العنوان : المخبر الخاص ومدى
شرعية الاستعانة به في كشف الجريمة
المؤلف: عـادل عبد العال خراشي
المؤلف: عـادل عبد العال خراشي
المخبر الخاص
ومدى شرعية الاستعانة به في كشف الجريمة
وضمانات تطبيقه في الفقه الإسلامي والقانون الإجرائي
دكتور
عـادل عبد العال خراشي
مدرس القانون الجنائي
كلية الشريعة والقانون
بالقاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ
وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ...)
صدق الله العظيم
[سورة المائدة من الآية (2)]
المقدمة
موضوع البحث وأهميته:
تستهدف رسالة مكافحة الجريمة بصفة عامة صيانة أمن المجتمع بتنقيته من
شوائب الانحراف وحمايته من كافة الأنشطة الإجرامية، ولعل من أبرز هذه الوظائف
وظيفتها في كشف الجرائم والقبض على مرتكبيها وإقامة الأدلة عليهم.
وقريبًا كان المفهوم السائد أن مسئولية الكشف عن الجريمة إنما يقع
عبؤها على عاتق رجال الشرطة دون غيرهم بوصفهم حفظة الأمن، غير أن هذا المفهوم
التقليدي أصبح لا يساير الاتجاهات العلمية الحديثة التي باتت تنظر إلى الجريمة
بنظرة أعمق وبوصفها ظاهرة اجتماعية جديرة بالرعاية والدراسة العلمية، التي تستوجب
أن يشترك فيها هيئات متعددة تتعاون في كشفها وتتضافر جهودها في سبيل القضاء عليها.
وفى الحقيقة لقد تزايدت معدلات الجريمة وأساليبها في كل أنحاء العالم
تزايدًا أثار قلق المهتمين بالأمن، كما استوجب ذلك ضرورة إعادة تقييم دور الشرطة
ومدى قدرته على الوفاء بالتزاماته، اعتمادًا على قدرته الذاتية التي وضح جليًّا أنها
لم تعد تكفي وحدها لتحمل هذه الأعباء، حيث إنه من المعروف أنه ليس في استطاعة أي
جهاز شرطي مهما بلغ عدده أو تكاملت إمكاناته أن يوفر الأمن للدولة وللأفراد
المقيمين فيها ([1])، كما
يظهر جليًّا أنه ما من سبيل لتحقيق هذا الأمن دون تحمل المجتمع بمختلف طوائفه قسطًا
من هذه الأعباء ومشاركته فيها مشاركة إيجابية فعالة أيا كان المقابل في ذلك.
من هذا المنطلق تأتي أهمية البحث في موضوع المخبر الخاص أو شركات
التحريات الخاصة ومدى شرعيتها في إجراء التحري والكشف عن الجريمة باعتبارها إحدى
الهيئات الخاصة في المجتمع والتي قد يكون لها دور فعال في الكشف عن الجريمة.
وترجع أهمية الأخذ بنظام المخبر الخاص - شركات التحريات الخاصة- إلى
ما حدث في العصر الحديث من تطور مطرد في كافة مجالات الحياة، الأمر الذي كان له
مردوده على زيادة حجم الخدمات الأمنية، وخاصة بعد أن أخذت مصر بنظام الاقتصاد الحر
والخصخصة مما ترتب عليه زيادة الأعباء الملقاة على عاتق جهاز الشرطة وأفراده، كما
أن الزيادة المطردة في الجريمة واتساع دائرتها وسهولة إخفاء معالمها فتح ذلك الباب
أمام الأفراد إلى الاستعانة بمن يقوم بجمع التحريات والأدلة حول ما وقع عليهم أو
على ذويهم من جرائم نظير أجر مادي، خاصة إذا رأى هؤلاء الأفراد أن تحريات الشرطة
وما يقومون به من إجراءات غير كافية في نظرهم لكشف غموض الجرائم الواقعة عليهم.
وقد لوحظ في الآونة الأخيرة تزايد الاهتمام بالمجني عليه المتضرر من
الجريمة، وانتشرت الأبحاث والتعديلات التشريعية التي حولت الاهتمام تجاه هذه الطرف
الذي ظل لفترات طويلة محل عدم اكتراث قانوني، كما علت الأصوات المطالبة في الفترة
الأخيرة بضرورة إعطاء دور أكبر للمجني عليه عندما تباشر الشرطة وهيئات الادعاء
السلطات المخولة لها في اتخاذ أي إجراء بدءًا من مرحلة الاستدلال والكشف عن
الجريمة حتى الإفراج عن المحكوم عليه ([2])،
ولا شك أن البحث في منح المجني عليه حقه في الاستعانة بالمخبر الخاص لكشف ما وقع
عليه من جريمة يتفق مع ما ينادي به الكثير في الوقت الحالي من اهتمام بالمجني عليه
وبحقوقه.
وعلى الرغم من أهمية الدور الذي يلعبه المخبر الخاص في الكشف عن
الجريمة إلا أنه من الملاحظ وللأسف أن هذا الموضوع لم يلق العناية الكافية سواء من
المشرع الإجرائي المصري أو من الفقه القانوني، حيث اتسم موقف الأول بالسلبية في
تناوله لهذا الموضوع على الرغم من أهميته من الناحية العملية والتي لا تقل أهمية عن
الدور الذي يلعبه مأمور الضبط القضائي أو رجل السلطة العامة في كشف الجريمة والذي
أولاه المشرع الإجرائي باهتمام كبير، كما اتسم موقف الثاني بالسلبية في تناوله
لهذا الموضوع، ولم أعثر إلا على بعض الكتابات القليلة المتناثرة هنا وهناك، على
الرغم من كثرة ما كتب من مؤلفات في الإجراءات الجنائية.
من ناحية أخرى أيضًا لم أجد وفق ما أتيح لي من اطلاع وما وقفت عليه
من كتب من تناول هذا الموضوع من منظور إسلامي مما يجعل مهمة الباحث صعبة إذ عليه
أن ينظر في القواعد العامة في الشريعة الإسلامية ويأخذ منها ما يراه متعلقًا
بالموضوع محل البحث.
وإزاء هذا الموقف من قبل المشرع الإجرائي والفقه كان لزامًا عليَّ أن
أبحث في هذا الموضوع وأن ألقي جانبًا متواضعًا على إحدى الموضوعات والمسائل
القانونية والتي تعد ذات أهمية كبيرة في العصر الحالي.
خطة البحث:
قسمت هذا البحث إلى: مقدمة وتمهيد ومبحثين وخاتمة، وذلك على النحو
التالي:
التمهيد: ماهية نظام
المخبر الخاص.
المبحث الأول: مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص.
المبحث الثاني: ضمانات تطبيق نظام المخبر الخاص.
الخاتمة أشرت فيها إلى أهم
نتائج البحث وتوجيهاته.
التمهيد
ماهية نظام المخبر الخاص
وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: التعريف بالمخبر الخاص.
الفرع الثاني: التمييز بين المخبر الخاص وما يشتبه به.
الفرع الثالث: تأصيل فكرة الاستعانة بالمخبر الخاص.
الفرع الأول
التعريف بالمخبر الخاص
وسوف أبين المقصود بالمخبر الخاص في كل من النظام الإجرائي الإسلامي
والقانون وذلك على النحو التالي:
أولاً: في النظام الإجرائي
الإسلامي:
في الحقيقة لم يكن نظام المخبر الخاص موجودًا من قبل في ظل النظام
الإجرائي الإسلامي، وإنما هو نظام استجد حديثًا وفقًا لظروف معينة ووفقًا لمتطلبات
الحياة الحديثة، بسبب زيادة معدلات الجريمة والتنمية الاقتصادية ومتطلباتها
الأمنية وضعف الإمكانيات المادية والفنية لدى أجهزة الأمن، ولكن هذا لا يعني أن
النظام الإجرائي الإسلامي بمنأى عن هذا النظام، فأصوله وجذوره التي يستند عليها
ترجع إلى النظام الإجرائي الإسلامي ([3])،
فإذا كان مضمون هذا النظام يعني قيام المجني عليه أو ذويه بالاستعانة بالمخبر
الخاص أو إحدى شركات التحريات الخاصة لكشف ما وقع عليه من اعتداء نظير مقابل مادي،
فإن هذا الأمر في النظام الإجرائي الإسلامي كان يقوم به الأفراد على سبيل التطوع
وبدون الحصول على مقابل مادي، وذلك من خلال ما عرف بنظام الحسبة ([4])،
حيث كان يقوم بها شخص يسمى: المحتسب، وكان من مهامه كشف الجريمة والبحث عن مرتكبها
والقبض عليه، وتقديم كافة الأدلة التي تفيد في كشفها، حيث كانت الحسبة هذه وظيفة
شعبية بحتة يقوم بها المتطوعون من الناس ثم تطورت للرسمية لما هبط الإيمان في قلوب
الناس.
وإذا كان هذا النظام غير موجود من قبل فإن التشريع الإجرائي الإسلامي
كما سيأتي لا يمنع المجني عليه أو ذويه من الاستعانة بإحدى شركات التحريات الخاصة
لكشف ما وقع عليه من جرائم، وذلك في إطار من الضوابط والضمانات اللازمة لتطبيقه.
ثانيًا في القانون:
انتشر استخدام مؤسسات الحماية الخاصة في العصر الحديث في أغلب دول
العالم، وبصفة خاصة تلك الدول التي تتبع نمط الاقتصاد الحر أو ما يعرف باقتصاد
السوق، حيث تعمل هذه المؤسسات إما على نطاق واسع وبشكل منتظم ومتقن، أو على نطاق
محدود وبمعرفة عدد من المؤسسات الكبرى ([5]).
وتختص هذه المؤسسات بأعمال التأمين والحراسة، والبعض الآخر يختص
بأعمال التحريات وجمع المعلومات اللازمة للكشف عن الجريمة، وهو ما يطلق عليه
المخبر الخاص، ويعمل في هذه الشركات عدد من المخبرين الخصوصيين الذين يمكن
الاستعانة بهم في إجراء التحريات في المجالات المختلفة، وذلك نظير مبلغ من المال،
ويجوز رفع الدعوى الجنائية والاتهام بناء على هذه التحريات، وتهتم هذه الشركات
بجمع الأدلة، وخاصة المادية التي تساعد على تقوية أسانيد الاتهام أو البراءة بحسب
ظروف الواقعة ([6]).
ويجيز القانون في الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء هذه الشركات،
والواقع العملي يؤكد أن لها دورًا هامًّا في معاونة أجهزة الشرطة الأمريكية في كشف
غموض العديد من القضايا المجهولة وإظهار الحقيقة فيها، سواء أكانت مؤيدة للاتهام
أو البراءة ([7]).
وعلى ذلك فالمخبر الخاص أو شركات التحريات الخاصة هي شخص أو شركة
يديرها أفراد لهم خبرات في مجالات الأمن، يمارسون البحث والتحري لحساب فرد أو
مؤسسة، في مجالات اجتماعية أو مدنية أو جنائية، نظير أجر يحدد على قدر الخدمة
المقدمة.
وهذه الشركات تعمل في الدول المصرح بها بتواجد هذا النظام بإجراء
التحريات حول الأشخاص أو فحص وقائع لحساب طالب هذه الخدمة، ويعتد بتحرياتهم أمام
المحاكم بعد مناقشاتهم فيها بناء على التصريح لهم بمزاولة هذا النشاط.
1-أساب
انتشار شركات الأمن الخاص (المخبر الخاص).
حققت شركات الأمن الخاص في الآونة الأخيرة انتشارًا واسعًا، ويرجع
السبب في ذلك إلى عدة أسباب، أهمها:
أ-
التنمية
الاقتصادية ومتطلباتها الأمنية، فقد كان لتحول نظام الاقتصاد المصري من الفكر
الاشتراكي إلى الفكر الرأسمالي واتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي وزيادة المشروعات
الاستثمارية والشركات، أكبر الأثر في زيادة العبء على الجهات الأمنية (وزارة
الداخلية) في مجال التأمين والحراسة مما فتح الباب لظهور مثل هذه الشركات ([8]).
ب- زيادة ارتكاب الجرائم بنسب كبيرة خاصة جرائم
السرقة والجرائم الإرهابية.
ج- قصور الخدمات التي تقدمها الأجهزة الشرطية عن إشباع الحد الأمني
اللازم للأفراد والمؤسسات والمنشآت العامة والخاصة داخل ربوع الدولة، والرغبة في
الحصول على خدمات أمنية إضافية، وهذه الخدمات تزيد عن الإشباع الأمني المتوسط الذي
تكفله أجهزة الشرطة للجميع داخل الدولة في ظل الإمكانات المتاحة لدى هذه الأجهزة،
سواء المادية أو البشرية ([9]).
2- الخدمات التي تقدمها
شركات التحريات (المخبر الخاص) في الأنظمة التي تعمل بها:
تقوم شركات التحريات الخاصة بتقديم خدمات عديدة للمتعاقدين معها في
مجالات عدة([10])، من
أهمها ما يلي:
أ-
التحريات
الاجتماعية، وهى على سبيل المثال التحري في حالات الزواج عن أي من الطرفين لصالح
الطرف الآخر، أو حصر تركة أحد المتوفين لحساب الورثة، أو إثبات النسب أو العكس
لأحد طرفي الدعوى، وهذه أعمال خارجة عن نطاق الشرطة، ويلجأ المواطنون إلى هذه
الشركات لعدم تمكنهم من القيام بها بأنفسهم.
ب-
التحريات
في الدعاوى المدنية، مثل الدعاوى المرفوعة بإثبات الملكية وذلك في البحث عن الشهود
أو المستندات، أو في دعاوى إثبات عدم إفلاس المدين وتهربه من السداد بإثبات ملكيته
أو بيعه الصوري لأملاكه.
جـ-التحريات
في المجال الجنائي، وهى تتمثل في البحث عن متهم هارب، والإرشاد عنه، أو البحث عن
مرتكب حادثة، أو البحث عن مسروقات، ويكون ذلك لصالح طالبي هذه الخدمة([11]).
د-كما
تلجأ البنوك لهذه الشركات للتحري عن المتعاملين معها ومدى إمكانياتهم وأصولهم
الثابتة، وذلك لضمان أموال البنوك، أو التحري عن العاملين بها في الأماكن الحساسة.
هـ-كما
تقوم هذه الشركات بحراسة وتأمين المنشآت، سواء أكان باستخدام أفراد مسلحين أو بدون
سلاح، أو استخدام الكلاب البوليسية، أو عن طريق مرور السيارات على أماكن الحراسة،
كما تقوم هذه الشركات بنقل النفائس والأموال سواء الخاصة بالأفراد أو الهيئات أو
البنوك بواسطة سيارات مصفحة وطاقم حراسة من الأفراد المسلحين.
الفرع الثاني
التمييز بين المخبر الخاص
وما يشتبه به
وسوف أميز بين المخبر الخاص وكل من رجل الشرطة ووالي الجرائم في
النظام الإجرائي الإسلامي والمخبر الرسمي والمرشد السري والشاهد في القانون، وذلك
على النحو التالي:
أولاً: في النظام الإجرائي
الإسلامي:
1-التمييز
بين المخبر الخاص ورجل الشرطة:
يجب عدم الخلط في النظام الإجرائي الإسلامي بين المخبر الخاص ورجل
الشرطة، حيث يعد الثاني من الجند الذين يعتمد عليهم الخليفة والوالي في استتباب
الأمن وحفظه، والقبض على الجناة والمفسدين وغير ذلك من الأعمال التي تكفل أمن
الجمهور وطمأنينته ([12]).
