📁 آخر الأخبار

بعض عيوب وثغرات المسطرة وآثارها على سرعة البث والتنفيذ في المادة المدنية الأستاذ عبد اللطيف تجاني





بعض عيوب وثغرات المسطرة وآثارها على سرعة البث والتنفيذ في المادة المدنية
الأستاذ عبد اللطيف تجاني




بقلم الأستاذ عبد اللطيف تجاني 
مستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط

قد يطول بنا الحديث إذا حاولنا استقراء عيوب المسطرة في المادة المدنية وثغراتها  وما  يترتب  عنها  من  اثار على اطالة امد النزاع وتشعب الخصومة، الا اننا سنقتصر في هذه العجالة على التعرض لبعض هذه العيوب والثغرات كما يلي :
المبحث الأول : تعدد الأشخاص الممثلين للدولة.
المبحث الثاني : المبالغة في التشبث بالانذار لاصلاح المسطرة.
المبحث الثالث : اختلاف الجزاءات عن عدم اداء الرسوم القضائية.
المبحث الرابع : عدم وجود جزاء عن التقاضي بسوء نية.
المبحث الخامس : اغفال معالجة بعض الحالات.

المبحث الأول 
تعدد الأشخاص الممثلين للدولة 
إذا كانت القاعدة العامة في فقه المسطرة المدنية أو الوزير الأول هو الذي يمثل الدولة في التقاضي لدى المحاكم، فان نصوصا كثيرة مبعثرة هنا وهناك أوكلت لاشخاص آخرين تمثيل الدولة لدى المحاكم لذلك سنتعرض في مطلب اول للوزير الأول وفي مطلب ثان للأشخاص الاخرين.

المطلب الأول : الوزير الأول 
جاء في مطلع الفصل 515 من ق م م ما يلي :
" ترفع الدعوى ضد :
1- الدولة في شخص الوزير الأول وله ان يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء …".
ويظهر من هذا الفصل ان الوزير الأول هو  الذي  يمثل  الدولة  لدى  القضاء  أيا كانت الوزارة التي  يهمها النزاع، خصوصا انه ورد في النص ان للوزير الأول ان يكلف الوزير المختص لتمثليه عند الاقتضاء، الا انه بالاطلاع على نصوص أخرى خاصة، نلاحظ ان المشرع أوكل مهمة تمثيل الدولة لدى  القضاء  إلى  أشخاص  آخرين غير الوزير الأول ودون تكليف من هذا الاخير ويكون هذا الممثل في بعض الاحيان -  كما سنرى - لا يرقى إلى وزير، وهذا ما سنعالجه في المطلب الثاني.

المطلب الثاني : الأشخاص الآخرين الممثلون للدولة
يختلف الشخص الممثل للدولة لدى القضاء بحسب الوزارة أو الإدارة التي تتقاضى أمام المحكمة لذلك نعرض لمختلف هذه الوزارات أو المصالح.
الفقرة الأولى : الملك العمومي.
الفقرة الثانية : الملك الغابوي
الفقرة الثالثة : الاوقاف .
الفقرة الرابعة: الملك الخاص للدولة.
الفقرة الخامسة : حوادث السير
الفقرة السادسة : الضرائب 
الفقرة السابعة : تحصيل الضرائب ومداخيل الدولة الأخرى.

الفقرة الأولى : الملك العمومي
اسند ظهير6/8/1915 صلاحية التقاضي فيما يخص الملك العمومي والتدخل في مسطرة التحفيظ باسم هذا الملك إلى السيد وزير الاشغال العمومية(1).

الفقرة الثانية : الملك الغابوي 
ينص الفصل الثاني في فقرة " د" من ظهير 10/10/1917 بشان المحافظة على الغابات واستغلالها على انه : " يتمتع وزير الفلاحة وحده بصلاحية التدخل باسم المصالح الملك الغابوي في مسطرة التحديد والتحفيظ وكذا التقاضي أمام القضاء".

الفقرة الثالثة : الأوقاف
اعطى ظهير13/7/1913 المتعلق باختصاصات المصلحة المركزية للاحباس صلاحية التقاضي باسم الاوقاف إلى المديرية المركزية للاوقاف التي حلت محلها وزارة الاوقاف، وكذلك اعطى الظهير المؤرخ في13/8/1918 المنظم لمراقبة الحبس العائلي من طرف وزارة الأحباس صلاحية التقاضي لهذه الوزارة في هذه القضايا.
ولذلك فان وزير الاوقاف والشؤون الإسلامية باعتباره قيما على ملك الاوقاف هو الذي يتمتع بصلاحية التقاضي باسم هذا الملك(2).

الفقرة الرابعة : الملك الخاص للدولة
اعطى ظهير6/8/1915 لمدير الاملاك المخزنية أو نائبه وحده صلاحية التدخل باسم الملك الخاص للدولة في مسطرة التحفيظ والتقاضي أمام المحاكم(3).

الفقرة الخامسة : حوادث السير 
بعد اضافة الفصل 13 مكرر بموجب ظهير8/10/1977 لظهير12/11/1963 المتعلق بالنقل عبر الطرق، اصبح مدير المكتب الوطني للنقل هو الذي يمثل الدولة في ميدان حوادث السير التي تسبب فيها سيارات الدولة.
ويلاحظ السيد عباس الدكالي(4) انه رغم وضوح النص فقد ابانت الممارسة العملية بان بعض المتقاضين درجوا على ادخال المكتب الوطني للنقل عوض توجيه الدعوى ضد الدولة في شخص مدير المكتب الوطني للنقل.

الفقرة السادسة : الضرائب 
يمثل الدولة في هذا الميدان وزير المالية حسب ما يستنتج من المرسوم المؤرخ في 22/11/1978 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة المالية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1)  تمثيل الدولة امام القضاء،  مقال السيد عباس الدكالي القضائي للمملكة سابقا،3) تقدم به في ندوة حول موضوع تمثيل الدولة امام القضاء، وكيفية تنفيذ الاحكام والقرارات القضائية" نظمتها وزارة الشؤون الادارية يومي 25 و26 اكتوبر1994.
2) المرجع السابق.
3) المرجع السابق.
4) المرجع السابق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وحسب مقتضيات الفصل 12 من المرسوم الملكي المؤرخ في 24/12/1958 يحق لوزير المالية أو المفوض له مدير إدارة التسجيل والتنبر رفع الدعوى باسمه إذا كان الثمن أو التصريحات التقديرية المبنية في عقد نقل العقارات أو الحقوق العينية العقارية على وجه التبرع أو العوض لا تظهر مطابقة لقيمة الاملاك المذكورة وقت ابرام العقد(5).

الفقرة  السابعة : تحصيل الضرائب ومداخيل الدولة الأخرى
ينص الفصل 515 من ق م م على ان الدعوى ترفع ضد الخزينة في شخص الخازن العام.
فرغم ان الخزينة العامة تابعة لوزارة المالية، فان الوزير لا يمثلها بل الذي يمثلها هو الخازن العام.
وهكذا يتضح ان الذي يمثل الدولة ليس شخصا واحدة بل عدة اشخاص بحسب نوع النزاع.
ويترتب على ذلك بطبيعة الحال اضطراب في الدعاوي، والتنفيذات القضائية، فهكذا نلاحظ مثلا صدور حكم لفائدة الخزينة العامة في وقت يكون المدعى فيه تابعا للملك الخاص للدولة فاذا تقدمت هذه المصلحة بطلب التنفيذ، احتج ضدها بانعدام صفتها لان الحكم غير صادر لفائدتها، اما الخزينة العامة فرغم ان الحكم صدر لفائدتها، فان ضوابطها الإدارية وعدم دخول المدعى فيه في ملكيتها لا تسمح لها بطلب التنفيذ، وهكذا يبقى الحكم حبرا على ورق.
لذلك يستحسن ان يتدخل المشرع بنص يضع حدا لهذا الاشكال ويجعل جهة واحدة مكلفة بتمثيل الدولة لدى القضاء.

