القائمة الرئيسية

الصفحات



تنفيذ الأحكام الأجنبية واثرها على الروابط الاسرية ذ. عبد الرحيم حاوض




تنفيذ الأحكام الأجنبية واثرها على الروابط الاسرية 
ذ. عبد الرحيم حاوض
قاض بالمحكمة الابتدائية بميدلت


مقدمة: 
 الأسرة عبارة عن وحدة اجتماعية منسجمة ومتماسكة بين جميع مكوناتها (الزوج والزوجة والأطفال)، لذلك باركت جميع الأديان السماوية استقرار الأسرة وقدسيتها حيث جعلت منها رباطا وثيق الصلة بين أفرادها قاسمها المشترك المعاشرة بالمعروف والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات.
وقد جاءت مدونة الأسرة المغربية لتساهم في استقرار الأسرة المغربية وتحافظ على وجودها واستمرارها في أداء الدور المنوط بها في ظل وعي شامل لكل من الزوجين بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات(1).
إلا أن مساهمة مدونة الأسرة في هذا الإطار لم تكن لتقتصر على تنظيم الروابط الأسرية بين المواطنين المغاربة المتواجدين داخل التراب الوطني، بل تعدتهم لتشمل المقيمين خارج ارض الوطن ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى حسبما جاء في المادة الثانية من المدونة التي حددت مجال سريان أحكامها.
 إلا أننا في هذا الموضوع سنحاول تسليط الضوء على وضع خاص بهذه الفئة الثانية من المواطنين المغاربة الذين اضطرتهم ظروفهم الاجتماعية لان يكونوا أطرافا في روابط أسرية بأرض المهجر حتمت عليهم في حالة النزاع اللجوء إلى قضاء دولة الإقامة من اجل استصدار أحكام قضائية لإنهاء الخلافات القائمة بسبب تلك الروابط. كما أن استناد هذه الأحكام القضائية إلى قوانين بلد الإقامة أثار مشاكل أخرى تتجلى في مدى سريان تلك الأحكام في بلدانهم الأصلية.
من هنا كان البحث ضروريا عن آليات قانونية تجعل تلك الأحكام القانونية الأجنبية سارية المفعول خارج المجال الترابي لدولة المحكمة مصدرة الحكم وتحترم بطبيعة الحال مبدأ سيادة الدولة مستقبلة الحكم، ومن هذه الآليات دعوى تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية. 
في هذا الإطار ارتأينا معالجة هذا الموضوع من ثلاثة زوايا، نتناول في الأولى المقصود بالأحكام الأجنبية ونخصص الثانية لشروط قابليتها للتنفيذ بالمغرب ونركز في الثالثة على الآثار الناجمة عن تمسك الأطراف بالأحكام الأجنبية.
* المطلب الأول: المقصود بالأحكام الأجنبية:
يقصد بالحكم الأجنبي الحكم الصادر عن هيأة قضائية باسم سيادة دولة أجنبية بصرف النظر عن مكان صدوره(2) ويتضح من خلال هذا التعريف أن وصف الحكم بأنه أجنبي قد يبدو يسيرا إلى انه باستقراء العناصر الأساسية التي من خلالها تتحدد معالم الحكم الأجنبي قد يتفاجا الباحث بتعدد الآراء والنظريات التي تصب كلها في تحديد ماهية الحكم الأجنبي.
ولا يسعنا المجال هنا للتفصيل وذكر كل ما قيل حول هذا الموضوع، وحسبنا أن نتطرق بإيجاز للعناصر الأساسية التي يتضمنها التعريف أعلاه مستلهمين ذلك من موضوع قيم أنجزه الأستاذ إبراهيم بحماني تحت عنوان تنفيذ الأحكام الأجنبية في المغرب. هذه العناصر هي : 
1 - صدور الحكم عن هيأة قضائية: وهي كل جهة لها ولاية القضاء أو كل جهة اسند لها المشرع إصدار قرارات لها نفس قوة الأحكام من حيث قابليتها لاكتساب حجية الأمر المقضي، وبالتالي وجب استثناء الأعمال والقرارات الولائية. كما انه يجب أن يصدر الحكم في النزاعات المتعلقة بالقانون الخاص ومن ضمنها التي تخص مادة الأحوال الشخصية.
2 - صدور الحكم باسم سيادة دولة أجنبية: ومعنى ذلك أن تكون الدولة التي صدر الحكم عن إحدى محاكمها معترف بها دوليا مع مراعاة الاستثناء الخاص بالأحكام الصادرة عن هيأت دولية لها سلطة القضاء.
3 - إن يصدر الحكم الأجنبي بين أشخاص طبيعيين أو اعتباريين من أشخاص القانون الخاص وبذلك تستثنى الأحكام الصادرة بشأن نزاع محتدم بين الدول في إطار التحكيم الدولي لأنها لا تخضع إلى المسطرة التي تخضع لها الأحكام الأجنبية من حيث التنفيذ.