ويقصد بالشرطة الهيئة النظامية المكلفة بحفظ الأمن والنظام وتنفيذ أوامر الدولة
وأنظمتها ([13])، وكان
يطلق على رجال الشرطة اسم (العسس) ([14])
وكانت لهم سلطات واسعة منحت لهم لدواعي المحافظة على الأمن والنظام وتتبع مرتكبي
الجرائم للقبض عليهم وإحضارهم أمام القضاة للتحقيق معهم ([15]).
معنى ذلك أن رجل الشرطة في النظام الإجرائي الإسلامي كان يعد ممن
يعملون بصفة رسمية لدى الخلفية والوالي ويحصل على رابت ثابت باعتباره موظفًا
عامًّا، وكان له الحق في مباشرة السلطات الواسعة واللازمة لاستتباب الأمن وحفظه
والبحث عن الجناة والقبض عليهم عند وقوع الجريمة والبحث عن الأدلة التي تفيد
ارتكابهم لها.
أما المخبر الخاص فهو كما سبق شخص يعمل في إحدى شركات التحريات
الخاصة يمكن للمجني عليه أو أحد ذويه الاستعانة به في إجراء التحري بشأن جريمة
وقعت عليه، وذلك نظير مبلغ من المال، يلتزم بدفعها من تعاقد معه، لذا فهو لا يعد
من الموظفين العموميين الذين تتوافر فيهم هذه الصفة.
2-التمييز
بين المخبر الخاص ووالي الجرائم:
يجب أيضًا عدم الخلط في النظام الإجرائي الإسلامي بين المخبر الخاص
ووالي الجرائم، حيث يعد الثاني من أشخاص القائمين بالكشف عن الجريمة والتحري عنها
وتشبه اختصاصاته إلى حد كبير اختصاصات مأموري الضبط القضائي القائمين بالتحري في
القانون الوضعي، وقد ذكر الفقهاء ([16])
أهم هذه الاختصاصات منها أنه يسمع الدعوى من المتهم، ويأمر بجمع التحريات عنه فإن
كان معروفًا عنه سوء السمعة وشهرة ارتكابه للجرائم المبلغ عنه، بسبب وقوعها بالغ
في الكشف والتحري للتأكد من صحة التهمة الموجهة إليه، وإن أسفرت التحريات عن نزاهة
المدعى عليه وبراءته مما نسب إليه أطلق سراحه ولم يتعرض له، كما أنه يسمع شهادات
أهل المتهمين وما يدلون به من أقوال تنبئ عن أحوال هؤلاء المتهمين وطبائعهم مما
يساعد في الوصول إلى الحقيقة ومعرفة حقيقة هؤلاء المتهمين مدى صحة الاتهام الموجه
إليه، كما أنه يتلقى البلاغات والشكاوي من عامة الناس، وإن لم توجب حدًّا ولا
غرمًا، ويحقق فيها.
معنى ذلك أن والي الجرائم في النظام الإجرائي الإسلامي يعد ممن
يعملون بصفة رسمية لدى الخليفة أو الوالي ويباشر إجراءات التحري والكشف عن الجريمة
بناء على هذه الصفة بخلاف المخبر الذي لا تتوافر فيه هذه الصفة، الأمر الذي يعني
أنه لا يباشر إجراء التحري والكشف عن الجريمة إلا بعد موافقة المجني عليه وتوافر
الضمانات اللازمة لذلك.
ثانيًا: في القانون:
1-التمييز
بين المخبر الخاص والمخبر الرسمي:
يجب عدم الخلط بين صفة كل من المخبر الخاص والمخبر والرسمي، فالثاني
يعمل بصفة رسمية في أحد أقسام الشرطة أو البوليس، ويحصل على راتب ثابت باعتباره
موظفًا عموميًّا، ويعد من مرؤوسي الضبط القضائي، وله حق مباشرة السلطات المخولة
لمرؤوسي الضبط القضائي طبقًا للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تنص
على أنه (يجب عليهم –يعني: مأموري الضبط وعلى مرؤوسيهم- أن يحصلوا على جميع
الإيضاحات ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم أو التي
يعلمون بها بأية كيفية كانت وعليهم أن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية اللازمة
للمحافظة على أدلة الجريمة ).
أما المخبر الخاص فهو شخص يعمل في إحدى شركات الأمن الخاصة أو
التحريات الخاصة، يمكن الاستعانة به لإجراء التحريات في المجالات المختلفة، وذلك
نظير مبلغ من المال، ومن ثم لا يعد هذا الأخير موظفًا عموميًّا يعمل في أحد أقسام
الشرطة، بل هو شخص يعمل لحساب نفسه أو لإحدى شركات التحريات الخاصة، يمكن
الاستعانة به في كشف الجرائم، وذلك نظير مبلغ من المال يتقاضاه ممن طلب منه ذلك.
2-التمييز
بين المخبر الخاص والمرشد السري:
يجب أيضًا عدم الخلط بين المخبر الخاص والمرشد السري، فالأخير يراد
به ذلك الشخص الذي يتصل به مأمور الضبط القضائي سرًّا للحصول منه على معلومات
معينة تفيد في منع وقوع الجريمة أو كشف غموض جريمة وقعت بالفعل وذلك للوصول للجناة
المساهمين فيها ([17])، وهو
شخص في الغالب يكون من آحاد الناس رأى مأمور الضبط أن يضع ثقته فيه لكي يحصل منه
على المعلومات أو إفادات متعلقة بإحدى الجرائم ([18])،
وقد يقوم بهذا العمل مقابل أجر أو مكافأة يحصل عليها، وقد لا يحصل على أية مكافأة
وذلك حينما تدفعه الغيرة على مصلحة الوطن للإدلاء بمعلومات معينة.
أما المخبر الخاص فهو شخص يستعين به المجني عليه أو أحد ذويه لكشف
جريمة وقعت عليه وإجراء التحريات بشأنها، وذلك نظير مبلغ من المال، فالمخبر يقوم
بهذا العلم ابتغاء الربح ليس إلا.
3-التمييز
بين المخبر الخاص والشاهد:
تعرف الشهادة بأنها تقرير يصدر عن شخص أمام جهات التحقيق أو أمام
محكمة، في شأن واقعة عاينها الشاهد بحاسة من حواسه ([19])،
أو هي إخبار شفهي يدلي به الشاهد في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها على الوجه الصحيح
([20]).
وهي دليل شفهي باعتبار أن الشاهد يدلي بشهادته شفهيًّا أمام السلطة المختصة بسماع
شهادته، وهي قد تكون مباشرة إذا عاين الشاهد الواقعة بإحدى حواسه، وقد تكون سماعية
إذا انصبت على رواية الشاهد عن غيره ([21]).
وللشهادة أهمية كبيرة سواء في مرحلة التحقيق الابتدائي أو في مرحلة
المحاكمة، بل إن الاستماع إلى الشهود يكاد يكون من أهم إجراءات التحقيق الابتدائي.
وفي الوقت الذي اهتم فيه المشرع الإجرائي المصري بالأحكام الخاصة
التي تنظم الشهادة وذلك في المواد من 110 إلى 122 والمواد من 277 إلى 290 من قانون
الإجراءات الجنائية نجد على المقابل أن مسألة الاستعانة بالمخبر الخاص في كشف
الجريمة وإجرائه التحريات غير مأخوذ بها في القانون المصري، ولم ترق بعد إلى حد
التنظيم، كما سيأتي ذلك.
ومن أهم الفروق الجوهرية بين المخبر الخاص والشاهد ما يلي:
أ-
ألزم
المشرع الإجرائي كل شخص استدعي لأداء الشهادة أمام المحكمة أن يحضر وأن يقول
الصدق، فإذا أخل بهذا الواجب تعرض للجزاءات المقررة قانونًا، وإذا امتنع الشاهد عن
الإجابة في غير الأحوال المصرح بها قانونًا حكم عليه بالغرامة في الحدود التي نصت
عليها المادة 284 ([22])،
هذه أحكام لا تسري في حق المخبر الخاص الذي لا يقدم الشهادة، بل يقدم معلومات أو
إفادات للمجني عليه أو أحد أقاربه حول جريمة وقعت عليه عند طلب ذلك منه.
ب-
التزام
الشاهد بحلف اليمين التزام أساسي؛ لأن اليمين هي التي تعطي للشهادة قيمتها
القانونية، ومن ثم لا يحق للشاهد أن يمتنع عن حلف اليمين ([23])،
وهذا الالتزام لا يقع على عائق المخبر الخاص، فلا يحلف اليمين أمام الشخص الذي طلب
منه إجراء التحريات أو إجراء الكشف عن الجريمة؛ لأن العلاقة بينهما تقوم أساسًا
على التعاقد المبرم بينهما، والذي في الغالب يلتزم فيه المخبر ببذل العناية دون
تحقيق نتيجة، لكن من الممكن أن يحلف المخبر اليمين أمام جهات التحقيق والقضاء إذا
دعي إليها على أساس مناقشته في الوقائع التي قام بجمع التحريات عنها.
ت-
للشاهد
حقوق تقابل الالتزامات المفروضة عليه، منها الحق في مقابل المصاريف التي أنفقها
وتعويضه عمَّا ناله من تعطيل، أما المخبر الخاص فحقوقه المادية تقع على عائق
المجني عليه أو ذريه على أساس التعاقد المبرم بينهما.
الفرع الثالث
تأصيل فكرة الاستعانة بالمخبر الخاص
وسوف أوضح هذا التأصيل في كل من التشريع الإجرائي الإسلامي والقانون
الإجرائي وذلك على النحو التالي:
أولاً: في التشريع
الإجرائي الإسلامي:
ترجع فكرة الاستعانة بالمخبر الخاص في التشريع الإجرائي الإسلامي إلى
ما يعرف بنظام الاتهام الشعبي والاتهام الفردي([24])،
فقد أجاز المشرع الإسلامي الاتهام الشعبي في جرائم الحدود، وهي المتعلقة بحق الله
تعالى أو يغلب فيها حقه، مثل جرائم الردة والحرابة والزنا وشرب الخمر، وبمقتضى هذا
الاتهام يكون لأي فرد أصابه ضرر مباشر أو لم يصبه أن يتقدم بالاتهام دفاعًا عن
المجتمع وحفاظًا على حقوقه، حتى وإن كان قد عين لمثل ذلك من يقوم به، من أمثال
المحتسب، باعتبار أن الحسبة واجب على كل مسلم مكلف يعلم حكم الدين ([25]).
ويرجع سند تخويل الحق في الاتهام الشعبي في الجرائم السابقة إلى ما
ورد من نصوص تشريعية في هذا الشأن موجهة خطابها إلى مجموع الأفراد منها قوله
تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ)([26]) وقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ
وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ
اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)([27]) وقوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي
فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)([28]) وقول الرسول صلى
الله عليه وسلم: «إن
الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه»
([29]).
ويستفاد
من هذه النصوص أن الشارع خاطب أفراد المجتمع بتوقيع العقاب في الجرائم التي تمثل
مساسًا بحقوق ومصالح المجتمع، وهذا الأمر لا يتأتى إلا بتخويل جميع الأفراد الحق
في الاتهام، ومن باب أولى الحق في مباشرة الإجراءات السابقة على الاتهام واللازمة
له، وهى إجراءات الكشف عن الجريمة.
كما
أباح التشريع الإجرائي الإسلامي الاتهام الفردي في الدعاوي الجنائية الخاصة التي
تتعلق بحقوق العباد مثل جرائم القصاص والدية والجرائم التعزيرية التي تمس حق
العبد، كالسب، والاتهام بالباطل، وإفشاء الأسرار الخاصة.
ففي
هذه الجرائم تكون الجريمة قد أصابت المجني عليه الفرد بأذى مباشر، ويكون هو وحده
صاحب الحق في إقامة الدعوى الجنائية، فلا يستطيع غيره إقامتها، ففي دعوي القصاص
يكون المجني عليه في جرائم الاعتداء على ما دون النفس أو وليه في جرائم الاعتداء
على النفس (القتل) هو الذي يحرك الدعوى ([30])، ويقوم باتخاذ الإجراءات
اللازمة لذلك، كالتحري عن الجاني والقبض عليه.
ويعتمد
تخويل الحق في الاتهام الفردي للمجني عليه وأوليائه إلى أدلة كثيرة منها قوله
تعالى: (وَمَن
قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي
القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً)([31]) وقوله تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ
أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ
تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)([32]) وقوله تعالى: (فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ
فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ)([33])، وما روي أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: «من
قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى أو يقاد»
([34])، وقوله صلى
الله عليه وسلم: «من
أصيب بدم أو خبل –والخبل: الجرح- فهو بالخيار بين
إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه بين أن يقتص أو يعفو ويأخذ العقل، فإن
أخذ من ذلك من شيء ثم عدا بعد ذلك فله النار خالدًا فيها مخلدًا»
([35]).
فهذه
النصوص واضحة الدلالة في تخويل المجني عليه وأوليائه حق الاتهام الفردي في الدعاوى
التي تمثل مساسًا بحقوقهم الخاصة، وفى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحريك
الدعوى.
وهناك
جرائم ينشأ عنها حقان حق لله تعالى -حق المجتمع- وحق العبد، كما هو الحال في
جريمتي السرقة والقذف، فالأولى ينشأ عنها حق المجتمع في عقاب الجاني وحق المجني
عليه في استرداد ماله، والثانية ينشأ عنها حق المجتمع في عدم إشاعة الفاحشة وعدم
الخوض في أعراض الناس وحق المجني عليه في تخليص ما لحق به من عار، وقد اختلف
الفقهاء في تغلب أي الحقين على الآخر، ففي جريمة القذف ذهب الشافعية والحنابلة
وبعض الحنفية والمالكية قبل رفع العبد للشكوى إلى تغليب حق العبد على حق الله تعالى ([36])،
بينما ذهب أبو حنيفة والمالكية بعد رفع العبد للشكوى إلى تغليب حق الله تعالى ([37]).
ورغم هذا الخلاف بين الفقهاء إلا أن هناك قدرًا مشتركًا متفقًا عليه
بينهم يتمثل في أمرين، الأول أن للعبد حق في هاتين الجريمتين ودليل ذلك أن أغلب
الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية في جريمة السرقة ([38])
والحنابلة والمالكية وبعض الحنفية في جريمة القذف ([39])
يقولون بجواز حق العبد في العفو قبل رفع الدعوى ([40])،
فلو لم يكن للعبد حق العفو فيهما لما قال الفقهاء بجواز العفو، الأمر الثاني أن
هناك قيدًا إجرائيًّا يرد على هاتين الجريمتين يتمثل في قصر تحريك الدعوى فيهما
على المجني عليه وحده، فللمقذوف في جريمة القذف مصلحة خاصة تتمثل في عدم إذاعة
ونشر ما سبق أن قذف به وهذه المصلحة يقدرها هو دون غيره، وكذلك المسروق منه في
جريمة السرقة له مصلحة في استرداد ماله الذي سرق منه واعتدى عليه فيه، الأمر الذي
يعني أن للمجني عليه في هاتين الجريمتين حق اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحريك الدعوى
كالبحث عن الجاني والتحري والإمساك به.
