القائمة الرئيسية

الصفحات



آثار بيع العقار بالمزاد العلني على التقييد الاحتياطي والحجور والإنذارات العقارية . د حسن فتوخ



آثار بيع العقار بالمزاد العلني على التقييد الاحتياطي والحجور والإنذارات العقارية
الـدكتـور حسـن فتـوخ
قـاض بمحكمـة النقـض وأستاذ بالمعهد العالي للقضاء 






تكتسي التقييدات المؤقتة أهمية بالغة في ضمان الحقوق وحمايتها، نظرا لما لها من مفعول تجاه الأغيار ابتداء من تاريخ إشهارها بالرسم العقاري الذي يترتب عنه هدم قرينة حسن النية المفترضة فيهم قانونا، ويتحملون معه كافة النتائج القانونية المترتبة على تعاملهم بشأن العقار موضوع التقييدات المؤقتة.
لذلك، فإن تحقق الحماية الفعلية للمستفيدين من التقييدات المؤقتة يتوقف حقيقة على رتبة كل تقييد على حدة وطبيعة الحق المراد حمايته بمقتضاه، بدليل أن استيفاء الحقوق الشخصية من قبل الدائنين المرتهنين والعاديين، وإنجاز التقييدات النهائية للحقوق الواردة بالرسم العقاري بأثر رجعي، يقتضي الوقوف على رتبة التقييدات المؤقتة فيما بينها، ورصد أهم الإشكالات التي تطرحها من الناحية العملية، وأثرها على المراكز القانونية التي تنتج لأصحابها بمجرد إجرائها، مستعرضين من خلال ذلك موقف العمل القضائي الصادر في هذا الشأن.
ونظرا لتنوع هذه التقييدات المؤقتة واختلاف نوع الحماية أحيانا، وفقدانها أحيانا أخرى ارتأينا معالجة أثر الرتبة في حفظ الحقوق المتعلقة بعقارات محفظة، من خلال علاقتها القانونية فيما بينها، وانقضاء أحدها على الآخر الموالي لها، ومدى أحقية صاحب التقييد الموالي في الرتبة في طلب رفع أو التشطيب على التقييدات المؤقتة السابقة له، استنادا على النصوص المسطرية العامة أحيانا، أو على النصوص الموضوعية الخاصة أحيانا أخرى.
لذلك، فإن تناول هذه الإشكالات التي يطرحها هذا الموضوع يقتضي تقسيمه إلى محورين على الشكل التالي:
المحور الأول: العلاقة بين رتبة الحجز العقاري والتقييد الاحتياطي
المحور الثاني : العلاقة بين رتبة الرهن المؤجل والحجز العقاري
المحور الأول:
العلاقة بين رتبة الحجز العقاري والتقييد الاحتياطي




نظرا لأهمية الرتبة في ضمان الحقوق المراد المحافظة عليها بواسطة مؤسستي الحجز العقاري والتقييد الاحتياطي، فقد ارتأينا الوقوف على مختلف الإشكالات العملية والقانونية التي تطرحها على مستوى عمل المحافظين العقاريين من جهة، وعلى مستوى العمل القضائي من جهة أخرى.
ذلك، أن الآثار القانونية الناتجة عن الرتبة في الرسم العقاري تختلف طبعا بحسب نوعية التقييد الاحتياطي المنجز، وكذا نوعية الحجز العقاري المنصب على عقار المدين. ومن ثم فإن الحماية المتوخاة من إجراء هذه التقييدات المؤقتة تختلف بدورها من تقييد إلى آخر، إذ يمكن أن تكون كاملة، أو جزئية، أو منعدمة بحسب الأحوال.
وغني عن البيان، أن حصول البيع بالمزاد العلني وتقييد محضر إرساء المزاد بالرسم العقاري، يطرح بدوره إشكالا عمليا يتعلق بأحقية الراسي عليه المزاد في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي السابق على الحجز العقاري بناء على مبدأ الأثر التطهيري الوارد ضمن مقتضيات الفصل 211 من ظهير 02 يونيو1915، الشيء الذي يضطرنا إلى استعراض الموقف القضائي والإداري من هذه المسألة، وبيان المبررات المعتمدة من كل جهة على حدة، وإبداء وجهة نظرنا الشخصية بشأن هذا الإشكال.
غير أن الحديث عن فعالية هذين التقييدين، يستلزم منا رصد مكامن الخلل المسطري الحاصل بين المؤسسة القضائية والإدارية من حيث التنسيق في العمل بينهما من أجل تحقق التحيين بين المعلومات الواردة بالرسم العقاري، وتلك الجارية لدى كتابة الضبط بشأن نفس الرسم المذكور، حفاظا على مصداقية المؤسستين معا تجاه المتقاضين والمتعاملين بحسن نية مع بيانات الرسم العقاري، والمعطيات المدونة بدفتر التحملات المودع بكتابة الضبط.
