القائمة الرئيسية

الصفحات



مقال متميز للأستاذ محمد الخمالي حول المادة 2 من مدونة الحقوق العينية و أهم الاشكالات التي تطرحها









#مقال متميز للأستاذ محمد الخمالي عن: 
■ المادة 2 من مدونة الحقوق العينية و أهم الاشكالات التي تطرحها.
● منذ اليوم الاول من صدورها كانت ومازالت المادة الثانية
من مدونة الحقوق العينية - سيئة السمعة - تثير الكثير من النقاشات و الاشكالات سواء على المستوى النظري ام على المستوى التطبيقي و العملي الامر الذي يجعل المجال مفتوحا على مجموعة من القراءات التي تحاول تقديم تأويلات منسجمة مع الأسس القانونية التي تضمن التوازن بين مبدئين رئيسين ؛ مبدأ حماية الملكية العقارية من جهة ، و مبدأ استقرار المعاملات من جهة ثانية ولكن هذه المرة فقط وفق قواعد نظام التحفيظ العقاري و مدونة الحقوق العينية !
فاذا كان تكريس مبدأ حماية الملكية العقارية يقتضى تمكين صاحب الحق من استرداد حقه العيني من يد من أخذه بغير وجه حق و بمدخل غير مشروع ، فان تكريس مبدأ استقرار المعاملات يقتضي من جهة اخرى حماية الغير المقيد عن حسن نية مع الاخذ بعين الاعتبار انعكاس ذلك على تشجيع الاستثمارات و تفعيل دور العقار في التنمية .
لكن السؤال المطروح هو من الاولى بالحماية في نظام التحفيظ العقاري ؛ صاحب الحق؟ ام المقيد حسن النية ؟!
يبدو ان المشرع اثناء صياغة نصوص قانون التحفيظ العقاري ، وكذا مدونة الحقوق العينية كان على وعي تام بهذا الاشكال العميق،و كان يحاول أن يوازن بين المبدئين ويخرج بصيغة تخفف من احدهما لصالح الاخر ، وهو الامر الذي أنتج لنا نصين أساسيين قبل الانتقال مباشرة الى تفعيل الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري ، احدهما في قانون 14.07 و المتعلق بالتحفيظ العقاري و هو نص الفقرة الاخيرة من الفصل66، و الثاني في مدونة الحقوق العينية و بالضبط في الفقرة الثانية من المادة الثانية ، فما مضمون النصين ؟
- تنص الفقر الثانية من الفصل 66 على ما يلي :
" .. لا يمكن في اي حال التمسك بابطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة "
وهو الذي يعطي حصانة مطلقة للمقيد بالرسم العقاري بشرط ان يكون حسن النية ،وحسن النية مفترض دائما ما لم يثبت العكس كما ينص على ذلك الفصل 477 من قانون الالتزامات و العقود .
- أما المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية فتنص على مايلي :
"ان ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشيطب من الرسم العقاري لا يمكن التمسك به في مواجهة آلغير المقيد عن حسن نية ، كما لا يمكن ان يلحق به اي ضرر ، الا اذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور او استعماله شريطة ان يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل اجل اربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب ابطاله او تغيير ه او التشطيب عليه "
في محاولة تحليلية لمضمون المادة الثانية يمكن القول بانه لا يمكن التمسك اي المطالبة بإبطال او تغيير او تشطيب على التقييدات الواردة على الرسم العقاري في مواجهة الغير حسن النية ، الا في الحالات التالية :




اذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس
اذا كان صاحب الحق تضرر بسبب زور او استعماله
و الكل شريطة ان يطالب صاحب الحق بحقه و يرفع دعواه داخل اجل اربع سنوات من تاريخ التقييد .
اي ان الذي لم يتضرر بسبب التدليس او الزور أو استعمال الزور لا يحق له ان يطالب بالتشطيب او الإبطال او التغيير ..
كما ان الذي استوفى اجل الأربع سنوات فلن تسمع دعواه وقد سقط حقه في تقديم دعواه في مواجهة المقيد حسن النية .
و لا يبقى امام مدعي الحق الا ان يطالب بالتعويض في مواجهة الطرف الثالث "اي المفوِّت "اللهم اذا اثبت سوء نية المقيد فانه - اي سيّء النية - حسب المادة الثانية لا يتمتع بالحماية التي منحت للمقيد حسن النية ، فلا مشروعية لحق تم اخذه بسوء نية ، حتى بعد تمام اربع سنوات مادام صاحب الحق استطاع إثبات سوء النية و الزُّور او التدليس ! و لا حديث معه عن تكريس مبدأ استقرار المعاملات وإنما نكون امام شرعنة الاستيلاء و النصب و الاحتيال على حقوق الناس ومكتسباتهم، الامر الذي يصيب الأمن العقاري في مقتل ، وهو الشيء الذي لم يقصده المشرع المغربي بطبيعة الحال ، وما ينبغي له ذلك !
و من اجل مزيد من التوضيح يمكن تفصيل المسالة فيما مايلي :
- الحالة الاولى :
1)مقيد حسن النية في مواجهة 2) صاحب الحق 3) المفوت سيّء النية
هنا نكون امام ثلاثة أطراف أولهما المقيد حسن النية فهو دائما حسن النية مالم يثبت العكس ،ثم ان إثبات سوء نية المفوت لا يغير بالضرورة مركز المقيد من حسن النية الى مركز سوء النية بشكل تلقائي ، ولا يقول بذلك عقل ولا نقل !
و ثانيهما صاحب الحق الذي يطالب بحقه في مواجهة المقيد حسن النية ، و الذي يكون امامه من اجل ان يسترجع حقه العيني حتى من يد المقيد حسن النية ان يحقق شرطين أساسيين :
التدليس او الزُّور او استعماله
المطالَبة بالحق داخل اجل اربع سنوات
- الحالة الثانية :
1) مقيد سيّء النية في مواجهة 2) صاحب الحق 3) المفوت سيّء النية
في هذه الحالة نكون امام مقيد سيّء النية، و النص يخص فقط المقيد حسن النية و لو اراد ان يعمم لاقتصر على ذكر المقيد هكذا بدون وصفه تحديدا ، الامر الذي يدل دلالة واضحة لا مجال معها للبس او الغموض ان المقيد سيّء النية لم يشمله نص المادة الثانية ، ولا حتى الفصل 66 من قانون 14.07 ولا تشمله اية حماية ويكفي فقط إثبات سوء النية والتدليس او الزُّور دون ان ترتبط بأجل معين فضلا عن تكون محصورة في 4 سنوات .
و الا فما الغاية من نص المشرع على مبدأ حُسن النية اذا كان حٓسٓنُ النية و سيِّئُها سواء في الحصانة بعد مرور4 سنوات ؟!
و بناء على ما ذكر ، نخلص الى ان المشرع حاول كما يبدو خلق نوع من الموازنة بين المبدئين المذكورين أعلاه ، فكان ان منح صاحب الحق فرصة اربع سنوات لتقديم دعواه و استرجاع حقه في مواجهة المقيد حتى لو كان حسن النية بشرط ان يثبت الزُّور او التدليس ، ثم انتقل مباشرة الى حماية منح حصانة متينة للمقيد حسن النية - و فقط ذي النية الحسنة - مباشرة بعد انصرام اجل الأربع سنوات حتى في مواجهة صاحب الحق الذي اثبت زور او تدليس المفوت ، لنكون امام تقييد مكتسب للمقيد حسن النية مسقط لصاحب الحق ، مع الاحتفاظ لهذا الاخير بحقه في الرجوع على المفوت صاحب الزُّور او مستعملة او ، مع الاحتفاظ لهذا الاخير بحقه في الرجوع على المفوت صاحب الزُّور او مستعملة او المدلس للمطالبة بالتعويض ، بعدما انتقل الحق العيني الى حق شخصي .. اما دعواه في مواجهة المقيّد ذي النية الحسنة -المحمي بحسن نيته- فلا تُسمع !

تعليقات