تختلف عن القواعد العامة الواردة في القانون المدني و حتى مع القواعد الواردة في قانون التامين لا سيما المادة 27 من نفس الأمر التي جاء فيها : " يحدد اجل تقادم دعاوي المؤمن له أو المؤمن الناشئة عن عقد التامين بثلاثة(3) سنوات ابتداء من تاريخ الحادث الذي نشأت عنه " . القانون الجزائري باختلاف مع التشريع الفرنسي الذي يسمح بتقليص المدة بإطالتها كما يختلف التشريع الفرنسي على القانون الجزائري في تناوله لمسألة تمديد سريان التقادم على أساس القصرو فاقدي الأهلية الذي لم ينص عليه المشرع 

الجزائري في الأمر 45/07 المعدل و المتمم بالقانون 06-04 المقابل للمادة 172-31 من تعيين التأمين الفرنسي .
الفرع الثالث : انقطاع و وقف مدة التقادم : أمام انعدام نص قانوني في قانون التأمين البحري حول انقطاع أو وقف التقادم لا يبق أمامنا سوى الرجوع إلى أحكام الشريعة العامة أي القانون المدني لتحديد مفهوم المصطلحي Interruption de la prescription
- أولا : انقطاع التقادم : وقوع سبب يؤدي إلى وقف مدة التقادم من السريان فتكون المدة التي انقضت قبل انقطاع التقادم كأنها لم تكن و لا تدخل في حساب مدة التقادم و يبدأ التقادم من جديد بعد زوال السبب الذي أدى إلى انقطاعه ثم يبدأ حساب التقادم من جديد كأنه لم يسبق أن بدأ ذلك و باعتبار أن قانون التأمين البحري لم ينظم هذه المسألة فتخضعها لأحكام القانون المدني و بالتالي تتمثل في إجراءات قطع مدة التقادم في :
- تعيين الخبير لتقدير مسألة فنية في القضية .
        - تبادل الإرساليات بين المؤمن و المستأمن .
        - رفع دعوى قضائية أمام الجهات القضائية.
        - البدء في إجراءات الحجز على أموال المدني .
        - البدء في إجراءات تصفية الشركة ( تقديم الطلب) .
- ثانيا : وقف التقادم : suspension de la prescription   على عكس انقطاع التقادم فإن السبب هنا يؤدي إلى وقف حساب و سريان مدة التقادم و بعد زواله يتسم مدة التقادم من حيث توقفه مع حساب المدة السابقة له مثلا .
- الحرب أو القوة القاهرة أو عدم معرفة الواقعة المتسببة في الضرر .
- الفرع الرابع : الآثار المترتبة عن التقادم : طبقا لأحكام المادة 320 من ق م ج فإنه في حالة تقادم دعوى التامين أي انقضت دون أي يطرأ عليها أي عامل من عوامل القطاع أو وقف التنفيذ و رفعت الدعوى من طرف الدائن ضد المدين يستطيع المدين التمسك بالتقادم المسقط أي زوال التزامه بسقوطه إلا أن القاضي لا 
يستطيع إثارته بنفسه لكونه ليس من النظام العام و في المقابل فهو حق لمن تقرر لصالحه أن يتمسك به على مختلف مراحل الدعوى ما عدا المحكمة العليا .

و كخلاصة لهذا الفصل فان عقد التأمين البحري عقد مميز بماله من خصائص إذ كان عنصر فيه يلعب دور في انتهائه لذلك يتطلب التدقيق في تحديد زمان سريان مدته و مكان تنفيذه لتحديد الخطر البحري و التحكم فيه بكل دقة و التصريح بكل مستجداته لما له من تأثير في تحديد التزمات كل طرف من دفع القسط و الالتزام بضمان التعويض عن الضرر الناتج عن الخطر و تعرض الشيء المؤمن ( السفينة – البضاعة) له ....الخ جانب حق كل طرف في المطالب يوقف اثر العقد لعدم قيام الطرف الأخر عن بالتزاماته الناتجة عن العقد من طلب الفسخ و البطلان و التعويض على أساسه.
     كل هذه الأمور تدفع بنا إلى التساؤل حول آليات حل النزاعات الناشئة عن عقد التأمين البحري و انتهائه و ما اثر الدعاوى الناشئة عن ذلك. و ذلك ما سنتطرق إليه من خلال الفصل الثاني تحت عنوان آليات تسوية المنازعات المتعلقة بالتامين البحري و الدعاوي الناشئة عنه .









  









الفصل الثاني:آليات حل المنازعات المتعلقة بالتامين البحري:
       تثير العقود الزمنية بوجه عام ،و عقود التامين البحري علي سبيل الخصوص  إشكاليات تطبيقية في ما يتعلق بتنفيذ الالتزامات المترتبة عنه أو توضيح مضمونها ،و كذلك تحديد المسؤوليات عند تعرض الشيء المتعاقد عليه لأضرار تتطلب تغطية مالية ،عندها يسعى أطراف العقد إلي تسوية الاختلافات أو النزاعات التي تثار بشان ذلك بكافة الطرق المتاحة لهم .الودية و الغير الودية و في اغلب الأحيان تكون التسوية القضائية هي آخر حل يلجئ إليه أطراف العلاقة التعاقدية .

المبحث الأول: الآليات الغير القضائية:
      في غالب الأحيان يكون  الطريق المعتمد من طرف المتعاقدين، و ذلك لما يحققه من السرعة في تسوية الأوضاع ،و تحقيق الغاية من عقد التامين البحري بتغطية الأضرار المترتبة عن الخطر البحري ،و في مجال التامين البحري فالآليات الغير قضائية المعتمدة تتمثل في التسوية الودية بين الأطراف, أو اللجوء إلي التحكيم كوسيلة معتمدة من طرف اغلب الدول . 

المطلب الأول:التسوية الودية للنزاع:
    التسوية الودية تعني تغطية الأضرار الناتجة عن الخطر البحري بالتراضي بين الطرفين ،إذ تقدم شركة التامين (المؤمن ) للمؤمن عند تعرض الشيء المؤمن للخطر المحدد في العقد  مبلغا من المال ،من اجل تغطية الضرر اللاحق بالشيء المؤمن بعد قيام المؤمن له بتبليغ شركة التامين بوقوع الخطر ،و ينتهي ذلك بتوقيع الأطراف علي الاتفاق المتوصل إليه .
    لكن الحديث عن التسوية الودية يستوجب تحديد المعاير التي يقوم عليها دفع المبلغ المقرر للضمان ،الذي يلتزم المؤمن بدفعه إلي المستأمن   .

الفرع الأول:تقيم الضرر اللاحق بالشيء المؤمن :بالرجوع إلي معظم التشريعات الدولية ،التي من بينها التشريع الجزائري في مجال التأمينات البحرية نجد أن تقدير الأضرار التي تلحق بالشيء المؤمن ،سواء تعلق الأمر بالسفينة أو بالبضاعة يكون باعتماد طريق الخبرة العلمية ، للقيام بذلك فان المشرع حدد مجموعة من المعاير و الشروط التي يجب إن تتوفر في الأشخاص التي تقوم بهذه المهمة ،طبقا لما جاء في المواد:269 ،271،272 ،273،من الأمر 95/07 المتضمن لقانون التأمينات الجزائرية .
  

  حيث تنص المادة الأولي "يعد خبيرا كل شخص مؤهل لتقديم الخدمة في مجال البحث عن الأسباب و طبيعة و امتداد الأضرار و تقيمها و التحقق من ضمان التامين "
   كما تضيف المادة 270 السابقة انه :"يعتبر محافظ عواريات كل شخص مؤهل لتقديم الخدمة في مجال المعاينات و البحث عن أسباب وقوع الأضرار والخسائر و العواريات اللاحقة بالسفن و البضائع المؤمن عليها و تقديم التوصيات بشان الإجراءات التحفظية و الوقاية من الأضرار " 
     من خلال المادتين نجد أن تقدير الأضرار يستوجب أن يكون من طرف رجال مؤهلين و معتمدين لمعاينة الأضرار ،بتحديد الأسباب التي أدت إلي إلي وقوعها ،من اجل تحديد المسؤولية ،وعليه يجب أن تتوفر في القائم بالمعاينة و الخبرة الشروط القانونية و الفنية التي يفرضها القانون ،حسب ما جاء في المواد 271 و 272 من الأمر السابق مع مراعاة الشروط التي يحددها المرسوم التنفيذي 96ــ46 ,
    والسبب في إجبارية الخبرة هو من اجل الوصول إلي تغطية الأضرار بصورة عادلة ،إذ يتحصل المؤمن له علي التعويض المستحق دون الأضرار بالمؤمن ،والعكس صحيح لمنع إثراء المؤمن  على حساب المؤمن له ،مما يتطلب في كل عقد تامين بحري أن يقوم الأطراف بتقييم الشيء المؤمن عليه قبل وقوع الخطر المؤمن لأجله و يكون كما يلي :
   *تقيم السفينة:بحيث يجب علي المؤمن له الذي يطلب من المؤمن الوفاء بالتعويض، أن يثبت قيمة الأشياء المؤمن عليها.و بالتالي يجب تقيم السفينة حسب قيمتها قبل الحادث مباشرة ،لأنه يستحيل معرفة ذلك عند إصابة الشيء بالضرر ،و هذا ما استقرت عليه مختلف الدول ،إذ تحدد قيمة السفينة بيوم ابتداء الأخطار ،أي الانطلاق للسفر أو الرحلة ،خاصة في حالة الهلاك الكلي للسفينة ،أما في حالة مجرد  إصابتها بأضرار تتطلب الإصلاح لبعض أجزاء السفينة فان التعويض يكون في حدود مصاريف إصلاح هذا التلف أو استبدال القطع الضرورية لها وجعلها صالحة للملاحة من جديد . 
   *تقيم البضائع:ينص المشرع المصري في هذا المجال حسب المادة 390 من قانون التأمينات المصرية علي انه:لا يجوزان يزيد مبلغ التامين علي البضائع أكثر من المبالغ التالية:
               ـ ثمن شراء البضاعة في زمان و مكان الشحن أو السعر الجاري العمل به إذا كانت غير مشترات ،و ضاف إليها مصروفات نقل البضاعة إلي ميناء الوصول و الربح المتوقع ,
            ـ قيمة البضاعة في زمان و مكان الوصول أو في التاريخ الذي كان يجب أن تصل فيه في حالة هلاكها.
             ـ ثمن بيع البضاعة إذا باعها المؤمن له بإضافة المبالغ الاخري التي قد يتفق عليها في عقد البيع . 

      أما بالنسبة المشرع الجزائري فانه اكتفي بالقول بتقدير الأضرار التي تلحق البضائع، بمقارنة قيمة البضائع في حالة الخسارة بقيمتها و هي سالمة في نفس الزمان و المكان.دون التفصيل في كيفية حساب و تقدير الأضرار، إذ جاءت المادة 144 من قانون التأمينات عامة بنصها:"تقدر الأضرار بمقارنة قيمة البضائع في حالة الخسارة بقيمتها و هي سالمة في نفس الزمان و المكان.يطبق معدل نقص القيمة المحسوب بهذه الطريقة علي القيمة المؤمن عليها ".
مع العلم انه عندما نص علي حالات التخلي عن البضاعة من طرف المؤمن له نجد انه حدد الحالات التي تمنحه الحق في ذلك ، إذ كان عليه التفصيل في تحديد التعويض عن التلف الجزئي أو الأضرار البسيطة التي قد تلحق بالبضاعة ،بتحديد المعيار الذي يتم الاعتماد عليه في تقيم البضاعة و التصرف فيها أيضا .
 و يكون ذلك بالرجوع إلي قوائم البضائع المتمثلة في الفواتير و الدفاتر، و في حالة الاستحالة يتم اعتماد السعر الجاري عليه العمل في يوم الشحن و مكانه.

الفرع الثاني:مقدار تعويض الأضرار:  هو مبلغ من المال يدفعه المؤمن أي المؤمن له من اجل تغطية الأضرار، لذلك يجب التميز بين مبلغ التامين ومبلغ التعويض،
 *مبلغ التامين 
 هو ذلك المبلغ المحدد في عقد التامين أو وثيقة التامين ،بحيث يشكل الحد الأقصى لالتزام المؤمن اتجاه المؤمن له ،و هو غير ملزم بدفع مبلغ التامين بأكمله عند وقوع الخطر وتحقق الضرر ،إلا إذا كان التامين كليا أي يغطي قيمة الأشياء المؤمن عليها كاملة أو ناتج عن خسارة كلية ،أي الهلاك أو التلف لتام للشيء ،لكن في حالة الأضرار الجزئية فانه تطبق قاعدة النسبية ،أي التعويض الجزئي .
 *مبلغ التعويض:
                  هو ما يدفعه المؤمن للمؤمن له كتغطية للأضرار بعد تقديرها، إذ يكون المبلغ في حدود الضرر الواقع لا أكثر، و في غالب الأحيان يكون اقل من مبلغ التامين المحدد في وثيقة التامين، خاصة في حالة الخسارة الجزئية .
     بالرجوع إلي قانون التامين الجزائري 06/04 المعدل و المتمم للأمر 95/07 في المادة 105 منه التي تنص:"يجب أن تطابق القيمة القابلة للتامين القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه، و إذا اقتضى الحال تضاف النفقات الثانوية و مقدار الفائدة المرجوة بخصوص البضائع المشحونة:
    