لذلك، فإن تناول هذه الإشكالات العملية والقانونية المطروحة على الجهتين القضائية والإدارية، يقتضي تقسيمه إلى مطلبين على الشكل التالي:
المطلب الأول: أسبقية التقييد الاحتياطي على الحجز العقاري
المطلب الثاني: أسبقية الحجز العقاري على التقييد الاحتياطي
المطلب الأول:
أسبقية التقييد الاحتياطي على الحجز العقاري
يطرح موضوع أسبقية التقييد الاحتياطي في الرتبة على الحجز العقاري سؤالين هامين، الأول يتعلق بماهية الأثر القانوني المترتب عن أسبقية رتبة التقييد الاحتياطي على الحجز العقاري الذي انتهى بتحرير محضر إرساء المزاد، في حين أن الثاني يهم مدى أحقية الحاجز أو الراسي عليه المزاد في التشطيب على التقييد الاحتياطي السابق له في الرتبة.
ولعل الجواب على هذين السؤالين يتطلب تقسيم مضمون هذا المطلب إلى فقرتين كالآتي:
الفقرة الأولى: أثر أسبقية رتبة التقييد الاحتياطي على تقييد محضر إرساء المزاد.
الفقرة الثانية: إمكانية المشتري بالمزاد التشطيب على التقييد الاحتياطي السابق.
الفقرة الأولى:
أثر أسبقية رتبة التقييد الاحتياطي على تقييد محضر إرساء المزاد

إن الأثر القانوني لرتبة التقييد الاحتياطي إذا كانت سابقة على رتبة الحجز بالرسم العقاري يختلف بحسب نوع التقييد الاحتياطي المنجز من قبل صاحب الحق. فإذا تعلق الأمر بالتقييد الاحتياطي بناء على سند أو بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية، فإنهما مقيدين بأجل عشرة أيام بالنسبة للأول وثلاثة أشهر بالنسبة للثاني قصد إجراء التقييد النهائي تحت طائلة التشطيب عليهما تلقائيا من قبل المحافظ العقاري وفقدان صاحبه الحق في الاستفادة من الرتبة المذكورة، ما لم يتم تجديد النوع الثاني بأمر من رئيس المحكمة ويستمر مفعوله إلى حين الفصل نهائيا في مقال الدعوى من طرف القضاء.
أما إذا تم التقييد الاحتياطي لمقال الدعوى وتم تجديده بأمر صادر عن رئيس المحكمة داخل أجل شهر، فإن مفعوله يبقى ساريا إلى حين صدور حكم نهائي في الموضوع، ويكون بالتالي لاعتراف القضاء بالحق موضوع التقييد الاحتياطي أثر مباشر على جميع التقييدات اللاحقة له، إذ إن رجعية التقييد المذكور في ضمان الحق العيني العقاري تعود إلى تاريخ تقييده بالرسم العقاري.

وهكذا فإن التساؤل يثار بشأن مدى أحقية الحاجز - الموالي في الرتبة لصاحب التقييد الاحتياطي - في مواصلة الإجراءات المسطرية للحجز العقاري وبيع العقار بالمزاد العلني؟
نعتقد أن إجراء تقييد احتياطي ضد المالك المقيد في الرسم العقاري لا يحول قانونا دون إيقاع الدائن لحجز عقاري على نفس العقار ومواصلة إجراءات البيع بالمزاد العلني، على اعتبار أن العقار لازال مملوكا للمدين المحجوز عليه بالرغم من وجود تقييد احتياطي يهدف إلى المحافظة مؤقتا على حق عيني عقاري طالما أنه لم يصدر أي حكم قضائي نهائي يعترف لصاحب التقييد الاحتياطي بوجود الحق محل النزاع وتقييد الحكم المذكور بأثر رجعي من تاريخ التقييد الاحتياطي.
لذلك فإن المشتري بالمزاد العلني يبادر إلى طلب تقييد محضر إرساء المزاد بالرسم العقاري ويتم تقييده من قبل المحافظ في رتبة موالية لصاحب التقييد الاحتياطي، أو بعبارة أخرى يكون المشتري المذكور قد تلقى الحق مثقلا بتقييد احتياطي سابق على شرائه بالمزاد. ومن ثم فإن ملكية المشتري بالمزاد ليست نهائية، إذ يتوقف وجودها من عدمها على مصير التقييد الاحتياطي السابق له في المرتبة، وذلك خلافا لقاعدة التطهير المترتبة عن تقييد محضر إرساء المزاد للعقار من جميع التكاليف والتحملات التي كانت مقيدة به المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 220 من مدونة الحقوق العينية.
ومعنى ذلك، أنه ورغم تقييد محضر إرساء المزاد بالرسم العقاري، فإن المشتري بالمزاد لا يعتبر إطلاقا المالك الوحيد للعقار بلغة نظام التحفيظ العقاري، لكون المحافظ يسلم له شهادة عقارية تتضمن الإشارة إلى كون التقييد الاحتياطي سابق على شراءه بالمزاد، مما يفيد قطعا أن حصول صاحب التقييد الاحتياطي على حكم نهائي في موضوع الحق المتعلق بالعقار الذي سبق بيعه بالمزاد العلني، يخوله الحق في اكتساب ملكيته بأثر رجعي منذ تاريخ التقييد الاحتياطي تجسيدا للدور الحمائي لهذه المؤسسة في الحفاظ على الحقوق، ويضيع بالتالي حق المشتري بالمزاد العلني رغم تقييد محضر المزاد بالرسم العقاري.
الفقرة الثانية:
إمكانية المشتري بالمزاد التشطيب على التقييد الاحتياطي السابق

لعل تناول الإشكالات التي تطرحها مسألة الرتبة بين التقييد الاحتياطي والحجز العقاري، وأثرها على الحقوق المتعلقة بها، يقتضي منا التطرق لإشكالية أحقية الراسي عليه المزاد في التشطيب على التقييد الاحتياطي السابق له في الرتبة (أولا)، ثم سنعالج الخلل المسطري المتعلق بعدم التنسيق الحاصل بين المحافظة العقارية وكتابة الضبط بشأن إجراءات البيع بالمزاد العلني وأثره على حقوق المشتري المزاد (ثانيا).
أولا: أحقية الراسي عليه المزاد في التشطيب على التقييد الاحتياطي السابق له في الرتبة
يطرح الإشكال بشأن مدى أحقية الراسي عليه المزاد، والمقيد في رتبة موالية للتقييد الاحتياطي، في طلب التشطيب على هذا الأخير، بعلة أنه اشترى بالمزاد عن طريق كتابة الضبط، وأن محضر إرساء المزاد يطهر العقار من جميع التكاليف العقارية المثقل بها.
نعتقد أن البيع بالمزاد العلني يتم وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، إذ إن المشاركين في المزايدة يفترض فيهم أنهم اطلعوا على دفتر التحملات المنجز من طرف مأمور إجراءات التنفيذ بشأن الرسم العقاري المبيع، حتى يكونوا على بينة بالتحملات العقارية التي تثقله، وبوضعيته القانونية بالمحافظة العقارية.
غير أننا نجد بعض العمل القضائي الاستعجالي قد اعتبر أن بقاء التقييد الاحتياطي مقيدا بالرسم العقاري رغم بيع العقار بالمزاد العلني هو تعسف واضح تجاه الراسي عليه المزاد، مستندا في ذلك على مقتضيات الفصل 211 الملغى للقول بأن تقييد محضر المزاد يطهر العقار من جميع الالتزامات والرهون بما فيها التقييدات الاحتياطية السابقة على الحجز.
ويلاحظ من خلال هذا الموقف القضائي، أن الأثر التطهيري لتقييد محضر المزاد يطال التقييدات الاحتياطية السابقة على الحجز العقاري في الرتبة. في حين أن صياغة وعبارات الفصل 211 الذي حلت محله مقتضيات المادة 220 أعلاه لا تحتمل هذا التأويل القضائي، لا سيما وأن نوع التقييد الاحتياطي المشطب عليه قد تم بناء على مقال افتتاحي للدعوى، الأمر الذي يعتبر معه هذا الاتجاه ضربا للدور الحمائي لمؤسسة التقييد الاحتياطي في الصميم، ويشكل بالتالي مساسا بحجية الأحكام القضائية الصادرة عن قضاء الموضوع بشأن المقال موضوع التقييد الاحتياطي.
وتأسيسا على ما ذكر، فإن المحافظ العقاري رفض تقييد هذا الأمر الاستعجالي بعلة أن التقييد الاحتياطي المشطب عنه لا يدخل في إطار المادة 220 أعلاه ، لأنه ينحصر في المطالبة بحق عيني، الشيء الذي اضطر معه صاحب التقييد المذكور إلى استئناف الأمر الاستعجالي أعلاه، فقضت محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء بإلغائه والحكم من جديد بعد التصدي برفض الطلب معتبرة أن "الفصل 211 من ظهير 2 يونيو 1915 جعل التطهير ينصب على الامتيازات والرهون أي الحقوق الشخصية ولا يطال التقييدات الاحتياطية المسجلة بناء على دعاوى متعلقة بالعقار المبيع والتي قد تنتج حقوقا لأصحاب التقييد الاحتياطي على هذا العقار، ذلك أن التقييد الاحتياطي هو ضمان لحق عيني عقاري بناء على دعوى عقارية ولا يتأتى رفعه إلا بعد معرفة مآل هذه الدعوى".
وقد أضاف نفس القرار أنه "مادام الراسي عليه المزاد قد اطلع على دفتر التحملات الذي يتضمن التقييد الاحتياطي المذكور فإنه يكون قد قبل العقار على حالته، ويتعين لذلك اعتبار طلبه الرامي إلى التشطيب على التقييد الاحتياطي في غير محله وينبغي رفضه".
ونخلص من خلال ما تم تفصيله أعلاه، إلى أنه يجب التمييز بين أنواع التقييدات الاحتياطية السابقة في الرتبة على الحجز والتي لا يجوز التشطيب عليها كأثر مباشر لتقييد محضر إرساء المزاد بالرسم العقاري.
فإذا تعلق الأمر بتقييد احتياطي مبني على سند أو على أمر قضائي، فإن انصرام أجل عشرة أيام بالنسبة للأول، وثلاثة أشهر بالنسبة للثاني، دون إنجاز التقييد النهائي للحق، يجعل التقييد المذكور في حكم العدم، بالرغم من بقائه مقيدا بالرسم العقاري، ويتعين بالتالي التشطيب عليه تلقائيا عند تقييد محضر إرساء المزاد في اسم الراسي عليه المزاد.
أما إذا تعلق الأمر بتقييد احتياطي بناء على مقال للدعوى سابق في الرتبة على الحجز العقاري، فإن التشطيب عليه من عدمه، يتوقف لزوما على الإدلاء بمآل الدعوى الجارية أمام المحكمة، وعلى نتيجة الحكم الصادر بشأنها ومدى صيرورته نهائيا أم لا.
ثانيا: أثر عدم تحيين الرسم العقاري على حقوق المشتري بالمزاد العلني

نشير إلى أنه قد يقع أن يحصل صاحب التقييد الاحتياطي على حكم نهائي في الموضوع، ويتم تقييده بأثر رجعي من تاريخ إجرائه، في حين يكون الدائن الحاجز - الموالي في الرتبة لصاحب التقييد الاحتياطي- لازال يواصل إجراءات الحجز والبيع بالمزاد العلني، ولا يقع أي تنسيق بين المحافظ العقاري ومصلحة كتابة ضبط المحكمة المفتوح لديها ملف البيع بالمزاد، ويحصل البيع فعلا لمن رسا عليه المزاد ثم يقوم هذا الأخير بطلب تقييد محضر إرساء المزاد، فيواجه طبعا بالرفض من قبل المحافظ بعلة تغير اسم المالك للرسم العقاري الذي وقع بيعه بالمزاد أثناء سريان الإجراءات المسطرية للبيع، فيكون تبعا لذلك الحق الذي تلقاه المشتري بالمزاد مملوكا للغير ولا يمكن قانونا تقييده بالرسم العقاري.
غير أن الطابع الحمائي المتوخى من التقييد الاحتياطي السابق في الرتبة على الحجز العقاري قد لا يتحقق أحيانا، إذ يعمد صاحب التقييد بناء على سند أو بمقتضى أمر من رئيس المحكمة إلى رفع دعوى عقارية بشأن الحق محل النزاع داخل أجل عشرة أيام بالنسبة للنوع الأول، أو أجل شهر بالنسبة للنوع الثاني، إلا أنه لا يبادر إلى طلب تقييد مقال الدعوى من قبل المحافظ إلا بعد مضي الأجل القانوني أعلاه، فيتم التقييد الاحتياطي للمقال في رتبة مستقلة ولاحقة لآخر تقييد تم تقييده بالرسم العقاري، فتكون النتيجة حتما ضياع حقه في الاستفادة من تجديد التقييد الاحتياطي السابق في الرتبة على جميع التقييدات الأخرى من جهة، وفقدان الحماية القانونية المتوخاة من التقييدات العقارية المؤقتة من جهة أخرى.
ونشير في نفس السياق إلى أن عملية تبليغ الحجز للمحافظ لا تنتهي دائما بحصول واقعة التبليغ، وذلك بتسلمه شخصيا أو من يمثله للنسخة التبليغية، بل يمكن له أن يرفض التبليغ بعلة وجود حجز سابق على العقار، فكيف يتم التعامل مع هذا الموقف السلبي من طرف كتابة ضبط المحكمة المصدرة للأمر بالحجز؟
هناك اتجاهان في الممارسة العملية نوردهما فيما يلي:
أولهما : يتعلق بتعامل كتابة ضبط المحكمة التجارية بمراكش مع الموقف المذكور الذي تعتبره امتناعا عن التنفيذ من قبل المحافظ ويحرر بشأنه مأمور الإجراءات محضرا بالامتناع يرجع إليه عند الاقتضاء. إذ على المستفيد من الحجز العقاري ممارسة الطعن في قرار المحافظ على الأملاك العقارية الرامي إلى رفض التبليغ للعلة المذكورة.
وثانيهما: يخص كتابة ضبط المحكمة الابتدائية بمراكش التي تعتبر رفض المحافظ التبليغ بمثابة تبليغ عملا بالمقتضيات المنصوص عليها في الفصول 37/38/39 من ق م م، وتواصل إجراءات الحجز العقاري بما في ذلك بيع العقار بالمزاد العلني، وذلك حماية للدائن من أي تواطؤ يمكن أن يقع بين المحجوز عليه والحاجز السابق لتراخي هذا الأخير في مواصلة إجراءات الحجز حتى لا يتأتى للدائن، الذي رفض المحافظ تقييد حجزه، من التعرض على منتوج البيع، إذ يقع أحيانا صلح بين الدائن الحاجز والمدين المحجوز عليه بشأن الدين موضوع الحجز، ويحصل المدين على رفع اليد من الدائن، ولا يبادر إلى تقييده بالرسم العقاري طبقا للفصل 207 من ظهير 12 غشت 1913، من أجل الإضرار بباقي الدائنين الذين ترفض حجوزاتهم من قبل المحافظين تمسكا منهم بمقتضيات الفصل 87 أعلاه.
وإذا كان لهذا الاتجاه أثر إيجابي في حماية الدائن، فإن ذلك يحول دون تحيين بيانات الرسم العقاري بسبب عدم تقييد الحجز التنفيذي وإجراءات البيع بالمزاد العلني بالرسم العقاري، مما يعتبر معه الغير الذي اكتسب حقا على العقار المذكور حسن النية لكونه تعامل على أساس ما هو مدون في الرسم العقاري، كما أن مواصلة إجراءات البيع وانتهاءها بمحضر إرساء المزاد العلني، قد يجعل تقييد هذا المحضر مستحيلا من قبل المحافظ العقاري بعلة تغير المالك المحجوز عليه بالرسم العقاري، وتضيع بالتالي حقوق المشتري بالمزاد العلني.
وبذلك تطرح إشكالية تعارض الحماية التشريعية المتوخاة تحقيقها بين مشتر بحسن نية على ضوء البيانات المدونة بالصك العقاري، وبين مشتر للعقار بحسن نية كذلك من كتابة ضبط المحكمة عن طريق المزاد العلني، إذ إن المركز القانوني لكلا الطرفين يستند إلى بيانات من المفروض أنها سليمة من الناحية القانونية، إلا أن المشتري الذي تلقى الحق من البائع المسجل اسمه بالرسم العقاري – بعد حصوله على رفع اليد – وقيامه بتقييد عقده بالرسم المذكور يكتسب حق تملك العقار من تاريخ التقييد، في حين أن المشتري بالمزاد العلني من قبل كتابة ضبط المحكمة رغم رفض المحافظ تقييد الحجز العقاري بالرسم العقاري يفقد حق تملكه للعقار بسبب صعوبة تقييد محضر إرساء المزاد، وتكون بالتالي كتابة الضبط قد باعت عقارا أصبح غير مملوك للمحجوز عليه أثناء سريان إجراءات البيع بالمزاد العلني.
المطلب الثاني:
أسبقية الحجز العقاري على التقييد الاحتياطي
تجدر الإشارة إلى أن التقييد الاحتياطي الذي يمكن إجراؤه بعد الحجز العقاري هو ذلك المتعلق بأمر من رئيس المحكمة أو مقال للدعوى، لأن الفقرة الأخيرة من الفصل 6 من ظهير فاتح يونيو 1915 بشأن المقتضيات الانتقالية تمنع اتخاذ أي تقييد احتياطي بمقتضى سند في حالة وجود مقتضيات صريحة ينص عليها ظهير التحفيظ أو التشريع المطبق على العقارات المحفظة تمنع وقوع التقييد، كما هو الشأن بالنسبة لحالة تبليغ أمر رسمي بحجز عقاري للمحافظ على الملكية العقارية تحفظيا كان أو تنفيذيا المنصوص عليها في الفصل 87 من ظهير 12 غشت 1913.
لذلك فإن تناول أثر رتبة الحجز العقاري إذا كانت سابقة على التقييد الاحتياطي تقتضي منا الإشارة إلى إشكالية الحجز التحفظي وتحويله إلى حجز تنفيذي، وسنعرض لمسألة رفع الحجز العقاري من قبل صاحب التقييد الاحتياطي الموالي له في الرتبة، ورصد موقف العمل القضائي من هذه الإشكالات، وبيان رأي المحافظين العقاريين كذلك بشأن الأوامر الاستعجالية القاضية بتحويل الحجز العقاري إلى المبلغ المالي المودع بصندوق المحكمة دون الأمر بالتشطيب. لذلك، فإن تناول موضوع هذا المطلب يستلزم تقسيمه إلى فقرتين على الشكل التالي:
الفقرة الأولى: أثر الحجز التحفظي والحكم بفتح مسطرة التصفية على التقييد الاحتياطي.
الفقرة الثانية: أحقية صاحب التقييد الاحتياطي في رفع الحجز العقاري السابق له.
الفقرة الأولى :
أثر الحجز التحفظي والحكم بفتح مسطرة التصفية على التقييد الاحتياطي
سوف نتناول في هذه الفقرة مسألة تحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي على التقييد الاحتياطي، ثم نعرض لاشكالية تقييد حكم بفتح مسطرة التصفية القضائية في آن واحد مع تقييد احتياطي.
أولا: أثر تحويل الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي على التقييد الاحتياطي
يختلف أثر الحجز العقاري السابق على التقييد الاحتياطي تبعا لطبيعة الحجز المقيد في رتبة سابقة على التقييد الاحتياطي، فإذا تعلق الأمر بحجز تحفظي في البداية ثم واصل الدائن الحاجز الإجراءات المسطرية، ووقع تحويله إلى حجز تنفيذي لبيع العقار المحجوز بالمزاد العلني من طرف كتابة الضبط، فهل يجب تبليغ محضر الحجز التنفيذي إلى المحافظ لتقييده بالرسم العقاري أم أن تقييد الحجز التحفظي كاف وحده لضمان حقوق المشتري بالمزاد العلني بأثر رجعي؟
وجوابا عن ذلك، فإن مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 469 من ق م م تقضي أنه إذا وقع حجز العقار تحفظيا بلغ العون المكلف بالتنفيذ بالطريقة العادية تحول هذا الحجز إلى حجز تنفيذي عقاري للمنفذ عليه شخصيا أو في موطنه أو محل إقامته.
غير أنه إذا لم يكن العقار محل حجز تحفظي سابق، فإن العون المكلف بالتنفيذ يجري عليه مباشرة حجزا حجز تنفيذي، ويبادر إلى تقييد محضر الحجز بالرسم العقاري تطبيقا لمقتضيات الفصل 470 من ق م م.
ونعتقد بوجوب تحيين الرسم العقاري عن طريق تقييد جميع محاضر الحجز العقاري بسعي من العون المكلف بالتنفيذ، سواء تعلق الأمر بمحضر تحويل الحجز العقاري التحفظي إلى حجز تنفيذي، أم بمحضر حجز تنفيذي عقاري مباشرة على عقار المنفذ عليه، أم بمحضر إيقاف إجراءات التنفيذ كذلك، على اعتبار أن هذا التحيين بشأن البيانات الواردة بالرسم العقاري له أثر مهم يخص إطلاع الغير على جميع الحقوق المرتبطة به والتقييدات المؤقتة التي يكون مثقلا بها. إذ إن مواصلة إجراءات الحجز من قبل الحاجز وانتهاؤها بمحضر إرساء المزاد وتقييد هذا الأخير بالرسم العقاري يؤدي إلى عدم استفادة صاحب التقييد الاحتياطي من الحماية المؤقتة التي كان يعول عليها من إجرائه المسطري طالما أن رتبته جاءت لاحقة لحجز عقاري، وأنه يعلم بوجوده أثناء سلوكه لمسطرة التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري.
ذلك أن تقييد محضر إرساء المزاد بالصك العقاري ينقل الملكية للمشتري ويطهر العقار من جميع التكاليف والتحملات التي كانت مقيدة به، ولا يبقى أي حق إلا على الثمن ولو تعلق الأمر بحقوق دائنين مرتهنين طبقا لمضمون الفصل 211 من ظهير 2 يونيو 1915.
ومعنى ذلك أن التطهير في هذه الحالة ذو طبيعة مطلقة، ويمتد إلى التقييدات الاحتياطية اللاحقة للحجز العقاري، إذ يحق للمحافظ العقاري التشطيب عليها تلقائيا بعلة تغير المالك للرسم العقاري ويجب عليه تبليغ أصحاب التقييدات المؤقتة بهذا التشطيب حتى يتسنى لهم سلوك الإجراءات اللازمة للحفاظ على حقوقهم تجاه المالك السابق.
ثانيا: تقييد الحكم بفتح مسطرة التصفية في نفس رتبة التقييد الاحتياطي
يطرح الاشكال في هذا الصدد بالنسبة للحالة التي يقدم فيها للمحافظ طلبين في آن واحد قصد التقييد بالرسم العقاري، الأول يتعلق بتقييد احتياطي بناء على مقال افتتاحي لدعوى ترمي إلى إتمام إجراءات البيع ضد شركة صدر في حقها حكم بفتح مسطرة التصفية، والثاني يتعلق بتقييد حكم بفتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهة الشركة البائعة. فهل يمكن اعتبار الطلبين المذكورين متعارضين حتى يمكن تطبيق مقتضيات الفصل 76 من ظهير التحفيظ العقاري؟ أم أنه لا يمكن اعتبارهما كذلك والقول بجواز تقييدهما في رتبة واحدة؟ وما هو الأثر القانوني لهذا الإجراء بعد حصول صاحب التقييد الاحتياطي على حكم لصالحه مكتسب لقوة الشيء المقضي به؟
يجيبنا المحافظ العام في هذا الاطار، معتبرا أنه ومادام التقييد الاحتياطي عموما لا يمنع إجراء التقييدات اللاحقة له، فإنه لا يمكن اعتبار الطلبين المشار إليهما أعلاه متنافيين طبقا للفصل 76 المذكور، لأن تدوين التقييد الاحتياطي لا يمنع من تقييد الحكم بفتح مسطرة التصفية القضائية من جهة، كما أن تقييد الحكم المذكور لا يمنع من إجراء تقييد احتياطي لاحق له من جهة أخرى. لهذا يمكن الاستجابة للطلبين معا والنص بسجل الايداع على أنهما قدما متزامنين وتقييدهما بالتالي يكون في نفس الرتبة مع إعلام صاحبي الطلبين بهذه الوضعية.
أما بالنسبة للأثر القانوني لهذا الإجراء فقد أوضح المحافظ العام أنه حين صدور أحكام نهائية في إطار الدعوى المقيدة احتياطيا تقضي لفائدة المستفيد منه، فإنه يمكن تقييد حقوقه بأثر رجعي يعود إلى تاريخ التقييد الاحتياطي مع التشطيب على جميع التقييدات اللاحقة له وكذا التقييد المتزامن معه كلا أو بعضا المتعلق بفتح مسطرة التصفية القضائية، لأن الغاية من التقييد الاحتياطي هي إعلام العموم بأن تقييدا احتياطيا يمكن أن يتحول إلى تقييد نهائي لحق بأثر رجعي مما قد يؤثر على مراكزهم القانونية. وهذه القاعدة تسري أيضا على سنديك التصفية القضائية حيث يفترض به العلم بوجود الدعوى الجارية وبالتالي يقع ضمن مسؤوليته التدخل فيها لحماية كتلة الدائنين الذين يمثلهم.
الفقرة الثانية:
أحقية صاحب التقييد الاحتياطي في رفع الحجز العقاري السابق له
إن طلب تطهير العقار من التقييدات المؤقتة المثقل بها يمكن أن يقدم من طرف صاحب التقييد الاحتياطي الموالي في الرتبة للحاجز تحفظيا أو تنفيذيا، في حالة تحقق الوفاء، أو عند تراخي هذا الأخير في مواصلة إجراءات الحجز العقاري، أو بعد إيداع الأول للمبلغ موضوع الحجز بصندوق المحكمة، لأن مصلحته في هذه الحالة تتجسد في كون التقييد المؤقت السابق له قد حال قانونا دون تقييد عقد شرائه بصفة نهائية. إذ يمكن له بالتالي أن يطلب من قاضي المستعجلات تحويل الحجز الواقع على العقار إلى مبلغ الدين المودع بصندوق المحكمة، أو إلى عقار آخر يوازي قيمته، الأمر الذي يحملنا على إثارة التساؤل حول الطبيعة القانونية للأمر الاستعجالي بتحويل الحجز التحفظي الواقع على العقار المحفظ إلى المبلغ المودع بصندوق المحكمة. فهل يعتبر الأمر بالتحويل بمثابة رفع له، يلزم المحافظ بالتشطيب عليه من الرسم العقاري، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تحويل فقط لمحل الحجز من عقار إلى مبلغ مالي مودع بصندوق المحكمة ؟
جوابا عن ذلك، فإنه يجب التمييز بين حالتين:
1- نعتقد أنه لما يتعلق الأمر بطلب تحويل الحجز التحفظي الواقع على عقار محفظ إلى المبلغ المودع بصندوق المحكمة، دون طلب التشطيب عليه من الصك العقاري، فإن الإطار القانوني للطلب المذكور هو مقتضيات الفصل 148 و452 من ق م م، وليس الفصل 149 من ق م م، على اعتبار أن الأمر لا يتعلق برفع حجز عقاري، وإنما مجرد نقل لحجز تحفظي واقع على عقار محفظ إلى مبلغ مودع بصندوق المحكمة. أي أن الحجز الذي أوقعه الدائن يظل ساري المفعول ومنتجا لآثاره القانونية بين يدي رئيس مصلحة كتابة الضبط بشأن المبلغ المالي المودع، وأن الضرر الذي لحق صاحب التقييد الاحتياطي الموالي للحاجز من جراء عدم تقييد شرائه من قبل المحافظ بسبب الحجز المذكور طبقا للفصل 87 من ظهير 12 غشت 1913، لازال مستمرا بالنسبة له، مادام أن الضرر المذكور انتقل إلى ذمته المالية نتيجة إجباره على إيداع المبلغ موضوع الحجز العقاري لفائدة الحاجز من أجل افتكاك العقار وتطهيره من الحجز حتى يتحقق نقل ملكية العقار إليه بصفة نهائية.
وهذا ما جعل بعض المحافظين على الأملاك العقارية يمتنعون عن التشطيب على الحجز العقاري الذي قضي بتحويله إلى مبلغ مالي بناء على أمر استعجالي، طالما أن منطوقه لم يتضمن الإشارة إلى صيغة الأمر بالتشطيب على الحجز من الرسم العقاري، معتبرين أن الحجز المذكور لم يتم رفعه، بل تم نقله فقط، الشيء الذي يبقى معه الحجز الواقع على العقار ساري المفعول إلى أن يدلى لهم بعقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به، للتشطيب عليه طبقا لمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري.
2– وعندما يتعلق الأمر بطلب تحويل الحجز التحفظي إلى المبلغ المودع بصندوق المحكمة مع طلب أمر المحافظ العقاري بالتشطيب عن ذلك الحجز من الرسم العقاري المثقل به، فإن الإطار القانوني في هذه الحالة هو مقتضيات الفصل 149 من ق م م وليس 148 من ق م م، بدليل إن طلب رفع الحجز العقاري ينعقد الاختصاص به لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات، الشيء الذي يتطلب بالتبعية توافر المسطرة التواجهية عن طريق تبليغ المدعى عليه الحاجز، وتمكينه من حقوق الدفاع المخولة إياه بمقتضى قانون المسطرة المدنية، وإبداء أوجه دفاعه بشأن طلب تحويل الحجز مع التشطيب عليه من الرسم العقاري.
ولعل العمل القضائي لرؤساء المحاكم يؤكد هذا الاتجاه، إذ اعتبر قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية بمراكش أن طلب تحويل الحجز التحفظي المضروب على الصك العقاري إلى المبلغ المودع بصندوق المحكمة لا يتضمن أي ضرر بالنسبة لطالب الحجز، بل يشكل ضمانة فعلية للحقوق التي يمكن المطالبة بها، وأمر بالتالي المحافظ بالتشطيب عليه من سجلات المحافظة.
كما يمكن للمالك المقيد بالرسم العقاري المثقل بحجز عقاري أن يتوصل إلى صلح مع الدائن الحاجز ويحصل منه على رفع اليد رضاء، وإما قضاء عن طريق اللجوء إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات لطلب رفع الحجز العقاري والتشطيب عليه من الرسم العقاري في إطار الفصـل 208 من ظهير 12 غشت 1913، أو في إطار الفصل 149 من ق م م. بل يحق لصاحب التقييد الاحتياطي إيداع المبالغ موضوع الحجز التحفظي أو التنفيذي بصندوق المحكمة ويطلب تبعا لذلك رفع الحجز العقاري في مواجهة الحاجز السابق له في الرتبة. إذ اعتبر محكمة النقض في قرار له صادر بتاريخ 5 أبريل 1989 أن المدعي له الصفة والمصلحة في تقديم طلب رفع الحجز لأنه يحول بينه وبين تقييد شرائه على الرسم العقاري إذ يمكن لصاحب التقييد الاحتياطي الموالي في الرتبة لصاحب الحجز التحفظي الذي تحول إلى حجز تنفيذي ولم يبلغ المحافظ بذلك من طرف العون المكلف بالتنفيذ، أن يبادر إلى رفع الحجز التحفظي بحكم قضائي بعد إيداعه للمبالغ موضوع الحجز التحفظي بصندوق المحكمة، ويتم التشطيب على الحجز المذكور من قبل المحافظ تنفيذا للحكم المذكور، ويسجل عقد شراء صاحب التقييد الاحتياطي بالصك العقاري، ثم يأتي المشتري بالمزاد العلني لتقييد محضر إرساء المزاد عليه، ليفاجأ بأن المالك المسجل في الرسم العقاري قد تغير وأصبح المالك مشتريا جديدا كان مواليا له في الرتبة.
غير أن الإشكال الذي يطرح من الناحية العملية يتعلق برفض المحافظ التشطيب على الحجز العقاري بناء على مجرد رفع اليد المنجز من طرف المحامي نيابة عن موكله الحاجز، لأن ذلك يقتضي ضرورة المصادقة على الإشهاد برفع الحجز المذكور لدى السلطات المختصة استنادا على توجه السيد المحافظ العام في هذا الشأن، مما يجعلنا نتساءل عن المسوغ القانوني لهذا الرفض الإداري الذي يتعارض تماما مع مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 29 من القانون المنظم لمهنة المحاماة المؤرخ في 10 شتنبر1993 التي تخول للمحامي إعلان رفع اليد عن كل حجز نيابة عن موكله من دون أي إجراء آخر؟ وهل يمكن لدورية إدارية أن تعطل العمل بنص تشريعي، وتقييد حق المحامي في ممارسة اختصاصاته الموكولة إليه بمقتضى القانون الخاص بالمهنة؟
نعتقد أن وكالة المحامي تشمل صراحة جواز القيام بإعلان برفع اليد نيابة عن موكله المستفيد من الحجز، دون إلزامه بسلوك المسطرة الإدارية لتصحيح إشهاده برفع اليد. إذ إن المنطق القانوني يستلزم منا القول إنه لا يعقل أن يمارس المحامي مهمة الدفاع في جميع القضايا المنصوص عليها تشريعيا باستثناء الإشهاد برفع اليد وحده، على اعتبار أن النص المطلق يعمل به على إطلاقه ما لم يرد نص من نفس طبيعته يقيده، وهو الأمر الذي لم يتم في هذه الحالة، لأن الدورية الإدارية ولئن كان لها طابع ملزم داخل الإدارة المتعلقة بها، فإنها لا ترقى إلى مستوى النص التشريعي حتى يتأتى لها تقييد النص المنظم لمهنة المحاماة بشأن الإشهاد برفع اليد، مع العلم أن رسالة الدفاع تتشوف إلى توسيع مهام المحامي لا إلى تقييدها من طرف جهة إدارية غير موكول لها مهمة التشريع أصلا. 

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. شكرا لكم على المجهود ، بحث رائع

    ردحذف
  2. موضوع رائع و مفيد

    ردحذف

إرسال تعليق

شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم