القائمة الرئيسية

الصفحات



عدم التقيد بشكليات العقود الإدارية أية حماية للمتعاقد؟ الاستاذ يوسف الصواب



عدم التقيد بشكليات العقود الإدارية
أية حماية للمتعاقد؟
الاستاذ يوسف الصواب




يعتبر التعاقد عن طريق الصفقات العمومية من أهم الوسائل التي تعتمدها الإدارة بصفتها سلطة عامة قصد تنفيذ برامجها الهادفة إلى تحقيق المصلحة العامة، وحسب مقتضيات المرسوم رقم 482- 98- 2 الصادر بتاريخ 11 رمضان 1419 (30 ديسمبر1998) بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض المقتضيات المتعلقة بمراقبتها وتدبيرها، فإن تلك الصفقات يجب أن تبرم في شكل عقود مكتوبة وأن تتضمن مجموعة من البيانات من أهمها على الخصوص طريقة الإبرام وبيان الأطراف المتعاقدة وأسماء وصفات الموقعين المتصرفين باسم صاحب المشروع وباسم المتعاقد وموضوع الصفقة والثمن وأجل التنفيذ أو تاريخ انتهاء الصفقة وكذا المصادقة على الصفقة من طرف السلطة المختصة.
غير أن الإدارة قد تلجأ في بعض الأحيان إلى إبرام عقود بالتراضي من أجل تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات دون التقيد بالشكل المحدد بموجب المرسوم المذكور، وعند عرض النزاع على القضاء كثيرا ما تتمسك بكونها لم تبرم أي عقد مع الجهة المعنية بالأمر، أو أن هذه الأخيرة لم تنجز الأشغال المتفق عليها سواء كان الأمر يتعلق بأشغال أصلية أو إضافية أو أن العقود الملحقة حتى في حالة وجودها فهي غير مصادق عليها. فما هو موقف القضاء الإداري من الإشكاليات المذكورة؟ وما هي الحلول التي تبناها بخصوصها؟
هذا ما سنحاول الوقوف عليه من خلال استقراء مجموعة من الأحكام الصادر عن المحاكم الإدارية وكذا بعض قرارات المجلس الأعلى ( الغرفة الإدارية) وهو ما يقتضي تقسيم هذا العرض إلى فقرتين.
نخصص الأولى لبعض الإشكاليات التي تطرحها النزاعات المتعلقة بالأشغال الإضافية والثانية لتلك المتعلقة بسندات الطلب.
الفقرة الأولى: الأشغال الإضافية
1- تعريف الأشغال الإضافية:
تعتبر أشغالا إضافية حسب مقتضيات المادة 51 من دفتر الشروط الإدارية العامة1 كل الأشغال التي تأمر الإدارة بإنجازها في إطار ما تملكه من سلطات واسعة إزاء المقاول والتي تسمح لها بتعديل شروط العقد وقت تنفيذه على نحو قد يؤدي إلى الزيادة في حجم الأشغال المتعاقد بشأنها وذلك دون تغيير موضوع الصفقة متى رأت أنه من الضروري تنفيذ منشآت وأشغال غير واردة في جدول الأثمان أو في سلسلة الأثمان الأحادية أو تغيير مصدر جلب المواد كما يفرض ذلك دفتر الشروط الخاصة، وذلك طبقا لأحكام الفقرة السابقة من المادة 69 من مرسوم 30 ديسمبر 1998 المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة، وكذا بعض المقتضيات المتعلقة بمراقبتها وتدبيرها والتي تشترط ما يلي:




1) ضرورة إسناد الأشغال الإضافية إلى المقاول أو المورد أو الخدماتي صاحب الصفقة الأصلية اعتبارا لما توفر لديه من معطيات وما اكتسبه من تجارب وهو بصدد إنجاز المهام الموكولة إليه في إطار الصفقة المذكورة وكذا تفاديا لكل ما من شأنه أن يؤدي إلى عرقلة سير الأشغال موضوع العقد أو الزيادة في الآجال المقررة لتنفيذها في حالة إدخال مقاول آخر.
2) أن تعتبر هذه الأشغال غير المتوقعة حين إبرام العقد مكملة للصفقة الأصلية.
3) أن لا تتجاوز 10% من مبلغ الصفقة الرئيسية.
4) أن يعتمد في تنفيذها على معدات سبق أن شغلها أو استعملها المقاول في نفس المكان.
5) أن تبرم هذه الصفقة على شكل عقود ملحقة.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن المقاول وإن كان ملزما بالاستجابة إلى الأوامر بالخدمة المسلمة إليه من طرف صاحب المشروع في شأن الأشغال الإضافية، وبالتالي بتنفيذها فورا فإنه يبقى من حقه مناقشة الأثمان المؤقتة المحددة لتلك الأشغال وإبداء ملاحظاته بخصوصها داخل أجل ثلاثين يوما الموالية للأمر بالخدمة الذي اطلع من خلاله على الأثمان المقترحة، مع بيان الأثمان التي يقترحها هو، والإدلاء بجميع الإثباتات المفيدة.
أما الأثمان النهائية فهي إما أن تكون محل اتفاق بين الطرفين، وفي هذه الحالة يبرم بشأنها عقد ملحق والذي يمكن عند الاقتضاء أن يمدد آجال التنفيذ على ضوء حجم الأشغال الإضافية وإما أن يختلف المعنيان بالأمر حولها فيرفع الأمر من طرف المقاول إلى السلطة المختصة (أي الآمر بالصرف أو الشخص الذي ينتدبه للمصادقة على الصفقة). وذلك بموجب مذكرة يبسط فيها مطالبه2 كما يجوز له المنازعة في قرار السلطة المذكورة لدى الوزير المعني وفقا للشروط، وداخل الآجال المقررة بموجب المادة 72 من دفتر الشروط الإدارية العامة وذلك قبل اللجوء إلى المحكمة المختصة (المادة 73 من نفس الدفتر).
2- الإشكاليات التي تطرحها النزاعات المتعلقة بالأشغال الإضافية.
باستقراء بعض الأحكام الصادرة في الموضوع يلاحظ أن الإدارة وهي بصدد الرد على الطلبات المقدمة في مواجهتها بخصوص الأشغال الإضافية غالبا ما تثير مجموعة من الدفوع تتمحور على الخصوص إما حول شكل العقد الملحق المحتج به أو كونه غير مصادق عليه أو تنفي وجوده بالمرة وقد تذهب في بعض الأحيان إلى أن الأشغال المتفق عليها لم تنجز، وتلتمس استنادا إلى ذلك الحكم برفض الطلب وقد ذهبت بعض المحاكم الإدارية وهي بصدد البت في هذه الدفوع إلى اعتبار أن الصفقة الملحقة وإن لم تضبط باتفاق مكتوب، فإنها تأخذ أحكام الصفقة الأصلية باعتبارها مرتبطة بها3.
كما لجأت في حالات أخرى إلى استخلاص قيام المقاولة بإنجاز الأشغال الإضافية من خلال وثائق الملف كالأوامر بالخدمة الصادرة عن المهندس، أو تقارير مكتب الدراسات المكلف بالمشروع، أو أعمال العبر والتمتير الخاصة بتلك الأشغال المنجزة من طرف نفس الجهة4 وقضت باستحقاق المقاولة المعنية للتعويضات الواجبة لها ودون أن تربط ذلك بوجود عقد ملحق. وفي هذا الإطار أصدرت المحكمة الإدارية بفاس حكما بتاريخ 30/4/2002 تحت عدد 239 في الملف عدد 20/2000 ت قضت بموجبه لفائدة أحد المقاولين بتعويض عن الأشغال التي أنجزها لفائدة عمالة إقليم صفرو رغم غياب عقد يربط بينهما، وذلك بعد أن أعادت تكييف الطلب معللة ما ذهبت إليه كما يلي:
" حيث إن عدم توفر عقد الصفقة على أحد الشروط الجوهرية المنصوص عليها بموجب مرسوم 14-10-1976 يجعله باطلا وغير منتج لأي أثر قانوني ناتج عن العقد وينأى بالتالي بمثل هذا العقد عن مجال العقود الإدارية والمنازعة القضائية في هذا الإطار ومن ثم يجرده من الضمانات التي يخولها للمتقاضين المرسوم المذكور والذي حل محله المرسوم رقم 482-89-2 المؤرخ في 30/12/1998، بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة.
وحيث أنه وإن كان الأمر كذلك بالنسبة للعقود المبرمة بين المتعاقدين والتي اختل أحد شروط انعقادها، فبالأولى والأحرى أن يكون من الحتمي استبعاد المرسوم المذكور عند انعدام عنصر التعاقد من أساسه كما هو الأمر في نازلة الحال. 
ثم أضافت أنه واعتبارا لكون إنجاز الأشغال ترتب عنها تحمل المدعي بنفقات أثبتتها الوثائق المدلى بها وتقرير الخبرة وفي المقابل حققت جهة الإدارة المنجزة هذه الأشغال لفائدتها نفعا ثابتا..... واعتبار لكون المدعي لم يكن ليقوم بإنجاز تلك الأشغال إلا بموافقة جهة الإدارة وتحت إشراف موظفيها فإن مثل هذه الوضعية تشكل إثراء لهذه الإدارة على حساب المدعي بما أنفقه من مال ".
وخلصت في النهاية إلى أنه " لا يقضي في إطار مبدأ الإثراء على حساب الغير إلا برد قيمة تكلفة الأشغال والخدمات المنجزة مجردة عن أي ربح أو أي تعويض".
وهو نفس الاتجاه الذي تبنته المحكمة الإدارية بوجدة في حكمها الصادر بتاريخ 07/12/2004 تحت عدد 315 والذي جاء فيه:
" إن المتعاقد بإنجاز أشغال إضافية يستحق عنها مبلغ القيام بها رغم أن كيفية إبرام العقد الملحق قد تمت دون احترام المسطرة القانونية الواجبة التطبيق وذلك استنادا للقواعد العامة.
مضيفة أن المدعية قد قامت بإنجاز أشغال إضافية ولا تتحمل وزر خطأ المجلس بخصوص كيفية إبرام عقد الصفقة معها، كما لا يمكن الإثراء على حسابها".
غير أن البعض يرى أن تأسيس حق المتعاقد مع الإدارة في الحصول على التعويض عن إنجاز الأشغال الإضافية على أساس نظرية الإثراء بلا سبب ليست له مرجعية تعاقدية، وبالتالي فالتأسيس الصحيح هو حق المتعاقد في طلب التعويض في إطار المادة 8 من قانون رقم 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية5 وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بالرباط في الحكم الصادر بتاريخ 31/5/2001 تحت عدد 510 ملف رقم 52/98. حيث قضت للمتعاقد مع الإدارة بتعويض عن الأشغال الإضافية في إطار مقتضيات المادة 8 من القانون السالف الذكر6.
أما المحكمة الإدارية بمراكش فقد أصدرت بتاريخ 29/11/2000 حكما تحت رقم 227 في الملف رقم 139/99 قضت بموجبه أنه " لا يقبل الادعاء بالقيام بأشغال إضافية خارجة عن الصفقة الأصلية بالاستناد لملحق لها لا يحمل توقيع صاحب المشروع، ولا المصادقة عليه، وفق ما يقتضيه الفصل 19 من دفتر الشروط الخاصة، والفصل 29 من دفتر الشروط الإدارية العامة يقضي بأنه لا تعتبر أشغالا إضافية إلا تلك المأمور بها من قبل صاحب المشروع والمصادق عليها بأمر خدمة صادر عنه، مضيفة أنه " طالما أن الدعوى ليست دعوى تعويض وإنما تتعلق بمستحقات عن أشغال إضافية منازع فيها، ولم تسلك بشأن إجرائها المسطرة القانونية، فإنه لا يجوز اللجوء إلى الخبرة لإثبات هذه الأشغال ".



وقد استندت المحكمة في حيثياتها على أنه من الثابت من أوراق الملف، وخاصة دفتر الشروط الخاصة، أن الطرفين قد حددا بمقتضى الفصل 19 منه كيفية تنفيذ الصفقة المبرمة بينهما، حيث قضت الفقرة الرابعة من هذا الفصل على مفهومه أنه لا تعتبر أشغالا إضافية، إلا تلك المتعلقة بإدخال التغييرات المأمور بإدخالها على المشروع من قبل الإدارة، ومصادق عليه بأمر بالخدمة صادر عن المهندس استنادا إلى المادة 29 من دفتر الشروط الإدارية العامة.
" وحيث إن المادة 29 المذكورة تؤكد في فقرتيها الأولى والثانية على ضرورة تقيد المقاولة بشأن إدخال تغييرات، وإضافة أشغال خارجة عن الصفقة الأصلية، وتحديد أثمنتها بالحصول على مصادقة الجهة المختصة على تلك الأشغال، وإصدارها لأوامر بالخدمة بشأنها وتبليغها إليها."
غير أن هذا الحكم وإن لم يتم استئنافه من طرف المدعية، وبالتالي لم نتمكن من معرفة موقف الغرفة الإدارية (بالمجلس الأعلى) منه، فإنه بالرجوع إلى بعض القرارات الصادرة عن هذه الأخيرة يتضح أنها تميل في مثل هذه الحالة إلى إجراء بحث حول أسباب وظروف إنجاز الأشغال الإضافية، ومدى حاجة المرفق العام لها، وهذا ما نلمسه من خلال القرار الصادر بتاريخ 17-10-2002 تحت عدد ___ في الملف 49/4/1/2002 والذي جاء فيه:
" لكن حيث إن قيمة الأشغال المذكورة على فرض إنجازها من طرف المستأنف عليها يتجاوز مبلغ 100 ألف درهم، مما كان يجب معه إبرام صفقة جديدة بشأنها تتوفر على الشروط والمقتضيات المتعلقة بالصفقات العمومية من هذا النوع.
وحيث إنه كان على المحكمة المطعون في حكمها أن تجري بحثا في القضية، وأن تتحرى الظروف والملابسات التي تم بسببها إنجاز الأشغال الإضافية على فرض إنجازها، وما هي صبغة هذه الأشغال وحاجة المرفق الجماعي لها إلى غير ذلك من المعلومات والبيانات المفيدة لتمكين المجلس من بسط مراقبته...."
وبعد إحالة الملف من جديد على المحكمة الإدارية بمراكش، أمرت هذه الأخيرة بإجراء بحث في الموضوع وقضت لفائدة المدعية بالتعويضات المستحقة لها عن الأشغال الإضافية، معللة ما انتهت إليه كما يلي:
".... وحيث ثبت من خلال البحث الذي أنجز بتاريخ 24/07/2003 أن الأشغال موضوع الدعوى تتعلق بما يسمى بالأشغال الإضافية، وهي أشغال لها ارتباط وثيق بالأشغال موضوع الصفقة 5/95 بل تشكل جزءا من نوع هذه الأخيرة، وتحديدا فإنها تتعلق بأشغال التطهير، بحيث لا يمكن إنجاز أشغال الصفقة بصورة كاملة دون القيام بأشغال التطهير، وبذلك فهي ضرورية لاستكمال المشروع كما أن حاجة المرفق إليها ضرورية."
وقد تم تأييد الحكم المذكور بموجب القرار الصادر عن الغرفة الإدارية (المجلس الأعلى) بتاريخ 22-12-2004 تحت رقم 1282 ملف رقم 334/4/1/2004.
والملاحظ أن هذا الاتجاه هو الذي أصبحت تسير عليه المحكمة الإدارية بمراكش كما يتجلى من:1-الحكم الصادر بتاريخ 26-12-2005 تحت عدد 547 في الملف عدد 435/13/2004 ش.
2-الحكم الصادر بتاريخ 18-04-2006 تحت عدد 143 في الملف عدد 259/13/2005 ش.
الفقرة الثانية: النزاعات المترتبة عن التعاقد بواسطة سندات الطلب
إذا كان المشرع قد خول للإدارة إمكانية القيام بناء على سندات الطلب، باقتناء توريدات يمكن تسليمها في الحال أو بإنجاز أشغال أو خدمات، في حدود مائة ألف درهم برسم سنة مالية واحدة مع إمكانية رفع المبلغ المذكور بصفة استثنائية بإذن من الوزير الأول بمقتضى مقرر يتخذه بعد استطلاع رأي الوزير المكلف بالمالية7 فان بعض الفقه يرى أن " هناك نزوع راسخ لدى الجماعات المحلية للتعامل في إطار سندات طلب بالقدر الذي يجعل منها أحيانا الأصل في إنجاز طلبياتها، وذلك ليس فقط بسبب المرونة المميزة لهذا النوع من التعامل والمتمثلة في غياب شكلية العقد المكتوب والإنجاز الفوري للطلبية والتسوية المالية السريعة بناء على مجرد فواتير، ولكن أيضا بسبب ما تسمح به من إفلات من فروض الوصاية التي تقتضي أن لا تكون صفقات الأشغال والتموين والخدمات التي تبرمها الجماعات المحلية نهائية وصحيحة إلا بعد الموافقة عليها من طرف وزير الداخلية8.
غير انه من الناحية العملية؛ يلاحظ أن الإدارة تلجأ في بعض الأحيان إلى التعامل في إطار سندات الطلب، دون التقيد بالمقتضيات القانونية السالفة الذكر، وتمتنع مع ذلك عن الأداء استنادا إلى علل مختلفة. وهو ما تصدى له القضاء الإداري حيث اعتبر أن عقد الأشغال الذي تعدت قيمته مبلغ مائة ألف درهم، والذي كان من المفروض إنجازه في الشكل والإطار الذي حدده المرسوم المنظم للصفقات العمومية، ما دام أن الأمر يتعلق بعقد أشغال عامة فإن عدم إنجازه في الشكل المحدد بموجب المرسوم المشار إليه لا ينزع عنه صبغة الأشغال العامة، أي صبغة العقد الإداري بقوة القانون، إذ أن إنجازه في الشكل المذكور حتى على فرض أنه وضع لمصلحة الإدارة لحماية حقوق المرفق العام الذي اختار بإرادته إنجاز هذه الأشغال عن طريق التراضي ودون اللجوء إلى مبدأ المناقصة أو المزايدة الذي يميز عقد الصفقات بصورة عامة9 وفي قرار أخر صادر بتاريخ 09-3-2000 تحت عدد 357 قضية شركة تساوت ضد بلدية المنارة اعتبر المجلس الأعلى الغرفة الإدارية أن "للإدارة أن تبرم صفقات عن طريق الاتفاق المباشر وأن تخص الصفقة بمقاول معين بناء على سندات طلب لإنجاز أشغال لا يتجاوز قيمتها مائة ألف درهم دون حاجة إلى إبرام عقد كتابي وقد أدلت المدعية بطلب اقتناء محرر من طرف المدعى عليها بتاريخ 25/10/1994 موضوعه القيام بأشغال إصلاح الطرق وأن العقد في صيغته عقدا إداريا بقوة القانون...10 في حين ذهب المجلس الأعلى في قرار صادر بتاريخ 6/7/2005 تحت عدد 565 ملف عدد 3318/4/1/2003 إلى أنه " لصرف النفقات العمومية قواعدها والتي لها مساس بالنظام العام، ومنها أن الصفقة ليست سوى تنفيذا لميزانية سبقت المصادقة عليها بصفة قانونية وأن ما زاد عن مبلغ معين لا يجوز أن يتم بمجرد سند طلب بل لا بد فيه من عقد مكتوب الفصل 51 من المرسوم رقم 479-76-2 كما عدل بالمرسوم رقم 1076-90-2 الصادر في 31/12/1990.
أما على مستوى المحاكم الإدارية فإن العمل القضائي دأب على عدم إقرار أحقية المتعاقد في الحصول على مستحقاته إلا بعد التأكد من مدى مطابقة سندات الطلب لسندات التسليم وكذا لما هو مدون بسجلات الإدارة سواء عن طريق البحث أو الخبرة.
يتجلى من كل ما تقدم أن القضاء الإداري وإن كان يسعى دائما إلى الحد من تعسف الإدارة حماية للمتعاقد كلما ثبت أنها أخلت بالتزاماتها إزاء هذا الأخير فإنه لا يتردد في إرجاع الأمور إلى نصابها حفاظا على المال العام. 

تعليقات