القائمة الرئيسية

الصفحات



الاستملاك

مهند نوح





أولاً- ماهية الاستملاك:

الاستملاك L’expropriation هو نزع الملكية للمنفعة العامة عن طريق إجراء إداري يقصد به نزع مال عقاري قهراً عن مالكه بواسطة الإدارة لتخصيصه للنفع العام مقابل تعويض يدفع له.

ومن الملاحظ أن الاستملاك بوصفه تصرفاً قانونياً معروفاً منذ فترة طويلة وفقاً لما يدل عليه تاريخ القانون، إذ عرف الإغريق نظاماً متطوراً له، إذ كان قرار الاستملاك يتخذ من قبل المجلس الشعبي، وكان هناك لجنة مكونة من أحد عشر عضواً تتولى تحديد قيمة بدل الاستملاك، وفي بعض المدن الإغريقية كانت قيمة بدل الاستملاك تطرح على الاستفتاء الشعبي، ومن ثم يذكر المؤرخون أن إرادة عدم الإيذاء من جراء الاستملاك كانت واضحة في النظام القانوني للاستملاك الذي ساد في المدن الإغريقية، وعلى النقيض من ذلك فإنه لم يوجد في القانون الروماني نظام شامل للاستملاك، وإن كان التصرف القانوني في حد ذاته معروفاً، كما يشير المؤرخون القانونيون، ولاسيما في إطار إنشاء الساحات في المدن، وشق الأقنية.

كما عرف نظام الاستملاك في الشريعة الإسلامية، وذلك خصوصاً عند إقامة المساجد، أو توسيعها، وكذلك في حالة شق الطرقات، والقنوات والمصارف وغيرها، فعلى سبيل المثال تمت عدة توسعات للمسجد الحرام؛ مما استلزم نزع ملكيات الدور المجاورة له، وحدث ذلك أمام الصحابة و في عهد الخلفاء الراشدين، ولم يعترض عليه أحد، فكان منهم الإجماع بجواز نزع الملكية للمصلحة العامة يمكن أن تقاس عليه صور المنفعة العامة الأخرى، وذلك كله انطلاقاً من نظرة الشريعة الغراء لملكية المال على أنها نوع من الخلافة عن المالك الحقيقي؛ وهو الله سبحانه وتعالى، وبالتالي إذا لزم هذا المال أو جزء منه لمصالح المجموع، فليس للمالك إلا أن يلبي نداء المصلحة العامة وكل ذلك لقاء التعويض العادل. ومن الملاحظ أن أول حالة نزع ملكية جبراً أجراها الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب t عندما ضاق المسجد الحرام على الناس، وكانت الدور محيطة به من كل جانب، وحين أراد الخليفة التوسع في المسجد الحرام اشترى بعض الدور التي رضي أصحابها بذلك، أما من لم يرض منهم بالبيع؛  فقد نزعها الخليفة جبراً عن إرادتهم، ووضع قيمتها في خزانة الكعبة إلى أن أخذها أصحابها.

ثانياً- أركان الاستملاك:

إن الاستملاك يتطلب توافر أربعة أركان: الركن الأول ويتعلق بالمحل أو الموضوع، فمن اللازم أن ينصب نزع الملكية على عقار، أما الركن الثاني فيتعلق بالجبرية، حيث يجب أن يكون نزع الملكية جبراً، أما الركن الثالث فيتمثل في الغرض فلا يجوز الاستملاك إلا للمنفعة العامة، أما الركن الرابع فيخص حقوق الأفراد حيث يجب تعويضهم مقابل نزع ملكيتهم، وسيتم شرح ذلك من خلال ما يلي: 

1- ضرورة أن ينصب نزع الملكية على عقار

إن محل الاستملاك مقصور على العقارات دون غيرها من الأموال، وبالتالي فإن المنقولات لا يمكن أن تكون محلاً للاستملاك، والأمر نفسه للعقارات الحكمية كالحقوق العينية (مثل حق الانتفاع أو حق الارتفاق)، فلا يجوز نزع ملكيتها استملاكاً.

