📁 آخر الأخبار

إدخال الوسائل البديلة لحل المنازعات في النظام القانوني المغربي

إدخال الوسائل البديلة لحل المنازعات في النظام القانوني المغربي





  
تدخل وفد المملكة المغربية
في المناظرة الدولية المنظمة من طرف معهد ISDLS
حول الوسائل البديلة لحل المنازعات
(اسطنبول، تركيا: 30/06/2003 –02/07/2003)

إعداد:

  ذة. ليلى لمريني                                                        د.عبد الإله الحكيم بناني

رئيسة المحكمة الابتدائية بالرباط                                         مستشار بديوان وزير العدل


بسم الله الرحمان الرحيم
حضرات السيدات والسادة:
في البداية أتوجه بالشكر الجزيل لمعهد الدراسات لتنمية الأنظمة القانونية ISDLS على دعوته ومبادرته لعقد هذا اللقاء، وهي مناسبة جديدة لتبادل وجهات النظر وتعميق النقاش والتعرف على المستجدات والمشاريع والمنجزات في مجال الأخذ بالطرق البديلة لحل المنازعات؛ الموضوع الذي أصبح يحتل مكانته ضمن خطط وبرامج إصلاح العدالة. بل وأصبح يشكل لبنة أساسية في بناء صرح الأنظمة القضائية الحديثة في مختلف أرجاء المعمور. وهذا ما يعطي لموضوع الطرق البديلة لحل المنازعات البعد الدولي إن لم نقل البعد العالمي.
ومشاركة المغرب في هذا اللقاء فرصة للتأكيد على إرادته القوية للنهوض بقطاع العدل ومواكبة التطورات التي يعيشها العالم المعاصر؛ وعزمه على مواصلة الجهود من أجل تطويره وتفعليه قصد الرفع من مصداقيته وسمعته وتحسين أدائه حتى يرقى إلى مصاف الأجهزة القضائية المتطورة.
ولتحقيق الإصلاح القضائي المنشود، أصبح من الضروري البحث عن كل الوسائل والطرق الكفيلة لترسيخ سيادة القانون والشفافية والنزاهة والإنصاف والسرعة في الإنجاز على مستوى إصدار الأحكام وتنفيذها، مما أصبح معه النظام القضائي المغربي مطالبا بتطوير موارده البشرية وأجهزته ومساطره ليستجيب لمتطلبات العدل ومتطلبات عولمة الاقتصاد وتنافسيته.
في هذا السياق فتحت عدة أوراش من أجل تحديث القضاء المغربي، يستنتج تحليل أهدافها وغايتها أن هناك مشاكل وصعوبات تحد من دوره ورسالته؛ فظاهرة البطء الذي يعرفه سير القضايا، وتعقيد المساطر، والتعسف في استعمال الضمانات وحقوق الدفاع، والتقاضي بسوء نية، وتعدد أوجه الطعن، وارتفاع التكلفة... كلها عوامل ومبررات لم تزدد معه فكرة إدخال أو اعتماد وسائل بديلة لحل المنازعات سوى ترسيخا، وأصبح اللجوء إلى هذه الوسائل البديلة مطلبا ملحا لما تتميز به من مرونة وما تحققه من فعالية.
وموازاة مع المجهودات المبذولة لتحديث القضاء على الصعيد الوطني - لا سيما من خلال تحديث الإدارة القضائية والتعميم التدريجي للمعلوميات وإحداث المحاكم المتخصصة وتوجيه عناية خاصة بالتكوين وإعادة التكوين - فقد تم اعتماد مقاربة جديدة للتعاون الدولي تجعل هذا التعاون في خدمة تحديث القضاء تضمن انفتاح قضائنا على العالم دون أن تمس باستقلاليته.
وفي هذا الصدد وقع المغرب سنة 1998 اتفاقيات تعاون مع فرنسا وإسبانيا من أجل تحديث القضاء؛ وتحقيقا لنفس الغاية انخرط في عدة برامج ومشاريع أخص بالذكر منها:

