📁 آخر الأخبار

بيع العقار في طور البناء على ضوء التشريع المغربي ذ خالد يوسفي ذة حكيمة السديري

بيع العقار في طور البناء على ضوء التشريع المغربي ذ خالد يوسفي  ذة حكيمة السديري






                                                 
من إعداد : الأستاذ خالد يوسفي                                                                            الأستاذة حكيمة السديري
 بحث في موضوع :
بيع العقار في طور البناء على ضوء التشريع المغربي.

 -مداخلة ألقيت في الندوة الجهوية الخامسة في موضوع :النزاعات العقارية من خلال توجهات  المجلس الأعلى سطات، القاعة الكبرى لولاية الشاوية ورديغة 26-27 أبريل 2007


سعت الدولة في إطار سياستها التشريعية، التي أخذتها على عاتقها منذ تسعينات القرن الماضي، إلى تحيين وتحديث ترسانتها القانونية، بإعداد مدونات جديدة للأسرة والتأمين والتجارة وإدخال تعديلات جوهرية على قوانين أخرى ومن بينها قانون الالتزامات والعقود.
فهذا القانون الأخير الذي هو وليد الحماية الفرنسية من خلال مدونة سانتيا ظل صامدا ولعقود من الزمن بمبادئه الكلاسيكية. على الرغم من الأصوات التي بدأت ترتفع بضرورة إحالته على التقاعد وإيداعه بأحد المتاحف. وصياغة قانون جديد يواكب العصر بمبادئه الجديدة ومعطياته الحالية التي فرضتها التطورات التقنية الحديثة، خاصة في ميدان التعاقد والإثبات بالوسائل الحديثة. تمشيا مع مستلزمات العولمة واتفاقيات التبادل الحر، وخير دليل على ذلك الفراغ القانوني على مستوى إثبات العقود التي تتم بالهاتف أو الفاكس أو الشبكة المعلوماتية "INTERNET". أو حتى المعاملات البنكية التي تتم بالبطاقة الإلكترونية أو غيرها من الاتفاقات التي تسجل على دعامات إلكترونية، أو تخزن في قرص مدمج أو ميكروفيلم..... إلخ.
وفي هذا السياق، يندرج التعديل الأخير الذي أقدم عليه المشرع المغربي بإدخال مؤسسة قانونية جديدة وهي بيع العقار في طور البناء بموجب قانون 44.00 المتمم لقانون الالتزامات والعقود على غرار النهج الذي سلكه المشرع الفرنسي بموجب قانون 1967.
وتأتي أهمية هذا القانون ليس فقط من حيث النفع الاقتصادي المترتب عليه بل حتى أيضا من حيث التعديلات الجوهرية التي أقدم عليها والتي جعلت التشريع المغربي يطل لأول مرة على مؤسسات قانونية جديدة عرفها ويعرفها القانون المقارن ولا وجود لها في قاموسنا التشريعي.
فمن حيث النفع الاقتصادي فلن يجادل أحد في القيمة الاقتصادية والمالية لهذا القانون الذي فرضته بالأساس الظرفية الاجتماعية والاقتصادية. والنهج العام للدولة الذي يقوم على تشجيع الاستثمار في الميدان العقاري للحد من ظاهرة أزمة السكن، وذلك بتوفير آليات تشريعية للتعاقد بين المستثمر والمستفيد مباشرة دون أي وسطاء في هذا الشأن. هذا إلى جانب توفير التمويل اللازم للمقاولات انطلاقا من العملية التعاقدية ذاتها من خلال الأقساط الدورية التي يؤديها المستفيد دون حاجة إلى الاقتراض من المؤسسات البنكية والانتظار إلى حين بيع الشقق للتسديد مع ما يترتب عن كل تأخير من فوائد وويلات.
أما من حيث التعديلات الجوهرية، فلا يخفى أن هذا القانون قد نص لأول مرة على مؤسسات قانونية لم يكن يعرفها التشريع المغربي من خلال التنصيص على عقد البيع الابتدائي، وعلى حق المستفيد في التخلي عن هذا العقد لصالح الغير وهو ما يعرف في التشريع المقارن بالتنازل على العقد LA CESSION DU CONTRAT . وأعطى لأول مرة الحق للمحامي في إبرام العقود المتعلقة بهذا الشأن وجعل التقييد الاحتياطي ينصب على حق شخصي واضعا حدا لتضارب الاجتهاد القضائي بخصوص هذه الإشكالية.
ومعالجة هذا الموضوع تقتضي الوقوف من جهة على طريقة التعاقد في بيع العقار في طور البناء ( فصل أول) بالتعرض لشكليات هذا التعاقد ( مبحث ثاني) والتزامات الطرفين (مبحث ثاني) ومن جهة أخرى على ضمانات تنفيذ هذا العقد (فصل ثاني)  سواء تلك التي تبتغي حماية المشتري ( مبحث أول) أو البائع (مبحث ثاني).
ولكن قبل ذلك ينبغي التقديم لهذا الموضوع بتعريف هذا النوع من البيوع (أولا) وتمييزه عن غيره من العقود(ثانيا).
أولا: تعريف بيع عقار في طور البناء:
بيع العقار في طور البناء هو من البيوع التي كان متعارفا عليها في الممارسة التعاقدية في المغرب وغيره من الدول تحت مسميات مختلفة كالبيع على التصميم أو بيع التصاميم وقد تدخل المشرع أخيرا بمقتضى قانون رقم 44.00 قصد تنظيمه على غرار المشرع الفرنسي الذي قننه سنة 1967 والمشرع التونسي سنة 1990.
وفي الفصل الأول من هذا القانون عرف المشرع هذا النوع بأنه " كل اتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال".
وكما يتضح فهذا التعريف جاء مركزا بالأساس على بيان التزامات الطرفين باعتبارها مميزة لهذا النوع من البيوع. فمن الالتزامات الأساسية التي تقع على عاتق البائع الالتزام بتشييد  البناء بالمواصفات المتفق عليها داخل أجل معين، في حين يلتزم المشتري بدفع الثمن في شكل أقساط دورية حسب الاتفاق وتبعا لتقدم الأشغال على أن لا تنتقل الملكية لهذا الأخير إلا عند انتهاء الأشغال وإبرام العقد النهائي.
 ويقترب هذا التعريف من ذلك الذي سنه المشرع الفرنسي في المادة 1-1601 من القانون 1967 إذ عرفه هذا الأخير بكونه " العقد الذي يلتزم بمقتضاه البائع ببناء عقار خلال مدة يحددها القانون."[1]
ومن حسنات التشريع المغربي أنه لم يكتف بذكر التزام البائع فقط كما ذهب إلى ذلك المشرع الفرنسي بل أشار إلى التزام المشتري أيضا، لكن ما يعاب عنه هو أن النص جاء معيبا إلى حد ما من حيث الصياغة اللغوية إذ استعمل كلمة "إنجاز" في حين أن المقصود هو البناء
أو التشييد، ومرد ذلك بالأساس الترجمة المعيبة لكلمة "
édifier" الواردة في القانون الفرنسي الذي اقتبس منه النص المغربي.
وبيع العقار في طور البناء هو من العقود العوضية، الملزمة للجانبين، وقد أصبح بمقتضى هذا التنظيم الجديد عقدا مسمى له اسم خاص به يميزه عن غيره، وأحكام خاصة يخضع لها، وهو غالبا ما يتم بين المشتري أو الزبون وهو عادة شخص عادي. وبين البائع أو المنعش العقاري وهو شخص محترف في الغالب. الشيء الذي يجعله في كثير من الأحيان عقد إذعان تصادر فيه إرادة المشتري فلا يكون أمامه إلا خياران إما التعاقد أو عدم التعاقد. وهو ما يفسر التدخل التشريعي بشكل قوي بقواعد آمرة في مختلف أحكامه، ضمانا للتوازن العقدي وحماية للمشتري من تعسف البائع في قطاع حيوي كالسكن.
ثانيا: تمييز عقد بيع العقار في طور البناء عن غيره من العقود المشابهة له:
الغاية من هذا التمييز ليس ذكر صفاته ومحاسنه، بل الأمر يتعدى ذلك إلى تفسير إرادة الطرفين عند غموضها وتحديد طبيعة الاتفاق وكذا النظام القانوني الواجب إخضاعه له، وهذا لا يتأتى إلا بتحديد عناصر هذا العقد وتمييزه عن غيره من العقود التي قد تلتبس به أو تتشابه معه.
وعلى هذا الأساس فبيع العقار في طور البناء هو نوع من البيوع يختلف عن البيع العادي في عنصر أساسي ومحوري يتمثل في التزام البائع في تشييد البناء داخل أجل محدد وبمواصفات خاصة، فإن كان الأمر يقتصر فقط على تسليم هذا العقار داخل أجل معين أو نقل ملكيته بمجرد التعاقد كنا أمام بيع عادي أما إذا كان الأمر ينصرف إلى بناء العقار فالبيع هو لعقار في طور الإنجاز ويخضع لأحكامه الخاصة.
هذا وإن بيع العقار في طور البناء قد يلتبس أحيانا مع البيع بشرط الاحتفاظ بالملكية لكون ملكية المبيع في البيعين معا لا تنتقل للمشتري فور التعاقد. بل بعد سداد آخر قسط من الثمن لكن ما يميز بيع العقار في طور الإنجاز عن هذا البيع. هو أن المبيع لا يكون موجودا عند التعاقد بل يتم تشييده داخل أجل محدد بخلاف البيع مع الاحتفاظ بالملكية حيث يكون المبيع موجودا وتحت تصرف المشتري.
وكثيرا ما يتداخل عقد بيع العقار في طور البناء مع عقد المقاولة. خصوصا وان إنشاء العقار موضوع هذا العقد لا يتحقق فعلا إلا عبر آليات عقد المقاولة. وعموما فإذا كان الفارق بينهما يتمثل في كون عقد المقاولة ينصب على الصنعة في حين أن هذا النوع من البيوع يرد على الملكية. فإنه كثيرا ما يتعذر تمييزهما سيما إذا كان المقاول هو المالك للأرض والتزم بتشييد بناء عليها داخل أجل محدد مقابل ثمن مقسط حسب تقدم الأشغال إذ يعتبر العقد في هذه الحالة عقد بيع لعقار في طور البناء.
وأخيرا فإن هذا النوع من البيوع يختلف عن الائتمان الايجاري العقاري
crédit bail immobilière)) على اعتبار أن هذا الأخير هو بالأساس أداة تمويلية من خلالها تقوم الشركات المعتمدة في هذا القطاع باقتناء ما يحتاج إليه الزبون من عقار من أجل استغلاله لمدة معينة مقابل أقساط على أن تبقى المؤسسة التمويلية هي المالكة لهذا العقار ويبقى للمستفيد حق الخيار بين إنهاء العقد عند حلول الأجل أو تملك العقار مقابل ثمن معين، وهو بذلك يختلف عن بيع العقار في طور البناء في كون المشتري في هذا العقد الأخير يصبح مالكا للعقار بمجرد الانتهاء من الأشغال وإبرام العقد النهائي.