المبحث الثاني 
المبالغة في التشبث بالانذار لاصلاح المسطرة أو تحديد البيانات غير التامة أو التي وقع اغفالها
ينص الفصل 1 من ق م م على انه  " لا يصح التقاضي الا ممن له الصفة والاهلية والمصلحة لاثبات حقوقه.
تثير المحكمة تلقائيا انعدام الصفة أو الاهلية أو المصلحة أو الاذن بالتقاضي ان كان ضروريا، وتنذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل اجل يحدده.
إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كانها أقيمت بصفة صحيحة، والا صرحت المحكمة بعدم قبول الدعوى".
وجاء في الفصل 32 من نفس القانون ما يلي :

" يجب ان يتضمن المقال أو المحضر الاسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل اقامة المدعى عليه والمدعي وكذا عند الاقتضاء اسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، وإذا كان احد الأطراف شركة وجب ان يتضمن المقال أو المحضر اسمها ونوعها ومركزها.
يجب ان يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء.
إذا قدم الطلب بمقال مكتوب ضد عدة مدعى عليهم وجب على المدعي ان يرفق المقال بعدد من النسخ مساو لعدد الخصوم.

يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية عند الاقتضاء تحديد البيانات غير التامة أو التي وقع اغفالها".
فواضح من هذين النصين انه يتعين على المحكمة، قبل ان ترتب الاثر القانوني، انذار الطرف بتصحيح المسطرة أي باثبات الصفة أو المصلحة أو الاهلية أو الاذن بالتقاضي أو انذاره بتحديد البيانات غير التامة أو التي وقع اغفالها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 5) المرجع السابق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فالمسطرة المدينة لسنة 1974 اعطت دورا ايجابيا للمحكمة، فلم يبق دورها محصورا في الاستماع إلى المرافعات والاشراف على تبادل المذكرات إلى ان يسند الطرفان النظر  لها، بل اصبح من حقها تنبيه الخصوص إلى اصلاح المسطرة واتمام البيانات الناقصة من غير ان يعتبر ذلك مسا بحيادها أو تحيزا لاحد الأطراف منها.

الا ان الغرض الشريف والمقصد النبيل اللذين جاء بهما قانون 1974 لم يحققا الهدف المقصود والمتمثل في اجتناب كثرة الاحكام والقرارات بعدم القبول، نظرا لتعمد بعض المتقاضين اغفال ذكر بعض البيانات والاعراض عن الادلاء بالحجج والادلاء بنسخ غير كافية من المقال أو المذكرات منتظرين الانذار  تلو الانذار من المحكمة وما يترتب عن ذلك من ربح الوقت واطالة امد النزاع بغية عرقلة صدور الحكم في الوقت المناسب والحيلولة دون ايصال الحقوق إلى اصحابها في الامد المعقول.

وترتب عن ضرورة توجيه الانذار ان اصبح بعض المتقاضين أو على الاصح وكلائهم يتستر بالقانون لمواجهة سرعة البت في الملفات وتنفيذ الاحكام، فنرى المدعى عليه أو وكيله يدلي بنيابته في الملف ويلتمس مهلة للجواب، فاذا أنذرته المحكمة بجواب أدلى بمذكرة دون أية نسخة، فتضطر المحكمة إلى تنبيهه للادلاء بنسخة أو نسخ كافية، وفي حالة توصله يدلي بجواب تنقصه بعض البيانات أو يشير إلى حجج أو وثائق دون ارفاق بالجواب فتضطر المحكمة إلى انذاره لاتمام البيانات الناقصة والادلاء بالحجج وبعد هذا وذلك قد يدلي بمقال مضاد يتعمد فيه اغفال بعض البيانات وعدم ارفاقه باي نسخة واي وثيقة منتظرا الانذارات من المحكمة، فاذا مرت السنون وصدر الحكم بعد تجاوزه لكافة المحن والعراقيل، وتم تبليغه للمحكوم عليه، عمد هذا الاخير إلى استئنافه - وهذا من حقه - وأدلى بمقال استئنافي مجرد من أية نسخة واية حجة وغير مرفق بنسخة الحكم المستانف، وتنقصه بعض البيانات وتعتريه بعض الاغفالات، فتبدأ محكمة الاستئناف معه رحلة أخرى من الانذارات وسلسلة من الإجراءات، وهكذا يتولى اللف والدوران حتى بعد صدور القرار الاستئنافي من طعون غير قانونية وتسجيل دعاوي كيدية ترمي إلى التصريح بالصعوبة في التنفيذ إلى غير ذلك من التلاعبات مما لا يسع المجال للتفصيل فيها.

وقد بالغ المجلس الاعلى الموقر في التشبث بالانذار، فالزم محاكم الموضوع بتوجيهه حتى في حالة اثارة الخصم للعيب الذي يعتري المقال، وهكذا جاء في قراره الصادر بتاريخ 26/2/1985(6) بان : " انذار بتصحيح المسطرة ضروري ولا يغني عن الاجراء المذكور مجرد تبليغ الطرف بمذكرة الخصم الذي يتمسك فيها بانعدام الصفة.
ونحن لا نرمي إلى الغاء الانذار بصفة نهائية، لاننا لا نهدف إلى هدر الحقوق بل نسعى إلى ايصالها إلى اصحابها في اسرع وقت واقصر سبيل واقل جهد وذلك بالتخفيف من كثرة الانذارات وقصرها على حالات معينة واعطاء السلطة التقديرية بشانها للمحكمة في حالات أخرى وعدم الالتفات إليها في مواضيع محددة.

وهكذا يمكن اعفاء المحكمة من توجيه أي انذار في حالة عدم توفر المقال على البيانات الضرورية كعدم ذكر المدعى عليه، وفي حالة عدم الإشارة إلى ملخص الوقائع وعدم ارفاق المقال بالنسخ الكافية المساوية لعدد الأطراف وعدم ارفاق المقال بالحكم أو القرار المطعون فيه، وذلك على غرار ما نص عليه قانون المسطرة المدنية بالنسبة لمقال النقض امام المجلس الاعلى، فالفصل 355 رتب جزاء عدم القبول بدون انذار على عدم توفر مقال النقض على بيان اسماء الأطراف العائلية والشخصية وموطنهم الحقيقي وملخص الوقائع والوسائل والمستنتجات وارفاقه بنسخة الحكم النهائي والنسخ الكافية لعدد الأطراف، بل نص الفصل 354 من ق م م. على جزاء التشطيب تلقائيا من غير استدعاء الطرف في حالة عدم تقديم مقال أو تقديمه موقعا عليه من طرف طالب النقض نفسه أو من طرف مدافع لا تتوفر فيه الشروط المقررة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6) المنشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 46 صفحة 69.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ان ارفاق المقال بالنسخ الكافية المساوية لعدد الأطراف وارفاق مقال الطعن بالحكم أو القرار المطعون فيه والاشارة إلى ملخص الوقائع وذكر البيانات الضرورية، هي امور لا تحتاج إلى كبير عناء أو إلى كثرة احتياط، خصوصا وان تقديم المقالات والمذكرات اصبح حكرا على المحامين والوكلاء الشرعيين (7) بعد صدور قانون 10/9/1993 المتعلق بمهنة المحاماة. ونعتقد جازمين ان المحامين والوكلاء الشرعيين هم اناس متخصصون في القانون لا يحتاجون إلى انذار للادلاء بالنسخ الكافية من المقال أو غير ذلك.

المبحث الثالث 
اختلاف الجزاءات القانونية المقررة عن عدم اداء الرسوم القضائية
ينص الفصل 9 من ظهير27/4/1987 الذي الغى وعوض الملحق الأول من مرسوم 24/12/1958 المتعلق بالتسجيل والتمبر على جزاء التشطيب أو اهمال الطلب عن عدم تكملة الرسم القضائي بعد انذار المعني بالأمر وامهاله، في حين يرتب الفصل 528 من ق م م البطلان عن عدم تأدية الوجيبة القضائية عن الطعن في الاحكام، بينما نص الفصل 357 من نفس القانون على عدم القبول عن عدم اداء الرسم القضائي عن طلب الطعن بالنقض.
والملاحظ ان الاختلاف لا يقتصر على الجزاء المقرر قانونا، بل يتعلق ايضا بالانذار، فالحالة الأولى لا بد فيها من الانذار قبل تقرير الجزاء، بينما الحالتان الاخريان لا نحتاج فيهما إلى انذار.

المبحث الرابع 
عدم وجود جزاء عن التقاضي بسوء نية
ينص الفصل 5 من ق م م على انه : " يجب على كل متقاض ممارسة حقوقه طبقا لقواعد حسن النية".
الا انه بالرغم من التنصيص على مبدا التقاضي بحسن نية، لم يورد المشرع أي جزاء عن التقاضي بسوء نية الا في حالات استثنائية ( الفقرة الأولى)، تاركا الباب مفتوحا على مصراعيه لذوي النيات السيئة للتقاضي كما يحلو لهم لغرض غير نبيل ولمقصد غير شريف، على خلاف ما ذهبت بعض القوانين ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : بعض الحالات الاستثنائية التي اورد المشرع المغربي بشانها جزاءا عن التقاضي بسوء نية
من هذه الحالات ما يلي :
1- ينص الفصل 48 من ظهير التحفيظ المؤرخ في 12 غشت1913 على ان " كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت صدوره عن تعسف أو تكدير أو سوء نية يوجب ضد صاحبه غرامة تتراوح بين عشرة دراهم والف درهم بقطع النظر عن التعويض المستحق للاطراف المتضررة".

2- جاء في الفصل 164 من ق م م : " إذا رأت المحكمة ان الاستئناف لم يقصد منه الا المماطلة والتسويق وجب عليها ان تحكم على المدين بغرامة مدينة لا تقل عن 10 % من مبلغ الدين ولا تفوق 25 % من هذا المبلغ لفائدة الخزينة".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7) ينوب الوكلاء الشرعيون عن المتقاضين في الامور الشرعية وينظم ظهير7 شتنبر1925، للمزيد من التفاصيل راجع مقالنا : " هل تم الغاء مهنة الوكيل الشرعي ؟ " المنشور بكتابنا-  مقالات وابحاث قانونية، طبعة 1999 صفحة27 وما بعدها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

3- ينص الفصل 305 من ق م م على انه : " يحكم على الطرف الذي لا يقبل تعرضه(8) بغرامة لا تتجاوز مائة درهم بالنسبة للمحاكم الابتدائية وثلاثمائة درهم بالنسبة لمحاكم الاستئناف وخمسمائة درهم بالنسبة للمجلس الاعلى دون مساس بتعويض الطرف الاخر عند الاقتضاء".

4- يقضي الفصل407 من ق م م على انه : " يحكم على الطرف الذي يخسر طلب اعادة النظر بغرامة يبلغ حدها الاقصى الف درهم امام المحكمة الابتدائية والفين وخمسمائة درهم امام محكمة الاستئناف وخمسة الاف درهم امام المجلس الأعلى بدون مساس عند الاقتضاء بتعويضات الطرف الاخر"(9).

5- ورد في الفصل91 من ق م م انه : " إذا ثبت من تحقيق الخطوط ان المستند محرر أو موقع ممن انكره، امكن الحكم عليه بغرامة مدنية من مائة إلى ثلاثمائة درهم دون مساس بالتعويضات والمصاريف".

6- جاء في الفصل 98 في فقرته الثانية من ق م م ما يلي : " يحكم على مدعي الزور المرفوض طلبه بغرامة تتراوح بين خمسمائة والف وخمسمائة درهم دون مساس بالتعويضات والمتابعات الجنائية".

7- كان الفصل 376 من ق م م ينص في فقرته الثانية على انه " يجب على المجلس الاعلى إذا تبين له ان طلب النقض يكتسي صبغة المجازفة أو التعسف ان يحكم على الطالب باداء غرامة مدنية لصالح الخزينة لا تتجاوز ثلاث الاف درهم".

وجاء قانون المالية لسنة97/1998 (10) ليرفع الغرامة المنصوص عليها في الفصل المذكور من ثلاثة الاف إلى ثلاثين الف درهم.

ولا شك ان الدافع إلى رفع هذه الغرامة كان هو ما لاحظه المشرع من كثرة استعمال الطعن بالنقض بصفة تعسفية لربح الوقت.

الا ان قانون المالية لسنة 98/1999 (11) جاء لا للتراجع عن رفع الغرامة فحسب، بل لالغاء الفقرة الثانية من الفصل 376 من ق م م التي كانت تنص على الغرامة عن طلب النقض التعسفي.

ولا ندري ما الدافع إلى هذا التراجع، هل عدم تقييد حرية الشخص ان يسلك طريق الطعن بالنقض ؟ اننا مع اعطاء كافة الضمانات للمتقاضين للدفاع عن حقوقهم، الا انه لا ينبغي التعسف في استعمال الحق، لان ذلك يؤدي إلى هدر حق طرف آخر.

ومما تجدر الإشارة إليه انه إذا كان الطاعن بالنقض قد اعفي من الغرامة المدنية لفائدة الخزينة العامة، فانه لم يتخلص من التعويض عن الضرر الذي قد يلحق المطلوب ضده النقض بسبب رفع الطعن التعسفي (12).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8) التعرض الخارج عن الخصومة.
9) كما وقع تعديله، بموجب الفصل 14 من قانون المالية لسنة 97/1998 راجع الجريدة الرسمية عدد 4495 بتاريخ 30/6/1997 صفحة 1724.
10) راجع الفصل 14 منه بالجريدة الرسمية عدد 4495 مكرر صفحة 652 ( الترجمة الرسمية).
11) راجع الفصل 19 مكرر منه بالجريدة الرسمية عدد 4627 بتاريخ 5/10/1998 صفحة 2816.
12) راجع الفقرة الثالثة من الفصل 376 من ق م م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفقرة الثانية : من الحالات التي لم يورد المشرع المغربي بشانها أي جزاء عن التقاضي بسوء نية.
هي حالات كثيرة، نكتفي بذكر بعضها :
1- الطعن خارج الاجل :
ويتعمد بعض المتقاضين الطعن في الحكم أو القرار خارج الاجل القانوني، وليس جهلا منهم بموعد الطعن، ولكن بغية التخلص من التنفيذ، وهكذا نلاحظ عمليا انه لا يلجا إلى الطعن الا عند اقتراب اجل التنفيذ، فيتقدم الطاعن في حالة تهديده، جديا بالتنفيذ عليه، بمقال استعجالي لدى قاضي المستعجلات يطلب فيه التصريح بوجود صعوبة في التنفيذ إلى حين بت المحكمة المرفوع إليها الطعن، لان هذه الأخيرة هي وحدها المختصة دون غيرها للتصريح باجل الطعن خارج الاجل، ولا يملك قاضي المستعجلات، الا الاستجابة للطلب، فيصل الطاعن إلى مبتغاه ويتعطل تنفيذ الحكم إلى اجل قد يطول.

ولمحاربة هذا السلوك المنحرف، ينبغي التنصيص قانونا على غرامة مدنية لفائدة الخزينة العامة تقضي بها تلقائيا المحكمة التي تبت في الطعن إذا ثبت لها سوء النية، دون الاخلال بحق المطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق بالمطعون ضده.

2- الطعن التعسفي :
تنص بعض القوانين كالقانون الفرنسي على امكانية الحكم على الطاعن تعسفيا ويقصد التسويف بغرامة مدنية(13).
ونرى انه يتعين على المشرع المغربي ان يحذو حذو هذه القوانين على ان لا ينص على غرامة محددة بمبلغ معين كما هو الشان بالنسبة للقانون الفرنسي(14)، بل يحددها بنسبة معينة كما هو منصوص في الفصل 164 من ق م م (15)، لان تحديد الغرامة بمبلغ معين بالمقدار قد لا يفي بالمراد مهما كان مرتفعا، لان قيمة المتنازع فيه قد يصل إلى الملايير من السنتيمات، فلا تجدي معه غرامة قد تصل إلى عشرين أو ثلاثين الف درهم.

وينبغي سلوك نفس الطريق بالنسبة لمن ثبت كذبه في انكار الخط أو التوقيع أو كذبه في ادعاء الزور، أي فرض غرامة تصل إلى 25 أو 30 % من قيمة المتنازع فيه، وذلك لوضع حد التسويف والتعسف.

نعم ان ادعاء الزور الفرعي أو الاصلي هو مسالة خطيرة تحول دون وصول صاحب الحق إلى حقه الا بعد سنين طوال وقد توافيه المنية دون ادراكه، فاذا كان الحكم الذي يصير قابلا للتنفيذ رغم الطعن في النقض فانه يصبح غير ذلك في حالة ما إذا كان هناك زور فرعي وفق مقتضيات الفصل 361 من ق م م. 
وحتى في الحالة التي يصبح فيه الحكم قابلا للتنفيذ، فان بعض المتقاضين يدعون صعوبة في التنفيذ.

3- عدم وجود جزاء عن دعوى الصعوبة في التنفيذ.
بحكم ممارستنا للقضاء المستعجل وخصوصا فرعه المتعلق بالصعوبات في التنفيذ، نستطيع ان نقول دون مبالغة بان اكثر من تسعين بالمائة من هذه الدعاوى هي دعاوى ترمي فقط إلى عرقلة التنفيذ أو التخلص منه، بل ان اغلبية هذه الدعاوى تعود إلى الطعن في الحكم المراد تنفيذه وكاننا امام محكمة الطعن لا امام القضاء المستعجل. ذلك نرى انه يتعين فرض غرامة مدنية لفائدة الخزينة العامة كلما ثبت لدى القاضي الاستعجالي ان دعوى الصعوبة في التنفيذ تتسم بالتعسف وترمي إلى التسويف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13) راجع الفصول 550 و559 و581 و628 من قانون المسطرة المدني الفرنسي.
14) كالفصلين 559 و581 اللذين حدد الغرامة ما بين 100 و10.00 فرنك.
15) أي بين 10 % و25 % من مبلغ الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومما ينبغي الإشارة إليه ان الغرامة المدنية التي يتعين فرضها لفائدة خزينة الدولة، كجزاء عن التقاضي بسوء نية، سواء كان في شكل دعوى أو طعن أو غيرهما، يجب ان تحال الاحكام - الناطقة بها من طرف كتابة الضبط على وزارة المالية ( الخزينة العامة) كي تقوم هذه الأخيرة بتنفيذها. اذ لا فائدة في التنصيص على هذه الغرامة المدنية قانونا وصدور حكم بشانها دون العمل على تنفيذها، فيلاحظ ان الغرامة المنصوص عليها في الفصل 164 من ق م م والتي تقضي بها بعض الاحكام لا تعرف طريقها للتنفيذ لان الطرف الصادر لفائدته ( الخزينة العامة) لا علم له بها.

المبحث الخامس : اغفال معالجة بعض الحالات 
من البديهي ان المشرع مهما كد واجتهد، واستقرا واستنبط لا يمكنه الاحاطة بكل الوقائع وتصور كل الحالات، الا ان هناك بعض النقط تحتاج إلى نص قانوني يعالجها لانها كثيرة في الحياة العملية وتعرضت لها اغلب التشريعات المقارنة(16)، ومنها :
1- التقادم 
2- قوة الشيء المقضي به
ولا نعني بالتقادم وقوة الشيء المقضي به احكامهما الموضوعية من حيث الشروط والمدة إلى غير ذلك، ولكن نقصد ما إذا كان يعتبران دفعين بعدم القبول أو دفعين موضوعيين أي في حالة اثارتهما وثبوتهما هل يؤديان إلى الحكم بعدم القبول أو برفض الطلب. وهذا ما سنعرض له في الفقرتين التاليتين .

الفقرة الأولى : التقادم
اعتبر المشرع الفرنسي التقادم دفعا بعدم القبول(17)، اما المشرع المغربي التزم الصمت مما جعل الاجتهاد القضائي على أعلى مستوى يتأرجح بين اعتباره دفعا بعدم القبول احيانا واعتباره دفعا موضوعيا احيانا أخرى.
جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 27/11/1991 (18) ما يلي : " يعتبر الدفع بالتقادم دفعا بعدم القبول، لذلك يجب اثارته قبل كل دفاع في الجوهر.

المستانف للامر بالاداء لم يثر هذا الدفع امام محكمة الاستئناف الا بعد ان انتهى من مناقشة الشكل والجوهر".
كما اصدر المجلس الأعلى قرارا آخر بتاريخ 7/7/93 (19) ذهب فيه إلى ان التقادم هو دفع بعدم القبول يجب ان يثار قبل كل دفع أو دفاع جوهري.
واكد المجلس الأعلى هذا الاتجاه في قراره الصادر بتاريخ 1/6/94 (20) بقوله بان الدفع بالتقادم يجب اثارته قبل كل دفع أو دفاع.

وعلى عكس الاتجاه السابق، اعتبر المجلس الأعلى في قرار آخر اصدره بتاريخ 20/6/1995(21) أن الدفع بالتقادم دفع موضوعي يتمسك به في كل مراحل الدعوى، وراى ان اعتبار المحكمة المطعون في حكمها انه دفع شكلي يجب ان يثار قبل كل دفع في الموضوع اعتبار خاطئ يعرض القرار للنقض.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
16) القانون الفرنسي كما سنرى.
17) راجع الفصل 122 من ق م م الفرنسي.
18) منشور بمجلة الندوة عدد 9 صفحة51.
19) تحت عدد 1884 في الملف المدني عدد 4264/85 وهو غير منشور.
20) تحت عدد 1922 في الملف المدني عدد 1123/87 وهو غير منشور.
21 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 48 صفحة 125.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفقرة الثانية : قوة الشيء المقضي به
على غرار التقادم، اعتبر المشرع الفرنسي(22) قوة الشيء المقضي به دفعا بعدم القبول، في حين ان قانوننا المغربي لم يعرض للامر تاركا للفقه والقضاء هذه المهمة.
وقد ذهب المجلس الأعلى في قرار صادر بتاريخ 18/5/1994 (23) بان الدفع بسبقية الحكم هو دفع يؤدي إلى عدم سماع الدعوى(24) وبذلك يعتبر دفعا شكليا يجب اثارته قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر طبقا للفصل 49 من ق م م.
الا انه في قرار آخر اصدره بتاريخ 9/1/92 (25) اعتبر ان الدفع بسبق البث لا ينطبق عليه الفصل 49 من ق م م (26) لتعلقه بالموضوع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
22) راجع الفصل 122 من ق م م الفرنسي .
23) المنشور بمجلة الاشعاع عدد 12 صفحة147.
24) الحكم الذي قرره هو سقوط الدعوى، راجع الفصول 371 و372 و376 من ق ل ع.
25) تحت عدد 2916 في الملف المدني عدد 1562/83.
26) ?الفصل 49 يعالج الدفع بعدم القبول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة الإشعاع، العدد 22، ص : 19.
تعليقات