القائمة الرئيسية

الصفحات



إشكالية الأثر الموقف لاستئناف قرار قاضي التحقيق القاضي بعدم المتابعة أو عدم الاختصاص الأستاذ محمد الهيني




إشكالية  الأثر الموقف لاستئناف قرار قاضي التحقيق القاضي بعدم المتابعة أو عدم الاختصاص
الأستاذ محمد الهيني





إذا كان، كمبدا عام، الاستئناف واجله يوقف تنفيذ الحكم أو  القرار ما لم يقرر خلاف ذلك بناء على طلبات النيابة العامة أو بنص خاص، فالنسبة للقرارات الصادرة عن قاضي التحقيق فان الاثر الموقف للاستئناف يثير عدة اشكاليات قانونية على الصعيد العملي لم يتطرق لها الفقه  النظري  بالمناقشة  والتحليل، وخصوصا بالنسبة لقراره القاضي بعدم المتابعة أو بعدم الاختصاص، فهل في هاته الحالتين بمجرد  صدور هذين  القرارين  يترتب عنه الافراج  عن المتهم رغم استئناف النيابة العامة، ام يلزم ان يظل المتهم رهن الاعتقال في حالة الاستئناف لمعرفة مآل القرار أمام الغرفة الجنحية.

أولا بالنسبة لقرار قاضي التحقيق القاضي بعدم المتابعة.
تنص  المادة 196 من  قانون  المسطرة  الجنائية "  إذا  رأى قاضي التحقيق ان الافعال ليست لها صفة جناية أو جنحة، أو مخالفة أو انه ليست هناك دلائل كافية ضد المتهم أو ان المجرم ظل مجهولا فيصدر امرا بعدم المتابعة ويفرج عن المتهمين المتعلقين احتياطا .

وفي نفس الاتجاه تنص المادة 154 من قانون  الاجراءات  الجنائية المصري"  انه  إذا راى  قاضي  التحقيق ان الواقعة لا يعاقب عليها  القانون أو ان الادلة ضد المتهم  غير  كافية  يصدر  امرا  بان لا وجهة  لاقامة  الدعوى  ويفرج  عن  المتهم المحبوس ان لم يكن محبوسا لسبب اخر .

ويلاحظ ان حشر المشرع المغربي في اسباب صدور القرار القاضي بعدم المتابعة عن  قاضي  التحقيق حالة عدم التعرف على المجرم مسالة غير منطقية لان المتابعة من  عدمها  تتم  في  مواجهة شخص معروف الهوية على خلاف البحث الذي يمكن ان يتم ضد مجهول ومن ثم فهذه الحالة تدخل في نطاق  قرار الحفظ الذي يصدره قاضي التحقيق وقد احسن المشرع المصري حينما تفادى هذا الاشكال.

وفي اطار التعرض لاستئناف قرارات قاضي التحقيق نجد المشرع ينص في الفصل 240 من ق م ج على انه يحق للوكيل العام للملك ان يستانف لدى الغرفة الجنحية كل امر قضائي يصدره قاضي التحقيق ومنها الامر بعدم المتابعة.
ولو ان المشرع كان هدفه عدم الافراج عن المتهم الا بصدور قرار الاستئناف من الغرفة الجنحية لما اتاح للمطالب بالحق المدني استئناف الامر  القاضي بالمتابعة لانه نص صراحه في  الفصل 207 " غير انه لا يستطيع في اية حال من الاحوال ان يستأنف امرا قضائيا أو مقتضيات من الامر القضائي يتعلق باعتقال المتهم.
لكنه اباح له ذلك بعلة ان المتهم يفرج عنه بمجرد صدور قرار قاضي التحقيق.

كما ان ما يؤيد وجهة نظرنا تلك كون المشرع لم ينص على بقاء المتهم رهن الاعتقال في حالة الاستئناف الا في حالة الامر بالافراج  المؤقت ولا شك ان هذا الافراج يختلف عن الافراج المنصوص عليه  في الفصل196 في طبيعته وهدفه.
بحيث ينص المشرع في الفصل 204 " وفي حالة الامر بالافراج المؤقت يبقى المتهم معتقلا إلى مضي اجل الاستئناف الا إذا وافق الوكيل العام للملك على الافراج عنه في الحين ويترتب عن الاستئناف الذي يقدمه وكيل الملك تمديد بقاء المتهم في حالة الاعتقال إلى ان يبث في هذا الاستئناف".

مما يجعل العبارة الواردة في الفقرة الثانية من الفصل 196، والمتمثلة في " ويفرج عن المتهمين المعتقلين احتياطا" اشارة صريحة من المشرع  انطلاقا من الصياغة المستعملة والتي تفيد الوجوب إلى ضرورة الافراج عن المتهم بمجرد صدور قرار قاضي التحقيق القاضي  بعدم المتابعة رغم استئناف النيابة العامة لعدم وجود نص يقضي بايقاف تنفيذ هذا الامر.
كما انه لا يمكن الاحتجاج بالفصل 107 من ق م ج للقول بان استئناف قرار قاضي التحقيق بعدم المتابعة يترتب عنه بقاء المتهم رهن الاعتقال ذلك ان هذا الفصل ينص على انه يتعين الافراج عمن ياتي ذكرهم بالرغم من تقديم الاستئناف.

1- المتهم بمجرد صدور الحكم بتبرئته أو باعفائه أو حكم بالسجن مع تاجيل التنفيذ أو الغرامة.
2- المتهم المحكوم عليه بعقوبة السجن بمجرد ما يقضي مدة سجنه.
ومما لا شك فيه ان هذا الفصل يتعلق باستئناف الاحكام الصادرة عن المحاكم  ولا يتعلق باستئناف قرار قاضي التحقيق مادام هذا الاخير ليس من حقه ان يصدر حكم بالبراءة أو الاعفاء أو الادانة لان ذلك من اختصاص هيئة الحكم  التي تعد منفصلة عن هيئة التحقيق تحقيقا لمبدا الفصل بين سلطة الحكم والتحقيق وعدم جمعهما في يد واحدة.

ونشير إلى ان المشرع المغربي ينص في الفصل 351 من ق م ج " ان كل شخص ابرئت  ساحته أو حكم باعفائه لا يمكن  ان يتابع من اجل نفس الوقائع ولو اتصفت بصفة قانونية اخرى"، كما ينص الفصل 210 من ق م ج  " ان المتهم الذي يقضي التحقيق بان لا وجه لمتابعته لا يمكن ان يتابع من اجل نفس الفعل الا إذا ظهرت ادلة جديدة".

ومن قراءة الفصلين معا يتضح  ان المشرع سوى في الحجية بين الحكم بالبراءة والاعفاء والقرار القاضي بعدم المتابعة ذلك ان كلا منهما يمنع من المتابعة من اجل نفس الافعال ورتب المشرع على مجرد تصريح المحكمة بالبراءة أو الاعفاء الافراج عن المتهم حالا رغم استئناف النيابة العامة، لذلك فان التفسير القانوني السليم الذي ينسجم مع هذه النصوص هو القول بالافراج عن المتهم بمجرد صدور القرار القاضي بعدم المتابعة عن قاضي التحقيق انسجاما  مع  اهداف  وغايات المشرع في صيانة حقوق الانسان وفي محاربة الاعتقال والشطط التعسفي ذلك ان حقوق الانسان لا تقدر بثمن.
ومن المفيد الاشارة إلى ان الافراج المنصوص عليه في الفصل 196 ق م ج ليس  بنهائي.

1- لانه متوقف على عدم ظهور ادلة جديدة.
2- ان لا يكون المفرج عنه معتقلا لسبب اخر.

1- لانه متوقف على عدم الغائه من طرف الغرفة الجنحية.

كما انه يختلف عن الافراج المؤقت :
1- في انه غير مشروط بكفالة مالية يدفعها المفرج عنه
2- بقوة القانون يمنح، دون الحاجة إلى طلب المتهم أو النيابة العامة
3- نتيجة الافراج المؤقت هو محاكمة المتهم في حالة سراح مقابل التزامات عديدة يتحملها المفرج عنه، اما الافراج الاخر فيترتب عنه تخلية سبيل المتهم.

1- الافراج المؤقت يترتب عنه بقاء المتهم رهن الاعتقال في حالة استئناف النيابة العامة على خلاف الافراج المنصوص عليه في الفصل196 ق م ج.

ثانيا : بالنسبة لقرار قاضي التحقيق القاضي بعدم الاختصاص.
في حالة صدور قرار بعدم الاختصاص هل يترتب عنه الافراج عن المتهم رغم استئناف النيابة العامة أو المطالب بالحق المدني.

1- بالنسبة  للمخالفات ينص الفصل  م ق ج إذا راى قاضي التحقيق ان الافعال لها صفة تترتب عنها مخالفة فيحيل النازلة على المحكمة الضبطية ويامر بالافراج عن المتهم ان كان معتقلا، وعليه إذا تعلق الامر بمخالفة  فيترتب عنه وبالضرورة وبصراحة الفصل امر السيد قاضي التحقيق الافراج عن المتهم ان  كان معتقلا ولو في حالة الاستئناف.
2- بالنسبة للجنح والجنايات فان صدور قرار قاضي التحقيق القاضي بعدم الاختصاص يترتب عنه بقاء المتهم رهن الاعتقال وإحالة الملف على المحكمة المختصة رغم الاستئناف.

وما يزكي التفسير السالف الذكر كون المشرع نص في الفصل 200 ق م ج وتحديدا في الفقرة الثانية ويبقى الامر الصادر بالقاء القبض على المتهم أو ايداعه في السجن ساري المفعول إلى ان تبث في امره الغرفة الجنحية مما يفيد كون استئناف قرار قاضي التحقيق يترتب عنه بقاء المتهم رهن الاعتقال إذا تعلق الامر بجناية أو جنحة معاقب عنها بالحبس، كما ان المشرع لم يات بمثل هذه الفقرة في اطار القرار القاضي بعدم المتابعة مما يجعلنا ننتصر للاتجاه القائل بوجوب الافراج عن المتهم رغم استئناف النيابة العامة.
وفي الاخير نتمنى ان يثير هذا الموضوع  قريحة الباحثين اثراءا للنقاش القانوني الجاد والهادف.

مجلة الاشعاع، عدد 26، ص 95.

تعليقات