 1ـاذا اتضح أن المبلغ المؤمن عليه اقل من القيمة الحقيقية للشيء ،حسب مفهوم هذه المادة ،لا يلزم المؤمن بالدفع إلا في :
     ـ حالة الخسارة الكاملة، يدفع مبلغ يساوي القيمة المؤمن عليها،
    ـ حالة الخسارة الجزئية، يحدد مبلغ التعويض بنسبة القيمة المؤمن عليها منسوبة إلي القيمة الحقيقية،
  2ـ عندما يتضح أن المبلغ المؤمن عليه يفوق القيمة القابلة للتامين كما هي معرفة سابقا، لا يدفع المؤمن إلا في حدود هذه القيمة.
تنطبق هذه الأحكام علي كل من الإسهام المؤقت و النهائي في الخسارة المشتركة و علي تكاليف المساعدة و الإنقاذ الموضوعة علي عاتق المؤمن."
    من خلال هذه المادة نجد أن مبلغ التعويض يختلف عن مبلغ التامين  ،إلا انه في بعض الحالات عند الاطلاع علي وثائق التامين نجد ما يسمى بالقيمة المتفق عليها أو ا agreed value القيمة المقبولة :
كما انه قد لا يتم تحديد قيمة الشيء المؤمن عليه في وثيقة التامين، و هذا ما يسمى بالوثيقة المفتوحة Open opolicy /invalued policy أو الوثيقة غير القيمة وعند عند وقوع الحادث يتحمل المؤمن له عبئ إثبات القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه ،و يكون وفقا للمعاير السابقة الذكر ،و مادمنا نتحدث عن الطرق الودية أو التسوية بالتراضي ،فقد يلجئ أطراف العقد مسبقا قبل وقوع الخطر المؤمن لأجله  أو أثناء إبرام العقد إلي الاتفاق علي قيمة معينة ،و يكون بقيام المؤمن له بتقويم الشيء المؤمن عليه مسبقا خاصة في حالة التامين علي السفن ،و إقبال المؤمن علي قبول القيمة المقترحة عليه كما هي ،و نتأكد منها بالرجوع في معظم الحالات إلي سجلات هيئات تصنيف السفن ،و تصبح القيمة المتفق عليها  ذات قيمة إلزامية لكونها تعبر عن الإرادة المنفردة للأطراف ، وإعمالا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين ،يتحدد التزام المؤمن بالتعويض في إطار هذه القيمة فقط لا أكثر ،مع ذلك يجب أن لا تخالف هذه القيمة المبدأ العام القائم عليه عقد التامين البحري ،المتمثل في مبدأ التعويض في التامين ،و عليه فان الهدف من القيمة المتفق عليها هو فقط من اجل إعفاء المؤمن له من عبئ إثبات القيمة الحقيقية للشيء وقت وقوع الحادث ،و هذا لا يمنع من إثبات أن القيمة المتفق عليها تفوق و تزيد عن القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه ،الذي من شانه تحقيق المؤمن له ربحا جراء حصوله علي التعويض طبق للقيمة المتفق عليها ،و بصورة أخري يعتبر بمثابة طريقة من شانها نقل قاعدة الإثبات من المؤمن له إلي المؤمن ،خاصة إذا تعلق الأمر بالتدليس أو الغش من طرف المؤمن له .
    إلا أن هذا الطريق نادرا ما يعتمد من طرف المتعاقدين ،بسبب الخوف والتردد فيه ، لذلك نجد انه عادة ما يستحسن طريق اللجوء إلي التحكيم ،الذي أصبح يلعب دورا هاما في مجال العلاقات الاقتصادية ين الدول ،و هذا ما نتوقف عليه في المطلب الثاني .
المطلب الثاني:تسوية النزاعات عن طريق التحكيم:
الطابع الدولي الذي يتميز به مجال التعامل البحري بصفة عامة، و التامين البحري بالأخص يجعله يتميز عن باقي عقود التامين الأخرى.و ذلك لتدخل عدة عوامل تجعله ذو طابع دولي، بحيث يكون ميناء الانطلاق في السفر أو الشحن غير ميناء الوصول أو التفريغ.و عليه قد نجد السفينة تحمل علم دولة ما ،و أطراف العملية التجارية كل واحد من دولة ما ،و عليه تعدد الأطراف و الأنظمة القانونية الخاضعة لها ،و بالتالي توفر عنصر تنازع القوانين ،مما دفع إلي التفكير في وضع قواعد و اتفاقات موحدة و إبرام معاهدات دولية و جعلها واجبة التطبيق ومن أهم هذه القواعد نجد قواعد ايفرس في مجال تسوية الخسارة العامة .و معاهدة هامبورغ لسنة 1878 الخاصة بالنقل البحري للبضائع ،التي نصت في احد بنودها علي شرط التحكيم كوسيلة لحل المنازعات القائمة في مجال العقود البحرية .

الفرع الأول: أساس التحكيم في نزاعات التامين البحري 
كون التامين البحري يدخل في إطار المعاملات البحرية ،فان خصائص هذه الأخيرة تسبغ التامين كذلك ،مما يدفع بأطراف العلاقة إلي اختيار التحكيم كوسيلة لفض النزاعات التي تنشا في هذا المجال ،و السبب في ذلك هو لما يوفره هذا الطريق من خصوصية السرية للحكم و الإجراءات المتبعة فيه علي عكس المتابعة القضائية ،
و هو يمثل نوع من القضاء الخاص الذي يتولاه أشخاص يعينون بإرادة الأطراف ،أو في شكل هيئات تحكمية يتم اللجوء إليها عند الرغبة ،و يكون اللجوء إليه إلزامية في حالة وروده في شكل بند في عقد التامين أو في القانون المطبق علي أطراف العقد .ذلك لان المسؤولية تعود إلي الناقل البحري ،الذي يشحن البضاعة علي السطح دون علم المؤمن ،و عليه يتحمل المسؤولية وحده ،و لا دخل لشركة التامين في ذلك  ،
ـ و عليه فان التحكيم  يلعب دورا أساسيا في هذا المجال ، إذ تدل الإحصائيات الحديثة علي  أن التحكيم أصبح الحل الأساسي في إطار التسوية الودية للنزاعات التجارية و الدولية ،إذ نجد أكثر من 15% بالتقريب ،من أصل 4667 معاهدة دولية تتضمن شرط اللجوء إلي التحكيم ،لما له من مزايا و مميزات كالسرية ،السرعة ،،خاصة ما يتعلق بالثقة كما قال احد المندوبين أثناء انعقاد مؤتمر لاهاي في سنة 1907 :أن التحكيم تسوده الثقة بينما التسوية القضائية تعني الطاعة ،
« L’arbitrage est la confiance et le règlement juridictionnel l’obéissance »   



