نـزع الملكيـة لأجـل المنفعــة في ظـــل قوانــــيــن التعـمــــيـــر ذ. محمــد الــنـجـاري
ذ. محمــد الــنـجـاري
الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمراكش
من منا لا يحب أن يرى مدينته أو قريته مخططة بشكل منظم سواء على مستوى علو الأبنية أو من حيث الشوارع و الأزقـة مع إيجاد مرافق اجتماعية كالمدارس والمستشفيات والأسواق والحدائق والمنـتزهات.
و إذا كان الأمر كذلك فإننا جميعا مخاطبون، بقوانين التعمير التي يهدف بمقتضاها المشرعون منذ زمان إلى الحفاظ على جمالية العمران ونسقه للوصول إلى مجموعة سكنية تسر الناظرين في هندستها وأبنيتها، الشيء الذي يستتبع التضحية من طرف الفاعلين في هذا الحقل سواء تعلق الأمر بالدولة والمؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية أو الأفراد مع محاولة وجود توازن بين مصالح هذه الفئات من خلال تحمل الأعباء والمسؤوليات الناتجة عن هذا التنظيم بشكل عادل وشفاف.
ونتيجة لذلك تعمد قوانين التعمير إلى التنصيص على الالتزامات التي تنتج عن المسار العمراني لأي تجمع سكاني من خلال وثائق التعمير التي تنص عليها سواء تعلق الأمر بالمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية أو تصاميم التنطيق والتهيئة والتنمية أو قرارات تخطيط حدود الطرق العامة.
وبما أن هذه الوثائق تحتاج في تطبيقها إلى مجموعة من العقارات التي قد تكون مملوكة للمؤسسات العمومية أو للخواص تعمد الجهة المكلفة بالتنفيذ إلى تملكها عن طريق التخصيص أو الاقتناء بالمراضاة أو عن طريق نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
وقد نظم المشرع المغربي هذه المسطرة الأخيرة أي مسطرة نزع الملكية بمجموعة من القوانين بداية من ظهير 31 غشت 1914 ثم ظهير 10 أبريل 1917 بالنسبة لمنطقة الحماية الإسبانية وظهير 15 ماي 1925 لمنطقة طنجة ثم ظهير 03 أبريل 1951ومرورا ببعض المراسيم والظهائر الخاصة وانتهاء بالقانون رقم 81/7 الصادر بتاريخ 06 ماي 1982 ، ومعلوم أن قوانين نزع الملكية لأجل المنفعة العامة تهدف إلى النزع الجبري للملكية مقابل تعويض مالي أو يؤول إلى المال.
ولخصوصية قانون التعمير رتب المشرع على بعض وثائق التعمير آثارا تتمثل في اعتبارها بمثابة مقرر لإعلان المنفعة العامة وربط التعويض عنها بقانون 81/7 الموضوع أصلا كقانون أساسي لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
وعليه فإننا سنتطرق إلى النصوص والمواد القانونية المتعلقة بالتعمير في جانبها المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة ثم إلى التعويض المترتب على هذه المسطرة.
أولا:النصوص المتعلقة بنزع الملكية من خلال قوانين التعمير
لقد نص الفصل الأول من القانون رقم 81/7 على أن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية لا يجوز الحكم بها إلا إذا أعلنت المنفعة العامة ولا يمكن إجراؤه إلا طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة الاستثناءات المدخلة عليه بموجب تشريعات خاصة، ولعل أهم التشريعات الواردة ضمن هذا الاستثناء هي قوانين التعمير ومنها:
القانون رقم 90/12
بعد أن تعاقب في التطبيق على هذا المجال كل من ظهير 1914 وظهير 1952 يعرض الآن حاليا للدراسة مشروع القانون رقم 04/04 الذي يفترض أن يعدل القانون رقم 90/12 بعد المصادقة عليه وخروجه لحيز الوجود، ولقد تعرض القانون 90-12 المطبق حاليا في مجموعة من مواده إلى نزع ملكية بعض العقارات اللازمة لتطبيق وثائق التعمير كما هو الحال في المادة 28 التي تنص في فقرتها الأولى على أنه يعتبر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعلان المنفعة العامة تستوجب القيام بالعمليات اللازمة لإنجاز التجهيزات المنصوص عليها في البنود 3 و 4 و 5 و 6 و 12 من المادة 19، كما نصت المادة 29 منه…. على أنه » يمكن أن يكون تصميم التهيئة بمثابة قرار تعين فيه الأراضي المراد نزع ملكيتها لكونها لازمة لإنجاز التجهيزات المنصوص عليها في البنود 3 و 4 و5 و 6 من المادة 19 أعلاه«.
