القائمة الرئيسية

الصفحات



المرحلة القضائية في قضايا نزع الملكية لأجل المنفعة العامة - الإشكالات والحلول – من إعداد: عبد السلام نعناني






المرحلة القضائية في قضايا 
نزع الملكية لأجل المنفعة العامة 
- الإشكالات والحلول –
من إعداد: عبد السلام نعناني
         رئيس غرفة بمحكمة
الاستئناف الإدارية بمراكش .






           إذا كان حق الملكية من الحقوق المضمونة دستوريا فإن نزع الملكية يعتبر أخطر إجراء يتعرض له المالكون، وصونا لهذا الحق كان لابد من إلزام من خوله المشرع نزع الملكية أن يباشرها وفقا للقانون رقم 7/81 المتعلق بنزع لأجل المنفعة العامة و الإحتلال المؤقت وإلا اعتبر معتديا اعتداءا ماديا على حق الملكية.
        وإذا كانت المرحلة الإدارية في نزع الملكية لا تطرح أية معوقات لأنها خاضعة للرقابة القضائية فان التطبيق القضائي للمقتضيات القانونية من القانون رقم 7/81 أبان عن كثير من الايجابيات وطرح العديد من الإشكالات التي حاول القضاء الإداري إيجاد الحلول لها وسأحاول تناولها من خلال دراسة النقط التالية. 
- خصوصيات طلبات الإذن بالحيازة ومدى توافقها وصلاحيات القضاء الاستعجالي و الإشكالات التي يطرحها المقرر في الفصل 18 من قانون نزع الملكية و المادة 32 من قانون المسطرة المدنية.
- مسالة الحق في التنازل وفق المادة 119 وما بعدها من قانون المسطرة المدنية و الحق في سحب الدعوى المقرر في القانون 7/81 و التراجع عن نزع الملكية وضرورة احترام مبدأ توازي الشكليـات.
- الإشكال القانوني الذي يطرحه تطبيق مقتضيات الفصل 28 من قانون التعمير فيما يتعلق بتصاميم التهيئة و الفصل 37 منه فيما يخص المساهمة المجانيــة.
- الإشكال الذي يطرحه الطعن بدعوى الإلغاء في مرسوم نزع الملكية إثناء جريان دعوى نزع الملكية وأثر إلغاءه.
- قانون نزع الملكية ومقتضيات الفصل 2 مكرر من الظهير الشريف المتعلق بالمكتب الوطني للكهربـــاء.
- وهل يمكن جبر نازع الملكية على التنفيذ بوسائل التنفيذ الجبري بما فيها الحجز والغرامة التهديـــديـة.

1- خصوصيات طلبات الإذن بالحيازة ومدى توافقها وصلاحيات القضاء ألاستعجالي و الإشكالات التي يطرحها الاستثناء المقرر في قانون نزع الملكية وتطبيقات المادة 32 من قانون المسطرة المدنية.
سأتناول ذلك من خلال البحث في مسألة التعذر الواردة في الفصل 18 من القانون رقم 7/81 ومسألة الأجل لإقامة الدعوى، ثم مسألة الوثائق وهل تقديم طلب الإذن بالحيازة رهين بإقامة دعوى نقل الملكية؟
أن مسطرة نزع الملكية تمر بمرحلتين أساسيتين مرحلة إدارية وأخرى قضائية، الإدارية وتشتمل على مجموعة من الإجراءات الإدارية و التقنية التي تلزم الإدارة بضرورة احترامها في حين تهدف المرحلة القضائية إلى حماية حق الملكية الذي يعتبر من الحقوق الدستورية، وذلك من خلال التأكد من احترام نازع الملكية لإجراءات المرحلة الإدارية و الحسم في مسألة التعويض وهذه المرحلة تشمل دعويين الأولى استعجاليه تنصرف إلى الإذن لنازع الملكية في حيازة العقار أو الحقوق العينية العقارية مقابل تعويض مؤقت وأخرى موضوعية غايتها الحكم بنقل الملكية مقابل التعويض النهائي.
لقد أسندت المادة 19 من القانون رقم 7/81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت لقاضي المستعجلات وحده الإذن للإدارة نازعة الملكية في حيازة عقار أو حقوق عينية عقارية مقابل دفع تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض المقترح من طرف نازع الملكية عن طريق إصدار أمر بذلك. 
وإذا كان عنصر الاستعجال لا يطرح أي إشكال لأنه مفترض بنص قانوني فان الإشكال قد يطرحه الاستثناء المنصوص عليه في المادة 18 من القانون المذكور الذي يقرر المبادرة في هذا النوع من القضايا لنازع الملكية فقط وكذا الاستثناء المنصوص عليه في المادة 3 من القانون المذكور التي تنص على مـا يـلي:
      " استثناء من أحكام الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية تقبل الطلبات الرامية إلى الإذن بالحيازة ولو لم ينص فيها على أحد البيانات المقررة في الفصل السابق إذا تعذر على نازع الملكية الإدلاء به".
فإذا كانت الغاية من الاستثناء المذكور هي التعجيل بمسطرة نزع الملكية فإن تعذر المقصود لا يجب أن يؤخذ على إطلاقه بل لابد في حالة المنازعة من بسط القضاء رقابته عليه حماية لحق الملكية وصونا لحق الدفاع خاصة وأن التطور العلمي أتاح للإدارة من الوسائل ما يكفي للتعرف على العقارات ومالكيها بالدقة التي تنتفي معها فرضية التعذر وتفادي الأخطاء المادية التي تعتري مرسوم نزع الملكية وهو ما يدفع القضاء إلى مراقبة مدى تطابق الوثائق و المواصفات مع البيانات المحددة بقرار نزع الملكية وقد قضى برد الطلب لوجود اختلاف بينهما - حكم إدارية البيضاء الصادر في الملف عدد 22/99 بتاريخ 11/5/1999-.
لذا فإننا نرى أن يبقى من حق المالك الماذون في حيازة عقاره أن ينازع الإدارة فيما ادعت به من تعذر التعرف إليه قصد ترتيب الآثار القانونية لذلك وفيما يتعلق بضرورة الإدلاء بالوثائق وأجل تقديم الدعوى في شقيها ألاستعجالي و الموضوعي فبالنسبة للوثائق يكاد اجتهاد القضاء الإداري يتوحد في أنه على طالب الإذن بالحيازة الإدلاء بكافة الوثائق المتعلقة بالمسطرة في مرحلتها الإدارية مع الإشارة إلى أن الخلاف لوحظ فيما يتعلق بضرورة الإدلاء بها في كافة الملفات عند تعددها رغم أن صيغة النص لم تأت بالوجوب فضلا على عدم إشارة نازع الملكية إلى الملف المدرجة به الوثائق مما يكلف قاضي المستعجلات وقاضي الموضوع وقتا إضافيا هو في حاجة إليه كما ذهب إليه أمر إدارية الدار البيضاء الصادر بتاريخ 22/7/1999 في الملف رقم 157/99 وحكمها الصادر بتاريخ 28/12/1998 في الملف رقم 157/98 ت، وبالنسبة لأجل تقديم الدعوى يتعين التفرقة بين أجل اتخاذ مقرر التخلي ومدة صلاحيته لأن القانون 7/81 في فصله السابع -الفقرة الثانية- نص على أنه يجب أن يصدر مقرر التخلي في أجل سنتين ابتداءا من تاريخ نشر المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمية، وإذا انصرم هذا الأجل دون أن يتم ذلك. تعين تجديد إعلان المنفعة العامة و الأجل المحدد يعتبر أجل سقوط لا أجل تقادم ويستتبع ذلك أنه لا يتوقف ولا ينقطع ويمكن للقضاء الإداري أن يثيره من تلقاء نفسه ويرتب على توفره الأثر القانوني اللازم علما أن الإدارات سارت تدمج مقرر التخلي في القرار المعلن للمنفعة العامة تفاديا للآثار التي قد تنشأ عن التأخير حيث لا يستجاب لطلب نزع الملكية حكم إدارية البيضاء الصادر بتاريخ 1999 في الملف رقم 14/99 ت.
لقد اختلفت المحاكم الإدارية فيما يتعلق بآجال تقديم دعوى الإذن بالحيازة إذ ذهبت كل من إدارية وجدة، ومكناس، وأكادير إلى اعتبار أن الأجل يخص دعوى نقل الملكية ودعوى الإذن بالحيازة في حين ذهبت كل من إدارية الرباط والبيضاء ومراكش و فاس انه يسري على دعوى الموضوع فقط في حين ان المشرع حدد الجزاء في الفصل العشرون في فقرته الثالثة عند حديثه عن القواعد الواجب مراعاتها في تحديد التعويض.
وبالنسبة لمن يسبق الدعوى الاستعجالية أم دعوى الموضوع وهل هناك من ارتباط بينهما فالمحكمة الإدارية بالدار البيضاء لم ترهن تقديم طلب الإذن بالحيازة بضرورة تقديم دعوى نقل الملكية لأنه لا ترابط عضوي بينهما وهذا فيه انسجام مع مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 149 من قانون المسطرة المدنية المحال عليه بموجب المادة السابعة من قانون المحاكم الإدارية الذي ينص على أنه يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبث بصفته قاضيا للمستعجلات سواء أكان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا...
رغم أن المشرع أكد أن القاضي الاستعجالي في نزع الملكية لا يقضي برفض الطلب الإذن بالحيازة إلا بسبب بطلان المسطرة فإن هذا الوضع نشأ عنه بعض الاختلاف بين المحاكم الإدارية إذ أكدت إدارية مراكش عدم ضرورة سبق دعوى الإذن بالحيازة دعوى نقل الملكية في حين أكدت إدارية أكادير ومكناس أن الإذن بالحيازة منوط بتقديم دعوى نقل الملكية ورتبت على عدم إرفاق المقال الاستعجالي بنسخة من مقال نقل الملكية جزاء عدم القبول.
ونحن نعتقد دفعا لكل اختلاف أن يتدخل المشرع بالنص على ضرورة إيداع المقالين ألاستعجالي ومقال دعوى الموضوع في آن واحد وذلك للأسباب التالية: 
- التعجيل بالمسطرة ضمانا لمصلحة الطرفين وخاصة المنزوعة ملكيته حيث يكون على بينة من الأمر فيبادر إلى سلوك مسطرة الاتفاق بالمرادات أو المنازعة في الطلب.
- التقيد بالآجال المنصوص عليه في الفصل 17 المذكور حتى لا تضطر الإدارة إلى تجديد إعلان المنفعة العامة ومنع السلطة نازعة الملكية من التقاعس عن الاستمرار في إجراءات نزع الملكية بعد حصولها الإذن بالحيازة تفاديا لمواجهتها بدعوى التعويض في المسؤولية الإدارية انسجاما مع مقتضيات المادة الثامنة عشر من القانون المذكور.
- التأكيد على ضرورة إرفاق الطلبات بنسخ من محاضر اللجن الإدارية للتقييم والتي يتعين إسناد مهمة رئاستها إلى قضاة المحاكم الإدارية.
2- مسألة الحق في التنازل وفق المادة 119 من ق م م، والحق في سحب الدعوى المقرر في قانون نزع الملكية والتراجع عن نزع الملكية وضرورة احترام مبدأ توازي الشكليات.
تنص المادة 119 من ق م م على أنه يمكن التنازل عن الدعوى المقامة بصفة أصلية أو عارضة أو عن الطلب المرفوع إلى القاضي في موضوع الحق وأن التنازل عن الدعوى يقبل في جميع القضايا المادة 120 من نفس القانون وتنص المادة 42 من القانون رقم 7/81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة على أنه إذا اتفق نازع الملكية والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته اللجنة بعد نشر مقرر التخلي وعلى كيفيات تفويت العقار أو الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها فإن هذا الاتفاق الذي يجب أن يبرم طبقا لمقرر التخلي ويدرج في محضر أمام السلطة الإدارية المحلية التابع لها العقار إذا كان المنزوع ملكيته يقيم في المكان المذكور؛ أما إذا كان المنزوع ملكيته غير مقيم بذلك المكان فإن هذا الاتفاق يبرم وفق مقتضيات القانون الخاص ...ويترتب عليه ابتداءا من تاريخ إيداعه لدى المحافظة العقارية جميع الآثار المنصوص عليها في الفصل 37 من القانون المذكور وكذا سحب الدعوى عند الاقتضاء من قاضي نزع الملكية أو من محكمة الاستئناف أو المجلس الأعلى.




   إن دعوى نزع الملكية من أجل المنفعة العامة كأي دعوى يمكن أن تنتهي بصدور حكم بنقل الملكية أو بالإذن بالحيازة كما أنه يمكن أن يحصل اتفاق بين طرفيها ينهي النزاع (حكم إدارية الدار البيضاء بتاريخ 11/11/2004 في الملف رقم 359/04 ) فإذا كان المشرع قد نص صراحة على قبول التنازل في جميع القضايا وأن جميع قواعد 
الاختصاص والمسطرة المدنية تطبق على قضايا نزع الملكية ما عدا في حالة الاستثناءات المنصوص عليها في قانون نزع الملكية المادة 49 فانه بالنسبة لقضايا نزع الملكية حدد الإطار الذي يترتب عنها إنهاء الخصومة بين نازع الملكية والمنزوعة ملكيته عن طريق الاتفاق بالمرادات وطبقا لمقرر التخلي وينتج عنه سحب دعوى من قاضي المستعجـلات أو من محكمة الاستئناف أو المجلس الأعلى، وهذه المسألة لا تطرح أي إشكال وقد أكد المجلس الأعلى على أن المحكمة إذا اعتبرت التنازل الحاصل مقدم في إطار مقتضيات المادة 119 من ق م م أن يتم تعليل الحكم انطلاقا من المقتضيات المذكورة، وإذا اعتبرت ذلك سحبا للدعوى أن تعلله انطلاقا من مقتضيات المادة 42 من قانون نزع الملكية. مما يتبين معه أن تراجع نازع الملكية عن نزع الملكية لأي سبب يخلق عدة إشكالات من أبرزها ضرورة احترام مبدأ توازي الشكليات (حكم إدارية الدار البيضاء الصادر في الملف رقم: 07/ 2004 بتاريخ:31/5/04) خاصة إذا كانت الإدارة نازعة الملكـية قد تحوزت العقـار أو بعد صدور حكم بنقل الملكية إليها ودون مبادرة منها لاستصدار مقرر معدل للمقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة أو لمقرر التخلي مما دفع القضاء الإداري إلى إنذارها بالإدلاء بما يفيد ذلك حتى يرتب الآثار القانونية التي توخاها المشرع من وضع القاعدة المذكورة وقد قضت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء برفض طلب الأشهاد على سحب الدعوى بعدما تبين أن طلب نازع الملكية تقدم به بعد الحكم بنقل الملكية كما قضت بحكم مستقل بعدم صحة التنازل نظرا لحضور المنزوعة ملكيته ومعارضته في ذلك مؤكدا تحوز الإدارة بعقاره وإجراءها أشغالا فيه (حكم إدارية الدار البيضاء عدد 909 في الملف رقم 528/2003ت الصــادر بتاريـــــخ: 11/12/2003) لكن المجلس الأعلى في قراره عدد 733 المؤرخ في 8/12/2004 قضى بإلغاء الحكم مؤكدا أن تنازل المدعي عن دعوى نقل الملكية تحكمه مقتضيات الفصل 43 من قانون نزع الملكية عند تراجع المدعي عن دعواه كلا أو بعضا و المحكمة لما بثت في طلب التنازل عن الدعوى استنادا إلى مقتضيات الفصل 119 من قانون المسطرة المدنية ولم تتأكد مما إذا كان المتنازل قد سلك المسطرة المنصوص عليها في الفصل 43 المشار إليه تكون قد أساءت تطبيق القانون وهو أمر إن كان يخرج الإدارة من صفة المعتدي ماديا بالمعنى الدقيق في حالة استصدارها الإذن بالحيازة فإنه يجعل استيلاءها على العقارات استيلاءا معيبا يعطي المتضرر منه حق مطالبتها بالتعويض – حكم إدارية مكناس عدد: 16/2002/12 ش بتاريخ 18/4/2002.
وأما أجل تقديم دعوى نقل الملكية فإن المشرع حدد الجزاء على التراخي فيه مؤكدا أنه إذا لم يدع نازع الملكية في ضرف أجل الستة اشهر ابتدءا من نشر مقرر التخلي أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للعقارات التي ستنزع ملكيتها المقال الرامي إلى الحكم بنزع الملكية وتحديد التعويض وكذا المقال الرامي إلى الإذن بالحيازة فإن القيمة التي يجب اعتبارها للحكم بالتعويض لا يجب أن تتجاوز قيمة العقار يوم أخر إيداع لأحد هذه المقالات بكتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قراره 391 الصادر بتاريخ 19/06/2003 في قضية وزارة التجهيز ضد بلقاضي نعيمة ملفين مضمومين تحت عدد 2266/02 وعدد 2265/02.
 وفيما يخص محضر الاتفاق بالتراضي فإن القضاء جعله في مرتبة الحكم النهائي القاضي بنقل الملكية حيث جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 304 الصادر بتاريخ 25/5/2005 في الملف 1830/3/204 بما أن الجماعة المستأنفة لا تنازع في محضر التراضي موضوع طلب التنفيذ الذي ينزل منزلة الحكم النهائي فإنه يجعل ذمتها مليئة اتجاه الطرف المستأنف عليه بالمبلغ المذكور بما يترتب عنه من فوائد قانونية نتيجة التراخي و التقاعس في الأداء.
3- الإشكال الذي يطرحه تطبيق مقتضيات الفصل 28 من قانون التعمير فيما يتعلق بتصاميم التهيئة والفصل 37 من نفس القانون.
تنص المادة 28 من القانون رقم 90/12 المتعلق بالتعمير على ما يلي: 
 يعتبر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعلان بان المنفعة العامة تستوجب القيام بالعمليات اللازمة لإنجاز التجهيزات المنصوص عليها في البنود 3 ,4 ,5 ,6 ,12 من المادة 19 المذكور أعلاه.
وتنتهي الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة عند انقضاء أجل 10 سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القانوني القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة الرسمية.... كمـــا نصـــت المادة 29 من نفس القانون على ما يلي: 
        يمكن أن يكون تصميم التهيئة بمثابة قرار تعين فيه الأراضي المراد نزع ملكيتها ...وتطبيق الأحكام المنصوص عليها في قانون نزع الملكية وذلك فيما يتعلق بالإجراءات والآثار المترتبة عليه.
  لقد نتج عن هذه المقتضيات عدة إشكالات سواء من حيث الاختصاص بالبث في الطلبات الناتجة عنها أو من حيث الحق في التعويض فمن حيث الاختصاص أكدت المحكمة الإدارية بالبيضاء اختصاصها بالبث في الطلبات الرامية إلى تعويض الملاك المشمولة أراضيهم بتصميم التهيئة، لكن المجلس الأعلى اعتبر أن الطعن في الآثار المترتبة عن مرسوم التهيئة يعتبر طعنا في المرسوم وبالتالي يرجع الاختصاص بالبث فيه إلى المجلس الأعلى – قراره عدد: 1682 الصادر بتاريخ: 07/12/2000 في الملف رقم 1677/4/1/2000 وفي قرار أخر اعتبر أن ذلك ليس طعنا في المرسوم وأكد اختصاص المحكمة الإدارية بالبث فيه – قرار المجلس الأعلى عدد 1150 بتاريخ 28/11/2002 في الملف الإداري رقم 2040/4/1/2002 مما دفع المحكمة إلى تأكيد اختصاصها بالبث في أثار تصميم التهيئة.
فإذا كان هذا الأمر قد تم الحسم فيه فإن عدم تقيد الإدارة بالمقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون نزع الملكية وذلك بإخضاع العقارات المشمولة بتصميم التهيئة للقانون المذكور دفع القضاء الإداري إلى تعويض الملاك تعويضا كاملا وفي إطار دعاوى الاعتداء المادي لأن إخضاع التعويض للمبادئ المقررة في قانون نزع الملكية يبقى رهين باحترام الإدارة لتلك المقتضيات حيث جاء في حكم المحكمة الإداري بأكادير"... انه للاستفادة من مقتضيات المادة 37 من قانون التعمير يلزم إما الحصول على رضى وموافقة ملاك العقارات المعنية وإما سلوك مسطرة نزع الملكية في إطار قانون نزع الملكية" (حكم عدد 79/78 بتاريخ: 16/07/1998 ملف عدد 42/97 غ) ونفس الأمر بالنسبة للمحكمة الإدارية بوجدة (حكم عدد 87/00 بتاريخ 07/06/2000) وهو اتجاه كرسته محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش في قرارها عدد 04 الصادر في الملف رقم 04/11/2006-2 المؤيد للحكم الصادر عن إدارية اكادير في القضية رقم 721/04 ش تماشيا مع ما أكده المجلس الأعلى في قراراته: (قراره عدد 127 بتاريخ: 27/02/2003 في الملف الإداري رقم 533/4/1/2002) الذي رسخ فيه القاعدة التالية "إن إعداد تصميم التهيئة ونشره بالجريدة الرسمية لا يعطي الحق لأي كان بالاستيلاء على الأراضي المشمولة بهذا التصميم وغصبها بل لابد من الاتفاق مع ملاك هذه الأراضي أو إتباع مسطرة نزع الملكية لإحداث الطريق" ولهذا يتعين على الإدارة تفاديا لإرهاق المالية العامة بتعويضات يمكنها تفادي أدائها عن طريق الاستفادة من بدأ المساهمة المجانية بالعمل على تفعيل تلك المعطيات من خلال إخضاع مرسوم التهيئة للقانون رقم 7/81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت لأن وضع اليد على العقار المنزوعة ملكيته بمقتضى مرسوم التهيئة دون سلوك الإجراءات الموالية لإصدار قرار التخلي كما هي منصوص عليها بالقانون المذكور يعتبر غصبا يرتب الحق في التعويض.
 لدا نرى أنه يتعين على الجهات المعنية بتصاميم التهيئة أن تعمل على احترام المقتضيات الآمرة في قانون نزع الملكية وأنه صار لزاما التدخل تشريعيا لقصر المدد التي تبقى خلالها العقارات المعنية في مقرارات التخلي خاضعة لمرسوم التهيئة لما قد يكون لذلك من أثر ايجابي على الملكية العقارية وتشجيع الاستثمار. 
4- الإشكال الذي يطرحه تطبيق مقتضيات الفصل 2 مكرر من القانون رقم 1.73.201 بتاريخ 19/9/1977 المعدل والمتمم للظهير الشريف رقم 1.63.226  بتاريخ 5/8/1963 المتعلق بالمكتب الوطني للكهرباء.
تنص المادة الثانية مكررة من القانون المتعلق بالمكتب الوطني للكهرباء على ما يلي: "رغبة في تمكين المكتب الوطني للكهرباء من ضمان تسيير المصلحة العمومية لإنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها: 
يؤدن له في احتلال أراضي الملك العمومي اللازمة لإقامة منشئات إنتاج الطاقة الكهربائية...........
ولا تؤدي ممارسة الحق في الحرمات المبينة أعلاه إلى تجريد المالك من ملكيته بأي وجه من الوجوه حيث أنه ينص صراحة على أن وضع الأعمدة على الجدران والواجهات والسقوف والسطوح لا يحول دون حقه في أعمال الهدم أو الإصلاح أو التعلية وإنشاء قنوات أرضية وأعمدة لناقلات الكهرباء الجوية...... 
وفيما يخص المنشآت التي لا تكفي الحرمات المشار إليها أعلاه لإقامتها يخول المكتب الوطني للكهرباء جميع الحقوق التي تعترف بها النصوص التشريعية والتنظيمية لفائدة الدولة أو الجماعات المحلية قصد تنفيذ أشغال عمومية ولاسيما في ميدان نزع الملكية والاحتلال المؤقت.″
إذا كان للمكتب الوطني للكهرباء امتياز قانوني في مد الخيوط ونصب أعمدة الكهرباء فإن ذلك طرح إشكالين: الأول يتعلق بالحدود التي يتعين عليه فيها سلوك مسطرة نزع الملكية والثاني يتعلق بحق ملاك العقارات في التعويض عما قد يلحقهم من ضرر جراء نصب أعمدة الكهرباء ومد الخيوط خاصة ما تعلق منها بالخيوط ذات التيار الكهربائي العالي ونوع التعويض الواجب القضاء به لفائدتهم.
لقد سبق للقضاء ألاستعجالي الإداري أن قضى بإيقاف الأشغال التي كان المكتب يجريها في عقار مملوك للغير معتبرا إن تلك الاشغال تستدعي منه سلوك مسطرة نزع الملكية لتعلقها بنصب أعمدة ذات تيار كهربائي عالي وأن من شأن ذلك حرمان المالك من التمتع بحقه في الملكية وفق ما يقرره القانون لكن المجلس الأعلى ألغى الأمر القضائي بعلة أن للمكتب امتياز في ما يقوم به من أشغال لكن القضاء الإداري أكد على أحقية المالك في مطالبة المكتب بالتعويض عن الضرر الذي لحقه وأيد المجلس الأعلى هدا الاتجاه فيما يخص مبدأ المسؤولية مطالبا بالبحث في الضرر البيئي عن طريق الخبرة معللا ذلك بأن إقامة الأعمدة الكهربائية فوق أرض المستأنف لئن كان يندرج في الارتفاقات القانونية المقررة لفائدة المكتب الوطني للكهرباء باعتباره مؤسسة عمومية لها امتياز قانوني في إنتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها، فإن ما يملكه من امتياز لا يحول دون حرمان ذوي الحقوق من المطالبة بالتعويض عما لحقهم من ضرر نتيجة حرمانهم الدائم من استغلال عقارهم على الوجه المطلوب بكامل أجزائه وهو ما يوازي الفقد الجبري لملكية الجزء المستغل (قراره عدد 350 الصادر بتاريخ 1/6/2005 في الملف الإداري رقم 2241/4/3/04).
5- الطعن في مرسوم نزع الملكية أثناء جريان دعوى نزع الملكية.
 تنص المادة 16 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على مايلي:
إذا رفعت إلى محكمة إدارية دعوى لها ارتباط بدعوى تدخل في اختصاص المجلس الأعلى ابتدائيا وانتهائيا أو في اختصاص محكمة الرباط الإدارية عملا بأحكام المادتين 9 و16 أعلاه يجب عليها أن تحكم تلقائيا أو بطلب أحد الإطراف بعدم اختصاصها وتحيل الملف بأسره إلى المجلس الأعلى أو محكمة الرباط الإدارية... إن المجلس الأعلى حسب المادة التاسعة ظل مختصا بالبث ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة ب:




- المقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن الوزير الأول.
- قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية.
قد يعمد المنزوع ملكيته إلى الطعن بالإلغاء في قرار نزع الملكية قبل أو أثناء جريان دعوى الإذن بالحيازة أو بعد صدور الإذن بها أو بنقل الملكية، وتكون الدعوى قطعت أشواطا ولربما صارت جاهزة للبث فيها، وفي نفس الوقت قد تكون نفس المحكمة بثت بنقل عقارات مشمولة بنفس المقرر إلى نازع الملكية بأحكام صارت نهائية ولربما نفد بعضها وأن إحالة القضية إلى المجلس الأعلى الذي عليه مراقبة المسطرة وتحديد مفهوم المنفعة العامة التي تستند إليه الإدارة نازعة الملكية انطلاقا من سلطتها التقديرية فانه لابد من الانطلاق من الفرضيات التالية:
صدور قرار إلغاء المرسوم قبل الإذن بالحيازة
....................................بعد الإذن بالحيازة
....................................قبل الحكم بنقل الملكية
....................................بعد الحكم بنقل الملكية
1- صدور قرار إلغاء المرسوم قبل الإذن بالحيازة
إن صدور قرار بإلغاء مرسوم نزع الملكية قبل استصدار نازع الملكية إذنا بحيازة العقار لا يطرح أي مشكل.
2- صدور قرار إلغاء المرسوم بعد الإذن بالحيازة
إن الإذن الذي يستصدره نازع الملكية لحيازة العقارات أو الحقوق العينية العقارية يبقى إذنا مؤقتا لأن الأوامر الاستعجالية لها حجية وقتية في حدود ما لم يستجد من الوقائع والأسباب التي كانت معروضة على أنظار قاضي المستعجلات وأن من حق قاضي المستعجلات أن يعدل عن أمره إذا تبين له إن الوقائع والأسباب، التي بني عليها هذا الأمر قد تغيرت- قرار المجلس الأعلى عدد 787 بتاريخ 11/6/1976.
وبالتالي تعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدور الإذن المذكور إذا لم تكن الإدارة قد تحوزت العقار وأجرت فيه بعض الأشغال حيث يكون من حق المالك مطالبتها بالتعويض عما يكون قد لحقه من ضرر.
3 - صدور قرار إلغاء المرسوم قبل الحكم بنقل الملكية.
في هذه الحالة يتعين على نازع الملكية أن يبادر إلى التقدم بطلب التنازل عن دعواه لأن التنازل يترتب عليه تخليه عن موضوع الحق ومحو الترافع أمام القضاء بالنسبة لطلب نزع الملكية المقدم إليه. 
      4- صدور قرار إلغاء المرسوم بعد الحكم بنقل الملكية . 
إن الحكم بنقل الملكية وتحديد التعويض حسب تعبير المادة 32 من قانون نزع الملكية حكم نهائي فيما يخص نقل الملكية وهو غير قابل للتعرض، (قرار المجلس الأعلى عدد45 الصادر في القضية رقم1898/4/3/2004 بتاريخ 19/1/2005) ولكن المشكلة قد تثور هي كيفية إلغاء الحكم إذا كانت الإدارة قد نفذته في شقه المتعلق بنقل الملكية وكان العقار محفظا، ففي هذه الحالة أرى أنه يتعين عليها استصدار حكم جديد بإلغاء الحكم السابق حتى يتسنى إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل.
      6- هل يمكن جبر نازع الملكية على تنفيذ بوسائل التنفيذ الجبري للإحكام بما فيها الحجز والغرامة التهديدية.
 غالبا ما تستصدر الإدارة أحكاما بنقل ملكية العقارات او الحقوق العينية العقارية أو تبرم اتفاقات بالتراضي مع المالكين وتمتنع عن أداء التعويضات المحكوم بها مما يضطر ذوي الحقوق إلى اللجوء إلى وسائل التنفيذ الجبري ضدها، وهنا طرح التساؤل هل يتعين الحكم في مواجهتها بالغرامة التهديدية؟ وهل يمكن الحجز على أموالها؟.
تنص المادة السابعة من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في ق.م.م ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ومناط ذلك أن المشرع أراد تكريس مبدأ وحدة القضاء ووحدة المتقاضين من خلال التسوية بين الإدارة والأشخاص العاديين في تطبيق المقتضيات المتعلقة بالتنفيذ.
أ‌- فيما يتعلق بالحجز:
لقد استقر العمل القضائي على إمكانية الحجز على الأموال العمومية مع مراعاة مبدأ التخصيص وعدم عرقلة السير العادي للمرفق العمومي المحجوز عليه،كما جاء في تعليل الحكم الصادر عن إدارية الدار البيضاء تحت عدد 806 في الملف رقم 670/2004 س بتاريخ 1/6/2004، إن مبدأ عدم جواز الحجز على ممتلكات الدولة الخاصة والعامة بسبب ملاءة  ذمتها وعدم جواز إجبارها على التنفيذ بما في ذلك من مصلحة عامة ليس أصلا مطلقا بل إنه رهين بالتحقق من كون هذه الأموال هي مرصدة لخدمة المرفق العام وحسن انتظامه كما أن القضاء الإداري قضى بتصحيح حجز ما للمدين لدى الغير – الإدارة – حكم عدد 111 في الملف رقم 61/2003 س بتاريخ: 17/04/2003 وذلك تمكينا للمنزوعة ملكيته من استيفاء تعويضه .
ب - وفيما يتعلق بالغرامة التهديدية :
تنص المادة 448 من ق م م على ما يلي: 
" إذا رفض المنفذ عليه أداء التزام بعمل او خالف التزاما بالامتناع عن عمل اثبت عون التنفيذ ذلك في محضره واخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية ما لم يكن سبق الحكم بها.." 
ثار النقاش حول المقصود بالمنفذ عليه وهل يشمل الإدارة كذلك وكان موقف القضاء واضحا في أن كلمة المنفذ عليه الواردة في الفصل المذكور جاءت عامة وشاملة لكل من أشخاص القانون الخاص و العام وكذلك بالنسبة لإمكانية الحكم بها على شخص الموظف الممتنع عن التنفيذ عندما يتبين أن امتناعه لا مبرر قانوني له لأن الأشخاص الذين يقع على عاتقهم تنفيذ الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضى به.
ويرفضون دون ما سبب مشروع تنفيذها يرتكبون خطأ شخصيا يرتب مسؤوليتهم – حكم إدارية الدار البيضاء عدد 297 بتاريخ 29/07/2003 في الملف رقم 222/2003س.
كما تمسك البعض بأنه لابد من أن يكون المطلوب في التنفيذ هو القيام بعمل    او الامتناع عن القيام بعمل وليس المطالبة بأداء مبلغ مالي وان المشرع رتب لفائدة المنزوعة ملكيته فوائد قانونية في الفصل 31 من قانون نزع الملكية لكن المجلس الأعلى حسم في الأمر من خلال قراره عدد 301 الـمـؤرخ    في 25/05/2005 الصادر في القضية رقم 3232/4/2/2003 بقوله بما انه من الثابت من أوراق الملف أن طلب تحديد الغرامة التهديدية يرجع إلى نزع ملكية قطعة أرضية من قبل وزارة التجهيز في ملك المدعي فإن ذلك يجعل الدعوى قائمة على أخد وعطاء أي على التزام كل طرف بأن يفي بالتزامه اتجاه الطرف الأخر وأن تنفيذ جزء دون أخر، يعد من قبيل عدم التنفيذ وهو يجيز تدخل القضاء لفرض الغرامة التهديدية ما دامت الغاية من إصدار الأحكام هو الوصول إلى تنفيذها وأن رفض أداء مبلغ مالي يدخل في باب الامتناع عن القيام بعمل ما دام كل منهما يصب في منحى واحد هو الامتناع عن التنفيذ.

تعليقات