الفرع الثاني: أثار اللجوء إلي التحكيم:
   اللجوء إلي التحكيم هو تصرف إرادي لأطراف العقد ،إما بموجب بند في العقد أو ما يسمى بمشارطة التحكيم ،أي  في حالة وقوع النزاع فانه يجب عرضه علي التحكيم قبل اللجوء إلي القضاء لوجود اتفاق علي ذلك ،
    و عند عرض النزاع علي المحكم أو هيئة التحكيم فان قرار هذه الجهة يصبح ملزم للأطراف ،كما تعتبر مانع لرفع الدعوى القضائية في نفس الوقت ،إلا في حالة الاتفاق علي التخلي عن القرار ألتحكيمي بين الطرفين ،فيترتب عن ذلك رفع يد القضاء عن النزاع ،المادة 458 مكرر8 .
   و الإجراءات المتبعة في التحكيم حددت بموجب قانون الإجراءات المدنية في المواد 442 مكرر إلي 451 ،إذ تحدد الإجراءات الواجب إتباعها من طرف المحكمين ،وكيفية اختيارهم من طرف الأطراف ،و الالتزامات المترتبة عن ذلك  ،
لكن اختيار طريق التحكيم لا يعني منع رقابة القضاء عليه ،و إنما يتدخل القاضي في إجراءات المحاكمة ،خاصة فيما يتعلق بتعين المحكمين في حالة تماطل احد الأطراف عن تعين محكمه ،إلي جانب تدخل القاضي في تنفيذ القرار ألتحكيمي ،إذ تنص المادة 452 من قانون الإجراءات المدنية أن القرار التحكيم ينفذ بموجب أمر صادر عن رئيس المحكمة إلي يكون القرار ألتحكيمي صادر في نطاق دائرة اختصاصها و هي قابلة للاستئناف أمام المجلس القضائي طبقا للمادة 455 من نفس القانون ،و كذلك إمكانية إتباع إجراءات التماس إعادة  النظر وفق أحكام المواد456 و 457 من قانون الإجراءات المدنية ،
    أما بالنسبة للتحكيم التجاري الدولي ،و الذي يدخل في إطاره التامين البحري لكونه مرتبط بالعلاقات التجارية ،فهو منظم بموجب المواد 458 مكرر إلي المادة458 مكرر 28 ق ا م ،إذ جاء في نص المادة 458مكرر ق أ م : يعتبر دوليا بمفهوم هذا الباب التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بمصالح التجارة الدولية ،و الذي يكزن فيه مقر أو موطن احد الطرفين علي الأقل في الجزائر .
و ما يتعلق باختصاص القضاء في النظر في إشكاليات التحكيم فحددت الكيفية في المادة458 مكرر 2 ق ا م ،فإذا كان التحكيم يجري في الجزائر فان الاختصاص يعود لرئيس المحكمة المختصة طبقا للمادة 458 مكرر3 و هي المحكمة المحددة في اتفاقية التحكيم ،أو محكمة مقر التحكيم في حالة عدم  التحديد ،و في حالة ما كان التحكيم يجري في الخارج فان الاختصاص يعود لمحكمة الجزائر  ،و هذه النقطة لم يفهم العبرة في إعطاء الاختصاص لها من دون سواها ،فقد يمكن أن يكون بتواجدها بعاصمة الدولة الجزائرية ؟ .
و بالتالي يمكن القول أن التحكيم أصبح يلعب دورا هاما في مجال فض النزاعات المتعلقة بالتامين البحري ،لما له من مميزات تتناسب مع مميزات المعاملات التجارية ،التي يضمنها عقد التامين البحري ، إلا أن ذلك لا يعني انه الوسيلة الناجحة في اغلب الأحيان ،لكن الأمر يبقى إلي حدا ما حسب أطراف العلاقة التعاقدية ،فقد يرى 

احدهم أن اللجوء إليه هو عبارة عن تضيع للوقت ما دام انه في الأخير سوف يعرض النزاع علي القضاء من جديد .

المبحث الثاني:الآليات القضائية:سبق التطرق إلي إمكانية اللجوء إلي التحكيم في النزاعات المترتبة عن عقد التامين ا لبحري ،خاصة في حالة توفر العنصر الأجنبي ،لكن في حالة ما تكون الأطراف وطنية فالاختصاص يعود للقضاء الوطني .
المطلب الأول:قواعد الاختصاص القضائي في التامين البحري:
يعود الاختصاص للقضاء الداخلي ابتدائيا و نهائيا ،بمختلف درجاته ،بالفصل في النزاعات و الدعاوى التامين ،عندما تكون أطراف العقد وطنية معا سواء تعلق النزاع بالعقد أو ليس بالعقد ،و يحدد الاختصاص وفقا لقانون الإجراءات المدنية و قانون التأمينات.
الفرع الأول: قواعد الاختصاص النوعي: 
يتحدد الاختصاص النوعي بالنسبة لدعاوى التامين بصفة عامة و البحرية بصفة خاصة ،بموجب الأحكام الواردة في قانون الإجراءات المدنية ،في المواد 1الي 7 منه و يكون علي أساس طبيعة العقد في حدي ذاته أو علي أساس طبيعة الفعل المتسبب في الضرر حسب القواعد العامة .و يكون رفعها أمام الفرع البحري أو التجاري البحري ،حيث التنظيم القضائي الجزائري في بعض المحاكم قد جمع بين النزاعات التجارية و البحرية فيفرع واحد ،والسبب في ذلك مع العلم أن الاختصاص المعمول به علي مستوى المحاكم ما هو إلا تقسيم إداري لا أكثر ، لكن الارتباط الموجود بين موضوع المعاملات التجارية و موضوع التأمينات يستحسن معه الجمع بينهما ،إذ في اغلب الأحيان فان التامين البحري هي معاملة تجارية حتى ولو كان ذلك لطرف واحد دون الطرف الثاني ،و في حالة ما توفر هناك ارتباط بين الفعل المتسبب للضرر المستوجب للتعويض بموجب عقد التامين البحري بفعل يعاقب عليه قانون العقوبات فانه يعود الاختصاص للفرع الجزائي أمام المحكمة ،أو محكمة الجنايات ،و يتم استئنافها أمام الدرجة الثانية أي المجالس القضائية حسب الاختصاص ،والقرارات الصادرة في هذا المجال تكون قابلة للطعن بالنقض أمام المحكمة العليا .
   ـ  تخضع المتابعة القضائية لإجراءات رفع الدعوى و مباشرة الخصومة القضائية المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية .


الفرع الثاني:قواعد الاختصاص المحلي:
التامين بصفة عامة منظم بموجب قانون التأمينات رقم 06/04 المعدل و المتمم للأمر 95/07 ،و قواعد الاختصاص القضائي محددة في قانون الإجراءات المدنية ،و بالتالي بالرجوع إلي أحكام هذين القانونين يتضح 
لنا أن الاختصاص المحلي في نزاعات التامين بصفة عامة و  البحرية بصفة خاصة لعدم وجود نص خاص بها ،فنطبق أحكام الاختصاص المحلي الواردة في المواد من 8 إلي 11 من ق ا م .
ـ حيث جاء في الفقرة الأولى من المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية ما يلي :"يكون الاختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه بالنسبة للدعاوى الخاصة بالأموال المنقولة و دعاوى الحقوق الشخصية العقارية ،و كذلك في جميع الدعاوى التي لم ينص فيها علي اختصاص محلي خاص،فان لم يكن لمدعى عليه موطن معروف يعود الاختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرتها محل إقامته، وان لم يكن له محل إقامة معروف ،فيكون الاختصاص للجهة القضائية الواقع بدائرتها أخر موطن له ،"
كما تضيف نفس المادة انه ترفع الطلبات المتعلقة بالمواد المذكورة أدناه أمام الجهات القضائية دون سواها علي الوجه التالي:"........في الدعاوى المتعلقة بالشركات ،بالنسبة لمنازعات الشركاء أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المركز الرئيسي للشركة ." 
 بالتالي طبقا لهذه المادة فان الاختصاص يعود لمحكمة إقامة المدين، أي المدعى عليه و ذلك لان اغلب دعاوى التامين البحري تتعلق بالتعويض عن أضرار أو تنفيذ التزامات تعاقدية.
أما فيما يتعلق بأحكام نصوص التامين البحري، فانه لا نجد أي نص خاص بالاختصاص القضائي.وعليه تطبق أحكام قانون الإجراءات المدنية ،كما يمكن تطبيق نص المادة 26 من القانون 06/04 التي جاءت تحت عنوان الاختصاص و التقادم في الدعاوى المتعلقة بالتأمينات البرية ،حيث تنص علي ما يلي :" في حالة نزاع يتعلق بتحديد ا لتعويضات المستحقة و دفعها يتابع المدعى عليه ،مؤمن كان أو مؤمن له أمام المحكمة الكائنة بمقر سكن المؤمن له ،مهما كان التامين المكتتب " 






المطلب الثاني:الدعاوى القضائية المتاحة في مجال التامين البحري:  
تنقسم دعاوى التامين بصفة عامة و التامين البحري بصفة خاصة إلي قسمين: 
1 دعاوى مصدرها العقد و تستند إلي الحق الذي يقرره العقد 
2دعاوى مصدرها القانون تستند إلي حق يقرره.
فالمتعلقة بالعقد نذكر منها مثلا: دعوى المطالبة بالبطلان أو الفسخ، دعوى الإثراء بلا سبب (الحصول علي تعويض غير مستحق )، دعوى تنفيذ الالتزامات التعاقدية.
أما القانونية فتتعلق مثلا بدعوى المضرور ضد المسؤول عن الحادث (المسؤولية المدنية ) ،الدعوى المباشرة التي يرفعها المضرور ضد المؤمن في التامين علي المسؤولية .،دعوى الحلول التي يمارسها المؤمن ضد الغير المسؤول عن وقوع الحادث المتسبب في ضرر المؤمن له  ، إلي جانب دعوى الترك والتخلي .
 وتعتبر دعوى الحلول و دعوى التخلي الأكثر استعمالا في مجال التامين البحري، لذلك نحاول الوقوف عليها.
الفرع الأول : دعوى الترك :يقصد بالترك أو التخلي حسب بعض التشريعات ،كالتشريع الفرنسي تلك الدعوى التي يستطيع بمقتضاها المؤمن له عند تحقق إحدى الكوارث الجسيمة المنصوص عليها في القانون أو وثيقة التامين ،أن يحصل من المؤمن علي مبلغ التامين كاملا دون أي اقتطاع و ذلك مقابل تنازله للمؤمن عن ملكية الشيء المؤمن عليه ،و كافة الحقوق المتعلقة به أو ما تبق منه بعد تحقق الضرر ،و هي بمثابة وسيلة استثنائية لا يلجئ إليها المؤمن له إلا نادرا و تكون في حالات واردة علي سبيل الحصر في القانون أو وثيقة التامين ،و تسمى بحالات الكوارث الجسيمة .و هي حالات ينفرد بها التامين البحري دون سواه ،و هو إجراء اختياري للمؤمن له دون المؤمن ،إذ يمكن لمؤمن له حتى في حالة توفر إمكانية الترك في اللجوء إلي دعوى الخسارة ،رغم ذلك فالطريقة الأولى تسمح له في الحصول علي التعويض في أسرع وقت  ،
   نص المشرع الجزائري في القانون 06/04 المتعلق بالتأمينات علي حالات الترك أو التخلي في المادة 134الخاصة بترك السفينة و المادة 143 الخاصة بحالات الترك للبضاعة، والتي تنص:"
" ما عدا إذا تعلق الأمر بأخطار لا يضمنها العقد, يحق للمؤمن له أن يختار التخلي عن البضائع في   الحالات التالية:
الفقدان الكلي للبضائع,
  خسارة أو تلف يفوق3/4 قيمة البضائع,
بيع البضائع أثناء الرحلة بسبب التلف الكلي أو الجزئي،
عدم قابلية السفينة للملاحة ،و إذا تعذر الشروع في توجيه البضائع بأية وسيلة نقل كانت خلال الأجل المحدد بثلاثة أشهر .
انعدام الأخبار عن السفينة لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، و إذا كان تأخر الأخبار بسبب حوادث حربية يمتد الأجل إلي ستة أشهر.
  
يشترط في ممارسة حق التخلي طبقا للمادة 115 من القانون 06/04 الخاص بالتأمينات وجب أن يكون تاما وبدون أي شرط علي أن يتم تبليغ المؤمن بذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول ، أو بعقد غير قضائي خلال ثلاثة أشهر علي الأكثر من الاطلاع علي الحادث الذي أدى إلي التخلي ا انقضاء الآجال .

 و تضيف نفس المادة انه يتعين علي المؤمن عندئذ دفع المبلغ المؤمن عليه بكامله ،إما بقبول التخلي أو علي أساس الخسائر الكاملة بدون انتقال الملكية .
أما عند  حالة قبول التخلي فيحوز المؤمن حقوق المؤمن له في الأموال المؤمن عليها ابتدءا من وقت التبليغ بالتخلي الذي قدمه المؤمن له للمؤمن ،فحسب المادة115 التي تشير إلي المواد 134 و 143 من نفس القانون فان المؤمن له له حق التخلي بالنسبة للسفينة و البضائع ،شرط أن يكون بصورة كاملة وتامة  و بالتالي يمكن تفصيل حالات ترك السفينة في الحالات الأساسية التالية :
  أولا:الفقدان الكلي للسفينة: و لا يتعين إقامة الدليل علي ذلك، لكونه يتعلق باختفاء السفينة نهائيا في البحر بسبب العاصفة أو التصادم أو الانفجار .
  ثانيا :عدم اهلية السفينة للملاحة و استحالة إصلاحها أو تجاوز قيمة إصلاحها ثلاثة أرباع القيمة المتفق عليها ،و ذلك بغض النظر إلي طبيعة الأضرار ،إلي جانب انعدام أخبار السفينة .
أما حالات ترك البضاعة إلي جانب الحالات التي تشترك فيها مع السفينة طبقا للمادة143 قانون التأمينات  من هلاك كلي أو تلف ،فنجد :حالة بيع البضاعة أثناء السفر ،و يكون في حالة تعرض البضاعة لأضرار مادية يضمنها التامين البحري ، و كان بيعها ضروري ،فيجوز للمؤمن له تركها للمؤمن مقابل حصوله علي مبلغ التامين كاملا و يجب البيع أثناء السفر و خارج ميناء الانطلاق . 
 ـ حالة الفقدان الكلي للبضائع .
ـ حالة الخسارة أو تلف ثلاثة أرباع البضاعة.
وحق الترك أو التخلي لا يتقرر إلا لمالك الشيء المؤمن، لكونه تصرف ينقل الملكية، أما في حالة ما لا يكون مالك الشيء كالدائن الممتاز أو المرتهن فانه لا يتقرر له الحق، و إنما يكون له فقط حق ممارسة دعوى الخسارة.
   عند إعلان الترك فالمؤمن إما أن  يقبل أو أن يرفض ذلك ،مع تسوية الخسارة  الكلية عند الرفض دون انتقال ملكية الشيء إليه ،وعليه أن يعلن قراره خلال 30 يوما ابتداء من تاريخ حصوله علي كافة الوثائق المبررة لحقه في التخلي ،المادة 20 من وثيقة التامين علي السفن الجزائرية ، بوقوع الترك يتحصل المؤمن له علي مبلغ التامين كاملا ،و تنتقل ملكية الشيء إلي المؤمن ابتداء من وقت وقوع الكارثة طبقا للمادة 115 من قانون التأمينات ،ويحدد التعويض وفقا للشروط العامة للعقد حسب المادة 117 من نفس القانون ،وإلا كان للمؤمن له حق المطالبة به بموجب دعوى التعويض الناتجة عن التخلي .

الفرع الثاني : دعوي الخسارة و ممارسة حق الحلول : 
تعتبر دعوى الخسارة الطريق العادي لمطالبة المؤمن له بالتعويض ،عند تحقق الخطر المؤمن من اجله وإصابته بأضرار ،و هي دعوى تتعلق بالقانون العام، بحيث يمكن للشخص الرجوع إليها في كل الأحوال ،أي كان نوع 
الخسارة أو حجمها ،تعلق الأمر بالسفينة أو البضاعة ،و يكون حسب المعاير السابقة التحديد في كيفية تقدير التعويض ،و تتطلب هذه الدعوى عدة عناصر تتمثل في :
    إثبات المؤمن له انه صاحب الحق في التامين :يكون بموجب عقد التامين ،لكي يطالب بمبلغ التامين ،إذ يظهر اسمه في الوثيقة ،أو أن الحق انتقل إليه عن طريق إجراءات حوالة الحق .
     أن يثبت المصلحة في المحافظة علي الشيء المؤمن، و يتم ذلك وقت الحادث و ليس وقت إبرام العقد لان المصلحة قد تتغير من وقت إبرام العقد إلي حين وقوع الخطر، و يكون بإبراز سند الملكية فيما يتعلق بالسفينة، أو بالحيازة الشرعية لسند الشحن.
     إثبات الضرر ،أي إصابة الشيء المؤمن لضرر ناتج عن خطر مؤمن بموجب عقد التامين البحري ،و بعد ذلك يجب أن يقوم بالإجراءات التالية : 
         ـ أن يخبر الجهة التي تتولى القيام بالمعاينة حسب ما تحدده شركة التامين في الوثيقة، و في غالب الأحيان يتولى الأمر مكتب المراقبة و المعاينة بالميناء، لحصر الخسائر، كمعاينة مبدئية، لان المعاينة النهائية تقوم بها شركة التامين، و عليه يجب تقديم الوثائق التالية:
o الفاتورة و وثيقة الشحن و تقرير المعاينة 
o وثيقة الشحن البحري 
o فاتورة الشراء الخارجية 
o قيمة توريد الرسوم الجمركية 
o الاستمارة المصرفية 
إلي جانب تقديم إثبات عن سبب وقوع الكارثة ،في حالة إمكانية ذلك ،وهذا يختلف من دولة  لأخرى ،إذ نجد المشرع الفرنسي و الانجليزي يعفيان المؤمن له من إثبات سبب الكارثة ،لان هناك قرينة لمصلحة المؤمن له مفادها أن الكارثة المتكبدة تعد نتيجة مباشرة للأخطار المضمونة ،فيكفي إثبات الخطر في ذلك .
و إثبات الكارثة يكون بواسطة يومية السفينة ،التقرير البحري للتحقيق وفقا للقانون  ،
عند استنفاذ المؤمن له جميع الإجراءات الضرورية ،فانه يجب علي المؤمن دفع التعويض المستحق للأضرار المقدرة و المعينة من طرفه ،اعملا لمبدأ التعويض الذي يقوم عليه التامين البحري ،متى لم يتحصل المؤمن له 
لي تعويض الخسارة بالطرق الأخرى .إذ لا يمكن له تحقيق ربح من جراء الجمع بين دعوى المسؤولية طبقا للقانون المدني و دعوى التعويض الناشئة عن عقد التامين .
    بالرجوع إلي قانون التامين البحري و القانون البحري ، فالمشرع ينص علي إمكانية المؤمن في ممارسة دعوي الرجوع طبقا للمادة 118 من القانون06/04 "يحل المؤمن محل المؤمن له في حقوقه و دعاواه ضد الغير المسئول في حدود التعويض الذي يدفعه للمؤمن له .
   يجب أن يستفيد المؤمن له اولويا من تقديم أي طعن حتى استيفائه التعويض الكلي حسب المسؤولية المترتبة ."
    فمتى قام المؤمن بدفع تعويض التامين ،فانه يحل بما دفعه من تعويض في محل المؤمن له في حقوقه و دعاواه التي تكون للمؤمن له اتجاه الغير المتسبب بفعله في الضرر الذي رتب مسؤولية المؤمن ،و هذا ما استقر عليه اجتهاد المحكمة العليا في قرارها الصادر في :06/05/1997 ملف رقم 151318 .طبقا للمادة  743 قانون بحري التي تتحدث عن حق ممارسة دعوى الرجوع و مدتها القانونية  .
    لكن الإشكال المطروح هو هل أن الحلول المنصوص عليه في قانون التامين البحري هو نفس الشيء بالنسبة لحوالة الحق المنصوص عليها في القانون المدني .؟
      هذا ما أدى إلي جدال فقهي ،لكون أن هناك من يرى أن شروط حوالة الحق المنظمة في القانون المدني لا تتالعامة،ث تستند دعوى الحلول علي الوفاء بالدين ،و حلول المحال له محل الدائن في جميع حقوقه ،في حين أن أساس التزام المؤمن هو عقد التامين و مصدر التزام مسؤوليته فهو الفعل الضار .و لذلك فهناك فرق بين الحلول المنصوص عليه في قانون البحري و التامين، و الحلول المعروف طبقا للقواعد العامة، و الفرق بينهما يتمثل:
      ـ بالنسبة لرجوع المؤمن علي الغير يكون في حدود ما دفعه فعلا للمؤمن له ،أما في حوالة الحق فانه يرجع بكامل التعويض المستحق في ذمته ،دون أن يستفيد من المبلغ المدفوع له .
     ـحق الرجوع في التامين يكون بشرط الوفاء بمبلغ التامين ،و في حالة الحوالة لا يتطلب التعويض دائما .
     ـطبقا للمادة 241 من التقنين المدني تشترط لانعقاد الحوالة رضا المدين بها ،وكما تعتبر بمثابة الوفاء بدين الغير .لكن الوفاء بتعويض التامين لا يعتبر دين في ذمة الغير، إنما هو عبارة عن وفاء بدين شخصي ترتب في ذمة المؤمن بموجب عقد التامين ,
و هذا الطريق تأخذ به معظم التشريعات المقارنة ،كالتشريع الانجليزي للتامين البحري ،و الفرنسي الذي ينص في المادة 172 ـ29 تقنين التامين الفرنسي على انه ":المؤمن الذي يكون قد دفع تعويض التامين يكتسب في حدود ما وفي جميع حقوق المؤمن له المتولدة من الأضرار التي كانت سببا للضمانة" 

