القائمة الرئيسية

الصفحات



الرقابة المصرفية على عمليات غسيل الأموال د. عبد القادر الشيخلي

الرقابة المصرفية على عمليات غسيل الأموال  د.  عبد القادر الشيخلي



الرقابة المصرفية على عمليات غسيل الأموال  د.  عبد القادر الشيخلي


الرقابة المصرفية على عمليات غسيل الأموال

د.  عبد القادر الشيخلي

المقدمة

1. ماهية الموضوع:

جرائم غسيل الأموال هي تلك الجرائم التي تتم بعمليات يحاول من خلال مرتكبيها إخفاء مصادر هذه الأموال التي تكون غير مشروعة وتستخدم بعدئذ في أنشطة مشروعة مما يخفي مصدرها الأصلي خصوصا وأن التقدم العلمي والتكنولوجي في قطاع الخدمات المالية والمصرفية وشبكة المعلومات الدولية (إنترنت) ساهمت في ترويج وتسهيل هذه الجرائم مما أثر على كل من الإقتصاد الجزئي للدولة وعلى دخلها القومي وعلى سياساتها المالية والنقدية وعلى توزيع الدخول والإستهلاك اضافة الى التأثير السلبي على مؤسسات قطاع الأعمال الخاص وقد تنبه المجتمع الدولي ومؤسساته المالية والنقدية لهذا الخطر المحدق بالإقتصاد العالمي فوضعت بعض المبادئ والإجراءات لمعالجة هذه الجرائم  إلا أن الواقع يكشف أن ثمة صعوبات وعقبات تواجه هذه الجهود خصوصا وأن مرتكبي هذه الجرائم يحاولون الإستفادة من معطيات التقدم التكنولوجي المعاصر بطرق مختلفة منها إستخدام النقود الإلكترونية، كما يستفيدون من مبدأ السرية المصرفية.  وإذا كانت الشركات المتعددة الجنسيات أو الشركات العابرة للقارات من ظواهر العولمة، فإنه يمكن القول بثقة شديدة أن جرائم غسيل الأموال تعد من هذه الظواهر أيضا ذلك أن حرية تداول الأموال بين مصارف العالم دون قيود ساهم في شيوع هذه الجرائم على نحو مخيف خصوصا وأنها جرائم متعلقة بأموال قذرة.

ولعل تحول هذه الأموال من مصدرها القذر الى حالة تمويهية بحيث تجلس في المطاف الإخير جنب الأموال النظيفة يجعل مهمة مكافحتها ليست سهلة.  وبما أن التقدم التكنولوجي الهائل يسهم في تسهيل تداول هذه الأموال فإن طرق المكافحة يتعين أن تواكب العمليات والأساليب التي تتم فيها هذه الجرائم بحيث تصبح الطرق وقائية وعلاجية، فتحول دون إتمام هذه الجرائم ونجاحها من جهة، وتقمعها من جهة أخرى سواء إكتشفت في بدايتها أو جرى متابعتها بدقة كي يتم الإمساك بها وبمرتكبيها.

2. أهمية الموضوع
 لجرائم غسيل الأموال آثار سياسية وإقتصادية وإجتماعية مدمرة فهي تنال من هيبة الدولة ومؤسساتها الدستورية كما أنها تضعف الإقتصاد الوطني إضافة الى الإضرار بالقطاع الخاص وبمنظومة القيم الدينية والأخلاقية لا سيما وانها تتضمن جرائم الإتجار غير المشروع بالمخدرات وبالأسلحة والفساد السياسي والإداري والمالي والإتجار بالإعضاء البشرية وبالرقيق الأبيض (النساء والأطفال) والدعارة والجريمة المنظمة، وإضافة الى الأخطار التي تسببها هذه الجرائم، كما تم الإشارة اليها بشكل سريع فإن الدول النامية تتضرر ضررا كبيرا منها خصوصا وانها تحاول خلق بيئة إقتصادية إستثمارية مرموقة، فإذا عرفنا أن بعض الأموال الأجنبية التي تقدم للوطن على أساس المساهمة في الإستثمارات إنما هي مكونة وفق هذه الجرائم اتضح لنا صعوبة التمييز بين رأس المال النظيف من ذلك الناجم عن جرائم غسيل الأموال الأمر الذي يدفعنا للتفكير مليا في ابتداع اشكال جديدة لمكافحة هذه الجرائم والعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه الجهود الدولية والوطنية بهذا الشأن، ولا شك في أهمية تبادل المعلومات والخبرات الناضجة كي تحول دون تغول هذه الظاهرة وتعمل على إضعافها وتصعيب فرص نجاحها.  وقد قدرت مجموعة العمل المالية الدولية لمحاربة غسيل الأموال (فاتف) وفق آخر تقاريرها حجم غسيل الأموال بحوالي تريليون ونصف التريليون دولار سنويا، كما قدر صندوق النقد الدولي الحجم المالي لهذه العمليات ما بين 2- 5% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم(1).

وتتميز هذه الجرائم، إضافة الى خطورتها الكبرى بأنها جريمة حديثة يقوم بالشروع فيها وتنفيذها إقتصاديون وتجار ومحامون وشركات وبنوك ومن ثم فهي من قبيل الجرائم العمدية والمنظمة والخطيرة جدا.

3. منهج البحث
سنلجأ إلى إستخدام المنهج الوصفي حيث نصف الظواهر الجرمية كما هي كما نلجا إلى إستخدام المنهج التحليلي حيث نتعرف على الطرق التي تتم فيها هذه الجرائم وكيفية انتقالها من صفة جرمية الى صفة مباحة، وأخيرا نلجأ الى إستخدام المنهج المقارن حيث نتعرف على أساليب ووسائل دول العالم في المكافحة، إضافة الى توصيات المؤتمرات الدولية والإقليمية والمحلية.

4. خطة البحث
 تقتضي الضرورة العلمية تقسيم هذا الموضوع الى مبحثين مستقلين، يتناول الأول طرق مكافحة جرائم غسيل الأموال ويبين المبحث الثاني العقبات والصعوبات العملية التي تواجه عمليات المكافحة مما يضعف من جهودها الأمر الذي يتطلب تحليل هذه العقبات التي سنتوصل اليها ونذكر أهم الإقتراحات العملية التي من شأن إعمالها تطوير نظام المكافحة نحو أساليب أكثر فعالية. ونبدأ البحث بتمهيد يحدد لنا الفعالية الرئيسية لهذه الجرائم كي تتكون لدى القارئ فكرة دقيقة عنها. ونأمل أن يسهم هذا البحث في تطوير وسائل وأساليب مكافحة هذه الجرائم الخطيرة.

تمهيد

ماهية جرائم غسيل الأموال
تقتضي الدقة العلمية بيان ماهية جرائم غسيل الأموال، تعريفها وتحديد أركانها، وإيضاح طبيعتها المدمرة، وأخيرا:  إستعراض مصادر الأموال القذرة، وسيتم ذلك في أربع فقرات مستقلة.

أولا:  تعريف الجريمة:
عرف الإتحاد الأوروبي في سنة 1990م مصطلح غسيل الأموال بأنه: "تحويل أو نقل الملكية The conversion or transfer of property مع العلم بمصادرها الإجرامية الخطيرة، لأغراض التستر وإخفاء الأصل غير القانوني لها، أو لمساعدة أي شخص يرتكب مثل هذه الإعمال(2) وهذا يعني أن غسيل الأموال Laundering Money هو الحصول على أموال أو إستثمارات غير شرعية من خلال طرف خارجي لإخفاء المصدر الحقيقي لها، وبعبارة أخرى هو عملية تنظيف الأموال من مصدرها وجعلها قانونية.

ثانيا:  أركان الجريمة:
لجريمة غسيل الأموال ركنان:  مادي ومعنوي، وفيما يلي بيان ذلك:


1. الركن المادي :  ويتألف من ثلاثة عناصر، هي:

‌أ- السلوك الذي يكون ركنا ماديا للجريمة ويتضمن ثلاثة أشكال هي:

1. حيازة أو إكتساب أو إستخدام الأموال القذرة وتودع في حساب بنكي أو توضع كأمانة في خزانة مستأجرة في البنك.
2. إخفاء الأموال القذرة من حيث المصدر، أو المكان أو التصرف أو الحركة أو الحقوق المتعلقة بها أو الملكية.

‌ب- المحل الذي يرد عليه السلوك وهي الأموال المتحصلة من الإتجار بالمخدرات أو بالدعارة أو الإختلاس أو الرشاوي أو الإتجار بالرقيق أو بالأطفال.

‌ج- الجريمة التي تحصلت الأموال بموجبها كالإتجار غير المشروع بالسلاح أو المخدرات... الخ.

2. الركن المعنوي
 يفترض علم الجاني أو الجناة بالمصدر غير المشروع للأموال القذرة فهي جريمة عمدية تنصرف إرادة  الفاعل إلى إرتكابها دون خلل بإرادته الحرة، فالجاني يعلم علم اليقين بأنه يمارس نشاطا إجراميا وهذه الجريمة في حقيقتها إنما هي جريمة مستمرة(3) ويقترح أحد الباحثين إعادة النظر بالتقسيم التقليدي للجرائم في ضوء واقع جرائم غسيل الأموال بحيث يمكن تقسيمها إلى جرائم ارتكاب وجرائم امتناع وجرائم وقتية وجرائم مستمرة وجرائم مسبقة وجرائم مرتبة وجرائم إعتيادية(4)، ويذهب أحد الباحثين إلى تصنيف جرائم غسيل الأموال الى جرائم لا تحقق أية عواقب مالية مثل القتل والإيذاء، وجرائم تحقق دخلا ماليا محدودا لمقدار ما يفقده المجني عليه في السرقة والإحتيال.  وهناك جرائم تحقق دخلا ماليا كبيرا جدا مثل تجارة السلاح غير المشروع والتزوير والجرائم الإقتصادية.  وجريمة غسيل الأموال عبارة عن جريمة تحويل أو نقل الأموال، وجريمة إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال بالإضافة الى جريمة حيازة أو اكتساب أو إستخدام هذه الأموال(5).

ثالثا:  واقع الجريمة:

ثمة حقيقتان لهذه الجريمة تحددان واقعها المر، الأولى هي كونها جريمة غير معروفة لرجل الشارع على الرغم من خطورتها القصوى والثابتة، إنها جريمة يمكن ان تباشر من غرفة النوم، وفيما يلي بيان هاتين الحقيقتين من خلال المعلومات المستقاة من شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).

1. النصر للأقوى والأذكى والأقدر:

إذا قمت بإستطلاع بسيط في الشارع، وسألت عن مصطلح "غسيل الأموال" فإن معظم الإجابات ستدل على أنه غير معروف، ولعل هذا الجهل بالموضوع هو احد المشاكل الأساسية التي تعاني منها الحكومات في محاربتها هذا النوع من الجرائم، فهذه الجريمة تبدو كأنها بدون ضحايا فهي تأتي لدى الكثيرين في منزلة متأخرة بعد عمليات السطو، والسرقة وغيرها من الجرائم. إنترنت العالم العربي Htt://www.dit.net/Arabic/internet/study/1101az.html

2. الكازينوهات تتسلل الى بيتك:

قال أحد المعلقين محذرا:  إذا كنت تعتقد أن أوكار القمار توقفت عن النمو فقد جانبت الحقيقةّ!  إنها تنمو بإستمرار ولكن ليس عبر الكازينوهات الكبرى، بل تتسلل داخل غرفة معيشتك. إن هذا ناقوس خطر، جدير أن يدق لأن أخر صحية في عالم القمار تتمثل في الكازينوهات الإفتراضية التي ما فتئت تتبثق هنا وهناك في فضاء الإنترنت (المرجع نفسه) إذا لعبت تعطي رقم بطاقتك الإئتمانية للكازينو، إن خسرت يأخذون أموالك وإن ربحت يدعون انهم سيودعون أرباحك على حسابك، والمشكلة أن إعطائك البطاقة الإئتمانية تعرض نفسك لخطر سرقة حسابك (المرجع نفسه) 25/4/2001.

رابعا: مصدر الأموال القذرة:

مصادر هذه الأموال متعددة ومتنوعة، أبرزها:

1.  تجارة المخدرات:

وهي من أكبر العمليات الإجرامية في هذا الشأن، ويلجأ اليها أصحاب النفوس الضعيفة نظرا للمردود المالي الضخم من هذه التجارة الآثمة.

2.  الرشوة:
وهي مبلغ من المال يتقاضاه الموظف العام نظير تسهيلات غير مشروعة للمتعاقدين مع الإدارة أو أي فرد يرغب الإستفادة من الخدمة العامة أو الأموال العامة للإدارة بوجه غير قانوني، وتظهر الرشوة في صفات المقاولات والمناقصات والعقود التي يبرمها الراشي مع المرتشي، الموظف في الدولة سواء مباشرة أو بواسطة وسيط (الرائش) وكلما كانت الصفقة تعد بالملايين فإن الرشوة تزداد بزيادة قيمة الصفقة وغالبا ما يحصل على المبالغ الكبيرة: الوزراء والأمناء العامون والمدراء العامون للمرافق والمؤسسات العامة فهؤلاء بحكم مناصبهم يقدرون على الإتجار بالوظيفة ضمن صفقات مالية كبيرة (رشاوي كبيرة).

وقد نظم قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 م المعدل جريمة الرشوة في المواد 170-173 إذا عاقب كل موظف وكل شخص ندب إلى خدة عامة سواء بالإنتخاب أو بالتعيين وكل شخص كلف بمهمة رسمية كالحكم والخبير والسنديك طلب أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعدا أو أية منفعة.

3.  الإتجار بالرقيق الأبيض:

وهي ظاهرة الإتجار بالنساء والأطفال لغرض الدعارة.


4.  الإختلاس:
 وجرائم الاختلاس يقوم بها موظف عام تودع الأموال امانة لديه او يسهل عليه اختلاسها ويعاقب قانون العقوبات الأردني كل موظف عمومي أدخل في ذمته، ما وكل اليه بحكم الوظيفة أمر إدارته أو جبايته او حفظه من نقود وأشياء أخرى للدولة أو لأحد الناس (المادة 174/1) وتنظم المواد (175-177) بقية صور الإختلاس وإستثمار الوظيفة.

5.  التهرب الضريبي:

يتهرب المكلف من أداء الضرائب الملزم بتسديدها كليا أو جزئيا، وبعض كبار التجار أو المقاولين تترتب عليهم مبالغ ضخمة إلا أنهم يستطيعون التهرب من دفعها عن طريق التواطئ مع الموظف الضريبي لقاء تقديم رشوة له كي يموه عن جريمته التهرب الضريبي أو يتغاضى عنها.

6.  الجرائم الواقعة على المال:

وهي جرائم تقع على أموال الآخرين كسرقة المال أو إغتصابه او إستعماله دون وجه حق أو الإحتيال وسائر ضروب الغش مثل المراباة والقروض لقاء رهن وشيك دون رصيد وإساءة الإئتمان وسرقة الملكية الفكرية وسرقة خدمات الدولة (الماء والكهرباء).

7.  تزييف العملة:

تتخصص بعض العصابات بتزييف العملة الوطنية او الدولار الأمريكي ويعاقب قانون العقوبات تزوير البنكنوت وهي أوراق النقد الأردني والمستندات المالية وأذونات الخزينة وسندات الدين التي تصدرها الدولة والمؤسسات العامة سواء أكانت مسجلة أو لحاملها وشيكات المسافرين وكل بوليصة يصدرها مصرف حكومي أو شركة صيرفة وكل ورقة مالية تعتبر كنقد قانوني في البلاد الصادرة فيها (المادة 239) وتعاقب بقية المواد القانونية، الأشكال الأخرى لتزوير البنكنوت (المواد 240-244) كما ثمة مواد قانونية تعاقب على الجرائم المتصلة بالمسكوكات (المواد 245 – 255) وتزوير الطوابع (المواد 256-265) أو تقديم مصدقات كاذبة (المواد 266-268).

8.  جرائم أصحاب الياقات البيضاء:

هي جرائم الطبقة الإجتماعية المرفهة في معرض قيامهم بأعمالهم المهنية، يصعب إكتشاف مثل هذه الجرائم أو ملاحقة أصحابها(6) مثال ذلك جرائم المهندسين في بناء عمارات دون أن تستوفي المواصفات الفنية كليا أو جزئيا أو قيام الأطباء بإجراء عمليات جراحية لا داعي لها وإنما لغرض الإسترباح الحرام أو قيام موظف البنك بالتلاعب بالأرصدة لصالحه.

9.  جرائم السياسيين:

ترتبط عملية غسيل الأموال بالفساد السياسي الذي يقترن بإستغلال النفوذ لجميع الثروات الطائلة ثم تهريبها الى الخارج وإعادتها على شكل ذهب او مجوهرات او شراء عقارات(7) ويسعى السياسي إلى المناصب النيابية او الوزارية لغرض تكوين ثروة بالسحت الحرام فهو يستخدم مبادئ الصالح العام بغرض الوصول إلى غايته الدنيئة.


المبحث الأول
طرق المكافحة

يمكن تجنب وقوع الجريمة بطرق وقائية عن طريق التشريعات ذات العقوبات المشددة وعن طريق الإجراءات الإدارية والمالية التي تغلق الطريق أمام من تسول له نفسه إرتكاب الجريمة، وثمة طرق علاجية تتضمن تطوير طرق المكافحة التي ثبت ضعف نجاعتها إضافة الى محاولة تجفيف المنابع التي تتكون فيها هذه الجرائم، وفي معظم الأحيان تتداخل هذه الطرق في القوانين وفي الإتفاقيات الدولية. وسنقسم هذه الطرق إلى طرق دولية وأخرى محلية وذلك في مطلبين مستقلين:





المطلب الأول
طرق المكافحة الدولية

لعل اكثر طرق المكافحة الدولية لجرائم غسيل الأموال فعالية تتمثل في بناء قواعد للتعاون الدولي بهذا الشأن، ومن الضرورة استعراض الجهود الدولية الأكثر بروزا.

أولا:  قانون المبادئ الصادر عن لجنة Basle سنة 1988 تختص هذه اللجنة في الإشراف على بنوك العالم وقد صدر عنها قانون يحتوي على مجموعة مباديء تحذر إستخدام البنوك في النشاط المتعلق بالجرائم المختلفة ومن المبادئ:

- التأكد من شخصية الزبائن.
- تجنب التحويلات المشبوهة.
- ضرورة تعاون البنوك مع الجهات الحكومية.

ثانيا: إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، المنعقدة في فينا سنة 1988 وهي اتفاقية تضم (103) دولة بالإضافة الى دول الإتحاد الأوروبي وتهدف الى تقوية وتعزيز الوسائل القانونية الفعالة للتعاون الدولي في المسائل الجنائية لغرض منع الأنشطة الإجرامية الدولية من الإتجار غير المشروع. وقد نصت المادة (3) على ضرورة إتخاذ كل طرف في إطار قانونه الوطني ما يلزم من التدابير لتجريم كل عمل من شأنه إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها أو طرق التصرف بها أو ملكيتها المتحصلة من جرائم المخدرات، وقد حرمت الإتفاقية ثلاث صور لمظاهر السلوك المكون لغسيل الأموال وإستخدام عائدات جرائم المخدرات.

1. تحويل الأموال أو نقلها مع العلم أنها مستمدة من جريمة إنتاج المخدرات أو صنعها أو إستخراجها أو تحضيرها أو عرضها للبيع أو توزيعها أو بيعها أو تسليمها بأي وجه كان أو السمسرة فيها أو إرسالها بطريق العبور، أو نقلها أو إستيرادها أو تصديرها أو الإشتراك في مثل هذه الجرائم بهدف اخفاء او تمويه المصدر غير المشروع لأموال أو بقصد مساعدة أي شخص متورط في إرتكاب مثل هذه الجرائم على الإفلات من العقاب.

2. إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها او طريقة التصرف فيها أو حركتها او الحقوق المتعلقة بها أو ملكتيها مع العلم بأنها مستمدة من احدى الجرائم المنصوص عليها سابقا او مستمدة من فعل من أفعال الإشتراك في مثل هذه الجرائم.

3. إكتساب أو حيازة أو إستخدام الأموال مع العلم وقت تسليمها بأنها مستمدة من إحدى الجرائم المنصوص عليها سابقا أو مستمدة من فعل من أفعال الإشتراك في مثل هذه الجرائم.

ويلاحظ بعض الفقه(8) التوسع في التجريم بهذه الإتفاقية وذلك بتجريم تحريض الغير أو حضهم علانية بأية وسيلة عمل إرتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها سابقا وهي التحريض كجريمة مستقلة.  وكذلك تجريم الإشتراك في إرتكاب أي من الجرائم المشار اليها سابقا أو التواطؤ على ذلك او الشروع فيها او المساعدة او تسهيل أو إبداء المشورة بصدد ارتكابها.

وقد أخذت الإتفاقية بعقوبات السجن وغيرها من العقوبات السالبة للحرية، والغرامة المالية والمصادرة وإخضعت في بعض الحالات مرتكبي هذه الجرائم للتدابير العلاجية على تعدد وتنوع صورها(9).

ثالثا:  لجنة مجموعة مكافحة عمليات غسيل الأموال في باريس 1990 وقرر رؤساء الدول الصناعية الثمانية الأكثر تقدما (اميركا، كندا، اليابان، فرنسا، بريطانيا، المانيا، إيطاليا، روسيا) إنشاء مجموعة لمكافحة عمليات غسيل الأموال (GAFI) في باريس سنة 1989 وتألفت المجموعة من (120) عضو موزعين بين سياسيين، وخبراء، ورجال أعمال، وقضاة، وموظفين كبار في الجمارك، أبرز مشكلة لدى غسيل الأموال تكمن في كيفية تمويل كمية ضخمة من المال النقدي إلى إيداعات او تحويلها الى ادوات مالية عامة أو إلى رؤوس أموال أخرى تدور بالإقتصاد، أي أن الصعوبة الأولى هي في مرحلة التوظيف وهنا تكمن أول نقطة ضعف في عملية الغسيل حيث يمكن إكتشاف هذا النشاط أو مهاجمته أو تتبع آثاره، وقد أوصت بتقريرها بما يأتي:

أ‌- ضرورة إتخاذ كل دولة الإجراءات اللازمة بما فيها التشريعية لإعطاء الصفة الجرمية لفعل الغسيل.

ب‌- إتخاذ الترتيبات اللازمة لمصادرة الاموال المغسولة ومردودها والوسائل التي إستخدمت في غسيلها.

ج‌- التزام المؤسسات المالية بعد فتح حسابات مجهولة الهوية أو بأسماء وهمية والتحقق من هوية الزبائن والإحتفاظ بالقيود والسجلات بشكل يجعلها قادرة على تلبية أي طلب معلومات يردها من السلطات المختصة والإنتباه الى العمليات المعقدة المهمة وغير العادية وغير المبررة إقتصاديا على أن يسمح للمؤسسة بالإبلاغ عنها أو الزامها بذلك.

د‌- ان تضع المؤسسات المالية برامج لمكاحفة الغسيل تتضمن تأهيل وتدريب الموظفين.

هـ- دراسة العمليات النقدية والتبليغ عنها عندما تتجاوز مبلغا معينا.

و‌- أن تقوم الهيئات الدولية بجمع المعلومات المتعلقة بتطوير عمليات غسيل الأموال والتقنيات المستعملة فيها وتوزيعها على السلطات المختصة.

ز- تبادل المعلومات بين الدول تلقائيا أو عند الطلب.

ح‌- ضرورة إرتكاز التعاون الدولي على اتفاقات وترتيبات قانونية ثنائية أو جماعية تتيح تسليم المجرمين.

رابعا:  المؤتمر الوزاري العالمي لمكافحة الجريمة الدولية لسنة 1994 الذي عقد في نابولي (إيطاليا) وأوصى بما يأتي:

أ‌- إتخاذ تدابير ووضع استراتيجيات لمنع ومكافحة غسيل الأموال وإستخدام عائدات الجريمة ومكافحتها.

ب‌- ضرورة التعاون الدولي لمنع غسيل الأموال ومكافحة ومراقبة عائدات الجريمة.

ج‌- فرض العقوبات والاحكام الملائمة وضرورة تجريم غسيل عائدات الإنشطة الإجرامية.

د-  التعاون بين السلطات المكلفة بتنظيم القطاعين المالي والإقتصادي والسلطات المكلفة بتنفيذ القوانين.

هـ- إعتماد تدابير شرعية لمصادرة العائدات غير المشروعة.

و‌- النظر في إتخاذ تدابير تحد من السرية المالية لفرض رقابة فعالة على غسيل الأموال.

ز‌- ضرورة تطبيق قاعدة (إعرف زبونك) والكشف عن الصفقات المالية المشبوهة.

ح‌- إجراء الدراسات والبحوث من اجل معرفة المؤسسات التجارية التي يمكن ان تستخدم في غسيل الأموال.

ط‌- ضرورة توحيد الجهود بين المنظمات والأجهزة العالمية والإقليمية من أجل بذل جهد جماعي لمكافحة عمليات غسيل الأموال.

ي‌- ضرورة قيام الأمم المتحدة بمساعدة الدول ماليا وفنيا للقضاء على عمليات الغسيل وإستخدام عائدات الجريمة ومكافحتها.

خامسا:  مؤتمر المخدرات وغسيل الأموال المنعقد بمدينة ميامي بأمريكا سنة 1997.  ركز على ثلاثة طرق هي :

‌أ- سياسة إعرف زبونك Know your customer بالتدقيق والتحقق من أموال الزبائن إن كانت لا تتناسب مع وظيفة الزبون او تجارته.
‌ب- سياسة أو مبدأ الإخطار عن العمليات المشبوهة Suspicious Activities ويجب الإبلاغ عن أية عملية مشبوهة للسلطة القضائية المختصة للتحقيق فيها.
‌ج- التعاون الوثيق بين الدول من خلال معاهدات جماعية او ثنائية وإصدار تشريعات تساعد وتحفز على الكشف عن هذه الجرائم كإختصاص المحاكم الأجنبية إذا كان ثمة تعاون قضائي والتخفيف من مبدأ سرية المعلومات البنكية إذا تعلقت بعملية غسيل الأموال والإفصاح عنها للسلطة القضائية المختصة. وقد عقدت عدة مؤتمرات اقليمية، عربية وقارية لهذا الغرض.





المطلب الثاني
طرق المكافحة المحلية

يمكن التطرق الى الطرق الوقائية في المكافحة وفي مقدمتها إصدار قوانين لتجريم عمليات غسيل الأموال وعرض التوصيات الفنية المتخصصة بهذا الشأن، وأخيرا نحدد دور البنوك في مكافحة هذه الجرائم وسنتناول ذلك في ثلاث فقرات مستقلة.

أولا:  الطرق الوقائية في المكافحة:

1. إتباع سياسات تشريعية جديدة بالتجريم والعقاب ملائمة للطبيعة "الزئبقية" و"الأخطبوطية" لجرائم غسيل الأموال.
2. تطوير النظم الرقابية للبنوك الوطنية على نحو يجعل بالإمكان رصد حركة الأموال القذرة وإكتشافها سواء بإستحداث قسم أو جهاز او لجنة في كل بنك تتحقق من شرعية هذه الأموال المودعة أو عدم شرعيتها.  ولعل التعاون بين البنك المركزي  والبنوك الوطنية الأخرى من خلال تبادل المعلومات وحق هذا البنك في الإطلاع على الحسابات المصرفية هي من الأمور الضرورية.
3. يمكن الإبقاء على مبدأ سرية المعاملات المصرفية النظيفة ورفع السرية عن تداول الأموال القذرة فمبدأ السرية يكون في إطار الشرعية اما النشاط الإجرامي فلا محل لإضفاء السرية عليه وإلا تعرض البنك لقواعد المسؤولية الجنائية.
4. ويتعين مراقبة البنوك الصورية أو الوهمية التي تستخدم كغطاء لترويج عمليات غسيل الأموال الأمر الذي يتطلب التشدد في منح تراخيص للبنوك الجديدة إضافة الى إستمرار مراقبة البنوك القائمة.
5. ضرورة معالجة المشرع لإشكاليات التكييف القانوني كجرائم غسيل الأموال وذلك بوضع تكييف جنائي خاص لهذه الجرائم إضافة الى تجريم نشاط غسيل الأموال في ذاته(10).

وتنفيذا للتوصيات الدولية بشأن وجوب إصدار قوانين لتجريم عمليات غسيل الأموال، فقد صدرت عدة قوانين في البلدان الأجنبية وأخرى في البلدان العربية، نختار من بينها القانون الفرنسي والقوانين العربية التي أخذت تترى في هذا المجال:

‌أ- فرنسا:  عرفت المادة (324) من قانون العقوبات الفرنسي الجديد رقم 392/96 الصادر في 13/5/1996 جريمة غسيل الأموال بأنها:  "تسهيل التبرير الكاذب بأية طريقة كانت لمصدر أموال أو دخول فاعل جناية أو جنحة تحصل منها على فائدة مباشرة أو غير مباشرة"، ويعتبر أيضا من قبيل غسيل الأموال تقديم المساعدة في عمليات ايداع او  إخفاء او تحويل العائد المباشر او غير المباشر لجناية او جنحة.  وعقوبتها في صورتها البسيطة السجن لمدة خمس سنوات والغرامة (المادة 324/1).  وقد شددت العقوبة إذا اقترفت بأحد ظرفين:  اولهما وقوعها بطريقة الإعتياد أو بإستخدام الوسائل التي ييسرها مزاولة نشاط مهني، وثانيهما: وقوعها في صورة جريمة منظمة وتكون العقوبة عند توافر احد هذين الظرفين السجن لمدة عشر سنوات ومضاعفة الغرامة (المادة 324/1) وعقوبة الشروع هي عقوبة الجريمة التامة نفسها (المادة 324/6) وثمة عقوبات تكميلية على مرتكب الجريمة كحظر مباشرة الوظيفة  العامة أو مزاولة النشاط المهني أو الإجتماعي الذي وقعت الجريمة أثناءه أو بمناسبته، وحظر إصدار الشيكات ووقف رخصة القيادة لمدة معينة، الغاؤها ومصادرة سيارات فاعل الجريمة، وأسلحته والأشياء المستخدمة في إرتكاب الجريمة أو تلك التي  كانت معدة لإرتكابها أو تلك المتحصلة عنها، وحظر مباشرة الحقوق السياسية والمدنية وحقوق الأسرة وحظر مغادرة إقليم الدولة أو حظر دخول اقليم الدولة في مواجهة الأجنبي مرتكب الجريمة (المادة 324/7-8)(11)، وإذا كانت هذه المواد تنطبق على جريمة غسيل الأموال بشكل عام فإن المشرع الفرنسي أفرد نصوص خاصة لجرائم المخدرات، إذ نص قانون العقوبات نفسه على عقاب تسهيل التبرير الكاذب لمصدر الأموال أو الدخول المتحصلة عن جريمة توجيه أو تنظيم مجموعة هدفها إنتاج المواد المخدرة أو صنعها أو جلبها أو تصديرها أو نقلها أو حيازتها أو عرضها أو النزول عنها أو اكتسابها أو استعمالها وكذلك الأموال او الدخول المتحصلة عن جريمة إنتاج او صناعة المواد المخدرة أو جلبها او تصديرها بطريق غير مشروع ويعتبر أيضا من قبيل غسيل الأموال تقديم المساعدة في عملية إيداعه أو إخفاء او تحويل العائدات المتحصلة عن إحدى هذه الجرائم (المادة 222/38).

‌ب- قطر:  أقرت الحكومة القطرية سنة 2002م قانون مكافحة غسيل الأموال الذي إستغرق إعداده نحو عام، لتكون قطر بذلك ثالث دولة خليجية تعمل بمثل هذا القانون بعد دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين أما سلطنة عمان فهي الدولة الرابعة وعلقت الأوساط الإقتصادية الرسمية في قطر أهمية كبيرة على قانون مكافحة غسيل الأموال، كونه ليشهد العقوبات على كل من يشترك في عمليات غسيل الأموال، إضافة إلى انه ساهم في تعزيز مصداقة قطر على المستوى الدولي في مجال مكافحة غسيل الأموال، ويعزز من علاقات التعاون القائمة فيما بينها وبين الجهات والمؤسسات الدولية العاملة في هذا المجال، ويهم القطاع الخاص القطري تطبيق قانون مكافحة غسيل الأموال لأن انعكاساته ستشمل كافة أوجه النشاط الإقتصادي في البلاد.  وبشكل خاص الجهاز المصرفي الذي يعتبر القطاع المعني مباشرة بالقانون، كونه الجهة التي ستقوم أيضا بالإلتزام بكافة مواد القانون، من اجل ضمان عدم حصول أي عملية اختراق فيما يتعلق بمحاولات غسيل الأموال التي قد يتعرض لها السوق القطري.

ومعروف أن البنوك في قطر تفرض رقابة مشددة وتقوم بمتابعة حثيثة لأي محاولة تستهدف غسيل الأموال حتى قبل العمل بقانون مكافحة غسيل الأموال، وإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات.

إن قانون مكافحة غسيل الأموال يمنح صلاحيات واسعة للجهات المعنية بملاحقة عمليات غسيل الأموال في قطر، تضاف إلى الجهود الكبيرة المتمثلة بالرقابة المشددة والمتابعة الحثيثة التي يقوم بها المصرف المركزي لملاحقة أي أفراد يشتبه بقيامهم بعمليات غسيل الاموال.

وأضافت المصادر أنه من اجل ذلك، لم يكن السوق المحلي القطري بحاجة ماسة لقانون مكافحة غسيل الأموال، ولكن الظروف والمتغيرات العالمية والتزام قطر بإتفاقيات دولية، خاصة كونها عضو في منظمة التجارة العالمية يفرض عليها سن مثل هذا القانون(12).

وقد أصدر محافظ مصرف قطر المركزي تعميما على جميع البنوك والمصارف ومؤسسات الصرافة وشركات الإستثمار والتمويل في البلاد بهدف تعزيز إجراءات مكافحة العمليات غير المشروعة والمشبوهة ومكافحة غسيل الأموال.

وشدد المصرف المركزي في تعميمه على التحقق بدرجة أكبر من تعامل مصرفي يزيد على 100 ألف ريال قطري والأنشطة المصرفية المختلفة سواء كان ذلك في شكل تحولات من عملة إلى أخرى أو فتح إعتمادات أو حسابات أو ودائع أو أي نوع من الإستثمار أو صناديق الأمانات.

وأشار المصرف إلى ضرورة التحقق من بيانات العميل وإتخاذ الإجراءات الرقابية والتدابير الكافية التي تمكن من ضبط وإحباط محاولات غسل الأموال والتأكد من عدم إستغلال هذه المؤسسات من قبل المنظمات التي تعمل كمؤسسات شرعية.

وقالت الصحف أن المصرف المركزي طلب من البنوك أيضا إضافة بند إلى نموذج فتح حسابات العملاء ينص على أنه "يحق للمؤسسات المصرفية والمالية تجنيب الأموال المحمولة إلى حسابات العميل حال قيام شبهة تضمنها عملية من عمليات غسيل الأموال".

كما طلب الإحتفاظ بسجلات خاصة بهويات العملاء ووكلائهم تشتمل على صور وثائق الهويات الرسمية، وملفات الحسابات المراسلات الخاصة بجميع العملاء وحتى الذين أقفلت حساباتهم.

كما دعا مصرف قطر المركزي المؤسسات المصرفية والمالية أيضا إلى تجميد أو حجز الأموال أو الأصول الأخرى بناء على أحكام قضائية أو تعليمات صادرة عن المصرف بهذا الشأن(13).

‌ج- دولة الإمارات العربية المتحدة:  أقر المجلس الوطني الإتحادي في سنة 2002 قانون غسيل الأموال الذي تصل عقوبة جريمته الى السجن سبع سنوات، وحماية القانون حماية الإقتصاد الوطني ويطبق القانون على كل منشأة تجارية في الدولة ومنها المناطق الحرة ومؤسسات التأمين والجمارك وكل ما يتعلق بعمليات وأنشطة تداول الأموال وتلقيها.

‌د- سلطنة عمان:  صدر قانون (غسل الأموال) في سلطنة عُمان بموجب مرسوم سلطاني في 2/4/2002 وقد جاء ليضع الإطار المرجعي لمعالجة ظاهرة غسل الأموال ويتضمن عدة مواد تعرف ظاهرة غسل الأموال وتضع العقوبات الكفيلة لردع المخالفات وتم تشكيل لجنة من عدة جهات بالدولة برئاسة وكيل وزارة الإقتصاد الوطني للشؤون الإقتصادي لمتابعة تنفيذ قانون غسل الأموال كما أن وفد اللجنة الدولية لمكاحفة غسل الأموال عند زيارته للسلطنة مؤخرا واطلاعه على مسودة القانون أكد بإن الإجراءات المطبقة بالقانون تعد من أفضل الإجراءات المطبقة على مستوى دول العالم.

أن إصدار السلطنة لقانون غسل الأموال جاء لمساندة الجهود الدولية والإنضمام إلى الأسرة الدولية لمحاربة هذه الظاهرة بإعتبارها ظاهرة دولية، والقانون يحتوي على مواد عديدة من بينها كيفية التصدي لهذه الظاهرة والعقوبات المطبقة لمرتكبي هذه الجريمة ودور الجهات المعنية للتصدي لهذه الظاهرة.

وقانون غسيل الأموال سيضع القطاع المصرفي العُماني في منأى عن مثل هذه الممارسات نظرا لوجود العقوبات الرادعة بالقانون لمرتكبي هذه الجريمة ودور الجهات المعنية للتصدي لهذه الظاهرة.

وقانون غسيل الأموال سيضع القطاع المصرفي العُماني في منأى عن مثل هذه الممارسات نظرا لوجود العقوبات الرادعة بالقانون لمرتكبي جريمة غسل الأموال كما أن القانون سيكون سندا للبنوك العاملة بالسلطنة لمحاربة هذه العمليات.

وأكد الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني أنه لم تكتشف حتى الآن بالسلطنة حالات غسل الأموال مشيرا إلى أن شرطة عُمان السلطانية والبنك المركزي العُماني والبنوك التجارية وشركات الصرافة والتمويل على وعي تام للتصدي لأي محاولة.

وحدز الرئيس التنفيذي البنك المركزي الجمهور بعد الوقوع في براثن العمليات الإحتيالية المشبوهة مشيرا إلى أن هذه العمليات هي وهمية ولا يقصد بها الا التحايل وابتزاز أموال الناس.

هـ- الأردن:  وفي النظام القانوني الأردني توجد أربعة قوانين لمواجهة جرائم غسيل الأموال هي:

1. قانون العقوبات.
2. قانون المخدرات والمؤثرات العقلية.
3. قانون الجمارك.
4. قانون صيانة أموال الدولة.

ونظرا لهذا التشتت بهذه النصوص فنحن نقترح توحيدها وضمها في قانون العقوبات وهو المكان الملائم لها.




ثانيا:  التوصيات الفنية المتخصصة:

أخترنا طائفتين من التوصيات الأولى مصرية والثانية سعوية وفيما يلي بيان ذلك:

1. عدم الإحتفاظ بأية حسابات لشخصيات مجهولة الهوية أو بأسماء وهمية.
2. إتخاذ الإجراءات المناسبة للحصول على المعلومات الحقيقية الخاصة بالعميل الذي يفتح له حساب لدى البنك او يتم تنفيذ العملية لحسابة.
3. حفظ السجلات الخاصة بالعملاء والعمليات التي تتم على المستوى المحلي أو الدولي لتكون جاهزة إذا ما طلبتها السلطات المختصة لمدة كافية وفقا للقانون.
4. متابعة سلوكيات العمليات المصرفية المثيرة للشكوك لتتخذ إدارة البنك قرارا بشأنها.
5. تدريب وتنمية قدرات الموظفين بالبنوك للتعرف على الصفقات المشكوك فيها والإجراءات والسياسيات الخاصة تجاهها، وكذلك الإجراءات القانونية الخاصة بعمليات غسيل الأموال.
6. يقوم اتحاد بنوك مصر من خلال اللجنة المشكلة به لدراسة غسل الأموال بإعداد برنامج تدريبي للعاملين بالبنوك.
7. تطبق إجراءات مجابهة غسيل الأموال على المنتجات المصرفية المختلفة من نقود بلاستيكية وعمليات إعادة الأقراض وذلك من خلال التحري والحصول على البيانات اللازمة عن العميل طالب الإقتراض بضمان ودائع في بلد أجنبي.
8. تطبيق القوانين الحالية التي تعتبر كافية لمواجهة عمليات غسيل الأموال ذلك إعمالا لنصوص قانون العقوبات.
9. ضرورة إستخدام الصلاحيات الموجودة في قانون سرية الحسابات للحصول على إذن من النيابة العامة لتعقب حالات غسيل الأموال مع التأكيد على عدم وجود تعارض بين هذا القانون وإجراءات غسيل الأموال(15).

ب- مقترحات بعض الخبراء المصريين:

1. إصدار قانون عام يعاقب على الغش المالي بصفة عامة.
2. إنشاء إدارة متخصصة في كل دولة للتحري ومتابعة أنشطة غسيل الأموال وأن تعمل الحكومات على تطوير تشريعات لتنفيذ نصوص إتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1988م.
3. السعي نحو عقد اتفاقية دولية لغسيل الأموال والإهتمام بهذه الجريمة في التشريعات المحلية.
4. أول خطوة على طريق مكافحة الفساد هي توعية الناس بأبعاده بإعتباره شكلا من أشكال التلوث الإجتماعي يزدهر في ظل غياب التنظيم والممارسات الديمقراطية(16).

ويقترح الدكتور حمدي عبد العظيم أستاذ الإقتصاد وعميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية فرع طنطا بمصر، جملة إقتراحات بإعتباره خبيرا بعمليات غسيل الأموال، هي:

1. ضرورة تعميق أواصر التعاون الدولي فيما يتعلق بمكافحة الجرائم الإقتصادية وغسيل الأموال.
2. العمل على الإستفادة من تجارب بعض الدول المتقدمة في مواجهات عمليات غسيل الأموال.
3. العمل على إصدار تشريع لمكافحة الفساد في التجارة الدولية خصوصا تقاضي ودفع الرشوة في الصفقات التجارية الدولية التي يتم إيداعها في حسابات خارجية بأسماء المرتشين.
4. التفرقة في الحسابات المصرفية والتحويلات في النقد الأجنبي بين النقد المعلوم المصدر والنقد غير المعلوم المصدر مع عدم السماح بتحويل النقد غير معلوم المصدر إلى البنوك الخارجية.
5. عدم السماح بتحويل البنوك للنقد الأجنبي المعلوم المصدر إلى أحد البنوك الخارجية إلا بعد الحصول على شهادة إخلاء طرف من مصلحة الضرائب ومصلحة الجمارك وإدارة مكافحة غسيل الأموال بوزارة الداخلية.
6. ضرورة قيام البنك المركزي بإلغاء ترخيص وشطب البنك الذي يثبت تورطه بعمليات غسيل الأموال وتقديم القائمين على إدارته الى المحاكمة الجنائية بتهمة الإضرار بالمصلحة العليا للبلاد وبالإقتصاد الوطني.
7. ملاحظة مصادر الدخل غير المشروع كافة مثل تجارة المخدرات والرشوة والفساد السياسي وغيرها وفضحها امام الناس كخطوة للقضاء على هذه الجرائم.
8. ضرورة تعديل بعض القوانين وثيقة الصلة بمكافحة غسيل الأموال بهدف تجفيف منابع الجريمة بشتى صورها خاصة فيما يتعلق منها بالفساد السياسي والفساد الإداري وتزييف النقود وبطاقات الإئتمان والإتجار في الرقيق الأبيض والقمار والدعارة وغيرها.
9. إصدار قانون خاص بمكافحة عمليات غسيل الأموال القذرة يتضمن عقوبات رادعة(17).
10. إخضاع ورقابة على البنوك غير المقيمة الموجودة في مصر التي تعامل معاملة مشروعات المناطق الحرة (والإستثمار) ولا تخضع للقانون المصري أو لرقابة البنك المركزي المصري حتى لا يمكن إساءة استخدامها في عمليات غسيل الاموال(18).

ج-  توصيات مجلس الوزراء السعودي:

إعتمد مجلس الوزراء السعودي أربعين توصية أعدتها لجنة متخصصة بقرار رقم (15) في سنة 1420 هـ (2000م)، وفيما يلي بيان ذلك:

1. على الدولة إتخاذ الخطوات لتنفيذ اتفاقية فيينا.
2. إن قوانين سرية المؤسسة المالية تتعارض مع هذه التوصيات (ومن ثم يجب إلغاءها).
3. تحتاج مكافحة غسل الأموال خطوات سريعة وشديدة مهما كانت الصعوبات القانونية والفنية، كما تحتاج الى تدابير عملية كتحسين الأنظمة القانونية وتعزيز دور النظام المالي وتقوية التعاون الدولي.
4. تجريم عملية غسيل الأموال وإعتبارها جريمة خطرة.
5. تتحقق الجريمة بمجرد العلم بنشاط غسل الأموال وخصوصا العلم بالمنشأ الجنائي لهذه الأموال.
6. الشركات وموظفوها عرضة للمسؤولية الجنائية.
7. مصادرة الممتلكات المغسولة أو عائداتها أو الوسائل التي إستخدمت أو يراد إستخدامها في اية جريمة من هذه الجرائم، وكذلك تعزيز النظام المالي من خلال ملاحظة سير النقد الناجم عن هذه الجرائم.
8. تطبيق التوصيات (10-29) على المصارف والمؤسسات غير المالية حتى وإن لم تكن خاضعة لرقابة مستمرة.
9. تطبيق التوصيات (10-21) و (23) على مزاولة الإنشطة المالية والتجارية التي تتم من قبل مؤسسات غير مالية في حالة السماح لها بذلك.
10. المؤسسات المالية ملزمة أن تكون حساباتها بأسماء حقيقية وليست وهمية وتدوين أسماء العملاء ولا سيما عند فتح الحسابات او الدخول في معاملات تجارية.
11. إذا شكت المؤسسة المالية بمعاملات افراد معينين فيجب أخذ معلومات كاملة عنهم.
12. إحتفاظ كل مؤسسة مالية بسجلات عملائها لمدة خمسة أعوام على الأقل، وتكون متاحة للسلطات التحقيقية والقضائية.
13. بذل العناية وإتخاذ الإجراءات المناسبة لمكافحة عمليات غسل الأموال التي تتم عن طريق الوسائل التكنولوجية الحديثة.
14. إيلاء أهمية وعناية خاصة لجميع العمليات المركبة وغير العادية والكبيرة والتحري عن خلفية هذه العمليات.
15. في حالة الشك يتعين تبليغ الجهات المختصة.
16. يجب حماية الموظفين جنائيا ومدنيا عند إفشاء أية أسرار خاصة بهذه الجرائم للجهات المختصة.
17. يجب على الموظفين عدم تحذير العملاء بشأن إفشاء أسرارهم للجهات المختصة.
18. تلتزم الجهات المالية التي تبلغ شكوكها بتعليمات الجهات المختصة.
19. على المؤسسات المالية أن تضع برامج لمكافحة غسل الأموال تتضمن تطوير السياسات والإجراءات الداخلة وتدريب الموظفين ونظام تدقيق لمراجعة الجهاز المصرفي.
20. يجب أن تطبق المؤسسات المالية هذه المبادئ في مركزها وفي فروعها في الخارج.
21. على المؤسسات المالية أن تولي عناية خاصة في علاقاتها وصفقاتها مع أشخاص أو شركات ومؤسسات مالية تنتمي الى أقطار لا تطبق هذه التوصيات.
22. فرض رقابة على إنتقال النقد والأدوات المالية القابلة للدفع لحاملة.
23. رفع تقارير عن جميع معاملات العملة المحلية والأجنبية التي تزيد على مبلغ محدد إلى هيئة مركزية لديها قاعدة بيانات.
24. تشجيع تقنيات حديثة آمنة لإدارة الأموال بما في ذلك الشيكات وبطاقات الدفع وإيداع شيكات الرواتب وتسجيل قيد دفاتر الأسهم لتشجيع تبديل الامور النقدية.
25. إتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع استغلال الشركات الصورية في عمليات غسل الأموال.
26. مراقبة المصارف والمؤسسات المالية أو الهيئات الوسيطة التي ليس لديها برامج ضد غسل الأموال ويجب تقديم الخبرة لها في هذا الشأن.
27. يجب فرض إشراف اداري على المهن الأخرى التي تتعامل بالأموال النقدية.
28. يجب تنوير السلطات المختصة من خلال برامج مكافحة غسل الأموال للمؤسسات المالية والمهن الاخرى التي تتعامل بالأموال النقدية بوسائل وأساليب غسل الأموال كيلا تكون شريكة بهذه الجريمة.
29. إن خطورة هذه الجرائم من خلال قدرة المجرمين على إمتلاك شركات صناعية أو تجارية تتعامل بغسل الأموال يتطلب تقوية التعاون الدولي وتبادل وطنياً المعلومات المتعلقة بتدفق أموال المخدرات.
30. تدقيق إجمالي التدفق الدولي للأموال النقدية بأية عملة كانت حتى يمكن إجراء تقديرات للتدفق النقدي أو إعادة تدفقه من مصادر خارجية وإتاحتها للبنك المركزي وصندوق النقد الدولي وصندوق التسويات الدولي لتسهيل الدراسة الدولية.
31. يجب جمع المعلومات من قبل الإنتربول ومجلس التعاون الجمركي وتوزيعها للسلطات المختصة حول آخر التطورات في غسل الأموال وتوزع هذه المعلومات دوليا وداخليا.
32. يجب التعاون بين السلطات القانونية في العالم بشأن مسائل المصادرة والمساعدة المتبادلة وتسليم المجرمين.
33. أيا كانت التعاريف الوطنية للدول لجريمة غسل الأمول فيجب تقديم المساعدة المتبادلة.
34. يجب إجراء اتفاقيات ثنائية ودولية بغرض توفير إجراءات عملية للمساعدة المتبادلة.
35. يجب تطبيق الإتفاقيات العالمية لغسل الأموال كاتفاقية المجلس الأوروبي لسنة 1990م حول الغسل والتحري والحجز والمصادرة للأموال العائدة من الجريمة.
36. تشجيع التعاون في التحقيقات بين الدول والسلطات المختصة فيما يتعلق بإجراءات التسليم.
37. توفير إجراءات تبادل المساعدة بين الدول كإبراز السجلات وتفتيش الأشخاص والمنازل والحجز وأخذ الإثبات لإستعماله في تحقيقات غسل الأموال والتقديم للمحاكمة.
38. يجب أن تكون هناك سلطة لإتخاذ الإجراءات العاجلة في الرد على الطلبات التي ترد من البلدان الأجنبية لتحديد وتجميد وحجز ومصادرة العائدات أو الأموال الأخرى التي يكون أساسها غسل الأموال.
39. التنسيق في رفع القضايا للمحكمة ولتفادي الوقوع في المنازعات بشأن الإختصاص وتحديد افضل الأماكن لمحاكمة متهمين من أكثر من بلاد واحدة ويجري التنسيق أيضا في عمليات الحجز ومصادرة الأموال.
40. يجب توافر اجراءات لتسليم المتهمين بجريمة غسل الأموال المتعلقة بالمتهمين(19).

ثالثا – دور البنوك المحلية والمركزية لمواجهة عمليات غسيل الأموال :

هنالك مؤشرات عديدة يمكن أن تكون دليلا لموظفي البنوك وتساعدهم في كشف الأموال المراد غسيلها  ومنها ما يلي: مؤشرات عامة:

- عندما تكون عناصرها دالة على غاية غير مشروعة كالغموض أو الإلتباس اللذين يميزان غايتها الإقتصادية أو إذا بدى انها غير معقولة تماما.
- إذا تم سحب الأموال بعد انقضاء فترة قصيرة على إيداعها خاصة عند إنعدام ما يبرر هذا السحب في نشاط الزبون أساسا.
- إذا كانت العمليات المطلوبة تتخطى النطاق العادي أو الزبائن العاديين للمصرف أو لفرع معين لديه أو إذا تعذر إكتشاف الأسباب التي دفعت الزبون الى إختيار هذا المصرف أو هذا الفرع لتسوية أعماله.
- إذا كان أحد الحسابات لا يتحرك منذ مدة ثم إصبح متحركا جدا بدون أسباب معقولة.
- إذا كانت العمليات متناقضة من المعلومات المستقاة من خبرة المصرف فيما يتعلق بهذا الزبون ومع الغاية من علاقات العمل التي يقيمها ومن الطبيعي انه لا بد من الإشتباه بالزبون الذي يقدم للمصرف معلومات خاطئة أو غير صحيحة ويرفض بلا مبرر معقول تزويد المصرف بالمعلومات أو المستندات الضرورية(20).

مؤشرات خاصة:

1.  غسل الأموال بواسطة عمليات محققة نقدا:

- قيام أحد الأفراد أو إحدى المؤسسات بدفع مبلغ كبير وغير عادي نقدا في حين أن الأنشطة الظاهرة تسدد عادة بشيكات، أو تحويلات او غيرها من وسائل الدفع.
- الإزدياد الملحوظ لإيداعات أحد الأفراد أو المؤسسات التي يتم نقدا ودون أسباب واضحة أو موضحة لاحقا إذا حولت هذه الإيداعات بعد وقت قصير إلى مال، لا علاقة له عادة بأنشطة الزبون الخاصة والمعروفة.
- الزبائن الذين يقومون عادة بإيداعات عديدة نقدا بحيث يشكل مجموعها مبلغا كبيرا وإن كانت قيمة كل منها ضئيلة.
- حسابات المؤسسات التي تتم عملياتها سواء إيداعات أو سحوبات نقدا وليس بواسطة وسائل الدفع الأخرى (شيكات، تحويلات، كمبيالات).
- الزبائن الذين يزيدون بإنتظام من قيمة حساباتهم نقدا من اجل تغطية إصدار شيكات او تنفيذ تحويلات أو طلب وسائل نقدية أخرى قابلة للتدولة وممكنة التنفيذ فورا.
- الزبائن الذين يبدلون كمية كبيرة من القسائم الصغيرة مقابل قسائم كبيرة.
- الزبائن الذين تتضمن مدفوعاتهم أوراق مزورة أو أدوات زائفة.
- الزبائن الذين يحولون مبالغ كبيرة التي تودع في الصراف الآلي بغية تحاشي الإتصال المباشر بمستخدمي المصرف.
- شراء شيكات مصرفية وشيكات سياحية نقدا وبمبالغ كبيرة من قبل زبائن ظرفيين أي لا يقيمون علاقات مستديمة مع الفرع المعني كامتلاك حسابات تحت الطلب او إستئجار خزنة وهكذا.
- الإكثار من تنفيذ عمليات نقدية تزيد قيمتها عن الحد الذي يوازي إمكانات الزبون المقدرة من المصرف.
- الإكثار من إيداع او سحب أموال في أو من حساب مفتوح من قبل فرد لا يبرر نشاطه المهني (مستخدم عادي مثلا) أن يشهد الحسابات مثل هذه الحركة.
- الإيداعات والسحوبات ذات المبالغ المرتفعة والتي تزيد كثيرا عن إمكانية أصحاب إحدى المؤسسات أو عن مداخيل أحد الأفراد.
- شراء وبيع كميات كبيرة من المعادن الثمينة من قبل زبائن ظرفيين.
2.  غسيل الأموال بواسطة حساب مصرفي:

- وجود شبكة عمليات غير معقولة لدى المصرف كوجود عدد من الحسابات لدى مصرف واحد ويكون هناك تحويل مستمر بين مختلف هذه الحسابات، وسيولة مفرطة.
- التحويل إلى مصرف أخر بدون تحديد المستفيد.
- إستلام شيكات بمبالغ كبيرة مظهرة من الغير لصالح الزبون.
- التطابق بين التحويلات والإيداعات النقدية الحاصلة في اليوم ذاته أو مساء ذلك اليوم.
- التحويلات الكبيرة المستمرة إلى بلد معروف بأنه منتج للمخدرات.
- سحب مبلغ كبير نقدا من حساب كان راكدا او حساب وضع فيه مبلغ كبير مؤخرا وغير متوقع ويكون مصدر هذا المبلغ من الخارج.
- وجود عدة حسابات اجريت فيها عدة إيداعات نقدا بحيث أصبح مجموعها يشكل مبلغا كبيرا.
- قيام عدد كبير من الأشخاص بتسديد مدفوعات لمصلحة حساب معين بدون تفسيرات مقبولة.
- عدم الإستفادة من التسهيلات المصرفية كالحصول على فوائد أعلى مقابل إيداع مبالغ كبيرة.
- الزبائن الذين يتوجهون معا في وقت واحد إلى عدة شبابيك لتنفيذ عمليات كبيرة نقدا أو بعملات أجنبية.  الزبائن الذين يرغبون في عدد معين من الحسابات تحت الطلب دون أن يكون ذلك مبررا لنشاطها المهني.
- الزبائن الذين يرفضون تقديم معلومات تتيح لهم الإستفادة من خدمات مصرفية هامة أو إعتماد.
- المدفوعات التي تحصل دوما بواسطة شيكات سياحية او شيكات بعملات اجنبية وخاصة إذا كان مصدر هذه الشيكات من الخارج.

3-  غسيل أموال المخدرات بواسطة عمليات استثمار.

- شراء سندات مودعة في أحد المصارف في وقت لا يتوافق ذلك مع وضع الزبون.
- الزبائن الذين يطلبون خدمات لإدارة أموال بعملات أجنبية أو مستندات لا يكون مصدرها واضحا أو متوافقا مع وضع الزبون.
- تداول سندات بقيم كبيرة نقدا.
- شراء أو بيع مستندات في ظروف غير عادية وبدون وضوح أسبابها.
- العمليات الجارية على أساس ضمانات او قروض لدى فروعه او شركات تابعة لمصارف أجنبية موجودة في مناطق معروفة بتهريب المخدرات.

4-  غسيل الأموال بواسطة نشاط دولي (أوف شور)

- العميل الذي يقدمه فرع أجنبي أو مؤسسة تابعة أو مصرف آخر موجود في بلد ينتشر فيه إنتاج وتهريب المخدرات.
- إستعمال خطابات إعتماد ووسائل تمويل أخرى لنقل أموال  إلى بلدان معينة وأن هذه التحويلات لا تتناسب مع نشاط الزبون العادي الطبيعي.
- الزبائن الذين يسددون مدفوعات منظمة وكبيرة بما فيها التحويلات الإلكترونية والتي لا يمكن تحديدها بوضوح أو الزبائن الذين يتلقون بإنتظام مدفوعات كبيرة مصدرها بلدان تشارك في إنتاج المخدرات أو منظمات إرهابية.
- تجميع مبالغ كبيرة لا تتناسب مع إجمالي مبيعات النشاط المعروف الذي يتعاطاه الزبون.
- الطلب المنظم لشيكات سياحية أو شيكات بعملات أجنبية.

5-  غسيل الأموال بواسطة طرد مضمون أو غير مضمون:

- الزبائن الذين يسددون قروضهم بصورة غير متوقعه.
- الزبائن الذين يطلبون قروضا على أساس ضمانه لدى أحد المصارف ولدى طرف ثالث ومصدر تلك الضمانة غير معروف أو غير متوافق مع وضع هؤلاء الزبائن.
- العملاء الذين يسددون قروضهم المصنفة بأنها سيئة قبل الموعد المتوقع.
- العملاء الذين يطلبون قروضا مقابل أصول تملكها منشأة مالية أو طرف ثالث وغير معروف مصدر تلك الأموال أو أنها لا تتوافق مع وضع العميل.

6-  إحتمال غسيل الأموال من خلال الخدمات المصرفية الإلكترونية:

- يجب على المصرف أو المنشأة المالية التي توفر لعملائها أنظمة التحويل الإلكتروني أن تربط برنامجا على النظام يرصد مجمل المعاملات المصرفية غير العادية تمكن المنشأة المالية من مراقبة والإبلاغ عن العمليات المشبوهة.
- عندما يتلقى أحد الحسابات عدة تحويلات مالية صغيرة بالطريقة الإلكترونية ثم يقوم صاحب الحساب بتحويلات كبيرة بالطريقة نفسها إلى بلد آخر.
- العملاء الذين يودعون بإنتظام دفعات كبيرة بإختلاف الوسائل بما فيها الإيداع الكترونيا ويكون مشكوكا فيها أو يتلقون دفعات كبيرة بشكل منتظم من بلدان تعرف بأنها أسواق المخدرات.
- التحويلات التي تصل بإسم عميل المصرف من الخارج الكترونيا ثم تحول الى الخارج إلكترونيا دون أن تمر في الحساب أي لا تودع ثم تسحب من الحساب(21).

الإجراءات الوقائية المترتبة على  البنوك والوسائل المالية لمكافحة غسيل الأموال:

نظرا لخطورة وفداحة الخسائر وأهمية النتائج التي تترتب على غسيل الأموال فلا بد من تظافر جميع الجهود المحلية والدولية لمكافحة هذه الجريمة والحد منها بقدر الإمكان، ومما لا شك فيه بأن العبء الأكبر في مكافحة هذه الجريمة خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الرقابية يقع الى حد كبير على البنوك والمؤسسات المالية إذ عليها أن تتخذ كافة الإجراءات التي تحول دون القيام بأي عمليات مالية غير مشروعة وذلك للمحافظة على سمعتها وحماية نفسها أولا من خطورة هذه العمليات،  بالإضافة الى مساهمتها في حماية الوطن والمجتمع الدولي من هذه الجريمة، ويمكن بيان الإجراءات الوقائية الممكن إتباعها بهذا الصدد على النحو التالي:

- على البنوك والمؤسسات المالية أن تتعرف بصورة مستمرة على الوسائل والأساليب والآلية التي يلجأ اليها غاسلو الأموال في عملياتهم المالية غير المشروعة وأن تضع الخطط اللازمة والإجراءات الوقائية لإحباطها ولا شك بأن ذلك يعتمد بشكل أساسي على التدريب المستمر والفعال لموظفيها وتوعيتهم وتعريفهم بكل المستجدات والتغيرات المستخدمة في هذا المجال مع التأكيد على عدم وقوعهم لإغراءات أو إبتزاز أو إحتيال هؤلاء المجرمين.
- أن تطبق وبشكل فعال مبدأ التعرف على عملائها عند فتح حسابات أو إجراء المعاملات البنكية ويتمثل ذلك في معرفة العميل من خلال المستندات الرسمية أو أي وسيلة أخرى يمكن الإعتماد عليها بما في ذلك معرفة طبيعة عمله ومكانه وتطوير هذه المعلومات بصيغة دورية وتبادل المعلومات حول حقيقة وشخصية من تم فتح حسابات لهم أو من تم إجراء عمليات مالية لهم.
- الإلتزام بكافة التعليمات والأنظمة والقوانين الصادرة من الجهات والسلطات المختصة بخصوص مكافحة هذه الجريمة وإنشاء نظام من الضوابط الداخلية للإلتزام بهذه اللوائح والقوانين والتعليمات.
- الإحتفاظ بالسجلات التي تتعلق بالعمليات المالية المحلية والدولية لمدة لا تقل عن خمس سنوات لتقديمها للسلطات المختصة ويمكن الرجوع اليها لغرض المتابعة والتدقيق.
- الإلتزام ببرنامج رقابي فعال يمكن من خلاله التبليغ عن النشاطات المشبوهة وإعداد تقارير خاصة عن العمليات المالية وتقديمها للجهات المعنية وأن يكون هناك مجموعة متكاملة من التقارير كلها تصب في هدف واحد وهو مراقبة ورصد العمليات البنكية المشبوهة ومن هذه التقارير:

تقرير العمليات النقدية:  ويستخدم عند تنفيذ العمليات النقدية بواسطة أو بالإنابة عن العميل في أي عمل مصرفي وعند وصول العملية لمبلغ معين (1000) دولار مثلا سواء بشكل منفرد او تجميعي وعند الشك بهذه العملية تتخذ الإجراءات اللازمة في ضوء ذلك.
تقرير النشاط المشبوه:  ويعبأ عند وجود أي شك لدى موظف البنك بأن العميل او الشركة تقوم بإستغلال البنك لتنفيذ عملية غسيل الأموال.
إصدار تقارير عن العمليات الضخمة أو تقرير النقد المودع والمسحوب:  وسواء كان ذلك بالشيكات التي تزيد عن مبلغ معين أو المبالغ الأقل من الحد المعين الواجب إبلاغ السلطات عنه، وهذه التقارير تمكن من التعرف على العملاء الذين يقومون بتجزئة مدفوعاتهم أو مسحوباتهم لكي يبتعدوا عن المبلغ الواجب الإبلاغ عنه للسلطات المختصة وهذا يمكن من التعرف على العملاء الذين تتغير نشاطاتهم بشكل إعتيادي او مفاجئ.
تقارير الحوالات الواردة والصادرة:  ويساعد ذلك في التعرف على العمليات المالية التي يكون فيها غسيل الأموال من خلال معرفة الحوالات الصادرة إلى خارج البلاد او للبنوك الوسيطة أو الحوالات الصادرة الخارجية او التي يتم تغذيتها بشيكات شخصية.

- أن تبذل العناية والتركيز الكافي على العمليات الكبيرة وغير العادية والتي ليس لها غرض أو مردود قانوني أو اقتصادي واضح.
- التأكد من موافقة السلطات الأمنية والرقابية في الموطن الأصلي للعميل وعدم إعتراض المواطن الأصلي على طريقة الحصول على الأموال كما يجب التفرقة بين الحسابات المصرفية والتحويلات بين النقد الأجنبي المعلوم المصدر والنقد الأجنبي غير المعلوم المصدر مع عدم السماح بتحويل الآخر الى أحد البنوك او الفروع الخارجية مهما كانت الأسباب.
- أن يكون هناك تنسيق وتعاون وتبادل للمعلومات والخبرات القانونية والمالية والإستفادة من خبرات البنوك من بعضها البعض مما يساعد على مكافحة غسيل الأموال.
- أن يتم التحقيق في أي عملية مالية غير عادية بأقصى درجات السرية ومراعاة عدم إبلاغ العميل بأي مرحلة من مراحل التحقيق والتدقيق التي تتم بهذا الخصوص(22).

في مجال مكافحة غسيل الأموال:

- ضرورة تحديد الحد الأقصى للسحب بما لا يتجاوز مبلغ معين ومراقبة حركات السحب التي تكون دون الحد المسموح به بحيث يتم تجميعها ومراقبتها ومتابعتها حتى لا تستغل هذه الصلاحية في مجال عمليات غسيل الأموال.
- توفير برامج يمكن من خلالها رصد مجمل العمليات المصرفية ويمكن من خلالها الإبلاغ عن المعاملات وعمليات التحويل غير العادية.
- إستخدام انظمة الحماية الأمنية لحماية الأجهزة المرتبطة الإنترنت كالبرامج الكاشفة للإختراقات الأمنية وكذلك إستخدام برامج خاصة للمحافظة على المعلومات عبر شركة الإنترنت وحمايتها من العبث والتشويه والإتلاف وذلك بإستخدام التقنية الحديثة والمتطورة كإستخدام البصمة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني والشهادات الرقمية والتشفير وعدسة العين وما إلى ذلك من وسائل تقنية للمحافظة على سلامة المعلومات المنقولة عبر الإنترنت والتأكد من هوية الأطراف المعنية بعمليات تبادل المعلومات والعمليات المصرفية وتحديد هوية المستخدم دون القيام بعمليات غير مشروعة.
- إستخدام كلمة السر (password) للتحكم في تشغيل الأجهزة خاصة أجهزة الكمبيوتر وأن يتم ذلك بإستخدام وسائل فنية وتقنية توفر المزيد من الأمن ويصعب الوصول اليها.
- وجود نسخ إحتياطية دورية للبرامج والمعلومات المخزنة على أجهزة الكمبيوتر وخاصة المرتبطة بشبكة الإنترنت من أجل إعادة إسترجاعها والتدقيق عليها ومتابعتها.
- إصدار تقارير دورية (يومية، إسبوعية، شهرية) لنشاطات الحسابات الجارية تغطي جميع حسابات العملاء التي تتم من خلال بطاقات الصراف الآلي بواسطة البطاقات الذاتية وشبكة الإنترنت فيتم بموجب هذه التقارير دراسة الأرصدة والإيداعات والسحوبات ومراجعتها بشكل دقيق وإتخاذ الإجراءات اللازمة بالعمليات المشبوهة.

وهنا لا بد من التنوية على أنه لا بد من وجود إجراءات عقابية رادعة بحق البنوك والمؤسسات المالية وخاصة محلات الصرافة التي تخالف التعليمات والأنظمة الخاصة بمكافحة غسيل الأموال، وأن يكون هناك نظام رقابي فعال من قبل البنك المركزي والسلطات المختصة قادر على القيام بالإجراءات الوقائية والعلاجية لمكافحة جريمة غسيل الأموال(23).

دور البنوك المركزية في الرقابة والإشراف على البنوك:

للبنوك المركزية السلطة المطلقة للقيام بالإشراف والمراقبة على أعمال البنوك وتقوم هذه العلاقة بناء على نظم وقوانين تحكم بموجبها تلك الممارسات، ومن الوظائف الرئيسية لأعمال البنوك بالإضافة الى إصدار العملة ومراقبة أسعار الصرف والإئتمان والتحكم بحجم السيولة وما يرتبط بالقوة الشرائية للعملة وأسعار السلع والتضخيم والسياسة النقدية وأعمال الرقابة على البنوك للتأكد من سلامتها وملائتها المالية وتوفر نظم الرقابة الداخلية ونحوها.

ويتم تنفيذ تلك المهام من خلال ثلاثة محاور رئيسية يختلف تطبيقها والإعتماد عليها من دولة إلى أخرى بحسب الوظائف والمهام التي أنيط للبنك المركزي القيام بها وخصوصا تلك المهام المرتبطة بالجانب الرقابي والإشرافي وتتمثل تلك المحاور بما يلي:

أولا: الإشراف المكتبي:

حيث تلزم البنوك المركزية البنوك التجارية بتقديم كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بمختلف الأنشطة المصرفية الإدارية والفنية ممثلة بالقوائم المالية وما يتبعها من بيانات وإحصائيات وتقارير تفصيلية لجميع الحسابات والموازنات ........ الخ وذلك بشكل دوري يعتمد تحديد فتراته على نوعية تلك البيانات وحاجة البنك المركزي لها، فبعضها تتم متابعته بشكل يومي وبعضها نصف سنوي والأخرى بين تلك الفترتين.  ومن ضمن تلك البيانات ما يتعلق بموضوعنا من حيث حجم الأمول المحولة لخارج الدولة سواء ما هو عن طريق البنوك أو مؤسسات الصرافة وكذلك من خلال المنافذ الحدودية والأموال الواردة من خارج الدولة بنفس التصنيف السابق، كما تقوم البنوك المركزية على متابعة الأموال المحولة مصنفة على الغرض من التحويل تجاري، سياحي، تحويلات عمالة وافدة.................. كما تزود بعض البنوك التجارية البنوك المركزية المشرفة على أعمالها ببيانات تتعلق بحجم الأموال المحولة موزعة حسب الدول، كما ترصد بعض الدول الأموال النقدية القادمة والصادرة عبر منافذها لمعرفتها وموافقتها الى إحتياجات المسافرين وعدد العمليات وإجمالي الأموال المنفذة من خلالها وذلك لتتم دراستها وتحليلها ومعرفة اتجاهها.  من خلال التقارير الدورية والتي تتضمن حجم الأموال المحولة والتي ترسلها البنوك التجارية للبنوك المركزية كما أشرنا في البداية حيث أن البنوك التجارية بحكم النظام الملزمة برفع تقارير دورية منها يومية أسبوعية شهرية ربع سنوية ونصف سنوية .......... الخ تتعلق بتحديد حجم الأموال المحولة وما يرتبط بتفاصيلها الجزئية، والتبليغ عن الحالات الإحتيالية لتقوم البنوك المركزية من خلال إدارة التفتيش والإشراف في البنوك المركزية بتحليل تلك البيانات ومقارنتها لتحديد وقياس التوجهات لذلك النشاط وتوجيه البنوك بما تراه يتفق مع المصلحة العامة.

ثانيا:  الإشراف الميداني:

تقوم معظم البنوك المركزية بممارسة دورها الرقابي من خلال الوقوف المباشر على مواقع العمل وذلك بإجراء زيارات تفتيشية للبنوك، وعادة تتولى القيام بها إدارات مراقبة البنوك – التفتيش البنكي للتعرف عن قرب على إجراءات العمل لتتأكد من ملاءمتها وسلامتها، وقد  تكون تلك الزيارات روتينية تشمل بعض الإدارات أو مختلف قطاعات البنك أو أنها تكون مفاجئة أيضا وقد تخص إدارات معينة لأسباب معينة ومن ضمن الإدارات التي تقع تحت نقاط التفتيش الميداني بين الحين والآخر الإدارات المعنية بمتابعة عمليات غسل الأموال ومن ضمن الإدارات إدارة حسابات العملاء، إدارة الحوالات، حسابات المراسلين، إدارة المراجعة الداخلية، والإدارة القانونية. ويتم العمل لتنفيذ مهمة التفتيش وفق ثلاثة مراحل تتمثل:
أ‌- الأجابة على إستبيان الرقابة الداخلية وما تتضمنه من تساؤلات تفصيلية لمراجعة الضوابط الداخلية للبنك والسياسات والممارسات والإجرءات الخاصة بأعمال تلك الإدارات ويتم خلال هذه المرحلة توثيق نظام العمل في البنك بطريقة متكاملة ومختصرة تشتمل على بيانات وصفية وخرائط سير العمليات ونسخ من النماذج المستخدمة وفي ضوء نتائج هذه المرحلة والتي يتم خلالها تقييم مستوى الرقابة الداخلية بين جيدة ومتوسطة ورديئة ليتم تحديد حجم العمل والوقت اللازم لتنفيذ المرحلة اللاحقة.

ب‌- إجراءات الفحص الميداني والذي يهدف الى تحديد السياسات والخطط وما إذا كانت تتفق مع القواعد والإرشادات المعتمدة والتزام المسؤولين في البنك بالعمل بموجبها وتقييم إعمال المراجعة الداخلية والخارجية في البنك.

ج‌- إجراءات التحقق للتأكد من الأطراف ذوي العلاقة وذلك بإختيار عينات مناسبة من حسابات العملاء، التفتيش الميداني الدوري والمفاجئ على إجراءات.... الخ، ومن مهام البنك المركزي والتي ذكرتها سابقا القيام بزيارات ميدانية للبنوك لإجراء التفتيش الميداني على أعمالها وهنا يمكن أن تدخل عملية دراسة أنظمة البنك المتعلقة بمكافحة عمليات غسل الأموال ضمن مهمة التفتيش العام خلال الزيارات الدوية أو أن يخصص لها برنامج زيارة تفتيش خاصة للتحقق الميداني من توفر الإجراءات والنظم والإرشادات الكفيلة بمراقبة ومتابعة الموضوع، وإبلاغ إدارة البنك بنتائج الزيارة الميدانية والطلب من كل بنك تصحيح تلك الملاحظات، كما أن بعض البنوك المركزية تلزم البنوك التجارية بأن يكون ضمن مهام المراجعين الخارجيين أثناء المراجعة التحقق من مدى تطبيق الإرشادات الخاصة بمكافحة غسل الأموال، وتوفر السياسات الملائمة لذلك، وكفاية نظام الرقابة الداخلية لمنعها او المساعدة في كشفها إذا حدثت.

ولا شك بأن للزيارات الميدانية التي تقوم بها البنوك المركزية للبنوك التجارية أهمية وفائدة تخدم الطرفين فمن خلالها تطمئن الجهات الإشرافية على سلامة اجراءات العمل في البنوك وكذلك تعين البنوك على معرفة نقاط الضعف لتتولى تصحيحها وتقوم البنوك المركزية بزيارة البنوك التجارية بشكل دوري وروتيني قد لا تشتمل تلك الزيارات مختلف الخدمات المصرفية المقدمة إلا أن هنالك زيارة تفتيشية خاصة تهدف إلى التعمق في مجال أو قطاع أو خدمة مصرفية معينة ويتم من خلال تلك الزيارات كما أشرنا سابقا تقييم السياسات والخطط والإجراءات والأنظمة والموظفين ويمكن دراسة مختلف نواحي الخدمة دون إستثناء كتأهيل العاملين وتدريبهم ومعدلات المكافآت المالية والحوافز.... الخ.

ثالثا: الإتصال والتنسيق الإداري بين المسؤولين:

تطبق بعض البنوك المركزية بالإضافة الى أسلوب الإشراف البنكي المكتبي والتفتيش البنكي الميداني اسلوب الإتصال المباشر بين المسؤولين في الجهتين البنك المركزي كجهة مشرفة ومساندة والبنوك التجارية، ويتم من خلال ذلك الإتصال من أي من الطرفين الوقوف على مواقع العمل المختلفة ومعرفة أحوال البنوك بما فيها مشاكلها وإحتياجاتها وما يجري من أحداث وأمور يومية ترتبط بأعمالها بشكل خاص وما يرتبط بالعمل المصرفي المحلي والدولي بشكل عام.  وتعتمد نتائج تطبيق هذا الأسلوب على العلاقة الرسمية والودية بين الأطراف والتي قد توصل إلى معرفة أمور قد يتعذر أو يصعب لأحد الأسلوبين السابقين الوصول اليها بسهولة، مما يجعل هذا الأمر يدخل ضمن جانب التعاون والتفاهم بين الطرفين وحاجة كلا منهما للأخر ونعتقد أن لهذا الأسلوب  نتائج جيدة يمكن الإستفادة منها  إذا أحسن تطبيقه(24). الجوانب الرئيسية للدور الرقابي الذي يقوم به البنك المركزي لمكافحة غسل الأموال:

نود أن نتطرق إلى دور البنك المركزي في معالجة هذا الجانب فبالتأكيد إن البنك المركزي لا يقلق إلى درجة كبيرة حيال حدوث مثل تلك الجرائم بشكلها الإنفرادي. وإنما حيث تكون العمليات التي حدثت متكررة وأصبحت تلك الحالات الإنفرادية ظاهرة تنتشر على مستوى جميع الخدمات والقطاعات الإقتصادية والتجارية مما يترتب عليه أثر سيئ على سمعة الدولة خاصة من الناحية التجارية والمصرفية بالإضافة الى الخسائر المالية مما يتطلب الأمر معه تدخل البنك المركزي وبمساندة من الأجهزة الأمنية المعنية لمعالجة الموضوع.

1. الرقابية الداخلية:  تطلب البنوك المركزية من البنوك والمؤسسات المالية العاملة تحت إشرافها وجود الأنظمة الرقابية الكفيلة بسلامة العمل وخلوه من هذه الإنشطة (غسل الأموال) وتتزامن تلك المتطلبات بنفس الوقت الذي يتم وضع السياسات والخطط والإجراءات المتعلقة بتنفيذ وممارسة الخدمات ذات العلاقة بمثل هذه الأنشطة.  وللبنوك المركزية دور مباشر حيال هذا الموضوع من حيث التأكد من توفر الإرشادات والإجراءات الرقابية الشاملة لمختلف نواحي هذه الخدمات منها إرشادات الرقابة الداخلية ونظام المراجعة والتدقيق ومراقبة الحدود الإئتمانية والفصل بالمسؤوليات الوظيفية ومعالجة المخاطر والتأمين عليها وتطبيق النظم والتعليمات الصادرة من الجهات المعنية بالرقابة والإشراف وغيرها.  وقد تقوم البنوك المركزية بمساعدة البنوك على وضع مثل تلك الأنظمة والإرشادات وتقديمها للبنوك كأدلة عمل إسترشادية وقد تكون بمثابة الحدود أو المتطلبات الدنيا التي يجب توفرها، كما توجه البنوك المركزية البنوك والمؤسسات المالية لإتخاذ العديد من الإجراءات الرقابية كإلزامها بوجود إدارات مراجعة مستقلة ووجود لجان خاصة وكذلك إلى تعيين مراجعين ومدققي حسابات خارجين.... الخ.

2- الإبلاغ عن الجرائم:  في غالب الأحوال تتخذ البنوك المركزية في التعامل مع العمليات الإجرامية بصفة عامة وأنشطة غسل الأموال أو تنفيذ المعاملات المالية المشتبه بها بصفة خاصة والتي تحدث من خلال البنوك إجراءات تتمثل بتوجيه كافة البنوك التجارية والمؤسسات المصرفية العاملة بالدولة والتي تخضع لإشراف ومراقبة البنوك المركزية وبشكل مستمر بضرورة إشعار الجهة الأمنية والبنك المركزي أو أي هيئة يتم تخصيصها لتلقي البلاغات (وحدة التحريات المالية Financial Intelligent Unit) بالتبليغ عن اي انشطة غير طبيعية ومنها على سبيل المثال طلب تحويل مالي إلى الخارج يبدو غير طبيعي ويشتبه بعلاقته بعمليات غسل أموال. وتتم عملية التبليغ عنها بأحد الأساليب التالية:

‌أ- التبليغ وفقا لمعاييرة محددة:  الزمت بعض البنوك المركزية المؤسسات المالية التي تخضع لإشرافها بالتبليغ عن جميع العمليات المالية التي تبلغ قيمتها (حد معين) لسلطة في أغلب الأحوال تكون وحدة تسمى وحدة التحريات المالية والتي بدورها تتولى متابعة تلك البلاغات دون أدنى مسؤولية على البنوك للتعرف على طبيعة تلك العلامات.
‌ب- التبليغ الإلزامي وفقا لمعايير تقديرية:  ألزمت بعض البنوك المركزية البنوك التجارية التي تعمل تحت إشرافها على ضرورة التبليغ الفوري عن الحالات الإحتيالية والمحاولات والعمليات التي يشتبه بوجود علاقة غير نظامية  يجريها العملاء وهنا يدخل معيار الإشتباه الذي يتم تحديده بناء على عدة معايير منها المتعلقة بالعملية ذاتها والمبلغ والجهة المحولة أو الجهة المستفيدة وإلزام كافة البنوك بضرورة الإبلاغ عن الحسابات المشتبه بها التي يتم من خلالها إستقبال تحويلات مالية متكررة أو إيداعات نقدية كبيرة ومن ثم تحويل تلك الأموال الى الخارج بشكل متكرر..... الخ ويعتبر البنك التجاري أو المؤسسة المالية التي يتم تنفيذ العملية من خلالها مسؤولة عن عدم التبليغ وبذات الوقت معفي من المسؤولية في حالة التبليغ عن عمليات يتضح أنها سليمة.
‌ج- التبليغ الإختياري: بينما تركت البنوك المركزية الأخرى مسألة التبليغ إختياريا يمكن للبنك أو المؤسسة المالية القيام أو عدم القيام به وذلك وفقا لتقدير الجهات التنفيذية والرقابية في البنك وإن كان هنالك بعض المعايير والمؤشرات الدالة على وجود الشبهات لأن البنك ليس ملزم بالتبليغ ودوره قد ينتهي برفض العملية وعدم قبولها.


3- توفير التقنيات اللازمة:  كون إن التعامل بالأموال النقدية وإستخدامها بكميات كبيرة وبكثرة في المجتمع يعتبر من العوامل المساعدة على تفشي وتيسيير عمليات غسل الأموال لإمكانية استغلال عمليات التبادل التجارية التي تتم بالدفع النقدي من قبل غاسلي الأموال، لذا تسعى البنوك المركزية والجهات الإشرافية على السياسة المالية والنقدية على إتخاذ خطوات إجرائية من شأنها تقليل إستخدام النقد وذلك بتوفير وسائل دفع بديلة كإستخدام الشيكات والبطاقات الإئتمانية وبطاقات الدفع ولا شك أن تلك الوسائل تحتاج الى نظم مدفوعات آلية لغرض إجراء تسويات بين البنوك والعملاء والبنوك بعضها بعضا والبنوك وشركات الخدمات... الخ وأجهزة آلية متقدمة يمكن إستخدامها بشكل فعال ومتطور من خلالها كأجهزة الصراف الآلي (ATM) ونقاط البيع المباشرة (POS) والخدمات المصرفية والإلكترونية  (E-Banking) والمقدمة من خلال شبكة الإنترنت ولحاجة هذه الأنظمة والأجهزة وغيرها من دعم مالي وفني كبير مما يبرز دور البنك المركزي في الدعم والمساندة والتنسيق بين البنوك لتحقيق أعلى مستويات التقنية التي تخدم وتوصل إلى الأهداف.  كما تساعد البنوك المركزية بإيجاد بعض البرامج والنظم الآلية التي تساعد على إكتشاف العمليات المشتبه بها من جهة وذلك بإستخدام التقارير الخاصة بالعمليات المتكررة وكذلك بالعمليات ذات الطبيعة الخاصة على مستوى حسابات العملاء أو الفروع أو البنك أو من خلال متابعة حسابات المراسلين أو على مستوى حسابات الجهات المستفيدة والدول المرسلة اليه كما تستخدم البنوك نظم لربط معلومات الحسابات الموجودة على مستوى البنك ورصد وحصر البيانات المتشابهة لتحليلها وتقدير مدى سلامة تلك العلاقات، كما تقوم البنوك المركزية بتوفير الخبرات الفنية البشرية والأجهزة اللازمة للمساعدة في الحد من الجريمة.



4- المشاركة في وضع التشريعات والقوانين المنظمة لهذه الأنشطة:

تتطلب عملية التعامل مع الجرائم المصرفية بشكل عام وجريمة غسل الأموال خصوصا في إتخاذ بعض التنظيمات المحلية على مستوى العديد من الجهات ذات العلاقة بدءا من البنوك التجارية التي تتولى عملية إستقبال الأموال والإتصال بالعملاء سواء بصفتها كجهة متلقية لعمليات الإيداع او كجهة متلقية للأموال الواردة (بنك المستفيد) أو منفذة لعمليات التحويل المالي وما يترتب على ذلك العمل من مسؤوليات قانونية تحتاج إلى تنظيم وإجراءات يضمن قيام البنوك وموظفيها بمسؤولياتهم وواجباتهم نحو التعامل مع تنفيذ تلك العمليات التي تعتبر من صميم اعمالهم وما يترتب على الإخلال بتلك الواجبات، لذا يبرز هنا دور البنك المركزي في التدخل للتأكد من أن أعمال البنوك التجارية وغيرها من المؤسسات المالية التي تعمل تحت سلطة الإشراف من قبل البنك المركزي من الناحية الإجرائية، وكذلك من الوجهة القانونية تحكمها أنظمة وقوانين تغطي كافة النواحي التي لا تترك ثغرات أو مجالات تتيح للآخرين فرص التواطؤ أو المساعدة أو الإهمال والتهرب من المساءلة مما يجعلها تتولى عملية إصدار التعليمات والإرشادات المتعلقة بأساليب مكافحة عمليات غسل الأموال لجميع البنوك والمؤسسات المصرفية الخاضعة للإشراف البنكي المركزي للعمل وحثها على إيجاد نظام رقابة داخلية جيد يكفل مكافحة عمليات غسل الأموال، وعلى تصميم نظام محكم للتقارير الداخلية التي تساعد على كشف العمليات المشبوهة التي قد تكون ذات صلة بعمليات غسل الأموال والتأكيد على تطبيق مبدأ التعرف على العميل الذي يهدف الى إلمام البنوك التام بعملائها ومعاملاتهم البنكية من خلال تطبيق الإجراءات الواجب اتباعها من قبل البنوك لتحقيق هذا المبدأ ومعرفة طبيعة نشاطات عملائهم التجارية والوظيفية ومتابعة ذلك والتأكد من مصادر الأموال المودعة بحساباتهم وبخاصة الإيداعات النقدية الكبيرة وحثهم على تحديث ملفات العملاء والتحقق من عدم تغيير عناوينهم وهواتفهم.

5-  المشاركة باللجان:

القيام بالإشتراك والتنسيق والتعاون مع الجهات التحقيقية ذات العلاقة بمكافحة عمليات غسل الأموال والتحويلات والتعاملات المالية المشتبه بها الناشئة عن المخالفات القانونية للأنظمة المالية والتجارية وقد لا يشمل تطبيق تلك الخطوة العديد من البنوك المركزية ولكن من قبيل الآخذ بمبدأ الحيطة والحذر ولتبادل الموضوعات المتعلقة بالإحتيال والإختلاس الواقع على النشاط بصفة خاصة وبقية الأعمال المصرفية عامة تقوم البنوك المركزية بتوجيه البنوك على الإلتقاء بشكل دوري من خلال تشكيل لجان يشترك بها ممثلون من جميع البنوك التجارية وتحت إشراف وملاحظة البنك المركزي لمناقشة مختلف المواضيع المتعلقة بها من ناحية تسويقية تجارية ومن ناحية تشغيلية فنية والخدمات التي يمكن تقديمها من خلالها.  كما يتطرق الى نواحي السلامة والأمان فيها وإلى جانب الإحتيال والجريمة المتعلق بها.  ويمثل البنك المركزي القطاع المصرفي في الإجتماعات والملتقيات الرسمية ويتطلب وجود من يمثله في جميع الإجتماعات التي يتم تناول مواضيع مصرفية ومالية ترتبط بالسياسات النقدية والمالية والقطاع المصرفي من حيث الخدمات التي يقدمها والعاملين فيه وعلاقته بمختلف الأنشطة فيشارك البنك المركزي في لجان الإستثمار مثلا وفي لجان مكافحة الجرائم الإقتصادية والمالية المصرفية... الخ. وتسعى من خلال مشاركتها التوفيق بين المصالح المشتركة لحساب تقديم المصلحة العامة.


6-  مكافحة الجريمة:

تسعى البنوك المركزية وتبذل الجهود الكبيرة في سبيل مكافحة مختلف أنواع الجرائم، وحيث ينحصر دورها في المشاركة مع الجهات الأمنية المعنية بمكافحة الجريمة في الجرائم المالية وبالخصوص المصرفية لذا أصبح جانب (الأمن المالي والمصرفي) يشكل هاجسا تخصص له البنوك المركزية في مختلف دول العالم الإمكانيات المادية والبشرية كي تقوم بتنفيذ هذا الدور على وجه الكمال، ولا شك أن من أول إهتمامات البنوك المركزية تجنيب البلد والمصارف المحلية من التعرض لمخاطر الجرائم المالية ومكافحة الجريمة المصرفية.  وكما أشرنا سابقا إلى بعض النواحي التي تتخذها البنوك المركزية لممارسة أعمال الإشراف والرقابة على القطاع المصرفي فإن لكل نوع من أنواع الجرائم أسلوب مميز يمكن من خلاله معالجة الأمر.  وتسعى البنوك المركزية بالتنسيق مع الجهات المختصة بالدولة لتجريم نشاط غسل الأموال وفرض العقوبات الجنائية على مرتكبيها.  وإتباع سياسة تقوم على إجراء الحجز التحفظي على الحسابات التي يتم من خلالها عمليات مشتبه بها التي يتم الإبلاغ عنها من قبل البنوك أو الجهات الأمنية ويستمر الحجز حتى الإنتهاء من التحقيقات بشأنها.

7-  تطبيق مبدأ أعرف عميلك KYC

التأكيد على كافة البنوك والمؤسسات المصرفية الخاضعة لإشراف البنك المركزي بضرورة الإلتزام بمبدأ (أعرف عميلك) عند فتح الحسابات او إجراء التحويلات المالية الذي يهدف إلى أخذ المعلومات الشخصية عن العميل وضرورة الحصول على صور منها، وأخذ العنوان واضحا ورقم الهاتف، والعمل على تحديث البيانات الخاصة بأصحاب الحسابات القديمة وبشكل دوري ومستمر، والتأكد من كفاية إجراءات فتح الحسابات في البنوك وكذلك الإجراءات التنفيذية للعمليات المنفذة في إدارة الحوالات وتطوير نماذج الإيداع النقدي للحوالات المستخدمة لدى البنوك لتشمل كافة المعلومات والبيانات الأساسية للعميل والتأكيد على مطابقتها لواقع هوية العميل.  والإشراف والرقابة الدقيقة على حسابات البنوك والمؤسسات المالية والصرافه والشركات الإستثمارية المفتوحة لدى البنوك المحلية وغيرها المقيمة خارج الدولة والتأكد من ممارستها الأنشطة والعمليات المسموح لها بها وعدم السماح بفتح أي حسابات لأي من الهيئات التي تعمل على تسويق صناديق استثمارية او أية خدمات أو أعمال بنكية مختلفة للمواطنين والمقيمين إلا بعد الحصول على موافقة خطية مسبقة من البنك المركزي وحظر فتح أية حسابات مجهولة الهوية أو ذات أسماء مستعارة أو تقديم أية خدمة مصرفية لمثل هؤلاء العملاء.

8-  حركة النقد:

تتولى في بعض البلدان البنوك المركزية تنظيم سياسة حركة النقد أو بالتنسيق مع وزارة المالية والجهات المعنية الأمنية وأجهزة الجمارك ووضع الإجراءات المنظمة في المنافذ الحدودية لدخول وخروج المبالغ النقدية سواء بالعملة الوطنية أو العملات الأجنبية وما يشابهها من شيكات سياحية أو معادن ثمينة ليس لغرض المنع وإنما لغرض معرفة حجم الحركة من جهة والتأكد من مناسبة أغراضها ومن أنها لأغراض شرعية.  وتسعى البنوك المركزية في طبيعة الأحوال الى توجيه التعاملات المالية بأكملها إلى البنوك لذا فإن عمليات التحويل المالي يفترض أن تكون من خلال البنوك منعا لحدوث حالات التزييف والسرقة والضياع وعمليات غسل الأموال والتي نحن بصدد تناولها والتي أشرنا إلى أن عمليات التبادل النقدي المحلي وعبر الحدود تعتبر من العوامل المساعدة على تحقيقها بسهولة لذا كان من الضرورة على الدول أن تضع حدودا على تحويل المبالغ المالية النقدية والمعادن الثمينة بحوزة المسافرين.

9-  إنشاء وحدة مكافحة غسل الأموال:

 بقدر تقدير حجم الأخطار المتأتية من جريمة غسل الأموال وأثرها على البلد بمختلف القطاعات فإن البنوك المركزية بصفتها من الجهات التي تعتبر ذات مسؤولية مباشرة لمواجهة هذه المشكلة ولرفع مستوى المواجهة في سبيل المكافحة. تقوم البنوك المركزية بإنشاء اقسام أو وحدات مختصة لديها لمكافحة عمليات غسل الأموال وفي البنوك التجارية والمؤسسات المصرفية التي تعمل تحت إشرافها بصفة خاصة وعلى مستوى الدولة عموما، كما تحث البنوك التجارية على تخصيص جهات مستقلة أو ضمن الإدارة القانونية وإدارة المراجعة الداخلية على سبيل المثال للقيام بتطوير السياسات والإجراءات اللازمة لمكافحة غسل الأموال ويتم إبلاغها بالحسابات أو التحويلات المشبوهة حيث يتم من خلالها البحث والتحقق "بطريقة مالية" من مصادر الأموال والتنسيق مع البنك المركزي والأجهزة الأمنية ووحدات تلقي البلاغات بهذا الخصوص.

10- التدريب:
  تأثر البنوك المركزية على جانب تأهيل وتثقيف الجهات التي من شأنها مكافحة عمليات غسل الأموال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال عدة أساليب ومنها ما يلي:

‌أ- تدريب موظفي البنوك من خلال إنشاء مراكز أو معاهد تدريب متخصصة كما هو موجود في المملكة العربية السعودية حيث أنشأت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) معهدا مصرفيا يتولى تدريب المصرفيين بمختلف حقول المعرفة والتطورات المصرفية.
‌ب- حث البنوك على تدريب موظفيها داخل المصارف من خلال التدريب العملي أو في مراكز التدريب الداخلية الخاصة في البنوك أو في المركز والمعاهد الداخلية أو الخارجية تدريبا متخصصا في كيفية مكافحة غسل الأموال وإيضاح الطرق المتبعة من قبل غاسلي الأموال، بالإضافة إلى مشاركة موظفي ومسؤولي البنوك في المؤتمرات والندوات التي تعقد بهذا الشأن سواء بالداخل أو الخارج ومتابعة معدلات تدريب الموظفين والأموال المنفقة على التدريب.
‌ج- تشارك البنوك المركزية في تدريب موظفي البنوك في مجال التعريف بموضوع غسل الأموال والقاء الضوء على المخاطر والآثار التي تترتب على حدوثها سواء على المستوى الإقتصادي او الأمني أو الإجتماعي وكيفية وضع الوسائل والإجراءات الكفيلة بالمحافظة عليها عدم حدوثها، كما تقوم البنوك المركزية بتعريف المصرفيين بمناطق الضعف والمجالات التي قد تستغل من قبل العملاء أو الموظفين أنفسهم في هذا المجال.
‌د- تتولى بعض البنوك المركزية إعداد دورات تدريبية أو تأهيلية لموظفي القطاعات الأمنية والتحقيقية لغرض التعريف بالجريمة والوقوف على المخاطر التي تصاحب هذا النشاط وإمكانية الحد منها واكتشافها بالوقت المناسب ومعرفة اساليب التحقيق الفعالة فيها للحفاظ على الأمن بشكل عام ومكافحة الجرائم الإقتصادية أو المالية بصفة خاصة.
‌ه- إعداد برامج تثقيفية أو توعية للعملاء أفراد او تجار بطريقة مباشرة من خلال دورات متخصصة أو من خلال الإعلام المسموع او المقروء أو المرئي.
‌و- قيام البنوك المركزية بالتنسيق لعقد مؤتمرات وندوات متخصصة عن الجرائم الإقتصادية وانشطة غسل الأموال لموظفيها وموظفي البنوك التجارية والمؤسسات المالية التي تعمل تحت إشرافها وبعض الجهات الأمنية والتحقيقية بصفة خاصة والمعنية الأخرى مثل وزارة العدل ووزارة التجارة والسعي من قبل البنوك المركزية بتدريب وتأهيل موظفي الجهات الأمنية والتحقيقية ذوي العلاقة بالتحقيق في الجرائم الإقتصادية بهدف تعريفهم بعمليات غسل الأموال وأخطارها والأٍساليب المتبعة لتنفيذها وكيفية التحقيق في تلك القضايا والتأثير السلبي لتلك الممارسات على إقتصاد البلاد وسمعة الجهاز المصرفي للدولة، وكذلك تعريفهم بالمستندات والعمليات البنكية وذلك بعقد دورات تدريبية متخصصة(25).


المبحث الثاني
عقبات المكافحة

مكافحة جرائم غسيل الأموال ليست عملية سهلة فهذه الجرائم ملتوية وتدار من قبل مجرمين يتسمون بالدهاء والخبث الشيطاني فهي ليست كالجرائم العادية التي قد يرتكبها مجرمون مغرر بهم أو في لحظة غضب أو حاجة للمال.  ولغرض وزن طرق المكافحة التقليدية فمن الضرورة العلمية التطرق الى العقبات في طرق المكافحة من جهة وعرض أهم الأساليب الحديثة في إرتكاب هذه الجرائم الخطيرة من جهة أخرى وذلك في مطلبين مستقلين:

المطلب الأول
عقبات في طرق المكافحة

الخطوة الأولى هي وضع آليات وأساليب تشكل منظومة لمكافحة جرائم غسيل الأموال وغالبا ما تكون هذه الخطوة نظرية، إذ تنهض في الواقع جملة عقبات يتعين أخذها بالحسبان وذلك لتقويم طرق المكافحة من جهة ولإعادة النظر بهذه الطرق وصولا الى تطويرها أو استبدالها بطرق أكثر فعالية من جهة أخرى، وفيما يأتي هذه العقبات:

أولا:  سرية العمل المصرفي:  بعض الأفراد يرغب أن تكون ملكيته للأموال محاطة بسور من السرية، وإدارات المصارف تستجيب إلى هذه الرغبة فتفرض سرية تامة على حسابه أو ودائعه أو أنشطته مع المصرف.  وثمة حالة إستثنائية تلتزم إدارة المصرف برفع الغطاء عن سرية أموال عميل (زبون معين) في حالتين لا ثالث لهما:  الأولى – نص القانون، وفي هذه الحالة يفترض إطاعة أمر القانون إحتراما لإرادة المشرع ومثال ذلك: جريمة التهرب الضريبي  أو جريمة الإفلاس، أما الحالة الثانية فهي حكم صادر من سلطة قضائية مختصة يطلب فيه القاضي من إدارة المصرف إعلامه بمقدار رصيد العميل أو بأية أنشطة مالية قام بها. إن مواجهة هذه العقبة تتم بإصدار قانون يوجب على المصارف إبلاغ البنك المركزي أو جهات امنية معنية بالحسابات المشكوك فيها للدولة وتجميد الأرصدة المشبوهة وإعتماد الشفافية في الأعمال المصرفية للحد من غلواء السرية.  وليس ثمة جهة قادرة على ذلك سوى السلطة التشريعية التي تصدر قانونا بهذا الشأن وبما يعالج هذه العقبة (السرية) معالجة جذرية وفعالة، إذ أن الصالح العام وخصوصا صالح الإقتصاد الوطني ومحاربة الجرائم الجديدة يبرران رفع السرية المصرفية في جرائم غسيل الأموال، فهذه المصارف تبقى محافظة على أسرار عملائها بإستثناء الحالات المحددة بنصوص قانونية أو أحكام قضائية ومن ثم نوفق بين مبدأ المحافظة على السرية المصرفية، ومبدأ وجوب ملاحقة الجرائم أينما كان موقعها.  وجدير بالذكر أن المادة (5/3) من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات المنعقدة في فيينا سنة 1988 ركزت على ضرورة عدم الإحتجاج بسرية العمليات المصرفية من أجل تقديم السجلات المصرفية وتوفير النسخ الأصلية أو الصور المصدق عليها من السجلات والمستندات المصرفية.  ويذهب بعضهم الى أن سويسرا نفسها التي تعتبر مهد نظام السرية المصرفية أجازت رفعها في حالة غسيل الأموال ابتداء من نيسان 1998(26).

ثالثا: عدم وجود نظام معلوماتية متطور:  يتعين انشاء نظام وطني للرقابة على التحويلات البرقية وإرسال تقارير عن المعلومات النقدية ويشوب النظام المالي في جميع الدول افتقاره للتطوير الحديث بحيث يسمح للتحقق من مصدر الأموال المعروضة بشكل سري وسريع.  وبعض الدول لا تملك أجهزة معلوماتية.  والحل الواجب الإتباع انشاء مركز رئيسي يقوم بأربع وظائف رئيسية هي تأمين الإتصال الوثيق والسري مع المؤسسات المالية، وجمع المعلومات وتحليلها، ومراقبة تحول الأموال، وثمة ملاحظتان بهذا الشأن:  الأولى ضرورة تزويد هذا المركز بطاقم بشري فني ومؤهل لهذه المهنة، والثانية، ضرورة البحث عن الثغرات الموجودة في الأنظمة الرقابية لكل دولة لغرض معالجتها معالجة آنية  وفعالة(28).

رابعا: تقاعس المصارف عن المراقبة والتحقق:  يوجب قانون السرية المصرفية الأمريكي على المصارف إبلاغ إدارة الضرائب عن كل عملية مصرفية نقدية تزيد قيمتها عن عشرة آلاف دولار وعن كل عملية دخول وخروج عملة أجنبية تزيد عن خسمة آلاف دولار وحينما تقاعست هذه المصارف عن التبليغ فرضت عليها غرامات مالية.  والواقع أن المصارف لا تتعاون مع العدالة بما فيه الكفاية للكشف عن عمليات غسيل الأموال بحجة سرية العمليات إن شروط مكافحة هذه الجرائم تتطلب موقفا يقظا من المصارف، إضافة إلى التعاون  والتشاور مع الجهاز المالي للدولة والسلطة التشريعية وسلطات مراقبة ومكافحة هذه الجرائم بهدف تفعيل النظام ويتم ذلك عبر أربعة مبادئ هي:

1. معرفة العميل (الزبون) والتحرك لاتقاء مخاطر عمليات غسيل الأموال.
2. متابعة حركات رؤوس الأموال والعمليات المشبوهة والتبليغ عن الشبهات.
3. إحصاء العمليات غير المألوفة أو الشاذة إبتداء من مبلغ معين.
4. توعية موظفي المصارف وتدريبهم على معرفة تقنيات مكافحة غسيل الأموال، إن الدور الذي يجب ان تقوم به المصارف هو الدور الأساسي والأهم لنجاح سياسة مكافحة هذه الجرائم(29).




خامسا:  الإفتقار لبرنامج تدريبي للعاملين في القطاع المالي:

من الضرورة تدريب وتنمية قدرات العاملين بالقطاع المالي والمصرفي ومعرفة طرق التعرف على الصفقات المشبوهة والإجراءات الواجب اتخاذها إزاءها(28) ويتعين أن يحوي البرنامج التدريبي على معلومات إقتصادية وتجارية ومالية ومصرفية وقانونية، كما يجب إعادة التدريب للعاملين إذ أن العلم والحياة يفرزان معلومات أحدث وخبرات أدق الأمر الذي يتطلب متابعة البرامج التدريبية في الدول المتقدمة كي يجري تحسين القدرات لمواجهة هذه الجرائم التي يتسم مقترفوها بالخبث والدناءة.

سادسا – عدم تنظيم عمليات الإيفاء النقدي:

يلجأ المجرمون إلى غسل أموالهم عبر أقنية غير مصرفية كشراء الشركات والعقارات والمجوهرات والذهب والتحف الفنية ودفع ثمنها نقدا، ومن ثم يتحول المال السائل إلى مال عيني.  ومواجهة هذه الحالة تقتضي منع الدفع نقدا عندما يتجاوز المبلغ حدا معينا.  ومع ذلك تبقى هذه العقبة قائمة في حالة تقسيط المبلغ بحيث يدفع بمقدار لا يثير الشبهة بالتواطؤ بين المشتري والبائع، والحل الواجب الإتباع في هذه الحالة يتمثل في تفعيل وتحصين الشيكات وتشجيع الأفراد على التعامل بها بشرط تأمين الحماية الكاملة لها خوفا من زيادة عدد الشيكات بدون رصيد.  والتعامل بالشيكات يسهل عملية تتبع وملاحقة الحسابات المالية ومعرفة مصدرها ومن ثم يسهل الكشف عن محاولة غسيل الأموال(30).

المطلب الثاني
الأساليب الأحدث في جرائم غسيل الأموال

يمكن ملاحظة العديد من الإتجاهات العامة المتعلقة بالخصائص الحديثة لغسيل الأموال أهمها:  الطبيعة العالمية لظاهرة غسيل الأموال والتي تتجاوز الحدود الجغرافية القومية.  إذ يميل غاسلو الأموال الى نقل نشاطاتهم إلى أماكن ليس فيها إجراءات مضادة لغسيل الأموال أو أن هذه الإجراءات ضعيفة فيها.

تم رصد طرق جديدة لغسل الأموال عبر الإنترنت، بدأت تعمل منذ أكثر من عامين.  إن الإستخدام المتنوع للإنترنت، كالمقامرة والنشاطات المصرفية المقترنة بها، علاوة على العمليات المصرفية عبر الشبكة، كل ذلك يوفر آلية يمكن إستخدامها في الحركة السريعة للنقود الإلكترونية، بالمقارنة مع الإستخدام التقليدي للنقود الورقية. الإتجاه المتنامي لدى غاسلي الأموال، التحرك بعيدا عن البنوك، نحو قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية، كسوق صرف العملات (currency exchange houses)، وسوق الحوالات المالية.  ولعل اللافت للإنتباه بشكل كبير، هو الإتجاه نحو القطاعات غير المالية، من تجارة البضائع الثمينة، كالمجوهرات والسيارات الفخمة، إلى المؤسسات الخدمية (كمكاتب المحاماة والمحاسبة القانونية)، والوكالات العقارية وغيرها.

وكذلك التزايد المستمر في كمية الأموال القذرة، التي يجري تهريبها خارج بلدان عديدة، ليجري توظيفها في الهيكل الإقتصادي المالي في بلدان أخرى(31).

أمثلة حية: تشير أصابع الإتهام، لدى الجهات الحكومية الأمريكية والأوروبية، إلى نوادي الإنترنت للقمار، والتي إصطلح على تسميتها الكازينوهات الإفتراضية virtual casinos على إعتبار أن معظم هذه النوادي التي تعلن عبر الإنترنت، تقول أنها توجد فيزيائيا في حوض الكاريبي Caribbean Basin.  وعلى الرغم من صحة هذا الأدعاء في العديد من الحالات، فهو كاذب في الكثير من الحالات الأخرى.

تابعت شرطة FBI في نيويورك مثلا، مواقع الإنترنت المنغمسة في الخداع وغسيل الأموال.  وركزت تحقيقاتها على عمليات المقامرة ومديريها.  وتبين أن مواقع الإنترنت هذه موجودة في الواقع في كاراكاو وجزر الأنتيل وجزيرة أنتيجوا وجمهورية الدومينيكان.  وبعد خمسة أشهر من العمل المكثف والشائك، صدرت أتهامات وجرت إعتقالات بحق العديد من مدراء مواقع الإنترنت هذه.

وإنصبت الجهود خصوصا على النوادي الإفتراضية التفاعلية، وهي مواقع ويب تم تصميمها على طراز كازينو لاس فيجاس وتوفر كل أنواع القمار والعابه، إبتداء من العاب الورق وانتهاء بآلات المقامرة.  وهذه النوادي الموجودة فقط في الإنترنت، يديرها أفراد معدودون أنطلاقا من منازلهم أو مكاتبهم الصغيرة، ويدفعون رسوما لحكوماتهم تتراوح بين 75 ألف دولار (للمراهنات الرياضية)، و 100 ألف دولار (للكازينوهات الإفتراضية).  إن إزدهار أعمال مواقع الإنترنت هذه يوفر فرصة للمجرمين لتفادي ضرائب الولايات المتحدة، وآلية لغسل الأموال القذرة من خلالها.

الإنترنت وغسيل الأموال: أنها سريعة، ومغفلة التوقيع، ولا توفقها الحدود الجغرافية" هكذا وصف احد الباحثين حركة الأموال غير الشبكة. والجودة ذاتها التي تجعل من إنترنت والبطاقات الذكية وغيرها من التقنيات الحديثة، محل شعبية وترحيب الجمهور، تجعلها أيضا موضع ترحيب وجاذبية للمجرمين الذين يتوقون لغسيل أموالهم بهدوء وسرعة معا.

ويقدر المتخصصون أن هناك 400 مليار دولار، يتم تنظيفها سنويا، في مختلف أنحاء العالم، بطريق مختلفة، وإذا كان المجرمون الكنديون مثلا، يقوم بتهريب حقائب مليئة بكمبيالات بقيمة 1000 دولار إلى بلدان ذات قوانين مصرفية متهاونة، فإن ما يدعى اليوم النقود الإلكترونية (Electronic – cash or E-money)، سهلة النقل من مكان لأخر بمجرد ضغطة زر.

خلفية تقنية:  تشبه البطاقات الذكية (Smart cards) إلى حد بعيد بطاقات البنوك، بيد أنها تتميز بإحتوائها على مايكرو معالج، وقد شاع استخدام هذه البطاقات في أمريكا وكثير من البلدان، لكنها مازالت في طور التجريب في كندا. ويمكن للمرء أن "يعبئ" هذه البطاقة بمكافئ إلكتروني للنقود، عن طريق أجهزة الصرف البنكي أو غير صناديق الهاتف المتوافقة مع هذا النظام، ومن ثم للنقود، عن طريق اجهزة الصرف البنكي أو عبر صناديق الهاتف المتوافقة مع هذا النظام، ومن ثم يستخدمها للدفع مقابل بضائع، أو على الأقل تحريكها.

إحدى تقنيات البطاقة الذكية هي تقنية Mondex الشهيرة، ويقول إيف دوجاي، الخبير الدولي في تعقب العمليات الإجرامية الإلكترونية، ضمن مؤتمر مخصص لغسيل الأموال، إن هذه التقنية تسمح للمستخدمين بتحويل الأموال عبر جهاز مودم، أو عبر الإنترنت، مع ضمان تشفير أو أمن العملية.  وإذا تم هذا بالفعل، فإنه يمكن القول إننا قد نواجه مشكلة تتعلق بغسيل الأموال.  وأنا لأ أقول إننا في ورطه، لكننا قد نقع فيها" وأضاف: "يجب الإعتراف أن غاسلي الأموال اذكياء وبارعون، وهم باستمرار يتطلعون إلى إبتكار طرق جديدة لخداع السلطات، ونحن نحاول أن نفكر كيف سيقومون بذلك، وأن نهيئ أنفسنا بناء على ذلك، من المؤكد أن الإحتمال قائم، بإن تتم عمليات غسيل أموال بسرعة أكبر، وربما بدون أن تترك آثار خلفها!.

لا يوجد حاليا ما يمنع أي شخص من إستخدام الإنترنت لإنشاء بنك إفتراضي، أو متجرا لصرافة العملات، أو شركات زائفة في بلدان بعيدة عن الضرائب، تغض فيها الحكومات الطرف عن عمليات غسل الأموال.  وعلى هذا ستعاني عمليات غسيل للأموال عبر الإنترنت من بعض الصعوبات في بلدان تكون فيها البنوك منضبطة، ومتعاونة مع الشرطة، وتقوم بإجراءات للتحقق من أن عملاءها لا يودعون أموالا قذرة لطمس نشاطاتهم غير القانونية.  لكن ربما أنه ثمة مؤسسات مالية، لا يمكن ضبطها بذات طريقة البنوك، كمؤسسات الصرافة مثلا، فإنه من الممكن في النتيجة، ملاحظة كمية كبيرة من الأموال تنتقل عبر الشبكة، لتصب في النهاية في بنك موجود في أحد بلدان "التهرب الضريبي".

ولا شك أن الأخطار المحتملة من جراء ذلك كبيرة، لأن تعاملات غاسلي الأموال مع البنوك عبر الإنترنت تتصف بالسرية(32). الأساليب التقليدية والأخرى الجديدة:  ثمة وسائل وأساليب تقليدية وأخرى حديثة يتبعها غاسلو الأموال في تفادي الكشف عن عملياتهم، ومن الأهمية بما كان الإطلاع المعمق عليها لغرض تذليل سائر العقبات التي تضعف من الجهود الكفاحية ضد هذه الجرائم.

أولا:  الأساليب التقليدية (القديمة):

‌أ- تواطؤ غاسلو الأموال مع موظفي أو إدارات المصارف.

‌ب- شراء موجودات عينية من سيارات وطائرات وقوارب وعقارب ومعادن ثمينة ولوحات فنية وشيكات مصرفية وأوامر دفع ويتم شراء كل هذه الصور بأموال قذرة.

‌ج- شراء الأوراق التجارية ولا سيما شهادات الإيداع بدلا من الإيداع النقدي للأموال.

‌د- تهريب العملة الوطنية أو الأجنبية إلى الخارج.

‌ه- النقل المادي لبعض البضائع عن طريق شركات الإستيراد والتصدير.

‌و- شراء موجودات ثم رهنها بغرض الحصول على قرض يستخدم في الدفع منه للمتعاملين مع تاجر المخدرات أو لمواجهة أية أعباء مالية أخرى.

‌ز- شراء أوامر الدفع البريدية.


ثانيا:  الأساليب التجارية:

‌أ- عمليات السوق الموازية: إستبدال الدولارات القذرة بعملات اجنبية أخرى وأحيانا إعادة إستبدالها الى دولارات.  وقد يصدر تاجر المخدرات ويستورد بدلا منها بضائع او بالعكس.
‌ب- الصفقات الوهمية:  تأسيس شركات وتبادل قوائم دفع وهمية عن بضائع ظاهرة وهي تتعلق بمخدرات بحقيقة الأمر.
‌ج- شركات التأمين: يقبل سماسرة النقد بمناطق التجارة الحرة السيولة النقدية من تجار المخدرات لشراء بوالص تأمين على الحياة بمبالغ كبيرة من شركات التأمين وبعد ذلك يقومون بإعادتها وإسترداد قيمتها بموجب شيكات.
‌د- المنظومة المصرفية الحرة:  ينشئ غاسل المال القذر عمل تجاري في أمريكا مثلا كغطاء لفتح حساب تجاري لدى المصرف وبعدئذ يسافر لإنشاء شركة تجارية بمنطقة حرة، ويمكن تعيين وكيل للشركة بحيث لا يظهر إسم غاسل المال القذر في المعاملات التجارية وتبدأ الشركة الخارجية بالقيام بنشاط تجاري وتفتح حسابا تجاريا لدى أحد المصارف في المنطقة الحرة، وبهذه الطريقة يتم تحويل الأموال القذرة برقيا.

ثالثا:  الأساليب المستحدثة: أبرزها نظام التحويل الإلكتروني في الشيكات وهو:

‌أ- نظام فيدواير Fid wire وهو نظام داخلي للمصرف الإحتياطي الإتحادي في امريكا إذ يجري الإتصال هاتفيا، ويعطي التعليمات وفق شيفرة خاصة لغاسل المال القذر وتدخل الرسالة في الجهاز الإلكتروني لمعالجتها وإرسالها إلى الجهة المستلمة ويتم التحويل للمال عن طريق هذا النظام على أوراق المصرف المذكور.
‌ب- نظام شيبس Chips وهو نظام المدفوعات بين المصارف التابعة لدار المقاصة ويمثل مصارف عملاقة في أمريكا وبلدان أخرى حيث يتم إرسال الأموال بين البنوك كدائن ومدين عن طريق نظام المقاصة.
‌ج- نظام سويفت Swift وهو نظام مقره في بلجيكا لنقل رسائل التحويلات عبر الحدود(32).

الخاتمة

الإستنتاجات والإقتراحات

بعد هذه الرحلة العلمية الشاقة عبر هذا الموضوع تولدت لدي جملة إستنتاجات استخلصتها من خلال تأملي في عناصره وجوانبه كافة، كما توصلت الى جملة اقتراحات أرى ضرورة العمل على تنفيذها كصورة من صور تنشيط العمل الكفاحي الفعال ضد جرائم غسيل الأموال وفيما يلي بيان ذلك:

أولا: الإستنتاجات:

1. لا شك في أن جرائم غسيل الأموال هي من الجرائم التي تمس بهيبة الدولة ونظامها السياسي، كما أنها تمس بالإقتصاد الوطني ومن ضمنه قطاع الأعمال الخاصة، ولا شك أيضا أن هذه الجرائم تمس المنظومة الأخلاقية للمجتمع إذ يصبح غاسلو الأموال القذرة سادة المجتمع بثرواتهم وسلطانهم المباشر.

2. تمتد أنشطة غسيل الأموال الى المخدرات، والجريمة المنظمة، والتجارة غير المشروعة للأسلحة، والفساد السياسي، والإداري والمالي، والإتجار بالإعضاء البشرية وبالرقيق الأبيض (النساء، والأطفال) لأغراض الدعارة وغير ذلك من الأنشطة ذات الخطورة القصوى.

3. تتقدم وسائل إرتكاب هذه الجرائم بمستوى التقدم التكنولوجي والإلكتروني وكلما حصلنا على نظام الكتروني جديد ومتطور إعتنم غاسلو الأموال مزاياه ومعطياته واستغلوه في انشطتهم الإجرامية.

4. ثمة أساليب لمكافحة جرائم غسيل الأموال تقوم بها الجهات المختصة من أمنية ومصرفية إلا أن غاسلي الأموال يحاولون إبتكار أساليب ووسائل جديدة الأمر الذي يتطلب تحديث الوسائل الراهنة وإستحداث وسائل ملائمة لعالم الغد.

5. إن وسائل وأساليب مكافحة جرائم غسيل الأموال تمر عبر طريق ليس مفروشا بالورود وإنما ثمة عقبات وصعوبات قانونية أو إدارية أو مصرفية أو إدارية يتعين أخذها بالحسبان وذلك كي ننتقل من العقلية النظرية المجردة في خطة مكافحة هذا الصيف من الجرائم الى الآليات العملية التي تتعامل وفق واقع متغير وشديد التعقيد.

ثانيا:  الإقتراحات

1. ضرورة الوصول الى إتفاقية دولية فعالة لمكافحة جرائم غسيل الأموال بمختلف أنشطتها، وعدم الإقتصار على جريمة المتاجرة غير المشروعة بالمخدرات، ومن ثم تستوعب الإتفاقية المقترحة جميع المتغيرات والمستجدات التي طرأت على هذه الجرائم بعد الفترة التي تلي إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات لسنة 1988.

2. ضرورة تفعيل التعاون الدولي فيما يتعلق بمكافحة عمليات غسيل الأموال، والإستفادة القصوى من تجارب بعض الدول المتقدمة التي حققت نتائج باهرة في مواجهة عمليات غسيل الأموال، ومن الضرورة كذلك كشف فضائح غسيل الأموال وتعريف الناس بها دوليا وخصوصا التي تقوم بها الشركات عابرة القارات أو الشركات المتعدد الجنسيات.

3. ضرورة تشريع قانون وطني لمكافحة جرائم غسيل الأموال ينص على جميع صورها ويتضمن عقوبة المصادرة الكاملة للمال القذر وأدواته كما ينص على عقوبات جزائية صارمة توقع على الفاعلين والمتعاونين والشركاء والمساهمين من موظفي المصارف العامة والخاصة.
ويتعين أن يتضمن التشريع تعريفا واسعا لغسيل الأموال ورفع السرية المصرفية في حالة الجريمة وإنشأ بموجب هذا القانون ادارة متخصصة من قوى الأمن والكادر المصرفي العام للتحري ومتابعة أنشطة غسيل الأموال كما من الضرورة إنشاء جهة مركزية للرقابة على التحويلات البرقية والمعاملات التي تبلغ قيمتها سبعة آلاف دينار أردني فأكثر (عشرة آلاف دولار أمريكي) كما من الضرورة أن يتضمن القانون وجوب تدريب وتنمية قدرات العاملين في القطاع المالي والمصرفي وإعادة تدريبهم سنويا لملاحقة التطورات التي تحصل في هذه الجرائم.

4. ضرورة خضوع إدارات المصارف ولا سيما المصارف الخاصة لسيادة القانون الذي يجرم ويعاقب على جرائم غسيل الأموال وذلك بإعلاء الصالح الوطني على الصالح الخاص للمصرف فهذه الجرائم يرتكبها مجرمون لا يهمهم المؤسسات المالية والمصرفية في البلاد من خلال التلاعب بالأرصدة أو تحويلها بطريقة غير مشروعة أو الحصول على تسهيلات مصرفية قد تفضي الى انهيار المصرف المقرض نفسه.

5. ضرورة العمل على إلقاء عبء الإثبات لمشروعية المال الذي يتم مصادرته على صاحبه، فإن أثبت بموجب مستندات قانونية أن أمواله نجمت عن أنشطة تجارية مشروعة ومعقولة فيكون مالك هذه الأموال حقا وصدقا، وإلا يعد نشاطه ضمن جريمة غسل مال.

الهوامش

1. الحجري (د. محمد بن ناصر) كيف تتم عمليات غسيل الأموال في العالم؟  مجلة عمان اليوم، العدد 7267، مسقط، 25/4/2001 ص 11.
2. نقلا عن اللإنترنت، موقع:
Http://wwwlaundryman,u-net
Comlpage6 m1meth.html.
3. عبد المنعم (د. سليمان) دروس في القانون الجنائي الدولي، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2000 ص 130 وما بعدها.
4. أنظر: صالح (د. نائل عبد الرحمن) الوقاية من الجريمة في عصر العولمة، بحث مقدم لمؤتمر كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون مع أكاديمية نايف العربية المتحدة، بالتعاون مع أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، 2002.
5. صالح (د. نائل عبد الرحمن) مرجع سبق ذكره.
6. السراج (د.عبود) شرح قانون العقوبات الإقتصادي في التشريع السوري والمقارن، دمشق 1995 ص 47.
7. شافي (نادر عبد العزيز) تبييض الأموال، بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2001، ص 144.
8. عبد المنعم (د. سليمان) مرجع سبق ذكرة، ص 91-69.
9. عبد المنعم (د. سليمان) مسؤولية المصرف الجنائية عن الأموال غير النظيفة – ظاهرة غسيل الأموال، الأسكندرية دار الجامعة الجديدة 1999 ص 11 وما بعدها.
10. أنظر في شرح هذه الجريمة: المرجع السابق، ص 88-91.
11. محمد خير الفرح، مراسل جريدة الدستور الأردنية في الدوحة، تقرير بعنوان الحكومة القطرية تقر قانون مكافحة غسيل الأموال 1/3/2002.
12. وكالة الانباء (د.ب.أ) قطر تعزز إجراءات مكافحة غسيل الأموال ، جريدة الدستور، عمان 21/1/2002.
13. مصطفى أحمد: سلطنة عمان تصدر قانون مكافحة غسيل الأموال تقرير لجريدة الدستور، 1/4/2002.
14. عبد العظيم (د. حمدي) غسيل الأموال في مصر والعالم والقاهرة (د.ن) 1997 ص 262 وما بعدها.
15. عبد العظيم (د. حمدي) مرجع سبق ذكره، ص 263.
16. عبد العظيم (د. حمدي) مرجع سبق ذكره، ص 274.
17. الألفي (لواء حسن وآخرون): تطوير دور إدارة مكافحة جرائم الأموال العامة في تحقيق الأمن الإقتصادي، القاهرة 1985.
18. العمري (أحمد بن محمد): جريمة غسل الأموال، الرياض، كتاب الرياض- مؤسسة اليمامة الصحفية، 2000م. ص 366- 382 وجدير بالذكر أن هذه التوصيات يبدو أنها مترجمة ترجمة ركيكة عن نصوص إنكليزية بحيث إضطررنا الى إعادة سبك الجملة لتستقيم مع مضمونها.
20،21،22،23  الحمادنة (العميد عبد الله سليمان):  دور البنوك والمؤسسات المالية في عمليات غسيل الأموال، بحث للحلقة العملية (أساليب مكافحة غسيل الأمول) مديرية الأمن العام – أكاديمية نايف العربية للعوم الأمنية – عمان 23- 27/6/2001 ص  17 وما بعدها.
24. 25  العثمان (سعود عبد العزيز) : الدور الإشرافي والرقابي للبنوك المركزية في مكافحة غسيل الأموال، بحث مقدم للحلقة العلمية ( أساليب مكافحة غسيل الأموال) مديرية الأمن العام، أكاديمية نايف للعلوم الأمنية – عمان 23-27/6/2001، ص 9 وما بعدها .  وجدير بالذكر أن المادة (5/3) من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات المنعقدة في فينا سنة 1988 ركزت على ضرورة عدم الإحتجاج بسرية العمليات المصرفية من أجل تقديم السجلات المصرفية من أجل تقديم السجلات المصرفية وتوفير النسخ الأصلية أو الصور المصدق عليها من السجلات والمستندات المصرفية.  ويذهب بعضهم الى أن سويسرا نفسها التي تعتبر مهد نظام السرية المصرفية أجازت رفعها في حالة غسيل الأموال ابتداء من نيسان 1998.
26.  شافي (نادر عبد العزيز) تبييض الأموال بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2001 ص 300.
27.  شافي (نادر عبد العزيز): مرجع سبق ذكره، ص 307.
28.  شافي (نادر عبد العزيز): مرجع سبق ذكره، ص 309
29.  شافي (نادر عبد العزيز): مرجع سبق ذكره، ص 311
30.  شافي (نادر عبد العزيز): مرجع سبق ذكره، ص 314
31.  في التوسع انظر في الإنترنت:  موقع http://www.Dit.Net/arabic/internet /study110a2.html.
32.  العمري (أحمد بن محمد) مرجع سبق ذكره، ص 251.

تعليقات