القائمة الرئيسية

الصفحات



التجريم استنادا إلى العرف في القانون الدولي الجنائي، الدكتور محمد ثامر.









التجريم استنادا إلى العرف
 في القانون الدولي الجنائي


الأستاذ المساعد الدكتور
محمد ثامر مخاط
كلية القانون- جامعة ذي قار









                                    المقدمة
      تنحصر أهمية هذا البحث في اتجاهين , الأول محاولة اكتشاف الميزة الخاصة لركن الشرعية في القانون الدولي الجنائي واثر ذلك على النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية أو على بعض نصوص هذا النظام , والثاني الدور الذي يؤديه العرف في التجريم , بمعنى أخر إن هذا البحث يحاول الإجابة على سؤال في غاية الأهمية , هو هل إن القضاء الجنائي الدولي يستطيع إن يركن إلى قاعدة عرفية لتجريم سلوك المتهمين , وان كان ذلك يصح بالنسبة للتجريم فهل يصح بالنسبة للعقاب .
      إن اختلاف مفهوم ركن الشرعية في الفقه اللاتيني عنه في الفقه الانكلوسكسوني يشكل الصعوبة الأكثر تعقيدا التي واجهت البحث إذ إن هناك اختلاف واضح بين مدلول هذا المبدأ في كلا الفقهين , وإذا ما اتضح إن الكتب العربية التي تناقش موضوع ركن الشرعية في الفقه الانكليزي شحيحة جدا إن لم تكن منعدمة أضحت الصعوبة أكثر بأسا إذ يجب الاستعانة بالمصادر الأجنبية التي تحدد موقف هذا الفقه من هذا المبدأ وان هذا الأمر يصح حتى على مستوى البحوث أو مجرد التعليقات التي يمكن إن تتناول بالشرح والتأصيل والمقارنة موقف الفقه الانكلوسكسوني من هذا الموضوع كما يمكن القول إن تركيز الفقه الجنائي الدولي على شرح القانون الواجب التطبيق الوارد في المادة 21 وإهمال العلاقة بين تلك المادة والمادة 22 يشكل صعوبة أخرى تعترض البحث فعلى الرغم من الترابط الحتمي والوطيد بينهما لم يجرؤ الفقه على التماس هذا الترابط أو الوقوف على مدلول هذا الترابط الذي يشكل أثرا واضحا من أثار تبني الفقه لسمة مميزة لركن الشرعية .
       أسهبت معظم المصادر التي تناولت  ركن الشرعية في الحديث عن  مفهوم هذا الركن في القوانين الجنائية الداخلية وإبعاده ومبرراته وخلفيته التاريخية ولم تتطرق للمعنى المعاصر لهذا الركن في القانون الدولي الجنائي وحتى المصادر التي تناولت هذا الموضوع من جهة القانون الجنائي الدولي تناولته  بحذر شديد واكتفت في اغلب الأحيان باستعراض نصوص المواد وأحيانا الخلط بين القانون الواجب التطبيق والسمة المميزة لركن الشرعية .
      لقد حاول البحث جاهدا القضاء على  إشكالية مفادها هل إن الاستناد إلى العرف في التجريم يشكل خروجا عن ركن الشرعية أم إن هذا الخروج هو تعديل لركن الشرعية لكي يتلاءم مع طبيعة القانون الدولي العام الذي يشكل القانون الدولي الجنائي جزء منه وإذا تم التسليم بالخروج أو التعديل فما هو اثر ذلك على الضمانات القضائية الجنائية للمتهم التي تعد ركيزة أساسية من ركائز حقوق الإنسان .
     استند البحث إلى فرضية واحدة عززها بالأدلة والأسانيد وأراء الفقهاء وقرارات المحاكم الجنائية الدولية وعرض للحجج والبراهين والأدلة التي تأتي في النهاية لصالح الفرضية التي ساقها البحث والتي تتعلق بالسمة المميزة لركن الشرعية في القانون الدولي الجنائي وإمكانية الاستناد إلى العرف في التجريم والعقاب .
      إن الإحاطة بالموضوع والدراسة الشاملة له تقتضي تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث يتناول المبحث الأول الميزة الخاصة لركن الشرعية في القانون الدولي الجنائي , والثاني الأثر الذي تتركه هذه السمة على المادتين 21 و 22 من النظام الأساس  بعد تلكم المادتين أكثر تعلقا بهذا الركن ثم حاول البحث الوقوف على الفيصل في حقيقة هذه الميزة وهو دور العرف في التجريم وبناء على ذلك تم تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث :-

المبحث الأول – الطابع الخاص لركن الشرعية في القانون الدولي الجنائي .
المبحث الثاني – اثر الطابع الخاص لركن الشرعية على المادتين 21 و22 من النظام الأساس .
المبحث الثالث – العرف كمصدر للتجريم .



















المبحث الأول

الطابع الخاص لركن الشرعية في القانون الدولي الجنائي

    سوف يتناول هذا المبحث ركن الشرعية في ثلاثة مطالب , الأول ماهية ركن الشرعية ومبرراتها , والثاني السمة المميزة لركن الشرعية  , والثالث ركن الشرعية في محاكما ت نورمبرغ .



المطلب الأول
ماهية الشرعية ومبرراتها

       سوف يركز هذا المطلب على تحديد مفهوم الشرعية بشكل موجز ثم الاطلاع على أخر المستجدات في الفقه والقضاء منه وذلك في فرعين , الأول لتعريف ركن الشرعية , والثاني لتحديد مبرراتها .

الفرع الأول
تعريف ركن الشرعية
       ستقتصر الدراسة هنا على ماهية ركن الشرعية ذاته دون الالتفات إلى النتائج التي تترتب  عليه وهي تفسير نصوص التجريم أو عدم رجعية نصوص التجريم ونطاق تطبيق نصوص التجريم من حيث المكان . لان هذه النتائج سوف تتغير حتما وتأخذ طبيعة مميزة استنادا إلى ركونها إلى العرف ومبادئ القانون العامة وهو ما يعطيها طبيعة خاصة  ومن مراجعة كتب الفقه الجنائي يتبين إن ركن الشرعية يمكن حصره  بنقطتين :-
الأولى : حصر التجريم بالنص المكتوب .
 الثانية : استبعاد العرف والمبادئ العامة للقانون أو بشكل اعم استبعاد أي مصدر أخر من مصادر القانون غير التشريع .كما إن المبدأ بذاته يمكن شطره من جهة أخرى إلى شطرين :-
الأول – لا جريمة إلا بنص .
الثاني – لا عقوبة إلا بنص .

   وإذا كان الجزء الأول من مبدأ الشرعية قد خضع لاعتبارات فقهية ونصوص اتفاقية واسعة الجدل بشأنه فان الجزء الأخر من المبدأ والمتضمن الإقرار بان لا عقوبة إلا بنص يكاد يخضع لذات الجدل ولعل الجدل يبدأ من اتفاقية لندن لسنة 1945 ومرورا بميثاق نورمبرغ الذي أهمل هذا المبدأ صراحة في المادة 27 منه حيث منح المحكمة سلطة الحكم بأي عقوبة ترى أنها عادلة[1],كما أشارت المادة 23 إلى عدم جواز عقاب أي شخص تقوم المحكمة بإدانته بارتكاب إحدى الجرائم الداخلة في اختصاصها إلا وفقا لنظامها الأساس. وقد تضمن نص كل من المادتين 77 و78 من النظام الأساس القواعد العامة الأساسية للعقوبات الواجبة التطبيق بموجب هذا النظام إضافة للقواعد العامة الأساسية الواجب إتباعها عند فرض هذه العقوبات ولم يتضمن النظام عرضا تفصيليا للحدود الدنيا والقصوى في عقاب كل من الجرائم الثلاث التي تدخل في اختصاصا المحكمة , الأمر الذي كان متعذرا مع العدد الكبير لهذه الجرائم[2] ويقترح جانب من الفقه إطلاق تسمية الشرعية الجنائية بدل مبدأ الشرعية مبررا ذلك بالقول إن هذا المبدأ لا يقتصر على العقوبات بل يمتد ليشمل العقوبات والتدابير الاحترازية ومن ثم لا يجوز للقاضي إن يقضي بغير التدابير التي نص عليها المشرع  كما يغطي أيضا قواعد أصول المحاكمات الجزائية فلا يجوز اتخاذ إجراء من الإجراءات المتعلقة  بملاحقة المتهم والتحقيق معه ومحاكمته غير تلك التي حددها المشرع في قانون أصول المحاكمات الجزائية أو القوانين المكملة له[3] ويثير ركن الشرعية حتى على المستوى الداخلي الكثير من الجدل فهناك العديد من الفقهاء ممن يرى إن للجريمة ركنين فقط هما الركن المادي والركن المعنوي ولا حاجة لاعتبار النص الذي يسبغ التجريم على الفعل المجرم ركنا فيها لأن ذلك النص خالقا للجريمة وليس ركنا فيها[4].

الفرع الثاني
مبررات ركن الشرعية
     يسوق الفقه تبريرات عديدة لمبدأ الشرعية غير إن أسس هذا المبدأ يمكن حصرها في اتجاهين , الأول يقوم على أساس اعتبارات العدالة إذ ليس من العدالة في شيء  معاقبة شخص على فعل لم يسبقه المشرع بتجريمه , والثاني يستند إلى خلفيات تاريخية وسياسية مردها إنكار الصفة المطلقة التي كان يتمتع بها القضاة في التجريم والإباحة وما يعزز ذلك من سلطة التحكم بتجريم التصرفات والسلوك أو إسناد العقوبات لها[5] .غير إن التبريرات التي يمكن إن تساق في إطار القانون الجنائي الدولي تتركز بشكل أساس إلى حماية الحقوق والحريات الفردية كما انه يعمل على إنذار الإفراد أولا فيما هو محظور عليهم ارتكابه من الأفعال فلا يفاجئون بأمور تقيد من حرياتهم وتنال من حقوقهم[6] .
   ذلك أن عدم اصطدام تصرف الفاعل بنص تجريم يجعل من المستحيل إضفاء الطابع ألجرمي على تصرفه ومع التسليم أن نص التجريم لا يمكن اعتباره عنصرا في الجريمة ، لكن الصفة الجرمية للتصرف لا يمكن إغفالها . فالتصرف لا يمكن أن يبلغ مبلغ الجريمة إلا أذا تولد شعور قانوني لدى الجماعة ( وطنية كانت أم دولية ) بأن واقعة ما أضحت مصدر تهديد لا منها ومصالحها ، فينتقل هذا الشعور إلى عالم القانون ، هذا الشعور أو الصفة الجرمية للواقعة هو الذي يدخل في العناصر المكونة للجريمة ، أما بالنسبة لنص التجريم فهو عنوان أو مظهر لهذا الشعور يستدل به على الصفة الجرمية للتصرف ، لهذا فأن عدم المشروعية لا يمكن حذفه من قائمة العناصر الأساسية في الجريمة . والحال نفسه بالنسبة للجرائم الدولية مع فارق بسيط وهو أن تلك الجرائم تجد مصدر تجريمها في نص اتفاقي أو في أصل عرفي .[7]
كما أن أهمية هذا المبدأ تبرز من جهة أخرى في تدعيم فكرتي العدالة والاستقرار بسيادة القانون وأخيرا فأن لهذا المبدأ دور وقائي من الجريمة وهو الهدف الاسمي للسياسية الجنائية في حين ينتقد معارضو هذا المذهب في أنه يقف حائلا دون مواجهة الأفعال الخطرة التي تلازم التطور وفي أمكانية الاستفادة من التقدم العلمي والفني فقد يفرز التقدم العلمي والتطور التكنولوجي أفعال تنال من الأمن والسلم لا يستطيع القاضي تجريمها والعقاب عليها احتراما لمبدأ الشرعية كما أن الدراسات الحديثة أثبتت ما يسمى بمبدأ تقرير الجزاء الجنائي أي دراسة خطورة المجرم استنادا إلى شخصيته أكثر من التركيز على فعله حيث يترتب على تطبيق هذا المبدأ اختلاف الجزاء نوعا ومقدارا بالنسبة للفعل الواحد تبعا لخطورة كل من ساهم في ارتكابه .[8]
يميل الفقه الجنائي المعاصر في انكلترا إلى ضرورة تقنين القانون الجنائي بشقيه الموضوعي و الإجرائي ويشيدون بالتشريعات التي صدرت بهذا الشأن خصوصا : ـ
1 ـ قانون الإجراءات الجنائية لسنة 2002 .
2 ـ قانون سياسة الإصلاح لسنة 2002 .
3 ـ قانون العدالة الجنائية لسنة 2003 .[9]
على الرغم من أن المادة 11 الفقرة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 كانت قد نصت على أن (( لا يدان أي شخص من جراء أوامر عمل أو الامتناع عن أداء عمل ألا أذا كان ذلك يعتبر جرما وفقا للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب . . )) كما أن المادة 99 من اتفاقية جنيف الثالثة كانت قد نصت على (( محاكمة أسرى الحرب أو الحكم عليه عن جرم لا يحظره قانون الدولة الحاجزة أو القانون الدولي الذي يكون نافذا وقت اقتراف الجرم )) .إلا إن مراجعة بعض النصوص المتعلقة بالضمانات القانونية والقضائية للإنسان الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 أو في بعض الاتفاقيات الإقليمية تبيح التجريم استنادا إلى أسس أخرى غير التشريع كالمادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 التي نصت الفقرة الثانية منها على (( ليس في هذه المادة ما يحول دون محاكمة أو معاقبة أي شخص عن أي فعل أو امتناع إذا كان ذلك يعتبر وقت ارتكابه تصرفا جرميها طبقا للمبادئ العامة المعترف بها من قبل الأمم المتحضرة ))[10]وجاءت المادة الخامسة من مشروع تقنين الجرائم ضد امن وسلم البشرية الذي وضعته لجنة القانون الدولي بنص مماثل يمنح المحكمة سلطة اختيار العقوبة عند محاكمة المتهم بارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في التقنين أخذة  في الاعتبار خطورة الجريمة )) ومع ذلك فغلبة المذهب الاشتراكي شكلت هي الأخرى إيذانا بتراجع هذا المبدأ مع تزايد الدعوات لتغليب المصلحة الجماعية على مصلحة الفرد حيث تجاهلت قوانين عديدة هذا المبدأ منها القانون الجنائي الروسي الصادر في 1927 والقانون الألماني الصادر في 1935 وهذا يعني إن مبدأ الشرعية لا يمكن عده مبدأ مطلقا في التشريعات المعاصرة بل يجوز تجاهله لمصلحة الفرد تارة ولمصلحة الجماعة تارة أخرى .[11]


المطلب الثاني
عوامل تميز ركن الشرعية

       يمكن حصر هذه العوامل باتجاهين الأول يعود إلى التداخل بين القواعد القانونية وعدم إمكان تفردها بصفة معينة والثاني غياب سلطة التشريع المركزية على مستوى القانون الدولي الجنائي ويمكن دراسة كل عامل من هذه العوامل بفرع مستقل.

الفرع الأول
التداخل بين القواعد القانونية
     قد يقال إن الغموض الذي يكتنف عنصر التجريم في القانون الدولي الجنائي يتماشى مع ما يطلق عليه ألان الغموض الايجابي أي الوسائل الدبلوماسية التي يتم من خلالها تجاوز الاختلافات بين وجهات النظر المختلفة أو احتوائها .[12]لقد أثار اعتماد المبدأ خاصة فيما يتعلق بالشق الأول منه  (( لا جريمة إلا بنص )) كثيرا من النقاش في اجتماعات اللجنة التحضيرية وخاصة انه يسير جنبا إلى جنب مع المبدأ القانوني القائل بعدم جواز الاستناد إلى العرف كمصدر للتجريم مما يعني وجوب التنسيق بين مبدأ لا جريمة إلا بنص وفكرة عدم الاعتماد على العرف لا نشاء القاعدة القانونية الدولية وهو الذي يعد أهم مصادر القانون الدولي وخاصة انه لم يكن ممكن للدول المختلفة إن تقبل الانضمام للنظام الأساس للمحكمة بدون إن يتضمن الإشارة لمبدأ لا جريمة إلا بنص وما يستتبعه من عدم جواز القياس مخافة إساءة المحكمة للسلطات المناطة بها .[13] إن القانون الدولي الجنائي لا ينكر مبدأ الشرعية ولكنه يقره بطريقة مختلفة تبعا لاختلاف طبيعة قواعد القانون الدولي عن طبيعة قواعد القانون الداخلي وبالتالي فا ن مبدأ الشرعية في إطار القانون الدولي إنما يوجد بصورة تتفق مع طبيعة قواعد هذا القانون وهذه الصورة تعني إن الفعل لا يشكل جريمة إلا إذا  ثبت خضوعه لقاعدة من قواعد القانون الدولي تقرر له هذه الصفة ولا يتطلب إن تأخذ هذه القاعدة شكلا معينا بل يكفي مجرد التحقق من وجودها ولذلك  يمكن التعبير عن مبدأ الشرعية في القانون الدولي بالإشارة إلى انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قاعدة قانونية [14]
إذ إن السمة العرفية لقواعد القانون الدولي ألقت بضلالها على ركن الشرعية فحولته من مبدأ يستند أساسا إلى الكتابة والشكلية إلى مبدأ ذو صفة عرفية بحسب الأصل في قواعد القانون الدولي العام حيث لا وجود لفكرة الجريمة الدولية في نصوص مقننة  وإنما يمكن الاهتداء إليها عن طريق استقراء ما تواتر عليه العرف الدولي وحتى التسليم بوجود هذه القواعد في اتفاقيات دولية ومواثيق وأنظمة للمحاكم الدولية فان أساس هذه القاعدة والوجه الأول لظهورها مرده العرف الدولي وينحصر دور تلك المواثيق كونها كاشفة ومؤكدة ومقننة لما استقر من تلك القواعد العرفية.[15]أضف إلى ذلك إن مفهوم القاعدة العرفية أو مفهوم القاعدة الناشئة من مبادئ القانون العامة في القانون الدولي الجنائي تتخذ طابعا أخر قائما على أساس إن الدول عندما ترغب في إعطاء قاعدة معينة نظرا لأهميتها أو مخافة انتهاكها مجالا واسعا في التطبيق فإنها تطلق عليها وصف القاعدة العرفية وكذلك الحال مع أي مبدأ أخر إذا توافر فيه السببان حتى إن بعض القواعد التي تجد أساسها في نص مكتوب يصر الفقه على القول أنها دخلت العرف الدولي أو أنها تحولت إلى عرف دولي رغبة في إن يمتد عنصر الإلزام الذي يسودها إلى دولا لم توقع على النص المكتوب وبالتالي فان اعتماد هذه الحقيقة يؤكد انحراف معنى العرف الدولي من معناه التقليدي إلى معنى جديد يقوم على رغبة المجتمع الدولي في امتداد عنصر الإلزام.

الفرع الثاني
غياب سلطة التشريع المركزية

       لعل افتقار المجتمع الدولي لوصف المشرع الواحد أو المشرع المركزي هو الذي أغدق صفة الخصوصية على ركن الشرعية في القانون الدولي الجنائي ذلك إن النصوص الاتفاقية ذاتها حتى وان حظيت بنسبة عالية من المصادقة فإنها لانعكس إلا اتجاها توافقيا لوجهات نظر متباينة[16]فالفقه الجنائي الدولي حينما يحاول استظهار إحكام القانون الدولي فهو لا يبحث عنها في النصوص المكتوبة وحدها , ولكنه يهتم أولا بتحديد النحو الذي جرت وفقا له العلاقات بين الدول واستقرت عليه ويجتهد في استخلاص القواعد العرفية التي نشأت بذلك والى جانب العرف الدولي فهناك مصادر أخرى تكمل العرف وتحدده وشان الفقه في ذلك شأن القضاء الجنائي الدولي فحينما يطلب من القاضي تحديد الصفة الإجرامية لفعل ما فهو يبحث عن قواعد التجريم في العرف الدولي أولا ثم في مصادر القانون الدولي الأخرى فأن تأكد له خضوع الفعل لهذه القواعد اعترف له بهذه الصفة الإجرامية دون إن يعنيه إذا كانت القواعد قد أفرغت في شكل مكتوب أو بأي صورة أخرى فركن الشرعية يعني إن الفعل لا يعد جريمة إلا إذا ثبت خضوعه لقاعدة من قواعد القانون الدولي تقرر له هذه الصفة دون الإصرار على إن تتخذ هذه القاعدة شكلا مكتوبا بل الاكتفاء بمجرد التحقق من وجودها غير إن احترام هذا الركن قد يتضح بصورة أخرى مفادها إن القاضي الدولي لا يستطيع إن يعتبر الفعل جريمة إذا تبين له انه لا يناقض أية قاعدة دولية ولكن ليس مخالفة أي قاعدة دولية هي مناط التجريم بل المعيار هو الاختلاف في مقدار الأهمية ومقياس هذه الأهمية  هو قيمة الحق أو المصلحة التي تحميها القاعدة القانونية بالنسبة للمجتمع الدولي وهنا يبرز أيضا دور القاضي الدولي في تحديد هذه الأهمية فنص التجريم لا ينشئ الصفة الإجرامية ولكنه يكشف عنها [17] الأمر الذي يبيح مرة أخرى الخروج عن مبدأ الشرعية الذي وجد أصلا لانتزاع سلطة التجريم من يد القضاء .


المطلب الثالث

ركن الشرعية في محاكمات نورمبرغ

      على الرغم من إن الفترة التي ظهرت فيها محاكمات نورمبرغ كانت فترة بدائية في تكوين القانون الجنائي الدولي إلا إن أسلوب المحكمة وميثاقها قد تعرض لانتقادات فيما يتعلق بموقفها من ركن الشرعية في الجريمة الدولية كما إن هذه الانتقادات هناك من يعطيها المبرر والمسوغ ولذلك سوف نحدد هذه الانتقادات في الفرع الأول ونعرض لحجج الرد في الفرع الثاني .

الفرع الأول

الانتقادات الموجهة للمحكمة

  كانت قضية انتهاك مبدأ الشرعية  في محاكمات نورمبرغ واحدة من أكثر المسائل جدلا إذ إن معظم لوائح الدفاع استندت إلى انعدام ركن الشرعية بمعنى انه ليس هناك قانون يجرم على سبيل التحديد تلك الأفعال ولكن المحكمة رفضت هذه الحجة مدعية انه ليس بالضرورة إن يكون الفعل مجرما وفق نص مسبق مادام مخالفا لكل المواثيق الدولية وكان بالإمكان اكتشاف طبيعته الجرمية استنادا لمخالفته لتك المواثيق واستنادا أيضا إلى انه يشكل فعلا ضارا[18]ومن جملة الانتقادات التي وجهت لمحاكمة نورمبرغ فيما يتعلق بركن الشرعية أنها أهملت القانون الواجب التطبيق وهو القانون الألماني والذي يحدد على سبيل الحصر الجرائم التي يعاقب عليها والجرائم والمحددة لها وطبقت بدلا عنه النظام الأساسي لها .[19]
وكذلك من الانتقادات التي واجهتها المحكمة حتى مع التسليم بالتزامها باتفاقية لندن وتجريم تلك الأفعال استنادا إلى نص مكتوب في تلك الاتفاقية فأنها لم تلتزم نتائج مبدأ الشرعية ومن ضمنها التقيد بعدم تفعيل النصوص التجريمية بأثر رجعي وعدم شمولها كافة المتهمين بل تم التركيز على فئة معينة واستطاع الكثير من المتهمين التخلص من ملاحقة المحكمة بالفرار أضف إلى ذلك أن بعض العقوبات كانت تافهة .[20]
ويذكر أن المادة السادسة الفقرة ب من النظام الأساس للمحكمة العسكرية في نورمبرغ كانت تنصص على أن جرائم الحرب هي مخالفة قوانين وعادات الحرب ، وهي تشمل على سبيل المثال لا الحصر(( أفعال القتل وسوء المعاملة )) . . . وهذا يعني أن هذه المادة خرجت عن مبدأ الشرعية بشقيه أذا  أنها سمحت للمحكمة بالقياس على الأفعال المجرمة ولم تحصرها كما هي من ضرورات عنصر التقيد في ركن الشرعية كما أنها سمحت للمحكمة بأن تجري عقوباتها وفق منهج القياس ذاته .


الفرع الثاني
رد الانتقادات الموجهة للمحكمة

     أولى التبريرات التي سيقت بشأن تبرير سلوك المحكمة إزاء مبدأ الشرعية هي أن الأفعال التي تقوم بها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية هي من قبيل أفعال القتل والضرب والجرح والخطف والحبس والحريق والإتلاف وهي أفعال تجرمها القوانين الجنائية الوطنية في الأمم المتمدنة ومن بينها بطبيعة الحال القانون الألماني كما نلاحظ أن من القواعد المستقرة في الفقه والقضاء الألمانيين أن الجنود لا يستفيدون من سبب إباحة حين يباشرون العمليات الحربية ألا أذا كان سلوكهم متفقا مع القواعد الدولية التي تنظم سير الحرب فإذا خرجوا عليها قامت مسؤولياتهم الجنائية الكاملة .[21]
   كما قيل أيضا إن مبدأ المشروعية في القانون الجنائي الدولي يعني أذا قرر القانون الدولي لفعل معين الصفة غير المشروعية وكان هذا الفعل مشروعا طبقا للقانون الداخلي تغلبت في هذا التنازع القواعد الدولية وتعين التسليم للفعل بالصفة غير المشروعة .[22]
ونظرا لما يمتاز به ركن الشرعية من طبيعة خاصة في فقه القانون الجنائي الدولي لذا يذهب جانب كبير من فقهاء هذا القانون إلى الدعوة إلى الاستغناء عن ركن الشرعية في أطار هذا القانون والاكتفاء بتحديد الجريمة الدولية بثلاثة أركان هي الركن المادي والركن المعنوي والركن الدولي .[23] مبررين ذلك أولا بأن ركن الشرعية أو نص التجريم هو الوعاء الذي يحدد أركان الجريمة وبالتالي فهو ليس ركنا فيها بل هو سابق في الوجود عليها وبغيره لا يمكن القول أننا أمام جريمة بالمعنى القانوني للكلمة .[24]  وثانيا بأن القواعد التي تعاملت مع هذا الركن اتسمت بطابع المرونة ودخلت فيما يدعى في الفقه الدولي المعاصر soft law .[25] وهي سمة تحتاج التوقف كثيرا إذ ليس من المعقول أن يدخل جزء من هذا القانون في أطار هذا النوع من قواعد القانون الدولي .
        وقد سبق للجنة القانون الدولي الإشارة إلى مبدأ الشرعية حين اقترحت في المادة 39 من التقنين الدولي ـ قانون الشعوب ـ ما يلي (( لا يعد الشخص مسئولا جنائيا بناء على هذا القانون : ـ
1 ـ أذا ما أتهم في جريمة من تلك الجرائم التي تنصص عليها المادة ( 20 / أ ـ ج ) ولم يشمل الفعل جريمة طبقا للقانون الدولي .
2 ـ أذا ما أتهم في جريمة من تلك المنصوص عليها في المادة ( 20 / ه ) ولم يكن هناك تطبيق للاتفاقية الخاصة على الفعل وقت حدوث الجريمة .
    وقد رأى البعض أن صياغة مبدأ الشرعية على هذا النحو يشوبه الغموض وعدم الدقة الأمر الذي يثير الخلاف على بعض الأوصاف والصياغات ويثير القلق لدى الفقه الجنائي خاصة عند تحسس الرغبة لدى البعض بعدم احترام هذا المبدأ .[26]  
















                                         المبحث الثاني

                    اثر الطابع المميز لركن الشرعية على
                    المادتين 21 و22من النظام الأساس
  


     قد يكون لركن الشرعية بميزته الخاصة اثر على العديد من نصوص النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية ولكن البحث سيقتصر هنا على اثر هذه السمة على نص المادتين 21 و22وايضا على العلاقة بينهما , وعليه سيكون هذا المبحث بثلاثة مطالب يخصص المطلب الأول لأثر هذه السمة على المادة 21 والمطلب الثاني لأثرها على المادة 22 والمطلب الثالث لأثرها على العلاقة بين تلكما المادتين .


المطلب الأول

اثر السمة المميزة لطابع الشرعية على المادة 21

     حددت المادة 21 من النظام الأساس مصادر القاعدة القانونية التي تطبقها المحكمة الجنائية الدولية على ما يعرض عليها من جرائم دولية تدخل في اختصاصها وقد نصت المادة على ما يلي :-
1-     تطبق المحكمة :
أ‌-       في المقام الأول هذا النظام الأساسي وأركان الجرائم والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات الخاصة بالمحكمة .
ب‌-  - في المقام الثاني , حيث يكون ذلك مناسبا , المعاهدات الواجبة التطبيق ومبادئ القانون الدولي وقواعده بما في ذلك المبادئ المقررة في القانون الدولي للمنازعات المسلحة .
ت‌-  - وإلا , فالمبادئ العامة للقانون التي تستخلصها المحكمة من القوانين الوطنية للنظم القانونية في العالم , بما في ذلك , حسبما يكون مناسبا , القوانين الوطنية للدول التي من عادتها إن تمارس ولايتها على الجريمة , شريطة إن لا تتعارض هذه المبادئ مع هذا النظام الأساسي ولا مع القانون الدولي , ولا مع القواعد والمعايير المعترف بها دوليا .
2-     يجوز للمحكمة  إن تطبق مبادئ وقواعد القانون كما هي مقررة في قراراتها السابقة .
3-      يجب إن يكون تطبيق وتفسير القانون عملا بهذه المادة متسقين مع حقوق الإنسان المعترف بها دوليا , وان يكونا خاليين من أي تمييز ضار يستند إلى أسباب مثل نوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3 من المادة 7 أو السن أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو المعتقد أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو ألاثني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع أخر.
ومفاد هذا النص وجود ثلاثة منابع أصلية تستقي منها المحكمة القواعد التي تطبقها وهذه المنابع مرتبة تدريجيا بمعنى إن يكون الأخذ منها أو الرجوع إليها حسب الترتيب الذي أوردته المادة 21 فلا يلجأ إلى المنبع الثاني قبل اللجوء إلى المنبع الأول ولا إلى الثالث قبل استنفاذ الثاني والى جانب هذه المنابع الأصلية يوجد منبع استدلالي يجوز للمحكمة إن تسترشد به[27] ويلاحظ إن لفظ الاتفاقيات الدولية الواجبة التطبيق الذي أشارت له المادة 21 يشمل مصادر متنوعة لكنها في حقيقتها اتفاقيات دولية بما في ذلك القرارين 827 في 2003 والقرار 955 في 2004 الصادرين من مجلس الأمن[28] أو بعبارة أخرى إن القانون الواجب التطبيق في المقام الأول هو نظام روما الأساسي وأركان الجرائم و القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات وهو مصدر رئيسي أو أساسي ثم تأتي المصادر المكملة ويمكن إجمالها بمصدرين رئيسين هما قواعد القانون الدولي والمبادئ العامة المستخلصة من القوانين الوطنية للنظم القانونية في العالم[29] ويجوز للقضاة بعد اعتماد القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات في الحالات العاجلة التي يوجد فيها نص في تلك القواعد على حالة محددة معروضة على المحكمة إن يضعوا بأغلبية الثلثين قواعد مؤقتة تطبق لحين اعتمادها أو تعديلها أو رفضها في الدورة العادية أو الاستثنائية التالية لجمعية الدول الإطراف ولابد إن تكون القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات وأية قواعد مؤقتة يتم وضعها متسقة مع النظام الأساسي ولا تطبق أية تعديلات يتم اتخاذها بشكل رجعي يضر بالشخص محل التحقيق أو المحاكمة وفي حالة النزاع بين النظام الأساسي والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات يعتد بالنظام الأساسي[30] إن ما يلفت النظر وجود عدد من الإحكام القانونية في المادة 21 على نحو يتسم بالمرونة المفرطة أو الغموض الذي لا يتلاءم مع وجوب وضوح النصوص الجنائية من ذلك ما نصت عليه الفقرة الفرعية ب من الفقرة 1 من المادة 21 المذكورة التي تسمح للمحكمة الجنائية الدولية إذا لم تجد في نظام روما الأساسي نصا أيضا واجب التطبيق إن تطبق المعاهدات الدولية ومبادئ القانون الدولي وقواعده ثم ذهبت الفقرة الفرعية ج من الفقرة 1 من المادة 21 ذاتها إن ترجع المحكمة بعد ذلك إلى المبادئ العامة للقانون  التي تستخلصها المحكمة من القوانين الوطنية للنظم القانونية في العالم بما في ذلك القوانين للدول التي من عادتها إن تمارس ولايتها على الجريمة . ومهما قيل بشان مبررات تعدد مصادر النص الجنائي الدولي فان مبررات وجوب عدم المساس بمبدأ الشرعية للنص الجنائي الوطني والدولي معا يبقى اقوي وأكثر شرعية وعدالة وان مما يمكن إن يقال عن القانون الواجب التطبيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية على النحو الوارد في المادة 21 من نظام روما الأساسي انه مفرط في المرونة وغامض إلى الحد الذي لا يتفق مع مبدأ الشرعية ويشكل خطرا حقيقيا على حقوق وحريات الإفراد بشكل عام والمتهمين إمام هذه المحكمة بشكل خاص [31] ويبدو إن هناك احتمال أخر للتعارض قد ينشأ بين مصادر القانون الواجب التطبيق في المادة 10 والأوجه الخاصة للمادة 21 وطبقا لقواعد تفسير معاهدة فيبنا لقانون المعاهدات لسنة 1969 فان قصد الإطراف هو المعول عليه وفي هذه الحالة فان الإطراف لم يقصدوا إن يحددوا مصادر القانون الدولي المشار إليها في المادة 10 والواردة في المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وبناء على ذلك فان التحديد الوارد في المادة 21 يخضع لعمومية المادة 10 بسبب قصد من صاغوها ( وإذا لم تكن الحالة كذلك فان التحديد الوارد في المادة 21 قد يقيد العمومية الواردة في المادة 10 ) وقد ينشأ تعارض أخر بين المادة 21 والمادة 9 بشأن عناصر الجريمة ذلك إن المادة  21 تدرج عناصر الجريمة كمصدر للقانون واجب التطبيق بينما تذكر المادة 9 على وجه التحديد إن عناصر الجريمة يجب إن تساعد المحكمة في تفسير وتطبيق المواد 6و7 و8  ويجب ملاحظة إن عناصر الجريمة (( التي تساعد المحكمة )) يحب إن تعتبر مصدر للقانون الذي يمكن تطبيقه بطريق تعدل من إحكام النظام الأساسي  (( المادتين 6و8 ))ويجب تبني عناصر الجريمة من قبل جمعية الدول الإطراف وفقا للمادة 112 في جلستها الأولى بعد سريان المعاهدة وبصفة عامة فان جمعية الدول الإطراف لا يمكن إن تعدل من النظام الأساسي عن طريق تبني عناصر الجريمة حيث إن تعديل النظام الأساسي يتطلب أغلبية ثلثي الحاضرين والذين لهم حق التصويت بشرط وجود الأغلبية المطلقة من الدول الإطراف الذين يشكلون النصاب القانوني للتصويت كما ورد في المادة [32]112 لقد حظيت صياغة المادة 21 التي حددت القانون الواجب التطبيق بنقاشات عديدة  تركزت على وجوب صياغة مفردات هذه المادة بدقة متناهية ذلك لان من شأن هذه الصياغة الخيارات التي قد تبدو مرنة وغامضة وصعبة من حيث قابليتها للتحديد من الخيارات الأخرى المتاحة إمام المحاكم الجنائية الوطنية التي غالبا ما تكون أكثر قابلية للتحديد من قبل المشرع الوطني ولا سيما بالنسبة للقانون الجنائي وبالأخص بالنسبة إلى قواعد التجريم والعقاب إذ يكون التشريع هو المصدر الوحيد لها[33] إن النص في المادة 21 على منح المحكمة سلطة الفصل في النزاع استنادا إلى تطبيق المبادئ والقواعد القانونية التي أخذت بها في قراراتها السابقة تفتح المجال إمام فكرة السوابق القضائية في إن تجد مجالا للتطبيق على عكس الحال بالنسبة لمحكمة العدل الدولية والذي ينصص نظامها الأساسي على ذلك صراحة[34] بل إن المادتين 59 و 38 من نظامها الأساسي تمنع صراحة الأخذ بفكرة السوابق القضائية وهذا بحد ذاته يشكل مفترق طرق أخر بين مصادر كل من النظامين [35].
إن إجراء مقارنة بين صياغة هذه المادة و صياغة المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية- على أساس إن كلا المادتين حددتا القانون الواجب التطبيق وبالتالي مصادر كلا القانونين – تكشف عن الفرق الواضح بين دقة الصياغة التي اتسمت بها المادة 38 والغموض واللبس الذي اعترى المادة 21 وحتى لوسلمنا بالانتقادات التي يسوقها الفقه الدولي المعاصر  للمادة 38 والقائمة على أساس إن هذه المادة غير ملمة  بكل مصادر الالتزام الدولي خصوصا ما يتعلق منها بالمصالح المشتركة والاعتبارات الإنسانية فأن المعادلة تبقى لصالح المادة 38 أيضا , ولعل مرد ذلك عدت أسباب منها :-
1-     طول الفترة الزمنية التي تبلورت فيها قواعد القانون الدولي العام والممتدة من 1648 تأريخ معاهدة وستفاليا وحتى سنة 1920 تأريخ صياغة النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الدائمة – حيث إن المادة 38 تم تبنيها بالكامل في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية  سنة 1945 -  وهي فترة كافية وكفيلة بان تنضج قواعد هذا القانون وتتضح إلى الدرجة التي لا تدع أي مجال للبس أو الغموض أو التضاد مقارنة بحداثة قواعد القانون الدولي الجنائي التي ترجع إلى فترة معاصرة  ابتدأت من محاكمات نورمبرغ وطوكيو سنة 1945 .
2-     حرص الدول على التوافق بشأن نصوص النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية بحيث نص النظام على استبعاد السوابق القضائية من مصادر هذا القانون صراحة في المادتين 38 و59 في حين عجزت الدول عن اتخاذ موقف مشابه تجاه نصوص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
3-     اختلاف أشخاص القانون الدولي العام – المحصورة بالدول والمنظمات الدولية والفاتيكان – عن أشخاص القانون الدولي الجنائي الذي يشكل الفرد المجرد شخصه الوحيد , وعلى الرغم من الأهمية المتزايدة التي يحظى بها الفرد في القانون الدولي العام إلا انه لا يرقى إلى مستوى شخص من أشخاص هذا القانون , واختلاف أشخاص كل من القانونين من شأنه إن يجعل القواعد التي تخاطب هذه الأشخاص وتنظم هذا السلوك تختلف هي الأخرى ففي الوقت الذي تبدو فيه واضحة على مستوى الدول إذ إن الدول لا يحكمها غير القانون الدولي العام فإنها تبدو متداخلة على مستوى الإفراد الذين يحكمهم القانون الجنائي الداخلي والقانون الجنائي الدولي .
4-     اختلاف طبيعة العلاقة التي ينظمها القانون الدولي العام  والتي تمتاز بأنها ذات طابع مدني تنتهي في اغلب الأحيان بالتعويض أو إعادة الحال إلى ما كان عليه عن العلاقة التي ينظمها القانون الدولي الجنائي والتي تمتاز بأنها ذات طابع جنائي تنتهي فيها المحكمة إلى الحكم إما بعقوبة الإعدام أو بعقوبة سالبة للحرية.
إن  هذه الأسباب توصل بالمحصلة إلى نتيجة غير منطقية - وهي واقعة فعلا – مفادها توافر الغموض والدقة والتحديد في نصوص النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية التي هي ببساطة يمكن القول إلى أنها لاتحتاج إلى هذه الدرجة العالية منها وعلى العكس غياب هذه الدقة والوضوح والتحديد عن نصوص النظام الجنائي الدولي الذي ببساطة هو نص جنائي أحوج ما يكون إلى مثل هذه الصفات . 

المطلب الثاني
أثرها على المادة 22


     نصت المادة 22 على ما يلي :
(( 1- لا يسأل الشخص جنائيا بموجب هذا النظام الأساسي مالم يشكل السلوك المعني و وقت وقوعه جريمة تدخل في اختصاص المحكمة .
2- يؤول تعريف الجريمة تعريفا دقيقا ولا يجوز توسيع نطاقه عن طريق القياس , وفي حالة الغموض يفسر التعريف لصالح الشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الإدانة .
3- لا تؤثر هذه المادة على تكييف أي سلوك على انه سلوك إجرامي بموجب القانون الدولي خارج إطار هذا النظام الأساسي .))
وكما هو واضح جاءت  هذه المادة بتسوية هامة يتفق بموجبها حكم الفقرتين الأولى والثانية بدقة مع مضمون مبدأ لا جريمة إلا بنص في معظم القوانين الجنائية الوطنية خاصة تلك التي تأخذ بالنظام اللاتيني والتي لا تقبل بالعرف كمصدر للتجريم كما لا تقبل بالقياس في التجريم أو تفسير أركان الجرائم بينما تقضي الفقرة الثالثة بالاعتراف للعرف بصفته الأساسية كمصدر للتجريم فيما يتعلق بالجرائم الدولية عموما أي خارج إطار اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ونتيجة لذلك يذهب جانب كبير من الفقه إلى انه لا يمكن للمحكمة الاعتماد في التجريم على المبادئ العامة للقانون التي جاءت على ذكرها المادة 21 من النظام الأساسي كأحد أنواع القانون واجب التطبيق نظرا لطبيعتها العرفية , وان كان من الممكن الاعتماد عليها في تفسير ما قد يثيره تحديد أركان الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من إشكاليات أي حصر تطبيقها في التفسير دون الإنشاء , وبهذا الإقرار تكون المحكمة قد تجنبت ما تعرضت له سابقاتها من المحاكم الجنائية الدولية من انتقادات تتعلق بتعارض نصوصها مع مبدأ الشرعية والتي اشرنا لها سلفا خاصة أنها كلها قد أنشأت بعد ارتكاب جرائم دولية التي تدخل في اختصاصها الموضوعي , إلا إن من الضروري , ملاحظة التعارض الذي يظهره ، نص المادة ( 22 / 2 ) مع نص المادة ( 31 / 3 ) والتي تسمح ضمنا بالاستعانة بالقياس لإيجاد أسس أخرى ، للاستبعاد من المسؤولية الجنائية غير تلك المذكورة في نص المادة ( 31 )[36] وعلى الرغم من أن المحكمة حاولت حسم سياستها الجنائية بالنص في المادة ( 22 ) صراحة على تبنيها مبدأ ( لا جريمة ألا بنص ) وسلكت نفس المسلك في المادة 23 بنصها صراحة على تبني مبدأ (( لا عقوبة ألا بنص )) مما لا يدع مجالا حول موقف النظام الأساسي للمحكمة من هذا المبدأ ألا أن التفصيل الذي أوردته المادة       22 يدعوا إلى مراجعة هذا النص بغية تحديد موقفها بدقة من هذا المبدأ فحسب المادة الخامسة فأن المحكمة تختص بثلاث جرائم محددة على سبيل الحصر هي جرائم الإبادة الجماعة وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وهي معرفة استنادا للمواد 6 و 7 و 8 وهي متوافقة مع القانون الجنائي القائم هذا بالإضافة إلى جريمة العدوان التي لم يتم تعريفها وتحديد أركانها بعد وتختص المحكمة أيضا بالجرائم التي ترتكب ضد أقامة العدالة ولها أن تقضي بعقوبات في هذا الصدد استنادا للمادتين ( 70 و 71 ) ويمكن إدخال جرائم جديدة حسب المادة 121 بشرط تعديل النظام الأساسي والموافقة عليها حسب إلية أوضحتها المادة نفسها مثل الإرهاب والاتجار بالمخدرات وقد صدر قرار للتأكيد على مراجعتها في المستقبل وبذلك يبدو مبدأ الشرعية استناد لهذه الفقرة مكرسا في أن اختصاص المحكمة قد ورد على سبيل الحصر في المواد 6 و 7 و 8  من النظام الأساسي  فضلا عن الجرائم الأخرى التي يسري عليها الاختصاص ومنها جريمة العدوان .[37]  
ويفسر جانب من الفقه نص الفقرة الثالثة من المادة 22 من النظام الأساسي تفسيرا يقوم على أساس أن قاعدة شرعية الجريمة المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة لا تمنع من وجود جرائم أخرى في نطاق القانون الجنائي الدولي وحسب قواعد تجريم أخرى تخرج عن نطاق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومنها : ـ
1 ـ تجريم الإرهاب الدولي حسب اتفاقية جنيف لمكافحة الإرهاب لسنة 1937 . وكذلك وفقا للاتفاقية الأوربية لقمع الإرهاب عام 1977 .
2 ـ جريمة أخذ الرهائن حسب الاتفاقية الدولية المبرمة عام 1979 .
3 ـ الاتفاقية الدولية بشأن مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1961 .
4 ـ جرائم خطف الطائرات .
5 ـ الجرائم المنظمة مثل جرائم غسيل الأموال والرقيق الأبيض .
فمثل هذه الجرائم ثم استبعادها من مشروع نظام روما الأساسي لا قرارها بموجب معاهدات دولية خاصة بها .[38]
    ويؤكد اتجاه أخر أن الحرص على حسن تطبيق نصوص المواد التي تشكل جرائم وفقا لأحكام نظام روما الأساسي قضت المادة ( 22 (2) ) من النظام بأنه : (( يؤول تعريف الجريمة تأويلا دقيقا ولا يجوز توسيع نطاقه عن طريق القياس ، وفي حالة الغموض ، يفسر التعريف لصالح الشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الإدانة )) . غير أن الفقرة الثالثة من المادة نفسها قد أضافت حكما من شأنه أن يوسع من تجريم السلوك في إطار المواد ( 5 و 6 و 7 و 8 ) من نظام روما الأساسي ، بنصها على أن : (( لا تؤثر هذه المادة على تكييف أي سلوك على أنه سلوك إجرامي بموجب القانون الدولي خارج إطار هذا النظام الأساسي )) ويشير هذا النص إلى أنه يمكن الاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية على أي سلوك يمثل جريمة وفقا لإحكام المعاهدات الدولية السارية ، أو العرف الدولي وذلك بحكم أنها تمثل انتهاكا لأحكام القانون الدولي ، وذلك بالرغم من أن هذا السلوك لم ترد صورته ضمن النماذج التي حددتها المواد المذكورة أنفا الخاصة بنطاق التجريم . وهذا النص يتفق مع نص المادة ( 21 ) من نظام روما الأساسي التي حددت القانون الواجب التطبيق بالمعاهدات الدولية السارية والعرف الدولي كمصادر تالية لنظام روما الأساسي ، لسد ما قد يظهر في التطبيق العملي من ثغرات ، كما إنها تضمن عدم إفلات أي جاني من العقاب يستخدم وسيلة أو طريقة في ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي ، دون أن تكون هذه الوسيلة واردة ضمن الحصر الوارد في نصوص النظام الأساسي . إلا أنه يجب ملاحظة إن هذا الحكم مقيد بضرورة أن يكون الفعل مجرما بموجب القانون الدولي ، ولكنه خارج إطار النظام الأساسي ولعل هذا القيد يتطلب أن يكون السلوك قد سبق تجريمه بموجب معاهدة دولية أو عرف دولي وهذا القيد يمثل بحد ذاته تطبيقا لمبدأ التكامل بين نظام روما الأساسي والقانون الدولي غير أنه يتعين الانتباه إلى أن عبارة (( خارج إطار هذا النظام الأساسي )) لا تعني أن يكون السلوك مكونا لجريمة أخرى غير تلك الجرائم المحددة في نظام روما الأساسي والداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وإلا فتح الباب أمام التفسيرات الواسعة التي تمنح اختصاصات مطلقة للمحكمة الجنائية الدولية على حساب اختصاصات القضاء الوطني وهو ما يتنافى مع الفلسفة التي بني عليها نظام  روما الأساسي والحدود التي رسمها لاختصاص  المحكمة الجنائية الدولية بجرائم محددة على سبيل الحصر .[39]
   ويشير جانب من الفقه إلى أن مبادئ القانون وقواعده تحصر باتفاقيات ومبادئ القانون الدولي الإنساني ويبرر هذا الرأي ما يذهب إليه بالقول أن هناك اتفاقيتين دوليتين تنطليان صراحة الولاية القضائية بمحاكمة جنائية دولية لنظر في هذه الجرائم وهاتان الاتفاقيتان هما اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس والمعاقبة عليها ( المادة السادسة ) والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها ( المادة الخامسة ) وقبل هاتين الاتفاقيتين كان الميثاق الملحق باتفاقية لندن للمحور الأوربي المؤرخ في 8 أب 1945 بشأن ملاحقة ومعاقبة كبار مجرمي الحرب ، والميثاق الملحق بإعلان الخاص للقائد الأعلى للدول المتحالفة الصادر في طوكيو في 19 كانون الثاني 1946 يوفران الأساس القانوني لإنشاء محكمتي نورمبرغ وطوكيو العسكريتين الدوليتين على التوالي بهدف معاقبة كبار (( مجرمي الحرب )) وقد انشأ القانون رقم 10 مجلس الرقابة التابع للحلفاء بدوره محاكم دولية في مناطق الاحتلال لمعاقبة مجرمي الحرب الآخرين الذين كانوا يشغلون في هرم الوظائف العسكرية والإدارية أو المدنية رتبا أدنى .[40] 












                                      المطلب الثالث

أثرها على العلاقة بين المادتين

     أن أجراء مقارنة بين نص الفقرة الثالثة من المادة 21 ونص الفقرة الثالثة من المادة 22 تكشف عن تناقض وتعارض صريح وواضح , فالأولى تشير إلى أن تطبيق وتفسير المحكمة لنظامها الأساس يجب أن يكون متسقا مع مبادئ حقوق الإنسان المعترف بها دوليا وأن يكون خاليا من أي تميز في حين تشير الفقرة الثالثة إلى أن حكم هذه المادة لا يؤثر على تكييف أي سلوك على أنه سلوك أجرامي بموجب القانون الدولي خارج أطار هذا النظام الأساسي والذي يثير الإرباك أو الغموض هو المقصود بعبارة (( بموجب القانون الدولي )) فهل المقصود هو مصادر هذا القانون وهذا هو الرأي الأرجح وعندها لا بد من العودة إلى المادة 38 من النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية التي حددت على سبيل الحصر مصادر هذا القانون والتي من ضمنها العرف ومبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة ، وفي هذه الحالة فأن المحكمة ستلجأ إلى التجريم والعقاب استنادا إلى مصادر هذا القانون وبشكل خاص المصادر العرفية أو المصادر المستقاة من مبادئ القانون العامة ولا يخفى ما في هذا الأمر من سلطة تحكمية واسعة للمحكمة في حرية التجريم وحرية اختيار العقاب ذلك أن واحدة من عيوب هذه المصادر التي جعلتها تتراجع أمام التشريع أو الاتفاق هو عدم قابليتها للتحديد ولكن المحكمة في الوقت الذي تطبق فيه مصادر هذا القانون فأنها من جهة أخرى تنتهك قواعده خصوصا تلك القواعد المستقرة منذ وقت بعيد بشأن الضمانات القضائية للمتهم التي استقرت في الإعلانات الأولى لحقوق الإنسان واستقرت كقواعد عرفية ثم قننت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية ثم لا يخفى النقص الذي تعاني منه هذه الصياغة إذ أن الفقه الدولي الحديث أصبح ينتقد بإصرار المادة 38 ويعدها عاجزة عن مواكبة التطورات التي تنتاب القانون الدولي بوتيرة متسارعة حيث أن أشخاص القانون الدولي قد تجد نفسها ملزمة بمصادر التزام تخرج عن المصادر المحددة على سبيل الحصر في هذه المادة وأهم هذه المصادر الحديثة هي الاعتبارات الإنسانية والمصالح الاقتصادية المشتركة .[41]  وإذا كان من المتفق عليه فقها وعملا ، أن المبادئ العامة للقانون هي المبادئ التي أقرتها النظم القانونية الرئيسية في العالم ، وما يتفق منها مع طبيعة المجتمع الدولي والعلاقات الدولية ولا يتعارض مع النظام العام الدولي يعد مصدرا للقاعدة القانونية الدولية ، فأن النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ( المادة 38 ) قد نص على اعتبارها ضمن مصادر القاعدة التي تطبقها المحكمة . ومن جهته نص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على اعتبار المبادئ العامة للقانون مصدرا للقانون الذي تطبقه المحكمة ، وذلك في المقام الثالث من المصادر الأصلية التي نص عليها النظام . وقد وضعت المادة ( 2 / 1 ج ) من النظام تحديدا لنطاق هذه المبادئ بأنها تلك التي تستخلصها المحكمة من القوانين الوطنية للنظم القانونية في العالم ، بما في ذلك كلما كان مناسبا ، القوانين الوطنية للدول التي جرت على ممارسة ولايتها على الجريمة محل النظر ، أي التي تعطى قوانينها الوطنية الاختصاص لمحاكمها لنظر الجريمة ، وقد قيد النظام اللجوء إلى المبادئ العامة للقانون ، بشرط عدم التعارض مع أحكام النظام الأساسي ، أو القانون الدولي ، أو القواعد والمعايير المعترف بها دوليا . يندرج تحت مظلة القيد العام في القانون الدولي فيما يتصل باللجوء إلى مبادئ القانون العام .[42]
      والمقصود بمبادئ القانون الدولي هو مصدر عام يشمل مبادئ القانون الدولي وقواعده التي تستمد قوتها الملزمة من مصادر القاعدة القانونية الدولية وبشكل خاص مبادئ القانون الدولي الإنساني بعدها المصدر الأساسي لجرائم المنازعات المسلحة التي تختص بنظرها المحكمة .
أما الفقرة الثانية من المادة 22 فالذي يتضح من صياغتها أنها تتحدث عن نتائج تطبيق مبدأ الشرعية أو بعض من هذه النتائج فهي تحرم اللجوء إلى القياس وتوجب أن يكون تفسير الشك لصالح المتهم ، وفيما يخص رفض اللجوء إلى القياس في القانون الجنائي  فأنه نتيجة طبيعية لإقرار مبدأ الشرعية لأن اللجوء إلى القياس يعني منح القاضي سلطة تجريم فعل لم يجرم وفق إرادة المشرع وإذ كان الفقه الجنائي قد ابتداء بأجازة القياس أولا ثم يرفضه في التجريم وأباحته في العقاب خصوصا القواعد التي تتعلق بأسباب الاباحه أو موانع المسؤولية أو الإعفاء من العقاب ويبرر الفقه موقفه هنا بأن ذلك الاتجاه لا يمس مبدأ الشرعية ألا أن الفقه الجنائي ثالثا التي رفض اللجوء إلى القياس جملة وتفصيلا وأيا كان مبرر ذلك .[43]إما بخصوص قاعدة إن الشك يفسر لمصلحة المتهم فإنها هي الأخرى نتيجة من النتائج المترتبة على مبدأ الشرعية لان القول بخلاف ذلك يعني الإدانة على الشك وهو ما يزعزع الثقة بتطبيق النص أو حتى بوجوده وفاعليته , ولكن تطبيق قاعة الشك يفسر لمصلحة المتهم حسب النظام الأساسي فانه يفسر لمصلحة المتهم الذي يجري التحقيق معه أو محاكمته هو أمر مقبول ولكن تطبيقها بالنسبة لمن تمت إدانته هو أمر غير مقبول إلا إذا ترتب على تطبيق القاعدة وقف تنفيذ العقوبة التي قضي بها ضده , [44]
وكان ينبغي على المحكمة في تفسيرها لأحكام النظام الأساسي أن تستخدم الأساليب المقررة لأحكام التفسير بشكل دقيق من دون توسع في التفسير أو تطبيق فيه ذلك لأن التوسع في تفسير النص يؤدي إلى إدخال أفعال إلى نطاق نص التجريم من كانت لتدخل لولا هذا التوسع على العكس فأن التطبيق في التفسير يؤدي إلى أخراج أفعال من نص التجريم ما كانت لتخرج لولا هذا التطبيق والصحيح أن تحرص المحكمة على أن يكون تفسيرها للنصوص مقررا وكاشفا لقصد المشرع الحقيقي من تشريعها .[45]
    أما بخصوص الإشارة إلى القرارات السابقة للمحكمة فأن من الطبيعي أن ترد الإشارة إلى قرارات المحكمة الجنائية الدولية السابقة بوصفها مصدر تفسيري لمبادئ وقواعد القانون التي تطبقها المحكمة ويكون للأخيرة سلطة تقرير اللجوء إليها حينما يكون ذلك مناسبا وغاية ذلك تجنب الاختلاف أو التعارض في التفسير للمبدأ والقاعدة في قرارات المحكمة المتعاقبة والإشارة هنا قاصرة على القرارات السابقة للمحكمة دون أن تمتد إلى أحكام المحاكم الأخرى وأن كان ذلك لا يمنع المحكمة من التأثر بتوجهات المحاكم الوطنية والدولية فيما يتصل بتفسير قواعد القانون الوطني في النظم القانونية في العالم وكذلك تفسير مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني .[46]
أن نظام روما اعترف بقيمة القانون الوطني وعده مكملا لمصادر النظام مع اختلاف الدرجة ولا شك في أنه ليست هناك مشكلة يمكن أن تثار في حالة ما أذا كان القانون الوطني والقانون الدولي يؤثمان معا فعلا من الأفعال باعتباره جريمة ولكن الصعوبة تكمن أذا كان القانون الوطني يبيح الفعل ويجرمه القانون الدولي فأن مرتكبه يخضع للمسؤولية الجنائية الدولية ولا يجوز له أن يتذرع بقواعد القانون الوطني في هذه الحالة لذلك فأن المشرع الوطني مطالب بإصدار تشريعات جنائية جديدة لكي تتماشى مع القواعد الجنائية الدولية الراسخة سواء أكانت وليدة المعاهدات الدولية النافذة أو مستقاة من العرف الدولي ومبادئ القانون العامة .[47]






المبحث الثالث
العرف كصدر للتجريم


يتناول هذا المبحث دور العرف في توصيف أركان الجرائم ودوره في تحديد العقوبات المقررة لها ثم موقف الفقه من هذا الدور وعليه سيكون هذا المبحث بثلاثة مطالب هي :-

             المطلب الأول : دور العرف في توصيف أركان الجرائم

             المطلب الثاني : دور العرف في توصيف العقوبات

             المطلب الثالث : موقف الفقه والقضاء من العرف كمصدر للتجريم



المطلب الأول

دور العرف في توصيف أركان الجرائم

     يعود الاعتماد على العرف كمصدر من مصادر القانون الجنائي الدولي إلى عام 1948 وذلك في مشروع الاتفاقية المنشئة لمحكمة جنائية دولية حيث وضعت هذه الاتفاقية العرف على رأس قواعد القانون التي يمكن أن يطبقها القضاء الجنائي الدولي إلى أن يعتمد في حينها اتفاقية تحدد المبادئ الكبرى للقانون الجنائي الدولي وتصنف الجرائم وتسن العقوبات وكان العرف قد ظهر قبل هذا التاريخ في مشروع وضعته رابطة القانون الدولي كمشروع نظام أساسي للمحكمة الجنائية الدولية سنة 1926 وكان ينصص على أن العرف الدولي برهان على عرف عام مقبول له قوة القانون ثم عادت الرابطة عام 1984 في مشروع أخر وضعته بهذا الصدد لتنصص في المادة 22 منه على (( تأخذ المحكمة بتعريف جريمة محددة على النحو المنصوص عليه في الاتفاقيات السارية في الدول المتعاقدة المعنية ، وتطبق المحكمة القانون الدولي بما في ذلك المبادئ العامة للقانون التي تعترف بها الدول )) .[48]
    أما وعلى الصعيد الفقهي فقد سبق للوترباخت منذ عام 1944 أن ذهب إلى تقرير وجوب التفرقة بين مخالفات قوانين الحرب وجرائم الحرب مقترحا تعريفا لجرائم الحرب يستند إلى أنها انتهاك لقواعد أساسية مقبولة أو على أساس أنها انتهاك لمبادئ القانون الجنائي مما يوجب تغلبه الطابع العرفي لقواعد هذا القانون على قواعده المكتوبة وقد ذهبت الدائرة الإستئنافية  للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في حكمها في قضية تاديش Tadic إلى ضرورة توافر الشروط التالية في الجريمة حتى يمكن أن تكون محلا للاتهام طبقا للمادة الثالثة من نظام المحكمة ( انتهاكات قوانين وأعراف الحرب ) :
أ ـ يجب أن ينطوي الانتهاك على خرق لقاعدة من قواعد القانون الدولي الإنساني .
ب ـ يجب إن تكون القاعدة العرفية عرفية بطبيعتها فإذا كانت جزءا من القانون ألتعاهدي فيجب توافر الشروط اللازمة في هذا الشأن
ج- يجب إن يكون الانتهاك خطير بمعنى إن يشكل خرقا لقاعدة تحمي قيما هامة كما يجب إن يكون الخرق مؤديا إلى نتائج خطيرة بالنسبة للضحية .
د- يجب إن يكون انتهاك القاعدة مؤديا في ضوء القانون العرفي والاتفاق إلى ترتيب المسؤولية الجنائية الفردية بالنسبة للشخص المنسوب إليه الفعل وبناء على ذلك يمكن القول :-
1- إن كل انتهاك لقواعد قوانين وأعراف الحرب في قواعد القانون الدولي الإنساني يعد جريمة حرب .
2- إن جرائم الحرب ليست محصورة بعدد معين بذاته من الجرائم لان كل انتهاك لقواعد القانون الدولي الإنساني يعد جريمة .
3- انه إذا كان القانون الدولي الإنساني لازال يعرف التفرقة بين النزاع المسلح الدولي والنزاع المسلح الغير دولي فان جرائم الحرب يمكن إن تقع في إطار كلا النوعين من النزاعات المسلحة .
4-إن تحديد قاعدة القانون الدولي الإنساني التي جرى انتهاكها أمر مهم ولازام لتوفر ركن أساسي في جريمة الحرب فإذا كانت  هذه القاعدة قاعة عرفية فليست هناك مشكلة من أي نوع إما إذا كانت القاعدة تنتمي إلى القانون المكتوب فهنا يتعين إن تتوافر شروط الالتزام بالقاعدة بالنسبة للدول الإطراف فيها . مع ملاحظة إن القواعد الواردة في اتفاقية لاهاي تعد جميعا من القانون العرفي حسبما انتهت إليه محكمة نورمبرغ, كما إن الفقه الدولي المعاصر مستقر على اعتبار اتفاقيات لعام 1949 بكاملها قانون عرفي إما البروتوكولان الإضافيان لسنة 1977 فان جانب من الفقه لازال يشكك في طابعهما العرفي .
5- إن القانون الدولي الإنساني لا يضع عقوبة لكل جريمة حرب وإنما يترك هذه المهمة لتشريعات الدول المختلفة  في إطار مسئوليتها بالعمل على قمع انتهاكات القانون الدولي الإنساني والعقاب عليها .[49]
    إن العمل بشأن توصيف أركان الجرائم يستند إلى ما أوردته المادة 9 من النظام الأساسي والتي تنصص على إن تحديد أركان الجرائم سيساعد المحكمة في تفسير وتطبيق المواد 6 ( الإبادة الجماعية ) والمادة 7 ( الجرائم ضد الإنسانية ) والمادة 8   ( جرائم الحرب ) وهو ما يوضح إن وثيقة أركان الجرائم سيتم استخدامها كأداة مساعدة للتفسير ولن تكون ملزمة للقضاة مع العلم بان تلك الوثيقة يجب إن تكون متسقة مع النظام الأساسي .
وقد تركزت مفوضات مجموعة العمل الدولية بالذات على وثيقة شاملة قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ومقترحات مشتركة من جانب سويسرا والمجر وكوستاريكا ووثائق أخرى قدمتها الوفود اليابانية والاسبانية والكولومبية . وقد أعدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دراسة تتصل بكل جرائم الحرب وتم تقديم تلك الدراسة بناء على طلب سبع دول هي  ( بلجيكا , كوستاريكا , فنلندا المجر , كوريا الجنوبية , جنوب إفريقيا , وسويسرا ) وقد استندت وثيقة جرائم الحرب المكونة من سبعة أقسام إلى مراجع ذات الصلة بالموضوع وبحث وتحليل مستفيض لأدوات القانون الدولي الإنساني وقانون الدعوى case law  المستمد من المحاكمات السابقة الخاصة بجرائم الحرب على المستوى الدولي والقومي مثل محاكمات ليبزغ بعد الحرب العالمية الأولى ومحاكمات نورمبرغ وطوكيو بعد الحرب العالمية الثانية,قوانين الدعوى , قرارات المحاكم الخاصة  ad hoc Tribunals  بيوغسلافيا السابقة ورواندا واستفادت الوثيقة أيضا من أدوات قانون حقوق الإنسان وقوانين الدعوى الخاصة بلجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان , والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان , والمحكمة الأمريكية المتبادلة لحقوق الإنسان[50] وإذا كان من المقرر إن القانون الدولي الجنائي هو فرع من فروع القانون الدولي العام فمن الواجب إن تكون له خصائص هذا الأخير وفي مقدمتها الصفة العرفية لقواعده وتترتب على هذه الصفة العرفية الدولية نتيجتان :-
 الأولى – صعوبة التعرف على الجريمة الدولية ذلك إن مثل هذا التعريف إنما يتطلب الاستقراء الدقيق للعرف الدولي وهو أمر تكتنفه صعوبات عديدة , ومع ذلك فانه يجب الاحتكام إلى الأفكار التي يقوم عليها العرف وهي العدالة والأخلاق والصالح الدولي العام وهذه الأفكار هي التي أسبغت صفة الجريمة على حرب الاعتداء وعلى الجرائم ضد الإنسانية .

الثانية- غموض فكرة الجريمة الدولية ويرجع هذا الغموض إلى كونها غير مكتوبة مما يجعل من العسير على القاضي الدولي إن يتحقق من تطابق الفعل المرتكب للنموذج العرفي لتلك الجريمة وحتى على فرض النص عليها ضمن نصوص معاهدة أو اتفاقية دولية , فان مثل هذا النص لا يفعل أكثر من الكشف عن الصفة غير المشروعة للفعل دون تحديد ما ينهض عليه من أركان وعناصر وشروط ولعل تعريف العدوان وما أثاره من خلافات خير شاهد على ذلك .[51]



المطلب الثاني

دور العرف في توصيف العقوبات

      وفيما يتعلق بالجزء الأخر من مبدأ الشرعية أي (( لا عقوبة ألا بنص )) فأن المبدأ هو ذاته بالنسبة لشرعية العقوبة فلا عقوبة ألا بقاعدة قانونية عقابية أي أن القاعدة الدولية سواء تعلقت بشق التجريم أو العقاب فإنها تجد أساسها في مصادر القانون الدولي الجنائي التي يحتل العرف بينها مكان الصدارة . غير أن العقوبة على الجريمة الدولية تبقى مع ذلك غامضة فالأمر يقف عند تقرير الصفة الإجرامية دون تحديد العقوبة على نحو حاسم كما هو الحال في القانون الداخلي على أن يترك أمر التحديد نوعا وكما أما إلى الدول المعنية التي تضطلع بتشريع الأحكام في قوانينها متضمنة العقوبات المناسبة وأما إلى القضاء الجنائي وقد أخذت الاتفاقيات الدولية بالمنهج الأول بينما أخذت بالمنهج الثاني المواثيق الخاصة لمحاكمات الحرب العالمية الثانية فالمادة 27 من نظام المحكمة نورمبرغ المشار إليها سابقا تنصص على أن المحكمة تستطيع أن تقضي بمعاقبة المتهمين الذين يتوفر لديهم الخطأ أما بالإعدام أو بأية عقوبة أخرى تراها مناسبة ، ولكن هذا النص لم يحدد المعيار الذي يتم على ضوئه اختيار تلك العقوبة المناسبة ، ومع ذلك ، فقد كشف التطبيق لعملي لمحاكمات نورمبرغ  وطوكيو  عن أن المحكمة قد أنزلت عقوبة السجن ببعض المتهمين ، كما إن قانون مجلس الرقابة على المافيا رقم 10 الصادر في 20 كانون الثاني 1945 والذي أشار إليه حكم محكمة نورمبرغ بشأن المنظمات الإرهابية قد نص على أن العقوبات الواجبة التطبيق على أعضاء المنظمات الإرهابية تنحصر في : ـ
1 ـ الإعدام .
2 ـ السجن المؤبد أو المؤقت سواء أكان مقترن بالإشغال الشاقة أم غير مقترن بها .
3 ـ الغرامة والسجن سواء أكان مقترن بالعمل أو غير مقترن كما في حالة دفع الغرامة .
4 ـ مصادرة  الأموال ورد ما يتحصل منها بطريقة غير مشروعة .
5 ـ الحرمان من الحقوق المدنية بصفة كلية أو جزئية .
   ولعل فكرة الغموض تجد أصولها في أن فكرة الجريمة الدولية لازالت بدورها غامضة ولا تنعم بذلك القدر من التحديد المنضبط الذي يحدد نموذجها القانوني بما يتصف عليه من عناصر أساسية ـ الأركان ـ والتبعية والظروف ـ وتحديد العقوبة الملائمة لكل جان وفقا لمعايير مادية وشخصية ولم يقدم نظام محاكمتي نورمبرغ وطوكيو غير معيار جسامة الجريمة الذي يستطيع القاضي الاستعانة به في تقدير العقوبة المناسبة ومن شأن كل هذا أن يساهم في زيادة الغموض الذي يكتنف مبدأ شرعية العقوبة في مجال القانون الدولي الجنائي ويزداد هذا الغموض أذا خلت الاتفاقيات الدولية تماما حتى من النص على أنواع العقوبات التي يمكن اللجوء إليها وهو ما وقعت فيه اتفاقية إبادة الجنس البشري حيث تعدد في مادتها الرابعة الأشخاص الذين يمكن أن يرتكبوا الجرائم دون أن تحدد العقوبات التي يمكن توقعيها عليهم .[52]    
لقد لجأت المحكمة الجنائية الخاصة في يوغسلافيا السابقة إلى المبادئ العامة للقانون لتعزيز ما توصلت إليه في بحثها عن قواعد قابلة للتطبيق على القضية من قواعد القانون الدولي ، ولقد اتسم تعامل المحكمة بمزيد من الحذر خشية الاعتماد على المبادئ العامة المستقاة على صعيد المحاكم الداخلية ولذلك فأنها تلجأ إلى المقارنة والوقوف على الاختلاف بين تلك المبادئ والمبادئ المستقاة على الصعيد الوطني ، ولذلك يمكن القول أن كلا من المحكمة الجنائية السابقة في يوغسلافيا ورواندا لجأت إلى القوانين الوطنية لتأكيد تلك المبادئ وتحديد مبادئ القانون الدولي من خلال تلك المصادر وكما حرصت المحكمة على ذلك في قرارها في قضية فوراندزج , ومع ذلك فأن ما يثير الانتباه في هذا الصدد أن الأمر ليس بالبساطة التي يمكن تصورها في أغلب الأنظمة القانونية في العالم (( فالمحاكم الدولية يجب أن تأخذ بالحسبان المفاهيم العامة والمؤسسات القانونية العامة في جميع الأنظمة القانونية القائمة في العالم )) وعلاقة كل ذلك بالقانون الدولي الجنائي ، فالمبادئ العامة للقانون لا ينطبق عليها وصف التكامل وذلك يرجع إلى طبيعتها وعموميتها وذلك فأنها تصنف بأنها أخر الخيارات أمام المحكمة ، فطالما حرصت المحكمة في مرات عديدة على التأكيد بأن مثل هذه القواعد لم تصل حد من العمومية بجعلها تصل حد القاعدة العامة القابلة للتطبيق . ويذكر انه عند صياغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا  السابقة رد الأمين العام للأمم المتحدة بنبرة منفعلة على الانتقادات التي واجهها هذا النظام نتيجة تخليه عن مبدأ الشرعية بالقول (( إن تطبيق مبدأ الشرعية يقضي بان المحاكم الدولية ملزمة بتطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني والتي هي بدون أدنى شك تشكل جزءا من العرف لذلك فالمشكلة التي تثيرها بعض الدول,  وليس كلها , حول ضرورة اعتماد اتفاقيات معينة للتجريم ليس لها أساس من الصحة , وان هذا الأمر يحظى بأهمية خاصة في نطاق عمل المحاكم الدولية عند توجيه التهمة لأشخاص ارتكبوا انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ))[53] ويرى ستون إن القانون الجنائي الدولي غالبا ما يجد إحكامه ومبادئه في العرف وهذه السمة بالذات هي التي تجعل هذا القانون يشبه القانون العمومي الانكليزي (( Public Law ))[54]      ويتجه جانب من الفقه إلى الاعتراف صراحة للعرف بوصفه مصدرا مباشرا بل في الفترات المبكرة لتطور القانون الجنائي الدولي كان المصدر الأول والوحيد للتجريم خصوصا أذا ما تعلق الأمر بجرائم بعينها مثل جريمة التطهير العرقي [55] مبررين ذلك بالطبيعة الخاصة لركن الشرعية في القانون الجنائي الدولي وبالقول إن قواعد القانون الجنائي الدولي يغلب عليها الطابع العرفي كما إن عناصر الجريمة غير محددة بطريقة دقيقة ولذلك يصعب الوقوف على الحالة النفسية لفاعلها ولكفالة التطبيق السليم لقواعد القانون الدولي ينبغي اللجوء إلى توافر الاحتمالات أضف إلى ذلك إن الجريمة الدولية تقع مستندة إلى بواعث من نوع خاص وغالبا ما تتم بوحي أو تكليف من الغير فلا يرتكبها الجاني لتحقيق غرض شخصي ولا لحسابه الخاص وهذا ألأمر بحد ذاته كفيل بان يعزز القصد الاحتمالي .[56]
وتجدر إلا شارة إلى إن واحدة من ألأسس التي اعتمدها الفكر الليبرالي في مساندة مبدأ الشرعية هو عدم الاستناد للعرف كمصدر للتجريم إذ إن الغموض الذي يكتنف القواعد العرفية من شأنه إن يوفر للقاضي سلطة تكاد تكون مطلقة في خلق التجريم وإسناد العقاب[57]



المطلب الثالث

موقف الفقه من التجريم استنادا إلى العرف

     لقد اثار مبدأ الشرعية الكثير من النقاشات في اجتماعات اللجنة التحضيرية وخاصة انه يسير جنبا إلى جنب مع المبدأ القانوني القائل بعدم جواز اعتماد العرف كمصدر للتجريم مما يعني وجوب التنسيق بين مبدأ لا جريمة إلا بنص وفكرة عدم الاعتماد على العرف في إنشاء القاعدة القانونية الدولية وهو الذي يعد احد أهم مصادر القانون الدولي وخاصة انه لم يكن من الممكن للدول المختلفة إن تقبل الانضمام للنظام الأساسي للمحكمة دون إن يتضمن الإشارة إلى مبدأ لا جريمة إلا بنص وما يستتبعه من عدم جواز القياس مخافة إساءة المحكمة للسلطات المناطة بها[58] وتشير المادة الأولى من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية إلى :
(( تصادق الإطراف المتعاقدة على إن الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في أيام السلم أو إثناء الحرب هي جريمة بمقتضى القانون الدولي وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها )) ويبدو من صياغة هذه المادة إن النص الانجليزي استخدم  كلمة Confirm بدلا من كلمة تصادق الواردة في النسخة العربية لان الغرض من هذه الاتفاقية كان إقرارا لتلك الجريمة وليس منشئا لها أي إن الإطراف الذين صاغوا هذه الاتفاقية انصرفت إرادتهم إلى تقنين جريمة موجودة بالفعل وهو المنطق الذي يستقيم مع الجهود الدولية التي بذلت بهذا الصدد لتعريف جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ووفقا لهذا المنظور فأن هذه الجريمة تجد مصدرها في العرف وهو ما يجعل إحكام هذه الاتفاقية ملزمة لجميع الدول حتى التي لم تصادق عليها[59].
      لم يكن القانون الدولي الجنائي القائم ألان وليد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بل كان وليد شبكة قضائية مختلفة  تعتمد على مصادر متنوعة أكثر من اعتمادها على النظام الأساسي بمفرده لأن هذا الأخير نفسه يشير صراحة إلى القوانين الجنائية الوطنية والنظم الجنائية الداخلية في العالم كما يشير إلى القانون الدولي العام بشكل عام ويفسح المجال إمام المحكمة بأن تمارس وظيفة إنشاء قواعد قانونية جديدة . إن طبيعة اختلاف أجناس مصادر القانون الدولي الجنائي يفتح الباب واسعا إمام الجدل القانوني والبحث والتقصي حيث انعكست النظريات والمفاهيم الحديثة على أنواع القانون الجنائي وشكلت بذلك مقدمة أو فاتحة لهذا الجدل .[60] وبناء على ذلك يمكن إن نحدد الإجابة الصحيحة وهي إن نميز بين مرحلة ما قبل نظام 1998 وما يعد اكتمال هذا النظام فقبل ولادة المحكمة الجنائية الدولية عد العرف كمصدر أساسي لقواعد التجريم والعقاب في النطاق الدولي ,  وبالتالي احتل مكانة هامة لجهة إصدار القانون الدولي الجنائي فمعظم الجرائم التي تشكلت في هذا الإطار مرجعها العرف ثم اعتمدها المجتمع الدولي في نصوص المعاهدات والمواثيق الدولية كجرائم ماسة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية , لقد أثارت القواعد القانونية المبنية على أساس العرف إشكالات كثيرة من أهمها اعتبار هذه القواعد غير المحددة المعالم والمضمون مما يعني الصعوبة في إثباتها ومن ثم عدم الاعتماد عليها بشكل ثابت وواضح وعادل في تقرير المسؤولية عنها , ورغم  هذا الواقع الذي كان سائدا قبل ولادة نظام المحكمة فقد جرى الاجتهاد على التوسع في المحاكم التي تشكلت لهذا الغرض أي إعطاء التفسير المرن لهذا السلوك غير المشروع والذي يمكن إن يكون أكثر عدالة في مجال المحاكمات الدولية [61]   وقد سبق للجنة القانون الدولي إن رأت عند وضع بنود النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية انه لا بد عند وضع النصوص التي تتعلق بالقانون الواجب التطبيق إن تراعي الطبيعة الخاصة للإجراءات التي تتخذ إمام الهيئة التي هي بلا شك ذات طابع قضائي . فمحاكمة شخص متهم بارتكاب جريمة تدخل في اختصاص مثل تلك المحكمة لا تشكل نزاعا دوليا بين شخصين من أشخاص القانون الدولي العام بل هي بالأحرى إلية دولية لمحاسبة شخص متهم بارتكاب جريمة  خطيرة ذات طابع دولي تدخل في اختصاص المحكمة فلن  تنشأ  محكمة  لكي تنظر في مسائل قليلة الأهمية ولا  في مسائل تدخل في نطاق الاختصاص ألاستئثاري لأي دولة[62]  .
   وعلى العكس من ذلك يذهب اتجاه أخر إلى إن النظام الأساسي لم ينصص على العرف كمصدر من مصادر القانون الجنائي الدولي التي تطبقها المحكمة لأن المحكمة تحكمها قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وطبقا لذلك لا يجوز الرجوع إلى العرف الدولي في تحديد الجرائم وفرض العقوبات دون إن يعني ذلك إنكار ما للعرف من دور مهم في تطور القانون الدولي الجنائي ولكن إذا كانت المحكمة لا تطبق العرف فلا يعني ذلك إن العرف فقد موقعه فالدول تحتاج العرف الدولي في علاقاتها الدولية  كما إن العرف الدولي المصدر الأساسي الذي تستمد منه المعاهدات الدولية نصوصها  [63]  .
      إن نظرة فاحصة للاتجاهات الفقهية التي تحدثت عن العرف الدولي ودوره في التجريم تكشف عن حقيقة اكتشفها هذا الجدل ولم يشخصها تقوم على أساس العلاقة الجوهرية بين كلا من القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني من جهة والقانون الجنائي الدولي من جهة أخرى وهي علاقة متلازمة ومتداخلة حتى إن بعض نصوص النظام الأساسي أقرتها واعترفت بها صراحة إن مثل هذه العلاقة – ووفقا لما تتصف به – هي التي أخرجت مبدأ الشرعية من طابعه الخاص في القوانين الداخلية  وأدخلته في إطار القانون الدولي العام وهي التي أباحت - نتيجة لذلك - الركون إلى العرف كمصدر للتجريم فنص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والتي حددت على سبيل الحصر مصادر القانون الدولي العام منح العرف الترتيب الثاني من المصادر الرئيسية لهذا القانون بعد المعاهدات الدولية العامة والخاصة وكثيرا ما لجأت محكمة العدل الدولية إلى العرف أو استشهدت به لتعزيز إحكامها , هذا بالنسبة لمكانة العرف في القانون الدولي العام إما بالنسبة لمكانته في القانون الدولي الإنساني فيكفي القول إلى إن الغالبية العظمى من الفقه الدولي التقليدي والمعاصر تذهب إلى إن هذا القانون برمته بدء ولازال قانونا عرفيا وان ما استقر من إحكامه في نصوص دولية أخذت شكل الاتفاقيات الدولية أو بروتوكولات ما هي في الحقيقة إلا تدوين لعرف دولي لا بل إن بعض هذه الاتفاقيات تنصص صراحة على إن نصوصها و إحكامها المكتوبة تشكل جزءا من العرف الدولي رغبة منها في إلزام الدول التي لم تصادق على هذه الاتفاقيات أضف إلى ذلك – وفي علاقة مباشرة أخرى بين القانونين- إن الانتهاكات الجسيمة لقواعد هذا القانون تشكل جرائم دولية تخضع لإحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وهذه هي صيغة الترابط الثانية  بين هذين القانونين هذا إذا ما تجنبنا الخوض في إن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان  تشكل هي الأخرى جرائم  دولية وإذا ما تجنبنا الخوض أيضا فيما يحتله العرف الدولي في مصادر هذا القانون اتضحت لنا الحقيقة التي تحدثنا عنها في بداية هذه الفقرة وهي إن الترابط والتداخل بين هذه القوانين حتم نتيجة لا مفر منها هي امتداد الدور الذي يؤديه العرف من هذه القوانين إلى القانون الدولي الجنائي إلى الدرجة التي يمكن معها القول إن العرف يؤدي في هذا القانون ما يؤديه من دور في تلك القوانين- إذا ما أخذنا بالحسبان محاكمات نورمبرغ ونصوص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية- .    








الخاتمة

      يتميز ركن الشرعية في القانون الدولي الجنائي بميزة خاصة تجعله لا يتوقف عند حدود النص المكتوب بل يتعداه ليستند إلى كل قاعدة قانونية دولية سواء أكان مصدرها العرف أم مبادئ القانون العامة الأمر الذي يمكن معه القول إن قاعدة (( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص )) أضحت في القانون الدولي الجنائي تعني (( لا جريمة ولا عقوبة إلا بقاعدة قانونية )) إن هذه الصياغة من شأنها إن تفسر التطور أو التحول الذي طرأ على هذا المبدأ في ظل القانون الدولي الجنائي كما من شأنها إن توضح اتساق مصادر هذا القانون مع مصادر القانون الدولي العام الواردة في المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية .
  ليس هناك ثمة شك إن الإقرار بمثل هذا التحول أو التطور في المبدأ ينطوي على خطورة لا تتوقف عند تجريم سلوك معين بل يتعدى ذلك إلى تقدير عقوبات لهذه الجرائم لم يرد نص بشأن تحديدها , وكلا الأمران  ينطوي على خطورة بالغة  تهدد ضمانات حقوق الإنسان رغم التبريرات التي قيلت بهذا الصدد والتي مردها إن القواعد العرفية لا تختلف بشيء من حيث الإلزام عن قواعد القانون الدولي الأخرى وكذلك إن قواعد القانون الدولي الإنساني والتي يشكل انتهاكها جرائم دولية لازالت قواعد عرفية .
          لقد  شكل البحث ثلاث حلقات متصلة يمكن القول معها إن كل حلقة أثبتت نتيجة معينة ابتدأت بالمبحث الأول  الذي  أكد إقرار ركن الشرعية في القانون الدولي ولكن بسمة مميزة مرورا بالمبحث الثاني الذي أكد اثر هذه السمة على المادتين 21 و 22 من النظام  الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ثم انتهاء بالمبحث الثالث الذي اثبت انه يمكن الاستناد إلى العرف كأساس للتجريم .
إن استعراض المباحث الثلاث التي حفل بها البحث يمكن إن يوصل إلى جملة من الاستنتاجات التي توصل لها البحث :-
1-     وجود ترابط  بين المادتين 21 و22 من النظام الأساسي حاول جانب من الفقه إن يصوره بصيغة أخرى مثل التعارض أو التسوية أو المرونة ولكن التسمية الأصح هي الترابط , ولكن وعلى الرغم من الإقرار بهذا الترابط فان الصياغة لم تكن موفقة.
2-     ندرة المؤلفات التي تحدثت عن هذا الموضوع على الرغم من خطورته .
3-     إن السمة المميزة لركن الشرعية قد تكون ناجمة عن محاولة التوفيق بين الفقه اللاتيني والفقه الانكلو سكسوني .
4-     إن هناك فرصة لتطبيق السوابق القضائية استنادا لحكم المادة 21 وهذا يكشف عن تناقض أخر مع المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية .
5-     إن وصف قاعدة ما بأنها عرفية في إطار القانون الدولي الجنائي لا يعني بالضرورة إن هذه القاعدة غير مدونة فقد تكون القاعدة مدونة ولكن رغبة الدول في إعطائها مزيدا من الإلزام في مواجهة الدول التي لم تصادق عليها .
6-     إن نص الفقرة الثالثة من المادة 22 من شانه إن يوسع بشكل مفرط من تجريم السلوك بموجب المواد (( 5, 6 ,7 ,8 )) من النظام الأساسي .
7-     إن اعتماد المحاكم الجنائية الدولية للنظام الاختصاصي وليس للنظام ألتحقيقي في توجيه التهمة زاد من حدة الانتقادات الموجهة لتلك المحاكم إذ يتطلب هذا النظام تفحص كافة الأدلة ومناقشتها شفويا في حين يقتصر الأسلوب ألتحقيقي على أدلة مختارة . 
                                 



الهوامش.




[1]         Steven and Sons limited , London ,1959,p371. J .Stone ,legal controls of international conflicts ,
[2] - د. سوسن تمر خاب بكه , الجرائم ضد الإنسانية ,ط1, منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت ,2006,ص140 .
[3] - د.  عبد القادر القهوجي ,شرح قانون العقوبات , ط1 , منشورات الحلبي الحقوقية ,بيروت , 2008 ,ص66.
[4] - د. محمود صالح العادلي , الجريمة الدولية , دراسة مقارنة , دار الفكر الجامعي , الإسكندرية , 2004 , ص67.
[5] - Glaser ,Nullm crimes Sine legal' ,journal of comparative legislation and international law ,Vol.xxiv, part .1,1942 ,p33.                                                                                                                                       
[6]  -         Catherine Elliott and Frances Quinn , Criminal law , fifth ed ,Pearson Longman ,Great Britain ,2004,p4.                                                                                                                                                      

[7] ـ د . يونس العزاوي ، مشكلة المسؤولية الجنائية الشخصية في القانون الدولي ، مطبعة شفيق ، بغداد ، 1970 ، ص53 .
[8] ـ د.عبد القادر القهوجي ، مصدر سبق ذكره ، ص66 ـ 67 .
[9] ـ John wheeler , Essential of the English legal system , second ed , Pearson Longman , England , 2006 , p175 .                                                                                                                                                 للمزيد من التطبيقات القضائية المعاصرة لركن الشرعية أنظر .
د . عبد الرحمن توفيق احمد ، محاضرات في الأحكام العامة لقانون العقوبات ، الجزء الأول ، دار وائل للنشر ، عمان ، 2006 ، ص100 ـ 103 .

[10] - د. محمد ثامر السعدون ,حقوق الإنسان المدنية , ط1 ,مطبعة العاتك , القاهرة , 2012, ص65 .
[11] - عباس هاشم ألساعدي  , جرائم الإفراد في القانون الدولي , رسالة ماجستير غير منشورة , كلية القانون , جامعة بغداد ,1976 ,ص27 .
[12] - د . إبراهيم سلامة , الجرائم ضد الإنسانية , المحكمة الجنائية الدولية , إعداد شريف عتلم , اللجنة الدولية للصليب الأحمر , ط5 , 2008 , ص97 .
[13] - د . سوسن تمر خاب بكه . مصدر سبق ذكره , ص138 .
[14] - د . إبراهيم الدراجي , جريمة العدوان , ط1 ,منشورات الحلبي الحقوقية ,.بيروت , 2005 , ص121- 122 .
[15] - د. عبد الرحمن حسين علام , المسؤولية الجنائية في نطاق القانون الدولي الجنائي , الجزء الأول , دار نهضة الشرق ,القاهرة , 1988 ,ص101.
[16]                -H.Baade , Individual responsibility in the future of the international legal order , Vol .1V , Princetion University Press, New Jersey ,1972 , P324 .                                                                             
[17] - د . محمود نجيب حسني , مصدر سبق ذكره ، ص67 ـ 68 .
[18] -Benjamin  B .Ferencz , from Nuremberg to Rome , Germany ,1998 ,P2.                                              
[19] ـInternational military tribunal , trail of the major war criminals before the international military         tribunal , Vol . l , Nuremberg , Germany , 1947 , p8 .                                                                                 
[20] ـ د . حسنين إبراهيم صالح ، القضاء الدولي الجنائي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1977 ، ص96 .
للمزيد حول الانتقادات التي وجهت للإجراءات الجنائية التي تتبعها تلك المحاكم منها ما يتعلق بتطبيقها للنظام الاختصاصي وليس النظام ألتحقيقي في توجيه التهمة وهو ما يستوجب فحص كافة الأدلة ومناقشتها شفويا في حين يقتصر الأسلوب ألتحقيقي على أدلة مختارة ومعينة يتم التوصل إليها أثناء التحقيق . . . للمزيد أنظر
ـ Antonio Cassese , International law, second ed , Oxford University press, New York, 2005 , p261 – 262 .                                                                                                              

[21] ـ د . محمود نجيب حسني ، مصدر سبق ذكره ،  ص69 .
[22] ـ نفس المصدر ،  ص60 .
[23] ـ أنظر : ـ
ـ د . السيد أبو عطية ، الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية ، 2001 ، ص251 .
ـ د . ضاري محمود خليل ، المبادئ الجنائية العامة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، مجلة دراسات قانونية ، بيت الحكمة ، ع 2 ، بغداد ، 1999 ، ص6 .
ـ د . احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات ، الجزء الأول ، القسم العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1981 ، ص255 .
[24] ـ عبد الله علي عبد سلطان ، دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق الإنسان ، أطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2004 ، ص73  .
[25] ـ د . محيي الدين عوض ، دراسات في القانون الدولي الجنائي ، دار الفكر العربي ، بدون سنة طبع ، القاهرة ، ص221 .
وللمزيد حول موضوع الصياغة المرنة انظر
ـ د . محمد ثامر السعدون ، الصياغة المرنة في القانون الدولي وتطبيقاتها في اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 ، مجلة الحقوق ، الجامعة المستنصرية , العدد 18 , السنة السادسة  ، 2012 ، ص29 وما بعدها .
[26] ـ د . إبراهيم محمد زيد ، المحكمة الجنائية الدولية في النظام العالمي الجديد ،                                   ، ص21 .
[27] -د .إبراهيم محمد العناني , المحكمة الجنائية الدولية , ط1 ,المجلس الأعلى للثقافة , القاهرة , 2006 , ص176 .
[28] -Theodore Moron , War Crimes in Yugoslavia and the Development of international law , A.              J.I.L,1994,P68.                                                                                                                                             
[29] - جمعية الدول الإطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية , الدورة الأولى , مطبوعات الأمم المتحدة , نيويورك ,2002,ص12 .
[30] - انظر المادة 51 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
[31] - د . ضاري خليل محمود وباسيل يوسف ,المحكمة الجنائية الدولية  هيمنة القانون أم قانون الهيمنة , بيت الحكمة , بغداد , 2003 , ص 141- 142 .
[32] - د. محمد شريف بسيوني , المحكمة الجنائية الدولية , ط1 ,دار الشروق القاهرة ,2004 , ص24 .
[33] - د . ضاري خليل وباسيل يوسف , مصدر سبق ذكره , ص14 .
[34] - د. احمد أبو ألوفا , الملامح الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية , المحكمة الجنائية الدولية , إعداد شريف عتلم , اللجنة الدولية للصليب الأحمر , ط5 ,2008 , ص34 .
[35] -Greet – Jan Alexander Knoops , Theory and practice of international and  internationalized criminal proceedings ,C. J. A .Knoops ,United Kingdom,2005,P81 .                                                                     
[36] ـ سوسن تمر خاب بكه ، مصدر سبق ذكره ، ص140 .
[37] ـ د . عبد الفتاح بيومي حجازي ، المحكمة الجنائية الدولية ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2005 ، ص36 . أنظر أيضا
- Silvia A – Fernandez de Gurmendi , An Insiders view , The International Court and the crime of   Ayyrssion , mauro politi and Giuseppe nesi , England , p 188 .
[38] ـ د . سعد عبد اللطيف حسن ، المحكمة الجنائية الدولية وتطبيقات القضاء الجنائي الدولي الحديث والمعاصر ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2004 ، ص232 .
[39] ـ بها الدين عطية عبد الكريم الجنابي ، مبدأ التكامل في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، أطروحة دكتوراه غير منشورة , كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2005 ، ص86 .
[40] ـ د . عبد الفتاح بيومي حجازي ، المحكمة الجنائية الدولية ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2005 ، ص36 . أنظر أيضا
- Silvia A –OP,cit, p 188 .
[40] ـ د . سعد عبد اللطيف حسن ، المحكمة الجنائية الدولية وتطبيقات القضاء الجنائي الدولي الحديث والمعاصر ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2004 ، ص232 .
[40] ـ بها الدين عطية عبد الكريم الجنابي ، مبدأ التكامل في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، أطروحة دكتوراه غير منشورة , كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2005 ، ص86 .
[40] ـ د . زياد عيناني ، المحكمة الجنائية الدولية ، ط 1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2009 ، ص331 .
[41] ـ   - Ian Brown lie, Principles of public International Law ,7th ed ,Oxford , 2008,p13.                             حيث يرى جانب من الففه الدولي المعاصران هناك مصادر إضافية لم ترد في المادة 38 من النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية مثل الاعتبارات الإنسانية والمصالح المشروعة حيث تعني الأولى مجموعة من القيم الإنسانية المحمية بموجب مبادئ قانونية مرعية وان كانت ترتبط ارتباطا وثيقا مع مبادئ القانون العامة أو اعتبارات العدالة إلا أنها تختلف وتتميز وتستقل عنها  بأنها لا تحتاج لممارسة تبرر إسباغ وصف الشرعية عليها . إن الاعتبارات الإنسانية سواء أكانت مبادئ أو حتى قواعد قانونية وردت في العديد من ديباجة الاتفاقيات الدولية كما وردت في توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة ووردت أيضا في الممارسات الدولية ولكن المثال التقليدي عليها ورد في إحكام القضاء الدولي كما في الاعتراف بحق المرور في قضية مضيق كورفو . كما تضمن الميثاق نصوص تتعلق بحماية تلك الاعتبارات مثل احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والتي عدت فيما بعد أساسا صلبا  برر ظهور وتعزيز مبادئ إنسانية أخرى مثل حق تقرير المصير أو مناهضة التعذيب , إما المصالح المشروعة فهي تصطف مع غيرها من المعايير مثل(( حسن النية ))  و (( المعقول )) لتشكل أساسا لنصوص اتفاقيات دولية ولكن المصالح المشروعة بما في ذلك المصالح الاقتصادية أدت دورا ملحوظا في التقدم المضطرد للقانون الدولي كما أنها تبرر من جهة أخرى مبادئ قانونية مسلم بها مثل الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة
[42] ـ إبراهيم محمد العناني ، مصدر سبق ذكره ، ص168 .
[43] ـ احمد عبد العزيز الألفي ،                       ص114
[44] - عبد الفتاح بيومي حجازي , مصدر سبق ذكره , ص40 .
[45] ـ د . ضاري خليل وباسيل يوسف ، مصدر سبق ذكره ، ص147  .
[46] ـ إبراهيم محمد العناني ، مصدر سبق ذكره ، ص169 .
[47] ـ بهاء الدين عطية عبد الكريم الجنابي ، مصدر سبق ذكره ، ص84 .
[48] ـ د . زياد عيناني ، مصدر سبق ذكره ، ص331 .
[49] - د. صلاح الدين عامر , المحكمة الجنائية الدولية , إعداد شريف عتلم , ط5 , اللجنة الدولية للصليب الاحمر , جنيف , 2008,ص121-123 . انظر أيضا .
- د. سهيل حسين الفتلاوي , القضاء الدولي الجنائي , ط1 , دار الثقافة للنشر والتوزيع , عمان 2011 , ص130 .
[50] - كنوت دورمان , اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية – أركان جرائم الحرب و المحكمة الجنائية الدولية ,إعداد شريف عتلم  , ط5, اللجنة الدولية للصليب الأحمر , جنيف , 2008 , ص75 .
[51] - د . حسين إبراهيم صالح , الجريمة الدولية , دار النهضة العربية  , القاهرة , بدون سنة طبع , ص 21 – 22 .
[52] ـ نفس المصدر ، ص178 ـ 139 .
[53] -Robert  Cryer , An Introduction  to Criminal Law and procedure , Cambridge University ,New York ,2008 ,p14 .                                                                                                                                               
[54] - J . Stone , OP,Cit, P396 .                                                                                                                       
[55] - د . محمد عادل محمد سعيد , التطهير العرقي , ط1 , دار الجامعة الجديدة , الإسكندرية , 2009 , ص731 – 732 .
[56] - نسرين عبد الحميد نبيه , الجريمة الدولية والانتربول ,المكتب الجامعي الحديث , بيروت , 2011 , ص183 .
[57] - Glaser , OP , Cit, P33.                                                                                                                            
[58] - د. سوسن تمر خاب بكه , مصدر سبق ذكره , ص86 .
[59] -Reservations to the convention on the prevention and punishment of the crime of genocide (( Advisory Opinion )) , 1951 , I .C .J,  Report ,16, P23.                                                                         
[60] - Maro Politi and Giuseppe Nesi , The Rome Statute Of The International  Criminal  Courts ,         Ashgate , U. S .A, 2001 , p256                                                                                                             
[61] - د . علي محمد جعفر , الاتجاهات الحديثة في القانون الدولي الجنائي , ط1 , المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع , بيروت , 2007 , ص15 .
[62] - د. زياد عيتاني , مصدر سبق ذكره ,ص328 .
[63] - د . سهيل حسين الفتلاوي , جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية , دار الثقافة للنشر والتوزيع , عمان , 2011, صب .
























المصادر
أولا- المصادر العربية.

أ – الكتب.

1- د . إبراهيم الدراجي , جريمة العدوان , ط1 ,منشورات الحلبي الحقوقية ,.بيروت , 2005  .
2- د . إبراهيم سلامة , الجرائم ضد الإنسانية , المحكمة الجنائية الدولية , إعداد شريف عتلم , اللجنة الدولية للصليب الأحمر , ط5 , 2008 .
3ـ د . إبراهيم محمد زيد ، المحكمة الجنائية الدولية في النظام العالمي الجديد ،                                    .
4- د .إبراهيم محمد العناني , المحكمة الجنائية الدولية , ط1 ,المجلس الأعلى للثقافة , القاهرة , 2006  . .
5- د. احمد أبو ألوفا , الملامح الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية , المحكمة الجنائية الدولية , إعداد شريف عتلم , اللجنة الدولية للصليب الأحمر , ط5 ,2008 .
6ـ د . احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات ، الجزء الأول ، القسم العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1981  .
7 ـ د . السيد أبو عطية ، الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية ، 2001  .
8ـ د . حسنين إبراهيم صالح ، القضاء الدولي الجنائي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1977 .
 9 - د . حسين إبراهيم صالح , الجريمة الدولية , دار النهضة العربية  , القاهرة , بدون سنة طبع  .
10ـ د . سعد عبد اللطيف حسن ، المحكمة الجنائية الدولية وتطبيقات القضاء الجنائي الدولي الحديث والمعاصر ، دار النهضة العربية ،
11- د. سوسن تمر خاب بكه , الجرائم ضد الإنسانية ,ط1, منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت ,2006 .
 12- د. سهيل حسين الفتلاوي , القضاء الدولي الجنائي , ط1 , دار الثقافة للنشر والتوزيع , عمان 2011  .
13- د . سهيل حسين الفتلاوي , جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية , دار الثقافة للنشر والتوزيع , عمان , 2011 .
14- د. صلاح الدين عامر , المحكمة الجنائية الدولية , إعداد شريف عتلم , ط5 , اللجنة الدولية للصليب الأحمر , جنيف , 2008
 15ـ د . ضاري  خليل محمود ، المبادئ الجنائية العامة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، مجلة دراسات قانونية ، بيت الحكمة ، ع 2 ، بغداد ، 1999  .
16- د . ضاري خليل محمود وباسيل يوسف ,المحكمة الجنائية الدولية  هيمنة القانون أم قانون الهيمنة , بيت الحكمة , بغداد , 2003 .
 17 ـ د . زياد عيناني ، المحكمة الجنائية الدولية ، ط 1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2009 .
 18- د . عبد الرحمن توفيق احمد ، محاضرات في الأحكام العامة لقانون العقوبات ، الجزء الأول ، دار وائل للنشر ، عمان ، 2006 
19- د. عبد الرحمن حسين علام , المسؤولية الجنائية في نطاق القانون الدولي الجنائي , الجزء الأول , دار نهضة الشرق ,القاهرة , 1988 .
.20 ـ د . عبد الفتاح بيومي حجازي ، المحكمة الجنائية الدولية ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2005 .
21- د.  عبد القادر القهوجي ,شرح قانون العقوبات , ط1 , منشورات الحلبي الحقوقية ,بيروت , 2008 .
22- د . علي محمد جعفر , الاتجاهات الحديثة في القانون الدولي الجنائي , ط1 , المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع , بيروت , 2007.
23- كنوت دورمان , اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية – أركان جرائم الحرب و المحكمة الجنائية الدولية ,إعداد شريف عتلم  , ط5, اللجنة الدولية للصليب الأحمر , جنيف , 2008  .
24- د. محمد ثامر السعدون ,حقوق الإنسان المدنية , ط1 ,مطبعة العاتك , القاهرة , 2012 .
25 ـ د . محمد ثامر السعدون ، الصياغة المرنة في القانون الدولي وتطبيقاتها في اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 ، مجلة الحقوق ، الجامعة المستنصرية, العدد 18, السنة السادسة. ، 2012 .
26- د. محمد شريف بسيوني , المحكمة الجنائية الدولية , ط1 ,دار الشروق القاهرة ,2004  .
27- د . محمد عادل محمد سعيد , التطهير العرقي , ط1 , دار الجامعة الجديدة , الإسكندرية , 2009 .
28- د. محمود صالح العادلي , الجريمة الدولية , دراسة مقارنة , دار الفكر الجامعي , الإسكندرية , 200.
 [63] ـ د . محيي الدين عوض ، دراسات في القانون الدولي الجنائي ، دار الفكر العربي ، بدون سنة طبع ، القاهرة.
30- نسرين عبد الحميد نبيه , الجريمة الدولية والانتربول ,المكتب الجامعي الحديث , بيروت , 2011  .
31ـ د . يونس العزاوي ، مشكلة المسؤولية الجنائية الشخصية في القانون الدولي ، مطبعة شفيق ، بغداد ، 1970  .


ب - الاطاريح والرسائل .

32ـ بها الدين عطية عبد الكريم الجنابي ، مبدأ التكامل في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، أطروحة دكتوراه غير منشورة , كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2005 ، ص86 .
33- عباس هاشم ألساعدي  , جرائم الإفراد في القانون الدولي , رسالة ماجستير غير منشورة , كلية القانون , جامعة بغداد ,1976 .
. [63] ـ عبد الله علي عبد سلطان ، دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق الإنسان ، أطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2004 .

ج - التقارير الدولية .

35- جمعية الدول الإطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية , الدورة الأولى , مطبوعات الأمم المتحدة , نيويورك ,2002 .

د - المواثيق الدولية.

36-  النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998 .
37- اتفاقية لندن الموقعة في 8 أب 1945 .
38- ميثاق نورمبرغ 1945 .
39- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 .
40- اتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949
41- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 .
42- اتفاقية فينا لقانون عقد المعاهدات لسنة 1969 .
43- النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية لسنة 1945 – اتفاقية جنيف لمكافحة الإرهاب لسنة 1937 .
44- اتفاقية مكافحة اخذ الرهائن لسنة 1979 .
45- اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الاتجار غير المشروع بالمخدرات لسنة 1961 .



ثانيا- المصادر الأجنبية

ـ 46- Antonio Cassese , International law, second ed , Oxford University press, New York, 2005  .                                                                                                              
47-Benjamin  B .Ferencz , from Nuremberg to Rome , Germany ,1998.

48- Catherine  Elliott and Frances Quinn , Criminal law , fifth ed ,Pearson Longman ,Great Britain ,2004.                                                                                                                                         
                49-H.Baade , Individual responsibility in the future of the international legal order , Vol .1V , Princeton University Press, New Jersey ,1972 .
- 50-Glaser ,Nullm crimes Sine legal' ,journal of comparative legislation and international law ,Vol.xxiv, part .1,1942.                                                                                                                                        
                                                                            
51-Greet – Jan Alexander Knoops , Theory and practice of international and  internationalized criminal proceedings ,C. J. A .Knoops ,United Kingdom,2005 .                                                                     
                                                                                                                       52  - Ian Brown lie, Principles  of public International Law ,7th ed ,Oxford , 2008.                               
      [63]         Steven and Sons limited , London ,1959,. 53-J .Stone ,legal     
      [63] ـ 54-John wheeler , Essential of the English legal system , second ed , Pearson Longman , England , 2006  .                                                                                                                                                 
ـ55-International military tribunal , trail of the major war criminals before the international military         tribunal , Vol . l , Nuremberg , Germany , 1947  .
                                                                            [63] 56- Maro Politi and Giuseppe Nesi , The Rome Statute Of The International  Criminal  Courts ,         Ashgate , U. S .A, 2001 .                                                                                                          
57-Theodore Meron , War Crimes in Yugoslavia and the Development of international law , A.              J.I.L,1994.                                                                                                                                             
58- Silvia A – Fernandez de Gurmendi , An Insiders view , The International Court and the crime of   Egression , Mauro politi and Giuseppe nesi , England  .
  [63] 59-Robert  Cryer , An Introduction  to Criminal Law and procedure ,    Cambridge University ,New York ,2008  .                                                                                                                                                
60-Reservations to the convention on the prevention and punishment of the crime of genocide             (( Advisory Opinion )) , 1951 , I .C .J,  Report ,16.                                                                        


تعليقات