وهي تلك التجهيزات المتعلقة بحدود الطرق والمسالك والمساحات ومواقف السيارات، الواجب الحفاظ عليها أو تغييرها أو إحداثها وحدود المساحات الخضراء العامة وميادين الألعاب والمساحات المباحة المختلفة كالساحات المخصصة للتظاهرات الثقافية والفلكلورية الواجب الحفاظ عليها أو تغييرها أو إحداثها وكذا حدود المساحات المخصصة للنشاطات الرياضية والمواقع المخصصة للتجهيزات العامة كتجهيزات السكك الحديدية وتوابعها والتجهيزات الصحية والثقافية والتعليمية والمباني الإدارية والمساجد والمقابر وكذا دوائر القطاعات الواجب إعادة هيكلتها أو تجديدها.
أما المادة 32 من نفس القانون فقد نصت في فقرتها الثالثة على أنه » يمكن أن تعتبر القرارات المشار إليها أعلاه بمثابة قرارات تعين فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها لكونها لازمة لإنجاز العمليات المنصوص عليها فيها« والأمر يتعلق بقرارات رؤساء المجالس والجماعات الهادفة إلى إحداث طرق وساحات ومواقف سيارات عامة بالجماعات أو إلى تغيير تخطيطها أو عرضها أو حذفها كلا أو بعضا واعتبرت المادة 34 قرارات تخطيط حدود الطرق بمثابة إعلان بأن المنفعة العامة تقتضي بإنجاز العمل المنصوص عليها فيها.
الظهير الشريف رقم 1.60.063 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية
لقد أشار الفصل 3 من هذا الظهير إلى أن التصميم الخاص بتوسيع نطاق العمارات القروية يصادق عليه بعد البحث بمقتضى قرار يصدره العامل وينشر بعد المصادقة عليه من طرف وزير الداخلية في الجريدة الرسمية وبمقر السلطة المحلية ويكون هذا القرار بمثابة التصريح بأن الأشغال والعمليات العمومية الضرورية لإنجاز هذا التصميم تعتبر من المصلحة العمومية ولقد أبقى مشروع القانون رقم 04/04 على نفس المسطرة مع تقليص مدة مفعول التصميم إلى خمس سنوات بالنسبة لما عدا الآثار المرتبطة بتخطيط الشبكة الطرقية وطرق المواصلات الرئيسية التي بقيت مدتها محددة في عشر سنوات.
القانون رقم 90/25 المتعلق بالتجزئات العقارية
إن المادة 30 من هذا القانون تشترط للحصول على إذن بإحداث تجزئة عقارية إدخال تعديلات على المشروع إذا رأت الجهة المختصة منفعة في ذلك كما يجوز لها أن تفرض على صاحب التجزئة إنشاء ارتفافات تستجيب لما تقتضيه متطلبات الأمن العام والصحة والمرور والمتطلبات الجمالية والاحتفاظ بالأشجار الموجودة في الأرض المراد تجزئتها وتكوين مساحات
احتياطية إضافية تخصص للتجهيزات الجماعية والمنشآت ذات المصلحة العامة التي يستلزمها إحداث التجزئة والتي لا يستحق عنها أي تعويض إلا إذا كانت المساحة المخصصة لذلك تزيد عن المقاييس المنصوص عليها في المادة 31 من نفس القانون :
أما المادة 50 منه فقد أجازت للدولة والجماعات المحلية نزع ملكية الأراضي اللازمة لمباشرة إعادة هيكلة تجزئات غير قانونية معدة للسكن والتي تقتضيها متطلبات الصحة والأمن والراحة العامة على أن تتبع في ذلك الأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 81/7 المتعلق بنزع الملكلية لأجل المنفعة العامة.
وبالإضافة إلى ما ذكر توجد نصوص قانونية أخرى خاصة تضع بعض القيود على ملكية بعض العقارات الخاصة كما هو الحال في ظهير 7/8/1934 المتعلق بالحرمات العسكرية المعدل بمقتضى ظهير 26/09/1938 والذي منع صاحب العقار المجاور للمواقع الحربية والمنشـآت العسكرية بإحداث أي بناء أو غرس على مسافة 250 مترا أفقيا من تلك المنشآت والقانون رقم 22/80 الصادر بتاريخ 25/12/1980 بشأن المحافظة على المآثر التاريخية الذي يستلزم الحصول على رخصة خاصة من وزارة الشؤون الثقافية لإحداث بناء أو تغيير قرب هذه المآثر بالإضافة إلى رخصة البناء التي يستلزمها قانون التعمير كما يمنع إنشاء بعض المؤسسات المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة أو الخطيرة في المناطق السكنية طبقا لأحكام ظهير 03 شوال 1332 الموافق 25 غشت 1914، و يمنع أيضا ظهير 26/09/1938 بشأن الارتفافات المقررة لمصلحة الملاحة الجوية أصحاب الأراضي المجاورة للمطارات أو قواعد الطيران إقامة أية منشآت على عقاراتهم أو رفع هذه المنشآت أكثر من علو معين حسب الأصول وعلى بعد مسافة تعين وفق الأنظمة الدولية .
مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة في ظل قانون التعمير
إذا كان الأساس في هذه المسطرة هو تطبيق القانون العام المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة الوارد في قانون 81/7 فهل تطبق نفس المسطرة إذا تعلق الأمر بقوانين التعمير؟
إن الإجابة على هذا السؤال يجرنا إلى التطرق للمسطرة الإدارية لنزع الملكية في ظل قوانين التعمير ومقارنتها مع مسطرة قانون رقم 81/7، تم التساؤل عن مدى وجود دور القضاء في ظل هذه المسطرة.
إن القانون رقم 81/7 يشترط لنزع ملكية حق ما سلوك مسطرة إدارية تتمثل في صدور قرار إعلان المنفعة العامة ينشر في الجريدة الرسمية وفي عدة جرائد مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية كما يعلق نصه الكامل بمكاتب الجماعة أو الجماعات التي تقع بها المنطقة المقرر نزع ملكيتها ثم يصدر قرار بالتخلي يبين بكل دقة الأملاك العقارية الواجبة لإنجاز المشروع الذي من أجله صدر قرار إعلان المنفعة العامة غير أنه يمكن لهذا القرار الأخير أن يتضمن في نفس الوقت قرار التخلي متى أشار إلى تعيين الأملاك التي ستكون محل إجراءات نزع الملكية وتتخذ بشأن هذا القرار إجراءات النشر ، كما أوجب المشرع اتخاذ إجراءات إدارية بشأن التصاميم والمخططات سواء أثناء إعدادها أو بعده و تتمثل في استشارة مجموعة من الفعاليات المهتمة كالمجالس الجماعية والإدارات المعنية كالعمالات ورؤساء الغرف المهنية وممثلي الوزارات والأقاليم وممثلي الوكالات الحضرية ويتلو ذلك بحث علني بمقتضى المادة 25 من قانون التعمير يستمر شهرا يهدف إلى اطلاع العموم على المشروع وتمكينه من إبداء ما قد يكون لديه من ملاحظات وعلى رئيس مجلس الجماعة أن يوفر وسائل النشر والإشهار قبل تاريخ بدء البحث.
وعليه فإن نفس الإجراءات الإدارية المتعلقة بمقرر إعلان المنفعة العامة التي تصدر في إطار القانون رقم 81/7 تطبق بمقتضى قانون التعمير مما لا داعي لإعادتها من جديد وهو ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بالرباط التي أوضحت بأن ظهير 3 أبريل 1951 المتعلق بنزع الملكية (حل محله قانون 81/7) لا تطبق في هذه الحالة إلا بالنسبة للمرحلة القضائية ما دام قد اتخذ مقرر التخلي طبقا لظهير 30 يوليوز 1952 المتعلق بالتعمير »حل محله القانون رقم 12.90« ولعل القانون رقم 12.90 المذكور نهج نفس المنهج في المادة 29 منه غير أنه قصر المدة إلى شهر بدل شهرين المنصوص عليها سابقا.
مدى إلزامية استئذان القضاء في الحصول على الحيازة الفورية.
إذا كان من آثار التصاميم المصادق عليها في إطار قوانين التعمير أنها تعفي الإدارة من اتخاذ مرسوم بإعلان المنفعة العامة وقرار التخلي لإنجاز التجهيزات والأشغال الواردة في التصميم أو إجراء بحث عمومي جديد. فهل هي معفاة من سلوك باقي المساطر الأخرى المنصوص عليها في القانون رقم 81/7 خاصة ما تعلق بمقتضيات الفصل 24 من هذا الأخير الذي يلزم نازع الملكية باستئذان القضاء الاستعجالي في الحيازة الفورية للعقار؟
إن المادة 29 من القانون رقم 12.90 تنص في فقرتها الثانية على تطبيق الأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 81/7 على تصميم التهيئة المعتبر بمثابة قرار تعين فيه العقارات المراد نزع ملكيتها وذلك فيما يتعلق بالإجراءات التي يخضع لها والآثار المترتبة عليه، دون أن يستثنى من ذلك الإجراء المتعلق بالاستئذان في الحيازة الفورية مما يعني أنه لا يجوز للإدارة أن تضع يدها على أي عقار ورد ضمن هذا التصميم إلا بعد استئذان القضاء في ذلك، غير أنه في الواقع العملي لا نرى مثل هذا الإجراء، وقد يرجع ذلك إلى الغموض الذي يكتنف هذا المقتضى القانوني ما دام أنه تمت الإحالة في مواد أخرى من قانون التعمير على النزاع المتعلق بتحديد التعويض مثل المادة 30 و 38 دون إشارة صريحة إلى ضرورة استئذان القضاء في الحيازة الفورية كما أن كثيرا من الحالات التي تكون فيها العقارات محل نزع للملكية تجعل مالكيها هم من يبدأ مرحلة النزاع باعتبار أنه حتى قبل وضع الإدارة يدها على العقار يمنعون من الحصول على الرخص اللازمة لإنجاز المشاريع التي يهدفون إليها.