ولقد أكدا علي ذلك من خلال القرار القضائي الصادر عن الغرفة التجارية لمجلس قضاء بروان في 19 ديسمبر 2000 في هذا الصدد أين اخذ بالحلول كما يتبين من ملخص القرار ....يستطيع المؤمن في التامين البحري الذي دفع تعويض التامين للمؤمن له ،أن يحل قانونا في حقوق المؤمن له ضد المسؤول عن الضرر  ، 
   ـ و من جهة أخرى قضت محكمة روان الفرنسية في30/10 /1997 في قضية السفينة النورماندية ،بان المهم هو إثبات أن المؤمن قد دفع فعلا مبلغ التعويض للمؤمن له،و رغم أن المؤمن قدم الوثائق و المستندات التي تفيد دفعه للتامين إلا أن قضاة الموضوع فصلو برفض دعوى المؤمن علي الناقل لعدم كفاية ذلك .
  أما بالنسبة للقضاء الجزائري فانه يأخذ بالأمر كذلك ،من خلال الأحكام القضائية الصادرة عنه ،إذ قضت حكمة عنابه  القسم البحري ،في القضية رقم فهرس 1628/06 بتاريخ :01/04/2006 بحلول الشركة الجزائرية للتأمينات كات وكالة رقم 4120 عنابة ممثلة في شخص مديرها العم ضد شركة فات ماح عصمان جندي الكرمة س ت تارسور سورية الممثلة في شخص مديرها ،عن مسؤوليتها في تلف البضائع ،بعد حلول شركة التامين محل المؤمن له ،في ممارسة حقه في المطالبة بعدما قامت بدفع مبلغ التعويض للمؤمن له ,
  و عن نفس المحكمة صدر حكم مماثل بين تحت رقم:1629./06 بتاريخ 01/04/2006 بين الصندوق الجزائري للتامين وكالة 630 الجزائر ضد الشركة ذات المسؤولية المحدودة للتسليح البحري ،شركة انترنوت شبيك ستيفان داج 4 ا 95 281 بريمن ألمانيا الفدرالية .
   هذا وان دل علي شيء ألا وهو أن دعوى الخسارة التي يمارسها المؤمن له ،قد تكون من طرفه ضد شركة التامين ، أو من طرف المؤمن ضد المتسبب في الضرر اللاحق بالشيء المؤمن ،عن طريق الحلول ، لكن ليس بتطبيق أحكام لقانون المدني و إنما طبقا للقانون البحري و التامين البحري ،لكونه نظام خاص يختلف عن حوالة  الحق في القواعد العامة .




























الخاتمة:
         في ختام هذا العمل المتواضع ،رغم انه لم نحيط  بكل جوانبه للأسف ،بسبب دقة الموضوع و كثرة تفاصله ،إذ لا يمكن حصرها تحت عنوان هذه المذكرة ،الذي يمثل جزء بسيط في موضوع التأمينات بصفة عامة و البحرية بصفة خاصة ، بحيث يعتبر عقد التامين البحري أكثر العقود تطورا و سرعة في ذلك ، نتيجة ارتباطه بالعمليات التجارية ،التي تتم عن طريق البحري خاصة ،نظرا للطابع الخاص بها ،خاصة مع اتساع رقعة التبادل بين الدول في إطار الأسواق العالمية ،و زيادة المخاطر التي قد يتعرض له الشيء المؤمن عليه أثناء الرحلة البحرية ، فقد ساهم في تطوير التامين بصفة عامة و البحري بصفة خاصة ،التطور التكنولوجي السريع مما أدى إلي ظهور سفن ضخمة مزودة بتكنولوجيات حديثة مما دفع إلي التفكير في إعادة النظر في الخطر البحري محل عقد التامين البحري ، بعدما كان ينحصر فقط في الخطر البحري ،وإنما أصبح اليوم يتضمن حتى الأخطار السابقة و اللاحقة للعملية  التجارية عن طريق البحر .كعملية نقل البضائع عن طريق النهر و الجو، في انتظار وصولها إلي البحر، إذ تعتبر كلها عمليات تدخل في النقل البحري، و بالتالي خضوعها للتامين البحري.
         و يعتبر التامين البحري استثناء عن القواعد العامة ،التي تتطلب أن يكون محل العقد متواجد أثناء إبرام العقد ،علي عكس ذلك فان عنصر الخطر قد لا يتوفر عند إبرام العقد رغم انه يشكل محل عقد التامين البحري ، و مع ذلك يبقى العقد صحيح ومنتج لأثره ، لكون التامين البحري نظام قائم علي مبدأ حسن النية في التعاقد ، و عليه فان انتهاء عقد التامين البحري ما هو ل إلا شطر  صغير في موضوع التأمينات البحرية الذي يتطلب اهتمام كبير وواسع  ،لاتصاله بكل العمليات الاقتصادية التي تقوم عليها كل النشاطات الحيوية في البلاد ،و عليه يقوم ضمان تطوير الاقتصاد و توجيهه علي أحسن وجه ،بتوفير الضمانات للمستثمرين فيه خاصة الأجنبية ،بدخول الجزائر في نظام اقتصاد السوق . 
     هذا يتطلب اهتمام المشرع أكثر بهذا المجال ،ويبقى للاجتهاد  القضائي دورا هاما في وضع أسسه و أحكامه ،و الاهتمام أكثر بتطوير شركات التامين الوطنية خاصة مع ارتفاع معدلات الخسائر الناتجة عن الأخطار البحرية ،و عليه يجب انضمام أو اعتماد الدولة للمعاهدات  الدولية في هذا المجال ،و العمل علي تفعيل دور المجلس الوطني للتأمينات الذي يلعب دور استشاري في التأمينات إلى جعله جهاز أو هيئة تتخذ توصيات مشتركة في مجال تفعيل التامين بصفة عامة و التامين البحري بصفة خاصة .
  

   


قائمة المراجع المعتمدة :
المراجع بالغة العربية:
1/  الدكتور السنهوري عبد الرزاق احمد :الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء الثالث .
2/ الدكتور محمد بهجت الرهيب قايد :العقود الحرية ،دار النهضة العربية القاهرة ،الطبعة الأولى 1992 3/ بن غانم علي : التامين البحري و ذاتية نظامه القانوني ( دراسة مقارنة بين القانون الجزائري ،الفرنسي ، الانجليزي ) ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 200 ..
4/ الدكتور جديدي معراج: مدخل لدراسة قانون التامين الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2000.
 5/ أبو النجا إبراهيم : التامين في القانون الجزائري (الجزء الأول) ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 1983 .
6/الدكتور مصطفى كمال طه :التامين البحري ،دار الفكر الجامعي الإسكندرية 2005 .
7/معراج جديدي: محاضرات في قانون التامين الجزائري ديوان المطبوعات الجامعية 2005.
8/ الدكتور احمد بلقاسم : التحكيم الدولي ،دار هومة للطباعة و النشر الجزائر 2005 .
9/الاستاذ عمر بن سعيد :الاجتهاد القضائي وفقا لقانون الإجراءات المدنية .
المراجع باللغة الأجنبية:
1/ tassel _Yves : assurance maritime éditions technique ( juris classeurs .Fasaicule n°-610paris 1992.
2/ latin pierre : -perte de la marchandise pendant le transport maritime  revue générale de droit des assurance N°72paris 2001,
3 / tainti jean francois : assurance maritime (subrogation  de l’assureur) revu de droit maritime française paris 1998, 
4 / latin pierre ; assurance maritime, revu de droit maritime français °587paris 1998, 
5 / code civil : dalloze   édition 101,
المذكرات و النصوص القانونية :

ـ مواسى العلجة :النظام القانوني للتامين البحري ،  دراسة مقارنة مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،فرع قانون الأعمال ،جامعة مولود معمري تيزي وزو 2003 
ـ الأستاذ ملزي عبد الرحمان : محاضرات في القانون البحري بالمدرسة العليا للقضاء الجزائر 2006 ـ2007 
النصوص القانونية: 
 ـ الأمر 76/80 المنقح و المعدل بالقانون رقم 98/05 المتضمن لقانون البحري المدعم بالاجتهاد القضائي للمحكمة العليا .
ـ الأمر 95/07 المعدل و المتمم بالقانون 06/04 المتضمن لقانون التامين الجزائري . 
ـ الأمر رقم 75/58 المتضمن للقانون المدني الجزائري .
ـ القانون رقم 93/09 المؤرخ في 27ـ04 ـ 1993 المعد و المتمم لقانون الإجراءات المدنية ،الجريدة الرسمية عدد 27 سنة 1993 . 


















الفهرس

المقدمة:.........................................................................................01.
الفصل التمهيدي:نظام التامين البحري في الجزائر.......................................03

المبحث الأول:تعريف عقد التامين البحري و أركانه.  ...................................04

  المطلب الأول: التعريفات المختلفة للتامين البحري و خصائصه ...................04
  الفرع الأول:حسب التشريعات المقارنة ..................................................04
  الفرع الثاني:طبقا للتشريع الجزائري .....................................................05
 الفرع الثالث:خصائص عقد التامين البحري .............................................06
المطلب الثاني:عناصر عقد التامين البحري.............................................07
الفرع الأول: الخطر............................................................................07.
الفرع الثاني:القسط ...............................................................................08
الفرع الثالث:مبلغ التامين ..........................................................................08

المبحث الثاني :إجراءات إبرام العقد و الالتزامات المترتبة عنه ...........................09
المطلب الأول :إجراءات إبرام عقد التامين البحري ....................................09
الفرع الأول:طلب التامين .....................................................................09
الفرع الثاني:مذكرة التغطية المؤقتة ...........................................................09
الفرع الثالث:وثيقة التامين ........................................................................10
المطلب الثاني:الالتزامات المترتبة عن عقد التامين البحري ................................11
الفرع الأول:التزامات المؤمن له .................................................................11
الفرع الثاني:التزامات المؤمن ...................................................................12
               

  الفصل الأول: انتهاء عقد التامين البحري....................................................14 
         
  المبحث الأول:الطرق العادية لانقضاء عقد التامين البحري..............................14           
المطلب الأول: انتهاء المدة القانونية للعقد......................................................14
الفرع الأول:سريان عقد التامين البحري .........................................................14
الفرع الثاني: الآثار المترتبة عند انتهاء مدة العقد.................................................16                     
المطلب الثاني: وقوع الخطر المؤمن لأجله و حالة عدم وقوعه .............................17
الفرع الأول: تعرض الشيء المؤمن عليه للخطر ..................................................17
الفرع الثاني:  حالة عدم وقوع الخطر المؤمن لأجله............................................18

المبحث الثاني:الطرق الغير العادية لانتهاء عقد التامين البحري............................20
المطلب الأول: فسخ العقد أو بطلانه..........................................................20
الفرع الأول:فسخ العقد .............................................................................20
الفرع الثاني:بطلان العقد..........................................................................21
                                                  
المطلب الثاني: التقادم..........................................................................23
الفرع الأول:تعريف التقادم المقرر لعقد التامين البحري ....................................23
الفرع الثاني:سريان مدة التقادم في التامين البحري ...........................................24
الفرع الثالث:انقطاع ووقف مدة التقادم.........................................................25
الفرع الرابع :الاثار المترتبة عن التقادم ......................................................25

                                                          
الفصل الثاني:آليات حل المنازعات المتعلقة بعقد التامين البحري.........................27

المبحث الأول: الآليات الغير القضائية ........................................................27
المطلب الأول: التسوية الودية للنزاع ..........................................................27
الفرع الأول:تقيم الضرر اللاحق بالشيء المؤمن ...............................................27
الفرع الثاني: مقدار تعويض الأضرار..............................................................                       29                                     
المطلب الثاني: تسوية النزاعات عن طريق التحكيم ...........................................30
الفرع الأول: أساس التحكيم في نزاعات التامين البحري ........................................31
الفرع الثاني:أثار اللجوء إلي التحكيم .................................................................31
           
المبحث الثاني: .الآليات القضائية ..................................................................33
المطلب الأول:قواعد الاختصاص القضائي في التامين البحري ...................................33
 الفرع الأول:قواعد الاختصاص النوعي ..............................................................33
 الفرع الثاني:قواعد الاختصاص المحلي...............................................................33                                    
المطلب الثاني: الدعاوى القضائية المتاحة في مجال التامين البحري ..........................34
الفرع الأول:دعوى الترك ................................................................................35
الفرع الثاني:دعوى الخسارة و ممارسة حق الحلول ...................................................36

الخاتمة:.....................................................................................................40

تعليقات