الفصل الأول: تقنية التعاقد في بيع العقار في طور البناء
فهذا النوع من البيوع ينصب على شيء مستقبلي غير موجود عند التعاقد، بل يتم اتفاق الطرفين على إيجاده وإنشائه خلال أجل معين ونقل ملكيته للمشتري. ولكون هذا العقد غالبا ما يمتد في الزمن وإن كان من العقود الفورية 1 فقد أحاطه المشرع بأحكام وشكليات خاصة (المبحث الأول) تبتغي بالأساس حماية الطرفين  وتبصيرهما بالالتزامات الواقعة على عاتقهما (المبحث الثاني).
المبحث الأول : شكليات التعاقد.
وتظهر هذه الشكليات في حرص المشرع على صياغة هذا العقد في قالب كتابي ( المطلب الأول) يتضمن بعض البيانات الجوهرية التي اقتضتها طبيعة هذا العقد ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: شكليات انعقاد بيع العقار في طور البناء.
يمر بيع العقار في طور البناء عبر مرحلتين أساسيتين لا تقل إحداهما أهمية عن الأخرى فلا بد من إبرام عقد بيع ابتدائي يمهد لإبرام البيع النهائي في انتظار إتمام البائع لأشغال إنجاز البناء محل البيع.
وسواء تعلق الأمر بالبيع الابتدائي أو النهائي، فيجب أن تتوفر فيه كغيره من العقود شروط الانعقاد الأساسية كما هي منصوص عليها بالفصل 2 من ق ا ع وهي الأهلية والإرادة والمحل والسبب، وإلى جانبها هناك شروط خاصة اقتضتها طبيعة هذا العقد.
إذ لا يخفى أن المشرع قد حرص على التذكير على وجوبية صياغة هذا العقد في محرر كتابي سواء تعلق الأمر بالبيع الابتدائي أو النهائي انسجاما مع مقتضيات الفصل 419 ق ا ع الذي ينص على أن البيوع العقارية أو الواردة على حقوق عقارية يجب أن تصاغ في محرر كتابي.
وبغض النظر عن النقاش الفقهي بخصوص طبيعة الكتابة المنصوص عليها بالفصل المذكور فإن الكتابة في بيع العقار في طور البناء ليست للإثبات فقط، بل هي شكلية انعقاد بالنسبة لهذا النوع من البيوع والإخلال بها لا يعطي لهذا العقد أي وجود قانوني.
وهذا العقد ينبغي تحريره كتابة والتوقيع على جميع صفحاته من قبل الأطراف وكذا الجهة التي حررته ولا تقوم البصمة مقام التوقيع حسب ما هو مستقر عليه قضاء. غير أن الجديد الذي أتى به المشرع هو تخويله للمحامين المقبولين للترافع أمام المجلس الأعلى الحق في تحرير هذه العقود إلى جانب الموثقين والعدول وأصحاب المهن القانونية الأخرى وفق لائحة يتم تحديدها سنويا من طرف وزير العدل.
علما بأن العقود المحررة من طرف المحامين تبقى عقود عرفية ويتعين المصادقة على صحة توقيعهم لدى رئيس مصلحة كتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها، على أن تتم المصادقة على توقيعات الأطراف لدى الجماعات المحلية.