1.    1.    مشروع MEDA لتحديث 44 محكمة؛

2.    2.    البنك الدولي: تحديث المحاكم التجارية والسجل التجاري المحلي وتأهيل المعهد الوطني للدراسات القضائية، ووضع نظام معلوماتي لفائدة الوزارة، وتحضير إطار قانوني بديل للمنازعات التجارية؛
3.    3.    USAID الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: برنامج تحديث المحاكم  التجارية بسوس ماسة، وبرنامج لفائدة الإدارة المركزية؛
4.    4.    COPEP اللجنة الدائمة للدراسات والتخطيط: تكوين قضائي يعني عدة مجالات ومديريات؛
5.    5.    اتفاقيات التعاون مع منظمات دولية: PNUD حول تحديث القضاء، IFES حول تكوين قضاة المحاكم التجارية والإدارية، RPI حول الإصلاح الجنائي الدولي.
ففي إطار هذه المقاربة الجديدة يندرج التعاون مع معهد الدراسات لتنمية الأنظمة القانونية  ISDLSحول الوسائل البديلة لحل المنازعات, حيث تم وضع وتنفيذ برنامج للقيام بدراسات ميدانية بكل من المغرب وولاية كاليفورنيا بهدف الوقوف على مدى إمكانية الاستفادة من التجربة الأمريكية في اعتماد هذه البدائل وبصفة خاصة في ميدان الوساطة، ومدى الإمكانيات التي يوفرها النظام القضائي المغربي في وضعه الحالي.
وقد حدد البروتوكول المبرم بين الطرفين بهذا الخصوص أربعة مراحل لتنفيذ البرنامج:
خلال المرحلة الأولى (الفترة ما بين 9 و16 دجنبر 2000)، قامت المجموعة المغربية بزيارة لولاية كاليفورنيا ( سان فرانسيسكو وسان خوسي ) لزيارة المحاكم بها وكذا بعض المكاتب الكبيرة للوساطة والاطلاع عن كتب على كل تفاصيل وإجراءات تطبيق الطرق البديلة، وحضور بعض الجلسات، وعقد اجتماعات مع القضاة والمحامين والوسطاء الذين يعتبرون أعضاء وخبراء في معهد الدراسات لتنمية الأنظمة القانونية، واستقصاء إمكانية استفادة المغرب من التجربة، ووضع تقرير مشترك مع الخبراء الأمريكيين.
وفي المرحلة الثانية (الفترة ما بين 4 و8 يونيو 2001)، قام الخبراء الأمريكيون في المغرب بدراسة ميدانية شملت زيارة المحاكم من مختلف الدرجات والأصناف وأجروا مقابلات مع القضاة والمحامين وأساتذة الحقوق والمهنيين وأعضاء من البرلمان، تم خلالها تبادل الآراء حول مدى إمكانية استفادة المغرب من تجربة ولاية كاليفورنيا في اعتماد الحلول البديلة.
أما في المرحلة الثالثة (الفترة ما بين 27 و29 ماي 2002)، عقدت دورة تدريبية حول الوساطة بالمغرب أطرتها المجموعتان المغربية والأمريكية.
وكان من المقرر أن تشمل المرحلة الرابعة زيارة سان فرانسيسكو من جديد.
وسينتهي هذا البرنامج بوضع تقرير نهائي، ثم وضع تصور لمشروع نموذجي للوساطة على صعيد محكمة برشيد. وسيتم ذلك في أعقاب الزيارة المنتظرة قريبا لمسؤولين عن ISDLS للمغرب.
قبل ذلك، يمكن إبداء بعض الملاحظات العامة كما يلي:
- اقتناع الجميع بأهمية الحلول البديلة لتسوية النزاعات وضرورة اعتمادها في المغرب لدورها في إشاعة ثقافة قضائية جديدة.
- وجود أرضية قانونية، وتراث عريق من التقاليد والعادات المغربية المتعلقة بالصلح والتسديد، وثقافة التسامح والحوار، والتي يمكن اعتمادها وتفعيلها لبعث هذه الآليات بعد تطويرها وإغنائها.
- إنجاح التجربة بالمغرب رهين بتجنيد أطراف النزاع وكل الفاعلين في الحقل القضائي.
وفي هذا الصدد نظمت وزارة العدل يومي 4 و5 أبريل 2003 بتعاون مع كلية الحقوق وهيئة المحامين بفاس ندوة حول الطرق البديلة لتسوية المنازعات، كان من بين محاورها عرض تجربة وزارة العدل مع معهد الدراسات لتنمية الأنظمة القانونية. وقد توصل المشاركون إلى أن إدخال الوسائل البديلة للمغرب يتطلب إضافة إلى الإطار القانوني الملائم، نشر ثقافة قانونية تعرف بفلسفة هذه الطرق وأهميتها؛ وأكدوا على ضرورة مراعاة الخصوصيات الثقافية المغربية في تنظيم وضبط هذه الطرق، مركزين على أهمية وضع استراتيجية إعلامية هادفة وتوفير الموارد المادية والبشرية اللازمة لها، وتم الإلحاح خلال هذه الندوة على التعجيل بأجرأة العديد من تجليات الطرق البديلة في العديد من النصوص القانونية المغربية.
وقبل أن أعطي الكلمة في إطار هذا العرض للأستاذة ليلى المريني رئيسة المحكمة الابتدائية بالرباط لتقديم فكرة من منظور عملي عن حدود الإمكانيات التي يوفرها القانون المغربي بالنسبة للطرق البديلة لحل المنازعات، أود أن أشير إلى تجربتين يعرفهما المغرب حاليا، إضافة إلى مشروع تجربة ثالثة.
تتعلق التجربة الأولى بالمراكز الدولية للتوفيق والتحكيم التجاري بكل من الرباط والدار البيضاء ومكناس ومراكش، والتابعة لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بهذه المدن. وتتولى هذه المراكز وفق مساطر مبسطة وسريعة إجراء التوفيق أو التحكيم في النزاعات التجارية. 
وتتعلق التجربة الثانية بالمراكز الجهوية للاستثمار المحدثة أخيرا، والتي تتوفر على شباكين الأول للمساعدة على إنشاء المقاولات يعد المخاطب الوحيد بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في إحداث مقاولة، أما الشباك الثاني فيختص بمساعدة المستثمرين وتزويدهم بكل ما يفيدهم من معلومات بشأن الاستثمار الجهوي، بما في ذلك - وهذا الذي يهمنا الآن - اقتراح الحلول التوافقية لما قد ينشا من منازعات بين المستثمرين والإدارات.
أما التجربة الثالثة فقد تضمنها مشروع مدونة الشغل الذي من المقرر أن يصادق عليه البرلمان المغربي يوم 03 يوليوز 2003، والذي ينص على أن نزاعات الشغل الجماعية تسوى وفق مسطرة التصالح والتحكيم المنصوص عليها في هذا الشأن ( راجع مواد المشروع في الملحق )؛ حيث يتم التصالح أولا على مستوى مفتشية الشغل، وإذا لم تسفر محاولة التصالح عن أي اتفاق، يرفع نزاع الشغل الجماعي داخل أجل ثلاثة أيام أمام اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة التي يترأسها عامل العمالة أو الإقليم، والتي تقوم ببذل جهدها لتسوية النزاع داخل أجل لا يتعدى ستة أيام من تاريخ رفع النزاع إليها. وإذا لم يحصل الاتفاق يحال النزاع داخل أجل ثلاثة أيام على اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة التي يترأسها الوزير المكلف بالشغل أو من ينوب عنه.
وإذا لم يحصل اتفاق داخل ستة أيام من تاريخ رفع النزاع يتم اللجوء إلى التحكيم بعد موافقة أطراف النزاع خلال 48 ساعة الموالية لتحرير المحضر.
يقوم الحكم باستدعاء الأطراف، بواسطة برقية، في أجل أقصاه أربعة أيام من تاريخ تلقيه المحضر.
ويصدر الحكم قراره التحكيمي داخل أجل لا يتجاوز أربعة أيام من تاريخ مثول الأطراف أمامه.
ولا يمكن الطعن في القرارات التحكيمية الصادرة في نزاعات الشغل الجماعية إلا أمام الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى التي تتولى مهام غرفة تحكيمية، وتبت بهذه الصفة في الطعون، بسبب الشطط في استعمال السلطة، أو بسبب خرق القانون، التي تقدمها الأطراف ضد القرارات التحكيمية.
وتقدم الطعون في القرارات التحكيمية في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغها على أن تصدر الغرفة التحكيمية قراراها في أجل أقصاه ثلاثون يوما من تاريخ رفع الطعن إليها.
وإذا قضت الغرفة التحكيمية بنقض القرار التحكيمي كله أو بعضه، وجب عليها أن تحيل النازلة إلى حكم جديد.
وإذا قضت الغرفة التحكيمية بنقض القرار الجديد، الصادر عن الحكم، والمطعون فيه أمامها مرة أخرى، وجب عليها تعيين مقرر من بين أعضائها، لإجراء بحث تكميلي.
وتصدر الغرفة التحكيمية، في ظرف الثلاثين يوما الموالية لصدور قرار النقض الثاني، قرارا تحكيميا غير قابل للطعن.
ويكون لاتفاق التصالح وللقرار التحكيمي قوة تنفيذية وفق القواعد المنصوص عليها في المسطرة المدنية.
تلكم حضرات السيدات والسادة فكرة موجزة حول  الجهود المبذولة في المغرب من أجل إدخال الوسائل البديلة لحل المنازعات في القانون المغربي؛ أما ما هو موجود في القانون المغربي فستعرضه أمامكم السيدة رئيسة المحكمة الابتدائية بالرباط الأستاذة ليلى المريني.
***