وإذا كان الاستملاك لا ينصب إلا على العقارات المادية؛ فإنه لا يشترط مواصفات خاصة في هذه العقارات، فقد يكون العقار خالياً، أو مشغولاً، أو قد يكون مبنياً أو مجرد أرض فضاء، ولكن إذا تعلق الاستملاك بأحد العقارات المبنية، فمن اللازم أن يتناول الأرض والبناء معاً، فلا يجوز أن يقتصر نزع الملكية على المباني دون الأرض أو العكس، كما لا يجوز نزع ملكية بعض الأدوار من منزل دون البعض الآخر. وإن خضوع العقارات لعملية التحديد و التحرير لا يحول دون استملاكها، حيث يتم في هذه الحالة تحديد المساحات التي شملها الاستملاك فقط وتحريرها، ولايحول عدم البدء في عمليات تحديد المساحات المستملكة وتحريرها دون وضع اليد عليها، ووصف حالتها الراهنة، وتقدير قيمتها أصولاً. وإذا حصل المالك على رخصة بناء على عقاره؛ فإن ذلك ليس من شأنه إعاقة عملية الاستملاك، كلما دعت الضرورة لتنفيذ مشاريع النفع العام.

وقد قنن المشرع هذا الشرط في قانون الاستملاك رقم 20 لسنة 1983، حيث نصت المادة 2 منه على ما يلي: «… يجوز للوزرات وللإدارات و المؤسسات العامة والجهات الإدارية للقطاع العام أن تستملك العقارات المبنية وغير المبنية…».




2- أن يكون نزع الملكية جبراً:

وعنصر الجبرية هام جداً للقول بوجود عملية استملاكية، حيث إن الإدارة قد تلجأ إلى أسلوب الشراء في سبيل تلبية احتياجات مشاريعها ذات النفع العام، وقد حكمت المحكمة الإدارية العليا السورية أنه إذا قامت الإدارة بشراء بناء بكل شققه ما عدا واحدة قامت باستملاكها؛ فإن استملاكها يكون صحيحاً. وهذا العنصر يميز أيضاً الاستملاك من الحصول على العقارات اللازمة لمشاريع النفع العام عن طريق عقد تقديم المعونة contrat de l’offre de concours، والذي هو عقد إداري ملزم لجانب واحد، يتعهد بموجبه مقدم المعونة بتقديم العقار اللازم طوعاً و بلا مقابل للإدارة لإقامة مشروع النفع العام، وبذلك فإن الحصول على العقار عن طريق هذه الآلية العقدية يختلف عن الاستملاك في عدم قيامه على الجبرية، وأنه بلا مقابل على خلاف الاستملاك الذي يكون بمقابل.

ولكن تجدر الإشارة إلى أن الاستملاك يأخذ طابعاً تعاقدياً في بعض الدول كألمانيا و سويسرا، حيث تقرر الإدارة حاجتها لعقار محدد بعينه لإقامة مشروع نفع عام، ولكن لا يجوز لها تقرير بدل الاستملاك تعاقدياً، بل تدخل في تفاوض مع المالك حول هذه الناحية.

3- أن يكون الغرض من نزع الملكية تحقيق المنفعة العامة

إن الهدف من منح الإدارة حق نزع ملكية الأفراد هو تمكينها من أداء وظيفتها الأساسية في إشباع الحاجات العامة، وبالتالي، فلا يجوز أن تستخدم الإدارة هذا الحق من أجل تحقيق غاية سوى المنفعة العامة، وتعدّ هذه القاعدة من قبيل القواعد الدستورية، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة 15 من دستور الجمهورية العربية السورية على أنه «لا تنزع الملكية الفردية إلا للمنفعة العامة…».

وتطبيقاً لذلك، فقد أوردت المادة 3 من قانون الاستملاك رقم 20 لسنة 1983 قائمة مطولة بما يمكن اعتباره مشاريع ذات نفع عام:

1- فتح الطرق الجديدة أو توسيع الطرق الموجودة، أو تقويمها، والمنشآت التابعة لها وإنشاء الساحات والملاعب والأسواق و الحدائق العامة والبحيرات ومجاري المياه…

2- إنشاء دور العبادة والثكنات العسكرية والمطارات والمرافئ والسكك الحديدية والمخافر والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمعاهد والجامعات والمذابح ودور الأيتام أو ملاجئ العجزة وأبنية المراكز الثقافية والأندية الرياضية، والمنشآت الخاصة بحزب البعث العربي الاشتراكي، والمنظمات الشعبية التي يتطلبها تحقيق مهام هذه الجهات، وبشكل عام جميع المباني والإنشاءات التي تخصص للأعمال العامة أو المنافع العامة.

3- الأعمال و المنشآت الزراعية ومشروعات الري والشرب و السدود.

4- مشاريع النفط والكهرباء والثروة المعدنية والمناطق الصناعية.

5- إنشاء الملاجئ والخنادق والمنافذ والمشاريع التي تقتضيها ضرورات الأمن و الدفاع.

6- الإنشاءات السياحية والتموينية و المشاريع المتعلقة بتنفيذ الخطط الإنمائية والاستثمارية أصولاً.

7- جميع المشاريع التي تدخل في نطاق اختصاص أي من الجهات العامة والقطاع العام، ومهماتها المحددة في القوانين والأنظمة النافذة، وفق خطط الدولة المقررة أصولاً.

كما يلاحظ أن المشرع لا يطلق السلطة التقديرية للإدارة في تقدير غاية النفع العام في بعض الأحوال، وذلك كما هو الحال مثلاً في إطار القانون 60 لسنة 1979 المعدل، حيث قصد القانون المذكور إحداث مناطق للتوسع العمراني، وبحيث تتولى الوحدات الإدارية في مدن مراكز المحافظات استملاك العقارات وتخطيطها وتقسيمها إلى مقاسم جاهزة للبناء، وتأمين المرافق العامة لها و بيعها بسعر الكلفة، ومن ثم فإن استملاك العقار على أساس القانون المذكور لأغراض أوسع من أغراضه؛ من شأنه أن يجعل القرار الصادر بالاستملاك منطوياً على عيب قانوني جسيم يصل إلى حد الانعدام.

وعلى كل حال، فإن سلطة الإدارة التقديرية في نطاق عنصر النفع العام - إذا كان غير محدد تشريعياً - قد حال دائماً دون إعمال القضاء الإداري رقابته في هذا النطاق، بيد أن هذا الوضع لم يدم طويلاً في فرنسا ومصر، حيث تبنى مجلس الدولة الفرنسي مبدأ الموازنة بين المنافع والمضار في إطار بسط رقابته على عنصر المنفعة العامة عند الاستملاك، وبحيث إذا كان ضرر القرار أكثر من نفعه، فإن المجلس يلغي القرار، وكذلك الحال فقد سارت المحكمة الإدارية العليا المصرية في الاتجاه ذاته، حيث رأت أن قرار الاستملاك إذا كان يؤدي عدة مصالح عامة وكانت إحدى هذه المصالح أسمى من وجه النفع العام الذي يتوخاه القرار الاستملاكي؛ فإن ذلك يكون كفيلاً بإلغاء القرار.

ولكن ماذا يكون عليه الحال فيما إذا استملكت عقارات للنفع العام، ثم زالت هذه الصفة عن العقارات المستملكة؟ لقد أجاب القانون السوري على هذا السؤال حيث عدّ تلك العقارات عندئذ من قبيل الأملاك الخاصة للدولة، ويجري تسجيلها باسم الجهة المستملكة في قيود السجل العقاري، وذلك بناء على قرار من الجهة التي كانت قد استملكت العقار للنفع العام، ويحق لهذه الجهة أن تتصرف بالعقار بكل أوجه التصرف (المادة 35 من المرسوم 20/1983).

4- يجب أن يكون نزع الملكية مقابل تعويض عادل

إذا كان للإدارة سلطة تقدير المنفعة العامة الموجبة لنزع الملكية، فإن عليها بالمقابل تعويض أصحاب الشأن عن الأضرار التي تلحق بهم نتيجة لحرمانهم من أملاكهم، وهذا ما أكدته الفقرة الأولى من المادة 15 من الدستور السوري حيث نصت على أنه لا تنزع الملكية الفردية إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون.

وقد تساءل بعض الفقه عن أساس التزام الإدارة بالتعويض على أساس مقابل نزع الملكية؟

في الحقيقة لا يمكن إقامة التزام الإدارة بالتعويض على أساس الالتزام التعاقدي؛ لأن نزع الملكية لا يتم بطريق التعاقد بين أصحاب الشأن والإدارة، إنما يتم بالإرادة المنفردة لهذه الأخيرة، وكذلك لا يمكن تأسيس هذا الالتزام على قواعد المسؤولية التقصيرية؛ لأن هذه المسؤولية تقوم على ثلاثة أركان هي: الخطأ والضرر والعلاقة السببية، والخطأ في حالة الاستملاك لا يتوافر لصدور القرار الخاص به وفقاً للقانون، والصحيح أن أساس التزام الإدارة بالتعويض عن نزع الملكية هو القانون، وليس العمل غير المشروع؛ لأن الإدارة قد قامت باتخاذ الإجراءات المنصوص عليها قانوناً لنزع الملكية، أما إذا تم الاستملاك دون اتباع هذه الإجراءات فإن التزام الإدارة بالتعويض في هذه الحالة يؤسس حسب الرأي الفقهي الراجح على أساس العمل غير المشروع، وهو ما يعني تعويض صاحب العقار تعويضاً كاملاً طبقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية؛ لأن القول بغير ذلك قد يشجع الإدارة على نزع ملكية العقارات دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

ويلاحظ أن قانون الاستملاك رقم 20 لسنة 1983 قد وضع قواعد خاصة لتقدير التعويض المستحق، حيث يجري تقدير هذا التعويض من قبل لجنة بدائية تشكل لدى الجهة المستملكة (المادة 12 منه)، وتقوم اللجنة بتقدير قيمة العقارات على أساس قيمتها قبل تاريخ مرسوم الاستملاك مباشرة، وأن تسقط من الحساب كل ارتفاع طرأ على الأسعار بنتيجة مشروع الاستملاك أو المضاربات التجارية، إذا كان هذا الارتفاع بالقيمة لا يبرره ارتفاع مماثل في المناطق المجاورة. (المادة 13).

ومن حيث المبدأ يجري تقدير قيمة العقار المستملك على أساس قيمة الأرض والبناء والإنشاءات الأخرى. (المادة 14).

وقد جرى اجتهاد القضاء الإداري السوري على اعتماد صفة العقار المستملك المبينة في القيد العقاري الخاص بالعقار المعني بتاريخ الاستملاك، وأن تتخذ هذه الصفة أساساً في تقدير قيمة العقار المستملك.

وقرارات لجنة التقدير البدائي المشار إليها أعلاه بشأن تقدير التعويض تقبل الطعن أمام لجنة إعادة نظر تشكل بقرار مبرم صادر عن رئيس المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة التي يقع في حدودها العقار المستمـلك (المادة 23 ف2)، وتتشكل كما يلي:

 
1- قاض يسميه وزير العدل

رئيساً

 
2- ممثل عن الجهة المستملكة

عضواً

 
3- ممثل عن أصحاب العقارات المستملكة

عضواً

 
4- ممثل عن اتحاد الفلاحين يسميه المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين

عضواً

 
5- ممثل عن المحافظة يختاره المحافظ

عضواً

وتكون قرارات هذه اللجنة مبرمة غير قابلة لأي طريق من طرق الطعن والمراجعة (المادة 24ف2).

وعلى العموم يجري تسديد القيم لأصحاب الاستحقاق أو إيداعها لمصلحتهم في المصرف خلال خمس سنوات من تاريخ مرسوم الاستملاك، وإذا تأخر الدفع أو الإيداع لا يعاد تقدير القيمة، وإنما يدفع لصاحب الاستحقاق فائدة قانونية بسيطة بمعدل 6% من القيمة سنوياً عن مدة التأخير، وتسري هذه الفائدة من تاريخ انقضاء خمس سنوات على صدور مرسوم الاستملاك، أو من تاريخ وضع اليد على العقار أيهما أسبق، وتزاد هذه الفائــدة إلى 8% سنوياً بالنسبة للعقارات التي وضعت عليها اليد بعد خمس سنوات من تاريخ وضــع اليد (الفقرة 3 من المادة 25 من المرسوم 20 لسنة 1983).

بيد أنه لا يستحق أصحاب الاستحقاق الفائدة القانونية عن مدد التأخير إذا كان التأخير في الدفع أو الإيداع في المصرف أو تبليغ الإيداع في المصرف إلى المالكين حاصلاً بسـببهم (الفقرة 4 من المادة 25 من المرسوم 20 لسنة 1983).

وتصرف الأمانات المودعة في المصرف بعد قيام ذوي العلاقة بالمعاملات القانونية و موافقة الجهة المستملكة، ويسقط حق أصحابها بقبضها من المصرف بعد انقضاء خمسة عشر عاماً على إيداعها فيه، بحيث تعاد إلى صندوق الجهة المستملكة، ما لم ينقطع التقادم وفقاً لأحكام القانون (المادة 33 من المرسوم 20/1983).

والجاري عملاً - وحسب رأي الجمعية العمومية لمجلس الدولة - أنه إذا تأخرت الإدارة وتراخت في تقدير بدل الاستملاك سنين طوالاً؛ فإنه يجري تقدير قيمة البدل الاستملاكي بتاريخ الاستملاك، وليس بتاريخ التقدير، فإذا استملكت الإدارة مثلاً عقاراً سنة 1975، ثم تراخت في تقدير قيمة البدل الاستملاكي حتى سنة 2008؛ فإن بدل الاستملاك يقدر على أسعار 1975، وكذلك الفوائد بحكم أن الفوائد تحسب على أساس بدل الاستملاك.

ثالثاً- إجراءات الاستملاك:

يتم الاستملاك في الجمهورية العربية السورية بمرسوم بناء على اقتراح الوزير المختص، يتضمن هذا المرسوم التصريح عن وجود نفع عام، أي إن هناك شكلية أوجب القانون مراعاتها عند إصدار مراسيم الاستملاك، وهي التصريح في متن القرار عن و جود نفع عام يستوجب الاستملاك (المادة 7 من المرسوم 20/1983)، ودون أدنى شك فإن المرسوم الجمهوري الصادر في هذه الحالة هو من قبيل المراسيم الفردية، وإن كان رئيس مجلس الوزراء قد فوض بإصدار قرارات الاستملاك منذ وقت طويل.

ويستند القرار الصادر بالاستملاك إلى ما يلي:

أ- مخطط يبين العقارات وأجزاء العقارات المراد استملاكها.

ب- بيان يتضمن القيمة التقديرية لتلك العقارات.

ج- رأي الجهة الإدارية التي يقع الاستملاك ضمن حدودها الإدارية أو رأي المكتب التنفيذي للمحافظة ذات العلاقة خارج الحدود المذكورة.

د- رأي المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين  في المحافظة فيما يتعلق بالعقارات المراد استملاكها والواقعة خارج المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية والبلديات.

ويكون قرار الاستملاك مبرماً غير قابل أي طريق من طرق الطعن أو المراجعة (المادة 7 من المرسوم 20 لسنة 1983)، بيد أن القضاء الإداري السوري - وعلى الرغم من هذا التحصين الصريح للقرارات الصادرة بالاستملاك - قد بسط رقابته على قرارات الاستملاك، ولم يعط هذه القرارات العصمة المطلقة، وذلك متى شاب القرار الصادر بالاستملاك عيب قانوني جسيم انحدر به إلى درجة الانعدام.

بعد صدور قرار الاستملاك تقوم الجهة المستملكة بتبليغه إلى الجهة الإدارية المحلية، والدوائر العقارية المختصة لوضع الإشارة في صحائف العقارات تشعر بخضوعها للاستملاك، وعندئذ يمتنع على الجهة الإدارية والدوائر العقارية من تاريخ تبلغها قرار الاستملاك الموافقة على الإفراز أو دمج العقارات أو الترخيص بالبناء في العقارات المستملكة، كما يمتنع على المالكين من تاريخ وضع الإشارة تغيير معالم العقارات محل الاستملاك، وكل تصرف من هذا القبيل لا يعتد به (المادة 9 من المرسوم 20 لسنة 1983). وعندما يتم دفع بدل الاستملاك الذي اكتسب الدرجة القطعية إلى المالكين أو إلى أصحاب الاستحقاق، أو إيداعه لمصلحتهم أمانة في المصرف بدون فائدة؛ تقوم الدائرة المستملكة بإبلاغ المكتب العقاري المختص ليقوم بتسجيل العقار أو جزء العقار باسم الجهة المستملكة أو الأملاك العامة (المادة 32 من المرسوم 20/1983).

رابعاً- حالات خاصة للاستملاك:

لقد وضع المرسوم 20/ 1983 حالات خاصة للاستملاك، هي:

1- استملاك الربع المجاني: حيث أعطى المرسوم كافة الأشخاص الاعتبارية العامة الحق في الاقتطاع المجاني ما يعادل ربع مساحة أرض كامل العقار الذي يستملك جزئياً، متى كان القسم المتبقي من العقار قابلاً للانتفاع به، وعلى أن يكون ذلك لمرة واحدة، أما إذا استملك كامل العقار فيدفع كامل بدل الاستملاك. و لا يطبق اقتطاع الربع المجاني إلا مرّة واحدة، ولو طبق الاستملاك الجزئي أكثر من مرّة (المادة 31 من المرسوم 20 لسنة 1983).

2- الاستملاك المستعجل: يلاحظ أن القانون رقم 20 لسنة 1983، قد أجاز للإدارة اللجوء إلى الاستملاك المستعجل؛ وذلك بشرط أن ينص مرسوم الاستملاك على صفة الاستعجال، أي يجب أن يكون المرسوم المذكور معللاً بهذه الصفة، ولغايات نفع عام محددة على سبيل الحصر:

1- حدوث كوارث موجبة لسرعة مباشرة الأشغال.

2-  توسيع أو تكميل مشروع قائم.

3- إنشاء الملاجئ و الخنادق و المنافذ والمشاريع التي تتطلبها ضرورات الأمن والدفاع.

4- إنشاء المساكن الشعبية وإيجاد المقاسم الصالحة للبناء لهذا الغرض.

5- إقامة السدود وشبكات الري والطرق بما فيها السكك الحديدية. (المادة 28 من المرسوم 20 لسنة 1983).

ويحق للجهة المستملكة في الحالات المذكورة  في المادة السابقة أن تضع يدها على العقارات غير المبنية فور نشر مرسوم الاستملاك، وقبل تقدير القيمة، على أنه إذا كانت العقارات المذكورة تحتوي على أشجار أو مزروعات تنظم محاضر جرد لها قبل وضع اليد عليها؛ ليكون هذا الجرد أساساً في تقدير قيمتها، أما العقارات المبنية فيجوز وضع اليد عليها بعد نشر مرسوم الاستملاك. (المادة 29 من المرسوم 20 لسنة 1983).

3- الاستملاك بناء على طلب المالك: وهذا يتحقق إذا شمل الاستملاك جزءاً من عقار، وكان الجزء الباقي منه غير قابل للانتفاع به، فعلى الجهة المستملكة أن تستملكه إذا طلب منها المالك ذلك خلال ثلاث سنوات من تاريخ وضع يدها على الجزء المستملك، وقرار الجهة المستملكة أنه غير صالح للانتفاع به، و لاحاجة عندئذ لصدور قرار بالاستملاك من رئاسة مجلس الوزراء، ويكتفى بقرار الجهة المستملكة المتعلق بذلك (المادة 11 من المرسوم 20 لسنة 1983).

وأخيراً لابد من القول: إن النظام القانوني للاستملاك في الجمهورية العربية السورية لايزال يكتنفه الغموض، ويتسم بالتعقيد؛ ولاسيما أن أحكامه مازالت موزعة بين عدة قوانين، وعدد من اللوائح والبلاغات، ومن الأفضل لو يصار مستقبلاً إلى إصدار قانون استملاك موحد واضح، يوازن بدقة بين حقوق الأفراد والمصلحة العامة، ولا يغلب الثانية على الأولى بشكل يهدر معه المبدأ الذي يفترض ضرورة تضامن جميع المواطنين أمام الأعباء العامة.

مراجع للاستزادة:

-  سليمان الطماوي، الوجيز في القانون الإداري (دار الفكر العربي، القاهرة 1991).

- داوود عبدالرزاق الباز، النظام القانوني لعقد المعاونة في تسيير المرافق العامة (القاهرة 2006).

- نبيلة عبد الرحيم كامل، دور القاضي الإداري في الرقابة على شرط المنفعة العامة في حالة نزع الملكية (دار النهضة العربية، القاهرة 1993).

-J. LEMASURIE, Le droit de l’expropriation, (Economica, Paris, 1995).

- A. VAN LONG, G. GONDOUIN et V.INSERGUET- BRISSET, Dictionnaire de droit administratif,(A.Colin, Paris, 2005).

تعليقات