القائمة الرئيسية

الصفحات



سلحة الدمار الشامل ومعاهدات نزعها - دراسة فقهية مقارنة –

سلحة الدمار الشامل ومعاهدات نزعها - دراسة فقهية مقارنة –





أسلحة الدمار الشامل ومعاهدات نزعها
- دراسة فقهية مقارنة –

هاني الطعيمات


المقدمة
الحرب ظاهرة اجتماعية صاحبت البشر منذ القدم، ولازمتها في مراحل نموها وتطورها، بل إنها نمت وتطورت معها، وقد ظهر لها محترفوها في كل زمان ومكان، وتفنن صانعو أسلحتها في اختراع أفتك وسائل القتل والتدمير حتى تمكنوا من صنع أسلحة طابعها الإبادة والدمار، وهي تلك الأسلحة التي تعرف بأسلحة الدمار الشامل .

وفي عالم يسوده التوتر وعدم الاستقرار، ويقوم فيه صراع بين الأيديولوجيات لتحقيق الغايات والأهداف، وتتسابق فيه الدول من أجل التفوق في التسليح وامتلاك أدوات التدمير الجماعي، يكون احتمال قيام حرب تستخدم فيها الأسلحة أمراً وارداً، ومع تزايد خطر استخدام هذه الأسلحة بدأت الأصوات ترتفع مطالبة بوقف إنتاجها ومنع استخدام الموجود منها، وقد تنادت كثير من دول العالم إلى عقد المؤتمرات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية لنزع تلك الأسلحة أو الحد من انتشارها محافظة على أمن العالم وسلامته .

وهذا البحث بيان لحكم الشريعة الإسلامية في امتلاك واستخدام تلك الأسلحة، ولحكم دخول المسلمين في معاهدات نزعها والحد من انتشارها، وذلك مقارنة بما جرى عليه العمل في القانون الدولي، وقد جعلته في مبحثين :
- الأول : في موقف الشريعة الإسلامية من حيازة واستخدام أسلحة الدمار الشامل .
- الثاني : في حكم دخول المسلمين في معاهدات أسلحة الدمار الشامل .


المبحث الأول
موقف الشريعة الإسلامية من حيازة واستخدام أسلحة الدمار الشامل

الحرب في مفهومها العام : حالة صراع بين دولتين أو أكثر تستخدم فيها القدرات العسكرية بقصد تحقيق غايات وأهداف معينة، ومن ثم فرض شروط على المغلوب كما يشاؤها الغالب(1). وفي سبيل تحقيق هذا القصد تتسابق الدول عادة لتطوير أسلحتها وتحديثها .

وفي عصرنا الحاضر حصل تطور هائل في أساليب الحرب ووسائلها، فشمل ميدانها البر والبحر والجو، وتطورت أسلحتها حتى وصلت قدراتها التدميرية حداً لا يتصوره عقل ولا يحكمه قانون. وفي ظل هذا الوضع صارت الأمور لا تسمح بالنظر إلى وسائل الحرب وأسلحتها نظرة تقوم على أساس الأحكام التي استنبطت في وقت كانت أسلحة الحرب مقصورة على السهام والسيوف والتروس والمدافع الابتدائية، لأن تلك الأحكام أصبحت الآن لا تتجاوب مع واقع الحال فيما يجري في الحروب .

يقول الشيخ محمد رشيد رضا في معرض رده على دعوى منع استعمال الأسلحة النارية بشبهة أنها من قبيل التعذيب بالنار الذي منعه الإسلام : (نعم إن الإسلام دين الرحمة، وقد منع من التعذيب بالنار كما كان يفعل الظالمون والجبارون من الملوك بأعدائهم كأصحاب الأخدود الملعونين في سورة البروج، ولكن من الجهل أن يعد حرب الأسلحة النارية للأعداء الذين يحاربوننا بها من هذا القبيل بأن يقال : ديننا دين الرحمة يأمرنا أن نحتمل قتالهم إيّانا بهذه المدافع وأن لا نقاتلهم بها رحمة بهم (2).

فإذا كان هذا هو الحكم في استخدام الأسلحة النارية التقليدية، فهل هو كذلك بالنسبة لأسلحة الدمار الشامل؟ ولبيان ذلك نبدأ أولاً بالتعريف بأسلحة الدمار الشامل، ثم ببيان مفهوم الإسلام للجهاد وأغراض الحرب بشكل عام، ومفهومه للسلم والأمن.

أولاً: التعريف بأسلحة الدمار الشامل
أسلحة الدمار الشامل أو التدمير الجماعي هي : تلك الأسلحة القادرة على إحداث درجة عالية من التدمير، أو التي يمكن استخدامها لقتل عدد كبير من الناس.  وقد ظهرت مشكلة تحديد هذه الأسلحة منذ أوائل مناقشات نزع السلاح في الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبمبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية عُرفت لتشمل : "اسلحة التفجير النووي ، واسلحة المواد المشعة والاسلحة القاتلة الكيماوية والبيولوجية ، وأية أسلحة تطور مستقبلاً تكون لها خصائص مماثلة في التأثير التدميري لهذه الأسلحة.  وقد اقر مجلس الأمن في الثاني من شهر آب عام 1948م هذا التحديد لأسلحة الدمار الشامل أو التدمير الجماعي، ومنذ ذلك الوقت أصبح مفهوماً على أن هذا المصطلح يشمل : الأسلحة الكيماوية والبيولوجية إضافة إلى الأسلحة النووية(3).

ثانياً: المفهوم الإسلامي للجهاد وأغراض الحرب بشكل عام
غني عن البيان أن الحرب كانت قبل ظهور الإسلام هي القاعدة العادية للعلاقات بين مختلف الجماعات الإنسانية، فكانت تعد سياسة وطنية لدى الحكام ووسيلة لإشباع غريزة السيطرة والطموح عندهم، وسبيلاً للتوسع والحصول على المغانم(4).
وعندما جاء الإسلام لم يقبل هذه الظاهرة، فجعل من أهداف دعوته العامة ورسالته السامية، الحد من المنازعات والخصومات بين الناس وإقرار الأمن والسلام، لذا أقام العلاقات بين بني البشر على أساس من المساواة وعدم التفاضل إلاّ بالخير والتقوى، وعلى أساس من التعارف وعدم الاعتداء، يقول الله سبحانه وتعالى:(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)(5)،ويقول:(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)(6).

وإذا كان الإسلام قد أقر الجهاد سنة ماضية إلى يوم القيامة، وإذا كان المسلمون قد حاربوا غيرهم، فإن ذلك لم يكن بهدف التوسع الإقليمي أو الكسب المادي أو بث التعاليم الإسلامية بالقهر والعنف، وإنما كان لإقامة حياة جديدة مؤسسة على الحرية الخالصة، ولنشر الإسلام العالمي في دنيا الوجود، قال تعالى : (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلاّ على الظالمين)(7).

إذن فالجهاد الإسلامي حرب شرعية عادلة تهدف الخير للإنسانية، شريفة في بدئها وانتهائها وفي وسائلها، فهي من أجل المحافظة على دين الله تعالى بقتال الكفار عند رفضهم الإذعان للحق، ومن أجل المحافظة على بقاء الجماعة الإسلامية والدفاع عن سيادتها عندما لا يرضى أعداء الإسلام حسن الجوار القائم على الإنصاف وحرية العقيدة (8).

وفي القانون الدولي العام تعد الحرب التي تدخلها الدولة دفعاً لاعتداء واقع عليها، أو حماية لحق ثابت لها، حرباً مشروعة، لأن من حق كل دولة أن تدافع عن نفسها(9).  وقد نصت المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة على هذا الحق باعتباره حقاً طبيعياً مقدساً فجاء فيه : (ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد  أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي).

هذا ولا تزال الحرب في نظر الكثيرين من رجال السياسة المعاصرين عملاً مشروعاً من حق الدولة أن تأتيه كلما كانت مصلحتها تقتضي ذلك، والأمثلة على حروب قامت بها دول حديثة بزعم الدفاع عن مصالحها واضحة ومعروفة لا تخفى على أحد، والأمم المتحدة بمواثيقها وهيئاتها المتعددة عجزت عن اتخاذ تدابير حاسمة لمنع أو وقف مثل هذه الحروب(10).

ثالثاً: المفهوم الإسلامي للسلم والأمن
لما لم تشرع الحرب في الإسلام لذاتها، ولما لم يأت الإسلام ليزرع الخوف والقتل والدمار وغير ذلك مما يلزم الحرب عادة، فقد قرر كثير من الفقهاء أن الأصل في العلاقات بين المسلمين وغيرهم هو السلم، والذي خالف في ذلك من الفقهاء، كانه لم ينظر إلى أصل العلاقة قبل وقوع الحرب، وإنما نظر للواقع، حيث كان الإسلام ككل دعوة جديدة معارضاً من قبل الذين يخشون مبادئه اسامية فحاربوه حتى لا يعجل بسقوطهم، وعندما دام الصراع بينهم وبين الإسلام قروناً اعتبر هؤلاء الفقهاء أن الحرب هي أصل العلاقات مع غير المسلمين، ولكل من الفريقين أدلته فيما ذهب إليه وهي مبسوطة في مظانها(11).

وعلى كل فإنه مع التسليم بأن الجهاد هو الأصل في العلاقات مع غير المسلمين، فإن ذلك يعني القتال المتواصل الذي لا نهاية له، ولا أدل على ذلك من أن دولة الإسلام قد دخلت في كثير من الأحيان في صلح مع العدو، وعلى ذلك يمكن القول بأن الجهاد في الإسلام مبدأ لحالة ليست دائمة من الحرب والقتال، يقول الإمام أبو زهرة : (أما الإسلام فإنه بمقتضى نصوص القرآن وبمقتضى اقوال النبي "صلى الله عليه وسلم" وعمله وحروبه قد اعتبر العلاقة هي السلم حتى يكون اعتداء من دولة أخرى فإن العلاقة تكون الحرب، حتى يدفع الاعتداء، فالحرب حينئذ حالة ضرورة أوجبها قانون الدفاع الشرعي عن النفس الذي هو حق طبيعي لكل إنسان يستوي في ذلك الآحاد والجماعات)(12).

أما إذا قلنا بأن السلم هو الأصل في العلاقات مع غير المسلمين فليس معنى ذلك إلقاء السلاح وسبات الأمة، وإنما الواجب إعداد العدة وشحن الثغور، والرباط في سبيل الله حتى تكون الأمة على استعداد تام ودائم للجهاد، وحتى يكون المسلمون وبشكل دائم سنداً للحق والعدل، فيرهبون عدو الله وعدوهم من أن يتعرض لهم ولحرماتهم، قال تعالى : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)(13).

جاء في التفسير القرآني للقرآن : (إن الإعداد للحرب ليس لإشباع شهوة الحرب، وإنما هو لإرهاب العدو أولاً حتى ينزجر، ولا تحدثه نفسه بالحرب حين يرى القوة الراصدة له، ومن هنا يرى أن الإسلام دين سلام يعد للحرب حتى تجتمع له القوة الممكنة له من النصر والغلبة، ولكنه لا يبدأ الحرب ولا يسعى إليها وإنما يجيئ إليه مكرها)(14).

إذن فمفهوم الإسلام للسلم يقوم على أساس مبدأ من أراد السلم استعد للحرب، وهو المبدأ المعروف في القانون الدولي بنظرية السلم المسلح والتي تعني : (أن الدولة التي تتقن تسلحها لا تحمي نفسها فحسب، بل تفرض على غيرها احترام سلمها وعدم التعرض لها، فالذي يفكر في الاعتداء عليها، يعلم أن الحرب معها اثمها أكبر من نفعها ولذلك يستقر السلم)(15).

رابعاً: موقف الإسلام من حيازة أسلحة الدمار الشامل
لقد جاء تكليف الله سبحانه وتعالى للمسلمين بالإعداد والتسلح بصيغة فعل الأمر الدالة على الوجوب وذلك في قوله تعالى:(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)(16).

يقول الشيخ محمد رشيد رضا في معنى الآية: (وهذان الأمران – أي الإعداد والمرابطة – هما اللذان تعول عليهما جميع الدول الحربية إلى هذا العهد الذي ارتقت فيه الفنون العسكرية وعتاد الحرب إلى درجة لم يسبق لها نظير، بل لم تكن تدركها العقول ولا تتخيلها الأفكار)(17).

ومن شمول الإسلام وواقعيته أن يأتي التكليف الإلهي في الآية الكريمة بلفظ القوة مطلقاً من غير تقييد، وقد خص "رباط الخيل" بالذكر لأنه الإداة التي كانت بارزة عند من كان يخاطبهم بهذا القرآن أول مرة، ولو أمرهم بإعداد أسباب لا يعرفونها في ذلك الحين مما سيجد مع الزمن لخاطبهم بمجهولات محيرة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً(18).
وفي بيان معنى القوة التي كلف المسلمون بإعدادها جاء في التفسير الكبير للإمام الرازي : (والمراد بالقوة ههنا : ما يكون سبباً لحصول القوة وذكروا فيه وجوهاً : الأول : المراد من القوة أنواع الأسلحة ...... قال أصحاب المعاني : الأولى أن يقال : هذا عام في كل ما يتقوى به على حرب العدو، وكل ما هو آلة للغزو والجهاد فهو من جملة القوة) (19).

إذن فورود لفظ القوة في الآية مطلقاً دون تقييد بشكل معين يقتضي منطقياً أن تتطور القوة في شكلها ونوعها وتركيبها وأساليب استخدامها في كل زمان ومكان بحسبه لتكون رادعة تناسب روح العصر الذي يحتويها وليكون قوامها أحدث وأمضى ما وجد فيه من أسلحة(20).

وبذلك يمكننا القول بأن امتلاك الأمة الإسلامية لاسلحة العصر والتي منها ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل يعد أمراً ضرورياً ولازماً، والأمة إن لم تقم بهذه الضرورة تكون قد تخلفت عن مقتضيات عصرها، وبالتالي فإن قوتها التي أمرها ربها بإعدادها تفقد قيمتها وفاعليتها، فتعجز بذلك عن الوفاء بمهمة إرهاب الأعداء وإخافتهم بل إنها هي نفسها تتعرض للخطر والهلاك .

ومسؤولية الامة عن امتلاك أسلحة العصر هي مسؤولية الحكومات الإسلامية حيث كانت، ومسؤولية هذه الحكومات لا تنحصر في مجرد الحصول على تلك الأسلحة من مصادرها بل إن مسؤوليتها تتسع لتشمل التعاون في سبيل تهيئة الوسائل والأسباب المادية والمعنوية اللازمة لصنع تلك الأسلحة، لأنه لا يجوز شرعاً الاعتماد على الأجنبي في صناعة أدوات القتال بوجه خاص إلا للضرورة، لأن الاعتماد عليه ضعف يتنافى مع مبدأ القوة والعزة في الإسلام، إضافة إلى أن ناصية قوتنا تصبح بيده يتحكم في مصيرنا كيف يشاء، وعلى ضوء من مصلحته هو، والحكومات إن لم تقم بواجبها هذا فإنها تقع في الإثم لتقاعسها عن أداء فرض هو من فروض الكفاية(21) .

رابعاً: موقف الإسلام من استخدام أسلحة الدمار الشامل
الحرب في نظر الدول حالة استثنائية يجوز فيها ما لا يجوز في حالة السلم، لذا فإن السياسة العسكرية المتبعة عادة من قبل الدول المتحاربة هي : استخدام جميع أنواع الأسلحة التي يمكن أن تحقق لها الانتصار.  وهي سياسة مشروعة في الإسلام، والمبدأ الشرعي العام في ذلك: أنه يباح في حدود الفضيلة كل عمل من أعمال القتال متى كان ضرورياً لرد العدوان وإحقاق الحق والظفر بالعدو.  يقول الإمام الشوكاني : (قد أمر الله بقتل المشركين ولم يعين لنا الصفة التي يكون عليها، ولا أخذ علينا ألا نفعل إلا كذا دون كذا، فلا مانع من قتلهم بكل سبب للقتل من رمي أو طعن أو تغريق أو هدم أو دفع من شاهق أو نحو ذلك)(22).

وتطبيقاً لهذا المبدأ نجد أن الجمهور من قدامى فقهاء المذاهب الإسلامية قد ذهبوا إلى جواز استخدام كل الأسلحة والوسائل الحربية المعروفة في زمانهم وإلى جواز إتلاف ما تدعو الحاجة إلى إتلافه من ممتلكات العدو(23).


والآن إلى أي مدى يمكننا أن نطبق هذا المبدأ بالنسبة إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل؟  ولبيان ذلك لا بد من التفريق بين ثلاث حالات :
- الأولى : إذا بادر العدو باستخدام هذه الاسلحة.
- الثانية : إذا هدد باستخدامها أو غلب على الظن بأنه سيستخدمها .
- الثالثة : إذا لم يفعل العدو ذلك .

أما عن الحالة الأولى فإن الأدلة العامة في الشريعة الإسلامية تبيح المعاملة بالمثل، ومقابلة السيئة بالسيئة، فقد قال تعالى:(فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)(24)، وقال تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)(25).
وقال تعالى:(وجزاء سيئة سيئة مثلها)(26).

يقول الإمام أبو زهرة : (وإذا كان الاعتداء ظلماً فرده عدل، ولذا كان قانون المعاملة بالمثل قانوناً إسلامياً عادلاً)(27) .

وعلى ذلك فإذا استخدم العدو في حربه مع المسلمين سلاحاً فتاكاً مدمراً، يكون جزاؤه أن يعامل بالمثل وأن يحرم الاستفادة من المبادئ الأخلاقية والآداب التي شرعها الإسلام في القتال والتي وضع بها حداً للشناعات التي عرفتها حروب الجاهليات الغابرة والحاضرة على السواء، فيجابه بنفس الأسلوب، ويقابل عنفه بعنف، وتدميره بتدمير وتخريبه بمثله، وهذا هو المنهج الذي سار عليه الصحابة في حروبهم مع أعدائهم، فقد جاء في وصية أبي بكر الصديق لخالد بن الوليد رضي الله عنهما: (إذا لقيت عدوك فقاتلهم بالسلاح الذي يقاتلونك به السهم بالسهم، والرمح بالرمح، والسيف بالسيف)(28).

إذن فاستخدام أسلحة الدمار الشامل في هذه الحالة يعد أمراً مشروعاً في الإسلام، بل إنه لأمر واجب، والقول بغير ذلك يؤدي إلى الفتك بأرواح المسلمين وإلى كثرة الدمار في متلكاتهم، وقد قال تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)(29) بل و يؤدي إلى امتهان كرامة الأمة وعزتها، وقد قال تعالى : (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)(30).

أمّا إذا كانت هناك معركة قائمة وهدد العدو باستخدام أحد أسلحة الدمار الشامل أو غلب على الظن من خلال رصدنا له بأنه سيستخدم ذلك السلاح فإنه إذا علمنا أن معظم أسلحة الدمار الشامل لا تخرج في تأثيرها التدميري عن تأثير النار والسم = فالأسلحة النووية عند تفجيرها يظهر الجزء الأكبر منها في صورة طاقة حرارية سامة تؤدي إلى إشعال الحرائق، الجزء الأكبر منها في صوة طاقة حرارية سامية تؤدي إلى اشغال الحرائق، والأسلحة الكيماوية يستخدم فيها مواد لها تأثيرات سامة على الإنسان قد تؤدي إلى وفاته وإصابته بأمراض مختلفة = أمكننا تخريجاً على ما ذهب إليه السلف الصالح من فقهائنا في مسألة استخدام النار والسم ضد العدو أن نخلص إلى رأي يكون أكثر واقعية وانسجاماً مع مقتضيات الحال في ساحة المعركة.

وفيما يلي تفصيل ما قاله الفقهاء في شأن استخدام النار والسم ضد العدو.
أ- آراء الفقهاء في استخدام النار ضد العدو
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة آراء :
الرأي الأول : يجوز تحريق الأعداء بالنار ورميهم بها إذا تعين ذلك طريقاً للفتح، ولم يقدر عليها بغيرها، لأن القصد التغلب عليهم ، وإقامة كلمة الحق، فإذا كان ذلك وسيلة إليه جاز.  أما إن قدر عليهم بغيرها لم يجز، لأن استخدامها يكون إفساداً في غير محل الحاجة وما أبيح إلاّ لها. وبهذا الرأي قال الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والزيدية، إلاّ أن المالكية (31) اشترطوا لجواز ذلك أن لا يكون مع الأعداء مسلم، فإن كان فيهم مسلم لم يقاتلوا بها أمكن غيرها أم لا، إلاّ لخوف منهم على المسلمين.

واشترط الزيدية(32) والشافعية في المرجوح من مذهبهم(33) : أن يكون العدو قد خلا ممن لا يجوز قتله من الصبيان والنساء ونحوهم، إلاّ لضرورة فيجوز. والراجع عند الشافعية(34): جواز التحريق ولو كان مع العدو النساء والصبيان لئلا يتخذ من تترسه بهم وسيلة، وهو رأي الحنفية(35)  والحنابلة(36) لما رواه الصعب من جثامة قال : (سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسأل عن ديار المشركين يبيتون، فيصيبون من نسائهم وذراريهم، فقال : هم منهم)(37).

الرأي الثاني : يكره إرسال النار إلى الأعداء إلاّ أن يتوقف على ذلك الفتح، فيجب ، وهو مذهب الشيعة الجعفرية(38)

الرأي الثالث : أن التحريق بالنار يحرم إلاّ أن يكونوا يفعلونه بنا، وهو رأي بعض الصحابة(39)، ورواية عن الحنابلة(41)، وقول عند المالكية(41)، وبه قال الماوردي من الشافعية(42)، وحجة هذا الرأي:
1. الحديث الصحيح المروي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه قال:(بعثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بعث، فقال : إن وجدتم فلاناً وفلاناً = لرجلين = فحرقوهما بالنار، ثم قال حين أردنا الخروج: إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً وإن النار لا يعذب بها إلاّ الله، فإذا وجدتموهما فاقتلوهما)(43).
قال الشوكاني : (فهذا الحديث قد دل على منع التحريق على كل حال، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال بعد الأمر بإحراق رجلين مشركين قد بالغا في الأذى لرسول الله، واستحقا القتل ثم علل ذلك بهذه العلة التي تفيد أنه لا يجوز التحريق بالنار لأحد من عباد الله، سواء كان مشركاً أو غير مشرك، وإن بلغ في العصيان والتمرد على الله أي مبلغ فما وقع من بعض الصحابة محمول على أنه لم يبلغه الدليل)(44).
2. ما رواه يحيى بن سعيد من أن أبا بكر الصديق أوصى يزيد بن أبي سفيان فقال : (لا تقطعنّ شجراً مثمراً ، و لا تخربن عامراٌ ولا تعقرن شاة ولا بعيراٌ الا لمأكله و لاتحرقن نخلا ولا تفرقنه) (45).
وقد أجيب عن الاستدلال بهذين الخبرين بأن حديث أبي هريرة وإنكان ظاهره النهي عن تحريم التعذيب بالنار إلاّ أنه محمول على من قصد إلى ذلك في شخص بعينه(46)، أو أن محله إذا لم يتعين التحريق طريقاً إلى الغلبة على الكفار في حال الحرب(47)، بدليل ما رواه البخاري عن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال : (حرق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة فنزل قوله تعالى : (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله)(48).

وإن ما رواه يحيى بن سعيد معارض بما روي عن أبي بكر (رضي الله عنها) من أنه قد حرق البغاة بالنار بحضرة الصحابة، ومعارض بما روي من تحريق خالد بن الوليد ناساً من أهل الردة(49)، وأيضاً يحتمل أن الصديق رضي الله عنه) إنما نهى عن ذلك لانه قد علم من الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأن بلاد الشام ستفتح له، فكره (رضي الله عنه) القطع والتخريب، وأراد بقاءها على المسلمين(50).

وعليه فإنني أرى رجحان ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأول من جواز استخدام النار ضد العدو لقوة حجتهم، كما وأرى رجحان ما قاله الحنفية ومن وافقهم من جواز استخدامها ولو تضمن ذلك هلاك النساء والصبيان لحديث الصعب بن جثامة المتفق عليه، ولا تعارض بين هذا الحديث وبين ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) من النهي عن قتل النساء والصبيان لأن ذلك النهي محمول على قصد قتل النساء والصبيان إذا تميزوا عن غيرهم، وأمّا هذا الحديث فمحمول على الحالة التي لا يعرف بها الرجال من النساء والصبيان(51).

ب- استخدام السم ضد العدو
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة آراء :
الرأي الأول : يجوز استخدام السم ضد العدو، وذلك برميهم بالحيات والعقارب، وإن كان فيهم الأطفال والنساء، وبه قال الحنابلة(52) والزيدية(53).
وفي رواية عن الإمام أحمد قال : لا يعجبني يلقى في نهرهم سم لعله يشرب منه مسلم(54).

الرأي الثاني : وبه قال المالكية(55): يحرم علينا رميهم بنبل أو رمح أو نحوهما مسموم خوفاً من أن يعاد منهم إلينا.  وقيد بعض المالكية ذلك بما إذا لم يكن عند العدو نبل مسموم، وإلاّ فيجوز حينئذ(56).
وعن بعض المالكية: أن المروي عن الإمام مالك كراهة ذلك لا تحريمه(57).
وعن سحنون قال : يكره جعل سم في قلال خمر ليشربها العدو(58).

الرأي الثالث : وهو رأي الجعفرية(59)، فعندهم : يكره على الأقوى إلقاء السم في ماء الأعداء وطعامهم إلاّ ان يؤدي إلى قتل نفس محرمة فيحرم، وهذا إن أمكن الفتح بدونه فإن توقف عليه، وجب.  ورجح بعضهم تحريم إلقاء السم مطلقاً لما رواه الإمام الصادق من أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى أن يلقى السم في بلاد المشركين.

وأرى رجحان القول بجواز استخدام السم ضد العدو شريطة أن لا يؤدي ذلك إلى الإضرار بالمسلمين بانتقال أثر السم إليهم وذلك لعدم وجود دليل شرعي معتمد يمنع من ذلك ، ولان للمسلمين أن يستخدموا من الوسائل الحربية أشدها إيلاماً للعدو، يقول الإمام العز بن عبد السلام : (على المقاتل المسلم ان ينكل بعدوه وأن يستخدم من الوسائل أشدها في ايلامه ورد كيده ، فلو أمكنه أن يقتل واحداً من المشركين وهو في نفس الوقت يقدر على قتل عشرة بضربة واحدة فإنه يقدم رمي العشرة على رمي الواحد إلاّ أن يكون الواحد بطلاً عظيم النكاية في الإسلام، حسن التدبير في الحروب فيبدأ برميه دفعاً لمفسدة بقائه، لأنها أعظم من مفسدة بقاء العشرة، وكذلك لو قدر على أن يفتح فوهة نهر على ألف من الكفار لا نجاة لهم منها وقدر على قتل مائة بشيء من آلات القتال لكان فتح فوهة النهر أولى من قتل المائة لما فيه من عظيم المصلحة(60).

ما نراه في موضوع استخدام أسلحة الدمار الشامل في الحالة الثانية :
إذا هدد العدو باستخدام أحد أسلحة الدمار الشامل أو غلب على الظن من خلال رصدنا له بأنه سيستخدم ذلك السلاح فإنني أرى أولاً وكإجراء وقائي أن يقابل تهديد العدو بتهديد مماثل من قبل المسلمين وتقابل استعداداته باستعدادات مماثلة، فإذا ما استمر في تهديده وتحضيراته لاستخدام ذلك السلاح، وتعذر إنهاء الحرب معه بطرق انتهاء الحرب المشروعة في الإسلام فإنني وتخريجاً على ما رجحناه فيما تقدم من جواز استخدام النار والسم ضد العدو متى تعين طريقاً للفتح والغلبة أرى وبالشروط التالية جواز استخدام تلك الأسلحة عملاً بالقاعدة الشرعية: "الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف"  ذلك أن عدم استخدامها في هذه الحالة قد يطيل أمد الحرب، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الخسائر المادية والبشرية في صفوف المسلمين، بل قد يؤدي إلى تغيير ظروف المعركة لصالح العدو، خاصة إذا كان هو المبادر إلى استخدامها وهذا ضرر أشد بالنسبة إلى المسلمين، فيجوز دفعه بضرر أخف بالنسبة لهم يصيبون به عدوهم، هو استخدام سلاح مدمر ضده، أما الشروط فهي :

أولاً: أن لا ينطوي استخدامها على أضرار مباشرة بالمسلمين أو بغيرهم من المعاهدين الذين ليسوا طرفاً في الحرب،كما لو كان يخشى من انتقال تأثيرات هذه الأسلحة إلى بلادهم، وذلك عملاً بالقاعدة الشرعية :  لا ضرر ولا ضرار .

ثانياً: أن يكون استخدامها ضد أهداف العدو العكسرية والاستراتيجية، إلاّ إذا اقتضت الضرورة استخدامها ضد أهدافه المدنية، فيجوز عملاً بالقاعدة الشرعية" الضرورات تبيح المحظورات".

ثالثاً: أن يكون استخدامها محدوداً وبالقدر اللازم حجماً ونوعاً، وذلك عملاً بالقاعدة الشرعية" ما أحل لضرورة أو حاجة يقدر بقدرها ويزال بزوالها" .

هذا ويمكن أن يعترض على ما انتهينا إليه هنا، بأن يقال : إن مثل هذا الرأي لا يخدم قضية المسلمين في واقعنا المعاصر، فهو قد يؤثر سلباً على طبيعة علاقة المسلمين بغيرهم، وأن قياس استخدام أسلحة الدمار الشامل على التحريق بالنار أو القتل بالسم، قياس مع الفارق ذلك أن هذه الأسلحة تجعل الأرض غير صالحة في كثير من الأحيان للعيش عليها وتحدث كثيراً من العاهات والتشوهات التي ربما انتقلت إلى الأجيال القادمة.

والرد على مثل هذا الاعتراض من وجوه ثلاثة :
الأول : إن الحديث عن استخدام أسلحة الدمار الشامل، هو حديث عن حالة حرب قائمة بين المسلمين وبين عدوهم، استخدم فيها ذلك العدو أسلحة الدمار أو يهدد باستخدامه، وهو قبل ذلك يرفض قبول انتهاء الحرب بطريق من الطرق المشروعة في الإسلام كالصلح أو التحكيم، فهل من الحكمة في مثل هذه الحالة أن نذهب إلى عدم جواز استخدام وسيلة تدافع بها الدولة الإسلامية عن وجودها؟ وهل هناك دولة في العالم ترضى لنفسها بأن تتلقى ضربة قاضية من عدوها بسلاح تملك ما يماثله دون أن تبادر إلى استخدامه .

الثاني : إن قياس استخدام أسلحة الدمار الشامل على التحريق بالنار إنما هو لبيان كيف أن قدامى الفقهاء قد أجازوا استخدام أشد الوسائل الحربية المعروفة في زمانهم، والفارق بين استخدام سلاح تقليدي وبين سلاح نووي أو كيماوي شبيه بالفارق بين استخدام سلاح تقليدي وبين سلاح نووي أو كيماوي شبيه بالفارق بين رمي العدو بالرماح والنبال وبين رميه بالنار وإلقاء السم في مياهه فكلما جاز استخدام النار والسم مع وجود السيف والرمح، فإنه يجوز استخدام سلاح نووي أو كيماوي مع وجود سلاح تقليدي، ولكن ليس ذلك على إطلاقه، وإنما بالقيود والشروط المقدمة .

الثالث : أما عن التأثير التدميري لأسلحة الدمار الشامل فأمر لا ينكر والدولة الإسلامية لا تقدم على استخدام تلك الأسلحة إلاّ معاملة بالمثل أو أخذاً بزمام المبادرة في معركة يوشك العدو فيها على استخدام هذه الأسلحة، ثم إن الشروط التي قيدت بها هذا الاستخدام تجعل من التأثير التدميري لهذه الأسلحة محصوراً في نطاق ضيق ومحدود .

أمّا عن الحالة الثالثة وهي إذا لم يبادر العدو إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل ولم يغلب على الظن بأنه سيستخدمها، فإن المبادئ الإنسانية والأخلاق الرفيعة التي وضعها الإسلام لا تؤيد استخدام هذه الأسلحة، وما شرع لسبب فإنه يزول بزواله، وبذلك يكون امتلاك المسلمين لهذه الأسلحة قد حقق الغاية والهدف منه، وهو إرهاب العد ومنعه من استخدامها .

خامساً: القانون الدولي وأسلحة الدمار الشامل
أ-  موقف القانون الدولي من حيازة هذه الأسلحة :
لا يوجد في القانون الدولي ما يمنع الدول من امتلاك أسلحة الدمار الشامل، ومن الناحية الواقعية توجد دول كثيرة تمتلك أنواعاً متعددة من هذه الأسلحة، وتتسابق هذه الدول فيما بينها لتحسين القدرات التدميرية لأسلحتها، الأمر الذي أدى إلى قلق المجتمع الدولي لما لهذا التسابق من أثر سلبي على السلم والأمن الدوليين، وعلى الجوانب المختلفة للعلاقات الدولية، وقد أدت جهود المجتمع الدولي في سبيل الحد من هذه الأسلحة ومنع انتشارها إلى عقد عدة معاهدات دولية، سنذكرها في المبحث الثاني إن شاء الله تعالى :
ب-  موقف القانون الدولي من استخدام أسلحة الدمار الشامل :
إن مبادئ القانون الدولي أعطت الدول المتحاربة حق استخدام الأسلحة التي تحقق لها الانتصار في الحرب، شريطة أن لا يكون هذا الاستخدام بصورة مشوبة بالقسوة والهمجية، وتأكيداً لهذه المبادئ ذهبت اللوائح والاتفاقيات الدولية إلى تحريم استخدام الأسلحة التقليدية التي لها آثار وحشية بليغة في حياة البشرية كالأسلحة التي تؤدي إلى تشويه الجرحى وزيادة آلامهم من مثل القنابل الفسفورية والعنقودية والنابالم، والأسلحة التي تنفجر داخل الجسم (رصاص دمدم) أو تصيبه بشظايا لا يمكن الكشف عنها بالأشعة السينية(61).  كما ذهبت إلى حظر استخدام بعض أسلحة الدمار الشامل، فقد نص بروتوكول جنيف المبرم عام 1925م على تحريم استخدام أسلحة الحرب الكيماوية والبيولوجية.
ويرى بعض فقهاء القانون الدولي أن أحكام هذا البروتوكول يمكن أن تسري أيضاً على الأسلحة النووية، وإن استخدام هذه الأسلحة يعد خرقاً لمعاهدة تحريم إبادة الجنس البشري لعام 1948م، ولاتفاقية حقوق الإنسان المدنية والسياسية لعام 1966م، والتي تنص المادة السابعة منها على تحريم تعريض المواطنين للتعذيب وللاختبارات الطبية أو العلمية بدون رضاهم(62).
وقد أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الرأي بقرارها الصادر عام 1961 والذي جاء فيه :
1. يتعارض استخدام الأسلحة النووية مع روح ميثاق الأمم المتحدة ونصه ومقاصده.
2. يؤدي استخدام الأسلحة النووية إلى اتساع نطاق الحرب ويحدث آلاماً للإنسانية وتدميراً للمدنية دون تمييز، ولذا يتعارض مع أحكام القانون الدولي كما يتعارض مع مبادئ الإنسانية.
3. لا يعد استخدام الأسلحة النووية حرباً موجهة ضد عدو أو جملة أعداء فحسب ولكنها حرب موجهة ضد البشيرية عامة لأن شعوب العالم – وهي ليست طرفاً في الحرب – سوف تتعرض لأضرار هذه الأسلحة(63).
بينما يرى آخرون من فقهاء القانون الدولي جواز استخدام الأسلحة النووية لكنهم اختلفوا في الحالة التي يجوز فيها ذلك:
فذهب بعضهم إلى أن للدولة التي يقع عليها اعتداء مسلح بهذه الأسلحة حق استخدامها، بشرط أن يكون ذلك بالقدر اللازم لرد العدوان حجماً ونوعاً، وذلك وفقاً" للقواعد العرفية المقبولة وللمبادئ العامة للقانون التي تعطي الدولة حق الدفاع عن نفسها إذا ما تعرضت لعدوان (64).

وذهب بعضهم الآخر إلى جواز استخدام الأسلحة النووية كأداة جزاء رادعة في حالة قيام أحد أطراف الحرب بأعمال جسيمة عدوانية مخالفة لقانون الحرب وإن لم يبادر إلى استخدام هذه الأسلحة، وتوسع آخرون فأعطوا الدول حق استخدام الأسلحة النووية دفاعاً عن نفسها في حالة حدوث تهديد بالعدوان عليها بمعنى أنه لا يجب الانتظار حتى يقع العدوان المسلح بهذه الأسلحة حتى يباح للدولة المهددة به بالدفاع عن نفسها. ولعل طبيعة الأسلحة النووية وما تنطوي عليه من احتمال أن تكون الضربة النووية الأولى هي الضربة القاضية، هي التي أوحت بهذا الرأي(65).

4. وهكذا نلاحظ أن فقهاء القانون الدولي لم يتفقوا على وضع قاعدة خاصة تحرم استخدام الأسلحة النووية بصورة صريحة قاطعة، كما أن المنظمات الدولية لم تتوصل إلى وضع إجراءات وعقوبات رادعة بحق الدولة المستخدمة لهذه ولا  لغيرها من أسلحة الدمار الشامل، أو من الأسلحة التقليدية المحرمة دولياً، وفي ظل هذه الأوضاع الدولية لجأت كثير من الدول إلى استخدام هذه الأسلحة في حروبها، فإسرائيل في اعتداءاتها على الدول العربية استخدمت أسلحة تقليدية محرمة دولياً، ومثل هذه الأسلحة استخدمت أيضاً في الحرب العراقية الإيرانية، وإيطاليا استخدمت في عام 1936 غاز الخردل في حربها ضد الحبشة، والولايات المتحدة الأمريكية استخدمت الأسلحة الكيماوية والجرثومية في الحرب الكورية، كما استخدمت القنبلة الذرية ضد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، ووفق القوانين المحلية الأمريكية فإن هذا الاستخدام لا يعد مخالفاً للقانون الدولي لعدم وجود اتفاقيات تمنع هذا الاستخدام، فقد نصت الفقرة (35) من "قوانين خدمة الميدان" الصادرة عن الجيش الأمريكي بتاريخ 18 يوليو عام 1956م، والبند (613) من قانون الحرب والحيادة في البحار الصادر من كلية الحرب البحرية الأمريكية عام 1955م على أنه : ( لا يعد استخدام الأسلحة الذرية بواسطة القوات الجوية أو البحرية أو البرية عملاً منافياً للقانون الدولي دون وجود قواعد عرفية أو اتفاقيات تمنع استخدام هذه الأسلحة)(66).

المبحث الثاني
موقف الشريعة الإسلامية من
معاهدات اسلحة الدمار الشامل

أولاً: التعريف بالمعاهدات وبمشروعيتها
تعد المعاهدات الأداة الطبيعية لتنظيم العلاقات والشؤون الخارجية المشتركة بين الدول، ومنذ أقدم العصور ارتبطت المجتمعات البشرية فيما بينها بعلاقات متبادلة عن طريق المعاهدات، فقد عرفها الإغريق والرومان، وعرفها العرب في جاهليتهم تحت مسمى الأحلاف، وخاصة ما كان منها للنصرة والأمن، كحلف الفضول الذي تعاهدت فيه قريش على نصرة المظلوم(67).

والمعاهدات في اللغة : جمع معاهدة، وهي مأخوذة من العهد، وتأتي بمعنى المعاقدة والمحالفة(68)، ففي القرآن الكريم قال تعالى : (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلاّ الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)(69).  فلفظ عهد في الآية استخدم بمعنى المعاهدة، كما أن القرآن الكريم استخدام ألفاظاً أخرى للدلالة على مفهوم المعاهدة منها : عقد ، وميثاق.  فقد قال تعالى : (يا أيها الناس آمنوا أوفوا بالعقود)(70) وقال : (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلاّ على قوم بينكم وبينهم ميثاق)(71).

وأيضاً الفقهاء قد جرت لغتهم باستعمال مسميات أخرى للمعاهدة مثل : المهادنة، والموادعة، والمتاركة والمسالمة، فقد جاء في مغني المحتاج: (الهدنة : وهي لغة السكون، وشرعاً: العقد على ترك القتال مدة معلومة بعوض أو بغير عوض، وتسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة ومسالمة)(72).

وجاء في كشف القناع: (الهدنة: وهي لغة السكون، وشرعاً : العقد على ترك القتال مدة معلومة بعوض وبغير عوض، وتسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة ومسالمة)(73).

وجاء في بدائع الصنائع: (الموادعة : وهي المعاهدة والصلح على ترك القتال.... أما ركنها فهو لفظ الموادعة أو المسالمة أو المصالحة أو المعاهدة أو ما يؤدي معنى هذه العبارات)(74).

وبتدقيق النظر في هذه النصوص الفقهية وفي غيرها مما ذكره فقهاء المذاهب الإسلامية نجد أن ما اشتملت عليه من تعريفات كانت منصبة على نوع من المعاهدات الدولية وهي الهدنة دون غيرها من أنواع المعاهدات الأخرى.

ومن المعلوم أن المعاهدات في الشريعة الإسلامية ليست مقصورة على نوع معين من الاتفاقيات الدولية، وإنما تتعدى الهدنة إلى غيرها، فدوافعها في الإسلام كثيرة وأغراضها متعددة، وهي متروكة لولي الأمر من المسلمين، فله أن يعقد منها مافيه تحقيق نفع أو دفع ضرر على حسب الحال الذي يراه خيراً للمسلمين، ما دام أن ذلك لا يخالف نصاً شرعياً في الإسلام (75).

وطبيعة المعاهدة في الفقه الإسلامي توصف بأنها : عقد ذو طبيعة دولية، يبرم بين الدولة الإسلامية وبين غيرها من الأشخاص الدولية بقصد إيجاد علاقة معينة تتضمن التزامات مشروعة ومتبادلة بين الطرفين، مع ذكر الشروط والقواعد التي تخضع لها هذه العلاقة(76).

وبشكل عام تتوقف صحة المعاهدات في الإسلام على شروط خاصة لا بد من وجودها حتى تصبح المعاهدة منتجة لآثارها شرعاً، وقد فصل في هذه الشروط العلماء المعاصرون ممن كتب في أحكام المعاهدات أو في العلاقات الدولية في الإسلام، وذلك استناداً إلى ما اشترطه فقهاء المذاهب الإسلامية لصحة عقدي الصلح الموقت (الهدنة) والدائم (عقد الذمة)(77).

ومن هذه الشروط توقيت المعاهدة بأجل معين، وسنفصل القول في هذا الشرط دون غيره من الشروط الأخرى لعلاقته المباشرة بموضوع بحثنا ذلك أن المعاهدات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل هي من النوع المطلق عن التوقيت أو طويل الأجل .

ثانياً : مدة المعاهدات
يفرق الفقهاء في تفصيل مدة المعاهدة بين المعاهدات ذات الطبيعة الدستورية التي أبرمها النبي (صلى الله عليه وسلم) وخلفاؤه من بعده مع الذميين، وبين غيرها من المعاهدات، فمعاهدات النوع الأول = المبرمة مع الذميين بوصفهم هذا: معاهدات دائمة غير موقوته(78).
أما معاهدات النوع الثاني فقد ذهب بعض المعاصرين(79) إلى وجوب تحديدها بأجل معين مرجحين بذلك ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية(80) والشافعية(81) والحنابلة(82) من توقف صحة معاهدات الصلح المؤقت (الهدنة) على تحديدها بأجل معين.

ووجهة نظر أصحاب هذا الاتجاه :
1. إن إطلاق المدة فيه نوع من الغموض، لا سيما أن الأحوال في تغير مستمر وأن الوفاء بالعهد واجب على المسلمين ما استقام الطرف الآخر على عهده لقوله تعالى : (إلاّ الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين)(83).
2. إن إطلاق مدة المعاهدة أو تأبيدها يوجب وقف القتال إلى الأبد، وهذا غير جائز شرعاً، يقول الإمام الشوكاني: (وأما كون المدة معلومة فوجهه أنه لو كان الصلح مطلقاً أو مؤبداً لكان ذلك مبطلاً للجهاد الذي هو من أعظم فرائض الإسلام، فلا بد  من أن يكون له مدة معلومة على ما يرى الإمام من الصلاح(84).

وفي رواية عن الإمام الشافعي نقلها عنه المزني: أنه يجوز إطلاق أجل الهدنة دون تحديد مدة لها، وللإمام نقضها متى بدا له ذلك إن كان فيه مصلحة للمسلمين(85) وبهذا قال الإمام الكاساني من الحنفية(86)، وإليه ذهب الإمام ابن تيمية(87) وتلميذه ابن القيم(88) (رحمهم الله جميعاً) وذلك لفعل النبي (صلى الله عليه وسلم) مع يهود خيبر، فقد جاء في زاد المعاد في هدي خير العباد: (وثبت عنه (أي النبي صلى الله عليه وسلم) أنه صالح اليهود وعاهدهم لما قدم المدينة... وآخر ما صالح يهود خيبر على أن الأرض له، ويقرهم فيها عمالاً له ما شاء، وكان هذا الحكم فيهم حجة على جواز صلح الإمام لعدوه ماشاء من المدة، فيكون العقد جائزاً له فسخه متى شاء، وهذا هو الصواب، وهو موجب حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي لا ناسخ له)(89).

وفي موضع آخر جاء فيه : (وفي القصة دليل على جواز عقد الهدنة مطلقاً من غير توقيت، بل ما شاء الإمام، ولم يجىء بعد ذلك ما ينسخ هذا الحكم البتة فالصواب جوازه وصحته)(90).

بينما ذهب فريق آخر من المعاصرين(91) إلى جواز تأبيد المعاهدة، فللمسلمين عقد معاهدات دائمة مع غيرهم على أساس آخر غير عقد الذمة بغرض حسن الجوار والصداقة وتبادل التجارة، أو لأي غرض من أغراض التعاقد الدولي، لإقرار السلم وتثبيت دعائمه، وبشكل يحقق المودة ويكفل نشر الدعوة الإسلامية بطريق قائم على أساس المنطق والحجة والبرهان، وإذا عرض ما يخل بالالتزام في هذه المعاهدات فإنها تنقض فوراً ويكون زوالها للإخلال بشروطها، ووجهة نظر أصحاب هذا الاتجاه :
1. إن عمل النبي (صلى الله عليه وسلم) صريح في أن المعاهدات كانت تنظيماً للسلم وليست علاجاً لحال وقتية أبرمت فيها المواثيق اضطراراً لا ا ختياراً، وأن الآيات القرآنية صريحة في أن الأصل في علاقة دولة الإسلام بغيرها من الدول هي السلم، والتي منها قوله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)(92)، وقوله تعالى : (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة)(93)، وقوله تعالى (فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا)(94).
2. إن اشتراط فقهاء المذاهب الإسلامية توقيت المعاهدة بأجل محدد هو أمر اجتهادي منهم، كان يتفق مع الحياة الدولية في عصرهم، حيث جاء عصر الاجتهاد الفقهي والحروب ناشبة بين المسلمين وغيرهم، وما كان للمسلمين وهم في هذا الحال أن يطمئنوا إلى معاهدات دائمة ثابتة من أجل هذا لم يكن من المعقول أن يقرر هؤلاء الفقهاء عقد معاهدات دائمة ومستمرة خصوصاً أنهم كانوا يقررون أحكام الوقائع، وما كان يقع في عهدهم معاهدة دائمة، ولو وقعت ما كانت الأحوال تبررها، بل إنها لا تكون من السياسة الحكيمة وتنافي الحذر الذي أوجبه الإسلام على المسلمين .

لذلك ونحن نتحدث عن أحكام عامة خالدة هي أحكام شريعة الإسلام لا يصح أن نكون خاضعين لأحوال وقتية خضع لها أولئك الفقهاء، فإنه من المعقول أن يفتوا بما أفتوا به مراعاة للحال التي رأوها، ولكن ليس لنا أن نقول إنه حكم الإسلام الخالد الذي يجب عدم مخالفته، بل إن في تعميم ما قرروه في هذا الأمر لكل العصور مصادمة لخصائص الشريعة والتي منها خاصية المرونة والتطور فيما هو متغير بتغير الأزمنة والأمكنة .

الرأي الراجح : أرى رجحان القول بتأدبيد مدة المعاهدة، ومن باب أولى جواز إطلاق الأجل فيها، وذلك لقوة حجة القائلين بهذا، ولأنه من الطبيعي أن تختلف الظروف وتتغير الحاجات من عصر إلى أخر وما دام الأمر كذلك فلا يمكن أن نتخذ مما قرره الفقهاء لصحة نوع معين من المعاهدات، وهي معاهدة الهدنة حكماً عاماً في جميع أنواع المعاهدات، ولأن المناط في عقد المعاهدات هو تحقيق مصلحة مشروعة للدولة، والحكمة تقتضي أن نطلق العنان للمعاهدات التي تحقق هذه المصلحة فلا نحددها بأجل معين عملاً بمبدأ فتح الذرائع .


ثالثاً : الجهود والمعاهدات الدولية المتعلقة بالحد من أسلحة الدمار الشامل :
شغل موضوع نزع الاسلحة الأكثر دماراً والأشد خطراً أذهان الكثيرين في هذا العالم، ويرى بعض الباحثين أن التفكير الدولي بنزع الأسلحة بدأ منذ عام 1886م، ويرجعون ذلك إلى أن الأسلحة الأكثر دماراً والأشد خطراً ولم يبدأ استعمالها إلاّ منذ ذلك الحين، أما قبل ذلك فقد كانت الأسلحة أقل خطراً حيث كانت الدول تتسلح بالسيوف والبنادق والمدافع، وقد أصبح ذلك التفكير جدياً في عهد عصبة الأمم، والتي بذلت جهوداً كبيرة في سبيل نزع السلاح لتوطيد أركان السلم والأمن في العالم(95).

وقد أدت جهود عصبة الأمم إلى عقد مؤتمر جنيف عام 1925م لبحث مسألة استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في الحروب، وفي ختام المؤتمر صدر عنه بروتوكول، وقع عليه عدد كبير من الدول، يحظر استخدام هذه الأسلحة .

وفي عام 1969م دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول التي لم تنضم إلى بروتوكول جنيف الانضمام إليه، ودعت جميع الدول إلى الالتزام الدقيق بجميع مبادئ وأهداف هذا البروتوكول وإلى وقف تطوير وتخزين الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وإلغائها، من ترسانة الأسلحة، وقرر الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك أن هذه الأسلحة قد تكون أكثر خطورة من الأسلحة النووية، على أساس أنها لا تحتاج إلى الإنفاق الضخم من الموارد العلمية والمالية كالأسلحة النووية، وأن كل دولة تستطيع إنتاجها بتكاليف زهيدة وبسرعة وفي سرية تامة في المصانع والمعامل الصغيرة مما يجعل مشكلة الرقابة عليها أكثر صعوبة(97).

ب- الأسلحة النووية :
باختراع القنبلة الذرية واستخدامها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية، بدأت الجهود لحظر الأسلحة النووية، فقد أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقتضى قرارها الأول الصادر في 24 يناير عام 1946م لجنة تابعة لمجلس الأمن لبحث الرقابة على الطاقة الذرية وإلغاء الأسلحة النووية من التسليح القومي للدول، عرفت باسم لجنة الطاقة الذرية.  وقد قامت هذه اللجنة بعملها وتقدمت بالعديد من المقترحات، إلاّ أن أسباباً عديدة، أدت إلى فشلها في التوصل إلى إبرام اتفاق بين الدول يحرم استخدام الأسلحة النووية ومن هذه الأسباب: نشوء الحرب الباردة وازدياد التوتر بين الشرق والغرب واختلاف الأهداف السياسية لكل من الاتحاد السوفيتي (سابقاً) والولايات المتحدة الأمريكية في مجال نزع السلاح .

وفي عام 1952م انتهى الوجود القانوني لهذه اللجنة، حيث حلت محلها لجنة نزع السلاح التي أصبحت تضطلع بوظائف لجنة الطاقة الذرية بالإضافة إلى مهام أخرى، ومع تراجع حدة الحرب الباردة استؤنفت مفاوضات نزع الأسلحة النووية وتشكلت لهذه الغرض هيئات دولية مختلفة تابعة للأمم المتحدة ولغيرها، وقد نتج عن هذه المفاوضات عقد معاهدة لمنع انتشار الأسلحة النووية. و تقضي بحظر انتقال الأسلحة النوية بمعرفة الدول التي تمكنت قبل الأول من شهر يناير عام 1976م من إنتاج أو تفجير سلاح نووي أو أجهزة نووية متفجرة أخرى إلى أي طرف آخر وتقضي أيضاً بتعهد الدول غير النووية بعدم حيازة الأسلحة النووية أو وسائل التفجير الذري الأخرى .وعقد هذه المعاهدة يعد الإجراء الدولي المباشر والأساسي للحد من انتشار الأسلحة النوية، إلاّ أن هناك تدابير أخرى تساهم بدورها بدرجات متفاوتة، وبطريقة غير مباشرة في الحد من انتشارها ومنها :
1. حظر إجراء تجارب الأسلحة النووية، فقد وقعت في موسكو عام 1963م معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية، وتقتضي بحظر إجراء اختبارات نووية في الفضاء الخارجي، وفي الغلاف الجوي وتحت الماء .
2. المعاهدات الإقليمية لإنشاء مناطق خالية من الأسلحة والمواد النووية، ومن هذه المعاهدات:
- معاهدة حظر التسليح النووي للمناطق القطبية والتي وقعت عام 1959م، وتقتضي بحظر التفجيرات النووية في المناطق القطبية أو استخدامها للتخلص من النفايات النووية.
- معاهدة حظر الأسلحة النووية في أمريكا اللاتينية والتي وقعت عام 1967م وتهدف إلى جعل تلك القارة منطقة مجردة من السلاح النووي.
- ومعاهدات سولت المبرمة بين الاتحاد السوفييتي (سابقاً) والولايات المتحدة الأمريكية للحد من امتلاك الدولتين للأسلحة الهجومية الاستراتيجية.
- وأخيراً فإن مفاوضات السلام في الشرق الأوسط وطبقاً لخطاب الدعوة إلى مؤتمر مدريد عام 1991م قد نصت على إيجاد منطقة منزوعة السلاح النووي والبيولوجي في الشرق الأوسط(99).
3. الضغط السياسي الاقتصادي من قبل الدول النووية الكبرى على الدول غير المالكة للأسلحة النووية، والتعهد بتوفير الحماية الكافية لهذه الدول في حال تعرضها لهجوم نووي أو تهديدها به.
4. إصدار إعلانات فردية من الدول بالتعهد بعدم صناعة أو تملك الأسلحة النووية كتعهد الهند، وإعلان كندا عام 1964م عزمها على الامتناع عن صناعة الأسلحة النووية.

رابعاً: معاهدات أسلحة الدمار الشامل من منظور إسلامي
من المعلوم أن عالم اليوم لم يعد كعالم الأمس، وأن الدولة الإسلامية ليس مكتوباً عليها أن تعيش بمعزل عن العالم من حولها، بل لها أن تكون طرفاً في المعاهدات الدولية التي تجسد التعارف والتعاون الذي دعا إليه الإسلام، إن كانت أحكام تلك المعاهدات متفقة مع القواعد العامة في الإسلام ولا تصادم مبدءاً من مبادئه(100).

ولما كانت معاهدة عام 1968م لمنع انتشار الأسلحة النووية هي المعاهدة الأساس على المستوى العالمي لوقف سباق التسلح النووي، فإن جواز الانضمام إليها من الناحية الشرعية يكون متوقفاً على مدى توافق نصوصها مع القواعد الإسلامية العليا .

وبقراءة نصوص هذه المعاهدة نجد أنها تقوم على أساس عدم المساواة بين الدول في مجال التسلح، فقد جاء في المادة الأولى منها : (تتعهد كل دولة من الدول الحائزة للأسلحة النووية تكون طرفاً في هذه المعاهدة ..... بعدم القيام إطلاقاً بمساعدة أو تشجيع أو حفز أية دولة من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية على صنع أية أسلحة نووية أو أجهزة تفجير نووية أخرى، أو اقتنائها أو إكتساب السيطرة عليها بأية طريقة .

وجاء في المادة الثانية منها : (تتعهد كل دولة من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية تكون طرفاً في هذه المعاهدة بعدم قبولها من أي ناقل كان لا مباشرة ولا بصورة غير مباشرة أي نقل لأية أسلحة نووية أو أجهزة تفجير نووية أخرى أو لأية سيطرة على مثل تلك الأسلحة والأجهزة، وبعدم صنع أية أسلحة نووية أو أجهزة تفجير نووية أخرى أو اقتنائها بأية طريقة أخرى وبعدم طلب أو تلقي أية مساعدة في صنع أية أسلحة نووية أو أجهزة تفجير نووية أخرى).

وجاء في المادة الثالثة منها : (تتعهد كل دولة من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية تكون طرفاً في هذه المعاهدة بقبول الضمانات المنصوص عليها في اتفاق يجري التفاوض عليه وعقده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقاً لنظام الوكالة الأساسي ونظام ضماناتها وتكون الغاية الوحيدة من ذلك تحري تنفيذ تلك الدولة للالتزامات المترتبة عليها بموجب هذه المعاهدة، منعاً لتحويل استخدام الطاقة من الأغراض السلمية إلى الأسلحة النووية، أو أجهزة التفجير النووية الأخرى)(102).

وهكذا نلاحظ أن المعاهدة غير منصفة في توزيع الالتزامات بين الدول الموقعة عليها، فالدول النووية لا تخضع للرقابة الدولية في نطاق هذه المعاهدة إلاّ بإرادتها، بل إن لها حق وحرية استيراد المواد النووية بلا قيد، أما الدول غير النووية فلا يمكنها الحصول على أي مواد أو تكنولوجيا نووية إلاّ مقابل لخضوع كل نشاطاتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل منع أي استخدام عسكري لما يتم استيراده من هذه النوعيات، أي أن الدول النووية لا تلتزم بشيء بينما الدول غير النووية والموقعة على الاتفاقية تلتزم ليس فقط بعدم حيازة أسلحة نووية بل بخضوعها أيضاً لنظام رقابي يعد في مجموعه ماساً بسيادتها.

وعليه فلا يجوز شرعاً لدولة إسلامية لا تملك أسلحة نووية أن تكون طرفاً في هذه المعاهدة لمخالفتها الصريحة بما اشتملت عليه من تمييز بين الدول لنص الآية الكريمة التي تأمر المسلمين بالتسلح بكل أسلحة العصر الممكنة وهي قوله تعالى : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)(103)، ولأنه على حسب معلومات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوجد دول كثيرة متقدمة تكنولوجياً غير منضمة للمعاهدة وبوسعها إنشاء صناعات نووية عسكرية، ومن هذه الدول إسرائيل .

وما يؤكد ذلك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طلبت في قرارها رقم 34/89 في عام 1979م من سكرتير عام الأمم المتحدة إعداد تقرير بمعرفة الخبراء عن موقف التسلح النووي في إسرائيل، وفي التقرير المذكور وردت معلومات لا تبين بوضوح ما إذا كانت إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، ومن المؤكد أنها الآن أنتجت أو على الأقل قادرة على إنتاج أسلحة نووية في وقت وجيز (104).

ولهذا دعت بعض الوفود العربية المشاركة في مجموعة العمل الخاصة بالسيطرة على التسلح والأمن الإقليمي والمنبثقة عن مفاوضات السلام متعددة الأطراف في الشرق الأوسط، دعت إسرائيل إلى الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية باعتبارها القوة الإقليمية الوحيدة في الشرق الأوسط التي يعتقد أنها تمتلك أسلحة نووية(105).

كما أن مجلس جامعة الدول العربية قد قرر في دورته الثانية بعد المئة عدم تجديد توقيع الدول العربية على المعاهدة والتي ستنتهي مدتها في هذا العالم (1995) إلاّ إذا وقعت إسرائيل عليها(106).

أما غير معاهدة عام 1968م من المعاهدات الإقليمية أو الدولية المتعلقة بالأسلحة النووية أو بغيرها من أسلحة الدمار الشامل الأخرى، سواء أكانت مبرمة أم سيتم إبرامها، فمما لا شك فيه أن مضمون أي منها يختلف من معاهدة إلى أخرى، والقواعد الإسلامية العليا تعد هي الضابط والمعيار الذي يحكم وفقاً له على صحة هذه المعاهدة أو تلك، ومتى صحت أي من هذه المعاهدات فلا يوجد من الناحية الشرعية ما يمنع الدول الإسلامية من الارتباط بها إن إقتضت المصلحة ذلك، والمصلحة أصل عام في الإسلام يرجع تقديره إلى رئيس الدولة على ضوء القواعد التي تقررها الشريعة الإسلامية.

وإذا تعارضت بعض نصوص هذه المعاهدات مع القواعد الإسلامية العليا، فالواجب على الدولة الإسلامية أن تتحفظ على هذه النصوص لاستبعاد آثارها، وإذا لم يقبل الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى تحفظ الدولة الإسلامية على النصوص المتعارضة مع القواعد الإسلامية، فالواجب على الدولة أن تلغي ارتباطها بتلك المعاهدة.

خاتمة

الآن وقد فرغنا بحمد الله وتوفيقه من كتابة هذا البحث فإننا نخلص إلى النتائج التالية :
أولاً : أن هدف الإسلام الأسمى هو تحقيق العدالة في الأرض وقيام العلاقات بين البشر على أساس من المساواة ومن غير استعلاء، فهو شريعة عالمية تنظم العلاقات الدولية على أساس من سيادة روح القانون السماوي، وعلى مبدأ التعاون والإخاء الشامل بين الأمم .

وهو وإن اقر الحرب إلاّ أنه جعلها محكومة لمبادئه الأخلاقية التي رسمها الخالق عز وجل، فلا ظُلم ولا عدوان.  وما أهون أن تتخلص البشرية من الحروب وما تسببه أسلحتها من دمار وويلات، وذلك بالدخول في دين الإسلام أو بالمعاهدة على السلام القائم على أساس من الحق والعدل، وهذا ما يشير إليه تقسيم الفقهاء للعالم إلى دار إسلام ودار عهد، ودار حرب فكل من أسلم كان آمناً، وكل من عاهد كان آمناً، ومن لم يسلم أو يعاهد فهو محارب.,

ثانياً: إن امتلاك الأمة الإسلامية لأسلحة الدمار الشامل يعد أمراً ضرورياً ولازماً، والحكومات الإسلامية هي المسؤولة عن ذلك، ومسؤوليتها في هذا المجال تتسع لتشمل التعاون فيما بينها في سبيل تهيئة الوسائل والأسباب اللازمة لصنع تلك الأسلحة .

ثالثاً: إن استخدام أسلحة الدمار الشامل جائز شرعاً إذا بادر العدو باستخدامها أو إذا هدد بذلك أو غلب على الظن بأنه سيستخدمها، وهذا عملاً بالأدلة الشرعية العامة التي تبيح المعاملة بالمثل وعملاً بالقاعدة الشرعية القائلة : "الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف".  على أن يكون استخدامها بالقدر اللازم حجماً ونوعاً.

رابعاً: إن ارتباط الدولة الإسلامية بمعاهدة من معاهدات أسلحة الدمار الشامل يرتب عليها أحكاماً تختلف عما لو لم تكن مرتبطة بمثل هذه المعاهدات، سواء فيما يتعلق بالأفعال التي يجب القيام بها أو تلك التي يتحتم الانتهاء عنها، لذلك يجب أن يكون الباعث على الارتباط بمثل هذه المعاهدات و تحقيق مصلحة الإسلام والمسلمين، وأن تكون أحكام تلك المعاهدات موافقة لقواعد القانون الدولي الإسلامي ولمبادئ الشريعة الكلية.









الهوامش

1. الدكتور حامد سلطان : أحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية، طبعة دار النهضة العربية عام (1968م) القاهرة، ص 245، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : حامد سلطان : أحكام القانون الدولي.
2. الشيخ محمد رشيد رضا: تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار، الطبعة الثانية، دار المعرفة، بيروت، ج10، ص 63، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: الشيخ محمد رشيد تفسير المنار.
3. معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام : التسلح ونزع السلاح في العصر النووي، ترجمة محمود فلاحة، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، عام 1983م، ص 231، 278، 279، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: معهد ستوكهولم : التسلح ونزع السلاح .
وراجع خصائص ومميزات هذه الأسلحة في الصفحات التالية من هذا المرجع 138، 139، 206، 214، 2314، 245. وانظر ايضاٌ المراجع التالية :
- الدكتور محمد خير بنونه : القانون الدولي واستخدام الطاقة النووية ، الطبعة الثانية 1971 ، دار الشعب ، القاهرة ص 16-17 ، وسيشار اليه فيما بعد هكذا : محمد بنونه : القانون الدولي.
- معين احمد محمود : الاسلحة الكيماوية والجرثومية ، الطبعة الاولى سنة 1982 م ، دار العلم للملايين ، بيروت ، ص 7-22 ، 121-124 ، وسيشار اليه فيما بعد هكذا : معين احمد : الاسلحة الكيماوية والجرثومية .
4. حامد سلطان : أحكام القانون الدولي، ص 247-248.
5. سورة البقرة : الآية (208) .
6. سورة الحجرات : الآية (13).
7. سورة البقرة : الآية (193) .
8. الدكتور وهبه الزحيلي : آثار الحرب في الفقه الإسلامي، الطبعة الثانية، دار الفكر، ص 138، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الزحيلي : آثار الحرب، الدكتور محمود الديك: المعاهدات في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، طبعة مطابع البيان التجارية، دبي، ص 19 ، 29، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الديك : المعاهدات .
9. الدكتور علي صادق أبوهيف: القانون الدولي العام، طبعة عام 1993، منشأة المعارف بالاسكندرية، ص 780، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : أبوهيف: القانون الدولي.
10. الزحيلي: آثار الحرب : ص 126-128، أبو هيف: القانون الدولي، ص 780 .
11. راجع : الزحيلي : آثار الحرب، ص 130-137، الدكتور محمد علي الحسن: العلاقات الدولية في القرآن والسنة، الطبعة الثانية عام 1982م، مكتبة النهضة الإسلامية، عمان، ص 263-268، وسيشار اليه فيما بعد هكذا : الحسن : العلاقات الدولية، ظافر القاسمي: الجهاد والحقوق الدولية العامة في الإسلام، الطبعة الأولى عام 1982م، دار العلم للملايين، ص 145-153، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : القاسمي : الجهاد.
12. الإمام محمد ابو زهرة: تمهيد وتعليقات على كتاب السير الكبير للإمام محمد بن الحسن الشيباني المتوفى سنة 189هـ، طبعة جامعة القاهرة عام 1958م، ص 55، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : أبو زهرة: التمهيد والتعليقات .
13. سورة الأنفال : الآية (60).
14. عبد الكريم الخطيب : التفسير القرآني للقرآن، طبعة دار الفكر العربي، ج10، ص 649، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: الخطيب: التفسير القرآني.
15. القاسمي : الجهاد، ص250، الزحيلي : آثار الحرب، ص 140.
16. سورة الأنفال : الآية (60).
17. الشيخ محمد رشيد : تفسير المنار، ج10، ص 61.
18. الشيهد سيد قطب : في ظلال القرآن، الطبعة السابعة عام 1971م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج4، ص 48، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: سيد قطب: الظلال.
19. محمد بن عمر القرشي الشهير بالفخر الرازي ت (606 هـ) : التفسير الكبير، الطبعة الثالثة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج15، ص 185، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: الفخر الرازي : التفسير الكبير.
20. الدكتور فتحي الدريني : المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي في التشريع الإسلامي، الطبعة الأولى عام 1975م، دار الكتاب الحديث، دمشق، ص 523-524، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الدريني : المناهج الأصولية، الدكتور اسماعيل أبو شريعة : نظرية الحرب في الشريعة الإسلامية، الطبعة الأولى عام 1981م، مكتبة الفلاح، الكويت، ص 135، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : أبو شريعة: نظرية الحرب.
21. الدريني : المناهج الأصولية، ص 530، القاسمي : الجهاد، ص 242 .
22. محمد بن علي الشوكاني ت (1250هـ) : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، الطبعة الأولى عام 1985م، دار الكتب العلمية، بيروت، ج4، ص534، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الشوكاني : السيل الجرار .
23. راجع : محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام ت (681هـ) : شرح فتح القدير، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج5، ص 197، وسيشار اليه فيما بعد هكذا : ابن الهمام : شرح فتح القدير.أحمد بن محمد بن أحمد الدردير ت (1201هـ): الشرح الصغير، طبعة مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده عام 1952م، ج1، ص 356، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الدردير : الشرح الصغير. عبد الباقي الزرقاني: شرح الزرقاني على مختصر خليل، طبعة دار الفكر، بيروت، ج3 ص 113، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: الزرقاني : شح مختصر خليل . يحبى بن شرف النووي ت (676هـ) : روضة الطالبين وعمدة المفتين، الطبعة الثاني عام 1985م، المكتب الإسلامي، ج10 ص 244، وسيشار إليه فيما بعد هكذا :
24. النووي : روضة الطالبين
1) منصور بن ادريس البهوتي ت (1051هـ) كشاف القناع عن متن الاقناع ، طبعة دار الفكر عام 1982م ، ج 3 ص 48-49 وسيشار اليه فيما بعد هكذا ، البهوتي : كشاف القناع زين الدين الجبعي العاملي ت (965هـ) : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، الطبعة الثانية عام 1983م، دار إحياء التراث العربي ، بيروت، ج2 ، ص 392، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : العاملي : الروضة البهية.  أحمد بن حييى المرتضى الملقب بالمهدي ت (840هـ) : البحر الزحار الجامع لمذاهب  علماء الأمصار، الطبعة الثانية عام 1975م، مؤسسة الرسالةن بيروت، ج5 ص 398، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : المرتضى : البحر الزحار .
25. سورة البقرة : الآية (194) .
26. سورة النحل : الآية (126) .
27. سورة الشورى : الآية (40) .
28. أبو زهرة : التمهيد والتعليقات، ص 44 .
29. الحسن : العلاقات الدولية، ص 164 .
30. سورة البقرة : الآية (195) .
31. سورة المنافقون : الآية (8) .
32. الزرقاني : شرح مختصر خليل، ج3، ص 11، محمد عرفه الدسوقي ـ (1230 هـ) : حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، طبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، ج3، ص 177، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الدسوقي : حاشية.
33. المرتضى : البحر الزخار، ج5، ص 398، 400 ، الشوكاني : السيل الجرار ، ج 4، ص 534.
34. النووي : روضة الطالبين ، ج 10، ص 244، 245 .
35. المرجع السابق .
36. محمد بن محمود البابرتي ت (786 هـ) : شرح العناية على الهداية، مطبوع بهامش شرح فتح القدير لابن الهمام، ج5، ص 198، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : البابرتي : شرح العناية على الهداية، شمس الدين ابن أبي سهل السرخسي ت (682 هـ): المبسوط، طبعة دار المعرفة، بيروت، ج10، ص 31-32، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: السرخسي : المبسوط .
37. أبو محمد عبدالله بن قدامة ت (620 هـ) : الكافي في فقه الإمام أحمد، الطبعة الخامسة، عام 1988م، المكتب الإسلامي، ج4، ص 268، 269، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: ابن قدامة : الكافي .
38. الإمام أبو عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري (ت256 هـ) : صحيح البخاري، مطبوع مع فتح الباري بشرح صحيح البخاري للإمام أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت (852) هـ، الطبعة الاولى عام 1986 دار الريان للتراث ج 6 ، ص 170 كتاب الجهاد والسير ، (أهل الديار يبيتون) حديث رقم (3012)، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : البخاري: صحيح البخاري بهامش فتح الباري، وللشرح هكذا: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، الإمام مسلم بن حجاج النيسابوري ت (261هـ) : صحيح مسلم، مطبوع مع شرحه للإمام يحيى بن شرف النووي، طبعة دار الشعب – القاهرة، ج4، ص 342، كتاب (الجهاد والسير) باب (جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير عمد) حديث رقم (24)، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: الإمام مسلم: الصحيح، ولشرحه هكذا: النووي: شرح صحيح مسلم .
39. العاملي: الروضة البهية، ج2، ص 392.
40. ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، ج6، ص 174 .
41. ابن قدامة: الكافي، ج2، ص 270 .
42. محمد البناني: حاشية البناني على شرح الزرقاني، مطبوع بهامش شرح الزرقاني على مختصر خليل، ج3، ص 113، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : البناني : حاشية .
43. أبو الحسن علي بن محمد الماوردي ت (450 هـ) : الأحكام السلطانية والولايات الدينية، الطبعة الثالثة، مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ص 53.
44. البخاري: صحيح البخاري بهامش فتح الباري، ج6، ص 173، كتاب الجهاد والسير بأن (لا يعذب بعذاب الله) حديث رقم (3016) .
45. الشوكاني : السيل الجرار، ج4، ص 534.
46. الإمام مالك بن أنس ت (179 هـ) : الموطأ : الطبعة الثانية 1993م، المكتبة الثقافية، بيروت، ص 394، كتاب الجهاد باب (النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو) حديث رقم (10) .
محمد بن علي الشوكاني ت (1255 هـ) : نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، طبعة دار الجيل، بيروت، ج8، ص 74، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: الشوكاني : نيل الأوطار.
47. ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، ج6، ص 175، 173.
48. المرجع السابق .
49. البخاري : صحيح البخاري بهامش فتح الباري، ج7، ص 873، كتاب المغازي، حديث رقم (4031).
50. ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، ج6، ص 174، الشوكاني: نيل الأوطار، ج8، ص 76.
51. السرخسي : المبسوط، ج10، ص 31، ابن حجر العسقلاني : فتح الباري ، ج6، ص 179، الشوكاني: نيل الأوطار، ج8، ص 78 .
52. النووي : شرح صحيح مسلم، ج4، ص 343 .
53. البهوتي : كشاف القناع ، ج3، ص 49.
54. المترضى : البحر الزخار، ج5، ص 398 .
55. إبراهيم بن محمد بن مفلح ت (884هـ) : المبدع في شرح المقنع، الطبعة الأولى، المكتب الإسلامي، ج3، ص 319، وسيشسار إليه فيما بعد هكذا : ابن مفلح: المبدع .
56. الزرقاني : شرح مختصر خليل، ج3، ص 114.
57. البناني : حاشية، ج3، ص 114،.
58. الدسوقي : حاشية، ج3، ص 178.
59. الزرقاني : شرح مختصر خليل ، ج3، ص 114 .
60. العاملي: الروضة البهية، ج2، ص 392، محمد جواد مغنية: فقه الإمام جعفر الصادق، الطبعة الخامسة، دار الجواد، بيروت، ج2، ص 272، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : مغنية : فقه الإمام جعفر.
61. الدكتور علي الفقير : الإمام العز بن عبد السلام وأثره في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراة، ج2، ص 969.
62. أبو هيف: القانون الدولي، ص 811 ، 812، 842، 870، الدكتور محمد اللافي : نظرات في أحكام الحرب والسلم، الطبعة الأولى عام 1989م، ص 126-127، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: محمد اللافي: نظرات في أحكام الحرب والسلم، الدكتور محمد عبد الفتاح محمد اسماعيل : جهود الأمم المتحدة لنزع السلاح، مطبعة دار العالم العربي، القاهرة، ص 379-380، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: عبد الفتاح: جهود الأمم المتحدة لنزع السلاح، الدكتور سهيل حسين الفتلاوي : قانون الحرب وتطبيقاته في الحرب العراقية الإيرانية ، طبعة دار القادسية عام 1984، بغداد ، ص 72-74، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الفتلاوي : قانون الحرب.
63. محمد بنونه: القانون الدولي، ص 254-255، الفتلاوي: قانون الحرب، ص 133-134، الدكتور محمد مصطفى يونس : استخدام الطاقة النووية في القانون الدولي العام، الطبعة الأولى عام 1989م، دار النهضة العربية ، القاهرة، ص 13-14، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : محمد مصطفى : استخدام الطاقة النووية.
64. محمد بنونة : القانون الدولي، ص 253-254 .
65. المرجع السابق ، ص 244-249، عبد الفتاح ، جهود الأمم المتحدة لنزع السلاح، ص 379.
66. عبد الفتاح إسماعيل: جهود الأمم المتحدة لنزع السلاح، ص 379 .
67. محمود بنونة: القانون الدولي، ص 250.
68. الدكتور محمد طلعت الغنيمي: أحكام المعاهدات في الشريعة الإسلامية، منشأة المعارف بالاسكندرية، ص 12-15، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الغنيمي: أحكام المعاهدات .
69. أحمد بن محمد بن علي الفيومي ت (770هـ) : المصباح المنير، المكتبة العلمية، بيروت، ص 453 .
70. سورة التوبة : الآية (7).
71. سورة المائدة : الآية (1) .
72. سورة الأنفال : الآية (72).
73. محمد بن أحمد الشربيني ت (977هـ) : مغني المحتاج إلى معاني ألفاظ المنهاج، طبعة مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ج4، ص 260، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الشربيني: مغني المحتاج .
74. البهوتي : كشاف القناع، ج3، ص 111.
75. علاء الدين بن مسعود الكاساني ت (587هـ) : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الطبعة الثانية عام 1982م، دار الكتاب العربي، بيروت، ج7، ص 108.  وسيشار إليه فيما بعد هكذا : الكاساني : بدائع الصنائع .
76. راجع في أغراض المعاهدات وأنواعها : الديك : المعاهدات، ص 106 وما بعدها، الدكتور وهبه الزحيلي: العلاقات الدولية في الإسلام، الطبعة الأولى عام 1981م، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص 150 وما بعدها، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: الزحيلي : العلاقات الدولية، الدكتور عارف أبو عيد: العلاقات الخارجية في دولة الخلافة، الطبعة الأولى عام 1983م، دار الأرقم، الكويت، ص 294، وسيشار إليه فيما بعد هكذا: أبو عيد: العلاقات الخارجية.
77. الغنيمي : أحكام المعاهدات، ص 49-50، الحسن: العلاقات الدولية، ص 323، الدكتور محمد صادق العفيفي: الإسلام والمعاهدات الدولية، مكتبة الأنجلو المصرية، ص 52-53، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : العفيفي : الإسلام والمعاهدات الدولية، الدكتور أحمد أبو الوفا محمد : المعاهدات الدولية في الشريعة الإسلامية، طبعة عامة 1990، ص 12-20، وسيشار إليه فيما بعد هكذا : أبو الوفا : المعاهدات.
78. أنظر المراجع الواردة تحت الرقمين (76) ، (75) .
79. الغنيمي : أحكام المعاهدات ، ص 95.
80. أبو عيد : العلاقات الخارجية، ص 292، الحسن : العلاقات الدولية، ص 327، 360، العفيفي : الإسلام والمعاهدات الدولية، ص 162، الدكتور خالد رشيد الجميلي : أحكام الأحلاف والمعاهدات في الشريعة الإسلامية والقانون، نشر جامعة بغداد، ص 105 وما بعدها، وسيشار غليه فيما بعد هكذا : الجميلي : أحكام الأحلاف والمعاهدات .
81. الدسوقي : حاشية، ج2، ص 206.
82. الشربيني : مغنى المحتاج، ج4، ص 260-261.
83. البهوتي : كشاف القناع، ج3، ص 112.
84. سورة التوبة: الآية (4) .
85. الشوكاني : السيل الجرار ، ص 565 .
86. اسماعيل بن يحيى المزني ت (624 هـ) : مختصر المزني، مطبوع بهامش الأم، طبعة دار الشعب المصري، ج5، ص 201.
87. الكاساني : بدائع الصنائع، ج7، ص 109.
88. تقي الدين ابن تيمية الحراني ت (728 هـ) : الاختيارات العلمية، طبعة دار المنار عام 1988م، ج4، من مجموعة فتاوي ابن تيمية الكبرى، ص 188 .
89. أبو عبدالله محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم الجوزية ت (751 هـ): زاد المعاد في هدي خير العباد، الطبعة السابعة عام 1985م، مؤسسة الرسالة، ج5، ص 93.
90. المرجع السابق.
91. المرجع السابق، ج3، ص 146.
92. أبو زهرة، التمهيد والتعليقات، ص 92-98، الزحيلي: العلاقات الدولية، الصفحات 139، 148 ، 149، 158، الغنيمي ، أحكام المعاهدات ، ص 96-97.
93. سور الحجرات : الآية (13).
94. سورة النساء : الآية (94).
95. سورة النساء : الآية (90).
96. عبد الفتاح: جهود الأمم المتحدة لنزع السلاح، ص 19-34 .
97. المرجع السابق، ص 35، معين أحمد: الأسلحة الكيماوية والجرثومية، ص 17.
98. عبد الفتاح: جهود الأمم المتحدة لنزع السلاح، ص 198-202.
99. المرجع السابق، ص 85-118، ص 300-301، محمد مصطفى : استخدام الطاقة النووية، ص 14-18، معهد ستوكهولم: التسلح ونزع السلاح، ص 414-417.
100. صحيفة البلاد الأردنية، ص 6، العدد 90، تاريخ 28/9/1994م.
101. الحسن: العلاقات الدولية، ص 226، الزحيلي: العلاقات الدولية، ص 143، أبو الوفا: المعاهدات ، ص 69-75، أبو عيد: العلاقات الخارجية، ص 289-290.
102. عبد الفتاح : جهود الأمم المتحدة لنزع السلاح، ص 466-467.
103. سورة الأنفال : الآية (60).
104. محمد مصطفى : استخدام الطاقة النووية، ص 146-147 .
105. صحيفة الأسواق الأردنية، العدد (414)، تاريخ 9/11/1994م، السنة الثالثة.
106. صحيفة البلاد الأردنية، العدد (90) تاريخ 28/9/1994م.

تعليقات