ولقد تدخل القضاء الإداري المغربي في هذا الإطار وألزم الإدارة بسلوك مسطرة استئذان القضاء في حيازة العقار المقرر نزع ملكيته بمقتضى قانون التعمير تحت طائلة اعتبار احتلالها للعقار بدون إذن قضائي يدخل في إطار الاعتداء المادي. وهكذا جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة أن تصميم التهيئة لوحده لا يبرر حيازة العقار المعني بمعزل عن اللجوء إلى الإجراءات القانونية الموالية لإصدار مقرر التخلي كما هي منصوص عليها في ظهير 6 ماي 1982.... ومن تم يعتبر لجوء الإدارة إلى حيازة العقار موضوع الدعوى وإحداث طريق جماعية فوقه دون استئذان القضاء في ذلك ومن غير اقتراح التعويض المستحق بواسطة الجهة المختصة بمثابة اعتداء مادي على عقار الجهة المدعية .
وقد سارت المحكمة الإدارية بمراكش في نفس الاتجاه حينما أصدرت حكما أشارت فيه إلى أنه يتعين على المجالس الجماعية -باعتبارها المسؤولة عن إحداث الطرق الجماعية بصريح المادتين 39 من الميثاق الجماعي و32 من قانون التعمير- اللجوء إلى المحكمة الإدارية قصد استصدار حكم بحيازة العقار وآخر بنقل ملكيته وتحديد التعويضات.
أما محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش فقد أوضحت بأنه إذا كان المشرع قد فرض على ملاك العقارات التي تصير أو تبقى مجاورة للطرق العامة الجماعية ارتفاق مساهمة مجانية فإنه في مقابل ذلك أوجب على الإدارة الحصول على رضى المالك أو سلوك مسطرة نزع الملك .
ويظهر أن الغرفة الإدارية بالمجلس تؤيد هذا الرأي ذلك أنها أشارت في إحدى قراراتها إلى أن القانون 90-12 المتعلق بالتعمير ينص في مادته 29 على أنه يمكن أن يكون تصميم التهيئة بمثابة قرار تعين فيه الأراضي المراد نزع ملكيتها، فكان على المستأنف أن يقوم بالإجراءات الموالية لنقل الملكية وهو ما لم يقم به فيبقى من حق المستأنف عليها طلب التعويض عن الضرر الحاصل لها من جراء حرمانها من استغلال أرضها وفقد ملكيتها...
ثانيا: التعويض المترتب عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة من خلال قوانين التعمير
لقد سبقت الإشارة إلى أن قوانين التعمير تحيل فيما يخص مسطرة تحديد التعويض على القانون رقم 81/7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة باستثناء مقتضيات المادتين 37 و 38 من القانون رقم 90-12 مما يعني أنه متى قامت الجهات الإدارية المعنية بالمصادقة على وثائق التعمير بعد اتخاذ جميع الإجراءات المنصوص عليها قانونا، واستصدرت أمرا قضائيا بالحيازة الفورية وحددت التعويض المؤقت عن نزع ملكية الرقبة أمكن لها أن تدخل في إطار مسطرة تحديد التعويض مستندة في ذلك على قانون نزع الملكية خاصة الفصل 20 منه الذي ينص على هذه المسطرة. إلا أن ذلك لا يعني أن كل القرارات المتعلقة بالحد من الانتفاع من ملكية العقار يمكن أن تكون موضوع تعويض ما دام أن قانون التعمير قد يرتب قيودا على حق الملكية تستمر لمدة عشر سنوات الذي هو أجل تنفيذ التصميم وقد يمنع منح أي تعويض أو ينص على مساهمة المنزوعة ملكيته مجانا في بعض الحالات، وعليه سنتطرق إلى هذه النقط وفق ما يلي:
الحـرمان مــن أي تـعويـض.
لقد أشارت المادة 30 من قانون التعمير إلى أن التعويضات المستحقة تحدد لأصحاب الأراضي اللازمة لإنجاز التجهيزات المنصوص عليها في البنود 3 و 4 و 5 و 6 من المادة 19 أعلاه. وبالرجوع إلى هذه المادة الأخيرة يتبين أن المشرع استثنى من التعويض المناطق التي يحظر فيها البناء بجميع أنواعه والارتفافات المحدثة لمصلحة النظافة والمرور أو لأغراض جمالية أو أمنية أو للحفاظ على الصحة العامة وكذلك الارتفافات التي تفرضها قوانين خاصة إن وجدت ومن بينها الارتفاقات المقررة لفائدة الملاحة الجوية والحرمات الدفاعية والمآثر التاريخية كما أن المادة 84 من نفس القانون تنص في فقرتها الأولى على أنه لا يستحق أي تعويض عن الارتفاقات المحدثة عملا بأحكام هذا القانون والنصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقه استجابة لمقتضيات الأمن والصحة والمتطلبات الجمالية، في حين أشارت المادة 31 من القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية إلى أن صاحب التجزئة لا يستحق أي تعويض عن الارتفاقات التي تنشأ لما تقتضيه متطلبات الأمن العام والصحة والمرور والمتطلبات الجمالية وضرورة الاحتفاظ بالأشجار الموجودة في الأرض المراد تجزئتها.
وبغض النظر عن المناقشة الفقهية حول استعمال مصطلح الارتفاق، وما إذا كان ينطبق على المضمون المقصود في المنع من بناء العقارات أو تجاوز علو معين ، فإن بعض النوازل في هذا الإطار عرضت على القضاء الإداري للمطالبة بالتعويض عن الاستغلال أو عن الرقبة. وفي هذا الإطار قضت المحكمة الإدارية بمكناس بأن طلب التعويض عن نزع ملكية عقار مرتب في منطقة محرمة من البناء طبقا لتصميم التهيئة يكون غير مؤسس لكون المنع من البناء يشكل أحد قيود حق الملكية باعتباره من الارتفاقات ولا يعتبر انتزاعا للملك .
وفي حكم لإدارية مراكش قضت فيه برفض الطعن بالإلغاء في قرار رفض منح رخصة للبناء بعلة أن القطعة المراد بناؤها توجد داخل إطار مسافة الارتفاقات الجوية المجاورة للمطار.
ولاشك أن للمنع من البناء أو تعليته آثار على مالكي العقارات الموجودة في هذه المنطقة ذلك أن هذا المنع يفقد هذه الأملاك قيمتها الأصلية خاصة إذا كانت عملية البناء هي الإمكانية الوحيدة لاستغلالها أو أن استغلالها بشكل آخر ينتج عنه مردود ضعيف كما هو الحال في قطعة أرضية توجد داخل المنطقة الحضرية وقد تكون محاطة بالبناء من جميع الجهات إذ أن هذه القطعة ولو أنها تبقى مسجلة في اسم مالكها فإن ضررا كبيرا قد يحصل له نتيجة عدم استغلالها في البناء مما نضم معه صوتنا إلى من ينادي بتدخل المشرع لتقرير تعويض لفائدة هؤلاء المتضررين تطبيقا لمبدأ المساواة في تحمل هذه التكاليف. وقد استثنت المادة 84 من قانون التعمير بعض الحالات التي يحوز فيها منح التعويض متى نتج عن الارتفاقات المذكورة مساس بحقوق مكتسبة، وإما تغيير أدخل على الحالة التي كانت عليها الأماكن من قبل ونشأ عنها ضرر مباشر مادي محقق.
وفي هذا الإطار اعتبرت المحكمة الإدارية بفاس تخصيص تصميم التهيئة لمنطقة على أنها محرمة من البناء في الوقت الذي كان مالكها يتوفر على مشروع لتجزئتها مودع لدى المصالح البلدية بتاريخ سابق على نشر قانون التعمير 90-12 موجب للتعويض عن الحرمان من الاستغلال لهذا العقار بالنظر إلى الغاية التي كان معدا لها، وفي حكم آخر أوضحت بأنه: إذا كان الإطار القانوني للمنازعة القائمة بين طرفي النزاع منطلقه عقد المبادلة الرابط بين المدعين والدولة الملك الخاص فإنه بمقتضى تصميم التهيئة المعهود إلى الوكالة الحضرية بفاس تنفيذه يكون حرمان المدعين من المزايا التي كانت مخولة لهم بموجب عقد المبادلة المذكور قد نتج مباشرة عن نشاط من نشاطات شخص من أشخاص القانون العام حال دون إمكانية تحقيق بنود المبادلة، وبالتالي تسبب تنفيذه في ضرر حال ومحقق بالمدعين يستوجب التعويض عن ناقص القيمة التي سببها تصميم التهيئة نتيجة الارتفاق الذي أضحى العقار مثقلا به، والمتمثل في تقليص عدد الطوابق من سبعة إلى أربعة .
إرجاء التعويض إلى ما بعد تنفيذ تصميم التهيئة.
من المعلوم أن المادة 28 من قانون التعمير تنص على أن الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة تنتهي عند انقضاء 10 سنوات، تبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة الرسمية، ومن تم فإن أصحاب العقارات الواردة ضمن هذا التصميم لا يستطيعون القيام بالغرس أو البناء في الأراضي المخصصة لإنجاز التجهيزات العامة.
وإذا كان من حق المنزوعة ملكيتهم بمقتضى هذا القانون المطالبة بالتعويض عن فقدانهم لأملاكهم بعد تنفيذ المشروع المزمع إقامته فوق هذه الأملاك فهل يحق لهم المطالبة بنفس التعويض عن الحرمان من الاستغلال طيلة مدة عشر سنوات المذكورة سواء تم تنفيذ المشروع أو تم استعادة المالكين لأملاكهم بعد انتهاء المدة.
إن هذا التساؤل يبقى مطروحا ما دام أن المشرع المغربي لم ينص على ذلك صراحة الشيء الذي جعل الاجتهادات القضائية تتضارب في هذا الإطار، ذلك أنه إذا اعتبرنا أن سكوت المشرع يعتبر إجازة لمبدأ التعويض ما دام أن الأصل في الأشياء الإباحة وأن القواعد العامة للعدالة تقتضي التعويض عن الأضرار المحدثة، فيمكن القول بأنه لا ضير في تعويض المتضررين، وهو ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بأكادير حين أوضحت بأن تصميم التهيئة لمدينة إنزكان المصادق عليه أشار إلى أن البقعة الأرضية موضوع طلب التعويض مخصصة لإنشاء مرفق رياضي وأنه بذلك تكون المدعية محقة في المطالبة بالتعويض عن الحرمان من الاستغلال معتمدة في ذلك على قرار للمجلس الأعلى الصادر في الموضوع .
وفي حكم آخر لنفس المحكمة اعتبرت أن الحق في التعويض عن الحرمان من الاستغلال يبدأ من تاريخ المصادقة على التصميم في حين يستحق التعويض عن قيمة الملك ابتداء من تاريخ إنجاز المرفق العمومي على الملك موضوع التخصيص . أما إذا اعتبرنا أن سكوت المشرع عن التعويض يعتبر منعا له فإن أصحاب الأملاك يستحقون فقط التعويض بعد تنفيذ المشروع اعتبارا إلى أنهم يستمرون في ملكية عقارهم مع مراعاة القيود الواردة في مقرر إعلان المنفعة العامة، وهو ما ذهبت إليه إدارية فاس حين أوضحت بأنه لئن كان تصميم التهيئة يغل يد المدعي من التصرف في مساحة من عقاره المقرر إحداث وتوسعة الطريق عليها طيلة عشر سنوات من تاريخ المصادقة عليه إلا أنه لا يعد أن يكون مجرد مشروع لنزع الملكية لا يترتب عنه حرمان المدعي من ملكية عقاره بصفة دائمة إلا بعد تحقق المشروع المقرر داخل الأجل المذكور وإلا فإن التصرف في العقار يعود لصاحبه، وطالما أن توسعة الطريق لم تتحقق على أرض الواقع فإن المطالبة بالتعويض عن الحرمان الدائم منه والنقل الجبري للملكية سابق لأوانه .
وقد نهجت نفس النهج إدارية مراكش حين أوضحت بأن طلب التعويض عن الحرمان من الاستغلال في الوقت الذي ما زالت فيه إجراءات تصميم التهيئة سارية المفعول سابق لأوانه .
وقد أيدت الغرفة الإدارية هذا الرأي حين أوضحت بأنه يتبين من استقراء المادة 28 من قانون التعمير أن طلب التعويض سابق لأوانه باعتبار أن مدة عشر سنوات لم تنته بعد، لأن تصميم التهيئة نشر بتاريخ 16/11/98 باعتباره مقررا لإعلان المنفعة العامة، وأن رفض المكتب الوطني للكهرباء استغلال العقار موضوع النزاع لا يجرد العقار من صبغة المنفعة العامة التي خصص لها في إطار تصميم التهيئة الذي لازالت آثاره سارية .
لكن إذا كان الملك المقرر نزع ملكيته لا يستحق عنه المالك أي تعويض طالما لم ينفذ المشرع فهل يستحق ذلك بعد تمام مدة الارتفاق المتمثلة في عشر سنوات واسترجاعه لعقاره؟
إن المادة 28 من قانون التعمير لا تشير إلى أي شيء من ذلك، وهو ما يجعل أيضا الغموض قائما حول هذه الحالة علما بأنه قد يفسر الأمر بأنه لم يطرأ على ملكية المالك أي تغيير وأنه باستعادة عقاره يمكن له استغلاله أو التصرف فيه بالطرق التي يراها، إلا أن ذلك قد يكون غير منطقي باعتبار أن مدة عشر سنوات قد تؤدي إلى فوات فرص متعددة عليه مما يلحق به ضررا ماديا يتعين تعويضه عنه، وفي هذا الإطار قضى مجلس الدولة الفرنسي بأن كهرباء فرنسا لم ترتكب أي خطأ في ممارستها لحقها المشروع في نزع الملكية يوجب التعويض، ولكن الطابع غير العادي للأضرار اللاحقة بالمدعي تعطيه الحق في التعويض، وكان الأمر يتعلق بشراء المدعى السيد فرسات FARSAT لقطعة أرضية من أجل بناء تجمع سياحي، إلا أنه عند بداية الأشغال أصدر الوالي قرارا بفتح بحث أولي من أجل إنشاء سد، وعند إشعار السيد فرسات بذلك أوقف إنجاز الأشغال غير أنه بعد انصرام خمس سنوات على انطلاق البحث الأولي أشعر من جديد بأن قطعته أصبحت محررة من عملية نزع الملكية وهو ما تبنته المحكمة الإدارية بمكناس في أحد أحكامها .
التعويض عن إحداث الطرق في إطار المادة 37 من قانون التعمير.
تنص المادة 37 من القانون رقم 90-12 على أن الجماعة تقوم بتملك العقارات الواقعة في مساحة الطرق العامة الجماعية، وذلك إما برضى ملاكها وإما بنزع ملكيتها منهم مع مراعاة الأحكام الخاصة المنصوص عليها في نفس المادة، والمتعلقة بمساهمة مالك كل بقعة أرضية تصير أو تبقى مجاورة للطريق العامة الجماعية المقرر إحداثها مجانا في إنجازها إلى غاية مبلغ يساوي قيمة جزء من أرضه يعادل مستطيل يكون عرضه عشرة أمتار وطوله مساويا لطول واجهة الأرض الواقعة على الطريق المراد إحداثها، شريطة ألا تتعدى هذه المساهمة قيمة ربع البقعة الأرضية مع إلزام الجماعة بتملك الجزء الذي يبقى من البقعة المذكورة إذا أصبح غير قابل للبناء بموجب الضوابط..... وقد أحالت المادة 38 من نفس القانون فيما يخص مسطرة تحديد التعويض المستحق لملاكي الأراضي المجاورة لهذه الطرق على أحكام القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة شريطة أن تراعى في نزع ملكية العقارات المعدة لتوسعة الطرق، أو إحداثها المسطرة القانونية الواجبة في هذا الإطار.
وعليه فإننا سنتناول هذا الموضوع في النقط التالية:
- شق الطريق في إطار الاعتداء المادي.
- استغراق الطريق لجميع القطعة المجاورة.
- حصول نقص في قيمة القطعة المجاورة أو عدم صلاحيتها للبناء نتيجة شق الطريق.
- كيفية قياس المساحة التي يساهم بها المالك مجانا في الطريق.
أولا: شق الطريق في إطار الاعتداء المادي:
إذا قامت الإدارة بهذا العمل دون مراعاة ضوابط التعمير تعتبر مرتكبة لفعل الاعتداء المادي، وتلزم بالتعويض الكامل وفي هذا الإطار أصدرت المحكمة الإدارية بمكناس حكما اعتبرت فيه قيام المجلس البلدي بشق طريق على عقار المدعي دون سلوك الإجراءات القانونية يشكل اعتداءا ماديا على حق الملكية، ويرتب لفائدة المعتدى عليه الحق في التعويض مضيفة بأن تطبيق المادة 37 من قانون التعمير رهين باحترام الإدارة للقانون، قبل وضع يدها على العقار لأنه من غير المعقول أن تعطل الإدارة تطبيق القانون في جانب حماية حق الملكية، وتطلب تطبيقه في جانب الامتياز الممنوح لها فيما يتعلق بالمساهمة المجانية .
وقد تبنت نفس الرأي إدارية أكادير حينما اعتبرت أن مقتضيات المادة 37 من قانون التعمير لا يمكن تطبيقها في حالة احتلال الملك الخاص دون سلوك مسطرة نزع الملكية .
أما الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى فقد أيدت إدارية وجدة حين أوضحت هذه الأخيرة بأنه » مادام المجلس البلدي قد قام بشق الطريق فوق أرض المدعين، دون أن يقتنيها منهم عن طريق المراضاة أو عن طريق سلوك مسطرة نزع الملكية فإنه يكون في حالة اعتداء مادي، وبالتالي يكون المدعون محقين في التعويض عن قيمة أرضهم وعن الحرمان من استغلالها ودون اعتبار أي جزء من المساحة المقتطعة في إطار المساهمة المجانية« .
ثانيا: استغراق الطريق لجميع القطعة المجاورة
قد ينص تصميم التهيئة المصادق عليه قانونا والمعتبر بمثابة مقرر إعلان عن المنفعة العامة على إحداث طريق تراعى فيه مقتضيات المادة 37 من قانون التعمير، غير أنه قد يصادف أن إحداث طريق عبر قطعة صغيرة يأتي عليها كلها وتصبح طريقا بحيث تنتفي صفة الجار بالنسبة لمالكها مما يقتضي معه أيضا في هذه الحالة تمكينه من التعويض الكامل عن قطعته الأرضية ودون أية مساهمة منه لانتفاء قرينة فائض القيمة التي يمكن أن يقع في حالة بقائه جارا للطريق، وهو ما ذهبت إليه إدارية وجدة في حكمها المؤيد من طرف المجلس الأعلى حين أوضحت بأن متى شمل قرار نزع الملكية جميع العقار انتفت صفة الجوار المنصوص عليها في الفصل الخامس من ظهير 30-07-1952 الذي حلت محله المادة 37 من القانون رقم 12-90 المتعلق بالتعمير وأصبح المالك محقا في التعويض عن كافة أجزاء العقار .
ثالثا: حصول نقص في قيمة القطعة المجاورة أو عدم صلاحيتها للبناء نتيجة شق الطريق .
تنص الفقرة الثالثة من المادة 37 من قانون التعمير على أنه » إذا بقي من بقعة أرضية بعد أن يكون أخذ منها ما يلزم لإنجاز طريق عامة جماعية جزء غير قابل للبناء بموجب الضوابط الجاري بها العمل وجب على الجماعة أن تتملكه إذا طلب منها المالك ذلك« مما يعني أن الجماعة تصبح مدينة للمالك بقيمة ما تبقى من البقعة الأرضية التي شقتها الطريق، والتي نقصت قيمتها بصيرورتها غير قابلة للبناء، على أنه ينبغي التساؤل حول قيمة هذا التعويض، وما إذا كان يراعى فيه قيمة الأرض قبل شق الطريق أو بعدها علما بأنه في هذه الحالة الثانية نكون أمام احتمالين، إما أن التعويض سيحدد على أساس فائض القيمة التي أعطي للمنطقة برمتها نتيجة تواجد طريق جماعية التي من شأن إحداثها رفع قيمة العقارات المجاورة أو أن يحدد على أساس أن هاته القطعة المتبقية أصبحت غير صالحة للبناء مع ما يترتب عن ذلك من ناقص القيمة ؟
إن هذا التساؤل يبقى مطروحا رغم أن المادة 38 من قانون التعمير في فقرتها الثانية تمنع مراعاة المصروفات المترتبة على الأشغال المأذون في إنجازها عملا بأحكام الفقرة الثالثة من المادة 34 من نفس القانون، ما دام أن هذه الأخيرة تتحدث فقط عما قد يكون أذن فيه من إقامة مشروع مؤقت في انتظار إنجاز أشغال الطريق. على أن وجهة نظرنا تتمثل في تطبيق قاعدة الغرم بالغنم مما يستتبع تعويض المالك عما تبقى من أرضه بعد إحداث الطريق على أساس زائد القيمة التي أضافها مشروع إحداث الطريق على المنطقة عموما.
أما في الحالة التي يبقى فيها المالك مجاورا للطريق ولكنه يساهم بأقل من عشرة أمتار عرضا فإنه يكون مدينا للجماعة بقيمة ما تبقى من الأمتار الناقصة على العشرة على طول قطعته ويراعى في تحديدها ما قلناه أعلاه.
رابعا: قيس المساحة التي يساهم بها المالك مجانا في الطريق.
تتحدث المادة 37 المذكورة على مساهمة جوار الطرق المراد إحداثها في إنجازها مجانا إلى غاية مبلغ يساوي قيمة جزء من أراضيهم يعادل مستطيلا يكون عرضه عشرة أمتار وطوله مساويا لطول واجهة الأرض الواقعة على الطريق المراد إحداثها على أن لا تتعدى هذه المساهمة قيمة ربع البقعة الأرضية مما يعني أن الجوار ملزمون بالـمساهمة مجانا في إحداث هذه الطريق بشرطين أحدهما ينصرف إلى عرض الجزء المقتطع والذي لا يجب أن يتعدى عشرة أمتار على طول الطريق وهو عنصر ثابت، وثانيهما أن لا تتعدى المساحة المقتطعة إجمالا ربع مساحة الأرض وإلا وجب على الجماعة أداء التعويض عن الجزء الذي يتعدى ذلك.
وبالمثال يتضح من نازلة عرضت على المحكمة الإداريـة بمكناس أوضحت فيها بأن المشرع لا يسمح باقتطاع سوى عشرة أمتار من عرض المساحة الخاضعة للمساهمة المجانية، وأن الزائد على عشرة أمتار بالنسبة للعرض يكون مستوجبا للتعويض حتى وإن كانت المساحة المقتطعة أقل من ربع المساحة الإجمالية للقطعة، بعد ما ثبت لها من خلال الخبرة أن الجزء المقتطع عرضه 13 م على طول القطعة وأن المساحة المقتطعة لا تمثل سوى 11 % من المساحة الإجمالية للقطعة، وقد نهجت إدارية فاس نفس النهج ، على أن تساؤلا قد يطرح حول كيفية قياس عشرة أمتار المذكورة في الحالة التي تشق الطريق ملك أحد الخواص فهل تحسب المساحة من جانبها الأيمن أم من جانبها الأيسر أو هما معا ؟ أعتقد أن الغموض يكتنف عملية القياس في هذه الحالة ما دام أن المشرع يستعمل كلمة مستطيل عرضه عشرة أمتار، مما قد يفهم منه أن الأمر يتعلق بجانب واحد، إلا أن ذلك قد يؤدي إلى بعض الإشكاليات المتعلقة بالتعويض عن الجزء المقتطع من الجانب الآخر ولو لم تصل المساحة الإجمالية إلى الربع في المستطيل المذكور.
وبخصوص توسعة الطريق الموجودة ذهبت المحكمة الإدارية بوجدة إلى إمكانية تطبيق المادة 37 من قانون التعمير حتى في مثل هذه الحالة حين أوضحت بأن مساحة أرض المدعين محددة في 379م وأن المساحة المقتطعة على الشارع لم تتجاوز عشرة أمتار عرضا من مساحة أرضهما وأن الاقتطاع الكلي- حتى بعد التوسعة – لم يتجاوز الربع.
في حين اعتبرت إدارية فاس أن توسعة الطريق خارجة عن نطاق المادة 37 المذكورة .
وعلى أي فإنه ما دام أن المشرع المغربي بصدد دراسة وإصدار قانون جديد للتعمير، فإننا نتمنى أن يزيل الغموض عن بعض المفاهيم والإشكاليات التي أنتجها تطبيق قانون 90-12 المعمول به حاليا، وما ذلك على نساء ورجالات هذا البلد الأمين بعزيز.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم