القائمة الرئيسية

الصفحات



إشكالية رد الاعتبار القضائي والقانوني الأستاذ : محمد الزوهري رئيس الغرفة بمحكمة الاستئناف الرباط









  
إشكالية رد الاعتبار القضائي والقانوني





الأستاذ  : محمد الزوهري
رئيس الغرفة بمحكمة الاستئناف الرباط 

خطة البحث
المحور الأول : التعريف برد الاعتبار والتطورات التاريخية التي عرفها واسباب انقضاء العقوبة وزوالها.
المحور الثاني : رد الاعتبار في التشريع المغربي والمقارن.
المحور الثالث : ملاحظات.


الفصل الأول 
التعريف برد الاعتبار والتطورات التاريخية
التي عرفها واسباب انقطاع العقوبة

وسوف اقسم هذا الفصل إلى مبحثين :
المبحث الأول : التعريف برد الاعتبار والتطورات التاريخية التي عرفها.
المبحث الثاني : انقضاء العقوبة وزوال اثارها.

المبحث الأول
التعريف برد الاعتبار والتطورات التاريخية التي عرفها 
تخلق الجريمة عددا من النتائج حتى ولو شملها العفو الخاص أو سقطت بالتقادم فالمحكوم عليه سواء نفذ العقوبة أو استفاد من العفو الخاص أو سقطت بالتقادم فانه يظل محروما  من  الحقوق  المدنية  والسياسية  على السواء، وقد عرف الفقيه  موياردي فوكلان هذه المؤسسة فقال :
" انها تمنح للذي نفدت فيه العقوبة وابرأ ذمته نحو الخزينة ونحو الشخص المتضرر، ثم توجه إلى رحمة الملك ليعيد إليه اعتباره الذي فقده، وسمعته التي اضاعها، وليزيل عنه صفة العار والموت المدني الذي يمنعه من كل عمل كما عرفها روسود ولاكو بقوله :

" ان اعادة الاعتبار تعيد للمحكوم عليه سمعته ووضعه السابق كما كان قبل الحكم دون ان يستطيع احد حرمانه من أي حق أو يلصق به أي صفة من صفات العار لان الحرمان من الحقوق وصفة العار يظلان ملغيين ليعود إلى ممارسة جميع حقوقه المدنية".

وبما ان هذا الحرمان من الحقوق المذكورة يظل مؤبدا أحيانا الشيء الذي يحول دون قيام المحكوم عليه باصلاح نفسه، لذلك ادخل القانون مؤسسة اعادة الاعتبار بغية انهاء حالة شاذة نشأت عن حكم جنائي أو جنحي نفذ عن المحكوم عليه أو سقط بالتقادم أو بالعفو الخاص، من شانها ان تحرم الفاعل من ممارسة  حقوقه السياسية والمدنية. وقد كانت اعادة الاعتبار جزءا من العفو الخاص، ثم انفصلت عنه وصار لها كيان خاص بها ليصبح موضوع العفو الخاص العقوبة الاصلية وموضوع اعادة الاعتبار العقوبات الفرعية والاضافية.

وكان العفو الخاص يصدره رئيس الدولة فهو منحة، وقد تطورت طبيعة رد الاعتبار إلى ان اصبحت حقا قانونيا.
ورد الاعتبار قديم كالعفو الخاص اشير إليه في القوانين الرومانية دون ان يكون له طابع واضح وكان الشعب هو الذي يمنحه في عهد الجمهورية الرومانية للمواطن الروماني الذي صدر في حقه حكم بالنفي واضاع بسببه جنسيته وكانت هذه المنحة تعيد إليه ممارسة حقوقه التي حرم منها.
وفي عهد الإمبراطورية الرومانية كان الإمبراطور هو الذي يمنحها كما يحلو له وكانت هذه المنحة تارة تعيد الحقوق الممنوعة بكاملها وتارة اخرى تعيدها مقيدة غير كاملة.

وقد تبنت التشريعات الأوروبية في القرون الوسطى ما عدا بريطانيا هذا النظام الإمبراطوري.
ومن هذه التشريعات التشريع الفرنسي إلى عهد الثورة الفرنسية وكانت كالعفو الخاص امرا اداريا فقط، لكن حينما تحطمت الملكية ادخلت في قانون العقوبات الفرنسي الصادر عام 1791 واصبحت مؤسسة قضائية لها قواعدها واصولها.

وفي عهد الثورة الفرنسية كانت مناسبة لاقامة حفلة بلدية كبرى لانهم كانوا يعتبرون ان الشخص الذي تمتع برد الاعتبار كانه ولد من جديد، ولعل هذه العلنية كانت تمنع المحكوم عليه من التماسها حتى لا يذكر الناس بنفسه بعد ان نسوا جرمه مما ادى بالمشرع الفرنسي إلى ان يجعل منها مؤسسة قانونية ايضا تمنح بحكم القانون في جرائم الجنح.

المبحث الثاني 
أسباب انقضاء العقوبة وزوال اثارها
إذا ما انقضت العقوبة لاي سبب من اسباب انقضائها وهي تنفيذها أو تقادمها أو العفو عنها، بقي على المحكوم عليه ان يلجا إلى طلب رد الاعتبار لمحو اثارها عنه تماما، حتى يستطيع العيش من جديد في صفوف المجتمع.
ومن هنا نرى ان هناك صلة وثيقة تربط موضوعي اسباب انقضاء العقوبة وزوال اثارها.
وسأتطرق إلى هذين الموضوعين واخصص لكل منهما فرعا خاصا :
الفرع الأول  : اسباب انقضاء العقوبة.
الفرع الثاني : زوال اثار العقوبة.

الفرع الأول 
اسباب انقضاء العقوبة 
تنقضي العقوبة باحد الاسباب التالية :
1- تنفيذ العقوبة 
2- تقادم العقوبة
3- العفو الخاص
4- وفاة المحكوم عليه

المطلب الأول
تنفيذ العقوبة
تنفيذ العقوبة يعني دفع الجاني ثمن جريمته وهو التنفيذ التام أي يشمل كل العقوبات الاصلية والتبعية التكميلية.
ولهذا فعدم وفاء المحكوم عليه باية عقوبة من العقوبات المحكوم بها لا يؤدي إلى انقضاء العقوبة.

المطلب الثاني
تقادم العقوبة
إذا ما صدر حكم بعقوبة ما على شخص فمن الجائز الا ينفذها اما لفراره أو لعدم العثور عليه.
فهل يظل اثر الحكم بالعقاب مؤبدا ؟
لهذا ورغبة من المشرع في  استقرار الاوضاع وفي تاكيد فكرة نسيان الجرم بمضي الزمن، وبالتالي نسيان خطورة الجاني مع مضي الوقت، جعلته يتبنى فكرة انقضاء العقوبة بمضي مدة زمنية معينة منذ تاريخ صدور الحكم بالعقاب، ويضعها ضمن نصوص تشريع جنائي ويطلق على هذه الفكرة تقادم العقوبة.
وتندرج هذه المدة الزمنية حسب طبيعة الجريمة.
وقد نص المشرع المغربي على تقادم العقوبة في الفصل (688) من قانون  المسطرة الجنائية بقوله " يترتب عن تقادم العقوبة تخلص المحكوم عليه من مفعول الحكم، إذا لم تنفذ العقوبة خلال الاجال المحددة في الفصل   (689) وما يليه إلى (691) من نفس القانون.
غير ان ذلك التقادم لا يسقط عدم الاهلية التي ينص عليها الحكم الصادر بالعقوبة أو التي تسربت عنه قانونيا، واشار في الفصل 689 من ق م ج بقوله.
" تتقادم العقوبات الجنائية بمضي عشرين سنة ميلادية كاملة من يوم صدور الحكم بالعقوبة.
فان مرت على العقوبة مدة التقادم الجنائي خضع المحكوم عليه حتما طيلة حياته لعقوبة الابعاد عن دائرة العمالة أو الاقليم التي يستقر بها المجني عليه أو ورثته المباشرون كما يخضع حتما لنفس عقوبة الابعاد طيلة مدة خمسة اعوام من يوم اكتمال امد التقادم المحكوم عليه بالسجن المؤبد الذي سقطت عقوبته بالتقادم.
وتتقادم العقوبات الصادرة في قضايا الجنح بمضي خمس سنوات كاملة من يوم صدور الحكم.
غير انه إذا كانت عقوبة السجن المحكوم بها تتجاوز خمس سنوات فان مدة التقادم تكون مساوية لهذه العقوبة ( الفصل690 من ق م ج)
وتتقادم العقوبات عن المخالفات بمضي سنتين كاملتين من يوم صدور الحكم الفصل (691 ق م ج)
واشار الفصل693 من نفس القانون بالقول :
" ان العقوبات المدنية التي صدرت بمقتضى الاحكام الزجرية اكتسبت قوة الشيء المحكوم به بصفة نهائية تتقادم حسب قواعد التقادم المدني.

المطلب الثالث
العفو
العفو يعني تنازل السلطة العامة عن حقها في تنفيذ العقاب.
ويختلف نوع العفو باختلاف صاحب الحق فيه على النحو التالي :
أ‌- قد يقدم على العفو رئيس الدولة ويطلق على هذا النوع من العفو الخاص أو العفو عن العقوبة.
ب‌- قد يتم العفو بقانون من السلطة التشريعية ويطلق على هذا النوع من العفو " العفو العام أو الشامل"
وقد نص الفصل 50 من ق ج على ما يلي :
" لا يكون العفو الشامل الا بنص تشريعي صريح ".
ويحدد هذا النص ما يترتب عن العفو من اثار دون المساس بحقوق الغير اما العفو الخاص أو العفو عن العقوبة فنص عليه الفصل 53 من القانون الجنائي بما يلي :
" العفو حق من حقوق الملك ويباشر وفق الترتيبات التي تضمنها الظهير الشريف رقم 1.57.387 الصادر في 16 رجب ـ 1377 الموافق 6 فبراير1958 بخصوص العفو.
وجاء في الفصل 97 من القانون الجنائي :
" العفو الخاص بالعقوبة الاصلية لا يسري على تدابير الوقاية الا إذا ورد نص صريح في قرار العفو على خلاف ذلك"
والعفو عن العقوبة يتخذ ثلاثة اشكال : فهو :
1- اما ان يسقط العقوبة كلها.
2- اما ان يسقط جزءا من العقوبة.
3- واما ان يبدلها بعقوبة اخف منها.
اما الاثر العام للعفو عن العقوبة فهو انقضاء العقوبة الاصلية المحكوم بها اما بالالغاء الكلي أو الجزئي أو بالتبديل بعقوبة اخف.
ويفسر بعض الفقهاء العفو عن العقوبة بكونه يصدر عن رئيس الدولة بصفته رئيسا للدولة وليس بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية لهذا لا يصح انتقاد فكرة العفو على العقوبة على أساس انها تعدي على استقلال القضاء من قبل السلطة التنفيذية.

ب‌- العفو الشامل
العفو الشامل يختلف عن العفو عن العقوبة أي انه يصدر بقانون من لدن السلطة التشريعية في مواجهة دعوى جنائية ذات طابع شعبي عام.
وغالبا ما يتم العفو الشامل لمواجهة تصفية دعوى جنائية مترتبة عن حالات اجرام جماعي فوضوي.
وقد جاء في الفصل 95 من القانون الجنائي ما يلي :
" القانون المتعلق بالعفو الشامل عن الجريمة أو عن العقوبة الاصلية يوقف تنفيذ التدابير الوقائية الشخصية دون التدابير العينية ما لم يوجد نص صريح على خلاف ذلك.

المطلب الرابع
وفاة المحكوم عليه
إذا توفي المحكوم عليه اثر النطق بالحكم أو قبل البدء  في إجراءات التنفيذ عليه، فان العقوبة تنقضي بموته.
واذا كانت العقوبة الزجرية تنتهي بموت المحكوم عليه فان الدعوى المدنية تبقى قائمة وتقام على الورثة وتسدد التعويضات قبل توزيع التركة على ورثة المتوفى ( الفصل 12 م ج) وجاء في الفصل 94 من القانون الجنائي ما يلي :
" موت المحكوم عليه لا يحول دون تنفيذ تدابير الوقاية العينية"

الفرع الثاني
زوال اثار العقوبة
رسم المشرع طريقة زوال اثار العقوبة تماما باتباع نظام قانوني اطلق عليه اسم  " رد الاعتبار" ويلتقي هذا النظام بما يسمى بالعفو الشامل لان كليهما يمحو الجريمة واثارها أي يؤديان إلى نفس الهدف.
ولما كان الحكم بالعقوبة على قدر معين من الجسامة كعقوبة الجناية أو الجنحة دون عقوبة المخالفات اقتصر نظام رد الاعتبار على الجنايات والجنح دون المخالفات.
الفصل الثاني 
اعادة الاعتبار في التشريع المغربي والمقارن
لقد سبق القول ان رد الاعتبار تارة يخضع لقرار القاضي ويسمى رد اعتبار قضائي وتارة يجب القضاء به بقوة القانون ويسمى رد اعتبار قانوني.
كما انه يختلف عن العفو الشامل في ان رد الاعتبار حقا للمحكوم عليه يصدر به امر قضائي أو يقع بقوة القانون بينما العفو الشامل يصدر بقانون من السلطة التشريعية وبالتالي ليس حقا للمحكوم عليه.
وفي هذا يتفق مع العفو عن العقوبة اذ يبنى على اعتبارات عامة وليس حقا مكتسبا للمحكوم عليه،
وقد استعرض المشرع المغربي احكام رد الاعتبار في الفصول 730 الى747 من ق م ج.
وقد جاء في الفصل 730 منه :
" ان كل شخص حكمت عليه محكمة زجرية بمملكتنا من جل جناية أو جنحة يمكن ان تعادله الحقوق التي حرم منها.
ويمحو رد الاعتبار هذا فيما يخص المستقبل العواقب الناتجة عن عقوبة عادلة والحرمان من الاهليات المترتب عنها".
والجدير بالذكر ان رد الاعتبار يضع كذلك حدا  لتنفيذ تدابير الوقاية باستثناء حالتين :

1- المحكوم عليه بالوضع القضائي في مؤسسة لعلاج الامراض العقلية.
2- المحكوم عليه بالوضع القضائي في مؤسسة علاجية.

وقد نص المشرع المغربي على هذه الاحكام في الفصلين 102 و103 ـ من القانون الجنائي.
ومن خلال استعراض  النصوص المذكورة من قانون المسطرة الجناية نجد ان هذا الموضوع ينحصر في نقطتين وهما :

1- أنواع رد الاعتبار وأحكامه.
2- اثاره.

أولا : أنواع رد الاعتبار
ينقسم رد الاعتبار إلى :
أولا : رد اعتبار قضائي.
ثانيا : رد اعتبار قانوني.
ثالثا : رد اعتبار تجاري.
وسأقوم بتحليل موجز لهذه الانواع مع بيان احكام كل منها :
أولا : رد الاعتبار القضائي خصائصه وشروطه :
وهي :

1- شرط الشمولية :
ينص الفصل 733 ق م ج على ما يلي :
" يتعين ان يشمل طلب رد الاعتبار مجموع العقوبات الصادرة التي لم يتقدم محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو عن طريق العفو العام.

ومعنى هذا عدم قابلية رد الاعتبار للتجزئة أي انه شاملا لكل الاحكام الصادرة بالادانة والعقوبات التي لم يتم محوها عن طريق رد اعتبار سابق، أو العفو الشامل، وإلا كان الطلب مرفوضا.
وذهب القانون المصري إلى ان الشخص الذي صدرت عليه عدة احكام فلا يحكم برد الاعتبار الا إذا تحققت الشروط المنصوص عليها في القانون بالنسبة لكل منها على ان يراعي في حساب المدة احدث الاحكام (541 قانون الإجراءات)

غير ان المشرع المغربي لم ينص على هذه الاحكام الا ان الاجتهاد القضائي سائر في هذا الاتجاه.
2- شرط الصفة :
حدد المشرع المغربي الاشخاص الذين يحق لهم تقديم طلب رد الاعتبار في الفصل 734 ق م ج وهو المحكوم عليه أو نائبه القانوني إذا كان محجورا.
وفي حالة وفاته يمكن لزوجته أو اصوله أو فروعه تقديم هذا الطلب لكن ضمن اجل مدته سنة من تاريخ الوفاة.
وذهب القانون المصري إلى ان طلب رد الاعتبار شخصي لا يحق لغير المحكوم عليه ان يتقدم به.

3- شرط تنفيذ العقوبة:
وهو شرط اساسي في رد الاعتبار القضائي فعدم تنفيذ العقوبة لا يخول رد الاعتبار.
وقد اعتبر الفصل 731 ق م ج العفو الخاص وتقادم العقوبة كالتنفيذ الفعلي للعقوبة.
وتجدر الإشارة إلى ان الاكراه البدني الذي ينفذه المحكوم عليه بالغرامة عند عدم ادائها يقوم مقام الاداء وهذا ما نص عليه الفصل 675  ق م ج.

4-  شرط الوفاء بكل الالتزامات المالية :
يتعين على طالب رد الاعتبار ان يؤدي ما حكم به عليه من غرامة أو رد أو تعويض أو مصاريف.
وحكمة هذا الشرط هو اصلاح المحكوم عليه لجميع ما ترتب على الجرائم من اثار، غير انه يمكن التجاوز عن اداء المصاريف القضائية إذا اثبت المحكوم عليه عجزه عن ادائها أو اثبت تنفيذ مدة الاجبار بالسجن أو أن الفريق المتضرر تخلى عن التنفيذ، واذا حكم عليه بالدفع على وجه التضامن حددت محكمة الاستئناف حصة المحكوم عليه طالب رد الاعتبار المصاريف والتعويضات التي يتعين اداؤها من طرفه.
واذا تعذر العثور على الفريق المتضرر أو امتنع من حيازة التعويض أودع بصندوق الودائع والامانات (الفصل 737 ق م ج) واضاف القانون المصري إلى ان المحكوم له الذي لم يطلب ما حكم له به من تعويض اورد خلال خمس سنوات جاز للمحكوم عليه استرداده.

5- شرط مرور مدة الاختبار المقرر قانونا :
وقد نص على  ذلك الفصل 735 ق م ج بالقول :
" لا يمكن تقديم طلب رد الاعتبار إلا بعد انصرام اجل قدره ثلاث سنوات : ويرفع هذا الاجل إلى خمس سنوات في حق المحكوم عليهم بعقوبة جنائية.
ويبدأ الاجل من يوم السراح من السجن في حق المحكوم عليهم بعقوبة تقضي بالحرمان من الحرية ومن يوم الاداء في حق المحكوم عليهم بالغرامة.
وقد جاء في قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 18 يناير1990 تحت عدد 399 المنشور  بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد ـ 44 ص 168 ما يلي :
(على انه في حالة الحكم بعقوبة مزدوجة يتعين اعتبار الاجل المقرر للعقوبة السالبة للحرية فقط، متى تحققت المحكمة من شروط الفصل 737 ق م ج.

اما في حالة العود إلى الجريمة وكذا المحكوم عليه بعقوبة جديدة بعد رد الاعتبار إليه فالمشرع في هاتين الحالتين ضاعف المدة الزمنية من ثلاثة سنوات إلى ستة ومن خمس سنوات إلى عشرة ( الفصل 736 ق م ج)
واشترط القانون المصري على المحكوم عليه طالب رد الاعتبار ان لا يكون قد سبق رد الاعتبار اذ لا يسمح برد الاعتبار الا مرة واحدة، وتعليل ذلك انه لا داعي لتكرار التسامح من قبل المجتمع ازاء المحكوم عليه الذي يكرر الاعتداء عليه.
والجدير بالذكر ان المشرع المصري حدد المهلة في ثلاثة سنوات إذا كانت العقوبة جنحة وعشر سنوات إذا كانت جنائية.
وضاعف المدة في حالة انقضاء العقوبة بالتقادم أو العود .
اما المشرع السوري فقد حدد المدة في ثلاث سنوات إذا كانت العقوبة جنحة وسبع سنوات إذا كانت جناية وضاعف المدة في حق العائدين الذين سبق ان رد اعتبارهم.

6- شرط عدم سقوط العقوبة بالتقادم :
فالشخص الذي سقطت عقوبته بالتقادم لا يمكن له الحصول على رد الاعتبار  القضائي بل عليه انتظار مدة اطول ليرد له اعتباره بحكم القانون ( الفصل 736 ق م ج)
ولعل ذلك راجع إلى الفرق بين من نفذ عقوبته وبين من تهرب منها حتى سقطت عنه بمضي المدة  فلا يحق التساوي بينهما.

ثانيا : رد الاعتبار القانوني
سبقت الإشارة إلى ان رد الاعتبار تارة يكون قضائيا وتارة قانونيا وقد بني هذا التقسيم على أساس السلطة التي تقرر رد الاعتبار
فان كان نص القانون هو الذي يقرر نكون أمام رد اعتبار قانوني.
واذا كانت سلطة القاضي هي التي تقرر نكون أمام رد اعتبار قضائي.
ويرجع السبب في وجود هاذين النوعين من اعادة الاعتبار إلى الوقت الذي برزت فيه عيوب اشابت نظام رد الاعتبار القضائي بفرنسا وذلك خلال القرن التاسع عشر وخاصة في الإجراءات المسطرية حيث كانت العلنية في منح رد الاعتبار تمنع المحكوم عليه من طلبه حتى لا يذكر الناس بنفسه بعد ان نسوا جرمه كما سبق القول.

مما ادى اى ظهور نظام رد الاعتبار القانوني الذي قرر القانوني الفرنسي دون حاجة إلى إجراءات وهو حتمي فليس هناك سلطة تستطيع رفضه متى توافرت شروطه.
وقد نظم المشرع المغربي احكام رد الاعتبار بحكم القانون في الفصلين 731 و732 ق م ج ومن خلال قراءة هذين النصين يتضح انه يرتبط بنوعين من العقوبات وهما : عقوبة نافذة ـ وعقوبة موقوفة التنفيذ.

النوع الأول : العقوبة نافذة :
يشترط لرد الاعتبار القانوني للمحكوم عليه عندما تكون العقوبة نافذة شرطين اثنين وهما : 
1- مرور زمن معين على تنفيذ العقوبة أو تقادمها أو انتهاء الاجبار بالسجن.
والهدف من اشتراط هذه المدة الزمنية هو التاكد من حسن سلوك المحكوم عليه.
وقد اشار المشرع المغربي إلى هذه المدد في الفصل 731 ق م ج وهي كما يلي :
أ‌- مرور خمس سنوات من يوم اداء الغرامة أو من يوم انتهاء الاجبار بالسجن أو انصرام امد التقادم فيما يتعلق بعقوبة الغرامة.

ب‌- فيما يخص العقوبة الحبسية لمدة لا تتجاوز ستة اشهر فبعد انتهاء اجل قدره  عشر سنوات من يوم انتهاء تنفيذ العقوبة على المحكوم عليه أو من يوم انصرام امد التقادم.

ج‌- فيما يخص العقوبة الوحيدة بالحبس لمدة لا تتجاوز سنتين أو فيما يخص عدة عقوبات لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة فبعد انتهاء اجل قدره خمسة عشر سنة.
من يوم تنفيذ العقوبة أو من يوم انصرام امد التقادم.
د- فيما يخص العقوبة الوحيدة لمدة تتجاوز سنتين أو عدة عقوبات لا يتجاوز مجموعها سنتين.
فبعد انصرام اجل قدره عشرون سنة من يوم تنفيذ العقوبة أو انصرام امد التقادم.
وفيما يخص العقوبات التي صدر الامر بإدماجها فانها تعتبر بمثابة عقوبة واحدة ( الفصل 731 ق م ج)
وعلة تنفيذ العقوبة ضروري لردع المحكوم عليه وتهذيبه واصلاحه.
والعفو عن العقوبة يقوم مقام تنفيذها إذا لا يقبل أن يحرم المعفو عنه من رد الاعتبار لان العفو يعني ان مصلحة المجتمع اقتضت العدول عن هذا التنفيذ.

ويتساوى ايضا انقضاء العقوبة بالتقادم، مع التنفيذ الكامل، فاذا انقضت المدة المحددة لتنفيذ الحكم دون ان ينفذ سقطت العقوبة بالتقادم ولا يجوز تنفيذها.
وعلة ذلك انه بمضي هذه المدة يفترض نسيان الحكم وليس من المعقول اثارة الجريمة بعد ان طواها النسيان.
ويعتبر التقادم من النظم العام يثيره القاضي تلقائيا وبدون طلب.
واذا كانت العقوبة مقيدة للحرية وافرج عن المحكوم عليه إفراجا شرطيا فان الاجل لا يبتدئ الا بعد انصرام المدة المتبقية من العقوبة.
واشير الى ان القانون المغربي سكت عن تحديد هذا الاجل الا ان اغلب التشريعات جعلت الاجل يبتدئ من يوم انتهاء العقوبة.

2- حسن السلوك خلال اجال رد الاعتبار القانوني :
ونعني بذلك عدم تعرض المحكوم عليه خلال تلك الفترة لحكم الادانة فاذا ارتكب جرما وادين فان ذلك سيكون سببا في قطع سريان تلك الفترة الزمنية المخولة لرد الاعتبار القانوني.
وقد حدد المشرع المصري رد الاعتبار القانوني ما بين ستة سنوات و 12 سنة.
وصنف العقوبات إلى عقوبة جنائية وجنح محددة على سبيل الحصر كالسرقة وخيانة الامانة والتزوير والنصب وحدد الاجل بالنسبة لهذا الصنف في 12 سنة .
اما باقي الجنح الخارجة عن هذا الاطار فحدد لها اجل ست سنوات.
لكنه ضاعف المدة في حالة العود وسقوط العقوبة بالتقادم.
ومضاعفة المدة لمن تهرب من التنفيذ حتى سقطت عقوبته بالتقادم امر منطقي حتى لا يتساوى مركز المحكوم عليه الذي نفذ العقوبة مع الهارب من تنفيذها.
واما مضاعفتها في حالة العود فهي مظنة سوء السلوك الشيء الذي يقتضي مدة أطول للتثبت من الاستقامة والاصلاح.
ونشير في هذا الصدد إلى ان العبرة بالعقوبة المحكوم بها اما جناية أو جنحة بغض عن وصف الجريمة التي من اجلها ادين المحكوم عليه.

النوع الثاني : العقوبة موقوفة التنفيذ
اشترط المشرع المغربي لكي يعاد للمحكوم عليه ـ بعقوبة موقوفة التنفيذ ـ رد الاعتبار القانوني الشروط التالية:
1- توافر مهلة زمنية تعتبر فترة  اختبار عن حسن نية المحكوم عليه مدتها 5 سنوات.
2- عدم الغاء الحكم المؤجل التنفيذ داخل الاجل المذكور.
3- بداية الاجل من اليوم الذي يصبح فيه الحكم بالعقوبة مكتسبا قوة الشيء المقضي به بصفة لا قبل الرجوع.
وقد سكت القانونان المصري والسوري عن ذكر هذه الحالة الاخيرة.
الا ان القضاء المصري عالجها بقوله :
" انقضاء مدة وقف التنفيذ دون صدور حكم بإلغائها يعد بمثابة سقوط للحكم بكل اثاره الجنائية، أي ان هذا السقوط يعتبر بمثابة رد الاعتبار قانوني للمحكوم عليه.

ثالثا : رد الاعتبار التجاري
نص الفصل 737 ق م ج في فقرته الثالثة على ما يلي :
" فاذا كان الحكم الصادر من اجل الافلاس بطريق التدليس تعين على المحكوم عليه ان يدلي ما يثبت اداء مدرك الفلس اصلا وفوائده وصوائره وما يثبت إعفاءه من اداء ما ذكر.
ومعنى هذا ان التاجر الذي حكم عليه من اجل الافلاس بطريق التدليس لكي يتسنى له رد اعتباره تعين عليه اداء ما عليه من دين وما يستتبعه من فوائد وصوائر أو يدلي بما يثبت إعفاءه من ادائها .
لكنه إذا اثبت انه عاجز عن اداء المصاريف القضائية امكن للمحكمة ان تسترد له الاعتبار ولو في حالة عدم الاداء كليا أو جزئيا.

وهناك حالتان خاصتان استثناهما المشرع المغربي من الشروط العامة لرد الاعتبار بحيث لا تنطبق في شانهما الشروط المتعلقة بتنفيذ العقوبة أو ما يقوم مقامها كالتقادم أو العفو وكذا الشروط المتعلقة بالاجال.
وهما : 1- رد الاعتبار للاحداث.
2 ـ الشخص الذي قدم للبلاد خدمة جليلة مخاطرا بحياته.

الحالة الأولى : رد الاعتبار للاحداث.
ان الحدث المحكوم عليه بالتدابير المنصوص عليها في الفصلين 516 و517 ق م ج.
له الحق في اعادة اعتباره تطبيقا للفصل 563 ق م ج الذي جاء فيه " إذا برهن الشخص المعني بالامر بصورة قاطعة عن تحسن سيرته يسوغ لمحكمة الأحداث عند انصرام اجل قدره خمس سنوات من يوم انتهاء تدبير الحماية أو اعادة التهذيب ان تامر بناء على التماس من الشخص المذكور أو من النيابة العامة أو  تلقائيا بالغاء البطاقة رقم 1 التي تنص على التدبير المتخذ في حقه وتختص بالنظر في ذلك كل من المحكمة التي اجرت المتابعة الأولى، أو المحكمة التي يوجد في دائرتها الموطن الحالي للشخص، أو المحكمة التي كان ازدياده بدائنتها ولا يقبل مقررها أي وجه من وجوه الطعن.
فان صدر الامر بالالغاء أتلفت البطاقة رقم 1 المتعلقة بالتدبير المذكور "

الحالة الثانية : الشخص الذي قدم للبلاد خدمة جليلة مخاطرا فيها بحياته 
لقد نص المشرع المغربي في الفصل 738 ق من ج على ما يلي :
" إذا ادى المحكوم عليه خدمات جليلة للبلاد مخاطرا فيها بحياته بعد ارتكاب الجريمة لم يتقيد طلب رد الاعتبار باي شرط من حيث الاجال أو تنفيذ العقوبة.
وقد نص عليها المشرع الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى حيث صدرت قوانين في شان رد الاعتبار للمحكوم عليهم الذين اظهروا شجاعتهم خلال الحرب.

ومع نهاية الحرب العالمية الثانية اصدر قانون 13 غشت 1945 الذي اعفى المحكوم عليهم من كل الشروط الخاصة بهم بتنفيذ العقوبة وباجال رد الاعتبار كلما تبين انهم قدموا خدمات جليلة لبلادهم خلال الحرب .
وهدف المشرع هو تشجيع المحكوم عليهم بالتضحية في سبيل الوطن كرجال المقاومة واعضاء جيش التحرير.
لكن بقية الشروط الاخرى كالحقوق المدنية وعدم تجديد طلب رد الاعتبار في حالة رفضه من طرف المحكمة الا بعد مرور اجل سنتين من تاريخ الرفض فالمشرع المغربي الزم طالب رد الاعتبار بها ولن تسقط عنه مهما كانت الظروف.
واشير في هذا الصدد إلى ان القانونين المصري والسوري لم ينصا على هذه الحالة الاخيرة.

ثالثا : آثار رد الاعتبار
يترتب على رد الاعتبار محو الحكم الصادر بالادانة بالنسبة للمستقبل وزاول كل ما يترتب عليه من انعدام الاهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية.

الفصل الثالث
إجراءات رد الاعتبار
نظم المشرع المغربي احكام إجراءات رد الاعتبار في الفصول 739 إلى 746 ق م ج وقد أورد في الفصول المذكورة صياغة الطلب والاجراءات التي يجب ان يتخذها وكيل الملك فور تلقيه الطلب ومن ابرزها التأكد من سلوكه ووسائل ارتزاق طالب رد الاعتبار ومدة اقامته بكل بلدة وذلك بمكاتبة السلطات المحلية لمكان سكنى الطالب.
كما يمكن له زيادة على ذلك ان يأمر بإجراء بحث من طرف مصالح رجال الدرك ورجال الامن بالاماكن التي اقام بها طالب رد الاعتبار.

وعليه ايضا الحصول على نسخة الحكم الصادر بالعقوبة على الفاعل طالب رد الاعتبار.
وملخص دفتر الايداع من السجن الذي قضى به المحكوم عليه مدة العقوبة وكذا راي مدير السجن حول سلوك المحكوم عليه خلال مدة الاعتقال وكذلك البطاقة رقم 2 من السجل العدلي.
وتوجه هذه الوثائق مشفوعة برأيه الى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف والذي يحيلها بدوره على الغرفة الجنحية بنفس المحكمة مصحوبة بملتمسه الكتابي حول الموضوع.

ويمكن كذلك لطالب رد الاعتبار ان يعرض مباشرة على محكمة الاستئناف سائر الوثائق التي يراها مفيدة.
وكانت غرفة الاتهام سابقا هي التي تنظر في الطلب طبقا للفترة الاخيرة من الفصل 730 ق م ج الا انه بعد صدور الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.448 بتاريخ 11 رمضان 1394، موافق 28 شتنبر1974، المتعلق بالاجراءات الانتقالية انتقل اختصاص البت في طلب رد الاعتبار إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بمقتضى الفصل العاشر منه.

وتبت الغرفة الجنحية في الطلب داخل  اجل شهرين بعد الاستماع إلى الفريق الذي يعنيه الامر والى وكيله أو بعد استدعائهما  بصفة قانونية.
وقراراها هذا لا يقبل الطعن الا بالنقض لدى المجلس الأعلى وفقا للشروط المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية.
وفي حالة رفض الطلب لا يمكن تقديم طلب جديد الا بعد انصرام اجل قدره سنتان من تاريخ الرفض.
والقرار الصادر برد الاعتبار للمحكوم عليه يجب التنصيص عليه بهامش الاحكام الصادرة بالعقوبة وكذا بالسجل العدلي.
وفي حالة تطبيق قواعد الاختصاص الاستثنائية المنصوص عليها في الفصل 267 والفقرة الثانية من الفصل 270 من ق م ح.
فقد اسند المشرع المغربي الاختصاص في طلب رد الاعتبار للمجلس الأعلى وحده.
ويجري التحقيق في الطلب على يد الوكيل العام للملك لدى المجلس المذكور.

وتجدر الإشارة من جهة اخرى إلى ان المحاكم المغربية لا تستند في طلبات اعادة الاعتبار الا على الاحكام الصادرة عن المحاكم المغربية بصريح الفصل 730 ق م ج خلافا للقانونين المصري والسوري اللذين اجاز الاعتماد على الاحكام الأجنبية في اعادة الاعتبار الا ان المحاكم غير ملزمة بذلك.
وفيما يتعلق بالاختصاص فان المشرع المصري اسند الاختصاص في طلب رد الاعتبار إلى محكمة الجنايات التابع لها محل اقامة المحكوم عليه.

وتبث في الطلب بالقبول أو الرفض أو بالغاء حكم رد الاعتبار وقبول الطلب لا يتم الا بعد تسجيل القرار بها مثل الحكم بالعقوبة وفي السوابق العدلية، وفي حالة رفض الطلب يجوز تجديده بعد عامين إذا بني الرفض على سبب راجع لسلوك المحكوم عليه، اما إذا بني على احوال اخرى فيجوز تحديده متى توافرت الشروط اللازمة لذلك.
اما في حالة الغاء الحكم برد الاعتبار القضائي فهذا القرار تتخذه المحكمة المصرية في حالة ما إذا ظهر ان المحكوم عليه صدرت عليه احكام اخرى لم تكن  المحكمة على علم بها أو إذا حكم عليه ـ بعد رد الاعتبار ـ في جريمة وقعت قبله.

وقد سكت المشرع المغربي على هاتين الحالتين :
وفي القانون السوري يقدم المحكوم عليه طلب اعادة رد الاعتبار إلى قاضي الإحالة بعدما يذكر فيه المواد القانونية التي تنطبق عليه أي انه يطلب اعادة الاعتبار القضائي أو القانون فيدرس قاضي الإحالة الطلب ويتحقق من استفاء الشروط ثم يرسل الأوراق إلى النائب العام ليبدي مطالبه بشان الطلب وهذا الأخير يعيد الأوراق مرفوقة برأيه إلى قاضي الإحالة.

وهنا يجب التفريق بين حالتين :
فان كانت اعادة الاعتبار القانوني بحكم القانون كان الاختصاص لقاضي الإحالة الذي يقرر قبول الطلب إذا توافرت فيه جميع الشروط وإذا كانت اعادة الاعتبار قضائية فان قاضي الإحالة يبدي رايه في الطلب ويحيله مع الأوراق على النائب العام الذي يحيله بدوره عن المحكمة التي اصدرت الحكم النهائي موضوع رد الاعتبار وهذه الاخيرة تبحث في توافر الشروط اللازمة فان وجدتها  تامة قررت قبول الطلب وفي حالة رفضه فان قراراها مبرم لا يخضع لاي طريق من طرق الطعن.

ولا يستطيع طالب رد الاعتبار تجديد طلبه الا بعد مضي سنة من تاريخ تبليغ قرار الرفض.
وخلاصة القول ان الذي صدر عليه حكم جنائي أو جنحي  بالعقوبة ونفذها أو سقطت بالتقادم أو العفو عنها ترتب على ذلك نتائج هامة حتى لو صدر عفو عنها أو سقطت بالتقادم فان ذلك يحولان دون تنفيذ العقوبة فقط ويبقيان الحكم والجريمة على حالهما.

وهذا معناه بقاء المعفو عنه، وكذا الذي سقطت عقوبته بالتقادم أو نفذها، محروما من الحقوق المدنية والسياسية وهذا من شانه ان يسد في وجهه ابواب اصلاح نفسه لانه لن يجد اية فائدة في هذا الاصلاح لذلك ادخل القانون مؤسسة اعادة الاعتبار وقسمها إلى رد الاعتبار بحكم القانون.

ورد الاعتبار القضائي
ورد الاعتبار التجاري
وخصها بشروط حتى يتمكن المحكوم عليه من اعادة اعتباره ومن جهة اخرى فان المشرع حدد مهل مختلفة لاعادة رد الاعتبار حسب نوع الجريمة المرتكبة والعقوبة المحكم بها اما جناية أو جنحة وهل هناك حالة عود أو ان المحكوم عليه ارتكب جريمة جديدة بعد اعادة اعتباره.

وهناك اختلاف في المدد بين رد الاعتبار بحكم القانون ورد الاعتبار القضائي.
وهدف المشرع من تحديد هذه الفترة الزمنية هو التأكد من حسن سيرة المحكوم عليه وحسن سلوكه أي انه قد صلح فعلا ام لا ؟

وتتاكد المحكمة من السلوك بالرجوع إلى سجلات السجن والى التحري عن سيرته بعد  الافراج عنه من السجن.
ومن جهة اخرى يمكن ان نتساءل فيما إذا صدر عفو خاص يقضي باستبدال عقوبة جنائية بعقوبة جنحية هل تبقى المدة جناية نظرا لاصل العقوبة ام مدة جنحية نظرا للعقوبة الجديدة، شراح القانون يرون ان هذا العفو خاص بتنفيذ العقوبة ولا يمس الحكم الاصلي.

ومن ناحية اخرى فان المحاكم المغربية لا تستنفي اعادة رد الاعتبار إلا على الاحكام التي صدرت عن المحاكم المغربية بصريح النص على خلاف القانونيين المصري والسوري.
والجدير بالاشارة إلى ان اعادة الاعتبار تترتب عليه اثار ايجابية وهي محو الحكم الصادر بالادانة على المحكوم عليه بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الاهلية والحرمان من الحقوق.
وفي الأخير اود ان ابدي بعض الملاحظات في هذا الموضوع.

الملاحظة الأولى :
تتعلق باشكالية تطبيق مقتضيات الفصلين 731 و732 ق م ج المتعلقين برد الاعتبار بحكم القانون.
من المعلوم ان مفهوم رد الاعتبار بحكم القانون أو بقوة القانون لا يحتاج إلى اية مطالبة قضائية لاعادة الاعتبار لانه لو قلنا بعكس ذلك لافرغنا مؤسسة رد الاعتبار القانوني من محتواها وتساوت مع رد الاعتبار القضائي على حد سواء.

وهذا الاتجاه الأخير هو الذي دأبت عليه العديد من المحاكم بدعوى ان قانون المسطرة الجنائية لا يتضمن اية مسطرة خاصة برد الاعتبار القانوني فكان لا بد من ادماجه مع رد الاعتبار القضائي وقد نتساءل لماذا لا يطبق الفصل 703 من ق م ج الذي يعطي الصلاحية لكاتب الضبط بمحكمة دائرة ازدياد المحكوم عليه أو القاضي المكلف بمصلحة السجل العدلي المركزي بسحب البطاقة رقم 1 من السجل العدلي واتلافها وذلك حينما تتاكد من ان رد الاعتبار اصبح حقا مكتسبا بصفة قانونية.

وهكذا يتخلص من العديد من البطائق وبالتالي اعفاء طالب رد الاعتبار من كثرة الإجراءات أمام القضاء.
وقد يكون الجواب على ذلك ان المشرع المغربي لم يحط هذا الفصل بضمانات تحول دون الوقوع في الخطأ من طرف كاتب الضبط خاصة فيما يتعلق  بتوفر الشروط المتعلقة برد الاعتبار القانوني.

الملاحظة الثانية :
تتعلق بضرورة توفر مدة زمنية على تنفيذ العقوبة بالغرامة وحدها.
الملاحظ من خلال العمل الميداني انه في غالب الاحيان يتأخر التنفيذ على المحكوم عليه في الغرامة، وعندما يضطر لتقديم طلب رد الاعتبار يبادر تلقائيا بأداء الغرامة المحكوم بها عليه دون احترام الاجل المطلوب وهو ثلاث سنوات بالنسبة لرد الاعتبار القضائي وخمس سنوات لرد الاعتبار القانوني ابتداءا من تاريخ الاداء وبالتالي  يتعرض طلبه للرفض لعدم اكتمال الاجل وقد تكون الغرامة مثلا 200 درهم.
لهذا اقترح ان يسلك المشرع المغربي مسلك المشرع الفرنسي الذي نص على ان اجل رد الاعتبار القضائي يبدا من يوم صدور الحكم النهائي بعقوبة الغرامة ( الفصل 786 ق م ج).

الملاحظة الثالثة :
ارى ان المشرع المغربي شدد في المدد الزمنية بالنسبة لرد الاعتبار القانوني التي تتراوح ما بين 5 و20 سنة.
بينما القانون المصري حددها ما بين 6 سنوات و12 سنة.

الملاحظة الرابعة :
ان الفصل 735 ق م ج، يقول لا يمكن تقديم طلب رد الاعتبار الا بعد انصرام اجل قدره ثلاث سنوات ويرفع هذا الاجل إلى خمس سنوات في حق المحكوم عليهم بعقوبة جنائية.

السؤال  المطروح : فيما إذا قدم المحكوم عليه طلبا برد الاعتبار قبل انتهاء اجل ثلاثة سنوات بشهر واحد مثلا ولما وصل الملف إلى المحكمة وصار جاهزا للبث فيه اصبح الاجل يفوق المدة القانونية فهل تحكم المحكمة بالرفض لان الطلب قدم قبل اكتمال الاجال أم ان هذا الاجل اصبح كاملا اثناء البت فيه من طرف المحكمة وبالتالي يتعين الحكم بقبول الطلب.
والجدير بالذكر ان الغرفة الجنحية لهذه المحكمة اخذت بالرأي الثاني في قراراتها.
الملاحظة الخامسة :

حينما تكون العقوبة موقوفة التنفيذ فالمشرع هنا حدد المهلة لرد الاعتبار في خمس سنوات كاملة.
وعندما تكون نافدة حددها في ثلاث سنوات وكان من الانسب في رأي ان يحدد الاجل بالنسبة للعقوبة المؤجلة التنفيذ في ثلاث سنوات على غرار اجل العقوبة النافذة، حتى لا يتضرر المحكوم عليه من طول المدة.
الملاحظة السادسة :

المشرع المغربي في الفصل 745 ق م ج اشار انه في حالة رفض الطلب برد الاعتبار من  قبل المحكمة لا يمكن تقديم طلب جديد الا بعد انصرام اجل قدره سنتان من تاريخ الرفض.
اعتقد ان هذا الشرط يعد قاسيا لطول مدته، لذلك ارى شخصيا ان من رفض طلبه يجوز له تجديده متى توافرت الشروط  اللازمة لذلك.
وهذا ما داب عليه القانون المصري مع استثنائه لحالة واحدة وهي المتعلقة  بالشرط الراجع لسلوك المحكوم عليه.

مجلة الإشعاع، عدد21، ص 83.

تعليقات