القائمة الرئيسية

الصفحات



دور التحكيم الالكتروني فى الاستثمار ورقة تقديمية ذة بشرى العلوي





دور التحكيم الالكتروني فى الاستثمار ورقة تقديمية 


      
ذة   بشرى العلوي





مقدمة
التطور التكنولوجى و شبكة الانترنيت
تاريخ الانترنيت 
فوائد الانترنيت
الخدمات التى تقدمها شبكة الانترنيت 
أولا. ماهية التحكيم الالكترونى  ( التحكيم عن بعد) 
        تعريف التحكيم الالكترونى و أهميته
        مزايا التحكيم الالكترونى
 ثانيا . التطبيقات العملية لتسوية النزاع عبر شبكة الانترنيت 
         اتفاق التحكيم
        محل التحكيم       
         عرض النزاع  
        بدء اجراءات  التحكيم الالكترونى
         تسوية النزاع و انهاؤه      
         رسوم التحكيم عن طريق الانترنيت
ثالثا . دور العقد الالكتروني فى تشجيع الاستثمار 
           ما هية العقد الالكتروني
            مميزات العقد الالكتروني فى التجارة الالكترونية
           مكان العقد    
          التوقيع الالكتروني
           أشكال التوقيع الالكتروني و صوره
           حجية التوقيع الالكتروني
رابعا . بعض إشكالات التحكيم الالكتروني و الحماية الجنائية لمواقع الانترنيت
           الإشكالات
            الأهلية
            السرية لعملية التحكيم عبر الانترنيت
            * دور الحماية الجنائية لمواقع الانترنيت في الاستثمار 
                   -  موقف المجلس الأوروبى
                   -  موقف الولايات المتحدة
                    - موقف فرنسا   
                    - موقف المشرع المغربي من خلال مشروع 53.05 المتعلق بالتبادل                                               الالكتروني للمعطيات                                                                   
             * مقترحات و توصيات

             الدار البيضاء فى أبريل 2007                                                                    
                                                                                           بشرى العلوي



   مقدمة
                    التطور التكنولوجي و شبكة الانترنيت

إن عالم اليوم يعيش ثورة معلوماتية  أدت إلى تدفق التنمية الاقتصادية بصورة لم يعرفها التاريخ من قبل , نتيجة لاختراعات حديثة , و كانت الطفرة الكبيرة التي اخترعتها البشرية هي ابتكار الكومبيوتر الدى لعب دورا بالغا فى العالم المعاصر , و لعل أبرز ظواهر الثورة المعلوماتية هي ظهور شبكة الانترنيت, التي تقوم على استخدام الحواسب الآلية المرتبطة ببعضها  عالميا مما يؤدى إلى  تحقيق وسائل تبادل المعلومات عن طريق الربط بملايين مصادر المعلومات ليتمكن الإنسان من التجول من مكانه حول العالم كله ليطلع على أحدث التطورات العلمية و الأخبار العالمية و مطالعة الكتب و المجلات الالكترونية بصفة محكمة و دون تكاليف1

تاريخ الانترنيت
الانترنيت كلمة انجليزية الأصل تتكون من كلمتي  (net . inter) يقصد بالأولى البينية أو الاتصال و يقصد بالثانية الشبكة أو المحصلة و هي الشبكة المتصلة ,و الانترنيت عبارة عن شبكة عالمية  ترتبط بعدة ألاف من الشبكات  و ملايين أجهزة الحاسوب المختلفة الأنواع و الأحجام فى العالم , و صمم النموذج الأول للانترنيت على أساس الثقة العالمية , اذ بدأت أصلا شبكة لامركزية تسمى أربانيت (arpanet  ) أنشأتها وزارة الدفاع الامريكية سنة  1969 لضمان استمرارية الاتصالات فى حالة حدوث هجوم نووى , و قد انتشرت هذه الشبكة بسرعة متزايدة و غطت معظم الجامعات الامريكية سنة 1972 و ضمت 50 جامعة لبعضها عن طريق نظام  اربنيت , و فى نهاية السبعينات بدأت شبكة تسمى unex  في الظهور و فى الثمانينات ظهرت شبكة تسمى Bit net  و أخيرا ظهرت شبكة computer science Network  و ظهرت شركات اخرى بعدها ربطت كلها بشبكة الانترنيت و هي الشبكة الأم .
و الكومبيوتر و الانترنيت لم يعودا نوع من أنواع الترف,  بل أصبح نافدة سحرية لادخار المعرفة العلمية و الكونية التي تتعاظم قيمتها مع نمو مساحتها و تعاظم مستخدميها و قد وصل خلال سنة واحدة إلى 300 مليون مستخدم للشبكة , و هو رقم لم يكن يتصوره احد من مؤسسي الشبكة , و لقد حطمت رقما قياسيا في سرعة الانتشار,  فمثلا  آحتاج جهاز الراديو إلى 38 سنة و أصبح 50 مليون مشارك بينما خدمة التلفزيون احتاجت  إلى 13 سنة و احتاج الحاسوب الشخصي إلى 16 سنة , في حين أن شبكة الانترنيت احتاجت الى 4 سنوات منذ بدايتها التجريبية حتى تخطت هذا الحاجز و إلى سنة  1996كان عدد المشاركين 40 مليون مشارك و تزايد سنة 1997  إلى  أكثر من 100 مليون و إلى أكثر من 230 مليون في سنة 1999 و إلى مليار مشارك ما بين 2003 و 2005 و هو يتضاعف كل 100 يوم , و هي نسبة مهولة  لها انعكاساتها الايجابية على مستخدمي الانترنيت من حيث حجم العمليات المتوفرة و القابلة للنقل و الترويج .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1مهد إبراهيم أبو الهيجاء  التعاقد بالبيع بواسطة الانترنيت مكتبة دار التفافة للنشر و التوزيع ـ عمان ـ الأردن 2002 ص 46

.
فوائد الانترنيت
إن فضاء الانترنيت اليوم كائن حيث نكون  ,و إن لم نكن مرتبطين بالانترنيت فلا مكان لنا و إن كنا مرتبطين به فاين نحن ؟ .
 ذلك هو عصر المعلوميات  لما يتصف به من سرعة و اتساع في نقل و تبادل المعلومات من خلال الحواسب الآلية المرتبطة بعضها عالميا و المعروفة بشبكة الانترنيت, و قد حل الحاسوب لحد الآن محل عدد كبير من مديري الأبناك و الموظفين ,  اذ يمكن حجز تذاكر السفر بالطائرة عن طريق الانترنيت و ترجمة النص لجميع اللغات و إجراء حسابات مكثفة و دقيقة و بالسرعة الفائقة . كما يمكن إجراء عمليات جراحية بين المستشفيات  عن طريق استخدام  الجهاز الآلي , و أصبحت خلال هذه الثورة الوظائف المتوفرة تتطلب مهارة  تقنيةعالية  ,فالطباخ مثلا يجب أن يكون على علم بكل  الآلات الالكترونية المستعملة للطبخ و عليه قراءة الكتب المتعلقة بالجديد في عالم الطبخ و مراعاة الجانب الطبي في طهي الطعام , و البواب كذلك يتطلب منه استخدام الآلات الالكترونية لفتح الأبواب عن طريق كودات و أرقام من اجل الأمن للسكان , كل هدا يتطلب قدرة على القراءة و التعليم و تشغيل المعدات الالكترونية و صيانتها .
و يعتبر هدا العلم بحر لا شاطئ له , و أصبح العالم تائها بين أمواجه إلا انه من طرق بابا يجد من يجيب عنه , و قد أصبح العلم أسهل مما كان عليه لما أتاحته التكنولوجيا من إرشاد الباحث و توجيهه عن طريق الشبكة , و ما تضمنه من علم و فن  و اقتصاد و طب و تاريخ و ثقافة و أخبار قصد البحث و التوصل إلى مكوناتها و الاستفادة منها بكافة المجالات فى وقت  تعد فيه هده الشبكة من أهم الوسائل المعلوماتية التي أحدثت تطورا هائلا في هدا العصر نتيجة لاختزالها للوقت و تقريب المسافات بين المتعاملين بها حتى غدا العالم و كأنه قرية صغيرة و أصبح الاتصال سهلا و ميسورا عن طريق هذه الشبكة الالكترونية.
الخدمات التى تقدمها شبكة الانترنيت
1ـ خدمة البريد الالكتروني     mail  Electronic*   
و هي خدمة إرسال و استقبال البريد من خلال نظام الكتروني  لا يستغرق دقيقة واحدة بغض النظر عن المسافة بين المرسل والمرسل إليه , و بغض النظر عن مقابل الخدمة التي لها أهمية كبرى  بدلا من البريد العادي, علما أن الرسالة تصل إلى المرسل إليه ولو كان جهازه مغلقا , و يمكنه الإرسال من اى جهاز و من اى مكان وجد فيه المرسل و يستقبل المرسل إليه من اى حاسوب و في اى مكان وجد .
2ـ البحث عن المعلومات بواسطة الشبكة  search Method      
لقد وفرت الشبكة الالكترونية  آلية بحث ميسرة للراغبين على مفتاح البحث  عن طريق عرض البحث للمعلومة بصفة مكبرة أو موسعة , وليختار الباحث  ما يناسبه ليقوم بعملية فتح الملف الموجود به المعلومة المطلوبة 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  *مهد ابراهيم ابو الهيجاء    التعاقد باليع بواسطة الانترنيت مكتبة دار التقافة للنشر و التوزيع عمان 2002 ص 46
و قد استخدمت كثير من الجامعات و المعاهد هذه الطريقة بواسطة إنزال صفحة لها على الانترنيت تتضمن معلومات عن الجامعة و شروط التسجيل بها  و على الراغبين فيها الدخول و الضغط على  مفتاح البحث ليجد نفسه في حوار مع الجامعة بما يطلبه أو البحث عن نقطة يرغب في التعرف عليها .
3ـ الأخبار News groups            
يمكن من خلال مجموعة من الدول مناقشة موضوع اخباري أو علمي أو طبي أو اقتصادي بالتسجيل تحت عنوان  News groups    بالإضافة إلى برامج أخرى مساعدة لجلب الأخبار  .
4ـ الثرثرة  أو  الدردشة chatting      
و هذا البرنامج  يمكن من خلاله الحديث عن طريق الكتابة و الإجابة عليها من طرف شخصين أو أكثر يتواجد كل منهما في  قارة معينة,  كما يمكن أن تكون هذه الدردشة أو الحديث بالصوت  و الصورة  , وهى خدمة فعالة تقدمها الشبكة  و بغض النظر عن سعر الاستخدام خاصة اذا كان المشترك له علاقات تجارية في معظم البلدان و في دول العالم يدفعه للاتصال كثيرا بالزبناء و التفاوض معهم  فكم من أموال توفره له هذه الشبكة.
5ـ خدمة البيع بواسطة الانترنيت          Elecronic Commerce
إن شبكة الانترنيت توفر خدمات هائلة في عالم التجارة  و يمكن للباحث أن يطلع و بصفة مجانية و بقليل من الوقت على كل ما استجدت به الساحة الاقتصادية  عن طريق الاتصال بالموقع المطلوب منه المعلومة.
 و في مجال التعاقد بالبيع لعب الانترنيت دورا واسعا , الآن تبرم الآلاف من عقود البيع يوميا بواسطتها , و المتجولون عبر صفحات الانترنيت و الراغبين في الشراء أو البيع ما عليهم إلا التوجه إلى مواقع البيع ليجدوا المنتجات المختلفة إلى جانب أثمانها باختيار المبيع , و انصراف الإرادة للشراء تبتدئ عملية التعاقد لإبرام العقد و دلك بتعبئة استمارة عقد البيع  المتضمنة للاسم و العنوان و رقم بطاقة الائتمان ليبرم العقد مباشرة بالتوقيع عليه  توقيعا الكترونيا .
و عند ملأ  الاستمارة ينصح بالتوجه إلى منطقة آمنة ( موقع آخر ) ليتسنى استخدام بطاقة الائتمان بآمان أكبر .
6ـ فض النزاعات dispute settlement          
و من المنتظر أن تنجم خلافات عن إبرام العقود الالكترونية, فالمشترى قد يفاجئ باختلاف عما تعاقد عنه و ما تسلمه من الشيء المبيع ,  مما يجعل القضاء أمام صعوبات كبيرة  على الأخص اذا كان المشترى لا يقيم بنفس بلد للبائع, و بدلك فان العقود تنص على اختصاص  محكمة البائع . 
 و مع تزايد هده الخلافات بشأن العقود الالكترونية أصبح التعاقد مع مراكز التحكيم,  و آنتشرت فكرة التحكيم عن بعد و كذلك المراكز و هي ما تعرف بمراكز التحكيم عبر الانترنيت  Arbitration on line   
إن هذه المعطيات كلها حركت المثقف المعاصر لطرح الأسئلة الخاصة و التصورات و هو أمام صرح جديد من مفهوم الثقافة الالكترونية و آلياتها و طرائفها, و من تم طرحت على السطح مصطلحات مثل النشر الالكتروني ’ ثورة المعلومات ’ القضاء الافتراضي ’  الخ... و انطلقت الأقلام تعزف ألحانها المتناغمة حينا و المتناثرة أحيانا  أخرى, و من بين ما طرح هو التحكيم عن بعد أو التحكيم عن طريق الانترنيت.
و لماذا لا يكون التحكيم  الدى هو وسيلة بديلة لحل النزاعات,  بطريقة عصرية و حديثة لم نألفها من قبل محاولين إزالة ما يعتريه من غموض ضاعف بدوره مسؤولية رجال القانون الدى يقع على عاتقهم مسايرة هدا التطور المذهل فى قدرة الاتصالات بما يتفق معها من القواعد القانونية الملائمة  و كذا التطور التقني في مجال التحكيم عن بعد لما يعتريه من عقبات فرضتها طبيعة الانترنيت والمثمتلة فى الاختراق من الخارج لعملية التحكيم من ناحية القواعد التشريعية العاجزة عن توفير غطاء تشريعي يمنح الثقة و الآمان للمحتكمين و المتمثل في الاعتراف باتفاق التحكيم من جهة  و حكم التحكيم الصادر عن بعد من جهة ثانية .
و عليه سأتطرق فى هذا الموضوع الى أربع نقط . الاولى تتعلق بتعريف التحكيم الإ لكترونى و ماهيته و مزاياه و الثانية تتعلق بالتطبيقات العملية لتسوية النزاعات عبر شبكة الانترنيت و النقطة الثالثة  تتعلق بدور العقد الا لكترونى فى مرونة الاستثمار و النقطة الأخيرة تتصل ببعض اشكالات التحكيم الا لكترونى  و الحماية الجنائية لموقع الانترنيت عن طريق عرض موقف  المجلس الاوروبى  (  اتفاقية بوداست ) ثم موقف الولايات المتحدة الأمريكية  و موقف المشرع المغربي انطلاقا من مشروع قانون 05.53 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية و في الأخير عرض المقترحات و بعض التوصيات .


  
                              اولا  ماهية التحكيم الالكتروني
                                  نظم التحكيم عن بعد

إن ما تسعى إليه الدول  النامية في تحقيق التنمية ليس لها في ذلك مناص من الاستعانة بالمستثمرين الأجانب و الشركات المتعددة الجنسية, هؤلاء لا يخاطرون بأموالهم إلا اذا ضمنوا في عقودهم مع دول العالم الثالث شروط التحكيم ,و غالبا ما تكون هذه العقود سرية مثل عقود نقل التقنية و تراخيص استغلال براءات الاختراع أو ما تضمن من كشف الأسرار الصناعية و معرفة الكيف  know- how      التي تحتاج قدرا من السرية يوفرها التحكيم و لا يوفرها القضاء العادي القائم على ركن العلنية * , فما بالك ما توصل اليه العلم و ما يخوضه من ثورة معلوماتية تسوقه إلى نظام إلكتروني يفتح المجال لتحكيم إلكتروني.
إلا أن هذا الفضاء لابد أن يسبقه استعداد نفسي لدى الفاعلين في مجال القانون من قضاء و فقه و دفاع و كل مساعدي القضاء و المتعاملين معه , من أجل تغيير نظرتهم و مفاهيمهم لبعض المؤسسات القانونية الراسخة في الأذهان , كالكتابة و التوقيع على دعامات ورقية.

 و هذا التفسير لن يعطى أكله إلا اذا حصل عمل موازي للتقنيين للوصول إلى الوسائل الحديثة و الحصول على درجة كبيرة  من الأمن الفني لخلق الثقة لكافة المتعاملين,  و تكاثف  جهد القانونيين  عن طريق الدراسات و خلق ندوات للتحسيس بضرورة الانفتاح على المستجدات و طرق باب عالم التكنولوجيا  و إيجاد قواعد قانونية للتعاقد و للإثبات لتفعيل ذلك في المحيط الاقتصادي , خاصة و أن المغرب دخل عهدا جديدا و هو مستعد لتخطي الحدود الاقتصادية و القانونية مما يجعله مجبرا على عولمة النصوص القانونية للوقوف على حجية المستندات الالكترونية المستخرجة من الوسائل الحديثة و مقارنتها بالوثائق التقليدية و على رأسها الحجة الكتابية علما أن عاهل البلاد يطالب بقضاء عصري منفتح و متطور في آلياته و مفاهيمه و رجاله .  
  


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتورا لسيد المراكبى ـ التحكيم فى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية و تأثيره على سيادة الدولة ـ دار النهضة العربية 32عبد الخالق ثروة ـ القاهرة  ص 52 




                   تعريف التحكيم الالكتروني و أهميته
يعرف التحكيم الالكتروني بأنه وسيلة يتم بها تسوية مسألة محل نزاع, و يعهد بهذه المسألة لشخص أو أكثر يسمى المحكم أو المحكمين, شريطة اتصافهم بالحياد, و يقوم هؤلاء بتسوية النزاع وفق الاتفاق المبرم بينهم و بين المحتكمين, و يكون الحكم نهائيا و ملزما للأطراف , علما أن التجارة الإلكترونية تقوم على السرعة فى إبرام العقود و تنفيذها, و هذا لا يمكن أن يتماشى مع بطء و تعقيد إجراءات القضاء العادي إذ لا يلزم التحكيم الإلكتروني الحضور المادي للأطراف أو انتقالهم أمام المحكمين  إذ يمكن سماع الطرفين عبر الانترنيت  بالصوت و حتى بالصورة , إضافة إلى سرعة إصدار الأحكام نتيجة سهولة الإجراءات إذ تقدم المستندات و الأوراق و الحجج عبر البريد الالكتروني  كما يمكن الاتصال المباشر بالخبراء أو تبادل الحديث معهم عبر الانترنيت و بذلك انتشرت محاكم و هيئات التحكيم الإلكتروني.
و يمكن تعريف التحكيم الإلكتروني: (هو الذى تمارس إجراءاته عبر شبكة الانترنيت و هو يكتسي صفة  إلكترونية من الطريقة التي يتم بها ,حيث تتم بطريقة سمعية بصرية عبر شبكة دولية مفتوحة الاتصال عن بعد دون حاجة إلى التقاء أطراف النزاع و المحكمين في مجلس واحد .)
و قد خلق التطور العلمي في حقل فض النزاعات المتصلة بتقنية المعلومات و الانترنيت ما يسمى بالتسويات الإلكترونية و المحاكم الإلكترونية, و هناك توجه إلى اعتماد أنظمة كومبيوتر ذكية تعتمد على قواعد و بيانات شاملة تتيح تلقى عناصر  النزاع وفق القانون المعنى و تقديم الحل لها و بالرغم من ممارسة أكثر من 40 جهة في العالم مثل هدا النشاط إلا أن ما ساهم في تحقيقه توفر البناء الشامل لتشريعات تقنية المعلومات .
و إن المجتمع القانوني من تشريع و قضاء و محامون و جهات تنفيذ القانون و حقوقيين و محكمين و خبراء هم بأمس الحاجة إلى الوقوف على المستجدات فى حقل المعلوميات و علم الانترنيت .
و كل ما زاد حجم التجارة عن طريق الانترنيت, كل ما زادت الخلافات التي تتماشى و طبيعة و سرعة التجارة الالكترونية .
و يذهب أنصار القانون الإلكتروني* إلى القول بأن تسوية منازعات التجارة الإلكترونية يجب أن تتم بعيدا عن المحاكم الوطنية بواسطة قضاء متخصص, قضاته من رجال التجارة الالكترونية و ذووا خبرة بفروعها المختلفة.
و لكن أفضل  وسيلة لتسوية  المنازعات الإلكترونية هي التحكيم على أساس أن هذه الوسيلة متاحة  بين مستخدمي  الانترنيت إضافة إلى سرعتها وملائمتها  للتطورات التي يطرحها تطبيق معايير تحديد المحكمة المختصة للنظر في النزاع من بين محاكم الدول التي تتنازع  حول الاختصاص عند محاولة إعمالها على العمليات الإلكترونية التي تتم عبر شبكة الانترنيت من حيث كونها ضوابط مادية  ترتكز على روابط مكانية أو جغرافية لا تستجيب لطبيعة المعاملات التي تجرى من خلال الشبكات الإلكترونية التي تقوم على معطيات افتراضية أو غير مادية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   *       الابحات القانونية salah @ eastlaw . com  seach  internet  
     *       مهد ابراهيم ابو الهيجاء  التحكيم, المكتبة القانونية 470 دار النشر و التوزيع عمان, ص 35 ـ  لسنة 2002

فكانت الإنطلاقة ببدء عدة مراكز للتحكيم بإعداد مشاريع لحل النزاعات الناتجة عن التجارة الإلكترونية لمايتيحه الانترنيت من تغطية واسعة على نطاق العالم و لسرعة و سهولة رفع النزاع و تبادل البيانات عن طريق الانترنيت , و قامت هده المراكز بوضع أسس و قواعد تنظيم إجراءات التحكيم من إبداء الرغبة في عرض النزاع للتحكيم وإجراءاته إلى حين إصدار حكم التحكيم .
و أول هده المشروعات أنشأتها شركة*  Cyber settle  سنة 1996 لتضع حجر الأساس في حل النزاعات عن طريق الانترنيت قصد التخلي عن الإجراءات الروتينية. فعرضت مشروعها على الموقع  www. Cybersettle  و ضمنته ما يهم المتنازعين من إجراءات رفع النزاع,  و كيفية فضه و بعد ذلك  تأسست عدة مواقع لمراكز تحكيم عن طريق الانترنيت ليصل العدد 20 مركزا ,  و من هذه المراكز, مركز التحكيم التابع للمنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية
 و هذه المراكز لم تقف عند هدا الحد بل لجئت إلى ما يعرف بالتحكيم  المعجل,       
                       Expedited Arbitration  
هدا النوع  يعتبر آلية أسرع للبت في النزاع نظرا لما قد يطرأ على النازلة من خسارة مادية في حالة تأخرها و خصوصا فى مجال التجارة الإلكترونية و ما يستدعي من ضرورة السرعة والكفاءة في العمل  وقد ظهر هدا النوع سنة 1998.

 و مسطرته تبدأ  بأن ينقر طالب التحكيم على التحكيم المعجل ثم على مفتاح  creat acase   و ملئه للطلب و إرساله للمركز الدى بدوره يرسله بواسطة البريد الإلكتروني  لإعلامه أنه تم استلام الطلب و مقدار رسوم التسجيل و آلية الدفع و يعمل هدا الأخير على إخطار المحتكم ضده بالدعوى وأنه تم إعداد صفحة للنزاع على موقع المركزو تزويده بإسم المرور  pass word    ليتمكن من الدخول لموقع المركز و تقديم الجواب ليعمل المركز بعد ذلك على إخطار الهيئة و تزويدها بالصفحة أعلاه و إسم المرور ليتسنى لها الإتصال بالأطراف و يحق للطرفين معا الدخول للصفحة بنقرهما على مفتاح Appending case  و كلمة المرور ليشاهد الوثائق و البيانات المدلى بها من طرف الخصم و التعليق عليها عن طريق الإميل Email    و تخزن هذه البيانات على شكلين 
الأول :Dockel  وهى البيانات والوثائق التي يمكن أن يطلع عليها فريقا النزاع و الهيئة و المركز 
و الثاني : correspondence   و هي التي يطلع عليها المرسل إليه فقط.
و تتجلى أهداف التحكيم الالكتروني فى تقديم الخدمات الإستشارية في المعاملات الإلكترونية مثل الاستجابة لطلب تكملة عقد معين به بعض أوجه النقص أو لمراجعة أحكام عقد في ظل ظروف نشأت بعد إبرامه, ثم تقديم الخبرة الاستشارية في التنظيم و التقنية المعلوماتية  و الهدف من ذلك هو تقسيم خدمات التحكيم عن طريق محكمين خارجين عبر وسائط الإتصالات الإلكترونية لتسوية النزاعات الناشئة عن علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي .
_________________
*مجلة التحكيم العربية العدد 7 يوليوز 2004 تصدر عن الاتحاد العربى للتحكيم الدولى

                                     مزايا التحكيم الإلكترونى

 إن انتشار شبكة الإيصال الإلكتروني دفع بإنجاز الصفقات و العقود على الشكل الإلكتروني المؤدي إلى حسمها في حالة النزاع بنفس الوسيلة.  و من مزاياه  أن الإجراءات تتم على الخط مباشرة دون حاجة لتواجد الأطراف في مكان واحد و قد جرى البحث حول إمكانية آستخدام هده الشبكات في إجراءات التقاضي أمام المحاكم , و من أمثلة دلك قيام الاتحاد الاوروبى بتوجيه دول الأعضاء بأن لا تضع  في تشريعاتها الداخلية عقبات قانونية تحول دون استخدام آلية لتسوية النزاعات بعيدا عن القضاء  و هو ما نصت عليه  المادة 1 من التوجيهية الاوروبية رقم 31/200 على أن تسمح دول الأعضاء  لموردي خدمات المعلومات و المتعاملين معهم بتسوية منازعاتهم بعيدا عن أروقة المحاكم  و باستخدام الوسائل  التكنولوجية  المعروفة فى العالم الإلكتروني .لفض النزاعات  و كذلك أصدرت عدة توصيات بشأن المبادئ  الواجب مراعاتها من جانب الأعضاء عند تسوية نزاعاتهم عبر الانترنيت  و دلك قصد توفير أكبر حماية للمستهلك الأوروبى في معاملاته عبر الانترنيت  و توصى بضرورة إعلام المستهلكين بوجود لجنة لتسوية المنازعات عبر شبكة الانترنيت .
و كما وجد مشروع أمريكي يسمى مشروع القاضي الافتراضي  projet virtual magistrate  و قد تم في مارس 1996, و هدف هذا المشروع هو إعطاء حلول سريعة للمنازعات المتعلقة بالانترنيت  عن طريق وسيط يتمثل في قاضى محايد يكون خبيرا فى التحكيم  و القوانين التي تحكم أنشطة الانترنيت أو قانون الفضاء الإلكتروني , و يقوم المستخدم بإرسال شكواه إلى الهيأة  التي تختار القاضي للفصل, لكن قرار هذا الأخير يكون مجردا من القيمة القانونية  إلا اذا قبله الأطراف و تتم هده الخدمة بصفة مجانية  و بدون مقابل. 
كما تشكلت كذلك محكمة الفضاء الإلكتروني كتلك الموجودة في كندا بمركز بحوث القانون العام بكلية الحقوق بجامعة مونتريال منذ سبتمبر 1996  و تهدف هده المحكمة الى إيجاد حلول للمشكلات التي تثور في مجتمع الفضاء الإلكتروني  بالإضافة  إلى توحيد القواعد القانونية  المطبقة على المعاملات الموجودة على شبكة الانترنيت .
و تعتبر هذه الهيئة الأولى من نوعها سواء في فرنسا او إنجلترا, التي تفصل فى القضايا بين مستخدمي الانترنيت بطريقة أسرع من القاضي الإفتراضي.

و تتميز هذه المحكمة بتقديم خدماتها باللغتين الفرنسية و الانجليزية و بكون اختصاصاتها أكثر اتساعا بالمقارنة مع القاضي الإفتراضي حيث تشمل 5  مجالات : التجارة الإلكترونية المنافسة حقوق المؤلف ’ حرية التعبير ’الحياة الخاصة,  إلا أنها لا تفصل فى المسائل ذات الصلة بالقانون الجديد للتكنولوجية  و تفصل هده المحكمة عن طريق الوساطة او التحكيم و هده الخدمة مجانية  كما تضمن سرية المعلومات الخاصة عن طريق التشفير . و هناك عدة مؤسسات تحكيمية  تتولى فض المنازعات الإلكترونيةon line   ومنه 12 مؤسسة أمريكية .
و يمكن تلخيص مزايا التحكيم الإلكتروني في عنصر السرعة و الدقة و قلة التكلفة اذ يتماشى ذلك مع طبيعة التجارة الإلكترونية التي تقوم على السرعة في إبرام العقد  و لا تتطلب الحضور المادي للأطراف أمام المحكمين اذ يمكن الإتصال عن الطريق السمعي أو البصري أو هما معا  و إرسال المستندات عبر البريد الإلكتروني و الإتصال المباشر بالخبراء و تبادل الحديث معهم عن طريق الانترنيت بالنظر إلى عدم تكلفة التحكيم من حيث عدم الحاجة إلى الإنتقال المادي سواء من المتخاصمين أو المحكمين .

      ثانيا: التطبيقات العملية لتسوية النزاع عبر شبكة الانترنيت

أسئلة عديدة قد تثار حول استخدام الإنترنيت  في تسوية النزاعات  عن طريق التحكيم الإلكتروني, كيف يعرض النزاعة؟ , المسطرة القانونية المتبعة او التي يمكن إتباعها و الإجراءات  المسطرية  و الخبرة و سماع الشهود؟ ثم التسوية و إنهاؤها  و أداء الرسوم؟ 

يتم اختيار هيئة التحكيم كما في التحكيم العادي اذ للأطراف الحق في اختيار محكمين.
في معظم العقود يتفق الأطراف على التحكيم ضمن بنود  العقد  و قد يكلف طرفا النزاع طرفا ثالث  أو محكمة تحكيمل تتولى اختيار المحكمين , و قد نصت التشريعات على أن يكون  المحكم واحدا و إن تعددوا أن يكون عددهم وترا  و يتم التحكيم الإلكتروني عبر نفس الإجراءات التي يتم بها التحكيم العادي  و يضاف إليها باتفاق الأطراف قواعد إضافية خاصة بالتحكيم الإلكتروني لعل أبرزها كيفية التواصل بين المتخاصمين و المحكمين عن بعد أو عبر شبكة الانترنيت و كيفية تقديم المستندات الإلكترونية و أهمية الحفاظ على سرية المعلومات التجارية و الصناعية التي تهم الأطراف موضوع النزاع  على انه  يجوز للأطراف تحديد إجراءات التحكيم الإلكتروني ضمن اتفاق التحكيم.  

  يتولىاتفاق التحكيم تحديد العناصر الجوهرية للإتفاق مثل محل العقد من حيث مشروعيته و من حيث الالتزامات المتعلقة  به من تسليم و ضمان و المقابل و كيفية الوفاء و نوع العمل و  و جودته و الحقوق  و الإلتزامات و الضمانات و المستندات التي تكون جزئ من العقد مثل الرسائل الإلكترونية و المطبوعات المتبادلة بين الأطراف التي أفضت إلى التعاقد و كذا فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق على المعاملات الإلكترونية محل التحكيم .
يقوم أطراف العقد  من خلال الشبكة  و من خلال الوسائل الإلكترونية  باختيار القانون الواجب التطبيق  و في حالة عدم  تبيان القانون الواجب التطبيق في العقد و لتحديد ما اذا كان التحكيم الإلكتروني دوليا أو وطنيا يؤخذ بمعيار القانون الواجب التطبيق.
وهكذا فإن التحكيم الداخلي هو الذى يخضع فى إجراءاته للقانون الوطني أما التحكيم الدولي فيخضع فى إجراءاته لقانون أجنبي أو لنصوص اتفاقية دولية .



عرض النزاع

لقد ذهبت مراكز التحكيم عن بعد إلى تنظيم سير العمليات بما يوافق طبيعة عمل شبكة الانترنيت و ما تتطلبه العملية من إجراءات يجب مراعاتها, و قد خلصت مراكز التحكيم الى سلسلة من الإجراءات تبتدئ بإحالة القضية   إلى حين فض النزاع فيها  فيجد الشخص نفسه أمام هده السلسلة من الإجراءات و عليه:
*التوجه إلى موقع مركز التحكيم و النقر على مفتاح إحالة النزاع creat a case     و يظهر نموذج طلب التحكيم و هو مطبوع معد من طرف المركز 
* يملأ المطبوع من جميع المعلومات  من الاسم و العنوان .... الخ 
* يكتب موجز عن موضوع النزاع و يبدى بعض الحلول التي يراها مناسبة 
* ذكر اسم ممثله ووسيلة الاتصال به  ( هاتف , فاكس , بريد الكتروني )
* تحديد عدد المحكمين
* اختيار الإجراءات المتبعة 
* إعداد قائمة للأدلة و البيانات المعتمد عليها فى الإدعاء و إرفاقها مع الطلب 
* إرسال طلب التحكيم بعد ذلك إلى المركز و المحتكم ضده إن رغب في ذلك أو يترك للمركز إخطاره 
* أداء الرسوم الإدارية 
و بعد توصل المحتكم ضده  بطلب الحكم يمنح له أجل 20 يوما لإرسال الجواب للمركز و يجب أن يتضمن  الجواب النقط التالية :
* اعتراضاته عن ما ادعاه الطرف الآخر و تقديم دفوعاته.
* إعداد قائمة بالبيانات المؤيدة لدفوعاته و إرفاق جوابه بالوثائق 
 وعند استلام المركز للجواب  إذا تبين له نقصا فى الجواب أمهله يومين لإكمال النقص 
كما منحت مراكز التحكيم لفريقي النزاع  إمكانية طلب تنحية المحكم الدى اختاره الفريق الآخر  فى حالة وجود شكوك فى نزاهته و دلك بإخطار المركز مدة معينة  حددتها بعض المراكز فى 10 أيام من يوم ظهور السبب و يقرر المركز تنحية المحكم  كما ان للمحكم ضده حق طلب اجراء مقاصة بينه و بين المحكم ضده 
يعين المركز موعد المحاكمة و تاريخ صدور  قرار الهيئة خلال 30 يوما من تاريخ استلامه الجواب  و تكون جلسات المحاكمة سرية و سريعة و لا تتجاوز 3 أيام فى حالة سماع الشهود او طلب خبرة فنية 
بدء إجراءات التحكيم الالكتروني 
تبدأ إجراءات المحاكمة  أمام هيئة التحكيم فى اليوم المعلن عنه و الذي أخبر به الطرفين المتنازعين و كذا ممثليهم ليمثلهم أثناء جلسات الحكم .
البينة الخطية : سمح المركز للأطراف أن يقدموا البيانات سواء فى الإدعاء او الجواب  شريطة أن تكون مؤشر عليها فى قائمة البيانات المرسلة اليها إلا أنه يجوز لها قبول بعض البيانات إذا تبين لها أهميتها فى النزاع .
البينة الشخصية : و قد اخدت  مراكز التحكيم بهذه البينة فى التحكيم عن بعد كبينة شخصية في  الإثبات  تاركة للأطراف صلاحية الإستعانة بالشهود فى إثبات واقعة  تؤيد الإدعاء مع السماح بسماع الشاهد و الإتصال به  و تكون  نفقات سماع الشاهد على من طلبه و هو من تقع عليه مسؤولية الشاهد 
طلب الخبرة الفنية : سمحت مراكز التحكيم عن بعد لفريقي النزاع فى طلب إجراء الخبرة الفنية لإثبات وقائع تتعلق بموضوع النزاع كالبيع في الشيء المبيع  مثلا  و تحديد مقدار الضرر,  وعلى من يرغب في طلب الخبرة الفنية أن يطلب دلك من الهيئة و يؤخذ بهده الخبرة إن وافقت عليها الهيئة  و يقسم الخبير القسم القانوني و يمنح له 30 يوما لوضع تقرير الخبرة ليقوم الأطرف بمناقشته, كما أنه من حق الهيئة ان تطلب إجراء خبرة فنية , و يثور السؤال حول مصير الإجراءات التي اتخذت فى حالة وفاة أحد المحكين وقد نصت مراكز التحكيم بما يعرف استبدال المحكم 
تسوية النزاع  و إنهاؤه     settlement or other grouds  for  
termination       

نصت مراكز التحكيم عن بعد على حق طرفي النزاع في طلب إنهاء نظر النزاع إذا ما توصل الطرفان لتسوية ودية لحل النزاع شريطة ان يسبق طلبهم هذا قرار حكم التحكيم  و يصدر القرار كتابة و تكفي الأغلبية لصدوره.
و يذيل بتوقيع الرئيس و الأعضاء مع ذكر رأى العضو المخالف ان لم يكن الحكم بالإجماع , و يتضمن القرار  : تاريخ و مكان صدور الحكم ,  تسبيب القرار  ما لم يتفق الأطراف على عدم تسبيبه , وتقوم الهيئة بتزويد المركز بالقرار ليتم تسليمه للأطراف و يعد الحكم ملزما لهم بمجرد الإستلام ( المادتان 62 و 63 من مركز التحكيم و الوساطة  wipo   ), كما للهيئة حق تصحيح الأخطاء التي يمكن أن تشوب القرار  في أجل 30 يوما( مركز تحكيم ووساطة )

رسوم التحكيم  الإلكتروني عن طريق الانترنيت

أما فيما يتعلق بالأتعاب و الرسوم التي تتطلبها مراكز التحكيم لفض النزاعات فأولها هي رسوم التسجيل التي تدفع بالدولارالأمريكى  حسب ما نصت عليه مجموعة من مراكز التحكيم عن بعد و التي تقدر بحسب مقدار المبلغ المتنازع عليه  حسب الجدول و إن كان الطلب غير محدد فقد حددت المراكز ذلك القدر في مبلغ 1000 دولار أمريكي .
فالمعاملات الأمريكية تعطى لها الأفضلية و الامتياز لكونها معاملات تتم دون حاجة إلى الإنتقال من مكان التعامل ليس فقط مع شخص من نفس البلد بل حتى بين بلدين مختلفتين  بمجرد استخدام الكومبيوتر عبر شبكة الانترنيت , و يتمتع المتعاملين بإمكانية إبرام أكبر الصفقات بعد التفكير الهادئ فى مواقعهم دونما توتر أو قلق أو مجهود , و من ناحية أخرى  يسهل على المتعاملين إلكترونيا الترجيح و المفاضلة فيما بين مختلف العروض المطروحة في العالم أجمع  قبل الإقدام على  التعامل و لا يقتصر ذلك على التوفير المادي فقط بل تتيح توفير الوقت الذى يمكن أن يضيع فى الإنتقال من مكان إلى أخر  و البحث عن أفضل العروض , بالإضافة إلى ما تقدمه الدول فى مجال التجارة الالكترونية من تسهيلات مالية و إدارية و جمركية و ضريبية و غيرها  مما يستدعى تشجيع التعاقد عبر الوسائل الإلكترونية و تشجيع العقد الإلكتروني لدوره الهام في تشجيع الاستثمار .



           ثالثا دور العقد الإلكتروني في تشجيع الإستثمار

مع تزايد عدد المتصلين بشبكة الانترنيت تزدهر التجارة الإلكترونية  نظرا لما تتمتع به  من مزايا عديدة مقارنة مع الأساليب المعتادة لإجراء المعاملات التجارية ,  و قد ساهمت شبكة الانترنيت في توفير وقت و جهد للمتعاقدين لما قدمته من وسائل عصرية  في التعاقد و المتمثلة في التأثير  على المبيع المرغوب التعاقد عليه.

تتم تعبئة العقد الالكتروني ببيانات البائع و بيانات المشتري الشخصية  كالإسم و العنوان و رقم بطاقة الائتمان  و أخيرا توقيع العقد الالكتروني, و يمكن تصنيف هذه المعاملة إلى طريقتين:
الأولى يتم التعاقد من خلال إرسال بريد إلكتروني  يعبر فيه  email   المشتري على رغبته في التعاقد  و الثانية يتم فيها الاتصال مباشرة بالموقع  اذ يقوم  المهتم بعد زيارته للموقع فى الاتصال بالبائع و إبرام العقد,  وتأتي بعد ذلك مسألة الدفع  الذي  يأخذ كذلك أشكال متعددة  منها الدفع الفوري عند الاستلام و الدفع باستخدام البطاقة البنكية  ثم استخدام البطاقة الذكية  و التحويلات البنكية  المباشرة  و النقود الرقمية . 
و البطاقات البنكية (النقود البلاستيكية مثل visa card   and  American Express 
او  الحصول على النقود من خلال أجهزة الصراف الآلي . فما هو العقد الالكتروني ؟

ما هية العقد الالكتروني 
لقيام التجارة الإلكترونية و ازدهار الاستثمار  كان لابد من بيان ماهية العقود الإلكترونية بالرغم من الإشكالات العملية التي من الممكن أن تواجه هذه العقود الإلكترونية لإحتياجها للدقة و الوضوح على اعتبارها من العقود التي تبرم عن بعد. 
و يعتبر العقد من أهم مصادر الالتزام باعتباره الوسيلة الأهم من وسائل تداول الثروة  من حيث قيامه على مبدأ سلطان الإرادة  بمعنى ان إرادة الفرد هي حرة و هي التي تنشأ العقد  و من هنا يأتي دور القانون فى ترتيب الآثار و الالتزامات الناشئة عن هدا العقد,  وعند تلاقى إرادة كل من العرض و القبول يبرم العقد  بالرغم من بعد طرفيه  و عدم تلاقيهم مباشرة و يكون عن طريق السماع من خلال جهاز الهاتف الدى يعد من الأجهزة الإلكترونية , و يقاس عليه التعاقد عن طريق الانترنيت  و غيره من الأساليب  الأخرى.

 و بالرغم من تعدد تعريفات العقد الإلكتروني,  فقد اتفق على تعريف له وهو(' تلاقى إرادتين للقيام بتنفيذ التزامات على طرفي العقد غير مخالفة للنظام العام و الآداب  العامة  حسب ما يقرره القانون لهذه التصرفات )
و بالتالي فانه  بظهور شبكة الانترنيت أصبحت العقود التجارية تبرم بهذه الوسائل مما أدى إلى تغيير المفاهيم السائدة في المعاملات التجارية التي كان من نتائجها تغييرطرق الإتباث  اذ النشاط التجاري  الإلكتروني يتسم بالحداثة و التنوع و التطور الدى يتم تجسيده عبر الأساليب التعاقدية و التي و إن استمدت أركانها من القواعد العامة  إلا أنها تتفاوت في صورها و تتنوع في طبيعتها و تتطور فى أحكامها  حتى أصبحت العقود الإلكترونية ظاهرة من  مظاهر التجارة الإلكترونية المؤثرة على مرونة الإستثمار و تقدمه .
و بالرجوع إلى نصوص القانون النموذجى الصادر عن الأمم المتحدة بشأن التجارة الإلكترونية و تسمى  الأونسترال نجده قد عرف العقد الإلكتروني فى المادة 2 على أنه : المعلومات التي يتم إنشاؤها أو إرسالها او استلامها او تخزينها بوسائل إلكترونية او ضوئية  أو وسائل مشابهة بما فى ذلك على سبيل المثال لا الحصر تبادل البيانات الإلكترونية او البريد الإلكتروني او البرق او التلكس  ).

مميزات العقد الالكتروني

من  مميزات هذا العقد انه
يبرم  بدون تواجد مادي للأطراف  في لحظة تبادل الرضى حيث يصدر الإيجاب و القبول عن طريق شبكة الأنترنيت و بذلك فهو عقد فوري رغم انعقاده و إتمامه  عن بعد فهو إذن من العقود التي تتم بين حاضرين فى الزمان و غائبين فى المكان كما ان هدا العقد يتم تنفيذه بنفس الطريقة دون انتقال أطرافه إلى مكان معين 
وجود الوسيط الإلكتروني  إذ يعتبر الحاسب الإلكتروني وسيطا لهما و المتصل عادة  بشبكة اتصال دولية 
إن الدفع كذلك يكون عن طريق الأوراق و البطاقات الإلكترونية دون حاجة الى اللجوء الى النقود بمظهرها التقليدي 
خاصية الإثباث و الوفاء بالبدل,  إذ تبرز أهمية العقد الإلكتروني في  ناحيتين و هما الإتباث و طريقة الوفاء بالبدل  ذلك أن النقود الإلكترونية حلت محل النقود التقليدية  و فتحت المجال الخصب لجلب الإستثمارات و مدى الدور الدى يلعبه الفضاء الإلكتروني فى تغيير محل التجارة الإلكترونية فتحولت الوثائق و المحررات التقليدية لتحل محلها الوثائق الإلكترونية و التحول من التوقيع التقليدى الى التوقيع الإلكتروني .
وفى ظل هدا التطور تضائل دور النقود الورقية و الدفع الدى كان يتم بطريقة تقليدية ليحل محله الدفع الإلكتروني و الدى يتصف بالصفة الدولية حيث انه يعد وسيلة مقبولة من جميع الدول فى تسوية الحسابات التي تتم إلكترونيا  , و لذلك فان العقد الإلكتروني الدى يبرم من خلال  شبكة الانترنيت سواء كان بالمراسلة أو بالدخول لموقع محدد و الضغط على مكان محدد يتم من خلاله الدخول لموقع الشركة و إبرام العقد من خلال التصفح  فيعطى  لهذا العقد حكم التعاقد ما بين حاضرين فيما يتعلق بزمان انعقاد العقد و صحته  أما بالنسبة لمكانه فيعد تعاقدا بين متعاقدين غائبين  او حسب ما تم الاتفاق عليه .
مكان العقد
تبرز أهمية مكان العقد فى تحديد المحكمة المختصة بالنظر في النزاعات التى تنتج عن العقد,  و الصعوبة تظهر فى العقود المبرمة عبر شبكة الانترنيت  حيث يصعب تحديد  مكان إرسال الرسالة الإلكترونية و مكان استلامها  فكلاهما عبارة عن إشارة  رقمية عبر الشبكة  و بالرجوع إلى قانون الاونسترال النموذجى و بعض التشريعات كالقانون الأردنى نجدها قد عالجت تحديد مكان العقد و دلك بتحديد مقر عمل منشئ الرسالة و مستلمها و اعتبر مكان إرسال الرسالة الإلكترونية هو المكان الدى يقع فيه  مقر عمل  المرسل و مكان استلامها هو مكان او مقر عمل المرسل إليه فى حالة عدم وجود اتفاق على تحديد الاختصاص المكاني من قبل طرفي العقد.
ومع دلك نتساءل عن كيفية التوقيع على هذه المستندات الإلكترونية و حجيتها في الإتباث.

 التوقيع الإلكتروني و حجية الإثبات

إن التوقيع  مر من مراحل متعددة,  بداية كان عن طريق الختم  أو البصمة تم تحول إلى التوقيع باليد و بصمة الأصبع و التي أثبت العلم قدرتها على تحديد الهوية و عدم إمكانية التشابه بين البصمات.
لكن المفهوم التقليدي للتوقيع  أصبح يعرقل سير الإجراءات خاصة أمام التطور الهائل لوسائل الاتصال,  الأمر الذى جعل التوقيع الإلكتروني يحل محله , اذ يواجه التعاقد  عن طريق الانترنيت مشكلة قبول التوقيع  فى الإتباث و حجية المحرر الدى تم التوقيع عليه إلكترونيا. 
و قد أصدرت لجنة الأمم المتحدة للتجارة الإلكترونية ( الاونسترال ) القواعد بشأن التوقيعات الإلكترونية سنة 2001 {المواد 1, 3 , 11 من قواعد الاونسترال} و تصدت من خلاله لتعريف هدا التوقيع و كيفية استخدامه و القواعد الخاصة به و ذلك مساعدة للدول فى وضع قواعد خاصة بالتوقيع الإلكتروني  حيث جاء في المادة 2  بكونه : ( بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة بيانات أو مضاف إليها و مرتبطة بها منطقيا و يجوز أن تستخدم لتعيين هوية  الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات , و لبيان موافقة الموقع  على المعلومات الواردة فى رسالة البيانات ) 
و قام قانون المعاملات الإلكترونية الأردني بتعريف التوقيع الإلكتروني في المادة 8 منه انه  ( البيانات التي تتخذ هيئة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها  و تكون مدمجة بشكل إلكتروني أو رقمي او ضوئي أو أية وسيلة أخرى  فى رسالة معلومات و مضاف لها أو مرتبط بها  لها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الدى وقعها و تميزه عن غيره من اجل توقيعه و بغرض الموافقة على مضمونه .
و عرفه المشرع المصري فى قانون خاص يتعلق بالتوقيع الإلكتروني, المادة الأولى منه انه : ( ما يوضع على محرر إلكتروني  و يتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها  و يكون له طابع منفرد يسمح لتحديد شخص الموقع و تمييزه عن غيره   ) .
و نلاحظ أن  أغلب التشريعات  التي صدت بشأن التوقيع الإلكتروني لم تحدد أنواع التوقيع  و تركت الباب مفتوحا لاستيعاب التطورات التكنولوجية.

مما سبق يستفاد أن شروط التوقيع الإلكتروني ثلاثة وهي :
  - أن يكون مميزا
   مرتبطا بشخص صاحبه
  - كافيا بتعريف شخصه
   سيطرة صاحب التوقيع على منظومته بحيث يكون متفردا به و لا يستطيع شخصا أخرا فك رموزه 
  - ارتباط التوقيع الإلكتروني بالمحرر ارتباطا و وثيقا  و يعتبر هدا الشرط ضمانة للمحرر الإلكتروني من أي تعديل  بعد التوقيع 
التوثيق وهو الشرط الحمائي للمحرر الإلكتروني  و هدا الشرط موجود فى القانون الأردني  و تنص المادة 32 ب من قانون المعاملات الإلكترونية  الأردنية ( اذ ا لم يكن السجل الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني موثقا  فليس له اى حجية )


أشكال التوقيع الإلكتروني

تتعدد صور و أشكال التوقيع الإلكتروني  و هي مبدئيا على 5 أنواع 
 1-التوقيع بالرقم السري
 و هو أول شكل ظهر في مجال المعاملات  البنكية من خلال استعمال أجهزة الصرف  الآلي  gichet automatique   للسحب مباشرة
2- التوقيع الإلكتروني بخط اليد
 تتمثل فى نسخ صورة من التوقيع بخط اليد باستخدام المسح الضوئي  scaner    و حفظ هدا التوقيع في جهاز الحاسوب الخاص بالموقع أو على القرص المرن Floppy disk   أو القيام بإصدار الأمر إلى جهاز الحاسوب لنسخ صورة عن التوقيع المخزن لإضافة التوقيع و استكماله,  إلا أن هدا النوع يكتسي نوع من الخطورة اذ لابد من جدار أمني و إيجاد آليات فى اكتشاف التزوير المحتمل .
3- النقر على أحد مفاتيح الحاسب الآلي في التوقيع
تحتوى العقود الإلكترونية على خانات تضم عبارات تفيد قبول التعاقد Approuve  
أو الرفض disapprouve   و بمجرد النقر على مفتاح القبول ينعقد العقد .
4- التوقيع البيومترى 
هدا النوع من التوقيع يقوم على الخواص الذاتية المميزة للإنسان  كالبصمة و بصمة شبكة العين و بصمة الأصبع  و تحديد خط الإنسان بالإستناد إلى درجة ميلان القلم  و الضغط على القلم و الاهتزازات  الصادرة عن اليد أثناء الكتابة  إلا أن هدا النوع له تكلفة مادية  باهظة تتنافى و هدف التجارة الإلكترونية التى تبحث عن الوسائل الأقل تكلفة .
5- التوقيع الرقمي 
هو عبارة عن قيمة عددية تصمم بها رسالة البيانات بحيث يجعل من الممكن  استخدام إجراء رياضي معروف  يقترن بمفتاح الترميز الخاص بمنشئ الرسالة  بان هذه القيمة العددية  قد تم الحصول عليها  باستخدام دلك المفتاح .
و لنتساءل الآن هل هناك حجية لهدا التوقيع ؟ 

حجية التوقيع الإلكتروني

ان التحول من التوقيع التقليدي إلى التوقيع الإلكتروني  يحتم الحفاظ على الدور الّذي يلعبه التوقيع التقليدي.
و قد انتهى بعض الفقهاء إلى إعطاء الحجية للتوقيع الإلكتروني و هناك  جانب أخر  من الفقه يرى عدم وجود حجية لعدم توفرأمن قانوني إلا انه بصدور قوانين خاصة بالتجارة الإلكترونية التي وضعت إجراءات تحقيق الأمن و الثقة به و حمايته قانونا من خلال إصدار توقيعات من قبل جهة  معتمدة تصدر شهادات توثيق به يكون مودعا لديها.
فوجود الأمن القانوني يلعب دورا مهما في إضفاء الحجية على وسائل الاتصال  الحديثة بإبرام العقود عبر الانترنيت التي تعتبر مفتوحة في وجه كل الأشخاص مما يدفع ببعض الأشخاص للدخول بسوء نية . 
و نتيجة لازدياد التعامل بهده الوسائل الحديثة فى استخدام تقنيات التوقيع  الإلكتروني كبديل للتوقيع التقليدي , نشأت الحاجة إلى وضع إطار قانوني محدد يرمى إلى التقليل من فكرة عدم اليقين بشأن الأثر القانوني الدى ينتج عن هذه التقنيات و الدى يستدعى إيجاد أحكام تشريعية موحدة  لإرساء قواعد قانونية تتلاءم و التقنيات الحديثة.

و هناك حالات عدم الاعتراف بالمحررات الإلكترونية  كوثائق الزواج  على الرغم من انتشار ظاهرة الزواج عن طريق الانترنيت و هو نفس الإتجاه الذي نحى إليه المغرب حيث استثنى مشروع05.53 أحكام مدونة الأسرة و المحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية و العينية من مجال المعاملات الإلكترونية.
كما أن طبيعة هذه المعاملات يجب أن تخضع لإجراءات محددة, نفس الشيء بالنسبة للمعاملات بالأوراق المالية و عدم إصدارها بالطرق الإلكترونية,  فهذه العقود كلها لا زالت فى مهد تطورها و لم تنتشر إلى حد الآن بشكل واضح .




بعض إشكالات التحكيم الإلكتروني و الحماية الجنائية لمواقع الانترنيت 
إن الإشكالية المحورية تتجلى في الإحاطة بالقواعد القانونية التي تحكم  التجارة الإلكترونية بالرغم من الاستخدام المباشر لها  و التطور المستمر لها, إلا  أن هذه القوانين  لا يمكن أن تكون قوانين وطنية  لوحدها لكون المزود و المستهلك  الإلكتروني سيدخلان  في القضاء الخارجي  من خلال المراسلات التي تتم عبر الأقمار الإصطناعية  ذلك أن  الأمر يتطلب قواعد قانونية متنوعة و شديدة التدقيق  , فالقوانين  الخاصة بالانترنيت بشكل عام  و بالتجارة الإلكترونية بشكل خاص تمثل سلم الأولوية  لدى كل مشرع حيث تستدعى وجود نظام قانوني يعالج مثل هذه  التطورات و عصرتنها و مواكبتها. 
1- شكليات التحكيم الالكتروني

لا يخلو كل قانون او نظام بشرى من القصور ببعض جوانبه و الذى يظهر بوضوح في عملية التنفيذ, كذلك بالنسبة للتحكيم عن بعد كمشروع وضع لتسهيل التواصل بين المتنازعين,  بل أبرز المشكلات التى رافقت العملية التحكيمية هى تحديد هوية طرفى النزاع و معرفة هويتها أهليتها  و كذلك سرية العملية التحكيمية.

الأهلية legal capacity    

 لقد اشترطت سائر التشريعات على وجوب توافر الأهلية القانونية  لذى فريقي النزاع و المحكمين,  فالعملية تتم عن طريق الانترنيت بواسطة المراكز الكبرى التي تحرص على الدقة فى جميع الجوانب.

أما أثر ذلك فهو إبطال ما قد يصدر من المحكمين اذا كان  احدهم ناقص الأهلية,  اذ بالرجوع الى شبكة الانترنيت نجد أنه لا وجود لإجابة شافية و هدا لا يمنع من وجود تطورات تقنية كالبطاقات الذكية التى يمكن ان توفر حلولا أكثر نجاعة فى المستقبل.

 وقد يذهب البعض إلى الأخد بتحديد هوية التعاقد إلا ان هدا قد يضيف عبئا  ماديا و الصواب ان يصمم ذات الموقع بشكل يلزم الذى ينوى الاتفاق لإحالة نزاعه الحالي  او المستقبلي لإحدى مراكز التحكيم  عن بعد بالكشف عن هويته و الإفصاح عن عمره و في حالة إغفاله لن يسمح له بإتمام العقد

ضمان سرية عملية التحكيم عبر الانترنيت.

يعد حفض و سرية التحكيم شرطا جوهريا,  و غالبا ما يحرص عليه المحتكمون لما قد يلحقهم من أضرار في حالة نشر او إذاعة تهم التحكيم او نشر إحدى الوثائق المقدمة من الطرفين.   إلا أن طبيعة الانترنيت  فرضت تحديا  آخرا و هو الاختراق القادم من الخارج فيما يعرف بالمتطفلين و الأشخاص الدين  يبحثون عن  ضحايا يوقعون بهم و بسرقة أرقام بطاقات الائتمان و بدلك لابد من البحث عن وسائل أكثر نجاعة لصيانة سرية عملية التحكيم للوصول الى المستوى المطلوب من السرية لفض النزاعات .
و هناك تحد] آخر الذى يواجه عملية التحكيم فرضته  القوانين و التشريعات المحلية و يتمثل في الاعتراف باتفاق التحكيم و حكم التحكيم الصادر عبر الشبكات المفتوحة بإعطاء الصيغة القضائية للتنفيذ و التي تتطلب الاعتراف بالاتفاق التحكيمى الصادر عبر شبكة الانترنيت . 


دور الحماية الجنائية لمواقع الانترنيت في الاستثمار

عادة ما يحتوى موقع الانترنيت على web site    و على web  page   التىتشتمل على بيانات تتعلق بمنتج او موزع السلعة , و صورذات أشكال ثابتة أو متحركة للدعاية أو لتحديد مواصفات السلعة أو الخدمة , كما يحتوى على جزء لتبادل المعلومات الخاصة بالمستعمل و هى البيانات الخاصة بإسمه وعنوانه و رقم بطاقة الائتمان و طريقة استخدام السلعة او الخدمة  , و الآن صار بامكان كل شخص شراء او كراء  عقار او منقول دون ان يتطلب ذلك  تواجد أطراف  العقد  كما يمكن حجز التذاكر الخاصة بالطائرة و الفنادق  و المطاعم ... و بعد تحديد هذه الامور تظهر له شاشة تطلب منه استكمال بياناته الخاصة و رقم بطاقة الائتمان  و فى خضم هذا الجو الالكتروني تثار بعض المشاكل الفنية و التقنية لمواقع الانترنيت من الاختراق و التعديل و التبديل و الإتلاف,  و تعتبر من المسائل المتعلقة بالمتخصصين فى مجال تصميم مواقع الانترنيت و برمجة الكومبيوتر  و برامج الحاسوب و المتخصصين فى التشفير.

 و تثير التجارة الالكترونية  بعض التساؤلات القانونية المتعلقة بحماية  الموقع لاسمه و عنوانه على الشبكة العالمية و بمدى صحة البيانات الواردة على الموقع و حقوق الملكية الأدبية *

و بالنظر إلى القانون الجنائي  فان التجارة الإلكترونية عبر الانترنيت  تثير مشاكل عملية و قانونية  حول مدى ملائمة القوانين الجنائية لمواجهة الأفعال غير المشروعة التي ترتكب عبر الانترنيت و كذا تحديد مكان وقوع الجريمة  .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مجلة التحكيم العربى العدد 7 يوليوز 2004  ص 125 مطابع الطوبجى 





و قد يؤدى النشاط الإجرامى الى أضرار مالية بالغة للأسواق المالية و التعاملات الاقتصادية.
فمثلا واقعة 7/4/1999 حيث فوجئ المتصفحون للأخبار المالية على موقع ياهو   yahoo  ببريد إلكترونى   email  يفيد ان شركة أجنبية قامت  بتملك شركة  pair gain  للإتصالات و مقرها بمدينة توستن  tustin   بولاية  كاليفورنيا و أعطت الرسالة إشارة لموقع بلومبرج  bloomberg News  serviceعلى الانترنيت  و قد أدى انتشار هذا الخبر إلى ارتفاع سعر الأسهم المتداولة الخاصة بالشركة بنسبة  20 فى المائة و زاد حجم المعاملات بنسبة  سبعة أمثال للمعدل الطبيعي  , إلا أن المشكلة ان الخبر لم يكن صحيحا و حقيقيا و لم تكن بلومبرج الإخبارية المصدر الحقيقي  لهدا الخبر, اذ الخبر مزيف  و عندما انتشر خبر عدم صحة  الواقعة هبطت أسعار الأسهم  بحدة  و ادت الى خسائر فادحة  لعدد كبير من المستثمرين الدين اشتروا الأسهم بأسعار لا تعبر عن حقيقة الواقع  , وبدلك فان مواقع الانترنيت معرضة للدخول الغير المشروع او الحذف او التعديل او التبديل او التعطيل, الأمر الذي يستلزم توفير الحماية الجنائية لمواقع الانترنيت عن طريق قوانين جنائية خاصة.

وفعلا وضعت  بعض الدول قوانين جنائية للحماية و منها .

موقف المجلس الأوروبي ( إتفاقية بودابست )

لقد شعر المجتمع الأوروبي بخطورة جرائم الكومبيوتر و عجلت اللجنة الأوروبية بشأن مشاكل الجريمة  على إعداد اتفاقية تتعلق بهذه الجرائم  و أعلن عنها المجلس الأوروبي فى 27 نوفمبر 2001, و هي  ما تسمى باتفاقية بودابست  على أساس أن هده الجرائم تهدد التجارة و المصالح الحكومية

تنص الاتفاقية على الإجراءات التى يتعين  اتخاذها بالدول المتعاقدة على المستوى الداخلي و الدولي  و حددت الاتفاقية الأفعال الإجرامية كالدخول العمدي الغير المشروع على الكمبيوتر  و الالتقاط العمدى لاي نقل لبيانات الكومبيوتر و كلك الحذف او التعديل او المسح العمدى لاي من البيانات  ثم الإعاقة العمدية لعمل نظام الكومبيوتر  و كذلك كلمة سر أو كود للدخول  ...الخ 

موقف الولايات المتحدة الأمريكية 

أصدرت الولايات المتحدة  القانون الفيدرالى بشأن الاعتداء على الكومبيوتر  سنة 1984 و عدل بآخر قانون سنة 1996 فى الفصل1030  وورد فى نصوصه تجريم الأنشطة الإجرامية المتعلقة بالكومبيوتر بحيث يعاقب كل شخص دخل عمدا على جهاز دون تصريح أو حصل على معلومات  موجودة فى سجل اقتصادي  يخص مؤسسة مالية او يخص مانح بطاقة مالية  أو المعلومات الموجودة فى تقرير يتعلق بالمستهلكين  و يعاقب القانون الامريكى الدخول العمدى  على البيانات الموجودة بأجهزة الكومبيوتر  الخاصة بالوكالات و الجهات التى تقتصر استعمالها على حكومة الولايات المتحدة الأمريكية  و يعاقب على غش كلمة المرور ...الخ إلا ان  كشف التقرير الصادر عن لجنة السلوك الغيرالمشروع على الانترنيت ان القانون ينطوي على كثير من الغموض والقصور.

موقف فرنسا

تناول المشرع الفرنسي في الكتاب الثالث في قانون العقوبات الجديد الجنايات و الجنح التي تقع على الأموال  و تناول مجموعة من الجرائم التي تقع على أنظمة معالجة البيانات من الأموال و جرم الدخول بطريقة الغش أو التدليس  أو نشاط الجاني بإلغاء أو تعديل البيانات الموجودة بالنظم أو تعديل تشغيل النظام  و عملية إدخال بيانات بطريقة غير مشروعة  أو إلغاء او تعديل بيانات في برنامج معالجة البيانات .
فالتحديات التى تتصل بجرائم الحاسب الآلي تكاد تكون متطابقة فى فرنسا كما فى الولايات المتحدة و هو ما أكد عليه الرئيس الفرنسي جاك شيراك فى الكلمة التي ألقاها فى مؤتمر باريس لجرائم الحاسب الآلي سنة 0200 و جاء فى كلمته : ما نحتاجه هو حكم القانون على مستوى دولي , إطار عمل قانوني على مستوى عالمي مساوي لمستوى انتشار الانترنيت على صعيد العالم.

موقف المشروع المغربي (مشروع05.53)

إن المشروع المغربي وليد للعلم الإلكتروني و لم يفته عندما وضع مشروع قانون عدد 05.53 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية والمعادلة بين الوثائق المحررة على الورق و تلك المعدة على دعامة إلكترونية  و نظم التوقيع الإلكتروني و نظام التشفير  أن يعالج العملية المتعلقة   بمقدمي خدمات التصديق الإلكتروني و التشفير و القواعد  الواجبة التطبيق من طرفي مقدمي الخدمة و الحاصلين على الشهادات الإلكترونية المسلمة.
فالمشروع المغربي اعترف للوثائق الإلكترونية بقوة إثبات مماثة لتلك التي للمستند الورقي. لكنه استثنى من ذلك تلك المتعلقة بقانون الأسرة و الإرث والمحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية و العينية  ذات الطابع المدني أو التجاري. 
كما سمح المشرع المغربي فى الفصل 3-65 استخدام المسائل الإلكترونية لوضع عروض تعاقدية او معلومات متعلقة بسلع او خدمات رهن إشارة المتعاقدين.
و قد أكد المشرع المغربي فى الفصل 1-417 على أن الوثيقة المحررة على الدعامة الإلكترونية لها نفس قوة الإثبات للوثيقة المحررة على الورق شريطة أن يكون بإمكان التعرف على الشخص الدى صدرت عنه. 
كما نص فى الفصل 3-417 على انه يفترض الوثوق في الوسيلة المستعملة في التوقيع الإلكتروني  إلى ان يثبت ما يخالف ذلك عندما تتيح هذه الوسيلة استخدام توقيع إلكتروني مؤمن.
وقد اشترط المشروع في التوقيع الإلكتروني أن يكون مؤمنا وتسلم السلطات الوطنية شهادة مطابقة منه, كما أن خدمات التشفيرهي خاضعة للترخيص.

و حدد المشروع فى المادة 15 من الباب الأول اختصاص السلطة الوطنية فيما يتعلق باعتماد و مراقبة المصادقة و شروط قبول الطلبات,  وقرر عقوبات حبسية و مالية من أجل الإلتزامات لأصحاب الشهادات الإلكترونية  او من أدلى بتصاريح كاذبة أوسلم وثائق مزورة إلى مقدم خدمات .... أو من استعمل التشفير دون تصريح أو إذا استعمل هذه الوسائل كنشاط يمس الدفاع الوطني أو الأمن الداخلي أو الخارجي. 

    مقترحات و توصيات

   *الاستعداد لمواجهة  التغيير و ضرورة الانفتاح على العالم الخارجي لجلب الاستثمار
  *محو الأمية فى مجال التكنولوجيا و نشر التوعية بفوائد و مخاطر التعامل عبر الشبكة        العالمية 
* تشجيع استخدام بطاقة الإئتمان و النقد الإلكتروني
* تلقين اللغة الانجليزية للتعامل الدولي فى التجارة الإ لكترونية
* القضاء على فكرة الخوف من البطالة بعد استخدام النظم الآلية
* إيجاد إطار قانوني موحد  للتحكيم الإلكتروني لحماية المستثمر
* السير قدما على سرعة التقدم التكنولوجي و إحداث قوانين جديدة 
* انتشار علم الأدلة الجنائية المعلوماتية كفرع من أعمال الشرطة 
* التكوين المستمر للقضاة و المحامون و الشرطة في المجال المعلوماتي
* تدريب  مجموعة من الخبراء فى الحقول الإلكترونية
* إصدار قانون موحد للتجارة الالكترونية على أساس القانون النمو دجى لليونسترال
* توفير الأمن القانوني للمعاملات الإلكترونية  لحماية و تشجيع المستثمر الوطني و الدولي
* تفعيل الدور الوقائي للقضاء المستعجل فى القضايا المتعلقة بمشاكل الإنترنيت

تعليقات