4 - أن يصدر الحكم الأجنبي في مكان معين وهذا العنصر مرتبط بعنصر السيادة المشار إليه سلفا لان مكان صدور الحكم يحدد طبيعته هل هو حكم أجنبي أو وطني، فلو صدر مثلا حكم قضائي عن إحدى السفارات أو القنصليات التابعة لدولة أجنبية في المغرب فان الحكم الصادر عنها يعتبر أجنبيا ويتعين لسريان العمل به في المغرب تذييله بالصيغة التنفيذية وبالمقابل فان الأحكام الصادرة في القنصليات والسفارات المغربية بالخارج تبقى أحكاما وطنية دونما حاجة لعرضها على القضاء المغربي من اجل اكتساب القوة التنفيذية.
* المطلب الثاني: شروط قابلية الأحكام الأجنبية للتنفيذ في المغرب: 
الملاحظ قبل مناقشة هذه الشروط أن الإطار القانوني المنظم لها قبل دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ تمثل في المقتضيات القانونية التي وفرها قانون المسطرة المدنية للباحثين والدارسين لموضوع تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية، وهي المشار إليها في الباب الثالث المتعلق بالقواعد العامة بشان التنفيذ الجبري للأحكام، والتي تتلخص طبقا لاحكام المادة 430 ق م م في صحة الحكم الأجنبي وصدوره عن محكمة أجنبية مختصة وعدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي.
ويبدو أن رياح التغيير التي عصفت بمدونة الأحوال الشخصية وأخرجت مدونة الأسرة للوجود جعلت ضمن أهدافها تغيير طريقة التعامل مع الأحكام الأجنبية وخاصة منها الصادرة بالطلاق أو بالتطليق أو الخلع أو الفسخ حسب ما جاء في المادة 128 من م. الأسرة لربما تماشيا مع ما قررته الفقرة الأولى من المادة المذكورة التي اعتبرت القرارات القضائية الصادرة في المغرب بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية، وفي ذلك تيسير على المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج الذين استصدروا أو صدرت في حقهم أحكام قضت بإنهاء العلاقة الزوجية بينهم وبين أزواجهم.
 وكأننا بالمشرع المغربي قد عطل العمل بمقتضيات المادة 430 من ق م م كلما تعلق الأمر بحكم أجنبي قضى بإنهاء العلاقة الزوجية وركز أثناء طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية على عنصر الاختصاص وعنصر التأسيس على أسباب لا تتنافى مع تلك التي قررتها مدونة الأسرة لإنهاء العلاقة الزوجية، ولم يحل على مقتضيات المادة 430 وما يليها من ق م م الا من اجل استفاء الإجراءات المسطرية القانونية وهي على ما يبدو تلك المنصوص عليها في الفقرة الأولى فقط من المادة 430 ومقتضيات المادة 431 برمتها. وحتى هذه الأخيرة صدرت بشأنها توصيات تحث على التعامل مع بعض فقراتها بشيء من المرونة.(3)
وعلى ضوء ما تقدم نستخلص أن شروط تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية كانت في الأصل ثلاثة شروط منصوص عليها في المادة 430 ق م م وأضافت إليها المادة 128 من م الأسرة شرطا رابعا يتعلق بطلبات التذييل التي تخص الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية.
 وسنحاول مناقشة كل شرط من الشروط الأربعة على حدة محاولين رصد بعض الأحكام والقرارات القضائية الصادرة في الموضوع بالرغم من حداثة العهد بالعمل بمقتضيات المادة 128 من م.الأسرة.
 أولا: أن يتعلق الأمر بحكم قضائي أجنبي صحيح: 
وقد اختلف في معنى صحة الحكم الأجنبي بين من يرى أن على المحكمة التي تنظر في أمر التذييل التأكد من صحة الحكم من الناحية الشكلية والموضوعية(4). وتبعا لأصحاب هذا الرأي يجوز مثلا التمسك بالبطلان أمام المحكمة الوطنية كلما تعلق الأمر بأسباب البطلان في القانون الأجنبي الذي طبقته المحكمة مصدرة الحكم، وبين من يقصر حق المراقبة على الناحية الشكلية فقط(5) وهو أمر فيه تيسير على طالب تذييل الحكم الأجنبي.لان من شأن مراقبة جوهر الحكم خلق وضع مضطرب خصوصا في الأحكام الأجنبية الصادرة بإنهاء العلاقة الزوجية، بحيث تصبح تلك العلاقة منتهية بحسب قانون بلد الإقامة بينما تبقى آثارها مسترسلة بالنسبة لقانون البلد الأصلي لطالب التذييل. بل أكثر من ذلك تصبح تلك العلاقة منتهية بالنسبة للأجنبي في حالة الزواج المختلط وتبقى آثارها قائمة بالنسبة للمواطن المغربي في حالة ما إذا اتخذت المحكمة المعروضة عليها أمر التذييل منحى مختلف عن المحكمة الأجنبية ورفضت تذييل حكم هذه الأخيرة بالصيغة التنفيذية رغم أن الأمر يتعلق برابطة واحدة أطرافها من جنسيتين مختلفتين.
والمقصود بمراقبة القاضي المغربي لصحة الحكم الأجنبي من الناحية الشكلية هو البحث عما إذا كانت القواعد المسطرية المتعارف عليها في مختلف الدول والتي من شأن خرقها الأضرار بمصالح احد الأطراف قد روعيت من قبل المحكمة مصدرة الحكم الأجنبي ومن ضمن هذه القواعد استدعاء أطراف النزاع بصفة قانونية واحترام حقوق الدفاع.
ثانيا: أن يصدر الحكم الأجنبي عن محكمة مختصة: 
ويبدوا أن هذا الشرط يثير بدوره مشاكل جمة من حيث التطبيق، إذ ما المقصود بالاختصاص؟ هل يعني أن على المحكمة التأكد من اختصاص المحكمة الأجنبية نوعيا ومكانيا وفق الشروط التي يمليها قانونها الوطني وهو أمر يستعصي على المحكمة المعروض عليها أمر التذييل، الإلمام به والإحاطة بجميع جوانبه وتتبع جميع التعديلات التي قد تطاله علاوة على ان الرأي الغالب في الفقه هو عدم جدوى التأكد من توفر الاختصاص النوعي والمحلي للمحكمة الأجنبية المصدرة للحكم، بحيث يمكن إعطاء الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي حتى ولو كان هذا الاختصاص غير متوفر لدى المحكمة الأجنبية، إلا إذا كان عدم توافر هذا الاختصاص من شأنه أن يجعل الحكم باطلا لدى الدولة التي صدر من محاكمها(6) كان يصدر حكم أجنبي عن محكمة تجارية في نزاع شخصي ناتج عن إحدى الروابط الأسرية، لان هذا النوع من الأحكام لا تكون له أي حجية في البلد الذي صدر فيه(7).
وبذلك يكون المقصود بالاختصاص هنا، هو الاختصاص الدولي لمحاكم الدول الأجنبية، وفي هذا الإطار هناك من التشريعات من تميز بين نوعين من الاختصاص في حالة تنازع الاختصاص دوليا:
الاختصاص المانع: والذي بموجبه يمنع على المحكمة الأجنبية البت في نزاع يدخل ضمن صميم اختصاص المحكمة الوطنية والعكس صحيح وبالتالي يتعذر تنفيذ الحكم الأجنبي كلما توفرت هذه لحالة. والاختصاص المشترك، وعنصر الاشتراك في هذا النوع من الاختصاص يخول إمكانية تنفيذ الحكم الأجنبي.
 أما بالنسبة للقانون المغربي فالملاحظ ان قانون المسطرة المدنية لم يعين قواعد اختصاص المحاكم المغربية دوليا، وبالتالي ينبغي مراعاة قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في القانون المذكور كلما كان هناك تنازع في الاختصاص بين محاكم المملكة ومحاكم دولة أجنبية، ومن هذه القواعد مثلا ان الاختصاص ينعقد لمحكمة المدعى عليه أو لمحكمة الدولة التي يوجد بها العقار محل النزاع، وانه يمكن للأطراف الاتفاق على انعقاد الاختصاص لمحكمة الدولة التي يتراضون عليها.
وقد صدر للمجلس الأعلى قرار بتاريخ 22-12-200 تحت عدد 616 قضى بنقض قرار صادر عن استئنافية الناظور لعلة أن الحكم الأجنبي جاء مخالفا لمقتضيات الفصل 430 من ق م.م، لانه صدر غيابيا عن قاضي المستعجلات ببروكسيل دون أن يتم استدعاء الطاعن أو تبليغه بالحكم بصفة قانونية. ومن ضمن الدفوع التي أثارها الطاعن انه صدر الحكم عليه غيابيا مع انه مواطن مغربي ولا يقيم ببلجيكا حيث صدر الحكم. ولا نعلم ما إذا قرار المجلس الأعلى قد اعتمد هذا الدفع لنقض القرار لان مخالفة مقتضيات الفصل 430 أعلاه تشمل مخالفة قواعد الاختصاص وقاعدة النظام العام وشرط صحة الحكم.
ومن المعلوم أن الاختصاص القضائي الدولي يعتبر من النظام العام، حسبما استقر عليه القضاء المغربي في عدة أحكام، واعتبارا لتعلق هذه القضية بالنظام العام الدولي فللمحكمة أن تثيرها تلقائيا. 