المطلب الثاني : البيانات الأساسية لعقد بيع العقار في طور البناء.
في إطار التوجهات الحديثة القائمة على إعلام المشتري وتبصيره بأهمية العقد المقبل عليه، عمل المشرع على التنصيص على بعض البيانات الأساسية التي ينبغي أن يتضمنها هذا العقد، وهي بيانات تتعلق بالعقار موضوع العقد وبالثمن وبضمانات التنفيذ.
أولا: البيانات المتعلقة بالعقار موضوع البيع
فالعقار موضوع البيع غير موجود عند إبرام البيع الابتدائي، ولكنه سيوجد مستقبلا، ولكي يشيد ويأخذ انطلاقته الحقيقية فلا بد  له من أرض يقام عليها، وهذه الأرض قد تكون محفظة أو غير محفظة أو في طور التحفيظ، وتلافيا للمشاكل التي قد تعوق مسيرة هذا المشروع حرص المشرع على تضمين هذا العقد رقم الرسم العقاري، ومراجع الملكية عقار غير المحفظ وكذا رقم رخصة البناء وتاريخها وهي بيانات تجعل المشتري على علم بالوضعية القانونية للأرض وبالتحملات العقارية الواردة عليها.
وكما يظهر فالمشرع نص على مراجع الملكية، دون أن يشترط أن يكون البائع هو المالك للأرض وهو الأمر الذي قد يطرح بعض المشاكل على صعيد التطبيق، خصوصا بالنسبة للأراضي غير المحفظة أو في طور التحفيظ، سيما وأن شهادة ملكية هذه الأراضي لا تعطي الجزم بأن صاحب الملكية هو البائع لكون ملكيته قد تكون ناقصة عن درجة الاعتبار وقد تشوبها بعض العيوب والنواقص تجعلها غير مرجحة على غيرها. فتؤول الإنشاءات الموجودة عليها لفائدة غير المشتري تطبيقا لقاعدة الالتصاق. ومثال ذلك واقعة حدثت بتونس حيث قام البائع بإنشاء البناء ولكن بعد إبرام العقود النهائية فوجئ المشترون برفض طلب تسجيل عقودهم بالسجل العقاري لكون الأرض من الأملاك الخاصة للدولة.
وفضلا عن الإشارة إلى مراجع الملكية لا بد من تضمين العقد مواصفات البناء المطلوب تشييده والغرض منه، وهذه المواصفات يجب أن يتضمنها كل من العقد الابتدائي ودفتر التحملات الذي يعده البائع، فإذا كان يكتفي في العقد الابتدائي بالإشارة إلى وصف العقار من حيث طبيعة استعماله سواء لفرض السكن أو الاستعمال المهني أو الحرفي أو التجاري أو الصناعي، فإن دفتر التحملات يجب أن يتضمن بيانات تكميلية بخصوص الخدمات والتجهيزات التي يجب أن تتوفر فيه وكذا طبيعة المواد المستعملة في تشييده، وأن يكون موقعا عليه من طرف كل بائع والمشتري وتبقى مع هذا الأخير نسخة منه مشهود بمطابقتها للأصل، وإذا كان العقار محفظا يتم إيداع نسخة منه ومن التصاميم المعمارية بالمحافظة على الأملاك العقارية.
وتظهر أهمية ذلك عند إبرام البيع النهائي، فالمشتري يمكنه الاحتجاج به في مواجهة البائع لا يتحلل هذا الأخير من مسؤوليته إلا بتقديم شهادة المطابقة تثبت أن العقار مطابق لدفتر التحملات وإلا كان للمشتري حق الرجوع عليه بدعوى الضمان سواء من أجل عيوب البناء أو عدم المطابقة.
وأخيرا فإن هذا البناء يجب أن يتم داخل أجل معين، لذلك وجب تضمين البيع الابتدائي أجل التسليم. فالغاية من هذا البيع وهذه الترسانة القانونية المنظمة له ليس هو تشييد البناء فقط، بل ضرورة القيام بذلك داخل أجل قانوني محدد وكل تأخير من شأنه أن يرتب جزاءات تعويضية وفق النسب المنصوص عليها قانونا.
ثانيا: البيان المتعلق بالثمن.
فالثمن هم الالتزام المقابل الذي يقع على عاتق المشتري لذلك وجب الإشارة في العقد إلى ثمن البيع النهائي، وكذا الأقساط الواجب دفعها وتاريخ استحقاقها، وما يترتب عن تأخيرها من جزاءات مدنية على أن لا تتجاوز السقف المحدد من طرف المشرع، وإن اقتضى الأمر التنصيص على حق مراجعة ثمن البيع عند حدوث تقلبات اقتصادية مع بيان طرق هذه المراجعة.
ثالثا : البيانات المتعلقة بضمان تنفيذ العقد.
والغاية من هذه البيانات هي ضمان تنفيذ العقد على أحسن وجه ويتحقق ذلك بالإشارة في العقد إلى مراجع الضمانة البنكية أو أية ضمانة أخرى أو التأمين عند الاقتضاء. ولا يتم ذلك على الوجه الأكمل إلا بتضمين العقد نوع الكفالة واسم الشخص أو البنك المقدم لها وشروط استحقاقها والمبلغ الضامنة له وإن كان الأمر يتعلق بتأمين فلابد من ذكر اسم شركة التأمين، وكذا شروط الرجوع عليها والمبلغ المؤمنة له، وذلك حتى يكون المشتري على بينة من الأمر قبل إقدامه على التعاقد حماية وضمانا لاسترجاع الأقساط التي يسبقها للمشتري في حالة عدم إتمامه للأشغال.
هذا وإن المشرع، بمقتضى الفصل 3 قد نص على هذه البيانات على سبيل الوجوب دون أن يبين الجزاء القانوني المترتب عن الإخلال بها، ولكن هذا لا يمنعنا من القول بأن البيانات المذكورة بعضها يدخل في تكوين العقد وجوهره والبعض الآخر يندرج في إطار ضمانات تنفيذه على أحسن وجه، فعدم الاتفاق على الثمن وتاريخ التسليم وأصل الملكية يجعل العقد غير متحقق قانونا. وإلا كنا أمام عقد من نوع آخر وليس بيعا لعقار في طور البناء. فبدون الثمن لا يمكن الحديث عن التزام المشتري وبدون تاريخ التسليم يبقى التزام البائع متوقفا على إرادته الحرة، وبدون الإشارة إلى أصل الملكية يبقى البيع غير صحيح ويتعذر نقلها للمشتري.
أما العناصر الأخرى التي تكفل تنفيذ العقد، وبالأخص تلك التي تضمن استرداد الأقساط فهي وضعت بالأساس لحماية المشتري الطرف الضعيف في العقد ولا يطبق على الدولة وأشخاص القانون العام ولا يمكن في نظرنا الحديث عنها إلا عند إثارتها من قبل المشتري باعتبارها إسقاطـا للضمان الواجب له قانونا ويمكن عندئذ تفسير ذلك بأنه ركون للقواعد المنصوص عليها في هذا الشأن وخاصة الفصل 9، وإلزام البائع بتقديم الضمانة الواجبة عليه.
وأخيرا نشير إلى أن المشرع ألزم البائع بضرورة إرفاق عقد البيع الابتدائي بنسخ مطابقة لأصل التصاميم المعمارية وتصاميم الإسمنت المسلح ونسخة من دفتر التحملات، وكذا شهادة مسلمة من لدن مهندس مختص تثبت انتهاء أشغال الأساسات الأرضية للعقار.
ولا تخفى أهمية الوثائق المذكورة سواء في تبصير المشتري أو في توفير الحماية له عند المنازعة في ذلك، إذ لا يمكن الحديث عن بيع العقار في طور البناء أو إبرام عقود ابتدائية إلا بعد وضع دعامات الطابق الأرضي وإثبات ذلك بواسطة شهادة مسلمة من لدن مهندس مختص، حتى إذا كان بالبناء عيوب أو مخالف للمواصفات المتفق عليها كان للمشتري مواجهة البائع بالتصاميم المعمارية أو دفتر التحملات ويبقى على هذا الأخير إثبات العكس، وهو ما من شأنه أن يخفف عبء الإثبات على عاتق المشتري الطرف الضعيف في هذا العقد الذي يربطه بشخص محترف له مؤهلات قانونية ومالية تجعله على دراية تامة بكافة تفاصيل هذه العملية التعاقدية.


المبحث الثاني : التزامات طرفي عقد بيع العقار في طور البناء
فعقد بيع عقار طور في البناء كغيره من العقود يرتب التزامات على عاتق كل من البائع من جهة (المطلب الأول) والمشتري من جهة أخرى (الطلب الثاني).
المطلب الأول : التزامات البائع
يرتب هذا النوع من البيوع عدة التزامات على عاتق البائع سواء عند إبرام العقد ابتدائي أو النهائي فالبائع يلتزم بتشييد البناء داخل أجل معين، وبالمواصفات المتفق عليها. وعند انتهاء الأشغال يتعين عليه تسليمه للمشتري وإبرام العقد النهائي مع التزامه بالطبع بأداء الضمانات المالية الكفيلة لتنفيذ العقد وضمان استرداد الأقساط. كما يبقى على عاتقه ضمان العيوب التي قد تكون بالمبيع وحسبنا في هذا المقام أن نقف عند الالتزامين الأساسيين المتعلقين في تشييد البناء داخل أجل محدد (أولا) وإبرام البيع النهائي (ثانيا).
أولا: الالتزام بتشييد البناء داخل أجل معين
حرص المشرع على التأكيد على هذا التزام انطلاقا من الفصل الأول من هذا القانون من خلال التعريف بهذا النوع من البيوع. وهو العنصر الأساسي في هذا العقد بل هو الالتزام المقابل الذي يقع على عاتق البائع مقابل التزام المشتري بتسديد الثمن. وهو الفيصل في تكييف هذا العقد وتحديد النظام القانوني المطبق عليه.
والالتزام بالبناء هو التزام بعمل وبنتيجة في نفس الآن وهو يقع على عاتق البائع حتى قبل إبرام البيع الابتدائي طالما أنه لا يمكنه الإقدام على إبرام هذا العقد الأخير، إلا بعد الانتهاء من أشغال وضع الأساسات والدعامات على مستوى الطابق الأرضي حسب ما هو مبين بالفصل 5 من قانون 3 أكتوبر 2002.
وهو التزام بعمل لكونه ينصرف إلى القيام بجميع الأشغال الضرورية المادية والإدارية لتشييد العقار المتفق عليه كإنجاز التصاميم والتراخيص الإدارية. ولا يعني ذلك أن البائع هو الذي يتكفل بذلك بصفة شخصية في جميع الأحوال. بل إن الغالب أن يكون هذا البائع مجرد منعش عقاري يقوم باقتناء الأراضي وتجزيئها ويعهد إلى مهندس بوضع التصميم اللازمة لها وتتكفل مقاولة متخصصة بعد ذلك بأشغال البناء في حدود التفويض المخول لها.
فالبائع كرب العمل قد يلجأ إلى إبرام عقد مقاولة مع مقاولات الأشغال الكبرى يكون موضوع هذا العقد هو التكفل بإنجاز البناء وفق التصاميم المتفق عليها وهذه المقاولة الكبرى قد تستعين بمقاولات صغرى في إطار عقود من الباطن أو بعبارة أدق عقود مقاولة من الباطن[2] تبعا لتعدد الأشغال وتشعبها. وقد يرغب البائع في إبرام عقود مقاولة فردية مختلفة مع كل المتدخلين في إنشاء العقار ويتكلف هو بمهمة التنسيق بينهم وقد يعهد بهذه المهمة إلى مهندس معماري
أو مكتب مراقبة أو مقاولة الأشغال الكبرى. ولا يعتبر البائع في ذلك وكيلا عن المستفيدين والمشترين. لكون البائع يظل هو المالك للأرض والأشغال إلى حين الانتهاء من العمل والتسليم.
ونعتقد بأنه في الحالة التي يكون فيها البناء موكولا إلى مقاولة واحدة أو عدة مقاولات يجب أن يتضمن العقد الابتدائي اسم المقاولة أو المقاولات المكلفة بالأشغال لإعطاء طابع الجدية للبيع الابتدائي وضمان تنفيذ العقد في الأجل المتفق عليه دون أي تأخير.
ثم إن التزام البائع بنتيجة يظهر من خلال تقيده بتشييد البناء وفق المواصفات وبالمواد والتجهيزات والخدمات المتفق عليها في العقد الابتدائي ودفتر التحملات. ويجب أن يتم ذلك داخل أجل معين. ولكن الإشكال الذي قد يطرح هو أن يأتي العقد خاليا مما يفيد أجل إنجاز البناء. فالقانون الجديد لم يتعرض لذلك صراحة. والفقه منقسم بشأن ذلك فالبعض يرى بان العقد الابتدائي باطل لكونه معلق على شرط إرادي. والبعض الآخر يقول بقابليته لبطلان عندما يتمسك به من له مصلحة.
ونحن نرى بان تنفيذ العقد داخل أجل محدد هو من العناصر الأساسية المكونة لهذا العقد وعدم تحديده يجعل العقد متوقفا على إرادة البائع وحده. وهو ما لا يمكن قبوله. خصوصا وأن الفصل 3 من هذا القانون ينص على الأجل على سبيل الوجوب ويعتبره من موجبات هذا العقد.
أضف إلى ذلك أن المشرع في القانون الجديد لم يتطرق أيضا لأثر عدم تنفيذ الالتزام بالتشييد مكتفيا بتحديد آثار الفسخ في الفصل 14. وهو ما يقتضي الرجوع إلى القواعد العامة. وفي هذا الصدد نجد الفصل 259 ق ا ع ينص على أنه "إذا كان المدين في حالة مطل كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ الالتزام ما دام تنفيذه ممكنا فإذا لم يكن ممكنا جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد وله الحق في التعويض في الحالتين".
فهل يمكن القول بأن التأخير في تنفيذ الالتزام بتشييد البناء يخول للمشتري المطالبة بالفسخ تطبيقا للفصل أعلاه ؟ القضاء المغربي وخصوصا المجلس الأعلى مستقر على أن الفصل المذكور يعطي للدائن حق الخيار بين التنفيذ الإجباري والفسخ. وهو التوجه الذي سار فيه أيضا قضاء التعقيب التونسي بغرفه المجتمعة كالقرار المؤرخ في 16-10-1989 والذي اعتبر بأن اتفاق الطرفين على التعويض في حالة التأخير في التنفيذ، لا يقتضي التنازل من قبل الدائن عن حقه في المطالبة بالفسخ فهل يمكن القبول بهذا الحل في إطار بيع العقار في طور البناء.
فكما هو معلوم فالمشرع نص على تعويض جزافي جزاء التأخير في التنفيذ ومن شأن القفز عليه أن يحدث خللا بالمنظومة القانونية لبيع العقار في طور البناء. الشيء يتنافى أيضا مع قصد المشرع ومبتغاه الرامي إلى الحفاظ على هذا العقد من خلال إحاطته بمجموعة من الضمانات لأهميته الاقتصادية والاجتماعية ويبقى الحل في نظرنا بالتشدد في إعمال الفصل 259 ق ا ع وعدم التصريح بالفسخ إلا في حالة استحالة التنفيذ وليس التأخير في التنفيذ.
وهو حل يتماشى مع فلسفة المشرع القائمة على منح المشتري تعويضين الأول عن التأخير في التنفيذ والثاني عن عدم التنفيذ. ويستحق الأول بعد انصرام شهر من أخطار البائع بمواصلة أشغال إنجاز العقار في حالة توقفه عن ذلك[3]. وهذا الإشعار يجب أن يتم وفق مقتضيات الفصل 37 ق م م. ويقدر هذا التعويض بنسبة 1% عن كل شهر على أن لا يتجاوز هذا التعويض 10 % في السنة وتعتقد انه إذا انقضت السنة دون أن يواصل البائع أشغاله فإننا نكون أمام استحالة التنفيذ.
هذا بالطبع ما لم يكن التوقف ناجما عن ظروف خارجة عن إرادة البائع ولا دخل له فيها على غرار ما سطرته محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها بتاريخ 03-01-1983 والذي
 اعتبر ندرة مواد البناء وسوء أحوال الطقس بمثابة قوة قاهرة
 (256
p Bull 1983 Janvier 3 du 6728  Cass CIV).
أما التعويض الثاني فيستحق بإثبات المشتري استحالة إنهاء الأشغال على أن لا يتعدى عن 10 % من ثمن البيع. وهو ما من شأنه أن يكفل له تعويضا كاملا عن التأخير في التنفيذ وعن الفسخ تطبيقا للفصلين 12 و14 من قانون  أكتوبر 2002.
وسيكون القضاء ملزما بان يقول كلمته إذا ما تم الاتفاق بين الطرفين على تحديد تعويض خلافا لما هو محدد قانونا. سواء كان بالزيادة أو النقصان منه. وهنا نرى أنه بغض النظر عن المناقشة التي قد تنصرف حول طبيعة هذا القانون ومدى صلته بالنظام العام فإن مقتضيات الفصل 264 ق ا ع كفيلة بحل المشكل. وهو ما من شأنه أن يعيد التوازن إلى طرفي العلاقة التعاقدية بتدخل القضاء في تقدير هذا التعويض برفعه أو التخفيض منه في نطاق ما هو محدد قانونا.
وفضلا عن المطالبة بالتعويض فحق للمشتري يبقى قائما في المطالبة باسترداد الأقساط التي دفعها للمشتري. وهو حق يجد سنده في القواعد العامة التي تقتضي إرجاع المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها وقت إبرام العقد وذلك برد كل واحد منهما للآخر كل ما أخذه. والمشرع وإن لم ينص على ذلك صراحة فإنه يستشف من خلال الفصل9  الذي يلزم البائع بتقديم ضمانة بنكية
أو غيرها من الضمانات أو إبرام تأمين يكفل للمشتري استرداد الأقساط عند عدم تنفيذ العقد. سواء بالرجوع على الكفيل عند إعسار المشتري وفق ما تنص عليه قواعد الكفالة أو الرجوع إلى المؤمن في حدود الضمان المنصوص عليه في هذا العقد.
ثانيا : التزام البائع بإبرام العقد النهائي وتسليم المبيع
إذا كان الأصل في البيوع أن الملكية تنتقل للمشتري بمجرد التعاقد. فإن الأمر يختلف بالنسبة لهذا النوع من البيوع، فالمنيع غير موجود عند إبرام العقد الابتدائي وملكيته لا يمكن أن تنتقل إلا بعد تشييده وإنجازه وفق المواصفات المتفق عليها وإذا ما تم ذلك. فينبغي على الطرفين إبرام العقد النهائي كتابة والسهر على تسجيله بالمحافظة العقارية إن كان العقار محفظا. وإذا ما حاول البائع التنصل من التزامه بإبرام العقد النهائي كان للمشتري أن يجبره على ذلك قضائيا برفع دعوى إتمام البيع ويكون الحكم الصادر لفائدته صكا للملكية يقوم مقام العقد النهائي ويتعين عليه تسجيله بالمحافظة العقارية ضمانا وحماية له. من سوء نية البائع، وتصرفه في العقار مرة ثانية لفائدة الغير.
ولا تبرأ ذمة البائع بمجرد انتهائه من أشغال إنجاز البناء المتفق عليه. بل يتعين عليه القيام ببعض الأعمال حتى تتحقق الغاية من هذا العقد وذلك بسكنى المشتري واستقراره في محله السكني أو التجاري. وهذا لا يتأتى بالطبع إلا إذا سهر المشتري على الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة من السلطات الجماعية وعند الاقتضاء شهادة بمطابقة العقار لدفتر التحملات إذا طالب المشتري ذلك.
فالبائع عند انتهائه من هذه الأعمال يتعين عليه إعلان المشتري بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل وتسليم المفاتيح في التاريخ والمكان المتفق عليهما حتى إذا كان العقار مخالفا للمواصفات المتفق عليها كلون الصباغة أو المواد المستعملة في التزيين مثلا كان للمشتري إجباره قضائيا على تنفيذ التزامه ما دام تنفيذه ممكنا وإلا الحصول على تعويض قضائي جبرا للضرر اللاحق به ما لم يطالب بفسخ العقد لكون العقار مثلا مخالفا للغرض المتفق عليه.

المطلب الثاني : التزامات البائع

يبقى الثمن هو الالتزام الأساسي المقابل لالتزام البائع بإنشاء العقار وفق المواصفات المتفق عليها، وما يميز الثمن في هذا النوع من البيوع هو انه لا يدفع مرة واحدة. وبمجرد التراضي على البيع، بل يتم تقسيطه تبعا لتقدم الأشغال (أولا) ولكون هذا الثمن يتم تسديده على دفوعات فهو قد يتأثر بعامل الزمن أو بالأحرى والأصح بالعوامل الاقتصادية التي قد تؤثر فيه إما بتخفيضه
أو رفعه (ثانيا) وإذا ما تخلى المشتري عن هذا العقد لفائدة الغير. فإن هذا الأخير يحل محل المشتري الأصلي في كافة حقوقه والتزاماته بما فيها تسديد باقي الثمن (ثالثا).
أولا : تقسيط الثمن
حقيقة أن الثمن في عقد البيع قد يكون محددا أو قابلا للتحديد مستقبلا حسب عناصر موضوعية مستقلة عن إرادة الطرفين. وعقد بيع العقار في طور البناء على الرغم من كونه يقع على شيء مستقبل إلا أن المشرع فرض تحديد الثمن بداية عند إبرام العقد الابتدائي حتى إذا أتم البائع تشييد البناء لا يبقى للطرفين سوى إبرام العقد النهائي.
وتحديد ثمن البيع النهائي في العقد الابتدائي هو من موجباته وعناصره الجوهرية التي لا غنى عنها فانطلاقا من تحديده ينشأ التزام آخر على عاتق المشتري هو تسديد الأقساط داخل الأجل المتفق عليه حسب تقدم الأشغال. ومن شأن عدم تحديده بداية أن يفرغ هذا الالتزام من محتواه فيصبح بدون محل ويكون العقد باطلا لعيب في هذا الأخير أو أمام مجرد وعد بالبيع.
والغاية من تحديد الثمن بداية هي حماية المشتري من التقلبات التي قد تعصف بالقطاع العقاري نتيجة ارتفاع مواد البناء طالما أن الجاري به العمل على مستوى الممارسات التعاقدية، هو أن أي زيادة في ثمن المواد الأولية تقع على كاهل المشتري الطرف الضعيف في العقد.
وهذا الثمن لا يسدده المشتري دفعة واحد وإلا أصبحنا أمام بيع نهائي أو نوع آخر من أنواع البيوع بل إن هذا الثمن يتم تقسيطه على دفعات تبعا لتقدم الأشغال، قسط أول عند انتهاء الأشغال المتعلقة بالأساسات على مستوى الطابق الأرضي. وقسط آخر عند الانتهاء من الأشغال الكبرى لمجموع العقار وقسط أخير عند الانتهاء من الأشغال النهائية. وهذا التقسيم الذي أتى به المشرع ليس ملزما الأطراف ويمكنهم الاتفاق على خلافه. بل إنه لا ما نع من أن تكون هذه الأقساط في شكل أداءات دورية ثابتة. وهو ما من شأنه أن يضمن للبائع التمويل اللازم لمشروعه.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي في المادة 14 – 261 من قانون البناء والسكن الفرنسي قد اعتمد تحديد نسب مئوية للأقساط تبعا لتقدم الأشغال، وهي لا ينبغي أن تتجوز 35% من الثمن عند تمام وضع الأساسات و 70% من الثمن عندما يكون العقار المبيع في حماية من الماء و 95 % من الثمن تمام البناء و 5 % من الثمن عند وضع العقار تحت تصرف المشتري.
وبغض النظر عن نظام توزيع هذه الأقساط، فمن شأن تأخر المشتري في تسديدها في وقتها المحددان يحمله تعويضا جزائيا لا يتعدى  1 % عن كل شهر من المبلغ الواجب دفعه على أن لا يتجاوز هذا التعويض 10% في السنة، وبذلك يكون المشرع بهذا التحديد قد وضع حدا للتجاوزات والتعسفات التي تعرفها الشروط التعسفية في هذا الشأن، على أن استحقاق هذا التعويض لا يتم إلا إذا كان المشتري هو المسؤول عن التأخير في الدفع، وبعد مرور شهر من توصله بالإشعار بالأداء وفق مقتضيات الفصل 37 ق م م .

ثانيا: مراجعة الثمن

حرص المشرع المغربي في القانون الجديد على التأكيد على نهائية الثمن دون أن يشير من قريب أو بعيد إلى إمكانية مراجعته، علما بأن  بيع العقار في طور البناء هو من العقود الممتدة في الزمن وغالبا ما يتأثر بالتقلبات الاقتصادية التي تشهدها السوق العقارية، وسوق المواد الأولية الأمر الذي يجعل إشكالية مراجعة الثمن أمرا واقعا ومحتوما لإعادة التوازن لطرفي العلاقة التعاقدية ونهائيته لا تمنع من مراجعته – في نظرنا – ولكن هذا لا يعني المراجعة من جانب واحد بإرادته المنفردة. فهذا تعديل للعقد وتغيير له من جانب واحد يتنافى مع مبدأ سلطان الإرادة الذي يجعل الالتزامات التعاقدية ملزمة لطرفيها لا تعدل إلا باتفاقهما على ذلك.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي نص في الفصل 15 – 261 / 1 على حق الطرفين في الاتفاق على مراجعة الثمن وأخضعها لضوابط موضوعية مستقلة من إرادة الطرفين، وذلك بربط المراجعة أو الثمن بمؤشر وزارة التعمير والإسكان أو مؤشر تكلفة عمليات البناء وأي اتفاق عل مؤشر آخر لا يعتد به، كذلك المشرع التونسي نص في قانون 1990 على حق الطرفين في تضمين الاتفاق شرطا يخول مراجعته عند الاقتضاء على أن يتم تحديد طرق هذه المراجعة باعتبارها من البيانات الأساسية، وقد اختلف الفقه عند الاتفاق على المراجعة دون تحديد طرقها فالبعض فسر هذا السكوت لمصلحة المشتري وذهب إلى أن البائع بعدم تحديده لطرق المراجعة يكون بمثابة المتنازل عنها والبعض الآخر يخول للقاضي تحديد ضوابط المراجعة.
ونعتقد على ضوء التشريع المغربي أن طرفي العقد يتعين عليهما الاتفاق على مراجعة الثمن وتحديد طرق هذه المراجعة وعند السكوت عن ذلك فالقضاء ينبغي أن يكون له دور إيجابي انسجاما مع التوجهات القضائية الحديثة القائمة على إعطاء القاضي دورا فاعلا في العقد من أجل إحقاق التوازن بين الطرفين، خصوصا في هذه العقود المستمرة التي تكون عرضة للتقلبات الاقتصادية، والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل القاضي رهين النظرية التقليدية لمبدأ سلطان الإرادة في ميدان حساس له أهمية اقتصادية واجتماعية غاية في الخطورة فلا مناص للقضاء المغربي – في نظرنا – من تكريس نظرية الظروف الطارئة الذي كان القضاء الفرنسي سباقا لها قبل أن يتدخل المشرع ويقننها.
وإذا وقع الاتفاق على مراجعة الثمن دون تحديد طرقها، فالقاضي يمكنه الاستعانة بضوابط موضوعية لتحديد الزيادة كسعر السوق أو اللجوء إلى خبرة فنية في هذا الشأن عند وقوع منازعة بين الطرفين.
ثالثا: تنازل المشتري عن بيع العقار في طور البناء لفائدة الغير.
لابد من الإشارة بداية إلى أن عقد البيع الابتدائي لا يخول للمشتري إلا حقا شخصيا في مواجهة البائع مناطه التزام هذا الأخير بإبرام البيع النهائي وفق الثمن المتفق عليه، والمشرع المغربي، وإن كان لم يحجر على المشتري حقه في التصرف في هذا الحق والتنازل عنه لفائدة الغير، فإنه لم يؤسس هذا التصرف على أساس البيع الناقل للملكية ولكن على أساس الحلول محل المشتري في حقوقه والتزامات، أو بعبارة أخرى فالمستفيد يتنازل لفائدة الغير عن عقد بيع العقار في طور البناء بجميع حقوقه والتزاماته، فيحل هذا الأخير محل المستفيد في أداء الأقساط وبالمقابل ينشأ لهذا الأخير حق في مواجهة البائع مفاده الالتزام بتشييد البناء وفق المواصفات الخاصة ، ويكون من حقه الاحتجاج في مواجهته بكافة بنود العقد بما فيها مواصفات البناء كما هي متفق عليها في العقد ودفتر التحملات.  وطالما أن هذا التنازل يقوم في محتواه على حوالة حق ودين في نفس الآن فإنه لا يسري في مواجهة البائع إلا بعد إعلامه برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن إعلام البائع ليس شرط صحة في هذا العقد بقدر ما هو وسيلة للاحتجاج بالتنازل عن العقد في مواجهته. 
ومن المبادئ المسلم بها في التنازل عن العقد أنه يكون بنفس الشروط التي أبرم فيها الاتفاق الأصلي وإلا كان التنازل عن العقد باطلا طالما أنه ينطوي على تعديل للعقد الأصلي وهذا لا يتم إلا بتوافق إرادة الأطراف.

الفصل الثاني: ضمانات تنفيذ عقد بيع عقار في طور البناء


إن التطور الحاصل في مجال البناء وكذا أزمة السكن التي بدأ المسؤولون في إيجاد حلول لها فرض بالضرورة إيجاد قواعد قانونية لحماية المشتري كطرف مستهلك ولحماية البائع كفاعل اقتصادي وتنموي في إطار المنظومة الشاملة للتنمية المستدامة، ذلك أنه في إطار التفاعل الاقتصادي الحالي فإنه يجب حماية الطرفين سواء أكان طرفا ضعيفا كالمشتري باعتباره في عقد بيع عقار في طور البناء يكون مذعنا لشروط البائع أو كان طرفا قويا كهذا الأخير باعتباره فاعلا أساسيا في التنمية كما سبق ذكره، ومن هنا يطرح التساؤل عن الضمانات القانونية والمالية التي وفرها المشرع المغربي لحماية طرفي العلاقة التعاقدية عند تنفيذ عقد بيع عقار في طور البناء استنادا إلى أن الغاية من كل تعاقد هو تنفيذه وتحقيق نتائجه المرجوة.

المبحث الأول: ضمانات تنفيذ العقد بالنسبة للمشتري

باستقرائنا للمواد القانونية المنظمة لهذا العقد فإنه يمكن أن نجعل هذه الضمانات في صنفين كالآتي:

المطلب الأول: ضمانات قانونية

بموجب الفصل 10 – 618 من ق . ل . ع فإنه يتم تقييد البيع الابتدائي لعقد بيع عقار في طور البناء تقييدا احتياطيا وهو إجراء يضمن حقوق المشتري ضد أي بيع ثان يلجأ إليه البائع، والملاحظ أن المشرع لم يسن قواعد قانونية زجرية لمنع البائع من تفويت العقار المبيع في طور البناء لأكثر من مرة واحدة مما يجعل مصالح المشتري معرضة للخطر.  
طبقا لمقتضيات الفصل 5/618  من ق ل ع فانه لا يمكن تصور عملية التعاقد في إطار بيع عقار في  طور البناء إلا بعد أن ينتهي البائع من وضع أساسات العقار على مستوى الطابق الأرضي وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتم إلا بعد استيفاء البائع للإجراءات الإدارية المفروضة  عليه في إطار  احترام الضوابط  و القواعد الجاري بها العمل في ميدان التعمير.
كما انه بمقتضى الفصل 4-618 من ق ل ع فان المشرع ألزم البائع بان يهيئ دفترا للتحملات يتضمن مجموعة  من البيانات أشار إليها الفصل 3-618 من ق ل ع بشكل إلزامي يتم التوقيع عليه من قبل البائع و المشترى  على أن يتم الإشهاد على صحة هذا  التوقيع مع تسليم نسخة منه لفائدة المشتري ، و حتى  يكون لدفتر التحملات حجيته الثبوتية فإنه يتعين إيداع نسخ منه ومن التصاميم المعمارية و تصاميم الإسمنت المسلح بمصلحة المحافظة  على الأملاك العقارية إذا  كان العقار المبيع في طور البناء  محفظا ، أما إذا كان غير  محفظ فان هذه  النسخ  تدون في سجل  خاص بمصلحة كتابة الضبط بالمحكمة  الابتدائية لدائرة نفوذها العقار المبيع .
ومن  الضمانات القانونية أيضا ما نص عليه الفصل 15/618 من ق ل ع مما يجعل  الالتزام الملقى على عاتق البائع لفائدة المشتري لا ينحصر  في الالتزام بتحقيق نتيجة بل يتعداه  إلى  الالتزام بالتسليم وفق ماهو مضمن بدفتر  التحملات و داخل  الأجل المحدد بينهما اتفاقا
(الفصل7/618 من ق .ل .ع) و إن كان  جزاء إخلاله بهذا الالتزام هو أداء تعويض للمشتري عن التأخير بنسبة  1
%  عن  كل  شهر من المبلغ غير المؤدى  ما لم يمنح المشتري للبائع أجلا إضافيا لإتمام أشغال البناء و تنفيذ التزامه ( الفصل 7-618/6/2 من ق. ل .ع) ،  مما يعفيه من أن يخضع  للجزاء المذكور.
وبالنسبة لضمان عيوب عقار في  طور البناء فان لا يخلو  من أن تكون هذه العيوب إما عيوبا  ظاهرة أو عيوبا  خفية، فبالنسبة للعيوب الظاهرة فانه  طبقا لمقتضيات الفصل 569 من ق. ل .ع فان البائع لا يلتزم بضمان العيوب الظاهرة ولا العيوب التي كان بمقدور المشتري أن يتعرف عليها ، إلا أنه إذا  كانت هذه  المقتضيات لها ما يبررها بالنسبة لعقار موجود بحيث يتمكن المشتري من التحقق من  هذه العيوب إبان إبرامه للعقد فانه يصعب الأمر  بالنسبة لبيع عقار في  طور  البناء لذلك  فانه تمشيا مع  خصوصية  هذا  النوع من البيوعات ألزم المشرع البائع بضمان العيوب الظاهرة في  الحالة التي يثبت فيها المشتري تصريح  البائع له بعدم وجودها (الفصل570 من ق.ل.ع).
ويرى السنهوري  أن  تأكيد البائع للمشتري  بخلوا المبيع من العيوب يكون بمثابة اتفاق ضمني بين المتبايعين على أن البائع يضمن هذا العيب بالذات للمشتري إذا ظهر بالعقار المبيع  سيما وانه لم يكن بوسعه فحص العقار المبيع لحظة  إبرام العقد الابتدائي لهذا البيع.
لنخلص في الأخير  بان البائع يكون ملزما بضمان عيوب البناء  الظاهرة لبيع العقار في طور البناء بمقتضى أحكام الفصل 570 من ق .ل .ع تمشيا مع ما تقتضيه الطبيعة الخاصة  لهذا البيع بحيث يقع على المشتري عبء إثبات هذه العيوب و متى أثبتها كان البائع مسؤولا عنها ، و  هذا  على خلاف القانون الفرنسي الذي لم يخضع ضمان بائع العقار في  طور البناء للعيوب الظاهرة  لحكم  القواعد العامة بل نظمه هذا  الضمان بمقتضى  أحكام خاصة بموجبها  يلتزم البائع بضمان عيوب البناء الظاهرة بقوة القانون وفق إجراءات معينة  ذلك  أن البائع مسؤول عن ضمان العيوب الظاهرة قبل تسلم الأشغال أو قبل انتهاء مدة شهر من  حيازة العقار من طرف المستفيد(المادة 1-1642) .
أما عن ضمان العيوب الخفية للعقار في  طور البناء فان المشرع المغربي لم يخصها بمقتضيات خاصة رغم خصوصية هذا النوع من البيوعات مما يتعين معه الرجوع إلى القواعد العامة لضمان هذه العيوب.

المطلب الثاني  : ضمانات مالية

من الضمانات التي  فرضها المشرع لحماية المشتري من عدم تنفيذ البائع لبنود العقد نجد المقتضيات المنظمة  لضمان استرجاع المشتري للأقساط المؤداة نجد توفير  ضمانة بنكية لذلك
أو أية ضمانات مالية أخرى و عند الاقتضاء تأمين  .

أولا: الضمانة البنكية أو غيرها

بموجبها  يلتزم البنك بتمويل تمام  بناء العقار المبيع في حالة عجز البائع عن  ذلك و يطرح  قبول البنك القيام  بهذا الالتزام التساؤل  حول الطبيعة القانونية لهذا الالتزام الملقى على  عاتق  البنك:هل هو التزام بتحقيق نتيجة فيحل البنك  محل البائع في عملية إتمام البناء ؟ أم هو التزام بوسيلة فيقوم البنك بتمويل مشروع البناء  فقط دون تحمل أية تبعات أخرى متعلقة بمسؤولية
 البائع ؟
وبمقتضى  هذه الضمانة فان المشتري يضمن كون العقار المبيع سيكتمل أو على الأقل يضمن عدم فقدانه لما  دفعه من أقساط في  حالة عدم تنفيذ مشروع البناء ، و إذا  رفض البنك  منح البائع  هذه الضمانة فان له اختيار ضمانات أخرى تؤمن للمشتري  حقوقه في استرجاع الأقساط التي  دفعها  .
وبموجب الفصل 9-618 من ق ل ع فقد خول  المشرع للبائع إبرام عقد تأمين لمسؤوليته وإن كان الأمر بشكل اختياري كما سنوضح.
ثانيا: تأمين المسؤولية :
إن التامين على عقار في  طور البناء له  طابع اختياري وان كانت هذه الاختيارية تزاحمها  المخاطر و المآسي المرتبطة بالبناء فيكون بذلك التشريع المغربي مخالفا للاتجاه التشريعي المعاصر كما هو الشأن في فرنسا ليتم الاستناد في مسؤولية بائع العقار في طور البناء على مقتضيات الفصل 89 من ق. ل .ع فإلى أي  حد يكون  هذا  الفصل فعلا في  حماية المشتري بضمان تنفيذ بنود  العقد ؟.
من المتفق عليه في مسؤولية مالك البناء أنها مرتبطة بملكية العقار مما يطرح معه التساؤل حول مسؤولية مالك العقار في طور البناء بعد تخليه عن ملكية العقار المبيع أو تفويته للغير ؟
إن المشرع الفرنسي قد فرض إبرام تأمين للأضرار يكون الهدف  منه إصلاح  الأضرار اللاحقة  بالعقار المبيع  دون  ضرورة البحث عن المسؤول و مدى توافر شروط قيام  هذه المسؤولية.
كما أن المادة 3-1601 من  القانون المدني الفرنسي  الفصل الثالث من بيع عقار في  طور البناء تنص بان البائع يحتفظ بسلطات  رب العمل حتى تسلم الأشغال(maître d'ouvrage ).
المبحث الثاني : ضمانات  حماية البائع عند تنفيذ العقد
يظل البائع في إطار  تنفيذ العقد هو المالك باعتبار أن الملكية لا تنتقل إلى المشتري إلا بعد الانتهاء من  هذه  الأشغال  فتكون أكبر ضمانة للبائع  هو احتفاظه  بالملكية إلى حين إنهاء البناء ، كما انه خلال هذه  الفترة يتمتع بسلطات  رب العمل من حيث الإشراف على ضمان تنفيذ  العقد وقت ما اتفق عليه  دون تدخل أو رقابة من طرف المشتري.
وينص الفصل 3/618 من ق. ل.ع على ضرورة تعيين ثمن البيع النهائي و تحديد طريقة الأداء وذلك عند إبرام العقد الابتدائي بتوافق  إرادتي  طرفي العقد في مجلس التعاقد ، ومن  خصوصيات الثمن في  هذا  العقد أن  يؤدى  على شكل أقساط و بصفة دورية  داخل نطاق زمني  محدد و حسب نسبة تقدم الأشغال.
وحيث إن  دفع  الثمن على شكل أقساط فيه  حماية للبائع من  حيث أن  هذا الأخير لن ينجز أية مرحلة من أشغال البناء إلا بعد استخلاص و تغطية تكلفتها .
وسيرا على نهج القانون الفرنسي فقد فرض المشرع المغربي في الفصل 12-618 من
ق.ل.ع غرامة لا تزيد عن  1
% شهريا من قيمة المبلغ الذي حل أجله على أن تتجاوز قيمة التعويض نسبة 10 % سنويا والملاحظ أن المشرع المغربي حدد نسبة التعويض عن التأخر في أداء الأقساط بعيدا عن إرادة الطرفين كما حدد كيفية الحصول على هذا التعويض من خلال الفقرة الأخيرة للفصل 13-618 من ق ا ع ليطرح التساؤل عن الجزاء المترتب عن عدم القيام بالإجراءات المنصوص عليها فيما يخص الحصول على هذا التعويض؟ فهل يفقد البائع حقه في التعويض نتيجة عدم إشعاره للمشتري وعدم احترامه للأجل المنصوص عليه؟
ويتم الاتفاق على قيمة الأقساط الواجب دفعها وكذا طريقة دفعها والملاحظ أن المشرع المغربي لم ينظم قيمة هذه الأقساط بشكل واضح وإنما اكتفى بالإشارة في الفصل 6-618 على أن تقسيط الثمن يتم عبر مراحل بدءا من الانتهاء من الأشغال المتعلقة بالأساسات ومرورا بالأشغال الكبرى لتنتهي بانتهاء الأشغال النهائية وهذا على خلاف المشرع الفرنسي الذي حدد هذه الأقساط بشكل نسب مئوية كالآتي: (المادة 14-261 R قانون البناء والسكن الفرنسي)
35 % من الثمن عند الانتهاء من الأساسات.
70 % من الثمن عند الانتهاء من بناء السقوف والأرضيات.
95 % من الثمن عند الانتهاء من البناء.
5 % الباقي من الثمن عند تسلم البناء.
والملاحظ أيضا أن المشرع أغفل تنظيم الحالة التي يستغل فيها البائع الأقساط المدفوعة له في غير ما أعدت له مما يشكل ضمانة غير مباشرة للبائع وذلك خلافا لنظيره الفرنسي الذي يخضع لعقوبة حبسية تصل إلى السنتين مع غرامة أو إحداهما إذا ما استخدم هذه المبالغ في غير ما أعدت له.
والملاحظ أيضا أن المشرع المغربي لم يوفر الحماية الكافية للبائع في إمكانية مراجعة الثمن بمقتضى قواعد خاصة تراعي خصوصية هذا العقد مما يبقى معه الاحتكام إلى إمكانية مراجعة الثمن وفق مؤشرات معينة كتغيير أسعار مواد البناء أو حدوث ظروف طارئة أخرى خاضعا للقواعد العامة.



[1] «  vente d’immeuble à construire est celle par laquelle le vendeur s’oblige à édifier un immeuble dans un délai  déterminé par le contrat ».
1  فهو من العقود الفورية لكون التزامات الطرفين تتحدد عند التعاقد وإن تراخي تنفيذه في الزمن سواء في دفع الثمن أو تشييد البناء.
[2]  علما أن المشرع المغربي لم يتعرض للمقاولة من الباطن فيما يخص تعريفها وانعقادها وأحكامها وأثارها باستثناء الدعوى غير المباشرة المنصوص عليها بالفصل 780 ق ا ع. وهذا على خلاف قانون الشغل ومدونة الصفقات العمومية التي تعرض فيها المشرع صراحة العقد المقاولة من الباطن.
[3]  علما بأن البائع قد يكون شخصا معنوياوقد يكون مقاولة متوقفة عن سداد ديونها. فيتم فتح مساطر صعوبات المقاولة في حقها. ويحجر على المشترين في رفع دعاوي من أجل استرداد أقساطهم. بل يكونون ملزمين بالتصريح بديونهم للسنديك تطبيقا للمادتين 653 و654 من مدونة الأسرة.
تعليقات