بعد هذا العرض المركز الذي حاول فيه الأستاذ عبد الإله لحكيم بناني، إعطاء نظرة شاملة عن الخطوط العريضة، والأسس المعتمدة من طرف وزارة العدل في الإصلاح القضائي، ودور التعاون القضائي الدولي في دعم هذا الإصلاح، سأتناول في مداخلتي الجانب العملي حول إدخال الوسائل البديلة لحل المنازعات، إلى الإصلاح القضائي معتمدة في ذلك علي العناصر الآتية:

-                    -                     أولا: تحديد الوضعية الراهنة للعمل القضائي والإشكاليات التي تعوق حسن سيره.
-                    -                     ثانيا: الأسباب الداعية إلي التفكير في إحداث وسائل بديلة لحل النزاعات.
-                    -                     ثالثا: الوضعية الراهنة للوسائل البديلة لحل النزاعات في المغرب.
-                    -                     رابعا: وضع إطار قانوني للوسائل البديلة لحل النزاعات.
أولا: تحديد الوضعية الراهنة للجهاز القضائي والإشكاليات التي تعوق حسن سيره
 تتمثل الوضعية الراهنة للجهاز القضائي في الآتي:
1.               1.                ترسيخ عقلية وجوب اللجوء إلى المحاكم كيفما كان نوع النزاع، واستنفاذ جميع أنواع الدعاوى وطرق الطعن.
2.               2.                اللجوء إلى المحاكم لاتفه الخلافات والنزاعات مما يؤدي إلى كثرة القضايا والملفات الرائجة.
3.               3.                غلاء وارتفاع تكاليف التقاضي.
4.               4.                كثرة الإجراءات وتعدد المساطر وتعقدها.
5.               5.                عدم التوفر على الوسائل المادية والبشرية، الكافية لضمان حسن سير الإجراءات والإسراع بالبت في الملفات، نتيجة قلة أطر كتابة الضبط التي لها كفاءات علمية وعملية.
6.               6.                إشكاليات إجراءات التبليغ وما يترتب عنها من تأخير البت في القضايا مما يؤدي إلى تراكم الملفات.
7.               7.                بعض النصوص التشريعية أصبحت متجاوزة وغير صالحة للتعامل مع أنواع الدعاوى والنزاعات التي تعرض أمام المحاكم، وغير قادرة على الاستجابة لمتطلبات وحاجيات الأطراف المتنازعة، اعتبارا للتطور الذي عرفته الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
8.               8.                البطء في البت في القضايا والعجز عن الفصل فيها في زمن قياسي معقول ومقبول.
9.               9.                عدم الاستجابة الآنية والفورية لطلبات المتقاضين، نتيجة البطء في البت في الملفات والتأخير في إصدار الأحكام، يترتب عنه أحيانا فقدان المصلحة المرجوة من اللجوء إلي القضاء والاستفادة من هذه الأحكام.
10.          10.           عرض النزاع أمام المحاكم يؤدي إلى خلق الخصومات الشخصية، ويساعد على إحداث الشروخ في العلاقات الإنسانية والاجتماعية والعائلية، ويزكي روح الحقد والبغض والضغينة لدى الأطراف المتنازعة، مما يؤدي إلى تفكيك وانحلال الروابط الاجتماعية والإنسانية.
11.          11.           الإشكاليات والمعوقات التي تواجه إجراءات التنفيذ، مما يترتب عنها تأخير التنفيذ، وتوقيفه أحيانا.

ثانيا: الأسباب الداعية إلي التفكير في إحداث وسائل بديلة لحل المنازعات

يلاحظ أن جميع الأنظمة القضائية في العالم أصبحت تعاني من مشكل كثرة القضايا الرائجة أمام المحاكم، وتراكم الملفات بسبب تعدد الإجراءات، وتعقد المساطر، والبطء في البت في النزاعات، والتأخير في إصدار الأحكام، وقصور النصوص التشريعية عن الاستجابة للحاجيات والمتطلبات بسبب التغيير الذي عرفته الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وفرضته سياسة العولمة والانفتاح الاقتصادي علي العالم الخارجي، من اجل تشجيع الاستثمار الأجنبي، والتبادل الحر، مما خلق نوعا من التذمر في نفوس المتقاضين وأدى إلى نوع من عدم اطمئنانهم في سير الإجراءات المسطرية، ودفع المهتمين بإصلاح الأنظمة القضائية إلي التفكير في إحداث وسائل بديلة للبت في النزاع، بمساهمة الأطراف المتنازعة في البحث عن الحلول التوفيقية والملائمة لإنهاء الخلاف بشكل رضائي في اقرب وقت وبأقل تكلفة.

ثالثا: الوضعية الحالية للوسائل البديلة لحل النزاعات في المغرب

رغم انه لا توجد نصوص قانونية في التشريع المغربي، تنظم الوسائل البديلة لحل المنازعات كما هو متعارف عليه عالميا والمتمثلة في الوساطة – التحكيم الغير
ملزم - التسوية الودية – التقييم المبكر الأحادي، إلا انه بالرجوع إلى مقتضيات القانون، يتبين وجود نصوص قانونية، في المواد المدنية والجنائية سواء منها المتعلقة بالشكل أو بالموضوع، و القوانين المنظمة لبعض المهن الحرة، تستلزم سلوك مساطر خاصة لإنهاء النزاع، منها ما يتم تحت إشراف ومراقبة القضاء، ومنها ما يتم خارج هذا الإشراف والمراقبة، ونذكر من بين هذه النصوص:
-                    -                     قانون المسطرة المدنية
-                    -                     قانون مدونة الأحوال الشخصية
-                    -                     مجلس العائلة
-                    -                     مدونة التجارة
-                    -                     قانون التحفيظ العقاري
-                    -                     القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة الحرة
-                    -                     قانون المحاماة ( المادة 28 من ظهير 14 اكتوبر 1996 )
-                    -                     القانون المتعلق بنظام الصحافيين (الفصل 7 من قانون 22/2/1955)
-                    -                     اتفاقية واشنطن المؤرخة في 18/3/1965 بشان حل منازعات الاستثمار، وانضمام المغرب إليها بمقتضى مرسوم ملكي مؤرخ في 31/10/1965.
-                    -                     القانون المنظم للحسبة
-                    -                     القانون المتعلق بالتعويض عن حوادث السير
-                    -                     تنظيم التحكيم
-                    -                     انضمام المغرب إلى معاهدة نيويورك المؤرخة في 10/6/1958، المتعلقة بالاعتراف بقرارات المحكمين وتنفيذها، بمقتضى ظهير 19/2/1960
-                    -                     الغرفة المغربية للتحكيم البحري – غرفة التحكيم الدولي على صعيد غرفة التجارة والصناعة بالدار البيضاء 1999 – إحداث مركز للتحكيم بمراكش والرباط ومكناس.
-                    -                     قانون المسطرة الجنائية
-                    -                     القانون الجنائي
-                    -                     القوانين الخاصة بالمخالفات الجمركية – احتكار التبغ – القانون المنظم للصيد البحري
-                    -                     القانون المنظم لديوان المظالم.
ويتبين من هذه القوانين، أن الوسائل البديلة لحل المنازعات هي:
-                    -                     مسطرة الصلح
-                    -                     مسطرة التحكيم
-                    -                     ديوان المظالم

1: مسطرة الصلح

 مبدا الصلح من المبادئ المتوارثة والمعروفة لدى المغاربة منذ القديم، يدخل في تكريسه مجموعة من العوامل الدينية والأخلاقية والاجتماعية، ويا خد فيه بعين الاعتبار على الخصوص شخصية ونفوذ الوسيط المكلف بالصلح لما يتميز به من سمو في الأخلاق وما يكسبه من ثقة لدى الاغيار.
واعتبارا لأهمية الصلح وما يترتب عنه من وضع حد للخلافات، وإنهاء للنزاعات، تدخل المشرع المغربي للتنصيص عليه قانونا وتنظيم إجراءاته شكلا، باعتباره وسيلة أساسية وبديلة لحل المنازعات، سواء في القضايا المدنية أو الجنحية.
1 – الصلح في القضايا المدنية
بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة لإجراءات الصلح في القضايا المدنية، تبين أن هناك حالات يستلزم فيه القانون وجوب سلوك مسطرة الصلح، وحالات يجيز فيها القانون سلوك هذه المسطرة.
·                  ·                   الحالات التي يوجب فيها القانون سلوك مسطرة الصلح.
أ – قضايا الأحوال الشخصية وهي:
طلب الطلاق الذي يتقدم به الزوج أمام قاضي التوثيق.
دعوى التطليق التي تتقدم بها الزوجة أمام قاضي الأحوال الشخصية.
لا بد لقاضي التوثيق قبل الإذن بالطلاق من القيام بمحاولة الصلح بين الزوجين ( الفقرة الخامسة من الفصل 179 من ق.م.م )
لا بد لقاضي الأحوال الشخصية مباشرة بعد تقديم مقال دعوى التطليق، إجراء مسطرة الصلح بين الزوجين طبقا لمقتضيات الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية، يتبين من الإحصائيات أن عدد طلبات الطلاق المسجلة أمام قاضي التوثيق بالرباط ابتداءا من 2 يناير 2003 إلى 25 يونيو 2003، بلغ 1758 طلب، ترتب عن مسطرة الصلح فيها وقوع صلح وإنهاء النزاع في 156 طلب.
مجلس العائلة:
تناط بهذا المجلس مساعدة قاضي التوثيق في اختصاصاته المتعلقة بشؤون الأسرة.
ب – القضايا الاجتماعية:
قضايا نزاعات الشغل وحوادث الشغل وقضايا الصلح الاجتماعي ( الفصل 277 من قانون المسطرة المدنية )
يتبين من إحصائيات الملفات الرائجة أمام المحكمة الابتدائية بالرباط المتعلقة بهذا النوع من القضايا، أن عدد الملفات التي وقع بشأنها صلح، مصنفة كالآتي:

المادة

المسجل من يناير 03 إلى 24/6/03

الصلح الذي تم أمام المحكمة

الإشهاد على التنازل بناءا على صلح تم خارج المحكمة

نزاعات الشغل

902

6
34

حوادث الشغل

1085
137
10
ج - مسطرة المصالحة المنصوص عليها في الفصل 27 من ظهير 24/5/1955 المتعلق بعقود كراء المحلات التجارية والمعدة للاستعمال التجاري والصناعي و الحرفي.
تم وضع هذه المسطرة لفائدة المكتري من اجل حماية اصله التجاري والمحافظة عليه، ويترتب عن قبول الصلح بشأنها، تجديد عقد الكراء بين المكري والمكتري، اما بنفس الشروط القديمة، أو بشروط جديدة، ويتبين من الجدول الآتي عدد الملفات التي تم بشأنها صلح في إطار هذه الدعوى.

السنة
المسجل
أحكام نهائية بالصلح
أحكام لم يقع فيها صلح

الباقي
2002
387
215
154
لا زال لم يبت فيه
من يناير 03 الي 24/6/03
74
31
9
الباقي لم يتم البت فيه
سأعطى نموذجا لادارة الدعوى، باستعمال مسطرة الصلح في حالتين:
أ – مسطرة الصلح في قضايا الأحوال الشخصية
ب – مسطرة الصلح في إطار الفصل 27 من ظهير 24/5/1955 المتعلق بالمحلات التجارية.
 مسطرة الصلح في قضايا الأحوال الشخصية
1 – طلب الطلاق الذي يتقدم به الزوج أمام قاضي التوثيق.
يقدم الزوج طلب الطلاق إلى قاضي التوثيق كي ياذن له القاضي بإيقاع الطلاق. بمجرد تسجيل هذا الطلب في كتابة الضبط لمحكمة التوثيق يستدعي القاضي الزوج والزوجة لجلسة الصلح يحاول فيها إصلاح ذات البين بين الزوجين بكل الوسائل التي يراها ملائمة، ومنها بعث حكمين عند الاقتضاء للسداد بينهما، علي الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح.
إذا حصل التصالح سجله الحكمان في تقريرهما ورفعاه إلى القاضي، وإذا فشلت محاولة الصلح بين في تقريرهما أسباب الشقاق بين الزوجين.
يحدد القاضي عند الإذن بالطلاق مبلغا يودعه الزوج بصندوق المحكمة قبل الإشهاد علي الطلاق ضمانا لتنفيذ الالتزامات المبينة في الآتي.
يصدر القاضي تلقائيا بعد الخطاب علي رسم الطلاق يحدد فيه نفقة المرأة أثناء العدة ومحل سكناها أثناءها، والمتعة المراعى في تقديرها ما قد يلحق الزوجة من أضرار بسبب الطلاق غير المبرر، واداء كالئ الصداق ونفقة الأولاد، وينظم حق زيارة الأب وينفذ هذا الأمر علي الأصل ولا يقبل أي طعن.
يحق لمن يعتبر نفسه متضررا من هذا الأمر أن يقدم دعواه وفق الإجراءات العادية.
إذا تم تقديم الدعوى أمام المحكمة، يستدعي القاضي الأطراف حالا إلى جلسة تجرى فيها محاولة التصالح.
إذا تم التصالح اصدر القاضي حكما يثبت الاتفاق وينهي النزاع وينفذ بقوة القانون ولا يقبل أي طعن.

2 - دعوى التطليق التي تتقدم بها الزوجة أمام المحكمة

تقدم الدعوى بمقال يسجل في صندوق المحكمة ويفتح له ملف برقم معين ويحال علي السيد رئيس المحكمة لتعيين القاضي المقرر، ويحال الملف على كتابة الضبط ويسجل في سجل خاص يتضمن أسماء الأطراف ورقم الملف واسم القاضي المقرر.
يحال الملف بعد ذلك علي القاضي المقرر الذي يعين جلسة الصلح يستدعى لها الأطراف ومحاموهم.
في جلسة الصلح يتم الاستماع إلى الأطراف ومحاميهم، وتتم محاولة التوفيق بينهم إذا ترتب عنها الصلح يصدر القاضي حكما بالإشهاد على الصلح، أما إذا لم يتم الصلح يصدر القاضي أمرا بعدم التصالح ويأذن للمدعية بمواصلة الدعوى، حيث يعين القاضي الجلسة التي ستدرج فيها القضية من جديد من اجل الجواب عن المقال، وبعد انتهاء تبادل المذكرات يصدر حكما في النازلة.

دعوى المصالحة المنصوص عليها في ظهير 24/5/1955

تتم إجراءات هذه الدعوى وفق الشكل الآتي:
يوجه المكري انذارا للمكتري يطالبه فيه بإفراغه المحل التجاري بناءا علي سبب معين.
بمجرد توصل المكتري بهذا الإنذار، يتعين عليه داخل اجل ثلاثين يوما من هذا التوصل، أن يتقدم بدعوى المصالحة أمام رئيس المحكمة، بمقتضى مقال تؤدى عنه الرسوم القضائية بصندوق المحكمة ويفتح له ملف مع إعطائه رقم خاص.
يحال الملف علي رئيس المحكمة من اجل تعيين المقرر ( إما رئيس المحكمة أو من ينوب عنه ) ويوجه الملف لكتابة الضبط قصد تسجيله في سجل خاص يتضمن أسماء الأطراف وموضوع النزاع، ثم تحيل كتابة الضبط الملف إلى الرئيس المقرر قصد تعيين جلسة الصلح التي سيدرج فيها، بعد تعيين هذه الجلسة يتم استدعاء الأطراف من طرف كتابة الضبط.
في جلسة الصلح، إما يحضر الطرفين معا ويوافق المكري علي تجديد عقد الكراء، حيث يصدر قرارا بالتصالح وبتجديد عقد الكراء، إما بنفس الشروط أو بشروط جديدة.
أو يرفض المكري تجديد عقد الكراء، فيصدر الرئيس قرارا بعدم التصالح.
أو يتخلف الطرف المكري عن الحضور بعد توصله بصفة قانونية، فيصدر قرار بتجديد عقد الكراء.
أو يتخلف المكتري عن الحضور بعد توصله بصفة قانونية، ويعتبر اذاك قد تنازل عن حقه في الانتفاع بما يخوله له هذا الظهير.
وهكذا يتبين لنا من إجراءات الصلح المباشرة في هذه الدعاوى أن المشرع، إن حدد في دعوى المصالحة المتعلقة بالمحلات التجارية إقامتها داخل اجل محدد في ثلاثين يوما من تاريخ توصل المكتري بالإنذار، فانه لم يحدد أجلا معينا للبت في إجراءات الصلح، مما يترتب عنه في بعض الاحيان تأخير البت في هذه الإجراءات.
د - مسطرة التسوية الودية المنصوص عليها في المواد من 548 إلي 559 من مدونة التجارة
ه - تقديم طلب المصالحة من المتضرر في الحادثة إلى شركة التامين في قضايا التعويض عن حوادث السير( ظهير 2 أكتوبر 1980. )

و- قانون المحاماة

المادة 28 تنص علي انه لا تقبل أي دعوى حول تسيير المشاركة أو حلها أو تصفية حساباتها أو كل ما له علاقة بها، إلا إذا أدلى المحامون المتشاركون بشهادة تثبت أن تدخل النقيب للتوفيق بينهم لم يسفر عن نتيجة.
·                  ·                   الحالات التي يجيز فيها القانون إجراء الصلح
أ - الفصل 31 (ظهير 25 غشت 1954 )، المتعلق بقانون الشهر العقاري الذي ينص على إمكانية دعوة المحافظ لكل من طالب التحفيظ والمتعرض لإجراء صلح قبل توجيه الملف إلى المحكمة من طرف المحافظ
 ب - المواد 86 و 87 من القانون 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة التي تنص علي إمكانية إبرام مصالحة بخصوص المخالفات الواردة في أحكام الباب السابع من القانون المذكور.
2 – الصلح في القضايا الجنحية
 ا – الصلح في قانون المسطرة الجنائية
احدث قانون المسطرة الجنائية الجديد الذي سيدخل حيز التطبيق ابتداءا من فاتح أكتوبر 2003، آلية جديدة للعدالة منها ما تطبق إجراءاته قبل تحريك المتابعة ومنها ما يطبق بعد تحريك المتابعة. ( راجع مواد القانون في الملحق )
أ – الآلية الجديدة للعدالة قبل تحريك المتابعة وتتمثل في:
-                    -                     مسطرة السند التنفيدي للنيابة العامة في المخالفات
-                    -                     مسطرة الصلح
-                    -                     مسطرة السند التنفيذي للنيابة العامة في المخالفات تنظم مقتضياته الفصول من 375 إلى 382 من ق م م، ويتعلق الأمر بالمخالفات التي يعاقب عليها القانون بالغرامة المالية فقط، وتكون ثابتة بمحضر أو تقرير ولا يوجد فيها متضرر أو ضحية، حيث تقترح النيابة العامة علي المخالف أداء غرامة جزافية تبلغ نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للمخالفة قانونا.
-                    -                     قبول المخالف للاقتراح بعد تبليغه له يشكل عقد صلح لتوفر عنصري الإيجاب والقبول ويصبح معه الاقتراح سندا تنفيذيا.
-                    -                     في حالة عدم قبول المخالف للاقتراح، يحال الملف من النيابة العامة علي المحكمة للبت فيه في إطار الإجراءات العادية، وفي حالة ثبوت الإدانة لا يمكن أن تقل الغرامة المحكوم بها عن ثلثي ما هو مقرر قانونا.
-                    -                     الجنح المرتكبة من طرف الأحداث.
يمكن للنيابة العامة في حالة ارتكاب جنحة تطبيق مسطرة الصلح إذا وافق الحدث ووليه القانوني وكذلك ضحية الفعل الجرمي على هذه المسطرة.
يمكنها كذلك أن تلتمس بعد إقامة الدعوى العمومية وقبل صدور حكم نهائي في جوهر القضية، إيقاف سير الدعوى العمومية في حالة سحب الشكاية او تنازل المتضرر.


ب – الصلح في القانون الجنائي
وعيا من المشرع للدور الأساسي الذي يقوم به الصلح في إنهاء الخصومات والنزاعات ووضع حد للحقد والضغينة والانتقام، والتقليل من انتشار ظاهرة الانحراف والإجرام، واعتبارا لخصوصية بعض الجرائم، ونظرا للطابع العائلي والأسرى للبعض الآخر منها، سمح المشرع لأطراف النزاع بإجراء مصالحة بشان هذا النوع من الجرائم يترتب عنها وضع حد للمتابعة، ومن هذه الجرائم ما يدخل في تنظيم مقتضيات القانون الجنائي، ومنها ما يدخل في تنظيم بعض القوانين الخاصة.
أنواع الجرائم التي ينظمها القانون الجنائي:
-                    -                     قضايا إهمال الأسرة ( الفصل 481 من القانون الجنائي )
-                    -                     قضايا السرقة بين الأقارب ( الفصل 535 من القانون الجنائي )
فهذه الجرائم لا تحرك المتابعة بشأنها إلا بناءا علي شكاية المجني عليه، إلا أن تنازله عن هذه الشكاية يؤدي إلى وقف ا لمتابعة.
أنواع الجرائم التي تنظمها بعض القوانين الخاصة
-                    -                     الجرائم المتعلقة بالمخالفات الجمركية
-                    -                     الجرائم المتعلقة بالتبغ
-                    -                     الجرائم المتعلقة بالصيد البحري.

2: مسطرة التحكيم

يعتبر التحكيم من الوسائل البديلة التي يعتمدها المشرع المغربي لإنهاء المنازعات، وتنظم مقتضياته الفصول من 306 إلى 327 من قانون المسطرة المدنية.
وقد حدد المشرع الأشخاص اللذين يحق لهم الموافقة علي التحكيم والحقوق التي يمكن مباشرة إجراءات التحكيم بشأنها.
فالأشخاص اللذين يتمتعون بالأهلية هم اللذين يحق لهم الموافقة على التحكيم، أما الحقوق التي يمكن الاتفاق علي التحكيم بشأنها، هي الحقوق التي يملك الأطراف حق التصرف فيها.
وقد حدد المشرع الحقوق التي لا يمكن الاتفاق علي التحكيم بشأنها في الآتي:
-                    -                     الهبات والوصايا المتعلقة بالأطعمة والملابس والمساكن
-                    -                     المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص وأهليتهم.
-                    -                     المسائل التي تهم النظام العام وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود و أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام كما إذا تعلق النزاع بعقد إداري.
-                    -                     النزاعات المتعلقة بتطبيق قانون جبائي.
-                    -                     النزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد الأثمان والتدوال الجبري والصرف والتجارة الخارجية.
-                    -                     النزاعات المتعلقة ببطلان وحل الشركات لما في ذلك من مساس بحقوق الاغيار ولصلة هذا الإجراء بالنظام العام.
وقد حدد المشرع شكليات سند التحكيم، وشروط التحكيم والإجراءات الواجب علي المحكم القيام بها، والأثر المترتب عن التحكيم.
وقرار المحكمين يصير قابلا للتنفيذ بعد تذييله بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة الابتدائية التي صدر في دائرة نفوذها.
ويتبين من الجدول الآتي إحصائيات بعدد قرارات التحكيم التي تم تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية بالرباط.

السنة
عدد القرارات
2002
311
من 2/1/03 إلى 24/6/03
71
3: مؤسسة ديوان المظالم
في إطار مواصلة سياسة بناء دولة القانون وتقويتها، وتجسيدا للإرادة الملكية السامية في توطيد ما حقق من مكتسبات في مجال حقوق الإنسان، وجعل التواصل مع المواطنين وحماية حقوقهم وصيانتها، أساس المفهوم الجديد للسلطة، تم إحداث مؤسسة ديوان المظالم بمقتضى ظهير شريف مؤرخ في 9/12/01 مكلفة بتنمية التواصل بين كل من المواطنين، أفرادا وجماعات وبين الإدارات أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية، وتنص مقتضيات المادة العاشرة أن والي المظالم يقوم بكل مساعي الوساطة، خاصة التوفيقية التي يرى أن من شانها أن ترفع ما ثبت لديه من حيف وذلك بالاستناد إلى سيادة القانون والإنصاف، كما يوجه اقتراحاته وتوصياته وملاحظاته إلى الإدارات والمؤسسات.

