القائمة الرئيسية

الصفحات



تنفيذ الأحكام الإدارية ضد الجماعة الحضرية الأستاذ عبد الرحمان كاسم





تنفيذ الأحكام الإدارية
ضد الجماعة الحضرية
الأستاذ عبد الرحمان كاسم



تمهيد :   
إذا حاولنا أن نلقي نظرة على القواعد ا لتي كانت متبعة في بلادنا سابقا في مجال تنفيذ الأحكام منذ الفتح الإسلامي وحتى ظهور النصوص التشريعية الخاصة بالتنفيذ سنة 1913، لقلنا بأن الأحكام كانت تصدر لتنفذ دون معوقات التنفيذ، فقواعد الشريعة الإسلامية تحرص كل الحرص على رد الحقوق لأصحابها باقتضائها جبرا عن المدين القادر على الوفاء عند عدم قيامه بذلك اختياريا ويتحمل المدين المماطل المليء بمسؤولية دينية ودنيوية (1).
وكان القاضي الحاكم هو الذي يقوم بتنفيذ قضائه مباشرة من غير حاجة إلى تبليغ الحكم أو طلب تنفيذه وكان يتبع في ذلك قواعد الشرع أن كانت موجودة وإلا القياس والمنطق.
وكان التنفيذ دوما هو الذي يترجم الأحكام إلى واقع ملموس وبدونه تبقى هذه الأحكام مجرد توصيات لا فائدة منها.
وقد كانت هناك عوائق مفضية إلى البطء القضائي وتم التغلب على هذه العوائق عن طريق وضع آليات ووسائل بشرية ومادية وقانونية أيضا مكنت من التسريع بالبت في القضايا المتراكمة على المحاكم.
وقد نتج عن هذا الحل مشكل آخر يتجلى في تراكم الأحكام في كتابات الضبط تنتظر التنفيذ حتى صارت تسمى كتابة الضبط "مقبرة الأحكام" ولا زال هذا المشكل قائما لحد الآن رغم المحاولات الرامية إلى تطويقه.
ولا يخفى ما يشكله عدم تنفيذ الأحكام القضائية من تأثير سلبي على نفسية المتقاضين بل إن عدم تنفيد الأحكام التي تصدر عن القضاء قد يؤدي بدون شك إلى فقدان الثقة في القضاء ككل. فالتنفيذ هو الذي يعطي للحكم قوته ويؤكد هيبة القضاء في ذات الوقت.
لذا وجب التفكير جديا في هذا المشكل وهذا ما يتمناه كل مهتم وللتغلب على معضلة عدم تنفيذ الأحكام القضائية لا بد من معرفة أسباب هذه الظاهرة غير الصحية.
وتشكل هذه المداخلة مساهمة متواضعة من أجل استكناه العوائق التي تقف حائلا دون تنفيذ الأحكام الإدارية القاضية بأداء مبالغ مالية ضد الجماعات الحضرية وذلك انطلاقا من الواقع وإستنادا إلى ملفات تنفيذية عرضت للتنفيذ أو لا زالت معروضة على الجماعة من أجل التنفيذ.
ونتناول هذا الموضوع في قسمين: 
الأول: كيفية تنفيذ الأحكام ضد الجماعة:
الثاني: عوائق تنفيذ هذه الأحكام:
القسم الأول: كيفية تنفيذ الأحكام ضد الجماعة: 
تجدر الإشارة في البداية إلى أن المقصود من الأحكام هنا هي الأحكام القاضية على الجماعة الحضرية بأدائها مبالغ مالية ولذلك فإننا نستبعد الأحكام القاضية بالقيام بعمل (كالحكم بتسوية الوضعية الإدارية مثلا).
فالأحكام التي تقضي بأن تؤدي الجماعة الحضرية مبالغ مالية تحال بمجرد صيرورتها نهائية وقابلة للتنفيذ على مأموري الإجراءات التنفيذية أو على المفوضين القضائيين قصد التنفيذ.
وبما أن المفوضين القضائيين هم الذين أصبحوا مكلفين بتبليغ الأحكام وتنفيذها، فإنهم هم الذين يمارسون فعلا الإجراءات في نطاق تنفيذ الأحكام (2).