ثالثا: عدم مساس الحكم الأجنبي بالنظام العام المغربي: 
الحقيقة إن هذا الشرط هو أهم الشروط المطلوبة في تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية وأكثرها تعقيدا وإثارة للجدل. ولعل أهميته تتجلى في تنصيص جميع التشريعات عليه والحث على مراعاته تكريسا منها لمبدأ السيادة، وهو في نفس الوقت أكثرها تعقيدا من حيث شساعة المعاني والدلالات التي تصب فيه، بحيث لا نكاد نجد تعريفا موحدا ومتفقا عليه لمفهوم النظام العام. 
والواقع أنه لا يوجد تحديد واضح للنظام العام لأن الفكرة تختلف باختلاف البلدان والأزمان فما يعتبر داخلا في النظام العام في زمن معين قد لا يعتبر كذلك في زمن آخر ولو تعلق الأمر بنفس البلد. إلا أنه يمكن التمييز في هذا الإطار بين نظام عام داخلي ونظام عام دولي من حيث ان الأول هو مجموعة من القواعد القانونية التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها بينما الثاني يتجسد في الشعور بالانتماء الديني أو السياسي أو الاجتماعي الذي يتجاوز حدود القطر الواحد.
 وعلى مستوى العمل القضائي المغربي فان هناك من يرى أن كثيرا من الأحكام الأجنبية الصادرة بإنهاء العلاقة الزوجية كان لا يعترف بها من طرف المحاكم المغربية التي ترفض تذييلها بالصيغة التنفيذية متذرعة في ذلك بمخالفتها لشروط التذييل المنصوص عليها في المادة 430 من ق م م وكان سبب عدم تطابق الحكم الأجنبي مع النظام العام المغربي وراء صدور عدد كبير من الأحكام القضائية الرافضة لطلبات التذييل في هذا الشأن، بحيث أصبح عدم تطبيق القاضي الأجنبي لأحكام مدونة الأحوال الشخصية المغربي وعدم مراعاته لتلك الأحكام يستنتج منه بالضرورة مخالفة النظام العام المغربي(8).
ويبدو أن هذا الرأي فيه نوع من الإجحاف وعدم إنصاف للعمل القضائي بمحاكم المملكة لان هناك مجموعة من الأحكام والقرارات القضائية التي استجابت لطلبات التذييل بالرغم من عدم التطبيق الحرفي لمقتضيات مدونة الأحوال الشخصية ومقتضيات مدونة الأسرة بعد دخولها حيز التنفيذ ما دامت هذه الأحكام قد أفضت إلى نفس النتيجة التي تتوخاها تلك المقتضيات. وفي نفس السياق نجد محكمة النقض الفرنسية قد فرقت بين تعارض النظام العام مع إنشاء الحق ومع الاعتراف بآثاره ولذلك لا تسمح بإيقاع الطلاق بإرادة منفردة في فرنسا ولكن إن وقع خارج فرنسا فإنها تعترف بآثاره.
وقد لا يبدو غريبا إن ترفض المحكمة طلب تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية ما دام لا يحترم مقومات الأسرة أو يتعارض مع حكم صادر عن إحدى محاكم المملكة ونمثل لذلك بالقرار الصادر عن المجلس الأعلى تحت عدد 864 وتاريخ 20/09/2000 (9). 
وعلى العموم فان مما يبعث على الارتياح في هذا الصدد، ومما يضمن الامتداد التطبيقي لمدونة الأسرة إلى مواطنينا بالخارج، ذلك الانبهار لدى الأوروبيين بمضامين هذا النص التشريعي الجديد (مدونة الأسرة)، الانبهار الذي يبدو انه سيتحول إلى استحضار فعلي له من طرف القضاء الأوروبي وفق قواعد الإسناد، وبناء على أن اعتبارات التعارض مع نظامه العام لم تعد قائمة مع المقتضيات الحداثية التي تضمنتها مدونة الأسرة الجديدة بالخصوص في ميدان إنهاء العلاقة الزوجية(10).
وفي هذا الصدد لا يسعنا سوى مباركة المبادرة التي أقدمت عليها وزارة العدل بإصدار نصوص مدونة الأسرة في طبعة فرنسية، أملين أن تتلوها مبادرة أخرى بإصدار طبعة باللغتين الأسبانية والألمانية اعتبارا للعدد الكبير من المغاربة المقيمين بالأقطار الناطقة باللغتين المذكورتين. 
 رابعا: أن يؤسس الحكم الأجنبي على أسباب لا تتنافى مع تلك التي قررتها مدونة الأسرة لإنهاء العلاقة الزوجية.
ويعتبر هذا السبب الذي جاءت به مدونة الأسرة في مادتها 128 سببا خاصا لتعلقه بحالات إنهاء العلاقة الزوجية دون غيرها من المشاكل الأسرية الأخرى.
 ولنا على هذه المادة مجموعة من الملاحظات نختزلها في التساؤل حول الباعث على إصدار هذه المادة ضمن مقتضيات مدونة الأسرة رغم وجود نصوص قانونية مماثلة في قانون المسطرة المدنية ؟ ثم لماذا هذا الاهتمام الخاص بحالات إنهاء العلاقة الزوجية دون غيرها من المنازعات الأسرية الأخرى ؟.
فبالنسبة للتساؤل الاول سبق أن تطرقنا اليه، وقلنا بان المشرع المغربي ومن خلال استقراء شروط المنصوص عليها في المادة 128، وكأننا به قد عطل العمل بمقتضيات المادة 430 من ق م م كلما تعلق الامر بحكم اجنبي قضى بانهاء العلاقة الزوجية، وركز على ضرورة احترام شرطين فقط هما: شرط صدور الحكم الاجنبي عن محكمة مختصة واستناده في انهاء العلاقة الزوجية الى سبب لا يتنافى مع ما قررته مدونة الاسرة، واستبعد بذلك باقي الشروط المنصوص عليها في المادة 430 ولم يحل على هذه المادة الا من اجل استيفاء الاجراءات المسطرية القانونية المشار اليها في فقرته الاولى والمادة 431 من نفس القانون.
لكن لماذا هذا الاهتمام الخاص بقضايا انهاء العلاقة الزوجية ؟
 للجواب على هذا السؤال لا بد من الرجوع الى المقتضيات الجديدة التي تضمنتها مدونة الاسرة والمتعلقة بانحلال العلاقة الزوجية والمثمثلة اساسا في تكريس حق الزوج في انهاء العلاقة الزوجية بصفة منفردة ولكن تحت مراقبة القضاء، وخلق وسيلة جديدة لانهاء العلاقة الزوجية يستفيد منها الزوجان معا، تجاوزت الحدود التي رسمتها مدونة الاحوال الشخصية والتي كان مستبعدا بالنسبة للزوجة انهاء العلاقة الزوجية خارج اطارها. وهذه الوسيلة هي المنصوص عليها في المادة 94 وما يليه من مدونة الاسرة والمعبر عنها بمسطرة التطليق بسبب الشقاق.
وإن هذه المسطرة وان جعلها المشرع في متناول الزوجين حسبما يستفاد من صياغة المادة 94، الا انها في الواقع جاءت لتمنح الزوجة الحق في انهاء العلاقة الزوجية بصفة انفرادية وان كانت هي كذلك تحت اشراف ومراقبة القضاء، ليتساوى بذلك حقها مع حق زوجها في انهاء العلاقة الزوجية انطلاقا من مبدأ المساواة بين الجنسين. 
وهكذا اصبحت الزوجة غير المدخول بها من حقها ان تسلك هذا الطريق بمجرد العقد عليها واصبح من حق المطلقة رجعيا التي يرغب زوجها في رجعتها أن تمانع في ذلك بعد الخطاب على رسم الرجعة بسلوك مسطرة الشقاق (المادة 124)، وهو حق مكفول ايضا للزوجة المتضررة من العيش مع زوجها والتي تعذر عليها اثبات الضرر (المادة 100). بل انه اكثر من ذلك يتعين على المحكمة في حالة عدم رغبة الزوجة في زواج زوجها من غيرها في اطار مسطرة التعدد وعدم طلبها التطليق ان تسلك المحكمة تلقائيا مسطرة التطليق بسبب الشقاق ويكون الحكم الصادر في الموضوع نهائيا (المادة 44)(11).
كماان للزوجة التي لم يستجب لها زوجهافي طلب الخلع ان تلجا الى مسطرة الشقاق (المادة120).
ثم ختم المشرع هذه المستجدات بفرض حصانة لها بالتنصيص على ان المقررات القضائية الصادرة بالتطليق او بالخلع او بالفسخ تكون غير قابلة لاي طعن في جزئها القاضي بانهاء العلاقة الزوجية (الفقرة الاولى من المادة 128).
وبذلك يكون المشرع قد وضع ارضية خصبة مهدت للفقرة الثانية من المادة 128، بحيث اصبح طبقا لهذه المادة من غير المتصور صدور حكم قضائي مغربي برفض تذييل حكم اجنبي قضى بانهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية، ما دامت جميع الاسباب التي يمكن تصورها لانهاء العلاقة الزوجية متوفرة بموجب هذه المقتضيات الجديدة، وبطبيعة الحال اذا ما تم استبعاد شرط عدم مخالفة النظام العام سيرا مع من يعتبر الاحالة على مقتضيات الفصل 430 قاصرة على الإجراءات المسطرية فقط.
* المطلب الثالث: الآثار الناجمة عن تمسك الأطراف بالأحكام الأجنبية: 
 ان الأحكام الأجنبية شانها شان الأحكام الوطنية لا تنفذ في المغرب تلقائيا، ولكن تكون قابلة للتنفيذ (المادة 428 من ق م م) بناء على طلب من المستفيد من الحكم او من ينوب عنه (المادة 429) الا ما استثني صراحة كقضايا التحفيظ العقاري وقضايا الحالة المدنية وقضايا الجماعات والمقاطعات. إلا أن الأمر يختلف بينهما من حيث ان طلب تنفيذ الحكم الأجنبي يكتسي صبغة دعوى يتعين إقامتها أمام المحكمة المختصة طبقا للفقرة الأولى من المادة 430 من ق م م. لكن ذلك لا يعني انتفاء أية قيمة قانونية للحكم الأجنبي قبل إضفاء الصيغة التنفيذية عليه بحيث يبقى مع ذلك وسيلة من وسائل الإثبات المنصوص عليها في المادة418 ق ل ع التي تعتبر الأحكام الأجنبية وحتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ حجة على الوقائع التي تثبتها. 
وسنحاول دراسة هذا المطلب من خلال دراسة القوة التنفيذية للحكم الأجنبي في مرحلة أولى قبل دراسة إمكانية اعتماد الحكم الأجنبي كوسيلة من وسائل الإثبات في مرحلة ثانية.
 أولا: القوة التنفيذية للحكم الأجنبي: 
من المعلوم انه لا يجوز تنفيذ الأحكام الأجنبية في المغرب إلا إذا اقترنت بالصيغة التنفيذية في إطار الشروط المبينة في القانون. حقيقة إن القوة التنفيذية للحكم الأجنبي ثابتة له بالصيغة التنفيذية الممنوحة له من طرف المحكمة المصدرة له، إلا أن متطلبات تنفيذ هذا الحكم الأجنبي تقتضي وجود وسيلة قانونية تؤدي الى الاعتداد بهذه القوة التنفيذية والاعتراف بها في غير بلد الحكم.هذه الوسيلة القانونية تتمثل في دعوى تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية.




 وسنتاول موضوع هذه الدعوى من خلال المحاور التالية : 
1- الاختصاص. 
2- أطراف الدعوى 
3- مؤيدات الطلب.
1- الاختصاص: نصت المادة 430 من ق م م على انه (لا تنفذ في المغرب الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما).
والملاحظ ان صياغة هذه المادة جاءت واضحة من أن الاختصاص في هذه الدعوى ينعقد لمحكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه تماشيا مع المبدأ العام للاختصاص المحلي المنصوص عليه في المادة 27 من ق م م. إما إذا انعدم للمدعى عليه موطن أو محل إقامة بالتراب الوطني، فالعبرة بمكان التنفيذ.
 لكن السؤال الذي يمكن أن نطرحه بهذا الخصوص هو كيف يمكن تحديد المحكمة المختصة مكانيا بالنسبة للطلبات الرامية إلى تذييل الحكم الأجنبي قضى بإنهاء العلاقة الزوجية فقط وذلك باعتماد مكان التنفيذ ؟ 
إن الجواب على هذا السؤال يحتم الرجوع إلى صياغة المادة 430 من ق م م بنصها على انه (لا تنفذ بالمغرب) وهي نفسها الصياغة التي أتت بها المادة 128 من م الأسرة (تكون قابلة للتنفيذ)، بمعنى انه يجب أن يكون الحكم الأجنبي المراد تذييله بالصيغة التنفيذية من طائفة أحكام الإلزام التي يقتضي تنفيذها استعمال القوة الجبرية، أي أنها تتضمن التزامات يستوجب تنفيذها اتخاذ تدابير على الأموال والأشخاص أي على الحقوق الشخصية. في حين ان الحكم الأجنبي القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية فقط لا يتضمن أي إلزام لأي من الطرفين. وبذلك تكون الصياغة الواردة في المادتين المذكورتين غير واضحة كفاية على خلاف ما نجده مثلا في بعض التشريعات(12) التي تعتبر الأحكام الأجنبية المتعلقة بالأهلية وبالأحوال الشخصية الصادرة عن القضاء تنتج أثارها ومفاعيلها دون اقترانها بالصيغة التنفيذية بشرط ألا تكون هذه الآثار متنازع عليها. ولعل المجلس الأعلى قد تبنى هذا الاتجاه حتى قبل صدور مدونة الأسرة في احد قراراته الصادرة بتاريخ: 24/09/2003 تحت عدد: 114 (13) الذي جاء فيه (ان الدفع الذي تقدمت به الطاعنة والمثمثل في أن المطلوب قد اعتمد على الحكم الأجنبي بالتطليق المراد تذييله في الزواج بامرأة أخرى هو دفع يلزم محكمة الاستئناف بالبحث في ما إذا كان الطلاق الصادر عن المحكمة الأجنبية اقر به الزوج أو أنه أصدر طلاقا اخر عليها وذلك بغض النظر عما إذا كان ذلك الطلاق الصادر عن المحكمة الأجنبية مطابقا أو مخالفا للنظام العام المغربي لان الزوج إذا اقر بذلك الطلاق أو انشأ طلاق أخر فان العلاقة بين الزوجين تكون قد انتهت ويكون تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية تحصيل حاصل ويكون بالتالي الاستجابة لطلب الطاعنة لا يتعلق به أي مساس بالنظام العام).
بقي أن نشير أن المادة 430 حددت المحكمة المختصة مكانيا، وسكتت عن تحديد المحكمة المختصة نوعيا. حقيقة ان هذا الإشكال لم يكن مطروحا بتاريخ إصدار المادة 430 ضمن قانون م م بحكم الولاية العامة التي كانت للمحاكم الابتدائية.
 لكن الملاحظ هو ان هذه الولاية العامة لا زالت للمحكمة الابتدائية وفق قانون التنظيم القضائي المغربي الصادر بتاريخ: 15/07/1974 بحكم أن قسم قضاء الأسرة هو ضمن أقسامها وليست هناك محكمة أسرة مستقلة بذاتها. فكيف إذا يمكن قراءة المقتضى الجديد الذي طرأ على قانون التنظيم القضائي بالتعديل الذي أتى به قانون 73/2003 بنصه على انه (يمكن لكل غرفة أن تبحث في كل القضايا المعروضة على المحكمة الابتدائية كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة).
 فهل يفهم من ذلك أن استئثار أقسام قضاء الأسرة بقضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون القاصرين والكفالة وكل ما له علاقة بحماية الأسرة هو من قبيل تحديد نوعية اختصاص هذه الأقسام بمعنى هل يمكن الحديث عن اختصاص نوعي داخل المحكمة الابتدائية الواحدة ؟
2 - أطراف الدعوى. 
الأصل أن طرفي الدعوى في قضايا الأسرة هما المدعي والمدعى عليه، ويمكن أن تشمل الدعوى أطرافا أخرى إلى جانبهما إما بصفة مطلوب حضورهم أو متدخلين أو مدخلين.
ومعلوم أن النيابة العامة طبقا للمادة 3 من مدونة الأسرة تعتبر طرفا اصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام مدونة الأسرة.
ومن القواعد الإجرائية الثابتة في قانون المسطرة المدنية (المادة 36) تبليغ المدعى عليه بموضوع الدعوى وفق الشكليات المشار إليها في المادة المذكورة وما يليها. ويثير أمر استدعاء المدعى عليه في قضايا تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية خلافا بين مناد بضرورة التعجيل بالبث في هذه الطلبات، وبالتالي الاستغناء عن إدخال المدعى عليه أصلا في الدعوى او على الأقل عدم استدعائه في الحالة التي يتبين فيها للمحكمة من خلال الإطلاع على الحكم الأجنبي انه صدر بالتراضي، وانه لم يكن محل نزاع من أي من الطرفين. وبين متمسك بضرورة احترام القواعد المسطرية المنصوص عليها في المادة 32 و36 من ق م م، وهو موقف المجلس الأعلى في العديد من القرارات الصادرة عنه والتي أكد فيها على أن البت في الدعوى دون استدعاء المدعى عليه هو خرق لحق الدفاع. وهذا الاتجاه يتعزز أيضا بمقتضيات المادة 430 ق م م التي أسست الاختصاص المحلي للمحكمة التي تبث في أمر التذييل على معرفة موطن أو محل إقامة المدعى عليه، وهو ما يؤكد ضرورة إدخال المدعى عليه في الدعوى.
والحقيقة أنه إذا كان لا بد من إدخال المدعى عليه في دعوى التذييل فإننا نرى أن توجه الدعوى ضد النيابة العامة، لسبب بسيط هو أن هذه المؤسسة مؤهلة أكثر من غيرها للدفع بانعدام أي شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة 128 من م الأسرة والمادة 430 من ق م م وخاصة شرط النظام العام.والدفع كذلك بخلو الملف من الوثائق الضرورية المؤيدة للطلب المنصوص عليها في المادة 431 من نفس القانون، سيما وان التأكد من صحة الحكم الأجنبي تعني صحته من حيث الشكل واحترام القانون الواجب التطبيق حسب قاعدة الإسناد المغربية، ولا تعني مراجعة الحكم الأجنبي، لان نظام المراجعة يقتضي مراجعة الوقائع والمستندات والأسباب التي بني عليها الحكم الأجنبي، وسيساهم هذا الحل بالتالي في التعجيل بالبث في هذا النوع من القضايا دون الإخلال بالشكليات المسطرية الضرورية.
3- مؤيدات الطلب: 
جاء في المادة 431 من ق م م (يقدم الطلب إلا إذا نصت مقتضيات مختلفة في الاتفاقيات الدبلوماسية على غير ذلك بمقال يرفق بما يلي: 
 أولا: نسخة رسمية من الحكم.
ثانيا: اصل التبليغ او كل وثيقة اخرى تقوم مقامه. 
ثالثا: شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض والاستئناف والطعن بالنقض. 
رابعا: ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند الاقتضاء للمستندات المشار إليها أعلاه مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف. 
ويصدر الحكم بإعطاء الصيغة التنفيذية في جلسة علنية).
ومن الناحية العملية فان المرفقات الأكثر إثارة للجدل والنقاش، هما ما يتعلق بالتبليغ وعدم قابلية الحكم الأجنبي لأي طعن. وهما في الحقيقة متلازمان لعدم تصور تسليم شهادة من كتابة الضبط بعدم التعرض والاستئناف والطعن بالنقض دون استيفاء إجراءات التبليغ. وبذلك يمكن أن تكون الوثيقة الأخرى التي تقوم مقام اصل التبليغ هي نفسها الشهادة المذكورة. كما أن الإدلاء بهذه الشهادة يتعسر في بعض الحالات ويتعين على الطرف المعني بها التنقل إلى دولة المحكمة المصدرة للحكم لطلبها في حالة ما إذا كان نظامها القانوني يسمح بتقديمها فهل يمكن أن تغني عنها الصيغة التنفيذية المشار إليها بأصل الحكم الأجنبي قياسا على ما أشار إليه المشرع بخصوص الإدلاء بأصل التبليغ أو كل وثيقة تقوم مقامه.
وعلى العموم فانه يتعين على أقسام الأسرة بالمحاكم الابتدائية أن تتعامل مع القضايا المعروضة عليها وخاصة المتعلقة منها بقضايا إضفاء القوة التنفيذية على الأحكام الأجنبية، بنوع من المرونة التي تفرضها طبيعة قضايا الأسرة بصفة عامة.
ولتحقيق هذه الغاية أوجب المشرع ضرورة التأكد مما إذا كانت هناك اتفاقية دبلوماسية أبرمتها المملكة مع الدول الأجنبية التي صدر الحكم عن إحدى محاكمها، تعفي رعاياها من التقيد ببعض شكليات الدعوى، لان لها الأولوية في التطبيق على القانون الداخلي لسموها عليه ونخص بالذكر هنا الاتفاقية المغربية الفرنسية المؤرخة في 10 غشت 1981 والاتفاقية المغربية الإسبانية الموقعة بمدريد بتاريخ 30/05/97.
إلا انه يتعين على القضاء أن يتحقق أولا من بعض الشروط الشكلية والموضوعية الخاصة ومن ذلك على سبيل المثال:
1- التصديق على المعاهدة بالكيفية المحدد ة دستوريا.
2- نشر المعاهدة بالجريدة الرسمية والوقوف عند التاريخ الخاص بوقت  سريانها.
3- البحث عند كل إضافة أو تعديل لاحقين للاتفاقية.
4- التطبيق التلقائي للمعاهدة التي استكملت كل شروط نفاذها مادامت انها اسمى من القانون الداخلي(14).
ثانيا: القوة الثبوتية للحكم الأجنبي 
 تنص المادة 418 من ق ل ع في سياق تعريفها للورقة الرسمية على ما يلي: (وتكون رسمية أيضا
/ 1- ..............................................
 2- الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى إن هذه الأحكام يمكنها قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها).
وتبعا لذلك فإذا كانت القوة التنفيذية للحكم الأجنبي تحتاج للصيغة التنفيذية، فان قوة ذلك الحكم في الإثبات لا تحتاج للصيغة التنفيذية كعمل شرطي للاعتداد بها.
 وقد اعتمد المجلس الأعلى في العديد من قراراته على تأكيد القوة الثبوتية للأحكام الأجنبية من ذالك القرار الصادر مؤخرا بتاريخ 12-7-2006 تحت عدد 452 في الملف الشرعي عدد 260-2005 والذي جاء فيه (والثابت من وثائق الملف أن الطالبة استدل بحكم أجنبي قضى عليه بأدائه للمطلوبة نفقة أبنائها منه، لكن المحكمة استبعدته بعلة انه لن يذيل بالصيغة التنفيذية، مع انه حجة على الوقائع التي تضمنها والمبالغ التي حكما بها، فان قرارها يكون مخالفا لمقتضيات الفصل المذكور "الفصل 418 من ق. ل.ع").
وجدير بالذكر انه يمكن اتخاذ إجراءات وقائية وتحفظية بالاستناد على الحكم الأجنبي، كإجراء حجز تحفظي أو حجز ما للمدين لدى الغير من اجل ضمان استخلاص مبلغ النفقة المحكوم به بمقتضى حكم أجنبي، ويقوم طلب الصيغة التنفيذية مقام دعوى إثبات الحجز أو صحة الدين دونما حاجة إلى إصدار حكم جديد. وبطبيعة الحال يجب أن يكون الحكم الأجنبي من نوع أحكام الإلزام التي يقتضي تنفيذها استعمال القوة الجبرية.

تعليقات