رابعا: وضع إطار قانوني للوسائل البديلة لحل المنازعات

في غياب نص قانوني ينظم الوسائل البديلة لحل المنازعات، اصبح من الضروري التفكير في إحداث هذه الوسائل وتنظيمها تشريعيا وتاطيرها قانونيا في اقرب وقت وبشكل يلائم طبيعة المجتمع المغربي وخصوصياته، والقيام بمجهودات واتخاد مجموعة من الإجراءات تتمثل في الآتي:
-                    -                     تجنيد الطاقات المادية والبشرية من اجل التعريف بالوسائل البديلة لحل المنازعات وتحسيس المواطنين بأهمية ومزايا هذه الوسائل وإشهار ذلك بواسطة الجرائد وجميع وسائل الإشهار السمعية والبصرية.
-                    -                     تخصيص برامج تعليمية وعلمية علي جميع المستويات، لاعطاء مفهوم واضح للوسائل البديلة لحل النزاع ومزاياها والغاية منها.
-                    -                     عقد ندوات وأيام دراسية للتعريف بهذه الوسائل ومناقشة إجراءاتها وإيجابياتها وأهمية الدور الذي تقوم به في حل النزاعات والأثر المترتب عنه، تشارك في هذه الندوات والأيام الدراسية جميع الفعاليات القانونية والحقوقية والاقتصادية.
-                    -                     تحديد الوسائل البديلة، بداية في الوسائل التي لها علاقة تقارب وتشابه مع الوسائل المستعملة حاليا والمتمثلة في الصلح والتحكيم.
ذلك انه بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة لهذه الوسائل، يتبين ان هناك تشابها وتقاربا بين مؤسسة الصلح ومؤسسة الوساطة من جهة، وبين مؤسسة التحكيم ومؤسسة التقييم الحيادي المبكر من جهة أخرى، رغم وجود اختلافات بينهما سواء من حيث كيفية التعامل معهما او من حيث الأثر المترتب عنهما. ( راجع الجدول الملحق )
أولا: مؤسسة الصلح ومؤسسة الوسيط
تتمثل اوجه التشابه بينهما في الآتي:
-                    -                     بدل المساعي والمجهودات بين الأطراف لحل النزاع وديا وإنهائه بشكل توافقي بناءا علي إرادة الطرفين.
-                    -                     وتتمثل اوجه الاختلاف بينهما في الآتي:
-                    -                     الصلح الو جوبي يتم تحت إشراف ومراقبة القضاء، والصلح الجوازي رغم وقوعه خارج إشراف القضاء، فان المشرع حدد الجهة المكلفة للقيام بهذا الصلح، في حين أن الوساطة تتم خارج اشراف ومراقبة القضاء.
-                    -                     للأطراف في الوساطة حق اختيار الوسيط، وفي حالة عدم اتفاقهم علي الوسيط يتم تعيينه من طرف القاضي بناءا علي طلب من يعنيهم الأمر.
-                    -                     في حالة الوصول إلى اتفاق بين الأطراف، الوسيط يوقع علي الاتفاق مع الطرفين ويرفعه حالا إلى القاضي المكلف بإدارة الدعوى للمصادقة عليه بمقتضى حكم يصبح سندا تنفيذيا.
-                    -                     في حين أن اتفاق الأطراف علي الصلح يترتب عنه صدور حكم بالإشهاد علي الصلح من طرف القاضي المكلف بالقضية.
-                    -                     القانون يحدد أجلا للوسيط للقيام بمهمته.
-                    -                     في الصلح إذا كان القانون يحدد أجلا محددا لتقديم بعض دعاوى الصلح، فانه لم يحدد أجلا معينا للبت في هذا الصلح، كما أن باقي إجراءات الصلح غير محددة الأجل.
-                    -                     إلزامية أداء أجرة الوسيط في حين أن الصلح لا تؤدى عنه أية أتعاب أو مصاريف.
ثانيا: مؤسسة التحكيم ومؤسسة التقييم الحيادي المبكر
تتمثل اوجه التشابه بينهما في الآتي:
-                    -                     دراسة أوراق الملف والوثائق والحجج المدلى بها من طرف الأطراف وتقييم المركز القانوني لكل منهما.
أما اوجه الاختلاف فتتمثل في الآتي:
-                    -                     اختيار الأطراف للمحكمين، وفي حالة عدم اتفاقهم على هذا الاختيار، يلجا إلى رئيس المحكمة لتعيين المحكم، في حين أن الأطراف لا يحق لهم اختيار الشخص المحايد، إنما تعينه المحكمة.
-                    -                     المقيم يعطي للأطراف استشارة قانونية بشان النزاع القائم بينهم، وينبئهم بالحل القضائي أو الحكم الذي يمكن أن يصدر عن المحكمة إذا ما أحيل النزاع عليها، في حين يبت المحكم في النزاع المعروض عليه بمقتضى قرار صادر عنه.
-                    -                     إنهاء النزاع مرتبط بموافقة الطرفين علي التقييم المدلى به من طرف المقيم المحايد، في حين أن إنهاء النزاع في التحكيم يتم بمقتضى القرار الذي يصدره المحكم والذي يصبح إلزاميا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة.
-                    -                     أتعاب المحكمين يؤديها الأطراف، في حين أن عمل المقيم المحايد مجاني وتطوعي في غالب الأحيان.
وهكذا يتبين أن القانون المغربي، إن كان لا يتوفر علي تشريع خاص للوسائل البديلة لحل المنازعات أمام الجهاز القضائي كما هو متعارف عليه عالميا والمتمثل في الوساطة والتسوية الودية والتقييم الحيادي المبكر والتحكيم الغير الملزم، فان توفره على مؤسسة الصلح ومؤسسة التحكيم كوسائل بديلة لحل النزاع، يساعدان كبداية اعتماد مؤسسة الوسيط والتقييم الحيادي المبكر كوسائل بديلة لحل النزاع، في انتظار تعميم استعمال باقي الوسائل الأخرى، وذلك بإصدار نصوص تشريعية وإحداث إطار قانوني لمؤسسة الوساطة والتقييم الحيادي المبكر،مع الأخذ بعين الاعتبار:
-                    -                     عقلية المواطن المغربي وتهييئه لتقبل هذه الوسائل، من اجل كسب ثقته في التعامل معها.
-                    -                     تكوين وسطاء ومقيمين حياديين في المستوى المطلوب.
-                    -                     تهيئ مراكز معينة لتواجد الوسطاء والمقيمين المحايدين لتسهيل تعامل المواطنين معهم.
وفي الأخير أجدد شكري للمؤسسة الأمريكية معهد الدراسات لتنمية الأنظمة القانونية علي الدعوة الكريمة التي وجهتها لوزارة العدل المغربية، للمشاركة في أشغال هذه الندوة، والاستفادة من تجارب الدول المشاركة، من اجل الرفع من مستوى العمل القضائي إلى المكانة المرموقة التي نطمح إليها جميعا.




تعليقات