وهناك بعض الآثار الدالة على جواز مباشرة المجني عليه لبعض إجراءات
الكشف عن الجريمة في هذه الجرائم، منها ما رواه مالك عن ابن شهاب: عن صفوان بن عبد
الله بن صفوان: أن صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية
المدينة، فنام في المسجد وتوسد رداءه، فجاء سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق،
فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسرقت رداء هذا ؟» قال: نعم، فأمر به رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن تقطع يده، فقال له صفوان: إني لم أرد
هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «فهلا قبل أن تأتيني به» ([41])
فالرسول صلى الله عليه وسلم
لم ينكر على صفوان -رضي الله عنه-
الإمساك بالجاني واقتياده إليه على الرغم من أن الواقعة من جرائم الحدود فدل ذلك
على جواز مباشرة المجني عليه لإجراءات الكشف عن الجريمة، وإذا كان الأمر كذلك فإنه
يمكن القول بأن للمجني عليه في هاتين الجريمتين حق الاستعانة بالمخبر الخاص للتحري
عن مرتكبها وذلك في إطار من الضوابط والضمانات اللازمة لذلك.
مما سبق يتضح أن التشريع الإجرائي الإسلامي أعطى الحق لأي فرد في
المجتمع في مباشرة الاتهام الشعبي دفاعًا عن المجتمع وعن حقوقه، وأعطى الحق للمجني
عليه في مباشرة الاتهام الفردي في الدعاوى التي تمثل مساسًا بحقوقهم وملاحقة
مرتكبها، وهذا في مجمله يعطى الحق لأي شخص أن يجمع التحريات على الأقل حتى يتمكن
من التقدم باتهام صحيح، كما أن إعطاء المجني عليه هذا الحق يعطيه من باب أولى الحق
في إجراء التحريات والذي له أن يجريها بنفسه أو أن يستعين بمن شاء، وهذا يعنى أن
نظام المخبر الخاص ليس بغريب على النظام الإجرائي الإسلامي، حيث إنه أعطى الحق
للمجني عليه في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحريك الدعوى الجنائية في الجرائم
الخاصة بهم، يستوي في ذلك أن يقوم المجني عليه بنفسه في إجراء التحريات أو أن
يستعين بغيره ممن لديه القدرة على ذلك، كل ذلك في إطار من عدم المساس بحقوق وحريات
الآخرين.
ومن الجدير بالذكر أن النظام الإجرائي في المملكة العربية السعودية
كان ولا يزال يأخذ بنظام الاتهام الفردي المؤسس على التشريع الإجرائي الإسلامي،
وقد جاء ذلك في قانونها المسمى بنظام الإجراءات الجزائية الصادر في 14/7/1422 هـ،
حيث نص في المادة السابعة عشرة على الآتي: ( للمجني عليه أو من ينوب عنه ولوارثه
من بعده حق رفع الدعوى الجزائية في جميع القضايا التي يتعلق بها حق خاص ومباشرة
هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة... ) ([42]).
ثانيًا: في القانون الإجرائي:
ترجع الجذور التاريخية لفكرة الاستعانة بالمخبر الخاص إلى النظام
الاتهامي الذي يعد واحدًا من أهم الأنظمة الإجرائية المقارنة، وأقدمها تاريخًا،
وأقلها تكلفة، وأكثرها توافقًا مع الأنظمة التي تشرك الجمهور في إدارة الشئون
العامة ([43]).
وتقوم الفلسفة العامة للنظام الاتهامي على أساس أن الدعوى الجنائية
مثلها في ذلك مثل الدعوى المدنية صراع بين الخصوم، يدور في ظل قواعد شكلية محددة
في حلبة قضائية يمثلها قاضي سلبي ومحايد، يلعب دور الحكم بين الخصوم، ويقتصر دوره
على الموازنة بين أدلة الخصوم والتحقق من تقديمها وفقًا للقنوات القانونية
المرسومة، ثم الحكم لصالح الدليل الأقوى ([44]).
وفي ظل النظام يملك المجني عليه الحق في تحريك ومباشرة الدعوى
الجنائية، وهو يقوم على أطراف ثلاثة: المجني عليه وهو الذي يقوم بوظيفة الاتهام أو
ورثته من بعده أو أحد أقاربه، والمتهم وهو الذي يقوم بوظيفة الدفاع، ثم القاضي
ووظيفته اتخاذ قرار الفصل في الخصومة.
وقد كان هذا النظام عند بدايته حقًّا للمجني عليه، ثم صار لكل فرد من
أفراد عائلته، ثم لكل واحد من أفراد عشيرته، ثم صار في النهاية حقًّا لكل فرد من
أفراد المجتمع، ويعني ذلك أن الاتهام ابتدأ فرديًّا ثم تحول إلى اتهام شعبي ([45])،
مؤدى ذلك أن هذا النظام لم يعرف سلطة عامة على غرار النيابة العامة تختص بالاتهام،
بل كان المجني عليه يقوم سواء بنفسه أو بالاستعانة بأقاربه أو بغيرهم بجميع
الإجراءات التي تستهدف إدانة المتهم دون أن توجد سلطة تختص بجميع هذه الأدلة.
ومن التطبيقات المعاصرة للنظام الاتهامي النظام الإجرائي الأنجلو
سكسوني وهو الذي يرجع إلى القانون الإجرائي الإنجليزي والقانون الأمريكي، ففي ظل
الأول تمر الدعوى العمومية بثلاث مراحل: مرحلة التحضير، ومرحلة التحريك والاتهام،
ومرحلة المحاكمة.
فالمرحلة الأولى: تتضمن أعمال
التحريات السابقة على التحقيق والإجراءات الخاصة باستدعاء المشتبه فيه للمثول أمام
القاضي أو القبض عليه، وهى في مجملها مجموعة الأعمال التي تستهدف الكشف عن الجريمة
المدعى وقوعها وجمع المعلومات عنها وعن مرتكبها، وظروف ارتكابه لها.
والقاعدة العامة في هذه المرحلة أن لأي مواطن في إنجلترا أن يقوم
بأعمال التحري السابقة على التحقيق إلى جانب رجال الشرطة ([46])،
وهذا الأمر في الحقيقة يمثل جوهر عمل المخبر الخاص، الذي يتمثل في إجراء التحريات
بشأن جريمة وقعت على المجني عليه عند استعانة الأخير به.
أما في مرحلة تحريك الدعوى أو الاتهام: فالقاعدة العامة فيها أنه
يجوز لأي شخص توافرت لديه أسباب معقولة بالاشتباه في شخص أنه ارتكب جريمة أن يلجأ
إلى القاضي بشكواه، فيصدر بعد اقتناعه بصحة الشكوى من ارتكب جريمة أن يلجأ إلى
القاضي بشكواه فيصدر بعد اقتناعه بصحة الشكوى من الناحية الشكلية أمرًا باستدعاء
المشتبه فيه ويتحول إلى أمر بالقبض إن لم يمتثل المشتبه فيه لأمر الاستدعاء، ولأي
شخص أن يوقع القبض على المشتبه فيه بدون أمر القبض في الحالات التي يجيز فيها
القانون ذلك ([47]).
أما في ظل القانون الإجرائي الأمريكي فيملك الفرد الحق في تحريك
الدعوى العمومية وذلك عن طريق الشكوى المقدمة إلى القاضي، فإذا اقتنع بما جاء فيها
حرر عنها وثيقة الاتهام، أو بتقديمها إلى هيئة المحلفين مباشرة عن طريق تقديم
الدعوى، حيث تقوم بفحصها وإجراء التحقيق فيها، وتنتهي إلى تقديم المتهم للمحاكمة
بناءً على دلائل الاتهام المستمدة من تحريات الهيئة أو أحد أفرادها، أو بناءً على
بلاغ من شخص عادي، مشفوعًا بما توصل إليه من تحريات ([48]).
وعلى ذلك فإن للفرد المجني عليه في النظام الإجرائي الأمريكي دورًا
هامًّا خلال المراحل الإجرائية المختلفة للدعوى، فهو كثيرًا ما يقوم بأعمال التحري
وجمع دلائل الاتهام مع البوليس في الغالب وهو الذي يقدم إلى القاضي بعد ذلك شكوى
كتابية مشفوعة باليمين تتخذ بمثابة ورقة اتهام تتحرك بها الدعوى أمام القاضي
البوليس أو محاكم القضاة، وتتم بمقتضاها المحاكمة عن الجرائم موجزة الإجراءات.
كما تسمح تشريعات بعض الولايات قيام المجني عليه على نفقته الخاصة
بالتعاقد مع أحد المحامين لتقديم العون إلى ممثل الإدعاء العام أمام المحكمة أو
لمباشرة الإدعاء ابتدءًا إذا تقاعست الحكومة، ويعرف هؤلاء المدعون الفرديون بمسمى
وكلاء الدعاوى ) ([49]).
مما سبق يتضح لنا أن المجني عليه في النظام الإجرائي الأمريكي له
الحق في إقامة الدعوى العمومية والحق في إجراء التحريات اللازمة لمباشرة هذا
الاتهام، سواء قام ذلك بنفسه أو بالاستعانة بغيره كالمخبر الخاص لإجراء التحريات.
المبحث الأول
مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص
تقسم
وسوف أتحدث عن مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص في كل
من النظام الإجرائي الإسلامي والتشريع الإجرائي والفقه القانوني، وذلك في مطالب
ثلاثة على النحو التالي:
·
المطلب الأول: مدى شرعية الاستعانة بالمخبر
الخاص في النظام الإجرائي الإسلامي .
·
المطلب الثاني: مدى شرعية الاستعانة بالمخبر
الخاص في التشريع الجنائي.
· المطلب الثالث: مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص في
الفقه القانوني.
لمطلب الأول
مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص
في النظام الإجرائي الإسلامي
ذكرت عند الحديث عن تأصيل الاستعانة بالمخبر الخاص أن
التشريع الإجرائي الإسلامي أجاز للمجني عليهم مباشرة الاتهام الفردي في الدعاوى
الجنائية الخاصة بحقوقهم، كجرائم القتل القصاص والدية، والجرائم التعزيرية، وذلك
عن طريق إقامة الدعوى الجنائية وتحريكها، بل ومباشرة بعض الإجراءات اللازمة للكشف
عنها، كالتحري عن الجاني والقبض عليه، يستوي في ذلك أن يقوم المجني عليه بمباشرة
هذا الإجراء بنفسه أو بالاستعانة بغيره؛ لأنه هو الذي أصيب بأذى مباشر من وقوع
الجريمة، ومن حقه اللجوء إلى كافة السبل المشروعة للوصول إلى ذلك الحق، الاستعانة
بمن يراه جديرًا لكشفه، ولو كانت تلك الاستعانة بمقابل مادي.
ولم يقف التشريع الإجرائي الإسلامي عند هذا الأمر بل
أوجب على الأفراد والمواطنين دون مقابل مادي تقديم يد العون والمساعدة للمجني عليه
عند التعرض لاعتداء إجرامي أو التهديد به، فالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
يحضان على التكافل والتضامن وإغاثة الملهوف والمكروب، وإعانة المظلوم، ففي القرآن
الكريم نجد الآيات الكثيرة التي تحث على ذلك، منها قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى
البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)([50]) وقوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ)([51])، وفى السنة النبوية نجد
قوله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن
للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»
([52]) وقوله: «من نفس عن
مسلم كربة من كرب الدنيا نفس
الله كربة من كرب الآخرة، ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في
عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» ([53]).
كما يرى بعض الفقهاء ([54]) أنه ينبغي على آحاد الناس
دفع الظلم ورد العدوان عن غيره من الأفراد ممن وقعت عليهم الجريمة، وذلك باتخاذ أي
إجراء من شأنه أن يسهل للمجني عليه الوصول إلى حقه، أو يسهل مهمة صاحب الشرطة في
كشف الجريمة.
كل ذلك يعنى أن التشريع الإجرائي الإسلامي لا يمنع من
استعانة المجني عليه بغيره من المخبرين الخصوصيين أو شركات التحريات الخاصة،
لمساعدته فيما وقع عليه من جرائم لكشفها والقبض على مرتكبيها، وتقديم كافة
التسهيلات والإجراءات اللازمة، وذلك في إطار من الشرعية الإجرائية وعدم المساس
بحقوق وحريات الآخرين.
* * *
المطلب الثاني
مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص في التشريع الإجرائي
أسند المشرع الإجرائي المصري القيام بأعمال التحري
والكشف عن الجريمة لمأموري الضبط القضائي ومساعديهم، وقد نصَّ على ذلك في المادة
21 إجراءات جنائية (يقوم مأمورو الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع
الاستدلالات التي تلزم للتحقيق في الدعوي) كما أوجب عليهم وعلى مرؤوسيهم في المادة
24 إجراءات جنائية أن يقبلوا التبليغات والشكاوي التي ترد إليهم بشأن الجرائم، وأن
يبعثوا بها فورًا على النيابة، وأن يحصلوا على جميع الإيضاحات ويجروا المعاينات
اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم، أو التي يعلمون بها، بأية كيفية
كانت، وأن يتخذوا جميع الوسائل اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة.
كما لو يوجب القانون أن يتولى رجل الضبط بنفسه إجراء
التحري، بل له أن يستعين بمعاونيه، من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين، ومن
يتولي إبلاغه عمَّا وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصيًّا بصحة ما نقلوه
إليه ويصدق ما تلقاه من معلومات، وقد قضى بأنه "يستطيع مأمور الضبط القضائي
أن يستعين بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المرشدين السريين الذين يندسون بين
المشتبه فيهم بقصد الكشف عن الجرائم ومرتكبيها "([55]).
كما أجاز القانون للأفراد مباشرة بعض إجراءات الكشف عن
الجريمة بقصد إسهامهم في الدفاع الاجتماعي ومحاربة الجريمة ومساعدة السلطات العامة
في الوصول إلى الحقيقة، من هذه الإجراءات الإبلاغ عن الجرائم، وقد نص على ذلك في
المادة 25 إجراءات جنائية (لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى
عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي ) كما
أجاز المشرع للأفراد ممارسة بعض الإجراءات الماسة بالحرية الشخصية مثل الاقتياد
المادي للمشتبه فيه، وقد جاء ذلك في المادة 37 إجراءات جنائية "لكل من شاهد
الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى
أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه "وهو إجراء يستهدف
مجرد الحيلولة بين شخص في حالة تلبس بجريمة وبين الفرار، وهدفه ينحصر في مجرد
تسليم هذا الشخص إلى السلطات المختصة ([56]).
وقد ذهبت محكمة النقض في بداية الأمر في تكييف الإجراء
الممنوح للأفراد بمقتضى المادة 37 إلى أنه قبض ورتبت عليه آثاره القانونية، فأجازت
للأفراد تفتيش المتهم باعتبار أن هذا التفتيش من توابع القبض ([57])، غير أن هذا التفتيش لا
يراد به التفتيش القانوني بمعناه الضيق بل يراد به التفتيش الوقائي الذي يكون
القصد منه تجريد المتهم مما قد يكون معه من أسلحة أو أشياء يخشى أن يستعملها في
الاعتداء على من يضبطه ([58])، ثم عدلت عن هذا الاتجاه
وذهبت في حكم آخر بأن السلطة المنصوص عليها في المادة 37 لا تجيز للأفراد سوى ضبط
المتهم واقتياده إلى أقرب رجل سلطة دون أن يكون لهم إجراء القبض أو التفتيش
القانوني ([59]).
وبتحليل موقف المشرع الإجرائي المصري نجد أنه لم يقصر
إجراء التحريات والكشف عن الجريمة على مأموري الضبط القضائي ومساعديهم، بل أجاز
ذلك للمرشدين السريين، طالما حازوا ثقة مأموري الضبط واقتنع بما أودره له من
تحريات، كما أجاز للأفراد الإبلاغ عن الجرائم ومباشرة بعض الإجراءات الماسة
بالحرية الشخصية كالاقتياد المادي للمشتبه فيه، وإذا كان المشرع قد أجاز ذلك الأمر
للأفراد سواء أكان فردًا عاديًا أم مجنيًّا عليه فإن هذا يعنى أن المشرع لا يمنع
من استعانة المجني عليه بالمخبر الخاص في الكشف عن الجريمة وإجراء التحري بشأنها،
أو بمعنى آخر يمكن القول بأنه ليس هناك أي اعتراض ظاهر في القواعد الإجرائية على
الأخذ بهذا النظام، طالما توافرت فيه الضمانات اللازمة لتطبيقه، وإن كان الأمر في
النهاية يتطلب تدخلاً من قبل المشرع الإجرائي بالنص صراحة على الأخذ بهذا النظام.
***
المطلب الثالث
مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص في الفقه القانوني
يثار جدل كبير في الفقه حول مسألة الأخذ بنظام المخبر
الخاص في القانون المصري، وقد وجد في هذا الصدد اتجاهان، اتجاه يعارض الأخذ به،
والآخر يؤيده، وسوف أتناول كلا الاتجاهين وأسانيد كل منهما.
الاتجاه
الأول:
يرى أنصار هذا الاتجاه عدم جواز الأخذ بنظام المخبر
الخاص في القانون المصري ([60])، ويستند في ذلك إلى
الأسانيد الآتية:
1-
إن إجراء التحريات بواسطة المخبر الخاص وإن كان لا ينطوي
على مساس بالحقوق والحريات إلا أنه يترتب عليها في الغالب مباشرة كثير من إجراءات
التحقيق التي من شأنها المساس بالحقوق والحريات الفردية كالقبض والتفتيش.
2-
إن قيام المخبر الخاص بإجراء التحري والكشف عن الجريمة
كثيرًا ما يؤدي إلى اطلاعه على خصوصيات الأفراد وأسرارهم، وفى ذلك انتهاك كبير
لحرماتهم، كما أن قيامه بالاطلاع على هذه الخصوصيات وحصوله عليها سوف يدفعه إلى
ابتزاز أصحاب هذه الخصوصيات وتهديدهم خشية إفشاءها.
3-
إن هذا النظام يتعارض مع نصوص التشريع الإجرائي وقانون
هيئة الشرطة، حيث أسند الأول في المادتين 21، 24 مهمة إجراء التحري والكشف عن
الجريمة إلى مأموري الضبط القضائي ومساعديهم دون غيرهم، كما أسند الثاني في المادة
الثالثة من القانون رقم 109 لسنة 1979م القيام بهذه الأعمال لرجال الشرطة دون
غيرهم، حيث تنص تلك المادة على الآتي: «تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام
والآداب وحماية الأعراض والأموال وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها، كما تختص بكفالة
الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات، وبتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين
واللوائح من واجبات».
4-
كما استند هذا الاتجاه إلى
مشروع قانون تنظيم أعمال شركات الأمن والحراسة الخاصة، الذي حظر في المادة الرابعة
منه التجاء تلك الشركات إلى القيام بأعمال التحري والكشف عن الجريمة، حيث تنص تلك
المادة على الآتي: (يحظر على الشركات المرخص لها يعنى بالأمن والحراسة القيام بأي
عمل من أعمال التحريات أو جمع المعلومات على الأشخاص أو مراقبتهم أو حراسة
الأشخاص، كما يحظر عليها أن تتضمن عقود تأثيها أو تنظيماتها الأساسية أية عبارات
أو ألفاظ توحي بأن ذلك يدخل في أغراضها.. ) ([61]).
الاتجاه الثاني: يرى أصحاب هذا الاتجاه إلى أنه ليس هناك ما يمنع من
الاستعانة بالمخبر الخاص في إجراء التحري والكشف عن الجريمة والأخذ به في القانون
المصري، وقد استند أنصار هذا الاتجاه إلى الأسانيد الآتية ([62]).
1-
إن رجال الشرطة السريين في مصر أصبحوا معروفين لدى
الكافة بأسمائهم وشخصياتهم وظروفهم الاجتماعية، بل ومحل إقامتهم أيضًا، وأقاربهم
وعلاقتهم في كثير من الأحيان، وبالتالي أصبحوا في حاجة إلى من يساعدهم في عملهم
الشاق، بحيث لا يكون معروفًا لرجل الشارع، وليس هناك أفضل من المخبر الخاص أو
أفراد شركات التحريات الخاصة لمساعدتهم في ذلك.
2-
إن الظروف التي يعيشها المجتمع المصري الآن من تطور في
كافة مجالات الحياة يؤدي إلى إفراز أنشطة إجرامية مستحدثة، تحتاج إلى كم كبير من
المعلومات الفعالة للتوصل إلى معرفة مرتكبها والسيطرة عليها وضبطها، وأقرب الطرق
للحصول على ذلك هو إدخال عناصر جديدة ومدربة تحصل على الجزاء المادي الكافي، ليكون
دافعًا لها ومشجعًا على حسن الأداء وتفعيله.
3-
إن القول بأن قيام المخبر الخاص بأعمال التحري يتنافي
ويتعارض مع صريح النص التشريعي الذي يقصر أعمال التحري والاستدلال على مأمور
الضبط، فإن ذلك مردود عليه بأن القوانين توجد ويتم إقرارها لتحقيق صالح المجتمع
بصفة عامة، كما أن التطور الذي يطرأ على كافة أنشطة المجتمع يدعو إلى ضرورة تغيير
التشريعات حتى تواكب المتغيرات في المجتمع، فالتغيير التشريعي المحمود هو الذي
يتلاءم مع طبيعة تطور الأحداث بالمجتمع، بما يحقق الفائدة للفرد والمجتمع على حد
سواء ([63]).
4-
إن المخبر الخاص أو شركات التحريات لها دور هام وفعال في
كثير من البلاغات التي تحتاج لجهد خاص ومعلومات وفيرة وأجهزة متقدمة، من أمثلة ذلك
بلاغات غياب المواطنين عن منازلهم وبلاغات الخطف، حيث تساعد هذه الشركات إلى حد
كبير في معرفة أماكن الغائبين وكذلك المخطوفين ([64]).
5-
إن الدليل الذي يقدمه المخبر الخاص يتم تقديمه للقضاء
وله الحرية الكاملة في أن يأخذ به أو لا يأخذ به، وبالتالي فإن هذا النظام ليس
سيفًا مسلطًا على رقاب المواطنين.
6-
إن التحري عن الجرائم إجراء سري من صفاته الأساسية أنه
لا يشعر به من أجرى حوله، لذا ليس هناك ما يمنع من إجراء مثل هذه التحريات بمعرفة
الشركات الخاصة، لاسيما إذا كانت تلك المعلومات بعيدة عن مكمن سر الشخص، ولا يؤدي
الحصول عليها إلى أي مساس بحرمته.
7-
إن قيام المخبر الخاص بجمع التحريات عن بعض الوقائع
الإجرامية لا يحول دون قيام أجهزة الشرطة وسلطات الضبط القضائي بأعمال التحري عن
هذه الوقائع؛ لأنها صاحبة الاختصاص الأصيل في جمع التحريات والاستدلالات، بل إن
أعمال المخبر الخاص ذاتها تخضع إذا لزم الأمر إلى تحريات الشرطة، كما أن الترخيص
بإجراء التحريات يخضع لرقابة ومتابعة الأجهزة الأمنية صاحبة الاختصاص الأصيل في
حماية الأرواح والأعراض والأموال، وعلى الأخص منع الجرائم وضبط مرتكبيها.
8-
الزيادة المضطردة في الجريمة، واتساع دائرتها وسهولة إخفاء
معالمها جعل من الضروري الاستعانة بنظام المخبر الخاص في كشف غموض الجريمة، يقابل
ذلك قصور وضعف الإمكانات البشرية والمادية لدي أجهزة الشرطة، حيث لم يتم زيادة هذه
الإمكانات بصورة تتلاءم مع الزيادة المضطردة في الجريمة والزيادة في حجم الخدمات
الأمنية.
9-
إن الحجر على إرادة المجني عليه في الاستعانة بالمخبر
الخاص في إجراء التحريات حول الوقائع التي يكون هو أو ذووه مجني عليهم فيها وذلك
بصد إثبات صفة وتحديد شخصية من قام بالتعدي على حقوقه وحرياته يعد أمرا لا يمت
للشرعية في شيء، بل إنه تعد إرادته التي أراد فيها كشف غموض حادث كان هو المجني
عليه فيها، واقتصر عمله على جمع المعلومات التي تثبت حقه، وتركها بين يدي جهاز
التحقيق لتقديرها واتخاذ ما تراه بشأنها من إجراءات تحت رقابة محكمة الموضوع ([65]).
وبالنظر إلى الاتجاهين السابقين وما استند إليه نجد أن
الاتجاه الثاني الذي يجيز للمجني عليه ولذويه الاستعانة بالمخبر الخاص في الكشف عن
الجريمة هو الاتجاه الصحيح، والراجح لقوة ما استند من حجج وأدلة في هذا الشأن وهو
ما أميل إليه وأرجحة، أما ما استند إليه الاتجاه الأول من أدلة فهي ليست من القوة
بمكان بحيث يمكن القول معها بعدم جواز الأخذ بهذا النظام، ويمكن مناقشة ما استدل
به هذا الاتجاه من أدلة والرد عليها.
فقولهم بأن إجراء التحري بواسطة المخبر الخاص يترتب عليه
في الغالب مباشرة كثير من إجراءات التحقيق التي من شأنها المساس بالحقوق والحريات
الفردية كالقبض والتفتيش، فمردود عليه بأن إجراء التحري الذي يقوم به المخبر الخاص
لا غبار عليه طالما أنه قام بمباشرته بعد علم وإذن السلطات المختصة، أما ما يترتب
على إجراء التحري من إجراءات تحقيق كالقبض والتفتيش فيمكن القول بأن هذه الإجراءات
لا يقوم بها المخبر الخاص وإنما تقوم بها السلطات المختصة، بل إنه لا يجوز للسلطان
المختصة أن تنتدبه للقيام بأي إجراء من هذه الإجراءات نظرًا لمساسها بالحقوق
والحريات الفردية، أما المخبر الخاص فيقتصر نطاق الاستعانة به إجراء التحري دون
غيره، ويعد هذا الأمر من ضمانات جدية تطبيق هذا النظام.
أما القول بأن قيام المخبر الخاص بإجراء التحري يؤدي إلى
اطلاعه على خصوصيات الأفراد وأسرارهم وفى ذلك انتهالك كبير لحرماتهم فيمكن الرد
عليه بأن من ضمانات تطبيق هذا النظام ضرورة التزام المخبر بالشرعية الإجرائية عند
مباشرته لإجراء التحري، حيث لا يجوز له اختلاق أي إجراء يتعارض مع هذه الشرعية
وإلا كان عمله معيبًا، ومن مقتضيات هذه الشرعية ضرورة المحافظة على حريات الأفراد
وخصوصياتهم حتى يضمن لهم سبل الاستقرار والاطمئنان على هذه الحريات والخصوصيات،
وفى حالة المساس أو التعدي على أي منها تعرض الإجراء للبطلان ومرتكبه للمساءلة
القانونية إن كان هناك وجه لذلك ويلغى الترخيص.
أما القول بأن هذا النظام يتعارض مع نصوص التشريع
الإجرائي وقانون هيئة الشرطة ومشروع قانون تنظيم أعمال شركات الأمن والحراسة فيمكن
الرد على ذلك بأن هذه القوانين بصفة خاصة وغيرها بصفة عامة إنما توجد ويتم أقرارها
لتحقيق مصلحة المجتمع وتقدم أبنائه وتنقيته من شوائب الجريمة، وكذلك تحقيق مصلحة
المجني عليهم في الحصول على حقوقهم ممن ننال منها، فكون هذا النظام يتعارض مع نصوص
التشريع والقانون لا يعد ذلك مبررًا لعدم الأخذ به.
فمن الممكن تغيير وتعديل هذه التشريعات حتى تتلاءم مع
هذا النظام، حيث إن التشريع الحسن هو الذي يساير التطورات الحديثة في المجتمع، ولا
يصح بأي حال من الأحوال عند تطبيق نظام جديد فيه تحقيق مصلحة أن نتزرع بأن هذا
النظام يتعارض مع نصوص القوانين واللوائح وإلا نكون حجر عثرة في تحقيق أمن المجتمع
وتقدمه.
المبحث الثاني
ضمانات تطبيق نظام المخبر الخاص
تمهيد وتقسيم:
لا شك أن قيام المخبر الخاص أو شركات التحريات الخاصة
بإجراء التحي والكشف عن الجريمة يعد أمرًا خطيرًا نظرًا لتعلقه ومساسه بالحقوق
والحريات الفردية، لذا يجب أن يحاط هذا النظام بالعديد من الضمانات والضوابط التي
تكفل نجاحه، وتقلل من الآثار السلبية التي قد تنتج عن تطبيقه.
والضمانات التي ينبغي توافرها لتطبيق هذا النظام بعضها
يرجع إلى شركات التحريات والعاملين بها، والبعض الآخر يوجع إلى الضمان عدم التعارض
بين ما يقدمه المخبر الخاص من تحريات وما تقوم به أجهزة الشرطة والضبطية القضائية
من إجراءات، حتى لا يؤدي ذلك إلى ضياع معالم الجريمة وتشتيت الجهود المبذولة،
والبعض الآخر من هذه الضمانات يرجع إلى الجدية في تطبيقه.
وسوف أتناول هذه الضمانات في مطالب ثلاثة:
* المطلب الأول: شروط مزاولة شركات التحريات لإجراء
التحري.
* المطلب الثاني: ضمانات عدم تشتيت الجهود المبذولة.
* المطلب الثالث: ضمانات الجدية في تطبيق نظام المخبر
الخاص.
المطلب
الأول
شروط مزاولة
شركات التحريات الخاصة
والعاملين بها لإجراء التحري
وسوف أتناول بيان هذه الشروط في كل من النظام الإجرائي
الإسلامي والقانون الإجرائي وذلك على النحو التالي:
أولاً: النظام الإجرائي الإسلامي:
حرص النظام الإجرائي الإسلامي على ضرورة توافر شروط
وصفات معينة في شخص القائم بالكشف عن الجريمة، يستوي في ذلك الشخص أن يكون رجل
شرطة تابع للضبطية القضائية أو مخبرًا خاصًا تباعًا لإحدى شركات التحريات الخاصة،
طالما أنه كان موكولاً إليه مهمة الكشف عن الجريمة، ومن أهم هذه الشروط والصفات ما
يلي:
1-
التكليف:
يتشرط في شخص المخبر القائم بالكشف عن الجريمة أن يكون
مكلفًا، أي: بالغًا عاقلاً، مدركًا مختارًا، وهذا أمر لازم؛ لأنه لا مسئولية على
غير المكلف طبقًا لقواعد الشريعة الإسلامية([66]).
ولا شك أن في اشتراط هذا الشرط ضمان كبير بعدم المساس
بالحقوق والحريات الفردية؛ لأن الشخص المكلف هو الذي يستطيع أن يقدر اتخاذ
الإجراءات اللازمة للكشف عن الجريمة، أما غير المكلف فقلما يستطيع أن يقدر ذلك.
2-
العدالة:
وهى تعني في مجملها كون القائم بالكشف عن الجريمة محمود
السيرة حسن السمعة، والعدل عند الحنفية هو الذي لم يطعن في بطن ولا فرج، أو هو من
لم يعرف عنه جريمة في دينه، أو هو من غلبت حسناته على سيئاته، أو هو من أجتنب
الكبائر وأدى الفرائض ([67]).
وليس لكمال العدالة حد يدرك فيكتفى لقبولها بأدنى
حدودها، وهو رجحان الدين والعقل على الشهوة والهوى ([68])، وهي عند المالكية استواء
الأحوال الدينية والمتمثلة في اجتناب الكبائر وتوقي الصغائر، وأداء الأمانة، وحسن
المعاملة ([69]).
وهذا الشرط وإن كان محل خلاف بين الفقهاء لكن الذي عليه
أغلب الفقهاء أنه لا يشترط في شخص القائم بالكشف عن الجريمة أن يكون معصومًا من
المعاصي كلها، وإنما ينبغي أن يكون محمود السيرة، حسن السمعة، أهل لما يقوم به من
إجراءات وأعمال.
3-الإذن:
يشترط في شخص القائم بالتحري والكشف عن الجريمة أن يحصل
على إذن بذلك من الإمام أو الحاكم، وهو ما يعني في القانون الإجرائي الحصول على
ترخيص من الجهات المختصة، وعلة هذا الشرط أن الحاكم يستطيع اختيار من يحسن القيام
بهذه الوظيفة، وأن ترك هذا الأمر إلى الأفراد دون قيد شرط يؤدي إلى الفساد
والاعتداء على الحريات والحرمات.
وقد تناول الإمام الغزالي هذا الشرط عند الحديث عن شروط
المحتسب فقال: (إن الحسبة لها خمس مراتب: أولها: (التعريف)، وثانيها:
(الوعظ بالكلام اللطيف) وثالثها: (السب والتعنيف)، ورابعها: (المنع
بالقهر بطريق المباشرة)، وخامسها: (التخويف والتهديد).
فهو يرى أن من هذه الأمور الخمسة ما لا يحتاج على إذن
الإمام كالوعظ بالكلام اللطيف وكذا التعريف، ومنها ما يحتاج إلى إذنه، وضابط ذلك
في كلامه أن كل ما يحتاج إلى جمع أعوان وشهر أسلحة لابد فيه من إذن الإمام؛ لأنه
قد يجر إلى فتنة عامة ([70]).
ولا شك أن قيام المخبر الخاص بإجراء التحري والكشف عن
الجريمة يحتاج إلى أعوان معه، وأسلحة قد يستخدمها في ضبط الجاني، لذا تطلب الأمر
توافر إذن الإمام أو الحاكم للقيام بهذا الإجراء.
4-توافر الخبرة
الكافية:
كذلك يشترط في شخص القائم بالكشف عن الجريمة أن تكون له
خبرة عملية في مجال التحري والكشف عن الجريمة، وقد جاء هذا الشرط في كتاب «الأحكام
السلطانية» لأبي يعلى عند الحديث عن صفات القائم بالكشف عن الجريمة، حيث أورد ما
نصه: (أن يكون خبيرًا عدلاً، ذا رأى وصرامة وخشونة في الدين، وعلم بالمنكرات
الظاهرة) ([71]).
5-توافر الدقة
وقوة الملاحظة:
وقد جاءت هذه الصفات في كتاب «سلوك المالك في تدبير
الممالك» على الوجه الآتي: (وأما صاحب الشرطة فينبغي أن يكون حليمًا مهيبًا دائم
الصمت طويل الفكر، بعيد الغور وأن يكون غليظًا على أهل الريب في تصاريف الحيل،
شديد اليقظة) ([72]).
ثانيًا: في القانون:
هناك شروط معينة ينبغي توافرها في شركات التحريات الخاصة
والعاملين بها لمباشرة إجراء التحري والكشف عن الجريمة حتى لا ندع مكانًا لأفراد
أو لشركات تهدف إلى الكسب المادي فقط، تقديم الخدمات على الوجه الأكمل للمجني عليه
أو من تعاقدت معه.
الشروط الواجب توافرها في شركات التحريات الخاصة:
1- أن يكون صاحب هذه الشركة وأعضاء مجالس إدارتها
ومديروها مصريي الجنسية، كاملي الأهلية الجنائية والمدنية محمود السيرة حسن
السمعة.
2- ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة
سالبة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو جريمة من الجرائم المضرة بأمن
الحكومة من جهة الداخل أو الخارج، أو الاتجار في الأشياء الممنوعة، ما لم يكن قد
رد إليه اعتباره، ذلك لأن صاحب هذه الشركة ينبغي أن يكون قدوة لغيره في الالتزام
والمحافظة على الأمن العام، وكيف يتأتى لمرتكبي الجرائم أن ينشأ مثل هذه الشركات
ويقوم بإجراءات الكشف عنها.
3- أن يكون صاحب هذه الشركة من ذوي الخبرة الأمنية
المشهود لهم بالكفاءة، دارسًا للقانون، وذلك حتى يمكن أن تحقق النجاح المأمول لها
في إجراء التحري والكشف عن الجريمة ومسايرة المخططات الإجرامية المتطورة التي
يسلكها المجرمون في تنفيذ الجريمة.
4- أن يتم تنفيذ كافة الشروط الواجب توافرها في شركات
الخدمات من حيث الإشهار والتسجيل والمحاسبة الضريبية، والتسجيل بالغرفة التجارية،
وخلافه من الأشياء التي نصَّ عليها في القانون رقم 159 لسنة 1981م الخاص بشركات
المساهمة أو الشركات ذات المسئولية المحدودة([73]).
5- أن يوافق على مزاولة النشاط ممثلون للجهات المشرفة
على الأمن وفروعها (الأمن القومي- أمن الدولة- الأمن العام).
6- ضرورة الحصول على ترخيص من وزير الداخلية. ولجهات
الأمن المختصة التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه حق الرقابة والتفتيش على أعمال
الأمن وعدم مخالفتها لشروط الترخيص، ولهم الحق في إبداء الملاحظات التي يرون ضرورة
تلافيها، فإذا لم يتم تلافيها يعاقب المدير المسئول عن هذه الأعمال ([74]).
7- ضرورة المحافظة على حقوق وحريات المواطنين، وفي حالة
المساس أو التعدي على أي من هذه الحقوق يلغى الترخيص.
8- ضرورة الالتزام بالأمانة في التعامل مع المتعاقدين مع
الشركة من المجني عليهم أو ذويهم، وفى حالة تعمد التضليل أو حجب المعلومات يلغى
الترخيص ([75]).
9- ضرورة الالتزام بإبلاغ الجهات المختصة عن أي مخالفة
قانونية تكتشف بسبب العمل.
10- أن يكون تنظيم الأعمال لهذه الشركات يؤكد على إيجاد
مسئولية تضامنية بين الشركة والعاملين بها عن الأخطاء التي قد تحدث منهم أثناء
إجراء التحري سواء أكانت تلك المسئولية جنائية على أساس تمتع هذه الشركات بالشخصية
المعنوية أم كانت مسئولية مدنية ([76])، وذلك حتى يعطي ضمانًا
لعدم انحراف تلك الشركات أو العاملين بها عن المسار الشرعي في إجراء الكشف عن
الجريمة ([77]).
ب- الشروط الواجب توافرها في القائمين بإجراء التحري:
إذا كان القانون قد حرص على ضرورة توافر شروط وصفات
معينة في رجل الضبط القضائي القائم بإجراء والاستدلال عن الجرائم، نظرًا لما قد
يترتب على ممارسة هذا العمل من تعرض لحريات الأفراد وحقوقهم، فإن هذه الشروط
والصفات من باب أولى يجب توافرها في المخبر الخاص الذي يعمل لدي الشركات الخاصة،
نظرًا لعدم توافر الضمانات الكافية لقيامه بهذا العمل، حيث يجب أن يكون موظفو هذه
الشركات على سعة من العلم والمعرفة بعملهم، وأن يكون انتقاؤهم وفق مواصفات دقيقة،
وبعد إجراء الاختبارات اللازمة للمرشحين لشغل هذه الوظائف؛ لأن حسن اختيارهم يعتبر
صمام أمان ضد ارتكاب بعض الأخطاء المسلكية أو ضد قيامهم بالاعتداء على الحقوق
والحريات العامة، ومن أهم الشروط والصفات التي يجب توافرها في المخبر الخاص ما
يلي:
1) أن يكون
مصريًّا، فلا يجوز أن يكون أجنبيًّا حتى يكون ولاؤه لوطنه ومواطنيه، وحتى لا ينفذ
للقيام بهذه الأعمال من قد يكون مأجورًا من جهات خارجية بقصد النيل من الاستقرار
الأمني لمصر، كما يجب إلا يقل سنه عن سن الرشد حتى يكون مسئولاً مسئولية كاملة
جنائيًّا ومدنيًّا عن الأعمال التي يقوم بها([78]).
2) أن يكون محمود
السيرة حسن السمعة، لم يسبق الحكم عليه بعقوبة جنائية في جريمة مخلة بالشرف أو
الأمانة، أو في جريمة من الجرائم المضرة بأمن الدولة من الداخل، أو الخارج، أو
الاتجار في الأشياء الممنوعة، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وذلك حتى يكون المخبر
على قدر من المسئولية في الأعمال التي يقوم بها، لاسيما وأن هذه الأعمال سوف تبنى
عليها إجراءات تحقيق من شأنها أن تمس حقوق المتهم.
3) أو يخضع للكشف
الطبي ضمانًا لخلوه من الأمراض النفسية أو المعدية، وحتى تكون لديه القدرة على
القيام بإجراء التحري والكشف عن الجريمة.
4) أن يكون لديه
سابقة أعمال في المجالات الأمنية أو القانونية أو العسكرية، وأن يجتاز اختبارًا في
المواد القانونية والأعمال الأمنية والتحريات، ويتم إعداد هذه الاختبارات وتنفيذها
بمعرفة وزارة الداخلية، مع ضرورة توافر المؤهل اللازم لمباشرة هذا العمل ([79]).
5) ضرورة الحصول
على ترخيص بمزاولة التحريات من وزارة الداخلية، وللوزارة الحق في إلغاء الترخيص أو
عدم تجديده في حالة اتهام الشخص بأية جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو
اعتدائه على الحقوق والحريات، أو استخدامه وسائل غير مشروعة في إجراء التحري.
6) توافر الثقة في
النفس؛ لأن من لا تتوافر لديه هذه الصفة قد يضطر إلى الالتجاء الأساليب الملتوية
لإثبات شخصيته ومقدرته على العمل.
7) ضرورة توافر
سرعة الإدراك وقوة الملاحظة والانتباه؛ لأن من يقوم بإجراء الكشف عن الجريمة لابد
وأن يكون قوي الملاحظة لا تغيب عنه أي إشارة.
8) ضرورة توافر
المقدرة والدقة في تنفيذ العمل وإتقانه بحيث لا ينبغي للمخبر أن يهمل أي جانب من
جوانب الموضوع الذي يقوم بالبحث عنه، كذلك ينبغي توقى الدقة والحذر عند التعرف على
المشتبه فيهم، خوفًا من التعرض لأبرياء بدون وجه حق.
المطلب الثاني
ضمانات عدم تشتيت الجهود المبذولة
وأتناول بيان هذه الضمانات في كل من النظام الإجرائي
الإسلامي والقانون وذلك على النحو التالي:
أولاً: في النظام الإجرائي الإسلامي:
حرص النظام الإجرائي الإسلامي على ضرورة توافر حذف عدد
من الضمانات الكافية ضمانًا لعدم ضياع وتشتيت الجهود المبذولة والمتخذة من قبل
القائم بالكشف عن الجريمة، وهذه الضمانات من الممكن سريانها على المخبر الخاص
باعتباره أحد الموكول إليهم مهمة الكشف عن الجريمة من قبل المجني عليه عند تطبيق
هذا النظام ومن أهم هذه الضمانات ما يلي:
1) الالتزام
بالشرعية الإجرائية:
يعتبر النظام الإجرائي الإسلامي أول من وضع الأسس
والأصول الأولى لمبدأ الشرعية الإجرائية قبل أن يعرفه وينادي به فلاسفة القانون في
أوروبا بقرون طويلة، وتقوم هذه الشرعية على أساس أن يكون الدليل الذي حصل عليه
القائم بالكشف عن الجريمة أيًّا كان والمقام ضد المتهم قد تم الحصول عليه بوسيلة
مشروعة، فإن كان غير ذلك أهدر الدليل ولم يصح الاستناد إليه.
ويوجب النظام الإجرائي الإسلامي على القائم بالكشف عن
الجريمة أن يلتزم بالهدف من إجراءاته وهو الوصول إلى الحقيقة وكشف الجريمة والقبض
على مرتكبيها، دون أن يكون هدفه هو الانتقام أو التشفي أو إشباع الهوى وإلا كان
إجراؤه باطلاً، فمثلاً المحتسب وهو أحد الموكول إليهم مهمة الكشف عن الجريمة في
النظام الإسلامي له سلطات واسعة تجاه الأفراد فيما يتعلق بممارسة وظيفته، غير أنه
ينبغي أن يكون هدفه من ممارسة سلطاته هو الوصل إلى الحقيقة، فإذا حاد عن هذا الهدف
كأن استعمل سلطته بقصد الانتقال أو الضغائن الشخصية أو بقصد تحقيق نفع شخصي لم
تتحقق حينئذ الشرعية المطلوبة وبطل ما اتخذه من إجراءات ([80]).
كما يوجب النظام الإجرائي الإسلامي على القائم بالكشف عن
الجريمة أن يكون كشفه لها بطريق مشروع غير منافٍ للآداب والأخلاق، وخير دليل على
اشتراط هذه المشروعية ما روي أن سيدنا عمر بن الخطاب - رضي
الله عنه- دخل على قوم
يتعاقرون على شراب ويوقدون في أخصاص ([81])، فقال لهم: نهيتكم عن
المعاقرة فعاقرتم، ونهيتكم عن الإيقاد في الأخصاص فأوقدتم، فقالوا: يا أمير
المؤمنين، قد نهاك الله عن التجسس فتجسست، ونهاك عن الدخول بغير إذن فدخلت، فقال
عمر: هاتين بهاتين، وانصرف ولم يتعرض لهم ([82]).
فالنظام الإجرائي الإسلامي أول ما حرص عليه في رسالته هو
إلزام القائمين بالكشف عن الجريمة بالحرص على مكارم الأخلاق واتباع الوسائل
المشروعة عند مباشرتهم لأعمالهم، وأي تصرف مخالف لذلك لا يعتد به ولا يترتب عليه
آثاره ولو نتج عنها اكتشاف جريمة، بل يعرض فاعله للمساءلة جزاء تصرفاته المخالفة
لتعاليم الشريعة. ولم يوجب النظام الإجرائي الإسلامي اتباع وسيلة معينة أو محددة
لكشف الجريمة، فكل وسيلة موصلة للحقيقة تعد جائزة طالما أنها مشروعة ولم تمس حقوق
الأفراد ولا حريتهم.
2) الرقابة على
أعمال القائمين بالكشف عن الجريمة.
باشر النظام الإجرائي الإسلامي الرقابة على القائمين
بالكشف عن الجريمة وعلى ما يقومون به من إجراءات، وذلك عن طريق والي الجرائم
والمظالم، فالأول كانت وظيفته تشبه إلى حد كبير وظيفة النيابة العامة في الوقت
الحالي، حيث كان يتولى فحص التهم قبل إحالتها إلى القاضي، أي يبحث في مدى صحة
الإجراء الذي اتخذه القائم بالكشف عن الجريمة ضد المشتبه فيه قبل إحالته إلى
القاضي، أما الثاني فكان يماثل في اختصاصه أيضًا اختصاص النيابة العامة في
القانون، ويظهر ذلك جليًّا فيما أورده الماوردي من أن الناظر في المظالم كان ذو
ولاية عامة، حيث كان له أن يتحرى عن أحوال المتهم وسلوكه بما يقوي الشبهة أو
يضعفها، ثم له بعد ذلك أن يطلقه أو يحبسه([83]).
معنى ذلك أن والي المظالم كان يراقب ما يقوم به القائمون
بالكشف عن الجريمة من إجراءات حيال المتهم، حيث كان له الحق في إطلاق سراح المتهم
أو استمرار حبسه، وهذا بلا شك مقابل لما تقوم به النيابة العامة من تحقيق ابتدائي
وإشراف على أعمال التحري والقائمين بها.
ثانيًا: في القانون:
ضمانا لعدم ضياع وتشتيت الجهود المبذولة التي يقوم بها
المخبر الخاص في الكشف عن الجريمة، ينبغي مراعاة عدد من الضمانات اللازمة لصحة ما
يتخذ من إجراءات، من أهمها ما يلي:
1) ضرورة الالتزام
بالشرعية الإجرائية:
ينبغي أن تكون كل إجراءات التحري التي يقوم بها المخبر
الخاص في إطار من الشرعية الإجرائية، فلا يجوز له اختلاق أي إجراء يتعارض مع هذه
الشرعية وإلا كان عمله معيبًا.
ويراد بالشرعية الإجرائية اتفاق الإجراءات الجنائية التي
تتخذ ضد من يشتبه فيه بارتكاب جريمة معينة مع القواعد القانونية والأنظمة الثانية،
وأن يكون ذلك شاملاً لجميع مراحل الدعوى الجنائية بدءًا من مرحلة التحري
والاستدلال حتى مرحلة المحاكمة ([84])، وهذه القواعد تتمثل في
مبدأ الأصل في الإنسان البراءة وعدم جواز اتخاذ أي إجراء جنائي إلا بناء على قانون
وتحت إشراف السلطات المختصة، وفى حدود الضمانات المقررة بناء على مبدأ البراءة ([85]).
ولتحقيق مبدأ الشرعية الإجرائية عند مباشرة المخبر الخاص
لإجراء التحري يجب عليه أن يلتزم دائمًا بالهدف من الإجراء الذي يقوم به، والذي
يكمن في الوصول إلى الحقيقة التي تتمثل في الكشف عن غموض الجريمة وإمكان نسبتها
إلى شخص المتهم دون نظر إلى الحافز أو المقابل المبادئ الذي يحصل عليه، ودون أن
يكون لهذا المقابل أي تأثير على نسبة الجريمة إلى غير مرتكبها.
كما يجب على المخبر ألا يكون هدفه من إجراء التحري إشباع
الهوى أو الانتقام من الجاني، أو التشفي لحساب المجني عليه، وإلا كان إجراؤه
باطلاً، وتعرض هو المجني عليه للمساءلة القانونية، كما يجب عليه ضرورة الالتزام
بالمحافظة على الأعراض والحريات، فلا يكشف القناع عن الأسرار، وذلك حتى يضمن
للأفراد سبل الاستقرار والاطمئنان على حرياتهم.
وجملة فإنه يحظر على المخبر الخاص القيام بأي إجراء
للتحري دون هدف مرسوم أو محدد؛ لأن ذلك يمس الحريات وينال منها، وفيه ضياع للجهود،
وفقد تركيزها، كما يتسبب في ضياع الأدلة، وزرع الخوف في نفوس الأفراد.
2) إخطار الجهات
الأمنية بالقيام بإجراء التحري:
يجب على المجني عليه أو ذويه إخطار الجهة الأمنية أو
سلطات الضبط المختصة مكانيًّا بواقعة الجريمة بأنه سيقوم بالاستعانة بإحدى شركات
التحريات الخاصة لجمع التحري حول الواقعة لكشف غموضها، ويحدد في إخطاره اسم
الشركة، وعنوانها، وأرقام تليفوناتها، حتى يمكن لأجهزة الأمن أن تكون على علم بأن
أشخاصًا آخرين يقومون بجمع التحريات حول تلك الواقعة، بالإضافة إلى إمكانية
التنسيق بين جهود كل من أجهزة الأمن وشركات التحريات حتى لا تضيع الجهود ويصعب
التوصل إلى حقيقة الجريمة محل التحريات المشتركة بين أجهزة الشرطة وشركات
التحريات، كما يلزم أن يثبت المجني عليه أو ذويه انتدابه لهذه الشركة في إجراء
التحري عن الواقعة على وجه رسمي، وذلك بتوكيل خاص بإجراء التحري، شريطة أن يكون
هذا الانتداب أو التوكيل ساريًا ([86]).
3) وجود نوع من
الرقابة على أعمال المخبر الخاص:
ضمانًا لصحة ما يقوم به المخبر الخاص من إجراءات لكشف
الجريمة، وحرصًا على عدم ضياعها وتشتيت ما بذل من جهد ينبغي وجود نوع من الرقابة
على أعمال المخبر الخاص، وذلك أسوة بتلك الرقابة التي تباشر على أعمال مأمور
الضبط.
ومعروف أن سلطات التحقيق هي المختصة بتقدير جدية
التحريات التي يقوم بها مأمور الضبط، وبمدى كفاءتها لإصدار الأمر بالتفتيش، كما
تختص المحاكم الجنائية ومحكمة النقض بالرقابة على مشروعية هذا الإجراء، وكل ما
يتخذه مأمور الضبط من إجراءات لكشف الجريمة.
وقد تواترت أحكام القضاء على أن جدية التحريات أو عدم
جديتها من المسائل التي تدخل في رقابة محكمة الموضوع، ولا تترك لتقدير سلطات الأمن
دون إشراف أو تعقيب من سلطات التحقيق أو القضاء، وقد قضت محكمة النقض إعمالاً لذلك
"أن تقدير جدية التحريات وكفاءتها بإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل
الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، متى
كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفاءتها
لتسويغ إجرائه ([87])
" كما قضت محكمة النقض أن (للقاضي أن يأخذ بما هو مدون من محضر جمع
الاستدلالات على اعتبار أنه ورقة من أوراق الدعوى يتناولها، وتدور حولها المناقشة
بالجلسة بغض النظر عما إذا كان محررها من مأموري الضبطية القضائية أو لم يكن،
فالمحكمة هي التي تقدر القيمة الموضوعية للأدلة التي أثبتت بالمحضر) ([88]).
أما بالنسبة لما يقوم به المخبر الخاص من تحريات فإنها
أيضًا لا تخرج عن رقابة النيابة العامة وسلطات التحقيق، فهي المختصة بتقدير نتيجة
تلك التحريات وعمَّا إذا كانت جدية لاتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق أم لا، كل ذلك
تحت رقابة محكمة الموضوع. وعند حدوث تعارض بين نتيجة التحريات التي أجراها المخبر
الخاص وما قامت به أجهزة الشرطة كان أيضًا لجهة التحقيق تقدير كل منها، والاعتماد
على إحداها دون الأخرى، فلها أن تعتمد على تحريات المخبر الخاص دون تحريات أجهزة
الشرطة، إذا رأت أن للأولى مصداقية وجدية تؤهلها لاتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق،
أو أن تعتمد عليها في قرار إحالة الدعوى إلى المحكمة، ولمحكمة الموضوع عند إحالة
الدعوى إليها تقدير تلك التحريات، فلها أن تأخذ بها دون تحريات الشرطة، أو أن تجمع
بينها بعد إزالة التعارض الذي شاب كل منهما.
المطلب
الثالث
ضمانات الجدية في تطبيق نظام المخبر الخاص
لجدية تطبيق نظام المخبر الخاص في التشريع الإجرائي
المصري يجب توافر الضمانات الآتية:
1-وقوع جريمة
بالفعل تم الإبلاغ عنها:
لجدية تطبيق نظام المخبر الخاص في مصر يجب أن تكون هناك
جريمة وقعت بالفعل وتم الإبلاغ عنها، أما ما لم يقع من الجرائم فلا يجوز فيه إعمال
هذا النظام، وذلك حتى لا تتطرق هذه الشركات لأعمال التحريات كإجراء من إجراءات
الضبط الإداري والتي قصرها القانون على مأموري الضبط الإداري أو جهاز الشرطة بوجه
عام.
بالإضافة إلى ما سبق فإن السماح للمخبر الخاص أو شركات
التحريات الخاصة بالقيام بمثل هذه التحريات يجعله يقوم بتلك الأعمال دون توكيل من
صاحب المصلحة المجني عليه أو ذويه مما يجعل في مكنته إجراء التحريات من تلقاء نفسه
وبدون مبرر، وهذا يتعارض مع الغرض الأساسي الذي من أجله سمح بالاستعانة بنظام
المخبر الخاص الذي يهدف إلى إثبات حقوق المجني عليه التي تعرضت للمساس بها
والاعتداء عليها ([89]).
ولا يكفي لإعمال هذا النظام أن تقع جريمة بالفعل بل لابد
من الإبلاغ عنها إلى أحد مأموري الضبط القضائي أو الجهات المختصة؛ لأنه في حالة
قيام المخبر الخاص أو شركات التحريات بإجراء التحري بصدد جريمة وقعت لم يتم
الإبلاغ عنها إلى السلطات العامة يعتبر ذلك تعديًّا على تلك السلطات التي جعلها
القانون صاحبة الاختصاص الأصيل في الكشف عن الجريمة والبحث عن مرتكبيها، كما أن
هذا الأمر يحول دون وجود نوع من الرقابة على أعمال المخبر الخاص، لذا كان لابد من
ضرورة إبلاغ السلطات العامة عن الجرائم الواقعة والتي يقوم فيها المخبر الخاص
بإجراء التحري عنها.
وتعتبر التبليغات والشكاوي إحدى الوسائل التي تتحقق بها
السلطات العامة من وقوع الجريمة، وهي من الواجبات المفروضة على مأموري الضبط
القضائي التي نصت عليها المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية "يجب على مأموري
الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوي التي ترد إليهم بشأن
الجرائم...".
وهدف الإبلاغ المقدم من المجني عليه أو أحد الأفراد هو
تمكين السلطات العامة من التثبت من وقوع الجريمة واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها،
حتى لا تضيع معالمها، ويمكن بذلك أن تتضافر الجهود المبذولة من السلطات المختصة مع
جهود المخبر الخاص وتحدث أثرًا إيجابيًّا يفيد المجني عليه في الكشف عن الجريمة
والعثور على الجاني والحصول على حقه منه.
ولكن قد يتساءل البعض هنا: هل حق المجني عليه أو ذويه في
الاستعانة بالمخبر الخاص متاع عقب وقوع الجريمة وإبلاغ السلطات عنها، أم أن الأمر
مشروط بحالة عجز السلطات العامة عن الوصول إلى الجناة وحصول المجني عليه على حقه؟
في الحقيقة يمكن القول بأن هذا النظام وجد أساسًا كرد
فعل طبيعي على قصور السلطات المختصة الضبطية القضائية عن كشف الجريمة وكشف غموضها
والوصول إلى مرتكبيها، وقصورها أيضًا عن إشباع الحد الأدنى للأمن اللازم للأفراد
داخل ربوع الدولة، فهذا النظام مقرون بعجز السلطات المختصة بالكشف عن الجريمة
وتوافر الإمكانيات اللازمة لذلك، أما في حالة قدرتها على كشف الجريمة وتوافر
الإمكانيات المادية والفنية اللازمة لذلك فيمكن القول بأنه ليس هناك أي مبرر
للاستعانة بتلك الشركات.
2-قصره على إجراء
التحري دون غيره:
يجب إن يقتصر عمل المخبر الخاص أو شركات التحريات الخاصة
على إجراء التحري دون أن يمتد إلى مباشرة إجراء من إجراءات التحقيق، كالقبض أو
التفتيش، فلا يجوز للمخبر الخاص من تلقاء نفسه ولا لجهة التحقيق أن تنتدبه للقيام
بإجراء من إجراءات التحقيق، ويعلل ذلك بخطورة هذه الإجراءات ومساسها بالحقوق
والحريات الفردية، وحرص المشرع على قصرها على أشخاص وثق فيهم، وهم مأموري الضبط
القضائي.
وللمخبر الخاص باعتباره فردًا عاديًّا وليس شخصًا تابعًا
لإحدى شركات التحريات الخاصة ممارسة بعض الإجراءات الماسة بالحرية الشخصية،
كالاقتياد المادي للمشتبه فيه، وقد جاء ذلك في المادة 37 من قانون الإجراءات
الجنائية والتي تنص على الآتي: "لكل من شاهد الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة
يجوز فيها قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال الشرطة العامة
دون احتياج إلى أمر بضبطه" وهو إجراء يستهدف مجرد الحيلولة بين شخص في حالة
تلبس بجريمة وبين الفرار، وهدفه ينحصر في مجرد تسليم هذا الشخص إلى السلطات
المختصة ([90]).
وإذا كان الجاني المتلبس بجناية أو جنحة هو الشخص الذي
يتحرى عنه المخبر الخاص فإنه يجوز له من باب أولى اقتياده على أقرب مأمور ضبط
قضائي أو رجل سلطة، ولا يجوز له في هذه الحالة تفتيش الشخص المتلبس بحثًا عن أدلة،
بل له فقط تفتيشه تفتيشًا وقائيًّا باعتبار ذلك من وسائل التوقي والتحوط الواجب
توفيرها أمانًا من شر المقبوض عليه، أما التفتيش بحثًا عن أدلة فهو إجراء تحقيق من
توابع القبض لا يجوز مباشرته إلا بمعرفة سلطات التحقيق أو مأمور الضبط القضائي،
كما لا يجوز للمخبر في هذه الحالة توجيه الأسئلة إلى الشخص المتلبس؛ لأن توجيه
الأسئلة من اختصاص مأمور الضبط باعتباره داخلاً في وظيفته المتعلقة بجمع
الاستدلالات، ويجوز لهذا الشخص أن يمتنع عن الإجابة.
كما يجب على المخبر الخاص أن يتقيد بالغرض من هذا التعرض
وهو تسليم الشخص المتلبس إلى أقرب رجل سلطة عامة أو مأمور ضبط قضائي، وإلا انقلب
الأمر إلى جريمة في حق المخبر المتعرض.
3-تقرير مسئولية الشركة والقائم بالإجراء:
لجدية تطبيق نظام المخبر الخاص في مصر ينبغي على المشرع
الإجرائي ضرورة تقرير المسئولية الجنائية على شركات التحريات الخاصة عند الإخلال
بقواعد تلك المسئولية.
وتقوم المسئولية الجنائية لشركات التحريات الخاصة على
أساس الاعتراف لها بالشخصية المعنوية والتي يقصد بها مجموعة من الأشخاص أو الأموال
التي يعترف لها القانون بالشخصية القانونية المستقلة عن الأشخاص الطبيعيين
المكونين لها، فتكون قابلة لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ([91]).
وقد ساهم في القول بمساءلة الأشخاص المعنوية جنائيًّا
أنها كانت تلعب في الماضي دورًا محدودًا في الحياة الاجتماعية ولكن التطور
الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي الكبير في العصر الحديث أدى إلى انتشار هذه
الأشخاص وتزايد أنشطتها، وأصبحت تقوم بدور كبير وعلى درجة كبيرة من الأهمية في
مختلف المجالات الحديثة لاستخدامها فيما تمارسه من أنشطة. وبالتالي فكما أنها تحقق
فوائد كبيرة للمجتمع والأفراد على حد سواء فإن بعضها يمكن أن يسبب أضرار جسيمة
تفوق بكثير الضرر الذي يحدثه الإنسان عندما يرتكب جريمة ([92]).
والقاعدة العامة في مساءلة الأشخاص المعنوية جنائيًّا في
القانون المصري أن قانون العقوبات لم يتضمن نصًّا يقرر المسئولية الجنائية للأشخاص
المعنوية، والرأي السائد فقهُا ([93]) وقضاءً ([94]) أن المشرع لا يعترف بهذه
المسئولية إلا في الحالات الاستثنائية التي ورد بشأنها نص خاص، فالنصوص الحالية
كما يرى الفقه صيغت للآدميين، وما تفرضه من عقوبات وتقرره من إجراءات يصعب تطبيقه
على الأشخاص المعنوية، مما يعني أن إقرار معاقبة هذه الأشخاص يتطلب تدخلاً من
المشرع ليحدد في نصوص صريحة نطاق مسئوليتها والإجراءات التي تتبع لمحاكمتها وقواعد
تنفيذ الجزاء الجنائي الذي يحكم به ضدها.
ويذهب الرأي الغالب في الفقه الحديث إلى القول بوجوب
مساءلة الأشخاص المعنوية جنائيًّا إلى جانب معاقبة الشخص الطبيعي الذي ارتكب
الجريمة أثناء ممارسة عمله لدى الشخص المعنوي، كما أن الاتجاه الحديث في التشريع
المقارن يعترف بمبدأ المسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية مما يعني أن هذه المسئولية
قد تجاوزت مرحلة الجدل الفقهي حول مدى ملائمة الأخذ بها من عدمه، وأصبحت تمثل
حقيقة تشريعية، حيث أقرها المشرع الوضعي صراحة في كثير من الدول مثل القانون
الإنجليزي والفرنسي ([95]).
كما يجب لإعمال هذا النظام أن يقرر المشرع المصري
مسئولية تضامنية بين الشركة والمخبر الذي يعمل لديها والقائم بالإجراء عن الأخطاء
التي قد تؤدي إلى حدوث ضرر بالمجني عليه المتعاقد معها أو غيره من الأفراد، حيث
يستطيع المضرور بموجب تلك المسئولية الرجوع على الشركة والمخبر للمطالبة بالتعويض.
وأساس مسئولية المخبر هو الخطأ الناتج عن أعماله والذي
سبب ضررًا للغير، وأساس مسئولية الشركة هي مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، وهذا
ما نص عليه المادة 174 من القانون المدني "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر
الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعًا منه حال تأدية وظيفته أو
بسببها، وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرًّا في اختيار تابعه متى كانت
عليه سلطة فعلية في رقابته وفى توجيهه".
وبالطبع يشترط لتقرير مسئولية الشركة عن أخطاء المخبر
توافر عناصر أو أركان هذه المسئولية والتي تتمثل في وقوع خطأ نتيجة لتصرفات المخبر
أثناء تأدية إجراء التحري أو بسببه، ويقصد بالخطأ الإخلال بالتزام قانوني بعدم
الإضرار بالغير ([96])
حيث يجب أن يكون كل إنسان على قدر من الحيطة والتبصر في تعاملاته مع الغير، بحيث
يعد مرتكبًا لخطأ إذا انحرف سوكه عما يفرضه عليه القانون أو الاتفاق، وكان مدركًا
لذلك ([97])، كما يلزم وقوع ضرر للغير
نتيجة للخطأ المرتكب من قبل المخبر، فإذا لم يكن هناك أي ضرر انتفت المسئولية، كما
يلزم أن يكون الضرر نتيجة مباشرة للخطأ الذي وقع من الخبر الخاص، أما إذا ثبت وقوع
الضرر نتيجة لفعل الغير فلا مسئولية للشركة عن ذلك.
وهذا الشرط يعطي ضمانة لجدية التحريات التي يتم إجراؤها
عن طريق نظام المخبر الخاص، كما أنه يمثل ضمانة كافية لابتعاد التحريات عن أي مساس
بحقوق وحريات الأفراد، ويمنع استخدام هذا النظام في كيل الاتهامات للأبرياء على
غير الحقيقة، فقد يسعى المخبر الخاص إلى الإسراع في إجراء التحريات والانتهاء إلى
نتائج غير دقيقة تزج بالأبرياء في دائرة الاتهام على غير الحقيقة ولا يهدف من وراء
ذلك إلا الكسب المادي السريع ([98]).
4-قصره على المجني عليه:
أيضًا لحسن تطبيق نظام المخبر الخاص يجب قصر الاستعانة
به على المجني عليه أو ذويه؛ لأنه هو صاحب المصلحة الأولى في كشف ما وقع على حرمته
أو حقوقه من تعد بصفة عامة، أما المتهم فقد أحاطه المشرع بضمانات عدة تكفل له حسن
إجراءات التحقيق والمحاكمة، ولكن إذا وقع الشخص ضحية لبلاغ. كاذب ساق فيه مقدمة
أدلة كاذبة تشير إلى اتهامه بارتكاب جرم معين فإنه في هذه الحالة يتحول من متهم
إلى مجني عليه يسعى لإثبات براءة ساحته من تلك الأدلة الكاذبة، فيكون له حق
الاستعانة بالمخبر الخاص لإثبات كذب ما وجه إليه من إدانة على غير الحقيقة ([99]).
5-قصره على الجرائم الواقعة على الأفراد:
أيضًا لحسن إعمال هذا النظام يجب قصر الاستعانة به على
نوع معين من الجرائم، وهي الجرائم الواقعة على الأفراد، المتمثلة في جرائم الأشخاص
والأموال، وهي جرائم القتل والضرب والجرح والاغتصاب وهتك العرض والقذف، وجرائم
السرقة والنصب وخيانة الأمانة، وذلك لأن هذا النظام وجد أساسًا لمساعدة الأفراد
والمجني عليهم في الحصول على حقوقهم، أما الجرائم التي تمثل مساسًا بحق الدولة
كالجرائم المضرة بالمصلحة العامة مثل جرائم الرشوة والاختلاس والتزوير، فنظرًا لأن
الدولة هي المضرورة بالدرجة الأولى من هذه الجرائم فإن كشفها منوط فقط بالسلطة
العامة، التي خولها القانون الحق في كشف الجريمة والحق في تحريك الدعوى العمومية،
وإذا رأت تلك السلطات الاستعانة بالمخبر الخاص في كشف هذه الجرائم فلها ذلك، وفقًا
لظروفها وإمكانياتها المادية والفنية.
واستعانة السلطات المختصة بالمخبر الخاص في إجراء التحري
لا يعد تخليًّا منها عن أداء واجباتها، حيث إن قيام المخبر الخاص بهذا الإجراء لا
يحول دون قيام تلك السلطات بأعمال التحري لأنها هي صاحبة الاختصاص الأصيل في
مباشرته، بل إن تحريات المخبر الخاص تخضع لإشراف ورقابة السلطات المختصة فلها أن
ترد ما قام به المخبر وتقوم هي بمباشرة، ولها أن تعتمد عليه. كما أنه لا غبار على
السلطات المختصة في الاستعانة بالمخبرين الخصوصيين في إجراء التحري رغم وجود
المرشدين السريين لديها، فقد يكون ضعف الإمكانيات المادية والفنية لدي هذه السلطات
سببًا في الاستعانة بهذا النظام، لاسيما بعد الزيادة المضطردة في الجريمة وما
يترتب على ذلك من زيادة الأعباء الملقاة على عاتق الجهات الأمنية.
6-قصره على شركات التحريات والعاملين بها:
يجب أيضًا لإعمال هذا النظام أن يكون إجراؤه مقصورًا على
شركات التحريات الخاصة المرخص لها بذلك، فلا يجوز للمجني عليه ندب شخص طبيعي
لإجراء التحري، وإنما يقتصر الانتداب على شركات التحريات التي يتبعها العديد من
الأشخاص المرخص لهم بذلك، حتى تكون لتلك التحريات الثقة والمصداقية لتمكين
القائمين على هذه الشركات من متابعة الأعمال والتأكد من صحة التحريات باستخدام
أكثر من عنصر في إجرائها، وخاصة أن تولي إدارة تلك الشركات يستوجب أن يكون الأفراد
لها ثقافة عالية في المجال القانوني، وهذا الأمر يساعد على تدارك ما قد يشوب
التحريات من أخطاء نتيجة عدم الدراية والدقة في إجرائها ([100]).
وهذا يعني أنه لا يجوز للمجني عليه ندب شخص طبيعي غير
مرخص له من قبل الشركة بإجراء التحري، وهذا يتطلب أن يكون المخبر الخاص تابعًا
لأحدى شركات التحريات الخاصة، ومرخصًا له من قبلها بممارسة هذا العمل، أما إذا كان
قد صدر أمر بإيقافه عن العمل أو تم عزله أو استقال فإنه لا يجوز له في هذه الحالة
مباشرة إجراء التحري لعدم توافر الضمانات الكافية في حقه ولعدم تمكن الجهات
المختصة من متابعته والإشراف على ما يقوم به من إجراءات.
الخـــاتــمة
في نهاية هذا البحث أسجل أهم النتائج والتوصيات التي
انتهيت إليها وهى ما يلي:
أولاً: النتائج:
1- على الرغم من
أهمية هذا الموضوع من الناحية العملية إلا أنه لم يلق العناية الكافية سواء من قبل
المشرع الإجرائي أو من الفقه، وآمل في القريب العاجل أن تكثر الكتابات في هذا
الموضوع، وأن يضمن المشرع الإجرائي مدونته نصوصًا تنظم هذا الموضوع.
وإذا كان موقف المشرع الإجرائي حيال هذا الموضوع اتسم
بالسلبية، إلا أن الأخذ بنظام المخبر الخاص لا يتعارض مع النصوص القانونية، أو
القواعد العامة في القانون، أو بمعنى آخر لا يوجد هناك أي اعتراض ظاهر في القواعد
الإجرائية على الأخذ بهذا النظام، طالما توافرت فيه الضمانات اللازمة لتطبيقه.
2- إن الناظر في
النظام الإجرائي الإسلامي يجد أنه أجاز للمجني عليه مباشرة الاتهام الفردي في
الدعاوي الجنائية الخاصة بحقوقهم، وكذلك مباشرة بعض الإجراءات اللازمة للكشف عن
الجريمة، كالتحري عنها والقبض على مرتكبيها، يستوي في ذلك أن يقوم المجني عليه
بمباشرة هذا الإجراء بنفسه أو بالاستعانة بغيره كالمخبرين الخصوصيين مما يعني أن
التشريع الإجرائي الإسلامي لا يمنع من استعانة المجني عليه أو ذويه بالمخبرين الخصوصيين
في الكشف عن الجريمة طالما كان ذلك في إطار من الشرعية الإجرائية.
ثانيًا: التوصيات:
1- يهيب الباحث
بالمشرع الإجرائي إلى ضرورة التدخل لتقنين نظام المخبر الخاص بما يتلاءم مع طبيعة
وظروف المجتمع المصري وبما يحقق مصلحة المجتمع والمجني عليه في الدفاع عن حقوقه
ومصالحه.
ومن الممكن اقتراح نص إجرائي يمكن للمشرع الإجرائي
الاستعانة به عند تطبيق هذا النظام، ويقضى هذا النص بالآتي: "للمخبرين
الخصوصيين ولشركات التحريات الخاصة مباشرة إجراء التحري -دون غيره- عن الجرائم
الواقعة على الأفراد والتي يطلبون فيها الاستعانة بالمخبرين دون الإخلال بحق
السلطات العامة في مباشرة هذا الإجراء والرقابة على من يقوم به".
وهذا النص يسمح للمخبرين الخصوصيين بمباشرة إجراء التحري
دون غيره من إجراءات التحقيق وعن الجرائم الواقعة على الأفراد دون الدولة ما لم
يكن لها رأي آخر كما أنه يسمح بإجراء التحري عن الجرائم التي وقعت بالفعل حتى لا
يمتد اختصاص المخبر إلى سلطات الضبطية الإدارية التي تختص بمباشرة إجراءات منع
وقوع الجريمة، كما أن هذا النص لا يخل بحق السلطات العامة في مباشرة إجراء التحري
والرقابة على المخبر القائم به باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل في إجرائه.
2- يهب الباحث
بالمشرع الإجرائي المصري عند التدخل لتقنين نظام المخبر الخاص بضرورة مراعاة
ضمانات تطبيق نظام المخبر الخاص نظرًا لتعلق هذا النظام ومساسه بالحقوق والحريات
الفردية، وذلك ضمانًا لإنجاح هذا النظام ومحاولة ما قد ينتج عن تطبيقه من آثار سلبية.
وأخيرًا آمل في نهاية هذا البحث المتواضع وفى هذه السطور
القليلة أن أكون قد وفقت في تناول هذا تناول هذا الموضوع، وأن أكون قد وجهت
الأنظار إليه، تمهيدًا لدراسته دراسة قانونية شاملة، حتى يسهم في وجود جهات أخرى
تعاون السلطات العامة في الكشف عن الجرائم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله في كل لمحة ونَفَس
عدد ما وسعه علم الله.
***
المصادر والمراجع
أولاً:
القرآن الكريم.
ثانيًا:
الحديث النبوي الشريف:
تهذيب
سنن الترمذي: لأبي عبد الله عبد القادر الحسيني الصبحي طبعة دار
المعرفة بيروت بدون.
سنن
الدرامي: طبعة دار الكتب العلمية بيروت بدون، الناشر دار إحياء
السنة النبوية.
صحيح
مسلم بشرح النووي: الطبعة الأولى 1989م/ 1409هـ الناشر دار الغد العربي.
صحيح
سنن أبي داود: الطبعة الأولى1419هـ/ 1998م.
الموطأ للإمام مالك بن أنس رضي
الله عنه: طبعة عيسى الحلبي بدون.
ثالثًا:
كتب الفقه المذهبي:
أ-
المذهب الحنفي:
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: للعلامة الكاساني الطبعة الأولى 1328/ 1910 مطبعة
الجمالية بمصر.
حاشية ابن عابدين:
الطبعة الثانية دار الفكر بيروت، 1386هـ.
شرح
فتح القدير: للإمام ابن الهمام
الطبعة الأولى المطبعة التجارية بمصر، بدون.
المبسوط: للسرخسي مطبعة السعادة بمصر، بدون.
معين الحكام للطرابلسي:
الطبعة الثالثة 1393/1973م مطبعة الحلبي:
ب-
المذهب المالكي:
حاشية
الدسوقي على شرح الكبير: طبعة الحلبي، بدون.
مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: الطبعة الثانية 1398هـ/ 1978م مطبعة السعادة بمصر.
ج-
المذهب الشافعي:
الأحكام السلطانية: للماوردي: تحقيق الدكتور/ عبد الرحمن عميرة دار الاعتصام بدون.
إحياء علوم الدين: للإمام أبي حامد الغزالي تحقيق / أبو حفص سيد بن إبراهيم بن صادق بن عمران
الناشر دار الحديث القاهرة طبعة 1419هـ /1998م.
المهذب للشيرازي:
طبعة دار الفكر بدون.
مغني المحتاج: للعلامة الشيخ محمد بن أحمد
الشربيني الخطيب طبعة عيسى
الحلبي 1977م.
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي:
طبعة الحلبي 1386هـ /1967م.
د-
المذهب الحنبلي:
الأحكام السلطانية لأبي يعلى:
تعليق/ محمد صادق الفقي الطبعة الثالثة 1408هـ / 1987م طبعة الحلبي.
كشاف
القناع على متن الإقناع: للعلامة البهوتي طبعة بيروت 1982م.
المغني:
لابن قدامة طبعة مكتبة
النور الإسلامية بدون.
رابعًا:
كتب الفقه الحديث:
أ- عبد القادر عودة:
التشريع الجنائي الإسلامي مقارنًا بالقانون الوضعي الطبيعة الثالثة 1977م.
ب-
محمد سلام مدكور:
القضاء في الإسلام طبعة 1964م.
الفريق/ يحيى عبد الله المعلمي: الشرطة
في الإسلام الطبعة الأولى 1982م مكتبة عكاظ المملكة العربية السعودية.
خامسًا: الكتب القانونية:
د/ أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية 1986م الشرعية
والإجراءات الجنائية طبعة 1977م.
د/ أحمد عوض بلال:
التطبيقات المعاصرة للنظام الاتهامي في القانون الأنجلو أمريكي دار النهضة العربية
1992م. الإجراءات الجنائية المقارنة والنظام الإجرائي في المملكة العربية السعودية
طبعة 1990 دار النهضة العربية.
د/ إبراهيم عيد نايل: المرشد
السري: دار النهضة العربية طبعة 1996م.
د/ سامح السيد جاد:
شرح قانون الإجراءات الجنائية طبعة 1425م /2005م. العفو عن العقوبة في الفقه
الإسلامي والقانون الوضعي طبعة 1978م/1398هـ.
د/ عبد الرءوف مهدي: شرح
القواعد العامة لقانون العقوبات طبعة 1982.
د/ عبد الفتاح مصطفي الصيفي:
تأصيل الإجراءات الجنائية الإسكندرية 1985م .
الأحكام العامة للنظام الجنائي دار النهضة العربية 2001م.
د/ عبد الأحد جمال الدين: شرح قانون الإجراءات الجنائية الطبعة الثانية 2004م. دار
النهضة العربية.
د/ عبد الوهاب البطراوي: الأساس
القانوني لمسئولية الشخص المعنوي دار الفكر العربي 1996م.
عميد / عبد الواحد إمام مرسي: الموسوعة
الذهبية في التحريات دار الفكر الجامعي بيروت بدون.
د/ عمر السعيد رمضان:شرح
قانون العقوبات القسم العام طبعة 1990م.
د/فوزية عبد الستار:
شرح قانون الإجراءات الجنائية الطبعة الثانية 1990 دار النهضة العربية.
د/ مأمون سلامة: الإجراءات الجنائية في التشريع المصري دار الفكر العربي
بدون.
د/ محمود محمود مصطفى:
شرح قانون الإجراءات الجنائية طبعة الثانية عشر 1988م حقوق المجني في القانون
المقارن الطبعة الأولى 1975م القسم العام الطبعة العاشرة 1983م.
د/
محمود نجيب حسني: شرح قانون الإجراءات الجنائية طبعة 1982م دار النهضة
العربية شرح قانون العقوبات القسم العام الطبعة السادسة 1989م دار النهضة العربية.
د/
مصطفى الدغيدي: التحريات
والإثبات الجنائي مطبعة ناس بدون.
سادسًا: الرسائل:
د/أحمد ضياء الدين: مشروعية
الدليل في المواد الجنائية: دراسة تحليلية مقارنة رسالة دكتوراه حقوق القاهرة
1983م.
د/
إبراهيم على صالح: المسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية رسالة دكتوراه حقوق
القاهرة 1980م.
د/
عبد الوهاب عشماوي: الاتهام الفردي: رسالة دكتوراه حقوق القاهرة 1953م.
دار الجامعات المصرية.
د/
محمد محمود سعيد: حق المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية: رسالة
دكتوراه حقوق القاهرة 1982م.
سابعًا: البحوث والمقالات:
د/سمير الجنزوري:
دور الجمهور في الوقاية من الجريمة ومكافحتها في ضوء مبادئ الشريعة الإسلامية
سلسلة الدفاع الاجتماعي العدد الثاني 1981م.
عميد / سيد أبو مسلم: الربط
بين أجهزة الشرطة والدور الشعبي في مكافحة الجريمة سلسلة الدفاع لاجتماعي مجلة
تصدرها المنظمة المصرية للدفاع الاجتماعي بالرباط العدد الثاني 1981م.
مقدم / عبد الله أحمد الداهش:
التطور المعاصر لشركات الأمن الخاص أكاديمية الشرطة المصرية الطبعة 1994م.
د/
عمر عدس: أساليب
الارتقاء بمستوى أداء رجال الأمن والحراسة في ظل المتغيرات الأمنية المعاصرة
أكاديمية الشرطة 1993م.
رائد/ عمرو محمد خليل وآخرون: دور
الأجهزة الأمنية في دعم وتطوير شركات الأمن والحراسة أكاديمية الشرطة بدون.
عميد/ فاروق محمد وهبة: دور
المرشد: مجلة الأمن العام عدد 79.
د/
فريدون محمد نجيب: الأمن الخاص إصدار القيادة العامة لشرطة دبي مركز البحوث
والدراسات عدد 16 إبريل 1993م.
مقدم/ماهر رفعت يوسف وآخرون:
شركات الأمن الخاصة ومدى الحاجة إلى تنظيم تشريعي يقنن نشاطها، أكاديمية الشرطة
بدون.
عميد
/ نبيل منصور: توسيع الأخذ بنظام شركات الأمن الخاص بالمؤسسات
والشركات طبعة 1983 معهد بحوث الشرطة.
نقيب/ وليد أحمد وآخرون: نظام الخدمات الأمنية بأجر بين السلبيات والإيجابيات
أكاديمية الشرطة بدون.
ثامنا: القوانين:
قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971م وقراراته
التنفيذية طبقًا لأحد التعديلات: الطبعة السابعة المطابع الأميرية.
نظام الإجراءات الجزائية السعودي:
طبعة 1424هـ الطبعة الأولى.
***
فهرس الموضوعات
الموضوع
* المقدمة
* موضوع البحث وأهميته
* خطة البحث
*
التمهيد: ماهية نظام المخبر الخاص
*
الفرع الأول: التعريف بالمخبر الخاص
*
أولاً: في النظام الإجرائي الإسلامي
ثانيًا:
في القانون
1- أسباب انتشار
شركات الأمن الخاص(المخبر الخاص)
2- الخدمات التي
تقدمها شركات التحريات
الفرع
الثاني: التمييز بين المخبر وما يشتبه به
أولاً:
في النظام الإجرائي الإسلامي
1- التمييز بين
المخبر الخاص ورجل الشرطة
2- التمييز بين
المخبر الخاص ووالي الجرائم
ثانيًا:
في القانون الإجرائي
1- التمييز بين
المخبر الخاص والمخبر الرسمي
2- التمييز بين
المخبر الخاص والمرشد السري
3- التمييز بين
المخبر الخاص والشاهد
الفرع
الثالث: فكرة الاستعانة بالمخبر الخاص
أولاً:
في التشريع الإجرائي الإسلامي
ثانيًا:
في القانون الإجرائي
المبحث
الأول
مدى
شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص
تقسيم
المطلب الأول: مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص في التشريع الإجرائي
الإسلامي
المطلب الثاني: مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص في التشريع الإجرائي
المطلب الثالث: مدى شرعية الاستعانة بالمخبر الخاص في الفقه القانوني
الاتجاه الأول
الاتجاه الثاني
المبحث
الثاني: ضمانات تطبيق نظام المخبر الخاص
تمهيد
وتقسيم
المطلب
الأول: شروط مزاولة شركات التحريات الخاصة والعاملين بها لإجراء التحري
أولاً:
في النظام الإجرائي الإسلامي
ثانيًا:
في القانون
أ-
الشروط الواجب توافرها في شركات التحريات الخاصة
ب-
الشروط الواجب توافرها في القائمين بإجراء التحري
المطلب
الثاني: ضمانات عدم تشتيت الجهود المبذولة
أولاً:
في النظام الإجرائي الإسلامي
ثانيًا:
في القانون
المطلب
الثالث: ضمانات الجدية في تطبيق نظام المخبر الخاص
1- وقوع جريمة تم
الإبلاغ عنها
2- قصره على إجراء
التحري دون غيره
3- تقرير مسئولية
الشركة والقائم بالإجراء
4- قصره على
المجني عليه
5- قصره على
الجرائم الواقعة على الأفراد
6- قصره على شركات
التحريات والعاملين بها
الخاتمة
فهرس
المراجع والمصادر
فهرس
الموضوعات
([4]) الحسبة في اللغة: هي مصدر احتسابك الأجر على الله تقول: فعلته
حسبة وأحتسب فيه احتسابًا، والاحتساب: طلب الأجر، والاسم الحسبة بالكسر طلب الأجر
والاحتساب في الأعمال الصالحات وعند المكروهات- المصابيح المنير جـ1 ص135 طبعة دار
المعارف بدون تاريخ.
وشرعًا: هي أمر بمعروف إذا
ظهر تركه ونهى عن منكر إذا ظهر فعله، وفي تفصيل ذلك ينظر:
إحياء علوم الدين لأبي حامد
الغزالي- جـ2 ص425- طبعة 1419هـ/ 1998م دار الحديث القاهرة- الأحكام السلطانية
للماوردي جـ2، ص284 طبعة دار الاعتصام- بدون تاريخ- الأحكام السلطانية لأبي يعلى،
ص257، طبعة الحلبي، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم- ص240- طبعة دار
الكتب العلمية ببيروت- بدون تاريخ.
([16]) معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام للطرابلسي- ص175
الطبعة الثانية 1493هـ/ 1973م مطبعة الحلبي- تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج
الأحكام لابن فرحون- جـ2، ص123، الطبعة الأولى 1416هـ/ 1995م دار الكتب العلمية-
ببيروت لبنان- بدون- الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص82، الطبعة الثالثة 1408هـ/
1987م- طبعة الحلبي.
([22]) د. محمود نجيب حسني: المرجع السابق ص665 رقم 702، وتنص المادة
284 إجراءات جنائية على الآتي: «إذا امتنع الشاهد عن أداء اليمين أو عن الإجابة في
غير الأحوال التي يجيز له القانون فيها ذلك حكم عليه في مواد المخالفات بغرامة لا
تزيد على عشرة جنيهات وفي مواد الجنح بغرامة لا تزيد عن مائتي جنيه «الفقرة
الأخيرة معدلة بالقانون رقم 29 لسنة 1982».
([24]) استخدم بعض فقهاء الشريعة في العصر الحالي مصطلحي الاتهام الشعبي
والاتهام الفردي الأول للدلالة على حق المجتمع وحق كل فرد في التقدم بالاتهام
دفاعًا عن المجتمع وحفاظًا على حقوقه وذلك في الجرائم العامة (الحدود) حيث يرى
الأستاذ: محمد سلام مدكور: أن تحويل جميع أفراد الشعب الحق في الاتهام ينصب على
جميع الجرائم العامة أو التي يغلب فيها صفة العمومية، كما يستعمل الثاني للدلالة
على حق الفرد الذي وقع عليه الضرر المباشر في رفع الدعوى الجنائية في الجرائم
الخاصة، ينظر في ذلك: أ. محمد سلام مدكور: القضاء في الإسلام- ص17، 18 طبعة 1964،
د. عبد الوهاب عشماوي- الاتهام الفردي- ص86 وما بعدها- رسالة دكتوراه- جامعة
القاهرة- 1953م.
المغني لابن قدامة جـ8
ص133، مكتبة النور الإسلامية- بدون، شرح فتح القدير جـ4، ص198، المطبعة التجارية
بمصر- بدون، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير جـ4، ص331- طبعة الحلبي- بدون.
([44]) أ.د/ أحمد عوض بلال: المرجع السابق- ص11- ويراجع في أسس هذا
النظام: د. عبد الوهاب عشماوي: الاتهام الفردي أو حق الفرد في الخصومة- رسالة
دكتوراه جامعة القاهرة- سنة 1953- ص70- دار النشر للجامعات المصرية- د. محمود
محمود مصطفى- حقوق المجني عليه في القانون المقارن- الطبعة الأولى 1975م- ص18 وما
بعدها. (شرح قانون الإجراءات الجنائية- الطبعة الثانية عشرة 1988م رقم 10: د.
محمود نجيب حسني- المرجع السابق- رقم31، د. عبد الفتاح الصيفي- تأصيل الإجراءات الجنائية-
رقم 32- الإسكندرية 1985م.
- نقض 11/ 10/ 1966 مجموعة
أحكام النقض، س17 رقم 172، ص932، نقض 24/ 3/ 1969م مجموعة أحكام النقض س20 رقم
300، ص179.
([64]) يذكر أن سيدة مصرية كانت متزوجة من شاب فلسطيني وأنجبت منه
طفلتين، وأثناء تواجدها مع زوجها بألمانيا تمكن زوجها من أخذ ابنتيه والهرب بهما
دون علم الزوجة، وتركها بمفردها، وظلت الأم تبحث عن طفلتيها لمدة ست عشرة سنة دون
جدوى، فاضطرت للاستعانة بإحدى شركات التحريات الخاصة، والتي تمكنت من العثور على
الابنتين بعد تخرجهما وتزوج إحداهما.
يراجع: مقدم/ عبد الله
الداهش: مرجع سابق، ص9.
([81]) ومعنى يتعاقرون على شراب: الملازمة والمداومة على الشرب، وجاء في
اللغة عاقر الخمر: أي لازمها وداوم عليها، والمعاقرة: إدمان شرب الخمر، وسميت بذلك
لأنها عقرت العقل أي لازمته. ومعنى يوقدون في أخصاص: أي يشغلون النار فيها، والخص
في اللغة: بيت من شجر أو قصب. ينظر في ذلك: مختار الصحاح للإمام الرازي- ترتيب
محمود خاطر- ص177/ 445- حرفي الخاء والعين- الناشر دار الحديث القاهرة- بدون-
المعجم الوجيز- إصدار مجمع اللغة العربية- ص199، 427، طبعة 1993م.
نقض 18/ 10/ 1984م مجموعة
أحكام النقض س35 رقم 140 ص636.
نقض 24/ 2/ 1988م مجموعة
أحكام النقض س35 رقم 1 ص1.
([90]) د/ أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية- المجلد
الأول- جـ2 ص632، د/ مأمون سلامة- قانون الإجراءات الجنائية معلقًا عليه بالفقه
وأحكام النقض- الطبعة الأولى- 1980- ص423، دار الفكر العربي، د/ أحمد عوض بلال:
الإجراءات الجنائية المقارنة والنظام الإجرائي في المملكة العربية السعودية- طبعة
1990م- ص461- دار النهضة العربية.
([91]) د/ محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات القسم العام- ص514، رقم
556 الطبعة السادسة 1989- دار النهضة العربية، د/ عبد الفتاح الصيفي: الأحكام
العامة للنظام الجنائي- ص445، دار النهضة العربية 2001م، د/ عبد الوهاب البطراوي:
الأساس القانوني لمسئولية الشخص المعنوي مجموعة أبحاث جنائية مقارنة بين القوانين
المعاصرة والفقه الإسلامي- ص287، دار الفكر العربي- 1696م.
([95]) وفي تفصيل هذا الأمر ينظر: د/ إبراهيم على صالح - المسئولية
الجنائية للأشخاص المعنوية- رسالة دكتوراه- جامعة القاهرة 1980م- ص48 وما بعدها -
د/ شريف سيد كامل: المسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية، المرجع السابق- ص6 وما
بعدها، د/ عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي- المرجع السابق، ص445
وما بعدها.
([96]) يراجع في ذلك: د/ عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في القانون المدني
جـ1 ص880 - الطبعة الثانية 1964م- دار النهضة العربية، د/ سليمان مرقس: المسئولية
المدنية في تقنيات البلاد العربية، ص178، طبعة 1971- إصدار معهد البحوث والدراسات
العليا، د/ محمد نصر رفاعي - الضرر كأساس للمسئولية المدنية في المجتمع المعاصر،
367، دار النهضة العربية- بدون.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم