القائمة الرئيسية

الصفحات



مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج بين النظرية والتطبيق ذ. امحمد العسري





مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج بين النظرية والتطبيق
ذ. امحمد العسري
قاضي بالمحكمة الابتدائية بمكناس



تمهيد: لقد شكلت المقتضيات الواردة في مدونة الأسرة نقطة تحول كبرى في حياتنا الاجتماعية وأحوالنا الشخصية والمؤسسات التي تعنى بهذا المجال، وقد استمدت قواعدها القانونية من روح الشريعة الاسلامية السمحة، وقيمها النبيلة، ومقاصدها العامة التي جاءت لجلب المصالح، ودرء المفاسد وحماية الحقوق واشاعة ثقافة الفضيلة والاستقرار والسكينة في الحياة، واقرار مبدأ العدل والمساوة بين جميع الناس ذكورا واناثا صغارا وكبارا ومن مختلف الأجناس والألوان، يقول الامام الشاطبي " أن كل حكم تصدى القرآن لبيانه أو السنة لتوضيحه فهو مشتمل على مصالح العباد وأن هذه المصالح مهما تعددت أو تجددت فمن الممكن تحصيلها من خلال المحافظة على دينهم وعقولهم ونسلهم وأنفسهم وأموالهم " (1)...
وهذه المقتضيات التي جاءت بها مدونة الأسرة عميقة وجوهرية اتسع نطاقها لتشمل مختلف كتبها بدءا بالزواج وانحلال ميثاقه، ومرورا بالولادة ونتائجها، وانتهاء بالأهلية والنيابة الشرعية والوصية الواجبة... إلا أنني سأركز في هذه المداخلة على الزواج العادي والمختلط والمسطرة المتبعة فيهما وعلى المؤسسة القضائية التي تشرف على هذا المجال الحيوي من حياة الناس، والاختصاصات المسندة إليها والصعوبات والإشكالات التي تعترضها أثناء التطبيق، والحلول المقترحة لها، وذلك من خلا ل المباحث التالية:
 المبحث الأول: التعريف بالزواج، وأهميته في بناء الأسرة واستقرار
 المجتمع.
المبحث الثاني: التأصيل الفقهي لأحقية المرأة في الولاية في الزواج.
المبحث الثالث: اختصاصات قاضي الأسرة المكلف بالزواج.
وقد قسمت هذا المبحث الأخير إلى سبعة مطالب:
المطلـب الأول: الإذن بزواج من لم يبلغ سنه القانوني
المطلب الثاني: البت في طلبات زواج القاصر اذا امتنع نائبه الشرعي
 عن تزويجه.
المطلب الثالث: الإذن بزواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية.
المطلب الرابع: الإذن بابرام عقد الزواج عن طريق الوكالة.
المطلب الخامس: الإذن بتوثيق عقد الزواج والتأشير على ملف المستندات
 المتعلقة به.
المطلب السادس: الإذن بزواج معتنقي الاسلا م والأجانب.
المطلب السابع: اشعار المرأة المراد التزوج بها بان خاطبها متزوج بغيرها.
المبحث الأول: التعريف بالزو اج
إن الزواج عقد مقدس شرعه الله لإقامة الأسرة على أساس متين من الترابط والألفة والمودة بقصد الدوام والاستمرار والاستقرار وإعمار الأرض وتكثير سواد الأمة وضمان حياة مشتركة بين الرجل والمرأة تقوم على الاخلاص والرحمة والتفاني في العمل لصالح الأسرة التي تعتبر الخلية الأولى في المجتمع وأهم قناة للتربية وتكوين الأجيال... قال تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "(2).
وقد تضمن تعريف الزواج في مدونة الأسرة مقتضى جديد يهدف إلى إقرار مبدأ المساواة بين الزوجين في رعاية الأسرة والأولاد وفي الحقوق والواجباب المتبادلة بينهما بما يكفل لهما السكينة والاستقرار والعيش الكريم، حيث جاء في المادة الرابعة من مدونة الأسرة على أن "الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام غايته الاحصان والعفاف وانشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين طبقا لاحكام هذه المدونة".
وهذا المقتضى ينسجم مع قوله صلى الله عليه "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"(3)، فالزوج راع في بيته وهو مسؤول عن رعيته وأولاده، والزوجة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها وأطفالها،... في إطار تكاملي يجعل كل واحد منهما ملقاة على عاتقه تبعات مادية وأدبية تجاه الطرف الآخر، وتجاه أبنائه، تفرض عليه القيام بالعمل والكسب لضمان الحياة الكريمة لأفراد الأسرة، وتلزمه لكي يضطلع بالتوجيه والتقويم وتربية أولاده على الفضيلة ومكارم الأخلاق، وتلقينهم القيم المثلى القائمة على العدل والمساواة والعلم والعمل وحب الوطن واحترام الحقوق والواجبات، حتى يكونوا أفرادا فاعلين في المجتمع، ومساهمين في تنميته وازدهاره لا عالة عليه وسببا في تأخره وانهياره.
المبحث الثاني: التأصيل الفقهي لأحقية المرأة في الولاية في الزواج
إن الولاية في اللغة تطلق على معان كثيرة منها "النصرة" وتعني الغيرة والعصبة، وهي اسم لما يتولاه الشخص ويقوم به من أعمال.
وفي الاصطلاح الفقهي: "هي قوة شرعية يملك صاحبها النظر في شؤون غيره وتنفيذ القول عليه عن طريق الإلزام(4) وهي بهذا المعنى تعتبر رخصة شرعية تخول لصاحبها الإشراف على شؤون من هو تحت ولايته، للقيام بجميع التصرفات القانونية تجاهه بما يضمن مصلحته ويغطي حاجياته، تحت مراقبة القضاء...
وتنقسم الولاية إلى ثلا ثة أقسام :1 – الولاية على المال 2– الولاية على النفس 3– الولاية في الزواج.
 1 - فالأولى تعني حماية أموال المولى عليه وصيانتها وتنميتها واستثمارها وحلول الحاجر محل المحجور في جميع تصرفاته القانونية، وتقدير حاجياته الضرورية والوفاء بالتزاماته الشرعية، مع الاحتفاظ بهذه الأموال إلى حين تسليمها للمحجورعقب الحساب النهائي الذي يقد مه له الحاجر عند رشده وانطلا قه من الحجر، وفق اجراءات وقيود منصوص عليها في القانون.
 2 - أما الثانية أي الولاية على النفس، فهي سلطة قانونية تخول للولي الإشراف على شؤون القاصر والعمل على تعليمه وتوجيهه ومساعدته وتربيته على قيم ومبادئ دينية وأخلا قية وإعداده ليكون مواطنا صالحا وعضوا نافعا في مجتمعه، حتى يصبح قادرا على القيام بشؤونه هو بنفسه...
وتنتهي مدتها طالما لم يوجد من أسباب القصور ما يستوجب استمرار هذه الولاية.
 3 - والثالثة: أي الولاية في الزواج، وهي ولاية خاصة بالمرأ ة، مهمة الولي فيها تقتصر على العقد على المرأة عند زواجها، وتعطي له الحق في الاعتراض على هذا الزواج عند انعدام الكفاءة فيه، وكانت تسند هذه الولاية إلى العصبة الذكور دون الإناث حسب شدة القرابة، ووفق الترتيب المذكور في كتب الفقه المالكي في ظل مدونة الأحوال الشخصية السابقة.
 - وقد اختلف المالكية في هذا النوع من الولاية هل هي حق المرأة أو حق للولي؟
- فذهب ابن حبيب إلى أن الولاية حق للولي ؟
- وذهب ابن القاسم إلى أن الولاية حق للمرأة، ولا يجوز للولي أن يعقد عليها الا بإذنها وبتفويض منها له في ذلك، ويستدل على هذا الرأي بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "الثيب أحق بنفسها من وليها"(5) وبقصة الصحابية خولة بنت خدام التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي زوجني من ابن أخيه وأنا كارهة له، فقال لها عليه السلام: "اتجيزين ما فعل أبوك، فقالت: لا أحبه. فقال لها عليه السلام: افعلي ما شئت، فقالت: أجزت يا رسول الله ما فعل أبي، ولكن أردت أن يعلم الرجال أن ليس لهم من أمر النساء شيء."(6)
واستنادا إلى هذه النصوص والقواعد الفقهية فقد جاءت مدونة الأسرة بمقتضى جديد في موضوع الولاية في الزواج – اعتمادا على قول ابن القاسم المالكي - يقوم على تقرير أن الولاية حق للمرأة الرشيدة تمارسها حسب اختيارها ومصلحتها، بحيث أعطت للمرأة الرشيدة الحرية الكاملة في أن تعقد على نفسها أو تفوض ذلك لأبيها أولآحد أقاربها، دون الخضوع لأي موافقة من أحد... المادتان (24، 25 من مدونة الأسرة).
وبهذا تكون مدونة الأسرة قد وضعت حدا لولاية الزواج الالزامية بالنسبة للمرأة الرشيدة في جميع الأحوال، وأبقت هذه الولاية فقط على الشخص القاصر ذكرا كان أو أنثى، تكريسا لمبدأ المساواة بين الجنسين الذي يتجلى في كثير من الأحكام الشرعية، خصوصا اذا علمنا أن المبررات التاريخية والاجتماعية والعائلية التي كانت سببا في فرض الولاية في الزواج على المرأة الرشيدة لم يعد لها وجود في وقتنا الحاضر الذي اقتحمت فيه المرأة جميع مناحي الحياة وبلغت من النضج والوعي الثقافي والتكوين ما يؤهلها لممارسة جميع حقوقها بدون قيد أو شرط، لا فرق بينها وبين شقيقها، الرجل متى بلغ كل منهما سن الرشد، والقاصر من الجنسين هو الذي تشمله الرعاية والولاية والحجر ويخضع في جميع تصرفاته المالية والشخصية إلى المراقبة والإذن والموافقة والإجازة...
المبحث الثالث: اختصاصات قاضي الأسرة المكلف بالزواج.
نظرا للأهمية البالغة لقضايا الأسرة باعتبارها الخلية الأولى والنواة الأساسية في المجتمع فقد عمد المشرع المغربي إلى خلق مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج الى جانب قضاة التوثيق وشؤون القاصرين وقضاة الأحكام، وأناط بها عدة اختصاصات نبرزها من خلا ل المطالب التالية:
المطلب الأول: الاذن بزواج من لم يبلغ سنه القانوني.
اذا كانت المادة 19 من مدونة الأسرة تنص على أن أهلية الزواج تكتمل ببلوغ الفتى والفتاة سن 18 سنة شمسية. فالمادة 20 منحت لقاضي الأسرة المكلف بالزواج الصلاحية في أن يأذن للفتى والفتاة بالزواج ولو لم يبلغ أحدهما هذا السن، وهذا الاذن يجب أن يصدر بقرار معلل يبرز فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، وذلك بعد الاستماع للأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو اجراء بحث اجتماعي في الموضوع، للتأكد من مدى قدرة القاصر على تحمل أعباء الزواج وأن في زواجه مصلحة وسداد...
والملاحظ أن النص لم يحدد السن الأدنى لإمكانية صدور الاذن بالزواج، لكن قيده بشروط لا بد من مراعاتها للتأكد من أن المأذون له يتوفر على النضج والأهلية الجسمانية لتحمل تبعات الزواج والحقوق والواجبات المترتبة عنه، وعلى التمييز الكافي لصدور الرضى بالعقد. والمقرر الذي يصدره قاضي الأسرة المكلف بالزواج في هذا الصدد قابل للتنفيذ بمجرد صدوره ولا يقبل أي طعن (م: 20 من مدونة الأسرة)، أما القرار الصادر بالرفض فيكون قابلا للطعن طبقا للقواعد العامة.
 والإشكال المطروح هنا هوأنه في حالة ادلاء الأم بحجة لفيفية تثبت غيبة أب القاصر غيبة اتصال وانقطاع مدة طويلة... هل تنتقل الولاية مباشرة الى الأم تطبيقا للمادة 238 من مدونة الأسرة استنادا على هذه اللفيفية، أولا بد من استصدار حكم قضائي نهائي في الموضوع يصرح بغيبة الأب ؟ علما أن زواج القاصر متوقفا على موافقة نائبه الشرعي.
نقترح في هذه الحالة ضرورة استصدار حكم قضائي نهائي يصرح بغيبة الأب، لأن الشهادة اللفيفية تعتبر بداية حجة ليس إلا، قد تعتمدها المحكمة وقد تستبعدها لسبب من الأسباب...
المطلب الثاني: البث في طلبات زواج القاصر اذا امتنع نائبه الشرعي
 عن تزويجه.
إن موافقة النائب الشرعي تعتبر شرطا لازما وضروريا لابرام عقد زواج القاصر. وذلك بتوقيعه مع هذا الأخير على طلب الاذن بالزواج وحضوره ابرام العقد.وهذا ما نصت عليه المادة 21 من مدونة الأسرة اذ جاء فيها : "زواج القاصر متوقف على موافقة نائبة الشرعي." وتتم موافقة النائب الشرعي بتوقيعه مع القاصر على طلب الاذن بالزواج وحضوره إبرام العقد.
1 - واذا امتنع النائب الشرعي ورفض تزويج هذا القاصر فان قاضي الأسرة المكلف بالزواج يبث في الموضوع بعد رفع الأمر اليه من طرف القاصر أو أحد أقاربه. قال تعالى: "ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن اذا تراضوا بينهم بالمعروف"(7).
وقد قرر الفقهاء أن ولاية الزواج في هذه الحالة تنتقل الى القاضي مباشرة دون غيره من الأولياء، لأن العضل ظلم وولاية رفع الظلم من اختصاص القضاء.
ويتعين على القاضي المختص أثناء نظره في الملف استحضار أسباب امتناع الولي من تزويج من هو تحت ولايته، فاذا كان الامتناع مبررا ومشروعا رفض الاستجابة لطلب القاصر، واذا كان سبب المنع غير مشروع استجاب لطلبه متى تأكدت له المصلحة من هذا الزواج، ومتى توفرت له القناعة على قدرة القاصر اقتحام حياة زوجية سليمة، وأذن لهذا القاصر بالزواج بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستعانة بخبرة طبية أو بحث اجتماعي في الموضوع طبقا للمادة 20 من مدونة الأسرة...
واذا ما تم زواج القاصر فانه يكتسب الأهلية المدنية في ممارسة كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات... وفي حالة اذا ما وقع خلاف بين الزوج القاصر ونائبه الشرعي حول تقدير أو كيفية أداء ما يحتاجه القاصر من تكاليف مالية لحياته الزوجية كتقدير النفقة الشهرية أو السنوية مثلا،
أو طريقة تسليمها الى الزوج المعني بالأمر، رفع النزاع الى المحكمة لتفصل فيه
(م : 22 من مدونة الأسرة).
والإشكال المطروح هو أنه في حالة غيبة أم القاصرة أو امتناعها عن حضور الجلسة - بعد توصلها بالاستدعاء - قصد الاستماع إليها تطبيقا للمادة 20 من مدونة الأسرة، هل يتم البث في الملف في غيبتها أو لا بد من حضورها ؟
نعتقد أن حضور الأم في هذه الحالة يكون على سبيل الاستئناس فقط، ولا يحول دون البث في الطلب في غيبتها، سيما اذا كان النائب الشرعي الذي يتوقف زواج القاصر على موافقته حاضرا في الجلسة وأبدى موافقته على هذا الزواج، وذلك اعمالا لقاعدة التيسير ورفع الحرج.

المطلب الثالث: الاذن بزواج المصاب باعاقة ذهنية.
إن أهلية الزواج للشخص المصاب بالاعاقة الذهنية تكون ناقصة ولو تجاوز سن الثامنة عشرة من عمره، ولا يسمح له بابرام عقد الزواج الا بعد الحصول على اذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج. وهذا الاذن لا يمنح الا بناء على تقرير طبيب خبير أو أكثر تحدد فيه نوعية الاعاقة ومدى امكانية أو عدم امكانية تزويجه.
فاذا تبين من خلال التقرير الطبي أن الإعاقة المذكورة لا تحول دون قيام علا قة زوجية عادية بين الطرفين، فان هذا التقرير يعرض على الطرف الآخر الذي يجب أن يكون راشدا وكامل الأهلية حتى يعبر صراحة عن موافقته على هذا الزواج... ولا يكفي هذا التعبير أن يكون شفويا، بل لا بد أن ينص عليه في المحضر ومضمنا في وثيقة الزواج وأن يكون مدونا في تعهد رسمي، وبعد ذلك يأذن القاضي المختص بزواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية (م 23 من مدونة الأسرة).
المطلب الرابع: الإذن بإبرام عقد الزواج عن طريق الوكالة.
الأصل أن عقد الزواج يبرمه المتعاقد بنفسه. إلا أن المشرع رخص للراغب في الزواج توكيل غيره لينوب عنه في إبرام عقد الزواج وذلك من باب التيسير ورفع الحرج عن الذين لم تسمح لهم ظروفهم الشخصية بالحضور لإبرام عقد الزواج بأنفسهم، خصوصا العمال المغاربة المقيمين بالخارج والجنود الذين يعملون بالصحراء المغربية، ومن كان في حكمهم. وهكذا نصت المادة 17 من المدونة على أن عقد الزواج يتم بحضور أطرافه، غير أنه يمكن التوكيل على إبرامه بإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج وفق الشروط الآتية :
1 – وجود ظروف خاصة لا يتأتى معها للموكل أن يقوم بابرام عقد الزواج بنفسه.
2 – تحرير وكالة عقد الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها.
3 – أن يكون الوكيل راشدا متمتعا بكامل أهليته المدنية، وفي حالة توكيله من الولي يجب أن تتوفر فيه شروط الولاية وهي: أن يكو ن ذكرا، بالغا، عاقلا، مسلما، غير محرم بحج أو عمرة.(8)
4 – أن يعين الموكل في الوكالة اسم الزوج الآخر ومواصفاته والمعلومات المتعلقة بهويته وكل المعلومات التي يرى فائدة في ذكرها.
5 - أن تتضمن الوكالة قدر الصداق – المعجل منه والمؤجل – وأن يحدد الموكل – عند الاقتضاء - الشروط التي يريد ادراجها في العقد، والشروط التي يقبلها من الطرف الآخر.
6 – أن يأشر القاضي المذكور على هذه الوكالة بعد التأكد من توفرها على الشروط سالفة الذكر.
المطلب الخامس: الإذن بزواج معتنقي الاسلا م والأجانب.
من المعلوم أن مسطرة الحصول على الإذن بالزواج المختلط والمستندات المتطلبة لانجازه والجهة المكلفة بمنح الإذن بإبرامه كانت منظمة بمقتضيات المناشير الوزارية الصادرة عن وزارة العدل تحت عدد 6/95 وتاريخ 14 صفر 1416 موافق 13/07/1995 وعدد 94 س 2 وتاريخ 20/06/2003 وعدد 55 س 2 وتاريخ 04/07/2003... وكان السيد الوكيل العام للملك والسيد قاضي التوثيق هما اللذان يباشران هذه المسطرة ويراقبان مثل هذا النوع من الزواج، والتأكد من مخالفته للنظام العام المغربي، كل في حدود اختصاصاته.
وبقي الأمر على ما هو عليه الى أن صدر القانون رقم 03.70 بمثابة مدونة الأسرة بتاريخ 3 فبراير 2004 الذي نص صراحة في الفقرة الخامسة من المادة 65 من المدونة على أن قاضي الأسرة المكلف بالزواج هو الجهة المختصة في إصدار الإذن بزواج معتنقي الاسلام والأجانب.
وقد أوضح المنشور الوزاري عدد 46 س 2 الصادر عن السيد وزير العدل بتاريخ 05/12/2006 أن هذا الإذن لم يبق مقتصرا على الزواج المختلط فحسب وإنما أصبح اعم واشمل وان المعنيين به هم معتنقوا الإسلام ولو كانوا مغاربة، أو أجانب، سواء كان الراغبان في الزواج أجنبيين معا أو كان احدهما أجنبيا، والآخر مغربيا، وهذا الإذن يطالب المعني بالأمر بإدلاء به عند تقديم طلب الإذن بتوثيق عقد الزواج، وكذا عند إقامة دعوى الزوجية، ما عدا إذا كان طرفاها يتوفران على عقد زواج أبرم خارج المغرب.
كما بين هذا المنشور الإجراءات الواجب إتباعها للحصول على هذا الإذن والوثائق المتطلبة فيه، وذلك على الشكل التالي :
للحصول على الإذن بزواج معتنقي الإسلام والأجانب يتعين على المعنيين بالأمر الإدلاء لدى قاضي الأسرة المكلف بالزواج بالوثائق التالية:
1- طلب في الموضوع يتضمن هوية المعني بالأمر كاملة.
2- نسخة من رسم الولادة.
3- صورة مصادق عليها من بطاقة التعريف الوطنية أو ما يقو مقامها، تضاف إليها وثائق أخرى حسب الحالات التالية:
- إذا كان صاحب الطلب مغربيا أعتنق الإسلام فيجب الإدلاء بوثيقة اعتناق الإسلام.
- إذا كان صاحب الطلب أجنبيا فيتعين الإدلاء بالإضافة إلى الوثائق المذكورة أعلاه المستندات التالية:
* شهادة الكفاءة في الزواج أو ما يقوم مقامها (مصادق عليها بوزارة الخارجية).
* شهادة الإقامة إذا كان المعني بالأمر مقيما بالمغرب أو ببلد غير بلده الأصلي مع مراعاة مدة صلاحيتها.
* أربع صور فوتوغرافية شخصية حديثة.
* شهادة الجنسية مصادق عليها بوزارة الخارجية.
* شهادة اعتناق الإسلام إذا تعلق الأمر بمعتنق له.
4 - في حالة الزواج المختلط يجب على الطرف الأجنبي الإدلاء بالإضافة إلى الوثائق المشار إليها سابقا بما يلي:
* شهادة عدم السوابق العدلية، تسلم له من السلطات الوطنية لبلده أو ببلد إقامته.
* شهادة من السجل العدلي المركزي الخاص بالأجانب تسلم له من المصلحة الخاصة بوزارة العدل المغربية.
* شهادة تبين مهنته ودخله.
* الإذن بالزواج بالنسبة للشخص العماني أو القطري الجنسية يسلم من وزارة الداخلية لبلد المعني بالأمر.
* نسخة من رسم الطلاق أو حكم نهائي بالتطليق مذيلا بالصيغة التنفيذية، إذا كان هذا التطليق صادرا عن محكمة أجنبية، ويتعلق بزواج أبرم وفق القانون المغربي.
وبعد الإدلاء بهذه الوثائق حسب كل حالة على حدة، فان قاضي الأسرة المكلف بالزواج المختص أو - المحكمة في حالة دعوى الزوجية – يفتح ملفا للمعنيين بالأمر ويوجه كتابا مرفقا بصور الوثائق المطلوبة الى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التابع لها قسم قضاء الأسرة، من أجل إجراء بحث دقيق في الموضوع – بواسطة الجهات المختصة – للتحقق من انتفاء موانع الزواج والتأكد من كون الطرف الأجنبي ذا سلوك حسن ولا تحوم حوله شبهات بالنسبة للأ من والنظام العامين وكذا التأكد من نشاطه المهني ومصدر دخله.
وإذا كانت نتيجة البحث ايجابية فان السيد وكيل الملك يوجه جوابا الى السيد قاضي الأسرة المكلف بالزواج يفيد فيه أنه لا يوجد مانع من إبرام عقد الزواج بين المعنيين بالأمر طبقا لقواعد الشريعة الإسلامية. وبعد ذلك يصدر هذا الأخير إذنا بعقد زواج معتنقي الإسلام والأجانب طبقا لمقتضيات مدونة الأسرة. بواسطة عدلين تابعين لدائرة نفوذ المحكمة التي يعمل بها...
أما إذا أسفر البحث على نتائج سلبية تتعارض مع النظام العام المغربي وقواعد الشريعة الإسلامية فان السيد قاضي الأسرة المختص يصدر قرارا يصرح فيه برفض الطلب.
ولا يخلو هذا النوع من الزواج من إشكالات وصعوبات أثناء التطبيق، خصوصا في الحالة التي يكون فيها الطرف الأجنبي متزوجا بامرأة أولى أو ثانية أو ثالثة ويرغب في الزواج بامرأة أخرى مغربية هل تطبق عليه مقتضيات المواد: 2 و40 وما يليها و65 من مدونة الأسرة أثناء سريان مسطرة التعدد، على اعتبار أن المرأة المراد التزوج بها مغربية، أو يطبق عليه قانون موطنه الشخصي ؟
نرى في هذه الحالة أن على المحكمة المختصة المعروض على أنظارها طلب الإذن بالتعدد أن تطبق قانون موطن هذا الشخص، فإذا كان يسمح له بالتعدد بدون قيد أو شرط أذنت له، وإذا كان لا يسمح له بذلك رفضت الطلب، إعمالا لقواعد الإسناد... لأن المرأة المغربية المراد التزوج بها من شخص أجنبي ليست طرفا في دعوى التعدد.
المطلب السادس: الإذن بتوثيق عقد الزواج والتأشير على ملف المستندات المتعلقة به.
تضمنت المادة 65 من مدونة الأسرة وما بعدها مقتضيات تخص الإجراءات الإدارية والشكلية لإبرام عقد الزواج. إذ ألزمت الراغب في الزواج بتقديم طلب الى قاضي الأسرة المكلف بالزواج الذي يقوم بفتح ملف لعقد الزواج يحفظ بكتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة لمحل إبرام العقد، يشار فيه الى اسم الخاطب واسم المخطوبة وعنوانهما. ويضم الوثائق المشار إليها في المادة 65 وهي كالآتي :
1 – مطبوع خاص بطلب الإذن بتوثيق عقد الزواج يحتوي على معلومات عن الخاطب ومعلومات عن المخطوبة، وعن الزواج المرغوب فيه هل هو زواج أول أو ثان أو تجديد عقد الزواج بين نفس الطرفين، أو زواج مختلط.
2 - نسخة من رسم الولادة للخطيبين ويشير ضابط الحالة المدنية في هامش العقد بسجل الحالة المدنية الى تاريخ منح هذه النسخة ومن أجل الزواج.
3 – شهادة إدارية لكل من الخطيبين محررة وفق البيانات المشار إليها في القرار المشترك لوزيري العدل والداخلية الصادر بتاريخ 2 مارس 2004.
4 – شهادة طبية لكل من الخطيبين محررة وفق البيانات المذكورة في القرار المشترك لوزيري العدل والصحة الصادر بتاريخ 2 مارس 2004.
5 – الإذن في الزواج في الحالات الآتية وهي:
 - الزواج دون سن الأهلية.
 - التعدد في حالة توفر شروطه المنصوص عليها في المادة 40 وما يليها من مدونة الأسرة.
 - زواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية
 - زواج معتنقي الاسلام والأجانب
6 – شهادة الكفاءة بالنسبة للأجانب أو ما يقوم مقامها.
وبعد اطلاع قاضي الأسرة المكلف بالزواج على تلك الوثائق والتأكد من سلامتها وصحتها يؤشر على ملف مستندات المتعلقة بالعقد، ويأذن لعد لين تابعين لدائرة نفوذه بتوثيقه طبقا للقواعد المنصوص عليها في مدونة الأسرة والنصوص التنظيمية المرتبطة بها، وبعد خطاب قاضي التوثيق على عقد الزواج يوجه ملخصه مرفقا بشهادة التسليم الى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين داخل أجل (15) يوما من تاريخ الخطاب على هذا العقد.
 وهناك إشكال يتعلق بطلبات الزواج لغير المسجلين في الحالة المدنية هل سيستجاب لها أم لا ؟
نقترح في هذه الحالة إدلاء المعنيين بالأمر لدا قاضي الأسرة المكلف بالزواج بشهادة الولادة وشهادة عدم التسجيل في الحالة المدنية ونسخة من المقال مؤدى عنه الرسوم القضائية وشهادة ضبطية تثبت أن دعوى التسجيل في الحالة المدنية رائجة أمام المحكمة المختصة، بالإضافة الى المستندات الأخرى المنصوص عليها في المادة 65 من مدونة الأسرة وبعد ذلك يؤذن لهؤلاء الشباب بالزواج استنادا على هذه الوثائق، خوفا من تعرضهم للعنت والضياع والفساد.. خصوصا إذا علمنا أن بعض دعاوى التسجيل في الحالة المدنية قد تستغرق أمدا طويلا سيما إذا كان أطرافها لا يتوفرون على عقد الزواج أو الحكم بثبوت الزوجية أو أي وثيقة تثبت النسب.
المطلب السابع : إشعار المرأة المراد التزوج بها بأن خاطبها متزوج بغيرها.
إذا رأت المحكمة أن طلب التعدد مبرر بعد تأكدها من توفر الزوج طالب التعدد على إمكانيات مادية وعلى القدرة على توفير العدل بين الزوجات في جميع أوجه الحياة، وثبت لديها المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد. بعد القيام بالإجراءات القانونية فإنها تأذن به بمقرر نهائي غير قابل للطعن. وفي هذه الحالة فإنه لا يتم العقد مع المراد التزوج بها إلا بعد إشعارها من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج بأن مريد الزواج بها متزوج بغيرها للتعبير عن رضاها بـذلك. ويضمن هذا الإشعار والتعبير عن الرضى في محضر رسمي. وهذا الإجراء وقائي الهدف منه هو حماية المرأة المراد التزوج بها. إذ قد تعتقد أنها ستكون الزوجة الوحيدة لخاطبها ثم تفاجأ بعد ذلك بواقع لم يكن بالحسبان فيكون لذلك نتائج وخيمة.
الخاتمـة:
وختاما يحق لنا أن نقول وبمناسبة مرور أكثر من ثلاث سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق إن هذه المدونة التي جاءت لإنصاف المرأة وصيانة كرامة الرجل، وحماية حقوق الطفل، والحفاظ على تماسك الأسرة واستقرارها من التشرد والضياع والانحراف... في تناغم وانسجام تامين مع مقاصد الشريعة الإسلامية وفلسفتها العامة، وفي الملاءمة مع المواثيق والمعاهدات الدولية... قد أعطت نتائج ايجابية... بالرغم من بعض الصعوبات والإشكالات المطروحة أثناء التطبيق والتي تفتقر في بعض الأحيان إلى السند القانوني والى اجتهاد المجلس الأعلى في الموضوع الذي يعتبر أعلى سلطة قضائية في تفسير القانون وتأويله وبيان مجمله وتخصيص عامه وتقييد مطلقه... ويتجلى ذلك في انخفاض نسبة الطلاق والتعدد، مع استقرار نسبة الزواج، مقارنة مع السنوات الماضية... بالإضافة إلى فض الكثير من النزاعات المتعلقة بالعلاقة الزوجية، وخصوصا دعاوي التطليق التي كانت تطول لسنين عديدة، لمرورها أحيانا مختلف درجات التقاضي... وهذا راجع الى المجهود الكبير الذي يقوم به السادة القضاة العاملون بقسم قضاء الأسرة. والمسؤولون القضائيون والمساعدون لهم... في تفعيل نصوص هذه المدونة، وتطبيق مقتضياتها على أرض الواقع في جو قانوني سليم يأخذ بعين الاعتبار روح التشريع، وأبعاده الاجتماعية ومقاصده العامة، ومصلحة الأسرة المغربية.

تعليقات