وفي غياب أي تكوين مهني لهؤلاء المفوضين القضائيين فإنهم يزاولون مهامهم تحت إشراف السادة رؤساء المحاكم الابتدائية وتحت مراقبة السادة وكلاء الملك لديها (3).




وفي إطار تنفيذ حكم قضائي ضد الجماعة الحضرية ينتقل المفوض القضائي إلى مقر الجماعة ويطلب من رئيسها الوفاء بالمبلغ المحكوم به تنفيذا للحكم المراد تنفيذه. وغالبا ما تنتهي هذه العملية بتحرير محضر تحري أو محضر محاولة أو محضر إخباري من طرف المفوض القضائي، أو محضر حجز تنفيذي لمنقولات الجماعة. وهي على كل حال محاضر لا تف بالمطلوب الذي هو التنفيذ الفعلي أي أداء المبالغ المالية المحكوم بها على الجماعة.
وأن هذه الطريقة لا تمكن مطلقا من تنفيذ حكم قضائي ضد الجماعة الحضرية التي تخضع في أداء التزاماتها إلى عدة إجراءات في إطار مراقبة أداءاتها.
وللتعجيل بتنفيذ الأحكام الصادرة بأداء مبالغ مالية في مواجهة الجماعة الحضرية يلجأ المفوضون القضائيون إلى تطبيق مقتضيات الفصول 459 و 460 وما بعدهما من قانون المسطرة المدنية وصاروا يقومون بإجراء حجز تنفيذي على منقولات الأملاك العمومية التابعة للجماعات المحلية بقصد إجبار هذه الأخيرة على التنفيذ. كما اتجه القضاء أخيرا إلى إصدار أوامر لأعوان التنفيذ من أجل إيقاع الحجز على منقولات الأملاك العمومية التابعة للجماعات المحلية.
فهل يعتبر هذا المنحى سليما من الناحية القانونية ؟  
للإجابة على هذا التساؤل لا بد من بحث مدى مشروعية إيقاع الحجز ثم تحديد المسؤول عن الجهة المنفذ ضدها:   
الفقرة الأولى: حول مشروعية إيقاع الحجز على منقولات الجماعة الحضرية:
إن بعض رؤساء محاكم المملكة يصدرون أوامر لأعوان التنفيذ من أجل إيقاع الحجز على منقولات الأملاك العمومية التابعة للجماعات المحلية، وتتضمن هذه المنقولات المطلوبة للحجز شاحنات أو سيارات مخصصة للمنفعة العمومية تستعمل عادة في جمع النفايات أو إصلاح الإنارة العمومية أو نقل أعضاء بعض اللجن المحلية المكلفة بمراقبة البناء والصحة والنظافة العمومية وغيرها.
وإذا كان من حق السلطة القضائية في إطار وظيفتها المتمثلة في إحقاق الحقوق ورفع المظالم أن تأمر بإيقاع الحجز على الأموال العقارية أو المنقولات للأشخاص الاعتبارية العامة في حالة تخلفها عن أداء الديون المستحقة عليها فإنه ينبغي من باب أولى احترام الضوابط القانونية التي تمنع المساس بالأملاك العمومية وملحقاتها وتوابعها باعتبار أن هذه الأخيرة بحكم القانون ، لا يجوز التصرف فيها ولا الحجز عليها ولا تملكها بالتقادم.
فلقد نص قانون فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالملك العمومي للدولة في فصله الرابع أنه "لا يقبل التفويت بالأملاك العمومية ولا تسقط حقوق الملكية فيها بمضي الزمان".
كما نص الفصل الثالث من قانون 19 أكتوبر 1921 بشأن أملاك البلديات على: " إن الأملاك العمومية البلدية لا تفوت ولا يبطل حق ملكيتها بمرور الزمان".
ولقد كان قانون 28 يونيو 1954 بشأن أملاك الجماعات القروية أكثر دقة حينما نص في فصله الثامن على: " أن الأملاك المنصوص عليها في الفصل الثاني من هذا الظهير الشريف (وهي الأملاك العمومية القروية) هي غير قابلة للتفويت ولا للحجز ولا لتملكها بالتقادم".
فقاعدة عدم جواز إيقاع الحجز على الملك العام التابع للجماعات المحلية إذن هي قاعدة قانونية أساسية لا يجوز الخروج عليها بأي حال من الأحوال لارتباط الأملاك العمومية بالمصلحة العامة ولدورها في أداء خدمات النفع العام. ومؤدي هذه القاعدة أن تأخر الجماعة عن الوفاء بديونها لا يجوز الاحتجاج به للحجز على أملاكها العامة. ذلك أن السماح بالحجز على تلك الأملاك يؤدي بالنتيجة إلى انتقال ملكيتها من ذمة الجماعة المحلية المالكة إلى ذمة الخواص.
وفي هذا ما يضر ضررا بينا بحقوق المنتفعين من عموم ومرافق عامة، ولا شك أن في هذا خروجا عن مقاصد المشرع الرامية إلى ضمان ديمومة الخدمات التي تؤديها الأملاك المذكورة في إطار المصلحة العامة.
فلا يجوز مثلا حجز وبيع شاحنات نقل النفايات الجارية على ملك الجماعة المحلية، لكي تؤدي من منتوج بيعها ديون الجماعة، كما لا يسوغ حجز وتفويت بقعة ذات صك عقاري في اسم البلدية مقامة عليها حديقة عمومية من أجل أداء ديون الجماعة المالكة.
الفقرة الثانية : المتدخلون في علمية التنفيذ وتحديد الجهة المنفذ ضدها :
1- رئيس المجلس الجماعي: 
حينما يصدر الحكم في مواجهة الجماعة ويصير نهائيا وقابلا للتنفيذ فإن رئيس المجلس الجماعي هو الذي يكون مقصودا في عملية التنفيذ بصفته هو السلطة التنفيذية للجماعة وفقا للمادة 45 من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي.
ورئيس المجلس الجماعي بصفته هذه وباعتباره آمرا بالصرف فإن مأموري الإجراءات التنفيذية والمفوضين القضائيين كلما توصلوا بملف تنفيذي ضد الجماعة الا ويقصدونه من اجل مطالبته بالتنفيذ. وقد حصل ذات ملف تنفيذي (4) أن توجه عون قضائي إلى مقر بلدية المنارة جيليز من اجل تنفيذ حكم قضائي صدر ضد الجماعة بأدائها مبالغ مالية محكوم عليها بها ، فلم يجد رئيس الجماعة الحضرية فاستقبله نيابة عنه الكاتب العام ، وأوضح له بأنه يتعين إدراج هذا الملف التنفيذي وبرمجته ضمن دورة البرمجة والتي تكون في شهر أكتوبر.
إلا أن العون القضائي لم يرقه هذا التوضيح فخرج ووجد ست سيارات بباب البلدية تحمل حرف الجيم، فسجل أرقامها وحرر بشأن ذلك محضر حجز تنفيذي.
وبعد مضي شهر وبالضبط بتاريخ 25/11/2002 عاد العون القضائي إلى مقر البلدية من اجل بيع السيارات المحجوزة فلم يجدها في مكانها، فحرر محضرا مؤرخا بنفس التاريخ بإخفاء منقولات محجوزة وأحاله على السيد وكيل الملك الذي تابع بلدية المنارة جيليز بجنحة تبديد محجوزات طبقا للفصل 524 من القانون الجنائي.
وبينما كانت الدعوى الجنحية جارية، تم إدراج الملف التنفيذي في دورة أكتوبر التي تعتبر دورة البرمجة، وتم أداء المبلغ المالي موضوع الملف التنفيذي للمحكوم له.
غير أن المحكمة الزجرية أصدرت في تاريخ لاحق في 7/12/2004 حكما يقضي بإدانة بلدية المنارة جيليز في شخص رئيسها من أجل جنحة تبديد محجوزات والحكم عليها بغرامة نافذة قدرها خمسمائة درهم (حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش في الملف رقم 719/16/2002).
إذن فالعون القضائي لم يسلك في هذه القضية المسلك الصحيح الذي يمكنه من تنفيذ الحكم القضائي، فهو قد قصد رئيس الجماعة الحضرية ويعتقد بأن هذا الأخير سوف يعطيه شيكا بالمبلغ المحكوم به فورا. ولما لم يحصل على هذا الشيك لجأ إلى مسطرة الحجز التنفيذي، غير أن هذه المسطرة بدورها لم تؤت أكلها، لأن الملف التنفيذي كان قد أخذ طريقه نحو برمجته في الميزانية التوقعية.
ورئيس المجلس الجماعي هو المؤهل لتوقيع الحوالات المؤداة بواسطتها مبالغ مالية لتنفيذ الأحكام القضائية.
2- القابض البلدي (الخازن الجماعي): 
إن الخازن الجماعي هو رقم مهم في معادلة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات المحلية، فهو الذي يؤشر على الحوالات التي ترد عليه من رئيس المجلس الجماعي، ولا يمكن أن تستخلص أية حوالة إذا لم تكن حاملة لتأشيرة القابض البلدي.
غير أن القابض البلدي وقبل أن يؤشر على الحوالات فإنه يكون ملزما بالتأكد من صحتها وذلك يندرج في نطاق مراقبته للنفقات العمومية وإذا كان الأمر يتعلق بحوالة تتعلق بتنفيذ حكم قضائي يطلب القابض النسخة التنفيذية (الحاملة للصيغة التنفيذية) لهذا الحكم وما يفيد صيرورته نهائيا.
وان ذلك يشكل في بعض الأحيان عرقلة في تنفيذ الأحكام إذ أن مطالبة القابض بتمكينه من النسخة التنفيذية لا يوجد لها أي سند في القانون.
غير أن الخازن الجماعي يستند في مطالبته لما ذكر إلى المرسوم عدد 330/66 الصادر بتاريخ 21/04/1967 بمثابة النظام العام للمحاسبة العمومية والتي تحدد المراحل المحاسبية التي يجب أن يمر منها كل أداء، وهذه المراحل تنقسم إلى قسمين: 
* قسم منها من اختصاص الآمر بالصرف.
* والقسم الآخر من اختصاص المحاسب العمومي.
أ- القسم المتعلق باختصاص الآمر بالصرف (الفصول من 31 إلى 39 من القانون المنظم للمحاسبة العمومية) ويشمل العمليات التالية: الالتزام – التصفية – الأمر بالأداء.
* فالالتزام (l'engagement) هو الرسم الذي تحدث بموجبه المؤسسة العمومية أو تثبت التزاما يترتب عنه تحمل، ولا يمكن التعهد به إلا من طرف الآمر بالصرف (الفصل 33 من المرسوم المنظم للمحاسبة العمومية).
* التصفية (la liquidation) وتهدف إلى التأكد من حقيقة الدين وحصر مبلغ النفقة (الفصل 35 من المرسوم المنظم للمحاسبة العمومية) فالتأكد من حقيقة الدين يتمثل في الاطلاع على السندات التي تثبت الحقوق المكتسبة للدائنين وحصر مبلغ النفقة يتمثل في التأكد من الوجود الفعلي للمبلغ المراد إنفاقه. 
* الأمر بالأداء (L'ordonnancement) وهو العمل الإداري الذي يقوم به الآمر بالصرف بناء على نتائج عملية التصفية. ويتمثل في إصدار الأمر بالأداء الموجه للمحاسب المكلف بالأداء (الفصل 35 من المرسوم المنظم للمحاسبة العمومية).
وأن هذه العمليات الثلاث هي من اختصاص الآمر بالصرف (رئيس المجلس الجماعي).
ب- القسم المتعلق باختصاصات المحاسب: 
ويتعلق بآخر مرحلة من المراحل التي تمر منها عملية النفقات وهي مرحلة الأداء فأداء النفقة هو العمل الذي تبرئ به المؤسسة العمومية من ديونها ويتم تنفيذه من طرف المحاسب العمومي للمؤسسة أو للجماعة المحلية طبقا للفقرة 3 من الفصل 3 من المرسوم المنظم للمحاسبة العمومية.
وهكذا يتضح أن الأداءات التي يقوم بها القابض البلدي والمتعلقة بتنفيذ ميزانية الجماعة المحلية ليست كسائر النفقات العادية وإنما تنضبط بنصوص ومساطر آمرة ينص عليها المرسوم المنظم للمحاسبة العمومية ولا يمكن للقابض أن يقوم بأداء أية نفقة إلا إذا مرت من المراحل التي ينص عليها المرسوم المذكور تحت طائلة تحميله المسؤولية الشخصية عن أي خرق لتلك القواعد المحاسبية، ولعل هذا هو السبب في تشدده في المطالبة بالنسخة التنفيذية للحكم المراد تنفيذه.
القسم الثاني: بعض الاشكاليات التي تعيق عملية التنفيذ:                                                           لا شك أن المراحل التي تمر منها عملية تنفيذ الأحكام ضد الجماعة، تجعل التنفيذ الفعلي يعرف تأخرا وبطئا غالبا ما يفسر على أنه امتناع عن التنفيذ.
والحقيقة أن الجماعة الحضرية لمراكش لم يسبق لها أن امتنعت عن تنفيذ الأحكام القضائية إلا إذا كانت هذه الأحكام تعرف طعونا عادية أو غير عادية.
فمن البديهي أن الأحكام المطعون فيها بطريق من طرق الطعن العادية لا يمكن تنفيذها إلا إذا أصبحت نهائية.
كما أن الأحكام المطعون فيها بطريق من طرق الطعن الغير العادية وخاصة النقض فإنه لا يمكن تنفيذها إلا إذا وضع طالب التنفيذ كفالة بقيمة المبلغ المطلوب تنفيذه وفقا لأحكام ظهير 15 ماي 1944.
غير أن هذا لا يعني أن عمليات التنفيذ لا تعرف إشكالات وعوائق تؤدي إلى التأخر وإلى البطء في تنفيذ الأحكام، ويمكن إجمال أهم هذه الإشكالات والعوائق فيما يلي: 
1) الأحكام القضائية لا تبلغ للمصالح الجماعية إلا بعد انتهاء أشغال الدورة العادية لشهر أكتوبر (دورة البرمجة) الشيء الذي يتعذر معه برمجة المبالغ المحكوم بها ضمن الميزانية المالية للسنة المقبلة.
كما أن الأحكام القضائية النهائية المبلغة للمصالح الجماعية بعد دورة البرمجة لا تخصص لها إعتمادات لأجل التنفيذ إلا خلال دورة أكتوبر من السنة المقبلة.
2) المفوضون القضائيون أو مأمورو الإجراءات التنفيذية الذين يقومون بإيقاع الحجز على منقولات الملك العام التابعة للجماعة، كالشاحنات والسيارات المخصصة للمنفعة العمومية، يفوتون على المستفيدين فرصة برمجة المبلغ المطلوب تنفيذه في إحدى دورات البرمجة التي تنعقد خلال شهر أكتوبر من كل سنة.
3) امتناع بعض المتقاضين عن تسليم النسخ التنفيذية (نسخ الأحكام التي تكون مذيلة بالصيغة التنفيذية) يشكل عائقا طالما أن القابض البلدي يطلب هذه النسخة التنفيذية كلما أحيل عليه الأمر بالأداء لأجل وضع التأشيرة عليه، وذلك على الرغم من برمجة الاعتمادات الكافية لتنفيذ هذا الحكم.
غير أن هذه العوائق لئن كانت تؤدي إلى تأخر في التنفيذ فإنه غالبا ما يمكن تجاوزها، بل أن أغلب الأحكام القضائية نفذت عن طريق الصلح إذ تصالح المستفيدون مع الجماعة وتوصلوا إلى التنفيذ الودي بدل التنفيذ الجبري الذي لم يعد يجدي المتقاضي في الوصول إلى تنفيذ الحكم القضائي ضد الجماعة الحضرية.
على أنه لا بد من الإشارة في النهاية إلى أن هذه العوائق رغم وجودها فإنها لا تحول مطلقا دون وصول الحقوق إلى أصحابها، فهي ليست عوائق تشكل صعوبات قانونية أو واقعية تعدم مسطرة التنفيذ وتوقفها بالمرة وإنما عوائق تؤدي إلى التأخر في التنفيذ ليس إلا وهو شيء طبيعي بالنظر إلى الرقابة المالية الصارمة المفروضة على الأموال العمومية، وبالنظر كذلك إلى تعدد هذه الرقابة، وبالنظر أيضا إلى طرق صرف ميزانية الجماعة.

تعليقات