المحاكم المتخصصة كوسيلة للارتقاء والعدالة بالامارات العربية المتحدة
ج
الامارات العربية المتحدة
المحكمة الاتحادية العلــيا
المحاكــــم المتخصصــــة كوسيلــــــة للارتقـــــــاء والعــــدالة
نموذج المحاكم الاتحادية المتخصصة في الامارات العربية المتحدة
ورقة
مقدمــة إلى المـؤتمر الرابــــع لرؤســـــاء المحــــــاكم
العليا والتمييز والنقض والتعقيب في الدول العربية
المنعقـــــد في الفتـــرة من 24-26 سبتــــمر 2013
الدوحـــة- دولــــة قطــــر
إعداد
القاضي/د.عبـــــدالوهــاب عبـــدول
رئيس المحكمة الاتحادية العليا – الامارات
فهرس الورقة
مقدمة
فصل تمهيدي
تحديد المفاهيم (فض الاشتباك بين المصطلحات)
أولاً:المحكمة
ثانيـاً: المحـكمة العامـة
ثالثـاً: المحكمة العـاديـة
رابعـاً: المحكمة الخاصـة
خامساً: المحكمة الاستثنائية
سادساً:المحكمة المتخصصة
سابعـاً:الدائرة المتخصصة
الفصل الأول
طبيعة ونظام المحكمة المتخصصه.
المبحث الأول:
الطبيعة القانونية للمحكمة المتخصصة.
أ-محكمة عادية.
ب-محكمة تابعة للمحكمة الابتدائية.
المبحث الثاني:
نظام المحكمة المتخصصة.
أ-تشكيل المحكمة والإجراءات أمامها.
ب-إصدار الأحكام والطعن عليها.
الفصل الثاني
المحاكم المتخصصة كوسيلة للارتقاء .
المبحث الأول:
الارتقاء من حيث كفاءة تقديم الخدمة القضائية
أ-اختصار الوقـت.
ب-تيسير الإجراءات.
ج-تحقيق الجــودة.
المبحث الثاني:
الارتقاء من حيث أدوات تقديم الخدمة القضائية
أ-تدريب وتنمية مهــارات أعوان القضاء.
ب-استخدام الوسائل التكنولوجيـة الحديثـة.
ج-تخصص القضاة العلمــي والمهنــي.
مقدمة
ثمة علاقة طردية بين التخصص والارتقاء . فكلما تخصص الإنسان في علم أو صناعة أو مهنة ، كلما أدى إلى الارتقاء في ذلك العلم أو الفن ، أو في تلك الصناعة أو المهنة. ولا يشذ القضاء عن هذه القاعدة . فالتخصص في فرع أو ميدان من القضاء، يؤدى حتماً إلى الارتقاء بالعمل القضائي والخدمة القضائية، ومن ثم الارتقاء بالعدالة التي هي غاية كل عمل قضائي.
وارتقاء القضاء يكون في اتجاهين ، ارتقاء في كفاءة تقديم الخدمة القضائية ، وارتقاء في أدوات تقديم الخدمة. ولا يغنى أحدهما عن الآخر . وتمثل المحاكم المتخصصة أحد وسائل الارتقاء.
والورقة الماثلة دراسة للمحاكم المتخصصة في القضاء الاتحادي ، من حيث بيان طبيعة ونظام المحاكم المتخصصة، ودورها كوسيلة للارتقاء والعدالة.
والله الموفق
فصل تمهيدي
تحديد المفاهيم وفض الاشتباك بين المصطلحات
عندما يدور الحديث عن المحاكم المتخصصة، فثمة خلط شديد يحصل بين مصطلحات قانونية متقاربة في مبناها اللغوي، لكنها مختلفة في معناها القانوني.
الأمر الذي يتعين معه فض الاشتباك بينها توصلاًَ إلى تحديد مفهوم ومدلول كل مصطلح على وجه الدقة. ومن تلك المصطلحات : المحكمة، المحكمة العامة، المحكمة العادية، المحكمة الخاصة، المحكمة الاستثنائية، المحكمة المتخصصة، الدائرة المتخصصة.
أولاً: المحكمة:
المحكمة لغة، هو المكان الذي يتحاكم فيه الناس، للفصل في منازعاتهم وخصوماتهم. ولم ترد كلمة (( محكمة )) . في القرآن الكريم، ولا في الأحاديث النبوية الشريفة. بل أن كتب ومؤلفات فقهاء المسلمين وقضاتهم القدامى خلت هي الأخرى من هذا المصطلح.
أما الفعل (( حَكََمَ )) واشتقاقاته، فقد ورد في أكثر من مائتين وثلاثة وعشرين موضعاً في القرآن الكريم مثل: حكم، يحكم، يحكمون، يتحاكمون، يحكمونك......الخ . إلا أن كلمة (( محكمة ))، كان يعبر عنها . بمصطلحات أخرى مثل : (( القاضي ))، (( القضاء ))، (( مجلس القضاء ))، (( دار القضاء ))، (( دار العدل ))، (( مجلس الحكم )) .... الخ.
وفي الاصطلاح القانوني، فإن كلمة (( محكمة )) تعني الجهة أو الهيئة المنشأة بموجب القانون والتي تملك الصلاحية القانونية لأن تفصل في المنازعات والخصومات التي تعرض عليها وفق الطريق الذي رسمه القانون، بحكم أو قرار يقطع النزاع ويرفع الخلاف.
وفي علم القانون والقضاء، فإن إنشاء محكمة، لابد وأن يستند إلى قانون أو تفويض قانوني. وينظم القانون كل ما يتعلق بالمحاكم من حيث بيان ولايتها ودرجاتها ودوائرها واختصاصها المكاني، والإجراءات التي تتبع أمامها، وشروط تعيين قضاتها وبيان حقوقهم وواجباتهم وطرق حالات مساءلتهم وتأديبهم. وكذلك تنظيم شؤون أعوان القضاء وموظفي المحكمة. ويعرف هذا القانون بأسماء مختلفة مثل:
(( قانون القضاء ))، (( القانون الأساسي للقضاء ))، (( قانون تنظيم القضاء ))، قانون السلطة القضائية ....الخ.
ثانياً: المحكمة العامة
المحكمة العامة، هي المحكمة التي تمتلك ولاية النظر والفصل في جميع القضايا والمنازعات، أياً كان نوعها أو قيمتها أو محل إقامة أطرافها، أو مكان وقوع الضرر أو مكان ارتكاب الجريمة. وبالإجماع فإن المحكمة العامة هي صاحبة الولاية حيثما لا تنعقد ولاية أية محكمة للنظر في النزاع.
والمحكمة العامة، هي محكمة ابتدائية يكون مقرها في العاصمة أو في المدن الكبرى أو في عواصم الولايات والمحافظات حسب التنظيم الإداري والسياسي لكل دولة. وتستأنف أحكامها أمام محاكم الاستئناف التي تقع المحكمة العامة في دائرتها، أو في نطاقها القضائي.
وحسب دستور الاتحاد وقانون السلطة القضائية الاتحادية، فإن المحكمة الابتدائية الاتحادية في عاصمة الاتحاد وتلك التي في عواصم الإمارات الداخلة في القضاء الاتحادي، هي المحكمة العامة.
ثالثاً: المحكمة العادية
المحكمة العادية، هي المحكمة التي تنظر وتفصل في المنازعات والخصومات المعروضة عليها في اطار اختصاصها القيمي والنوعي والمحلي والولائي، وفق القواعد والإجراءات العادية . مثل قانون الإجراءات المدنية، وقانون الإجراءات الجزائية، وقوانين الإثبات. وكذلك القوانين الموضوعية مثل قانون المعاملات المدنية، وقانون المعاملات التجارية وقانون الشركات التجارية، وقانون تنظيم علاقات العمل، وقانون العقوبات، وغيرها.
والمحكمة العادية، هي من أوسع أنواع المحاكم انتشاراً، وأكثرها استقراراً، وأحسنها أمنةً واطمئناناً.
رابعاً: المحكمة الخاصة
المحكمة الخاصة، هي نوع من أنواع المحاكم، تنشأ للنظر والفصل في قضايا أو جرائم معينة، أو لفئات محددة من الأشخاص، أو لفترة زمنية معلومة، تنتهي ولايتها بانتهائها. وتطبق هذه المحاكم القوانين والإجراءات المتبعة والمعمول بها أمام المحاكم العادية، ما لم ينص القانون خلاف ذلك.
ومن أبرز الأمثلة على هذا النوع من المحاكم في القضاء الاتحادي، مجلس تأديب رجال القضاء بالمحكمة الاتحادية العليا، ومجلس تأديب المحامين. وكذلك المحاكم العسكرية بجميع درجاتها.
خامساً: المحكمة الاستثنائية
المحكمة الاستثنائية، هي نوع من المحاكم تنشأ خارج تشكيلات المحاكم العادية. وغالباً ما تحمى هذه المحكمة مصالح خاصة ذات وصف محدد، وتظهر في أوقات الأزمات التي تمر بها الدولة، إذ عندئذ تلجأ إلى إنشاء محاكم استثنائية هرباً من القضاء العادي. وقد تطبق هذه المحكمة قوانين إجرائية أو موضوعية خاصة تخالف أو تفترق عن القوانين العادية، سواء من حيث تشكيل المحكمة أو من حيث الإجراءات أمامها، أو حتى من حيث شكل وطريقة تسبيب أحكامها أو عدم قابليتها للطعن عليها....الخ.
ومن أمثلة هذا النوع من المحاكم، المحاكم العرفية التي تنشأ عملاً بأحكام القانون الاتحادي رقم (11) لسنة 2009 بشأن الأحكام العرفية.
سادساً: المحكمة المتخصصة
المحكمة المتخصصة، هيئة قضائية تنشأ بقانون أو بناء على قانون، بدرجة محكمة ابتدائية. وهي تدخل في اطار تشكيلات المحاكم العادية، ويقتصر نطاق ولايتها القضائية على نوع أو أنواع معينة ومحددة من القضايا والمنازعات، والتي غالباً ما تكون ذات طبيعة فنية تقنية.
وقد يتسع نطاق ولايتها المكانية لتشمل مساحة أوسع من دائرة اختصاص المحكمة الابتدائية العادية. ويقوم على المحكمة المتخصصة قضاة متخصصون تخصصاًَ عالياً في المسائل التي تختص المحكمة بنظرها. وقد تطبق المحكمة قواعد إجرائية خاصة تتوافق مع طبيعتها التخصصية.
ولا يوجد حتى الآن محاكمة متخصصة في القضاء الاتحادي، بالمفهوم السالف بيانه.
سابعاً: الدائرة المتخصصة
الدائرة القضائية المتخصصة، هيئة قضائية مؤلفة من قاض أو أكثر، تتبع المحكمة الابتدائية. ويتحدد اختصاصها المكاني، بالاختصاص المكاني المحدد للمحكمة الابتدائية التابعة لها. ومن الممكن إنشاء أكثر من دائرة متخصصة في مقر المحكمة الابتدائية الواحدة. وتستمد الدائرة المتخصصة شرعيتها وسندها القانوني من قانون إنشاء المحكمة الابتدائية التي تتبعها.
ويعرف النظام القضائي الاتحادي في الإمارات الدوائر المتخصصة منذ ثمانينيات القرن الماضي لكنها برزت بتشكيل أوسع منذ عام 2009.
والذي يمكننا قوله بعد هذا الاستعراض، أن النظام القضائي الإماراتي الاتحادي، لم ينشئ محاكم متخصصة بالمفهوم الذي سبق بيانه وإيضاحه. لكنه أنشأ دوائر متخصصة كوسيلة للارتقاء والعدالة.
على أنه وتقيداً بعنوان المحور الثالث من محاور المؤتمر، فإن كلمة (( الدائرة المتخصصة )) في سياق هذه الورقة، تعني (( المحكمة المتخصصة )).
وعليه فسيتم تناول هذا المحور عبر فصلين:
الفصل الأول : طبيعة ونظام المحكمة المتخصصة.
الفصل الثاني : المحكمة المتخصصة كوسيلة للارتقاء.
الفصل الأول
طبيعة ونظام المحكمة المتخصصة
المبحث الأول: الطبيعة القانونية للمحكمة المتخصصة .
أ-محكمة عادية:
سبق الإيضاح في الفصل التمهيدي من هذه الورقة، أن المحكمة العادية هي المحكمة التي تنظر وتفصل في المنازعات والخصومات المعروضة عليها في اطار إختصاصها القيمي والنوعي والمحلي والولائي، ووفق القواعد والإجراءات العادية. وحسب قانون السلطة القضائية الاتحادية، فإن المحاكم العادية في القضاء الاتحادي تتألف من : المحاكم الاتحادية الابتدائية والمحاكم الاتحادية الاستئنافية ، والمحكمة الاتحادية العليا.
ويكون مقر المحاكم الاتحادية الابتدائية في عاصمة الاتحاد وفي عواصم الامارات التي صدر أو يصدر قانون اتحادي بإنشاء محاكم اتحادية فيها. ويجوز أن يكون لها دوائر في غير العواصم من مدن ومناطق الامارات.
وتؤلف المحكمة الاتحادية الابتدائية من رئيس وعدد كاف من القضاة . وتكون بها دائرة أو أكثر لنظر المواد الجزائية، ودائرة أو أكثر لنظر المواد المدنية والتجارية ، ودوائر لنظر المواد الأخرى. ويكون تأليف الدوائر وتوزيع القضاة عليها بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأي رئيس المحكمة. وتصدر الأحكام من قاضٍ واحد ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
أما المحاكم الاتحادية الاستئنافية ، فمقرها في عاصمة الاتحاد وفي عواصم الامارات التي صدر أو يصدر قانون اتحادي بإنشاء محاكم اتحادية استئنافية فيها. ويجوز بقرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي أن يمتد اختصاص المحكمة الاتحادية الاستئنافية لأكثر من إمارة من تلك الامـــارات ، أو أن
تعقد جلساتها في مكان آخر ضمن دائرة اختصاصها. وتؤلف المحكمة الاتحادية الإستئنافية من رئيس وعدد كاف من القضاة. وتكون بها دائرة أو أكثر لنظر المواد الجزائية ، ودائر أو أكثر لنظر المواد المدنية والتجارية ، ودائرة أو أكثر لنظر المواد الأخرى . ويترأس الدائرة رئيس المحكمة أو أحد قضاتها . ويكون تأليف الدوائر وتوزيع القضاة عليها بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأي رئيس المحكمة . وتختص المحاكم الاتحادية الاستئنافية بالنظر في طعون الاستئناف التي ترفع عن الأحكام الجائز استئنافها قانوناً. وتصدر الأحكام من ثلاثة قضاة وتكون أحكامها نهائية.
وتقف المحكمة الاتحادية العليا على رأس القضاء الاتحادي وفي أعلى قمته. ورغم أنها تختص حصراً بنظر بعض الجرائم والدعاوي والطلبات بوصفها محكمة موضوع وقانون، ومحكمة ابتداء وانتهاء ، وأحكامها باته وملزمة للكافة. إلا أن اختصاصها الحصري ، لايخرجها عن طبيعتها القانونية من حيث أنها محكمة عادية.
ووفق أحكام الدستور الاتحادي وقانون السلطة القضائية الاتحادية ، فإن إنشاء المحاكم لايكون إلا بقانون . سواء كانت محاكم ابتدائية اتحادية أو محاكم استئنافية اتحادية أو محاكم عسكرية أو محاكم متخصصة أو محاكم أخرى. وينظم قانون إنشاء المحكمة كل مايتعلق بالمحكمة من حيث ترتيبها وتشكيلها ودوائرها وولايتها والإجراءات التي تتبع أمامها وطرق الطعن في أحكامها . ويجوز لقانون إنشاء المحكمة أن يحيل في بعض أحكامه إلى قانون السلطة القضائية أو قوانين أخرى ذات صلة بتنظيم القضاء والمحاكم.
ومن المؤكد – حتى الآن- أن قانوناً اتحادياً لم يصدر بإنشاء محاكم اتحادية ابتدائية أو استئنافية متخصصة . لكن العمل جرى على إنشاء دوائر متخصصة تابعة للمحاكم الابتدائية والاستئنافية.
ب- محكمة تابعة للمحكمة الابتدائية:-
إن فكرة إنشاء دوائر متخصصة تابعة وملحقه بالمحكمة الابتدائية ، ليست جديدة على القضاء الاتحادي ، فقد عرفتها المحاكم الاتحادية الابتدائية منذ بدايات إنشائها . إذ ظهرت بداية على شكل دوائر متخصصة في النظر والفصل في مخالفات وجنح المرور ، تلتها دوائر جنح الاحداث ، ثم دوائر المخالفات البلدية. وفي المجال المدني ظهرت الدوائر المدنية والدوائر التجارية والدوائر العمالية ، ثم الدوائر الإدارية، ودوائر الأحوال الشخصية ودوائر التنفيذ وغيرها.
ومنذ النصف الثاني من عام 2000، بدأت الدوائر المتخصصة تزداد عدداً ونوعاً نتيجة عدة عوامل من أبرزها : استحداث تجريمات جديدة مثل جرائم غسل الأموال، والجرائم الإرهابية، والجرائم الالكترونية، وغيرها. وصدور قوانين الملكية الفكرية مثل قانون العلامات التجارية وقانون حقوق المؤلف والحقوق المحاورة، وقانون الملكية الصناعية ..الخ. وظهرت أنماط جديدة من القضايا العقارية كقضايا التطوير العقاري ، والمضاربات الدولية في السلع والخدمات، والشركات العابرة، والمناطق المالية والتجارية الحرة. وتقاطع التشريعيين الوطني والدولي . وهي جميعها مواضيع تحتاج إلى قضاة متخصصين ومؤهلين في مجال هذه المواضيع تأهيلاً جيداً.
وعلى وقع هذه التطورات ومتطلبات رؤية حكومة الامارات واستراتيجيتها ، عرفت المحاكم الاتحادية – وكذلك المحلية – ازدياداً ملحوظاً في أعداد الدوائر المتخصصة والتي يطلق عليها خطأ المحاكم المتخصصة ، فأضحى القضاء الاتحادي وحده يعرف ست عشرة محكمة متخصصة (دائرة نوعية متخصصة) على التفصيل الآتي:-
1- المحاكم التجارية
2- المحاكم الإدارية
3- المحاكم العمالية
4- المحاكم العقارية
5- محاكم العقود والتعويضات
6- محاكم جنح الجنسية والإقامة
7- محاكم التنفيذ
8- محاكم السير والمرور
9- محاكم المخدرات والمسكرات
10- محاكم الاحداث
11- محاكم الدعاوي الاقتصادية
12- محاكم البلدية
13- محاكم الأوامر على العرائض
14- محاكم الملكية الفكرية
15- محاكم جرائم تقنية المعلومات
16- محاكم حماية المستهلك
ولما كانت هذه المحاكم (الدوائر) في غالبيتها تابعة للمحاكم الاتحادية الابتدائية وقليل منها دوائر تابعة للمحاكم الاتحادية الاستئنافية . ومن ثم فإنها محكومة بالنظام القانوني للمحكمتين المذكورتين.
المبحث الثاني: نظام المحكمة المتخصصة:
أ-تشكيلها والإجراءات أمامها:
بما أن المحاكم الاتحادية المتخصصة ، هي في حقيقتها دوائر متخصصة تابعة للمحاكم الاتحادية الابتدائية أو المحاكم الاتحادية الاستئنافية، ومن ثم فإن تشكيلها والإجراءات المتبعة أمامها، هي ذاتها المتبعة أمام المحاكم الاتحادية الابتدائية والاستئنافية.
تشكل المحاكم المتخصصة (الدوائر المتخصصة) بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأي رئيس المحكمة . وتتألف من ثلاثة قضاة ، إذا كانت كلية أو استئنافية. ومن قاض فرد إذا كانت جزئية أو محكمة مخالفات وجنح أو محكمة تنفيذ أو محكمة الأوامر على العرائض..الخ .
ويشترط في قضاة المحاكم المتخصصة ذات الشروط الواجب توافرها في سائر قضاة المحاكم الاتحادية من حيث الذكورة والإسلام والمواطنة والأهلية وحسن السيرة السلوك والسمعة والحصول على الإجازة القانونية وبلوغ سن معينة.
ويراعي عند تشكيل المحاكم المتخصصة ( الدوائر المتخصصة) تخصصات قضاتها ما أمكن ذلك. ويُحدد التخصص ، إما بحصول القاضي على مؤهل قانوني عال، وإما بالخبرة العملية الطويلة في ميدان التخصص. كأن يكون قاضي المحكمة حاصلاً على شهادة الدكتوراه أو الماجستير في حقوق الملكية الفكرية أو في جرائم غسل الأموال أو في القانون الإداري. أو غيرها . أو أن يكون القاضي قد أمضى فترة طويلة في نظر جرائم أو قضايا أو دعاوي معينة كجرائم الاحداث أو قضايا الإعلام والمطبوعات أو دعاوي الأحوال الشخصية أو الدعاوي والمنازعات الإدارية ..وغيرها.
ولايختلف قضاة المحكمة المتخصصة (الدوائر المتخصصة ) عن غيرهم من قضاة المحاكم العادية من حيث حقوقهم وواجباتهم وضماناتهم ، ومساءلتهم وتأديبهم، وردهم وتنحيتهم وأحوال عدم صلاحيتهم.
كما لاتختلف إجراءات نظر الدعوى أمام المحاكم المتخصصة (الدوائر المتخصصة) ، عن إجراءات نظر الدعاوى أمام المحاكم العادية . فترفع الدعوى وتقيد ويُعلن الخصوم بصحيفتها ، وتستوفى رسومها وفق القواعد الواردة في قانون الإجراءات المدنية أو قانون الإجراءات الجزائية حسب الأحوال . ويُعمل بذات قواعد الحضور والغياب وإجراءات الجلسة ونظامها. وتأخذ الخصومة أمام هذا النوع من المحاكم (الدوائر) ذات الأحكام العامة من حيث سقوطها وانقضائها وتركها. وذلك كله ما لم ينص القانون على قواعد وإجراءات خاصة ببعض الدعاوي والمنازعات والقضايا.
فعلى سبيل المثال ، فإن المنازعات الإدارية تنظرها محاكم إدارية متخصصة (دوائر إدارية متخصصة) تتبع المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية . وهذه المحاكم (الدوائر) مؤلفة ومشكلة في غالبيتها من قضاة أما يحملون مؤهلاً قانونيا عالياً في القانون الإداري أو القانون العام ، أو انهم ذوي خيرة في نظر المنازعات الإدارية لسنوات طويلة . لكن نظر المنازعة يتم وفق قواعد قانون الإجراءات المدنية، عدا مايخص ميعاد سماع الدعوى الإدارية. المادة (116/1) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (11) لسنة 2008 بشأن الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية تقضى بعدم سماع الدعوى المتعلقة بالقرارات الإدارية الصادرة بالتطبيق لأحكام هذا المرسوم بقانون بعد انقضاء مدة ستين يوماً من تاريخ العلم اليقيني بالقرار . أما الدعاوي الإدارية الأخرى فميعاد سماعها يخضع للتقادم الطويل.
ب-إصدار الأحكام والطعن عليها:
لاتختلف القواعد والمبادئ الناظمة لإصدار الأحكام في المحاكم المتخصصة (الدوائر المتخصصة)، عن نظيراتها المحاكم العادية من حيث علنية الجلسات، وشفوية المرافعة، واتخاذ الإجراءات في مواجهة الخصوم، وتدوين الإجراءات وكتابة الأحكام وتسبيبها وتوقيع مسوداتها من أعضاء الهيئة المصدرة ، وتوقيع نسختها الأصلية من رئيس الهيئة وأمين سرها، وإصدارها في جلسة علنية ، وسوف يكون من الاطالة تناول كل مبدأ بالشرح والتعليق.
كما أن طرق الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم المتخصصة(الدوائر المتخصصة) ، هي ذات طرق الطعن المقررة للأحكام الصادرة عن المحاكم العادية. فللخصوم أن يطعنوا في الأحكام الصادرة عن المحاكم المتخصصة (الدوائر المتخصصة) بطريق المعارضة ( خاص بالأحكام الجزائية) ، والاستئناف والنقض وإعادة النظر . ومنعاً من الاطالة فلن تتعرض الورقة الماثلة لطرق الطعن المذكورة بالشرح والتفصيل.
ويتم التقرير بالطعن ونظره حسب الإجراءات المقررة في قانون الإجراءات المدنية وقانون الإجراءات الجزائية ، مالم ينص القانون على إجراءات أو مواعيد خاصة.
الفصل الثاني
المحاكم المتخصصة كوسيلة للارتقاء
المبحث الأول: الارتقاء من حيث كفاءة تقديم الخدمة القضائية.
أ-اختصار الوقت :
يؤخذ على المحاكم العادية والمحاكم العامة، البطئ في نظر الدعاوي وطول إجراءات سيرها ونظرها، وهو مايؤدي إلى إطالة أمد النزاع واستدامة الخصومة واللدَّد فيها وتراكم العداوة والشحناء ، واختفاء فرص التصالح والتفاهم. وقد قيل أن العدالة تفقد وظيفتها الاجتماعية إن تأخر وصولها.
وعليه فلا غرابة أن اتخذ المخططون الاستراتيجيون وقادة التغيير الإداري ، الوقت كأحد مؤشرات قياس أداء الإدارات بما فيها إدارة القضايا فكلما قصُرَ أو أختصر الوقت الذي يستغرقه نظر القضية ، كلما كان ذلك مؤشراً إيجابياً للأداء . وإعمال مؤشر الوقت يقتضى التوفيق بين أمرين اثنين ، أولهما اختصار الوقت أو زمن انجاز العملية القضائية. والعمليات القضائية تبدأ من لحظة رفع وقيد الدعوى القضائية والى حين صدور حكم فيها . وهذه العمليات تشمل أعمال الإدارة القضائية والأعمال القضائية الصرفه. وثانيهما تحقيق العدالة. وهذا التحقيق يتم بتطبيق ومراعاة كافة النصوص والمبادئ القانونية التي تحكم النزاع المطروح على القضاء تطبيقاً عادلاً يعكس مقصود المشرع ومراده. وتأتي فكرة إنشاء المحاكم المتخصصة كأحد مظاهر أو صور التوفيق بين اختصار الوقت وتحقيق العدالة.
وتحقق المحاكم المتخصصة ميزة اختصار الوقت عبرعدة وجوه، من أبرزها:-
- إن تخصيص محاكم محددة بنوع معين من القضايا، سيجعل من عدد القضايا المعروضة عليها- بلاشك- عدداً قليلاً بالمقارنة مع المحاكم العادية والعامة التي تنظر في كل أنواع القضايا. وأن قلة عدد القضايا أمام المحكمة المتخصصة سيترتب عليه اختصار الزمن أو الوقت المخصص للنظر والفصل في النزاع.
- كما يتحقق اختصار الوقت من واقع تقارب مواعيد جلسات نظر القضايا أمام المحاكم المتخصصة وهذا التقارب هو أيضاً نتيجة لقلة عدد القضايا. فبدلاً من ان تؤجل المحكمة القضية شهراً لسماع مرافعة أو استدعاء شاهد أو ندب خبير أو إجراء تحقيق ، فإنه سيختصر هذا الوقت إلى النصف ، إذ لا تزاحمها قضايا من أنواع أخرى تنتظر دورها لاتخاذ إجراء مماثل فيها.
- إن من بين ما يميز المحاكم المتخصصة ، عن المحاكم العادية ، ان قضاة الأولى متخصصون في مواضيع الأنزعة والقضايا التي تطرح عليهم .
ومن ثم فإن ميزة التخصيص ستختصر من وقت نظر القضية. إذ ان القاضي لن يلجأ إلى الخبرة في كل صغيرة وكبيرة. فتخصصه العلمي وخبرته العملية ستوفر له علما ودراية كافية بجوانب النزاع الفنية، وانه لن يلجأ إلى الخبرة إلا فيما لا يحيط علمه به. ومن الثابت احصاءً وواقعا، ان الخبرة احد أسباب تأخر الفصل في القضايا أمام المحاكم.
ب- تيسير الإجراءات :
يغلب على إجراءات نظر القضايا أمام المحاكم طابع الاطاله والتعقيد والشكلية في الإجراء . وهذا التعقيد مردة إلى أن الدعوى القضائية هي أفضل وسيلة عرفها الإنسان لاقتضاء الحقوق . والدعوى هي مجموعة إجراءات متتالية، تنتهي أولاها لتبدئ اخراها والى أن يصدر الحكم في النزاع موضوع الدعوى . فتبدأ الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة المختصة وقيدها في سجلات المحكمة، ثم إعلان الخصوم بصحيفتها وتلقي ردودهم عليها وتحديد جلسة لنظرها، وسماع مرافعات الخصوم فيها وأوجه دفاعهم ودفوعهم وما قد يقتضيه الحال من اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق، والى إن يصدر الحكم فيها.
وهذه الإجراءات ليست من خلق المحكمة أو قضاتها، وإنما هي نصوص قانونية وضعها المشرع ألزم بها المحكمة والقاضي ورتب على مخالفة الجوهري منها جزاءً إجرائياً تمثل في بطلان الاجراء وإهدار أثاره ومفاعيله . وقد يترتب على مخالفتها عدم سماع الدعوى أو عدم قبولها أو عدم جوازها.
ولأن المحاكم المتخصصة في القضاء الاتحادي، هي دوائر متخصصة كما سبق القول ، فإنها مقيده بالقواعد والإجراءات العامة التي تحكم نظر سائر القضايا أيا كان نوعها ، مالم يفرد القانون إجراء خاصا بنوع معين من القضايا والمنازعات .
ومالم يصدر قانون خاص يبسَّط وييسَّر الإجراءات أمام المحاكم المتخصصة، فإن هذه المحاكم لاتستطيع أن تُبسَّط من إجراءتها الإ في نطاق ضيق ومحدود، قد لايتحقق الهدف المنشود من وراء إنشائها . ومما تستطيع المحكمة تبسيطه من إجراءات، قبول دفع رسوم وتامين الدعوى عبر بطاقات الانتماء أو بطاقات الدرهم الالكتروني ، السماح بإيداع صحف الدعاوي ومذكرات الحضور عن طريق موقع المحكمة على شبكة المعلومات "الانترنت"، إعلان الأوراق القضائية عبر ذات الوسيلة أو عبر الفاكس أو شركات البريد الخاصة..
وصفوة القول أن الخدمة القضائية التي تقدمها المحاكم المتخصصة تنقصها -حتى الان- البساطه في الإجراءات ، وهذا لا يتحقق إلا بإحداث منظومة جديدة من النصوص الاجرائية.
ج- تحقيق الجودة :
تُقاس كفاءة الخدمات بمقدار جودتها، ولاتفلت الخدمة القضائية من هذا المقياس. والجودة تعنى الإتقان في أداء العمل. وفي مجال أداء الخدمة القضائية فإن الجودة تعنى ان تتم الخدمة خلال الوقت المحدد لها، وفق القواعد والأصول المقررة قانونا ، وأن ينعكس أداها على رضاء المتعامل ، وان تقدم بأيسر الطرق وأقل التكاليف.
فمن حيث أداء الخدمة في الوقت المحدد، فمعظم الخدمات القضائية محددة بمواعيد وآجال محددة ومعينة في القانون ، ومخالفتها من طرف الموظفين المكلفين القيام بها، لا يؤدى إلى تأخر أداء الخدمة فحسب بل إلى تفويت حق على المتعامل وإلحاق الضرر به. وحتى في الخدمات التي لا تتقيد بمواعيد أو أجال ، فإن التأخر عن أدائها خلال وقت مقبول يؤثر على مؤشر مقياس كفاءة الأداء للمحكمة.
ويمثل رضاء المتعامل عن طريقة أداء الخدمة مقياساً ثانياً للجودة. والمتعاملون مع المحاكم اما متقاضون أو متلقوا خدمة أو شركاء . ولكل فئة من هذه الفئات رضاءه الخاص. فالمتقاضون هم الذي يتعاملون مع المحاكم من خلال نزاعاتهم المطروحة على القضاء ، ولكل منهم أمله الخاص في أن يصدر الحكم لصالحه الذي يُمثل قمة رضائه. لكنه كذلك ينتظر أن ينظر في نزاعه من ظرف قضاة أكفاء ، وفي اطار من الشفافية ، وخلال فترة زمنية معقولة ، وفي ظروف انتظار ومراجعة مريحه.
أما متلقوا الخدمة ، فهم أولئك الأشخاص الذين يطلبون من المحكمة خدمة قضائية، كطلب إصدار شهادة بعدم قيد قضية ، أو طلب صورة من وثيقة أو مستند يكون المتلقي صاحب شأن فيه، أو بعدم رفع طعن ضده ،أو حصر ارث أو إعلام وراثه أو طلب شهادة نفقه أو حضانة أو إعالة...الخ . ورضاء متلقي مثل هذه الخدمات يتحقق من خلال نشر وتعميم شروط إجراءات الحصول على الخدمة ، وكذلك من خلال توفير موظفي الاستقبال وخدمة العملاء، أو من خلال شغل وقت المتلقي خلال قترة انجاز الخدمة بالمفيد من المعلومات مثل توفير الجرائد والمجلات والكتب ودليل الخدمات للمحكمة ، أو مشاهدة القنوات التلفزيونية المنتقاه ، أو توفير أجهزة الحاسوب ..الخ.
ويأتي شركاء المحكمة كفئة ثالثة من المتعاملين ، وهم متعددون . ومن أبرز الشركاء: المحاكم والنيابات المحلية، الشرطة والأمن ، وزارة الداخلية ،المعاهد القضائية ، كليات الشريعة والقانون ،الموردون وغيرهم. ورضاء هذه الفئة من المتعاملين يكون عن طريق خلق قنوات اتصال مباشرة، وإيجاد آليات فاعله لتبادل المنافع المؤسسية بينها وبين المحكمة. وبالتأكيد فإن المجال هنا لايسع لشرح وبيان ماهية قنوات الاتصال وآليات التبادل.
وأخيراً فإن من مقاييس الجودة ، تقديم الخدمة القضائية ، بأيسر الطرق وبأقل التكاليف. وتقديم الخدمة بأيسر الطرق تشمل إعداد الموظف الشامل أي ذلك الموظف الذي يستطيع أن يقوم بكافة الإجراءات الفنية والإدارية المتطلبة لانجاز الخدمة، وتبسيط إجراءات تقديم الخدمة وذلك بإلغاء وحذف العمليات المتكررة أو المتشابهة، أو تلك التي لا لزوم لها لانجاز الخدمة ، والتقليل من إرفاق المستندات الورقية الداعمة لطلب الخدمة والاستعانة عنها بالبطاقات الذكية كبطاقة الهوية ، وتحديد مدة زمنية معقولة لانجاز الخدمة القضائية .
ولكن للارتقاء أدوات تعمل المحاكم المتخصصة استخدامها لتحقيق العدالة ، فما هي أو أدوات الارتقاء ؟ هذا ما سيتناوله المبحث الثاني من هذا الفصل.
المبحث الثاني:الارتقاء من حيث أدوات تقديم الخدمة القضائية
أ-تدريب وتنمية مهارات أعوان القضاء:
أعوان القضاء هم فئة من موظفي المحكمة يؤدون اعمالاً تعين القضاة على التفرغ لأداء عملهم القضائي . هؤلاء الموظفون هم الكتبة والمحضرون والمترجمون والطاعبون والخبراء المعينون لدي المحاكم. وقد يكون الأعوان من غير موظفي المحكمة كالمحامين والخبراء المقيدون بجداول الخبراء لدى وزارة العدل.
وعلى عاتق هؤلاء يقع تسيير العمل الكتابي والقلمي في المحكمة بدءً من قيد الدعوى وتقدير قيمتها وإعلان صحيفتها وسائر أوراقها ، مروراً بتولي اعمال أمانة سرّ دوائر المحكمة ، ومتابعة تنفيذ القرارات الصادر عنها ، وانتهاءً بتنفيذ الأحكام وطباعتها وإصدار الشهادات لمن يهمه الأمر ..وغيرها من الأعمال غير القضائية.
وتشكل الأعمال التي يقوم بها أعوان القضاء الجانب الأكبر والأكثر من أعمال الخدمة القضائية.وأعوان القضاء هم أكثر العاملين بالمحكمة اتصالاً واحتكاكا بمتلقي الخدمة القضائية . ومن ثم فلا عجب أن كان تدريب وتنمية مهارات أعوان القضاء وجهاً من وجوه الارتقاء بالخدمة القضائية.
وعلى مستوى القضاء الاتحادي، فقد تلقى أعوان القضاء تدريباً على استخدام برامج الحاسوب الخاصة بالخدمات القضائية . وألُحقوا بدورات وورش عمل في مجال مهارات الاتصال وخدمة العملاء واللغة الانجليزية وغيرها.
ويتم التدريب إما عن طريق المكاتب الاستشارية المتخصصة في مجال التدريب وتنمية الموارد البشرية، أو عن طريق معهد التدريب والدراسات القضائية التابع لوزارة العدل. وقد وفرت الوزارة باعتبارها المشرفة على المحاكم الاتحادية تأهيلاً مناسباً وتدريباً متكاملاً لأعوان القضاء شملت استخدام تقنيات الحاسب الآلي وتنمية مهارات الاتصال والابتكار لدى الأعوان . فيما دلت مؤشرات قياس الأداء للسنوات الخمس الماضية على تحسن واضح في أداء خدمات أقلام كتاب المحاكم الاتحادية.
ب- استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة:
مثلما يكون الارتقاء بالخدمة القضائية من خلال إعداد طاقم مدرب ومؤهل من رجال أعوان القضاء، فإن الارتقاء يتم كذلك عبر استخدام الأدوات والوسائل والتقنيات الحديثة مثل أجهزة الحاسوب بأنواعها وأشكالها المختلفة ، والهواتف الذكية، والطاقات الالكترونية والماسحات الضوئية وأجهزة تخزين المعلومات والبيانات. وكذلك الانترنت وما يوفره من خدمات وبرامج ومعلومات ..وغيرها من الوسائل الحديثة. وتوفر هذه الأدوات والوسائل عند استخدامها، الدقة في الخدمة والسرعة في الانجاز والبساطة في التشغيل والاستعمال.
ولأن فكرة المحاكم المتخصصة تقوم على عنصر التخصص في العمل ، فإن هذه الفكرة تصاحب جميع الأعمال اللازمة أو المكملة أو المستخدمة في العمل، وسيلة للارتقاء بالخدمة القضائية مثلما أن المحاكم المتخصصة هي ذاتها وسيلة للارتقاء والعدالة .
وقد عرفت المحاكم المتخصصة (الدوائر المتخصصة) الاتحادية تزايداً في استخدام التقنيات الحديثة شملت جميع جوانب تقديم الخدمة القضائية ، بدءً من ربط أقلام المحاكم الجنائية بأقسام وإدارات النيابة العامة والشرطة، وقيد وتسجيل الدعاوي والقضايا والشكاوي الكترونياً، وإعلان صحفها وسائر أوراقها عبر الفاكس أو البريد الالكتروني، أو حتى الرسائل النصية، مروراً بإصدار الشهادات والإفادات والتوكيلات القضائية، وانتهاء بخدمات إدارة المعرفة القضائية والقانونية، وذلك بوضع مجموعات القوانين، والأحكام القضائية وقوائم المحامين المقيدين والمقبولين ، وكذلك الخبراء والمترجمين وغيرهم على الرابط الخاص بالمحاكم الاتحادية ووزارة العدل ، على شبكة الانترنت مما يُشكل ارتقاءً حقيقياً بأدوات تقديم الخدمة القضائية.
ج-تخصص القضاة العلمي والمهني:
النظر في الدعاوي والمنازعات والفصل فيها بحكم قضائي بات وملزم ، خدمة قضائية يقوم بها القضاة . وكفاءة هذه الخدمة تقوم على عدة عوامل من أهمها تخصص القضاة. ويأتي هذا التخصص من خلال تدريب القضاة وتأهيلهم علمياً وعملياً. فالتدريب والتأهيل من أسباب ارتقاء الخدمة القضائية.
ويوفر التدريب والتأهيل القانوني والقضائي، جيلاً متخصصاً من القضاة على درجة عالية من الخبرة ، يكون له القدرة على تناول القضايا المالية والاقتصادية والفكرية وغيرها بدرجة عالية من الدراية والكفاءة والفهم الدقيق لكافة جوانب وأبعاد القضية المعروضة عليه، مما يُعزز من تطبيق العدالة على وجهها الأمثل.
ورغم أن تخصص القضاة يكلف الدولة نفقات باهظة تشمل مصروفات ابتعاثهم إلى الخارج لاستكمال دراساتهم الجامعية العليا التخصصية، أو للالتحاق بالمعاهد القضائية للتدريب العملي فيها، أو إلحاقهم بدورات محلية داخل الدولة. إلا أن هذه التكلفة العالية توازيها تأسيس قضاء متخصص يضاعف من ثقة المتقاضين في قدرة القضاء الوطني على التصدي لكافة المنازعات مهما كان نوعها. كما يُعَّزز من المكانة التنافسية للدولة على المستوى العالمي .
وفي إطار تكوين وإعداد قضاة متخصصين، وضعت وزارة العدل برنامجا طويل الأمد يقضى بإيفاد عدد محدد من القضاة وأعضاء النيابة العامة كل سنة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو دول أوربا الغربية لإعدادهم قضاة وأعضاء نيابة متخصصين في التحقيق والمقاضاة في القضايا المالية والاقتصادية وقضايا الملكية الفكرية وجرائم غسل الأموال وجرائم الإرهاب ، والجرائم الالكترونية وغيرها . ويبلغ عدد الموفدين حتى الآن ستة عشر قاضياً، وعضو نيابة . وسوف يشكل هؤلاء القضاة النواة الصلبة والحقيقة للقضاء المتخصص في القضاء الاتحادي.
وصفوة القول أن قانوناً اتحادياً لم يصدر حتى الآن بإنشاء محاكم اتحادية متخصصة بالمعنى الاصطلاحي لكلمة ((المحاكم المتخصصة)) . لكن تم إنشاء دوائر متخصصة بقررات وزارية أصدرها وزير العدل بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء الاتحادي.وأن هذه الدوائر تابعة وملحقة بالمحاكم الاتحادية الابتدائية أو المحاكم الاتحادية الاستئنافية . وأن قضاة هذه الدوائر مؤهلون تأهيلاً مناسبا في مجال التخصص، إما بحكم حصولهم على مؤهلات علمية عالية في موضوع التخصص، أو بحكم خبرتهم القضائية الطويلة في ذات المجال . وأن جهود وزارة العدل باعتبارها المشرفة على المحاكم الاتحادية قائمة وحثيثة على ترسيخ مثل هذه المحاكم في النظام القضائي الاتحادي. وأن الواقع العلمي المعاش والممارس كشف عن أن المحاكم المتخصصة هي وسيلة مثلى للارتقاء بالقضاء والعدالة.
وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم