القائمة الرئيسية

الصفحات



المسؤولية الجنائية الشخصية لممثل الشخص الاعتباري في التشريع المغربي الأستاذ أقلعي دريوش عبد القادر




المسؤولية الجنائية الشخصية لممثل الشخص الاعتباري في التشريع المغربي

الأستاذ أقلعي دريوش عبد القادر 







الاستاذ أقلعي دريوش عبد القادر 
قاضي بالمحكمة الابتدائية بفاس 

لقد اشترط المشرع المغربي لقيام المسؤولية الجنائية للفرد الادراك و حرية الاختيار.  و هكذا نص الفصل 132 من القانون الجنائي على أن "كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤولا  عن  الجرائم التي  يرتكبها... و لا يستثنى من هذا المبدأ إلا الحالات التي ينص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك"  و هكذا فغن المسؤولية الجنائية تمثل رد الفعل الاجتماعي الواجب اتخاذه تجاه المخالفات التي تنتهك حرمة العلاقات  الاجتماعية  فأي  مجتمع  مهما كان نوع النظام الاجتماعي السائد فيه لابد أن بفرض على  أعضائه  موجبات  معينة  تأخذ صورا متباينة أخلاقية أو قانونية أو دينية يتعين على أفراد المجتمع مراعاتها  في تصرفاتهم  و إلا تحملوا  النتائج  السلبية  المترتبة  عن  هذا الانتهاك فالمسؤولية الجنائية ضرورة موضوعية لضمان الاستقرار و الطمأنينة في المجتمع  و حالات  الاعفاء  منها محددة حصرا في نصوص قانونية فليس هناك مثلا حالة تعفي صاحبها من العقوبة  متى  تصرف باسم غيره و نيابة عنه كحالة ممثل الشخص المعنوي إذ أن ارتكاب هذا الاخير الفعل الجرمي باسم  هذا  الشخص  و لحسابه ليسأل هو عنه باعتبار أنه هو الذي قارف الفعل المذكور حسب تعبير القضاء المصري  كما  لو كان قد ارتكبه باسمه و لحسابه الخاص إذ لا يحول دون المسؤولية الجنائية أن يرتكب الجاني الفعل  لحساب  غيره  و إن  إنكار  المسؤولية الجنائية لممثل شخص الاعتباري تعطيل الحكم القانوني الذي لا يعتبر ارتكاب الجريمة  لحساب  الغير  حائلا  دون مسؤولية مرتكبيها عنه (محمود نجيب حسني، شرح لقانون العقوبات، القسم العام، الطبعة  الثالثة 1973، ص.536)  و حسبنا أن نتطرق أولا إلى العلاقة الموجودة بين الشخص الاعتباري و ممثله القانوني و هكذا  نجد جانبا من الفقه اعتبر أن نيابة المدير عن الشركة قائمة على اعتبار أن المدير هو عضو هو عضو  من  أعضاء  الشخص  المعنوي  أي ليس هناك أصيل ووكيل إنما هناك شخص  واحد  هو  الشخص  الاعتباري.  و ما المدير إلا المعبر عن إرادته، في حين يرى جانب آخر من الفقه أن المدير هو  وكيل عن الشركة  بمقتضى  عقد  وكالة. و بالنسبة للمشرع المغربي فقد أخذ بالرأي الثاني و ذلك في الفصل 1024 ق.ل.ع.  و الفصل 22 من ظهير 11/8/22 المتعلق بشركات الاسهم و الفصل 24 من ظهير 1/9/1926 المتعلق بشركات ذات المسؤولية  المحدودة  ( راجع  باول  ديكرو، الشركات  في  القانون المغربي، الطبعة الثانية، ص.150، و شكري السباعي، القانون التجاري، الجزء الخامس، ص 117و 523) .

صلاحيات المدير 
الاصل أن يعمل الشركاء على تحديد سلطات و صلاحيات المدير سواء  في العقد التأسيس للشركة أو في عقد لاحق، و إذا اتفق الشركاء على التحديد لم يجز له الخروج عن ذلك و إلا تعرض  للمسؤولية  التي  يرتكبها  أثناء  مباشرته الاعمال الإدارية طبقا للقواعد العامة. و قد تكون مسؤوليته إما مدينة أو جنائية، فالمدير يسأل  تجاه  الشركة باعتباره وكيلا و خاصة عندما يتجاوز حدود سلطته. و يسأل كذلك عن أعماله غير المشروعة تجاه كل من الشركة و الغير. 

و هكذا جاء في حكم قضائي أن الوكيل الذي يتعامل مع الغير بهذه الصفة و في حدود مهامه، لا يتحمل أي التزام شخصي إلا إذا كان التزامه ناشئا عن جرم طبقا لمقتضيات الفصل 921 ق.م.ع. (نقض جنائي صادر بتاريخ
 21/10/1948 أشار إليه ابراهيم زعيم  ومحمد فركت، وكالة الخصام، الجزء الاول ص.47)، و هو يعني أن الوكيل إذا ارتكب عملا غير مشروع و هو بصدد تنفيذ الوكالة سيسأل شخصيا عن فعله. و هكذا نص الفصل 1044 ق.م.ع. على أن كل شريك مسؤول وحده عن الالتزامات التي يعقدها متجاوزا بها صلاحيته أو الغرض الذي قامت من أجله الشركة، و ان هذه الاخيرة لا تكون ملتزمة بما يجريه الشركاء إلا في حدود ما يعود عليها من نفع (1045 ق.م.ع.) غير انها تبقى ملتزمة اتجاه الغير حسن النية عن أعمال الغش و الاحتمال المرتكبة مكن طرف المتصرف، و تلتزم بالتعويض عن الضرر الحاصل به مع بقاء حقها في الرجوع على مرتكب الفعل الضار (1046 ق.م.ع) و إذا كان المدير هو مجرد وكيل عن الشركة فغن تجاوزه لصلاحيته يخول لمن تضرر من ذلك مقاضاته شخصيا عن الضرر الحاصل له من جراء سوء تصرفه و الحصول على التعويض المناسب له. و لما كان المشرع قد خول للشخص الفرد الحصول على تعويض له الذي تسبب فيه ممثل الشخص الاعتباري منه شخصيا متى تتجاوز سلطانه فإنه بالاولى و الاحرى للمجتمع الحق في محاسبته و معاقبته عن الاخلال بقواعد السلوك الاجتماعي متى تبثت مخالفتها من طرف المدير الشخص المعنوي ضمانا لحق الدولة في العقاب الذي يوازي  حق الفرد في التعويض.
و للتدليل على موقفنا هذا سنقوم بجولة حول مجموعة من المقتضيات التشريعية التي تبرز هذا الاتجاه.



في قانون المسطرة الجنائية
برجوعنا إلى مقتضيات الفصول من 721 إلى 727 في الباب المتعلق ببطائق الشركات نجد المشرع المغربي استلزم إحداث بطاقتين بخصوص الجرائم المرتكبة من قبل الشركات، الاولى تخص الشخص  الاعتباري و الثانية تتعلق بالمسيرين و المديرين الذين يتولون إدارته و تسييره. على أن تسجل فيها الاحكام و العقوبات الصادرة في حقهم و خاصة مخالفات التشريع المتعلق بالشركات و مراقبة الصرف و التشريع الجنائي و الجمركي و الاقتصادي، و جرائم الشيك و خيانة الامانة و الغش.

و بالفعل ، برجوعنا إلى القانون المذكور على أن كل شخص كلف إما بصفة فردية أو بصفة عضوا في الشركة بتعويضات او إنشاءات أو إدارة مباشرة لحساب القوات المسلحة الملكية و لو لم يف بالخدمات التي كلف بها..يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات و الغرامة لا تزيد عن ربع التعويض عن الاضرار.

و صفة العضو في الشركة كما فسرها الفقه هو المسير أو المدير في الشركات التجارية و الصناعية (أدولف ريولط القانون الجنائي في شرح طبيعة 1990 بالعربية تحت الفصل 278 منه)و نص في الفقرة الاخيرة من الفصل 357 من نفس القانون على أنه إذا ارتكب الفعل "الذي هو التزوير في مقرر تجاري أو بنكي" صاحب صرف أو مدير الشركة أو على العموم شخصا ممن يلجأون إلى الاكتتاب العام بواسطة إصدار الاسهم (السندات أو أذونات...سواء كانت متعلقة بشركة أو مؤسسة تجارية صناعية فتجوز أن تصل العقوبات إلى ضعف الحد الاقصى المشار إليه في الفقرة الاولى التي هي من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من 250 إلى 20.000 درهما.

كما نص الفصل 540 من فقرته الاخيرة على أن ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف و الحد الاقصى للغرامة إلى مائة ألف درهم إذا كان مرتكب الجريمة أحد الاشخاص الذين استعانوا بالجمهور في إصدار أسهم او سندات..أو أي أوراق مالية أخرى متعلقة بشركة او مؤسسة تجارية او اجتماعية.

و نص الفصل 550 كذلك على انه إذا ارتكب خيانة الامانة احد الاشخاص الذين يحصلون من الجمهور عبى مبالغ و قيم على سبيل الوديعة أو الوكالة او الرهن سواء بصفتهم  الشخصية  أو  بصفتهم  مديرين أو  مسيرين  أو عملاء لشركات أو مؤسسات تجارية أو صناعية. فإن عقوبة الحبس المقررة في الفصل 547، ترفع إلى الضعف، و نص الفصل 559 على انه في حالة توقف الشركة عن الدفع فإن  الذي  يعاقب  بعقوبة  التفاليس البسيط هو المديرون أو المسيرون أو المصفون في الشركات المجهولة الاسم و المسيرون و المصفون في الشركات المحدودة المسؤولية. و على العموم أي واحد ممن يمثلون  الشركة إذا قاموا بصفتهم هذه الاعمال الىتية : إنفاق مبالغ جسيمة مملوكة للشركة في عمليات مضاربة أو عمليات صورية..حمل الشركة على عقد الشركة عقد التزامات بالنسبة لحالتها وقت التعاقد..

و هكذا نجد أن مدونة القانون الجنائي أقرب في عدة فصول منها المسؤولية الجنائية الشخصية لمدير الشركة، أكثر من ذلك تحددت العقوبة في حقه إيمانا من المشرع بدرجة الخطورة التي يمكن أن تنتج عن المخالفات التي يرتكبها، و نفس الموقف أكده في عدة نصوص جنائية أخرى و اهمها: 

2- ضابط الصرف ظهير 14/10/1941 
لقد نص الفصل 13 من هذا الظهير على انه إذا ارتكب المخالفات للضابط بالصرف مديروا الشخص الاعتباري أو وكلاؤه او أحد منهم يعمل باسم الشخص المعنوي و لحسابه، فتمكن متابعة الشخص المعنوي نفسه مع صدور الحكم عليه بالذعائر المنصوص عليها في الظهير المذكور، بقطع النظر عن المتابعات القائمة على المديرين و الوكلاء الآنف ذكرهم، بمعنى أن الظهير المتعلق بالصرف أقر بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي تاكيدا للقواعد العامة و لممثله و مسيره على حد سواء.

3-مدونة الجمارك ظهير 9/10/1977
بعدما حدد النظام الجمركي الافعال التي جرمها المشرع بمقتضى هذا الظهير نص في الفصل 222على ان المسؤول جنائيا هم :أ)موقعوا التصريحات فيما يخص الاغفالات و البيانات و المخالفات الاخرى الملاحظة في التصريحات علما ان التوقيع كعمل مادي لا يكون إلا من  شخص  طبيعي  و  متى  تصرف هذا الاخير باسم الشركة  فيبقى  هو المسؤول جنائيا. و نص الفصل 225 على انه لا يتحمل المسؤولية المنصوص عليها في الفصل 223  المديرون و مستخدموا المؤسسات التي تتكلف بمصلحة عمومية لنقل والدين يبرهنون على  انهم  أدوا بصفة  قانونية واجباتهم المهنية...و بمفهوم المخالفات انهم إذا لم يبرهنوا على انهم أدوا واجبهم المهني  بصفة سليمة جاز مساءلتهم شخصيا عن تلك الافعال المجرمة.

كما نص الفصل 227 على أنه عندما ترتكب مخالفات جمركية من طرف المتصرفين المسيرين لشخص معنوي و من طرف أحدهم العامل باسم الشخص  المعنوي  و يمكن  النظر عن المتابعات المجراة ضدهم أن يتابع الشخص المعنوي نفسه و أن تفض عليه العقوبات المالية. و هكذا   يوضح  هذا  الفصل  بجلاء أن  المسؤولية  الجنائية في المخالفات الجمركية يمكن ان تطال كل من المدير شخصيا و الشخص الاعتباري على حد السواء.

4- ظهير 12/10/1971 المتعلق بتنظيم الاثمان و مراقبتها و شروط إمساك المنتوجات و البضائع و بيعها. 
لقد نص الفصل 17 منه على ان  تطبيق  العقوبات  و الغرامات  المنصوص  عليها  في  هذا القانون على جميع الاشخاص المكلفين بأية صفة كانت بتسيير و إدارة كل مقاولة أو مؤسسة أو شركة أو  جمعية  أو  جماعية  الذين يخالفون شخصيا هذا القانون و النصوص المتخذة لتطبيقه و يساعدون بهذه الصفة على مخالفتها عمدا شخصا آخر تابعا لسلطتهم أو جارية عليه مراقبتهم.

و تطبيق كذلك نفس العقوبات و الغرامات على الاشخاص الذين يزاولون مهام تسيير غدارة و يشاركون بأي وجه من الوجوه و لا سيما بصفة مسيرين أو وكلاء أو مستخدمين في نشاط المقاولة أو المؤسسة او الشركة أو الجمعية أو جماعة الذين يخالفون شخصيا هذا القانون و النصوص المتخذة لتطبيقه و يساعدون بهذه الصفة على مخالفتها عمدا شخصا آخر لسلطتهم أو جارية عليه مراقبتهم.

و تطبيق كذلك نفس العقوبات و الغرامات على الاشخاص الذين يزاولون مهام تسيير إدارة و يشاركون بأي وجه من الوجوه و لا سيما بصفة مسيرين أو وكلاء أو مستخدمين في  نشاط  المقاولة  أو  المؤسسة  أو الشركة أو الجمعية أو الجماعة فيخالفون عمدا بمناسبة المشاركة المذكورة مقتضيات  هذا  القانون  او النصوص المتخذة لنطبيقه إما بعمل شخصي أو بتنفيذ أوامر يعرفون انها مخالفة لهذه المقتضيات و تكون المقاولة او المؤسسة أو الشركة أو الجمعية أو الجماعة مسؤولة على وجه التضامن عن أداء مبلغ الغرامات و صوائر المسطرة المحكوم بها على هؤلاء المخالفين. و هكذا يتضح أن مقتضيات هذا الظهير بعدما حدد في الفصول 6 و 9و 10 الافعال المجرمة و عقوبتها أقرب بالمسؤولية الشخصية لمدير الشخص المعنوي.

5- ظهير 12/10/1971 المتعلق بالمدخرات الاحتياطة 
لقد نص الفصل 18 منه على ان الاشخاص المكلفين باية صفة كانت بتسيير أو إدارة مؤسسة أو مقاولة كيفما كانت كيفية تأسيسها القانونية و الموظفين الذين يتلقون أو يضعون أو يساعدون على إتلاف او ضياع مجموع و بعض المدخرات من المنتوجات اللازمة لتموين أو لتغذية الحيوانات سواء قاموا بذلك عمدا أو تعاونا يعاقون بالحبس و بالغرامة .

6- ظهير 11/8/1992 المتعلق بشركات الاسهم
لقد نص الفصل 45 منه على انه يعاقب بمقنضيات الفصل 405 من القانون الجنائي (540 الجنائي العالي) مع صرف النظر عن تطبيق مقتضيات هذا الفصل جميع الافعال المكونة لجريمة الاختلاس ... المسيرون الذين عمدوا إلى تقييم حصص الارباح في غيبة الاحصاء أو بواسطة إحصاء مدلس و لا يسأل أعضاء مجلس الادارة عن الجرائم المفترقة من طرف المسيرين. و هذا النص كذلك صريح في إقرار المسؤولية الجنائية الشخصية لمدير الشركة.

7- ظهير 1/09/1926 المتعلق بشركات المسؤولية المحدودة
نص الفصل 37 منه على أنه يعاقب بغرامة تتراوح بين 5 دراهم و 100 و بحبس من 15 يوما إلى ستة أشهر او باحد هاتين العقوبتين المسيرون الذين قاموا بفتح اكتتاب عمومي بشأن قيم منقولة كيقما كانت لفائدة الشركة سواء بصفة مباشرة أو بواسطة شخص ما، و هكذا لم يعف المشرع مدير الشركة من المسؤولية الشخصية رغم كونه تصرف بصفته ممثلا لها فقط. 

8-القانون الجنائي ظهير 1986 المتعلق بالضريبة على الشركات
تنص المادة 50 منه على أنه يعاقب بغرامة لا تقل عن 1000 درهم و لا تتجاوز 100% من مبلغ الضريبة المتملص من دفعها كل شخص ثبت انه شارك في أعمال تحايل ترمي إلى التملص من دفعها، أي دفع الضريبة، و ساعد أو أرشد شركة في القيام بأعمال من قبل ذلك.

و هذا ينطبق على مدير الشخص الاعتباري و خاصة أن الفقه المغربي يقر بإمكانية اعتبار مدير الشركة مشارك مع الشخص الاعتباري متى ثبت ان تصرفاته المخالفة للقانون كانت بناء على تعليمات مجلس إدارة الشركة (أدولف ريولط، القانون الجنائي في شرح الفصل 12 من ق.ج.

9-قانون الجمعيات ظهير 15/11/1958 
ينص الفصل 8 من الظهير المذكور في فقرته الثانية على أنه يعاقب بغرامة تتراوح بين : 500و 2000 درهم و بسجن تتراوح مدته بين ستة أشهر و سنة واحدة و إحدى هاتين العقوبتين فقط مؤسسوا الجمعية أو مديروها أو المتصرفون فيها في حالة تماديها في أعمالها أو إعادة تأسيسها بصفة غير قانونية بعد صدور حكم نهائي. و تنص الفقرة الثانية من الفصل 32 على انه يعاقب كل وكيل مسؤول عن مخالفات القرار المنصوص عليه في الفقرة الاولى بغرامة يتراوح قدرها ما بين 120 و 1000 درهم و تكون الجمعية مسؤولة مدنيا، و تتعلق المخالفة الجنائية هنا في تقديم ميزانيتها و حسابها للوزارات التي تمنحها الاعانات.

و نص الفصل 36 على ان كل جمعية تقوم بنشاط غير ما هو في قوانينها الاساسية يمكن حلها .. و يعاقب مسيروا الجمعية بغرامة تتراوح بين 120 و 1000 درهم. و نفس الامر أقره الفصل 35 من ظهير الجمعيات.
و هكذا نجد أنه بالرغم من كون الجمعية تتمتع بشخصية مستقلة فإن المشرع يؤاخذ مسير الجمعية و يعاقبه شخصيا عن الافعال المرتكبة إيمانا منه بان المسير هو الفعل الحقيقي المخالف للمقتضيات الزجرية مادام أن موضوع الجمعية مشروع.

10-قانون الصحافة ظهير 15/11/1958
ينص الفصل 13 في فقرته الاخيرة على أنه في حالة ما إذا أنجزت شركة أو جمعية عملية القارة الاسم فغن المسؤولية الجنائية المنصوص عليها في هذا الفصل تمتد إلى رئيس المجلس الاداري أو المتصرف أو الوكيل المسؤول، و ذلك بعدما حدد عقوبة الفعل المذكور في الحبس تتراوح مدته بين ثلاثة أشهر و سنتين و غرامة..
و ينص الفصل 61 على ان المديرين ستطبق عليهم من جراء النشر وحده و بصفتهم رئيسيين العقوبات المثبتة أعلاه و تتعلق هذه الجرائم بنشر مطبوعات و مكتوبات و رسوم .. و كل الاشياء المنافية للآداب و الاخلاق، و حدد عقوبة ذلك في السجن أو الغرامة.

و بعد هذه الجولة حول التشريعات الجنائية نجد أن المشرع المغربي قد أخذ بالمسؤولية الجنائية الشخصية لممثل الشخص الاعتباري كان مدير شركة تجارية أو اجتماعية أو مسير جمعية ثقافية أو علمية. 
و بالرغم من ذلك، فغن هناك اتجاه لا يتوافق مع هذا الراي و يعارض فكرة المسؤولية الجنائية الشخصية لهذå ÇáãÓíÑÉ.
ن رصيد موقف محاكم فاس كنموذج 

تعتبر جريمة إعطاء الشيك بدون رصيد من الجرائم الاقتصادية و تعرف هذه الاخيرة بكونها الانتهاكات التي تمس الملكية و قواعد توزيع الخدمات و السلع و بسوء استعمال الصلاحيات الممنوحة أو تعريفها بشكل يؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني، و يحقق منفعة شخصية غير مشروعة، و من هذا المنطلق يتضح أن التفسير الذي سارت عليه محاكم فاس فيما يخص المسؤولية الجنائية للمثل الشخص الاعتباري قد يضر بالنظام العام الاقتصادي للدولة إذ غير بعيد أن يقوم أشخاص بإنشاء و تأسيس شركات سواء حقيقية او أهمية و الشروع في وضع الشيكات في التداول أثناء معاملاتهم و لو أكثر من ميزانية الشركة طالما متيقنون من النجاة من الجزاء.



و على المستوى القانوني 
يجب التمييز هناك كذلك بين إصدار الشيك و إنشائه، فإنشاء الشيك كتابة و تحريره وفق البيانات البنكية الإلزامية المنصوص عليها في ظهير 19/1/1939 المتعلق بالاداء بواسطة الشيك، أما إصدار الشيك بدون رصيد لا على مجرد إنشائه. و هكذا فمن أنشأ شيكا ثم سرق منه فلا يتعرض للعقاب إذا لم يكن لهذا الشيك مقابل الوفاء، و إذا أنشأ الشيك لمصلحته و قدمه بنفسه للوفاء فلا محل للجزاء إذا لم يكن لهذا الشيك رصيد (مصطفى كمال طه، القانون التجاري، ص.270 و شكري السباعي، القانون التجاري، جزء ثاني، ص89).

و بعد هذا التمييز نقول إن الاصل أن يوقع الساحب على الشيك بنفسه، و مع ذلك فإن القواعد العامة و كذا الفصل 11 من ظهير 19/1/1939 المتعلق بالشيك تجيز التوكل في التوقيع، و هذا التوكيل قد يكون خاصا بشيك معين و قد يكون عامل. فإذا كان التوكيل عاما و هو ما يجري عليه العمل بالنسبة للشخص المعنوي الذي يعتبر الممثل له بمثابة وكيل طبقا للفصل 22 من ظهير 1922 المتعلق بشركات المساهمة 24 من ظهير 1/1920 المتعلق بشركات ذات المسؤولية المحدودة و الفصل 1024 ق.ل.ع.

و تقتضي دراسة المسؤولية الجنائية بشأن سوء النية في جريمة إصدار الشيك بدون رصيد و التي تتعلق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل الوفاء في تاريخ إصداره و على الساحب أن يتابع حركات رصيده لدى المصرف او البنك للتحقق من وجود الرصيد قبل إصدار الشيك، و نفس الالتزامات تقع على الوكيل في السحب عندما يسحب على رصيد موكله لان طبيعة العمل الصادر بشأنه الوكالة، و هو إصدار الشيك، يستلزم من الوكيل التحقق من وجود الرصيد فإذا أخل بهذا الالتزام وقعت عليه مسؤولية الجريمة باعتباره مصدرا الشيك الذي تحقق بفعله وحده و حقه في التداول و لا يغنيه عن ذلك مجرد اعتقاد الوكيل في وجود الرصيد عند موكله لدى المسحوب عليه أو المسؤولية الجنائية الشخصية للوكيل عند إصداره للشيك بدون رصيد. و مما جاء في احد قراراته أن الطاعن هو الذي أصدر الشيك بوصفه وكيلا عن زوجته صاحبة الحساب دون أن يكون به رصيد قائم و قابل للسحب، فإنه يكون مسؤولا و يحق عقابه بوصفه فاعلا أصليا للجريمة (راجع جرائم الاعتداء على الاشخاص و الاموال، رؤوف عبيد، ص 534. و كذلك الدفوع في الشيك أمام القضاء الجنائي للاستاذ حميد الشريف ص 108) فتصرفات المدير تدخل في إطار المدير تدخل في إطار عقد الوكالة التي بمقتضاها يكلف شخصا غيره بإجراء عمل مشروع لحسابه كما تنص على ذلك المادة 879 ق.ل.ع. و يمكن تطبيقها حتى في نطاق التعامل بالشيك، و ذلك أن الفصل 11 من ظهير 19/1/1939 المنظم للشيك تجيز إصدار الشيك من لدن وكيل عن صاحب الحساب و يحدد مسؤولية النائب و حدودها في الموضوع، و في حالة تجاوز حدود الوكالة من طرف الوكيل جازت مساءلته وفقا للقواعد العامة ووفقا لمقتضيات الفقرة الاخيرة من الفصل 11 المذكور. و ذلك إنه وفقا لمقتضيات الفصل 1024 ق.ل.ع. و الفصل 22 من ظهير 11/8/22 المنظم بشركات الاسهم و الفصل 24 من ظهير  1/9/1926 المنظم  بشركات ذات المسؤولية المحدودة، يعتبر المسيرين و المتصرفين في الشركات بمثابة وكلاء (راجع بول ديكرو، الشركات في القانون المغربي، طبعة ثانية ص 150. و شكري السباعي، المرجع السابق، ص.1174 و 523). و هكذا اشترط الفصل 895 ق.ل.ع على الوكيل بتنفيذ بدقة المهمة الموكولة إليه و يمنعه من تجاوزها و مخالفتها. و نفس القواعد يؤكدها الفصل 11 من ظهير الشيك بحيث تنص المادة 94 من ظهير 11/8/22 على ان المتصرفين مسؤولون وفقا لقواعد القانون العادي شخصيا و بالتضامن حسب الاحوال تجاه الشركة و تجاه الغير، عن مخالفة القانون و عن الاخطاء التي يقترفونها في التسيير. و تعتبر اهم صلاحية يتوفر عليها مدير الشركة و هو أداء الديوان و استفائها و الوفاء بشيك بدون رصيد غير جائز باعتبار أن الفصل 879 ق.ل.ع. يعتبر الوكالة عقد منصب على عمل مشروع لكن إصدار الشيك بدون رصيد عمل مشروع بل يعاقب عليه جنائيا. و هكذا فغن إعطاء الشيك بدون رصيد من قبل مدير الشركة لا يمكن ان يدخل ضمن مضمون الوكالة حسب القواعد التي يحكمها بصفة عامة و حسب قواعد قانون الشركات (راجع الدكتور مشيشي علمي، مجلة الاشعاع عدد 166). إضافة إلى ما سبق فإن مدير الشركة هو المكلف بإعداد حسابات الشركة و هو الملزم بتقديم التقارير المالية السنوية للشركة و المساهمين، و من ثم فمفروض فيه أن يكون على علم برصيد الحسابات البنكية للشركة، غير انه إذا وقع تجاوز من طرف المدير لصلاحياته فإن الشركة تكون ملزمة تجاه الغير بتعويض الضرر الحاصل لم مادام ان المدير تصرف باسم و عنوان الشركة، مع بقاء الحق لها في الرجوع على المدير طبقا لعقد الوكالة الرابط بينهما كما يحق باسم و عنوان الشركة، مع بقاء الحق لها في الرجوع على المدير شخصيا في اداء التعويض عن الضرر مع إبقاء الحق لهذا الاخير في الرجوع على الشركة متى استفادت هي من عمله، طبقا للقواعد العامة و طبقا للمادة 11 من ظهير 19/1/1939 المنظم للشيك، و بالتالي لا مجال للتحجج بمقتضيات الفصل 70 من الظهير المذكور الذي يخول للمستفيد من الشيك حق استرداد قيمته من الساحب من المدير كما تذهب إلى ذلك محاكم فاس (حكم ابتدائي في الملف عدد 4709/94 مؤرخ في 18/07/94 و قرارين عدد 79/93 ملف عدد 114/92 مؤرخ في 6/11/93 في الملف. و آخر عدد 2470/88 ملف عدد 106/88 و هي غير منشورة. و هو تبرير لا يستقيم مع المقتضيات القانونية السالفة  الذكر. كما انه لا مجال للبحث في مدى و نسب مساهمة المدير في رأسمال الشركة كما ذهب إلى ذلك جانب من احكام القضاء (حكم محكمة ابتدائية بفاس عدد 436/85 مؤرخ في 5/8/1988 التي تعتمد على الحيتية التالية :"حيث إن الشيكات مسحوبة باسم شركة (...) و أن المتهم أصدر الشيكين باسمها و بصفته مديرا و ليس بصفته الشخصية و بالتالي فالمتابعة يجب أن تكون ضد الشركة كشخص معنوي و ليس ضد المدير شخصيا". قرار محكمة الاستئناف بفاس السالف الذكر غير منشور، في حين أن هذا التعليل مردود كما مر معنا إذ لا يمكن مساءلة الوكيل جنائيا، و لو تصرف باسم غيره و لحسابه، بل يجوز متابعة الشخص المعنوي كفاعل أصلي و الوكيل كمشارك متى ثبت أن المدير تصرف بتعليمات من مجلس إدارة الشركة (راجع أدولف بولوف، المرجع السابق تحت الفصل 127). و فضلا عن ذلك فإن المدير هو المخول بصلاحية التوقيع على الشيكات نيابة عن الشركة و أن كشوفات الحسابات البنكية للشركة توزجه في اسم المدير، و هو الذي يطلع عليها و له وحده كذلك حق الاطلاع  على رصيدها البنكي لدى المؤسسات البنكية التي تتعامل معها و طلب الكشوفات الحسابية يوميا لتتبع حساباتها، و إذ يخطر على المؤسسات البنكية تسليمها لغيرها و لو كان محاسب الشرطة طالما لم يكن مفوضا من مديرها باعتبار أنها مقيدة بكتمان الاسرار المهنية المتعلقة بزبنائها.

و ختاما، نقول إن الاتجاه السالف الذكر لا يصمد أمام المرتكزات السوسيو-اقتصادية و لا أمام المرنكزات القانونية التي أوضحناها سالفا، لذلك فإننا ننادي بضرورة التراجع عن ذلك الموقف و مسايرة ما تسير عليه غالبية محاكم المملكة في هذا الموضوع . 
  57 ص 14مجلة الاشعاع، عدد    

تعليقات