القائمة الرئيسية

الصفحات



الإرهاب والقانون الدولي موسى جميل الدويك

الإرهاب والقانون الدولي
موسى جميل الدويك






الإرهاب والقانون الدولي
موسى جميل الدويك


المبحث الأول: التعريف بالإرهاب في القانون الدولي

في هذا المبحث سوف أتناول مسألتين: الأولى هي التعريف بالإرهاب والجهود الدولية المبذولة لمحاربته، والثانية هي التمييز بين الإرهاب وغيره من الجرائم المشابهة.

أولا: التعريف بالإرهاب

ليس لمصطلح "الإرهاب" محتوى قانوني محدد، فقد تعرض مدلوله للتطور منذ جرى استخدامه في أواخر القرن الثامن عشر( )، فقد تغير ذلك المدلول من وقت لآخر، فبينما كان يقصد به في البداية تلك الأعمال والسياسات الحكومية التي تهدف إلى نشر الرعب بين المواطنين، من أجل إخضاعهم لرغبات الحكومة، فقد أصبح يستخدم الآن لوصف أعمال يقوم بها أفراد أو مجموعات تتسم بالعنف وخلق جو من عدم الأمن لتحقيق هدف سياسي.
والعمليات الإرهابية المعاصرة تستهدف اليوم، وبصفة رئيسة بث الرعب في نفوس كافة الدول، مما دفع الأمم المتحدة في عام 1972م إلى إضافة لفظ دولي (International) إلى كلمة إرهاب، وإنشاء لجنة متخصصة لدراسة الدوافع والأسباب الكامنة وراء العمليات الإرهابية( ).
بهذا المعنى يشمل الإرهاب عددا من الأعمال، منها اختطاف الأشخاص وأخذ الرهائن وخاصة الممثلين الدبلوماسيين وقتلهم، ووضع المتفجرات والعبوات الناسفة في أماكن تجمع المدنيين كالفنادق والبنوك ووسائل النقل العامة( )، والأصل أن أعمال الإرهاب هي في غالبها أعمال يعاقب عليها القانون الوضعي في مختلف الدول حال ارتكابها فوق إقليم الدولة أو ملحقاته، ونظرا لتزايد الأعمال التي توصف بالإرهاب في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وخاصة جرائم الاغتيال السياسي، فقد أدى ذلك إلى ظهور بعض الجهود الهادفة للوصول إلى نوع من التجريم الدولي لتلك الأعمال، وضمان توقيع العقاب الرادع على مرتكبيها، وقد توجت تلك الجهود بوضع اتفاقية تجريم الإرهاب والعقاب عليه في ظل عصبة الأمم التي عرضت للتوقيع عليها في جنيف في 16 تشرين أول عام 1937( )، وهي بحق أول محاولة دولية لتقنين الإرهاب على الساحة الدولية وذلك على الرغم من انها لم تصبح نافذة المفعول نتيجة عدم التصديق عليها إلا من قبل دولة واحدة فقط، ولكن على الرغم من قصور هذه الاتفاقية وعدم التصديق عليها، إلا أنها كانت تعبر عن رغبة الدول في حينه للتعاون على مكافحة الإرهاب بما يحقق سيادة الدول واحترام انظمتها الدستورية( ).
ولم يهتم المجتمع الدولي في قضية الإرهاب إلا بعد خمسة وثلاثين عاما من توقيع الاتفاقية، وتحديدا في أواخر عام 1972، أي بعد تنفيذ العملية الفدائية الفلسطينية في مطار اللد وقتل الرياضيين الإسرائيليين في ميونخ في ألمانيا في العام نفسه( ).
ولقد ازداد اهتمام هيئة الأمم المتحدة بظاهرة الإرهاب بسبب سعة انتشارها وخاصة في السنوات الأخيرة، مما دفع الجمعية العامة للهيئة لإدراج بند الإرهاب على جدول اعمالها الأربعين، وتنم طريقة إدراجه على مدى التباين في وجهات النظر بشأنه، فالبند هو: التدابير الرامية إلى منع الإرهاب الدولي، الذي يعرض للخطر أرواحا بريئة أو يودي بها، أو يهدد الحريات الأساسية، ودراسة الأسباب الكامنة وراء أشكال الإرهاب وأعمال العنف التي تنشأ عن البؤس وخيبة الأمل، والشعور بالضيم واليأس، فتحمل بعض الناس على التضحية بأرواح بشرية وأرواحهم هم، محاولين بذلك إحداث تغييرات جذرية.

والواقع أن إدراج البند بهذا الشكل كان للتوفيق بين العديد من الاعتبارات، ولوضع حل وسط بين الدول فيما يعد إرهابا، والتدابير التي يمكن أن تتخذ ضد الإرهابيين( ). وعندما وضعت لجنة الإرهاب الدولي التابعة للأمم المتحدة مشروع اتفاقية موحدة بشأن الإجراءات القانونية لمواجهة الإرهاب الدولي عام 1980م، عبرت عن خصائصه بقولها:
"إن الإرهاب الدولي يعد عملا من أعمال العنف الخطيرة أو التهديد به، يصدر من فرد سواء كان يعمل بمفرده أم بالإشتراك مع أفراد آخرين، ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو الأمكنة، أو وسائل النقل والمواصلات، أو ضد أفراد الجمهور العام، بقصد تهديد هؤلاء الأشخاص أو التسبب في جرحهم أو موتهم أو تعطيل فعاليات هذه المنظمات الدولية، أو التسبب في إلحاق الخسارة أو الضرر أو الأذى بهذه الأمكنة أو الممتلكات، أو بالعبث بوسائل النقل والمواصلات، بهدف تقويض علاقات الصداقة بين الدول أو بين مواطني الدول المختلفة، او ابتزاز تنازلات من الدول، كما أن التآمر على ارتكاب أو محاولة ارتكاب أو الاشتراك في ارتكاب أو التحريض العام على ارتكاب الجرائم، يشكل جريمة الإرهاب الدولي"( ).

وعلى الرغم من الاهتمام الكبير بظاهرة الإرهاب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أننا لا نجد تعريفا قانونيا محددا للإرهاب( )، كما أنه حتى اللحظة لم يستقر المجتمع الدولي على تعريف واحد ومحدد ومقبول لمصطلح الإرهاب( ).

ولحسن الحظ فإن لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، التي تقوم بتقنين الجرائم المخلة بأمن وسلام الإنسانية، قد قدمت في المادة التاسعة عشرة من المشروع، التعريف التالي للإرهاب: "الإرهاب هو كل نشاط إجرامي موجه إلى دولة معينة ويستهدف إنشاء حالة من الرعب في عقول الدولة أو أي سلطة من سلطاتها أو جماعات معينة منها".
فهذا التعريف يعطي العناصر الأساسية التي تقوم عليها جريمة الإرهاب، ولكن اللجنة لم تحدد المقصود بالنشاط الإجرامي، على الرغم من أن الأمثلة التي ضربتها على جرائم الإرهاب توضح أن المقصود منه العدوان على الأرواح أو الأموال أو عليهما معا، كما أدخلت اللجنة ضمن الأنشطة الإجرامية المكونة للإرهاب صناعة الأسلحة وحيازتها وإمداد الإرهابيين بها لمساعدتهم على القيام بأعمالهم الإرهابية( ).

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن الإرهاب – في بعض الأحيان – يختلط بغيره من النشاطات الإجرامية الأخرى، وذلك لأن الارهاب بما يشكل من عدوان على الاموال ولأرواح يشكل جريمة داخلية، وهذا الخلط يقودنا الآن الى ضرورة التمييز بين الارهاب الدولي وغيره من الجرائم المشابهة، ولكن قبل ان نبدأ بالتمييز بينهما ان ننوه الى انه بالاضافة الى الاهتمام الدولي بالارهاب، فقد كان هناك جهد اقليمي ايضاَ لمحاربة الارهاب وخاصة اوروبا، حيث نجحت تلك الدول وفي اطار مجلس اوروبا في التوصل الى الاتفاقية الاةرةبية لقمع الارهاب وقع عليها عدد من الدول في 27 يناير 1977م ( )، وتجرم هذه الاتفاقية وتعاقب على الأفعال التي تشكل جرائم إرهابية من وجهة نظر هذه الدول، مع وضع تدابير للتعاون فيها في هذا الخصوص، بالإضافة إلى إقرار طائفة من الجرائم التي يتعين فيها تسليم المجرمين دون اعتبار لكون بعضها فيه شبهة الجريمة السياسية( ).

ثانيا: التمييز بين الإرهاب وغيره من الجرائم المشابهة

قد يختلط الإرهاب في – بعض الأحيان – بغيره من النشاطات الإجرامية الأخرى الداخلية والدولية، وعلى وجه الخصوص ما يسمى بالجريمة المنظمة، وهو ما سوف نوضحه في ختام هذا المبحث.

فالإرهاب وبما يشكله من عدوان على الأرواح والأموال يشكل جريمة داخلية، ولكن الذي يعطي الوجه الدولي لهذه الجريمة هو حالة الرعب الشديد الذي ينشرها في عقول وقلوب الناس والحكام بشكل خاص.

فالإرهاب يتخذ من وسائل النقل الجماعي هدفا له، لأن أي عدوان عليها ينشر رعبا بين طوائف عديدة من الناس وينتشر سريعا في مختلف الدول( ). فيحقق الهدف المنشود من العدوان وهو نشر قضية الإرهابيين واشعار المجتمع الدولي بمدى الظلم الواقع عليهم.

وتكمن الصعوبة في العمل الإرهابي أنه لا يقتصر على توجيه فعل العدوان إلى عدو الإرهابي فحسب، بل أنه يتعداه إلى رعايا دول أخرى وأموال مملوكة لدول أخرى، ولعل هذا هو السبب الرئيس الذي يجعل العالم الآن مهتما بالتعاون من أجل مكافحة الإرهاب وخاصة الذي يقوم به الأفراد( ).

وقد عرف عبد العزيز سرحان الإرهاب الدولي بأنه:
"كل اعتداء على الأرواح والممتلكات العامة أو الخاصة بالمخالفة لأحكام القانون الدولي بمصادره المختلفة بما في ذلك المبادىء العامة للقانون بالمعنى الذي تحدده المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية( )، ولأنه كذلك، فإنه يقع تحت طائلة العقاب طبقا لقوانين سائر الدول. وهو ما سبق أن استندت إليه الأحكام التي أصدرتها محكمة نورمبرج، ومحكمة طوكيو بخصوص معاقبة مجرمي الحرب العالمية الثانية"( ).

ويعد الفعل إرهابا دوليا وبالتالي جريمة دولية سواء قام به فرد أم جماعة أم دولة، ولا يعد الفعل إرهابا وبالتالي لا يعاقب عليه القانون الدولي إذا كان الباعث عليه الدفاع عن الحقوق المقررة للأفراد، وحقوق الإنسان والشعوب، أو كان يهدف للوصول إلى حق تقرير المصير( )، والحق في تحرير الأرض المحتلة و/أو مقاومة الاحتلال؛ لأن هذه الأفعال تقابل حقوقا يقررها القانون الدولي للأفراد والدول، ويكون الأمر هنا متعلقا باستعمال مشروع للعقوبة طبقا لأحكام القانون الدولي والاتفاقية العرفية( )، وهذا ما أكدته ونصت عليه المادة الثانية من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998م( ).

ولم تخرج هذه الاتفاقية في تعريفها للإرهاب عن المعاني والمضامين التي وردت في التعريفات السابقة، فقد عرفت الإرهاب بأنه:
"كل فعل من أفعال العنف والتهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الإستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر( )".

وأخيرا تجدر الإشارة إلى الخلط الذي قد يثار بين جريمة الإرهاب، وما يسمى بالجريمة المنظمة عبر الدول مثل الاتجار بالأعضاء البشرية، والمخدرات. فجرائم الإرهاب تتشابه مع تلك الجرائم من حيث درجة التخطيط والتنظيم، فكلا النوعين من الجرائم ترتكب من منظمات إجرامية على درجة عالية من التنظيم والتخطيط، وهذا ما دفع بعض الباحثين للخلط بينهما، واعتبارهما من طبيعة واحدة. ولكن على الرغم من وجود نقاط التلاقي بين كلتا الجريمتين، إلا أنهما تختلفان من عدة وجوده، أهمها:
1. الجريمة المنظمة عبر الدول لا يمكن ان ترتكب من شخص واحد فقط، أما جرائم الإرهاب فيمكن إرتكابها من شخص واحد.
2. الباعث الرئيس في الجرائم عبر الدول يهدف للحصول على أكبر قدر من الأرباح، أما باعث الجرائم الإرهابية فهو تحقيق أهداف سياسية( ).

وهكذا فإننا نخلص من عرضنا السابق لمفهوم الإرهاب إلى أن الإرهاب ظاهرة عالمية، عرفها الإنسان منذ القدم، وقد فشل القانون الدولي حتى الآن في إيجاد تعريف موضوعي لمفهوم الإرهاب، وذلك نظرا لتضارب مصالح الدول المؤثرة في العالم وازدواجية المعايير( )، إلا أنه يوجد إجماع دولي حول بعض الأفعال التي تشكل إرهابا، وقد اتفق على شجبها ومكافحتها.

المبحث الثاني: انواع الارهاب
لقد عانى العالم منذ القدم من أخطار كثيرة، مثل الحروب والاستعمار والتفرقة العنصرية وغيرها، ولكنه أصبح اليوم يعاني من خطر الإرهاب الذي أضحى ظاهرة منتشرة في كثير من دول العالم. ويذكر بأن أكثر من واحدة وخمسين دولة كانت مسرحا لعمليات إرهابية أزهقت كثيرا من الأرواح وروعت المدنيين العزل( )، وهذا مما زاد من الوعي الدولي بوجوب محاربة هذه الظاهرة( ).

فالإرهاب قد يقوم به فرد، أو مجموعة، أو مجموعات منظمة من الأفراد، وقد تقوم به حكومة او دولة ضد شعب، أو دولة أو دول أخرى.

فإذا كان الأفراد أو المجموعات، تلجأ للإرهاب وسيلة يائسة لجلب الاهتمام لقضيتهم، فإن الحكومات تلجأ إليه لردع خصومها علما بأنه يتوافر لديها وسائل أخرى عوضا عن ذلك أهمها الحلول السياسية( ).

وبناء على ما تقدم فإنه يمكننا تقسيم الإرهاب إلى مايلي:
1. الإرهاب الفردي: وهو الذي يرتكبه الأفراد لأسباب متعددة.

2. الإرهاب الجماعي غير المنظم: وهو الإرهاب الذي ترتكبه جماعات غير منظمة من الناس تحقيقا لمآرب خاصة.

3. الإرهاب الجماعي المنظم: الذي يتمثل في جماعات الإرهاب التي تديرها وتشرف عليها دول غير ظاهرة أو مؤسسات أو هيئات مختلفة.

4. الإرهاب الدولي: وهو الإرهاب الذي تقوم به دولة واحدة أو أكثر. فهو إما أن يكون إرهابا دوليا أحاديا وهو الذي ترتكبه دولة واحدة، أو إرهابا ثنائيا وهو الذي ترتكبه دولتان، أو إرهابا جماعيا وهو الذي ترتكبه مجموعة من الدول أو يقع من دولة واحدة ولكن بدعم من دول أو حلف من الدول الأخرى.

والذي سوف نهتم به في هذا المبحث هو الإرهاب الجماعي المنظم والإرهاب الدولي بأنواعه، وذلك لأن باقي أنواع الإرهاب هي – كما سبق وأشرنا – من اختصاص القوانين الوطنية والحكومات المحلية( ) التي يقع على عاتقها معالجة ذلك بالأسلوب الداخلي المناسب، وتتحمل الدول المسؤولية الدولية في حال إخلالها بالتزاماتها الدولية في حفظ أمن وسلامة الأجانب وممتلكاتهم على أقاليم تلك الدول، أما الارهاب الجماعي المنظم، الإرهاب الدولي، فهما من الأهمية بمكان وخاصة الإرهاب الدولي، وذلك لأن آثاره دولية ومعالجته دولية، ولذا يجب بحثه من هذا الجانب.

أولا: الإرهاب الجماعي المنظم
وهو الذي تمارسه منظمة سعيا لتحقيق أهداف سياسية او تقوم به دول دون أن تظهر علانية، ولكن من خلال إنشائها لجماعات معينة تتولى تحقيق أغراضها، من ذلك مثلا أعمال العنف الإرهابية التي تقوم بها بعض المنظمات، التي تشكل خرقا لقوانين الحرب الدولية، وخاصة اتفاقيات جنيف الأربع سنة 1949م، حيث تتحمل هذه المنظمات الجماعية ذات الأهداف السياسية مسؤولية اعمال الإرهاب هذه كما تلتزم بالتبعات المترتبة عليها، شأنها في ذلك شأن الدول، وتستطيع الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة أن تدين هذه الأعمال وتلزم تلك المنظمات الجماعية بإزالة الآثار المترتبة عليها طبقا لقواعد القانون الدولي( )، إلا أنه لا يجوز إسباغ صفة الإرهاب على هذه المنظمات إلا إذا استمرت في انتهاكاتها، وذلك لأن لها أهدافا عامة وليست خاصة، اما إذا كانت هذه الجماعات المنظمة قد أنشأت خصيصا لممارسة أعمال إرهابية لخدمة جهات أو دول غير ظاهرة فإنها عندئذ تكون منظمات إرهابية المنشأ، والهدف، والنتائج( ).

ثانيا: الإرهاب الدولي
ويقصد بالإرهاب الدولي اعمال العنف التي تقوم بها الدول ضد الأفراد، أو الجماعات، وذلك بهدف الانتقام، ودون مبرر قانوني. وتفصيل ذلك:

1. الإرهاب الدولي ضد الأفراد:
هذا النوع من الإرهاب تقوم به بعض الدول ضد الأفراد، بسبب الاختلاف في الآراء السياسية، حيث تعتبرهم الدولة خارجين عن القانون، غير أن هذا المفهوم هو مفهوم خاطىء، وذلك لأن هناك خطوات وإجراءات يتعين على الدولة، القيام بها، قبل أن تقوم بأعمال إرهابية ضد كاتب مقال في دولة أخرى مثلا، بل يتعين عليها أن تقوم بمحاورة هذا الكاتب بالطريقة نفسها وبالأسلوب نفسه( ).

وقد ازدادت حدة هذا النوع من الإرهاب الموجه ضد فئات معينة لسبب انتمائها العرقي أو الديني، وقد ظهر ذلك جليا في كثير من الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وخصوصا بعد احداث الحادي عشر من ايلول عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، فأصبحت الأعمال الإرهابية تستهدف كثيرا من الأفراد والجمعيات والمؤسسات الإسلامية بما فيها المساجد، ومن قبيل هذا النوع من الإرهاب أيضا أعمال القمع التي كانت تمارسها حكومة جنوب إفريقيا ضد السكان الأفارقة السود( ).

2. الإرهاب الدولي ضد الجماعات المنظمة المشروعة:
ويتمثل ذلك بملاحقة دولة ما، جماعات سياسية، أو منظمات ثقافية، والاعتداء عليها بحجة أنها منظمات إرهابية.
ولا شك أن أعمال هذه الدولة ضد الجماعات والمنظمات المشروعة تعتبر عملا إرهابيا يتناقض وأحكام القانون الدولي، غير أن المجتمع الدولي يقف عاجزا عن عمل أي شيء ضد تلك الدولة، وذلك بسبب توازن القوى الدولية واستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي من قبل الأعضاء الدائمين في المجلس( )، مما يحول دون اتخاذ إجراءات رادعة ضد تلك الدولة.

المبحث الثالث: التفرقة بين الإرهاب وأعمال المقاومة الشعبية المسلحة
لعل من أصعب وأدق المشاكل القانونية التي واجهت الدارسين لمشكلة الإرهاب الدولي هي مسألة التفرقة بين أعمال الإرهاب، وتلك الأعمال التي تقوم بها حركات التحرر الوطني وصولا لحقها في تقرير المصير.

فإذا كانت الأمم المتحدة وجمعيتها العامة تحديدا ممثلة بلجنتها السادسة قد درست موضوع الإرهاب بناء على طلب الأمين العام للأمم المتحدة في أعقاب حادث ميونيخ سنة 1972م، حيث أدرجت مشكلة الإرهاب في حينه على جدول أعمال الدورة السابعة والعشرين، فقد كانت أساليب الإرهاب التي تمارس خلال الصراع من أجل التحرر الوطني من أكثر الأمور التي بحثت صعوبة ودقة، ولذلك فقد انقسمت الوفود المشاركة في حينه إلى فريقين، فذهب الفريق الأول إلى القول بإستحالة إدانة الإرهاب الذي يمارس بهدف الوصول إلى الحق في تقرير المصير، في حين ذهب الفريق الثاني إلى القول بأن التسليم بشرعية المقاومة الشعبية المسلحة من أجل تقرير المصير، لا يعني بحال التسليم للمقاومة الشعبية بممارسة أساليب الإرهاب( ).

وقد جاءت التوصية رقم 3034 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على اقتراح اللجنة السادسة انتصار للرأي الأول.
فقد أكدت على الحق في تقرير المصير وأقرت شرعية نضال الشعوب الخاضعة للاستعمار، كما أدانت أعمال الإرهاب التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية ضد حقوق الشعوب في تقرير مصيرها( ).

وبناء على ما سبق فسوف أتناول في هذا المبحث بشيء من التفصيل مسألتين: الأولى هي التعريف بحق تقرير المصير، أما الثانية فهي التفرقة بين الإرهاب وأعمال حركات التحرر الوطني.

أولا: التعريف بحق تقرير المصير
ليس هناك تعريف محدد لحق تقرير المصير ولا لكيفية تحقيقه، مما دفع البعض إلى إنكار القيمة القانونية الملزمة له بإعتبار أنه مبدأ يحيطه الغموض، وقد انعكس ذلك على التعريفات العديدة التي قيلت حوله( )، غير أنه عندما أثير موضوع تقرير المصير خلال الحرب العالمية الأولى، كان الرئيس الأمريكي ويلسون قد أعطى تأييده للمبدأ قبل دخول دولته الحرب( ).

وفي عهد عصبة الأمم لم يتم النص على مبدأ تقرير المصير ضمن العهد الخاص بالعصبة، وإن كان قد طبق معناه في النصوص المتعلقة بحماية الأقليات، وعن طريق وضع نظام الانتداب( )، غير انه عندما تم وضع ميثاق الأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية تم النص صراحة على تقرير المصير في المادتين الأولى والخامسة والخمسين منه( ).

ورغم اختلاف الفقهاء في تعريف تقرير المصير وتحديد طبيعته، إلا أنه يمكن القول بأن تقرير المصير يعني "أن يكون لكل شعب الحق في تكوين دولة مستقلة وأن يختار نظامه السياسي بحريته( )". فتقرير المصير له جانبان: أحدهما داخلي ويتعلق باختيار شكل الحكم الملائم، والآخر دولي ويتمثل في حق الشعب في الاستقلال، وبأن لا يكون محلا للمبادلة أو التنازل بغير إرادته. كما يتمثل أيضا في حق الشعب في الانفصال عن الدولة التي يتبعها من أجل الاندماج مع دولة أخرى أو الاتحاد معها أو لتكوين دولة مستقلة( ).

ونظرا لأن تقرير المصير من الحقوق الجماعية وليست الفردية، فإنه لم يتم النص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م، وهو الذي عني أساسا بالحقوق الفردية إلا أنه مع ذلك أقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الأولي، وهو مبدأ المساواة الذي اشتق منه حق تقرير المصير( ).

وحتى نكون بصدد حالة انكار لتقرير المصير لا بد من توافر ثلاثة شروط هي:
1. وجود مجموعات من السكان ذات وجود مشترك في إقليمها.
2. خضوع هذه المجموعات السكانية لسيطرة قوة غريبة عنها، سواء أكانت مجرد قوة عسكرية تابعة لدولة أخرى أم قوة أجنبية استيطانية تقيم على نفس الإقليم.
3. أن يتم حرمان هذه المجموعات السكانية صاحبة الإقليم من حقها في ممارسة سيادتها عليه( ).

وبذلك نجد أن تقرير المصير يعد حقا كامنا في مجموع السكان الذين يقيمون في إقليم معين ويشكلون شعبا واحدا، فهو يخص جميع الشعب وليس جزءا منه( )، لذا فإن الاحتلال الأجنبي لذلك الاقليم يعتبر انكارا لحق تقرير المصير، كما أن إستيطان إقليم معين مأهول بالسكان من قبل مجموعات بشرية أجنبية عنه، وفرض سيطرتها عليه واستغلاله لمصلحتها، كما حصل في الجزائر من قبل وفلسطين اليوم، هو من قبيل إنكار ذلك الحق أيضا( ).

ومما تجدر الإشارة إليه أن جانبا من الفقه الاستعماري الغربي يحاول أن يحيط الوضع الدولي لحركات التحرر الوطني بالشك، وذلك من خلال قولهم بأن تقرير المصير لا يزال مجرد مبدأ ولم يتحول بعد إلى حق، ولذلك يرون أن نضال هذه الحركات يعد إرهابا يجب استنكاره. وقد اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية – تحت ستار قانوني – موقفا مناهضا لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤيدا لإسرائيل( ).

ويمكن القول أن الخلاف حول تقرير المصير كان محتدما قبل وضع ميثاق الأمم المتحدة، إذ كان الاتجاه الغالب في الفقه – في ذلك الوقت – يرى أن حق تقرير المصير هو مجرد مبدأ سياسي وضع لإنهاء أوضاع استعمارية، وترتيب أوضاع إقليمية ناتجة عن ظروف دولية، وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى، ولكن بعد صدور ميثاق الأمم المتحدة ونصه على تقرير المصير في المادتين 1/2 و 55 منه، اتجه جانب كبير من الفقه إلى اعتباره حقا قانونيا وليس مجرد مبدأ سياسي( )، ولذلك ذهب البعض إلى القول بأن "مبدأ تقرير المصير للشعوب قد تحول من مبدأ سياسي إلى مبدأ قانوني، وعلى الأرجح فقد تحول أيضا من مبدأ قانوني إلى حق قانوني"( ).

وقد أكدت الأمم المتحدة ذلك بالعديد من القرارات التي أصدرتها ومنها القرار رقم 637 بتاريخ 16/12/1970، الذي اعتبرت فيه حق الشعوب في تقرير مصيرها شرطا أساسيا للتمتع بسائر الحقوق والحريات الأخرى، وقد جاءت الاتفاقيتان الدوليتان (الاتفاقية الدولية لحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية) لتدعما هذا الموقف( ).

وقد أجاز الفقه الدولي استخدام القوة لاستخلاص هذا الحق في حال الاعتداء عليه( )، يضاف إلى ما سبق أن الإعتراف الدولي بتقرير المصير له أهمية كبرى وخاصة بالنسبة للشعوب المضطهدة والمكافحة ضد الاستعمار والاحتلال الأجنبي، وذلك لأن تثبيت حق تقرير المصير في ميثاق الأمم المتحدة يعطي لهذه الشعوب الأساس القانوني والدولي للحصول على حقها في تقرير المصير بكافة السبل( ).

ويجدر بنا أخيرا أن نشير إلى أن حق الشعوب في تقرير مصيرها لم يعد يقتصر على الجوانب السياسية والثقافية، بل إنه يشمل كذلك الجوانب الاقتصادية مثل حق الشعوب في السيطرة على ثرواتها الطبيعية ومواردها القومية، وهو ما أكدته الأمم المتحدة عام 1962م عندما أصدرت إعلانها المعروف بإسم "إعلان السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية"( ).



ثانيا: الفرق بين الإرهاب وأعمال حركات التحرر الوطني

لعبت هيئة الأمم المتحدة دورا بارزا في محاربة الاستعمار، وأكدت في كثير من قراراتها على حق الشعوب الخاضعة له بالتحرر منه بكافة الوسائل، ونصت على ذلك في كثير من قراراتها، ومنها على سبيل المثال: القرار رقم 3101 الصادر في 12/12/1972 في الدورة

الثامنة والعشرين، وقد أعطت الجمعية العامة لهذه الشعوب – لأول مرة – في عام 1970، الحق في استخدام الكفاح المسلح وصولا لحق في استخدام الكفاح المسلح وصولا لحق تقرير المصير، وقد أعادت التأكيد على هذا الحق في كثير من القرارات التي صدرت فيما بعد( ).

وفي الوقت ذاته عملت الأمم المتحدة على تدعيم المركز القانوني لحركات التحرر الوطني في العالم، عبر كثير من القرارات الهامة التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في الفترة الواقعة بين عام 1970 وعام 1985، حيث أبرزت الشخصية القانونية الدولية لهذه الحركات إلى جانب الدول كاملة السيادة أعضاء المجتمع الدولي، فمنحت منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974م صفة المراقب الدائم في مختلف اجهزة الأمم المتحدة، مما سمح لها أن تشترك في أجهزة هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وكذلك الاشتراك في مناقشة مشاريع الاتفاقيات التي تعدها لجنة القانون الدولي بصفة مراقب أيضا( ).

كذلك فقد ساهمت قواعد القانون الدولي الإنساني في تدعيم المركز القانوني لحركات التحرر الوطني، وإصباغ صفة المشروعية على أعمالها المسلحة وصولا لحق تقرير المصير، وذلك من خلال الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف لسنة 1949م الصادر عام 1977م، وبشكل خاص المادة الأولى / فقرة (4) التي نصت صراحة على أن:

"تتضمن الأوضاع المشار إليها في الفقرة السابقة، المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية، وذلك في ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير، كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة والإعلان المتعلق بمبادىء القانون الدولي الخاص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول، طبقا لميثاق الأمم المتحدة( )".
إن لجوء حركات التحرر الوطني لممارسة العنف لا يتم إلا عندما تعجز هذه الحركات عن شن حرب واسعة النطاق، كالحرب التي شنها الجزائريون ضد الاستعمار الفرنسي، أو الأنغوليون ضد الاستعمار البرتغالي، أو حرب الفيتناميين ضد قوات الولايات المتحدة الأمريكية، فعندما تواجه هذه الحركات طريقا مسدودا لشن حرب تحرير شاملة، فإنها تلجأ إلى أعمال العنف التي تؤرق العدو وتحرمه من الشعور بالأمن والأمان( ).

ولا تعتبر أعمال العنف التي تصدر عن حركات التحرر الوطني اعمالا إرهابية، لأن هناك فرقا بين الحركات الإرهابية وحركات التحرر الوطني، ففي حركات التحرر الوطني نجد أن هناك رغبة عارمة لدى أفراد الشعب بمختلف طبقاته واتجاهاته للانضمام إليها، من أجل ممارسة المقاومة الشعبية ضد المعتدي، في حين أن المنخرطين في الجماعات الإرهابية، هم قلة من أفراد المجتمع الناقمون على الأوضاع السائدة فيه، ولا يمثلون بحال من الأحوال قطاعا عريضا من الشعب( ).

ورغم ما تتميز به أعمال المقاومة الشعبية عن الجماعات الإرهابية، فإنه من الممكن ان تحدث أعمال إرهابية في إطار حركات التحرر الوطني، تماما مثلما ترتكب بعض الدول أعمالا إرهابية أثناء الحروب النظامية.

إن إرتكاب الدول لهذه الأعمال الإرهابية، لا يعني التبرير لحركات التحرر الوطني باستخدام هذه الوسائل، بل يتعين عليها أن تعلم بان لها حقوقا، وعليها التزامات، أهمها مراعاة القواعد العامة في القانون الدولي الإنساني زمن المنازعات المسلحة وبخاصة عدم ضرب المدنيين( )،
لأن الإمعان في ارتكاب هذه الأعمال وتكرارها قد يتسبب في إضفاء صفة الإرهاب عليها، كذلك يتعين عليها أن تقوم بأعمالها المسلحة داخل إقليمها وليس خارجه( )، أما نضالها بالوسائل السلمية، من أجل توعية الرأي العام الدولي ونشر الدعاية لأهدافها التحررية خارج إقليمها، فهي أمور مباحة، ومشروعة في القانون الدولي.

نخلص من عرضنا السابق إلى أن هناك فرقا واضحا في إطار القانون الدولي، بين الإرهاب والكفاح المسلح من قبل حركات التحرر الوطني وصولا إلى حق تقرير المصير( )، بل إن الفقهاء اعتبروا خرق حق تقرير المصير وعدم المحافظة عليه جريمة دولية، بل أنه أصبح قاعدة آمرة Jus Cognes في القانون الدولي( )، وذلك لأن كفاح هذه الحركات ضد السيطرة الأجنبية والقوى الاستعمارية التي تنكر حقها في تقرير المصير أصبح مشروعا (Legitimate) أو عادلا (Just)، وهو ما يعني بمفهوم المخالفة أن فعل الطرف الآخر يكون غير عادل (Unjust)( ).

ويجدر بنا في ختام هذا المبحث ان نشير إلى أن الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب قد وضعت حدا فاصلا، بين أعمال الكفاح المشروع ضد الاحتلال الأجنبي من أجل التحرير وتقرير المصير، والأعمال الإرهابية، حيث جاء في الفقرة (أ) من المادة الثانية من الاتفاقية: "إن حالات الكفاح المشروع ضد الاحتلال الأجنبي من اجل التحرير وتقرير المصير لا يعد من الجرائم الإرهابية وفقا لمبادىء القانون الدولي".

المبحث الرابع: الأعمال الإرهابية الإسرائيلية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني وإمكانية اعتبارها جرائم دولية
 خلال عام وأكثر من انتفاضة الشعب الفلسطيني الأخيرة، وهي التي عرفت بانتقاضة الأقصى، ارتكبت إسرائيل الكثير من الاعتداءات بحق هذا الشعب، من حصار وتجويع وقتل للمدنيين العزل والاغتيالات والتصفيات واستخدام قواتها العسكرية لوسائل حربية متعددة ومتنوعة في قمع الاحتجاجات الفلسطينية من طائرات حربية ودبابات ورشاشات ثقيلة من عيار (500) و (800) ملم، إضافة إلى الزوارق الحربية في غزة تحديدا.

كما ساهم، بل وشارك بصورة فاعلة في هذه الاعتداءات، المستوطنون الإسرائيليون المدججون بالسلاح، كذلك انتهجت إسرائيل سياسة العقوبات الجماعية، من إغلاق وحصار للمدن والقرى الفلسطينية بشكل لم يسبق له مثيل منذ عام 1967م، مع إخضاعها لمناطق معينة في مدينة الخليل مثلا لحظر شبه دائم للتجول، وخاصة المنطقة المعروفة ب (H2) والخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، يضاف إلى ذلك كله تدمير آليات الاحتلال الإسرائيلي لعشرات الألوف من الدونمات من الأراضي الزراعية المشجرة والمثمرة.

هذه الاعتداءات بمجملها هي نوع من إرهاب الدولة الذي يرى البعض وبخاصة، عندما يكون علنيا، بأنه يدخل في إطار العدوان اكثر من انتسابه إلى إطار الإرهاب.

وإذا كان العدوان له تعريفه، ومفهومه، وله أجهزة لمعالجة شؤونه، فإن الإرهاب لا يزال مفهومه غامضا وتعريفه غير محدد ولا يوجد أجهزة لمعالجة شؤونه( ).

وفي الوقت ذاته فإن كثيرا من الاعتداءات السابقة تحمل في ثناياها عناصر الجرائم الدولية، سواء أكانت جرائم ضد الإنسانية، وبخاصة جريمة إبادة الجنس البشري، وفي حال انطباق هذه الأوصاف أو بعضا منها على الاعتداءات السابقة التي ارتكبتها اسرائيل بحق شعبنا العربي الفلسطيني خلال انتفاضة الأقصى، فإن ذلك يقيم المسؤولية الدولية على إسرائيل وما يترتب على ذلك من آثار قانونية.

وسيكون البحث في هذا المقام في ثلاثة أقسام يتناول في الأول منها الجرائم الدولية بشكل عام، وجريمة إبادة الجنس البشري بشكل خاص، ويدرس الثاني مدى انطباق عناصر الجرائم الدولية على الاعتداءات الإسرائيلية، بينما يتناول الثالث مسؤولية إسرائيل الدولية عن تلك الاعتداءات.

أولا: المقصود بالجرائم الدولية وأنواعها

لقد تعددت تعريفات الفقهاء للجريمة الدولية( )، إلا أن العنصر المشترك فيها أن الجريمة الدولية هي كل فعل ينطوي على مخالفة لقواعد القانون الدولي، الواردة في نصوص اتفاقية، أو اتفاقيات دولية، سواء استقر عليها العرف الدولي، أم وردت كمبدأ عام معترف به من قبل الدولة المتمدينة، بشرط أن تكون تلك الجريمة من الجسامة بحيث تؤثر في العلاقات، أو تهز الضمير الإنساني( ).

وتقسم الجرائم الدولية إلى قسمين، منها جرائم ترتكب وقت السلم، كالقرصنة واختطاف الطائرات والاتجار بالرقيق، والإبادة الجماعية متى وقعت وقت السلم( )، وجرائم ترتكب وقت الحرب والنزاعات المسلحة وتسمى جرائم حرب( )، وهي التي نص عليها في المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة العسكرية في نورمبرج، وقد وضع لهذا الغرض ميثاق لندن سنة 1945م( ).

بالإضافة إلى ذلك هنالك طائفة من الجرائم تسمى بالجرائم ضد الإنسانية ويدخل في إطارها جريمة إبادة الجنس البشري.

ونظرا لأن كثير من الأعمال الإرهابية التي ارتكبت خلال انتفاضة الأقصى من قبل القوات الإسرائيلية، ضد أفراد الشعب وعناصر الأمن الوطني في السلطة الوطنية الفلسطينية، يرتبط بهذين النوعين من الجرائم، فسوف اتناول كلا منهما بشيء من التفصيل.

1. الجرائم ضد الإنسانية
وهي الجرائم التي تنطوي على عدوان صارخ على الإنسان، وتتمثل في القتل والإبادة والإبعاد والاسترقاق، وكل فعل غير إنساني آخر يرتكب ضد المدنيين قبل وأثناء الحرب وفي أثنائها( ).
وقد حددت المادة 6/ج من ميثاق لندن سنة 1945م الجرائم ضد الإنسانية بانها تشمل: القتل عمدا، والنفي، والاستبعاد، وغير ذلك من الأعمال اللاإنسانية، التي ترتكب ضد السكان المدنيين قبل الحرب وفي أثنائها، أو أي أحكام تبني على أسس سياسية، أو عنصرية، أو دينية، في تنفيذها أو فيما يتعلق بأي جريمة داخل نطاق اختصاص المحكمة، سواء أشكلت أم لم تشكل انتهاكا للقانون الوطني للدولة التي وقعت فيها هذه الجرائم والانتهاكات، وقد ربطت المادة نفسها هذا النوع من الجرائم بالحرب، أي بإعلان الحرب أو قيامها( ).

وتعتبر هذه الأفعال مجرمة متى ارتكبت ضد المدنيين عموما، بغض النظر عن جنسياتهم أو انتماءاتهم المجتمعية( )، وأيا كان مرتكب هذه الجرائم، بمعنى أنها كانت هذه في معظمها نتيجة لفعل دولة، أو سلطة، ويتم تنفيذها من خلال فاعلين ذوي سلطة، أو غير ذوي سلطة رسمية، فعنصر الدولة أو السلطة ليس هو المميز الوحيد للاختصاص القضائي الدولي للجرائم ضد الإنسانية، لأن هذه الجرائم قابلة للانطباق على الفاعلين من غير ذوي السلطة، إذا كانوا يتصرفون إما بأنفسهم، أو بناء على نهج متفق عليه مع فاعلين ذوي سلطة( ).

2. جريمة إبادة الجنس البشري
كان للحرب العالمية الثانية وما ارتكبت خلالها من جرائم بشرية، أثر في دفع المجتمع الدولي نحو تجريم كثير من الأفعال غير المشروعة، التي قد ترتكب ضد أفراد أو جماعات معينة، بسبب انتمائها السياسي، أو العرقي أو الديني، وذلك من خلال إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/1946م، قرارا يتضمن إعلانا يجعل إبادة الجنس البشري جريمة دولية تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها، ويستنكرها الضمير الإنساني، ولذلك فقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية منع إبادة الجنس البشري في 9/12/1948م، التي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 12/1/1951م بعد تسعين يوما من إيداع وثيقة تصديق الدولة العشرين عليها، وقد بلغ عدد الدول التي صدقت على هذه الاتفاقية أو انضمت إليها مع حلول عام 1997م (123) دولة( ).

وقد عرفت الاتفاقية جريمة إبادة الجنس البشري بأنها: أي فعل من الأفعال التي ترتكب بقصد القضاء كليا أو جزئيا على جماعة بشرية، بالنظر إلى صفاتها العنصرية أو الجنسية أو الدينية.

وقد نصت الاتفاقية على عدد من الأفعال التي تعد مكونة لهذه الجريمة، منها قتل أعضاء جماعة ما، والاعتداء الجسيم على أفرادها جسميا، أو نفسيا، أو إخضاع الجماعة عمدا إلى ظروف معيشية من شانها القضاء عليها، سواء أكان ذلك بصفة كلية أم جزئية، كذلك اتخاذ وسائل من شانها إعاقة التناسل داخل هذه الجماعة، أو نقل الصغار قسرا من جماعة إلى أخرى( ).

وقد نصت الاتفاقية على معاقبة مرتكب جريمة إبادة الجنس البشري، كما جرمت الاتفاق أو الشروع أو الاشتراك في هذه الجريمة، بل إن من أهم ما نصت عليه هو:
معاقبة كل من يرتكب هذه الجريمة، أو أي فعل من الأفعال التي نصت عليها، سواء أكان حاكما، أم موظفا، أم فردا عاديا، وبذلك أصبحت هذه الجريمة ليست من اختصاص التشريعات المحلية فقط، مما يدخلها في اختصاص القانون الدولي( ).

ولعل أهم ما يميز هذه الاتفاقية من حيث نطاق الزاميتها أنها تدخل في نطاق العرف الدولي الذي تتسم قواعده بعمومية التطبيق( ).
ولذلك يرى سمعان فرج الله بأن هذه الاتفاقية ليست ملزمة للموقعين عليها فقط، وإنما لجميع الدول أعضاء المجتمع الدولي، ذلك لأن تجريم أعمال إبادة الجنس البشري تستند إلى القواعد الدولية العرفية، فكأن الاتفاقية تتضمن قواعد "مقررة" وليست "منشئة" لجريمة إبادة الجنس البشري، خاصة وأن المادة فيها نصت على أن الدول الأطراف تقر (Confirm) بأن هذه الجريمة تقع في نطاق القانون الدولي وترتكب زمن السلم والحرب معا( ).

على الرغم من أهمية هذه الاتفاقية وعمومية إلزاميتها، إلا انها محدودة الفاعلية، فعلى الرغم من كثرة الانتهاكات، فإن هناك تقاعسا واضحا لدى المجتمع الدولي في مواجهة هذه الجريمة أو الوقاية منها، ودليل ذلك أن أول حكم صدر بإدانة إبادة الجنس البشري كان عام 1998م، أي بعد مرور خمسين عاما على التوقيع على هذه الاتفاقية( ).

ثانيا: مدى انطباق عناصر الجرائم الدولية على الإجراءات الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى

بعد أن اندلعت انتفاضة الأقصى بتاريخ 28/9/2000م في أعقاب الزيارة الاستفزازية التي قام بها أرئيل شارون زعيم المعارضة الإسرائيلية السابق ورئيس الوزراء الحالي، استخدمت إسرائيل كل ما لديها من قوة لقمعها، وارتكبت في أثناء ذلك كل الأعمال والتصرفات، بل والجرائم التي تعد وفقا لقواعد وأحكام القانون الدولي، وتحديدا القانون الدولي الإنساني، جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، منها القتل المتعمد للمدنيين،ومنهم الصحفيون والطواقم الطبية( )، والتعذيب وممارسة الأعمال القاسية أو المذلة للكرامة الإنسانية، والاعتقال التعسفي، وهدم المنازل، وتدمير الثروة الزراعية الفلسطينية، والحصار والتجويع، وغير ذلك من الجرائم الأخرى.

وخشية أن نقع في التكرار الممل، سوف نستعرض نوعين فقط من الجرائم التي ارتكبت خلال فترة الانتفاضة بحق الشعب الفلسطيني، وهما: القتل والاستهداف المتعمد للمدنيين، وتعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو الصحة، وذلك لأن ما يسري على هذين النوعين يسري على غيرها من التصرفات الأخرى، هي تشكل جميعها جرائم حرب، وهذا ما يدخل هذه الجرائم الإسرائيلية في إطار إرهاب الدولة المنظم ضد شعب أعزل.

1. القتل والاستهداف المتعمد للمدنيين
لقد جوبهت الهبة الجماهيرية الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى بقوة شديدة من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث سقط في الأيام الخمسة الأولى للانتفاضة 35 شهيدا، وبلغ عددهم حتى تاريخ 31/7/2001م حوالي 544 شهيدا، من بينهم 13 فلسطينيا من فلسطيني عام 1948م وبلغ عدد الجرحى أكثر من 14000 جريحا( )، كما قامت القوات الإسرائيلية حتى التاريخ نفسه بإعدام 46 ناشطا فلسطينيا، خارج نطاق القضاء، كما استشهد 16 آخرون من المدنيين في أثناء تنفيذ القوات الإسرائيلية لعمليات الإعدام( )، وفي الوقت ذاته فإنه لم يسلم الصحفيون ومراسلي وكالات الأنباء العالمية والمحلية من بطش القوات الاسرائيلية  والمستوطنين المتطرفين، في أثناء تصويرهم وتغطيتهم أحداث الانتفاضة( )، حيث بلغت عدد الإصابات بينهم حتى شهر أيار 2001م (45) صحفيا فلسطينيا، في حين بلغ عدد الصحفيين الإجمالي حتى تاريخ 20/4/2001م (104) صحفيين ومصورين (45) منهم أصيب بالرصاص الحي والمطاطي ( ) وشظايا القنابل.

ولا شك أن أعمال الاغتيال السابقة تعد من جرائم الحرب، كما يعد القتل العمد من المخالفات الجسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين، وتحديدا المادتين 147، 146. كما أن مهاجمة الصحفيين فيه خرق واضح لأحكام المادة 79/أ من الملحق "البروتوكول" الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977م التي نصت على أنه: "(أ). يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطيرة في مناطق المنازعات المسلحة أشخاصا مدنيين ضمن منطوق الفقرة الأولى من المادة 50، (ب). تجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات وهذا البروتوكول( )".

2. تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو الصحة
أفرطت القوات الإسرائيلية في استخدامها للأسلحة التي تلحق أذى وإصابات شديدة بالفلسطينيين، من رصاص حي، ورصاص معدني مغلف بالمطاط، والغاز المسيل للدموع، كما استخدمت في تفريق المتظاهرين الفلسطينين كثيرا من أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، كاستخدامها للرصاص المتفجر من نوع (دمدم) الذي ينفجر داخل الجسم ملحقا أضرارا كبيرة بأعضاء الجسم الداخلية، كما أن نوعية الإصابات التي ألحقت بالفلسطينيين، تعكس النية لدى قوات الاحتلال بإصابتهم إصابات قاتلة، حيث تركزت هذه الإصابات في الأجزاء العلوية من الجسم كالرأس( ) والصدر، وقد أدى إلى إصابة ما لايقل عن (1500) من الجرحى( ).

كذلك فإن قوات الاحتلال لم تتوان عن استخدام الدبابات والرشاشات الثقيلة في مواجهتها مع الفلسطينيين، مما أدى إلى تفجر الرأس للعديد من المدنيين حيث لم تستطع عائلات كثيرا منهم من تشخيصهم بسهولة( )، كما استخدمت القوات الإسرائيلية طائراتها الحربية من نوع ف16 في قصف مراكز الشرطة الفلسطينية في رام الله ونابلس، كما استخدمت أيضا الزوارق الحربية في قصف موقع  الشرطة البحرية  الفلسطينية في غزة أيضا( ).
 لا شك ان جميع الأفعال السابقة من تعمد إحداث المعاناة الشديدة للفلسطينيين تعد من المخالفات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م، خاصة المادة 147 من الاتفاقية الرابعة التي جعلت تعمد إحداث معاناة شديدة أو أضرار خطيرة بالصحة من المخالفات الجسيمة، وتعتبر تلك المخالفات وفقا للمادة 85/5 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م الملحق بإتفاقيات جنيف الأربع جرائم حرب، كذلك اعتبرت المادة 8/أ/3 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998م، تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو الصحة من جرائم الحرب( ).

ثالثا: مسؤولية إسرائيل عن اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني.
يفرض القانون الدولي على كل دولة واجبات قانونية يجوز إلزامها بمراعاتها وذلك بإستعمال وسائل الإجبار التي يقررها القانون الدولي، كما أن هناك التزامات أيضا تقع عليها، منها عدم الالتجاء إلى الحرب، أو استخدام القوة استخداما غير مشروع ويترتب على الإخلال بها مسؤولية دولية( ).

وإذا كانت آثار المسؤولية الدولية في القانون الدولي التقليدي لم تكن تتعدى أكثر من إصلاح الضرر، أي المسؤولية المدنية عن الجرائم التي تقع انتهاكا لقوانين الحرب وأعرافها، إلا أن النتائج المدمرة للحرب العالمية الثانية على المجتمع الإنساني وسعت من نطاق المسؤولية الدولية لتشمل المسوؤلية الدولية لتشمل المسوؤلية الجنائية عن تلك الجرائم أيضا( ).
لذلك سوف نستعرض بإيجاز كلا النوعين من المسؤولية الدولية، ثم نطبق أحكام المسؤولية الدولية على الجرائم الإسرائيلية.

1. المسؤولية الدولية
تعددت تعريفات فقهاء القانون الدولي للمسؤولية الدولية( )، ولكنها جميعا تتفق على أن عناصر المسؤولية الدولية ثلاثة، وهي:
‌أ- الفعل الضار أو العمل غير المشروع الذي يرتب عليه القانون الدولي العام المسؤولية، ويتمثل هذا بإرتكاب إحدى جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية.
‌ب- نسبة هذا الفعل إلى أحد أشخاص القانون الدولي العام كالدولة أو إحدى المنظمات الدولية.
ج- أن ينتج عن هذا الفعل ضرر يصيب أحد أشخاص القانون الدولي( ).
ومتى توافرت عناصر المسؤولية المدنية، فإنه يترتب على ذلك أمور، أهمها: انه يتعين على الدولة أو الشخص الدولي التوقف عن الفعل أو التصرف المخالف لقواعد وأحكام القانون الدولي، ويترتب عليها أيضا أن تعمل على إعادة الحال إلى ما كان عليه الوضع قبل المخالفة، وهذا ما يسمى بالتعويض العيني( )، ولكن في الحالات التي لا يمكن فيها إعادة الحال إلى ما كان عليه الوضع سابقا، فعلى الدولة التي تسببت بالضرر أن تقوم( ) بدفع تعويض مالي يتناسب مع ما أصاب المضرور من أضرار مادية أو معنوية.

2. المسؤولية الجنائية
تطورت المسؤولية الجنائية التي يتحملها الأفراد نتيجة انتهاكهم لقوانين وأعراف الحرب وذلك مع تطور المسؤولية الدولية ذاتها.
فإذا كانت اتفاقية لاهاي لعام 1907م لم تتعرض للمسؤولية الجنائية مكتفية بتحديد مسؤولية الدولة بدفع التعويضات فقط، فإن هذا الموقف تغير بعد الحرب العالمية الأولى وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد توج هذا التطور بعد انتهاء الحرب بتشكيل الدول الأربع المنتصرة بالحرب (وهي الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، بريطانيا، الاتحاد السوفياتي) محكمة عسكرية لمحاكمة مجرمي الحرب الألمان الذين لا يمكن حصر جرائمهم في إقليم دولة واحدة، وسميت محكمة "ثورمبرج" العسكرية( ).

وقد أصدر مجلس الأمن الدولي عام 1993م قراره رقم 808/1993 بتشكيل محكمة دولية خاصة مجرمي الحرب في يوغوسلافيا السابقة، كما أصدر في عام 1994 قراره رقم 95/1994م بتشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب في رواندا، وكذلك قراره عام 2000م رقم 1315/2000 بإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب في سيراليون، كما تعززت المسؤولية الجنائية الدولية بصورة أكبر مع إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في روما عام 1998م( ).

وعندما تقوم المسؤولية الجنائية الدولية بتوافر عناصرها الثلاث فإنها تشمل عندئذ الأفراد العاديين، والقادة العسكريين، ورؤساء الدول.

وبالنسبة للأفراد العاديين، فقد نصت على ذلك المادة 25/3 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية، الدولية، ولا يجوز للأفراد من اجل التنصل من المسؤولية حال قيامها الدفع بالأوامر العليا حيث رفض ميثاق المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرج صراحة حجة الأوامر العليا كدفع كامل للمسؤولية عن الأفراد، وإن كانت المادة الثالثة من الميثاق ذاته نصت على جواز اعتبار الأوامر العليا عنصرا مخففا للعقاب( )، إذا وجدت المحكمة أن مجرى العدالة يتطلب ذلك.

ولكن المادة 33 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998م نصت على أنه لا يعفى الشخص من المسؤولية الجنائية، إذا كان ارتكابه للجريمة قد تم امتثالا لأمر حكومة أو رئيس عسكري أو مدني باستثناء الحالات التالية:

‌أ- إذا كان على الشخص التزام قانوني بإطاعة أوامر الحكومة أو الرئيس المعني.
‌ب- إذا لم يكن الشخص على علم بالأمر غير المشروع.
ج- إذا لم تكن عدم المشروعية ظاهرة.

ولأغراض هذه المادة تكون عدم المسؤولية ظاهرة في حالة أوامر ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية( ).

وبالنسبة للقادة العسكريين، فإنهم يكونون مسؤولين جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها العسكريون الخاضعون لإمرتهم، وقد فصلت المادة 28/1 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية متى تقوم هذه المسؤولية، وتقع المسؤولية الجنائية مباشرة على عاتق القائد العسكري ما دامت الجريمة أو الجرائم قد ارتكبت من قبل القوات الخاضعة له، وبأمر منه، كما يعتبر مسؤولا أيضا إذا فشل في اتخاذ الخطوات اللازمة والمعقولة للتأكد من إطاعة قوانين الحرب أو معاقبة المخالفين( ).

أما بالنسبة للمسؤولية الجنائية لرؤساء الدول، فإنها تقوم إذا كانت جريمة الحرب قد ارتكبت بأمر صادر منه وبصفته الرسمية، ففي هذه الحالة فإنه يخضع للعقاب حتى وإن كان القانون الوطني للدولة لا يعاقب على ذلك الفعل، كما أن الحصانات المقررة وفقا للقانون الدولي، وخاصة لرؤساء الدول فإنها لا تحول دون قيام المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية( )، وقد أكدت أيضا على قيام تلك المسؤولية المادة 28/2 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وتجدر الإشارة أخيرا إلى عدم سريان التقادم المسقط المعروف في التشريعات الجنائية الداخلية على الجرائم الدولية( )، نظرا لخطورة هذه الجرائم والأثر السلبي الذي تلحقه بالمجتمع الدولي، ولا شك أن تجريد الجرائم الدولية من حصانة التقادم المسقط تعد من أهم الضمانات التي تكفل للضحايا إمكانية الاقتصاص، في حال تغير الظروف من الأشخاص الذين اقترفوا بحقهم جرائم دولية( ).

رابعا: تطبيق أحكام المسؤولية الدولية على الجرائم الإسرائيلية
بعد أن استعرضنا أحكام المسؤولية الدولية بشقيها المدنية والجنائية المترتبة على ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فإننا نجد أن كلا النوعين من المسؤولية الدولية ينطبقان على الاعتداءات الإسرائيلية التي ارتكبت خلال العام الماضي بحق شعبنا الفلسطيني، وعليه فإنه يتعين على إسرائيل تنفيذ ما يترتب على هاتين المسؤولتين من التزامات.
1. بالنسبة للمسؤولية المدنية:
لا شك أن الالتزامات الثلاثة الناتجة عن قيام هذه المسؤولية تنطبق على إسرائيل وذلك على النحو التالي:
‌أ- وقف العمل غير المشروع
يترتب على هذا الالتزام وجوب قيام إسرائيل بإجرائين، أولهما: وجوب وقف جميع مظاهر العنف ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ورفع الحصار عن المدن والقرى والمخيمات، وكذلك وقف عمليات التصفية الجسدية والقتل المتعمد، والاعتقالات التعسفية وغيرها، وثانيهما: وجوب إنهائها حالة الاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية والانسحاب منها، تطبيقا لقواعد القانون الدولي التي تحرم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة العسكرية، واحتراما لقواعد الشرعية الدولية، وفقا لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 و 338.
‌ب- إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الاعتداء (التعويض العيني)
يتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تلغي جميع الإجراءات التي اتخذتها بعد 28 أيلول/سبتمبر 2000م، وبخاصة إزالة الحواجز العسكرية وسحب الدبابات التي تحاصر المدن الفلسطينية، وأن تخلي المباني السكنية والمدارس التي استولت عليها وحولتها إلى ثكنات عسكرية لقواتها.
‌ج- التعويض المالي
يتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تدفع أولا: تعويضات مالية للمتضررين من أبناء الشعب الفلسطيني من جراء عمليات القتل والإعدام خارج نطاق القانون، وثانيا: أن تدفع تعويضات مالية للسلطة الفلسطينية عما لحقها من خسائر اقتصادية نتيجة الحصار، وقصف وهدم المباني العامة والمستشفيات ومقار الشرطة والأمن الوطني الفلسطيني، وهذا مما يلقي على كاهل السلطة الفلسطينية التزاما بوجوب إعداد ملفات قانونية، واقتصادية، ومالية، عن كل الخسائر والأضرار التي لحقت بها خلال انتفاضة الأقصى. ولكن على الرغم من مسؤولية إسرائيل الدولية عن التعويضات المادية للمتضررين من أبناء الشعب الفلسطيني، فإن هذا لا يعني إعفاء السلطة الوطنية الفلسطينية من واجب دفع تعويضات أولية لهؤلاء المتضررين إلى حين حصولهم على تعويضات من الحكومة الإسرائيلية.

2. بالنسبة للمسؤولية الجنائية لإسرائيل:
لا شك أن الاعتداءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، من القتل العمد، أو التعذيب، أو استخدام الرصاص المتفجر من نوع "دمدم"، وتدمير الممتلكات، تعد جميعها من الانتهاكات الجسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة وبخاصة المادتين 146 و 147 منها، كما نصت المادة الخامسة من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977م والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية على اعتبار الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات والبروتوكول جرائم حرب، كما أن المادة 86 من البروتوكول ذاته ترتب مسؤولية مباشرة وجماعية على عاتق الدول الأعضاء في اتفاقية جنيف الرابعة بوجوب التحرك لمنع كافة الانتهاكات للاتفاقية والبروتوكول، وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها الرسمية أن تتحمل مسؤولية مطالبة الدول الأطراف بتنفيذ التزاماتها.
أما المادة 88 من نفس البروتوكول، فإنها تعطي الحق للمتضررين من هذه الانتهاكات الجسيمة ملاحقة الآمرين بارتكاب هذه الجرائم، ومنفذيها، ومساءلتهم كمجرمي حرب، خصوصا وأن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم كما سبق أن بينا.
وأخيرا، فإنه وعلى الرغم من جسامة الاعتداءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وانطباق عناصر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية عليها، فإن مجلس الأمن الدولي قد صمت عن هذه الجرائم وتجاهل مطلب وحاجة الشعب الفلسطيني لتوفير الحماية الدولية للمدنيين العزل في الأراضي الفلسطينية المحتلة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
كذلك فإننا نرى بأن على اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تتحمل مسؤولياتها القانونية، وذلك من خلال مطالبة الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة، بواجب التحرك والتدخل لحماية الشعب الفلسطيني وبحث الإجراءات والتدابير الكفيلة بإحترام إسرائيل لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م وتطبيقها على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الخاتمة والتوصيات

كان الهدف من هذا البحث إبراز أربعة أمور هي:
أولا: صعوبة تعريف الإرهاب والاتفاق على صيغة معينة لمفهومه وبخاصة في القانون الدولي.

ثانيا: أن ممارسة الإرهاب لا تقتصر على الأفراد وإنما تشمل كذلك الدول بل أن إرهاب الدولة أشد إيذاء وأكثر إيلاما.

ثالثا: هناك فرق واضح بين الأعمال الإرهابية وأعمال المقاومة الشعبية المسلحة وصولا لحق تقرير المصير. فبينما توصف الأولى بعدم المشروعية، فإن الثانية تحظى بمباركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية العالمية والإقليمية الأخرى.

رابعا: إن أعمال القمع التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في أعقاب اندلاع انتفاضة الأقصى هي نوع من أنواع إرهاب الدولة وتشكل جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وبالتالي فإنها تقيم المسؤولية الدولية لإسرائيل بشقيها المدني والجنائي.

وبناء عليه فإن هذا البحث يوصي بمايلي:
أولا: أن تقوم الجماعة الدولية بتعريف الإرهاب الدولي تعريفا قانونيا واضحا، يميزه عن الأعمال العنيفة المشروعة، للشعوب ومنظماتها.

ثانيا: أن تتم مكافحة الإرهاب الدولي ضمن إطار مجلس الأمن وباقي فروع هيئة الأمم المتحدة، لا على يد دولة أو عدة دول، وذلك لكي تحظى هذه المقاومة بالمشروعية الدولية، وبموافقة كافة الدول.

ثالثا: أن تقوم الأمم المتحدة، بدور فعال في وضع خطط متوسطة وطويلة الأمد، للقضاء على أسباب هذه الأعمال الإرهابية وجذورها، وذلك بمساهمة اقتصادية فاعلة من قبل الدول الكبرى والغنية بشكل خاص.

رابعا: مع تسليمنا بأن مكافحة الإرهاب يتعين أن تتم من خلال هيئة الأمم المتحدة، إلا أننا نرى في هذه المرحلة بالذات، بأن لا تتوقف جهود الولايات المتحدة الأمريكية ومن تحالف معها بعد أحداث 11/أيلول/2001م في نيويورك وواشنطن، في مقاومة الإرهاب الدولي، على محاربة أسامة بن لادن، أو الهجوم على أفغانستان فقط، ولا حتى قمع بعض المنظمات الإرهابية المعادية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وفقا للائحة التي أعدتها الولايات المتحدة الأمريكية عن تلك المنظمات، وإنما تطبيق معايير مكافحة الإرهاب بدقة، يقتضي محاربة الدول التي تمارس الإرهاب أيضا، ومنها إسرائيل، لممارستها العدوان المنظم على الدول المجاورة، وعلى الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وختاما، نقول بأن نشر الثقافة القانونية، والقيم الإنسانية، تسهم إلى حد بعيد في التقليل من العمليات الإرهابية، إلا أنه ما دامت هناك دول إرهابية تمارس عمليات القمع والإرهاب ضد غيرها فتستمر أعمال الإرهاب المقابلة.

المراجع

أولا: باللغة العربية
1. أبو اسخيلة، محمد عبد العزيز، الفوارق القانونية والسياسية بين مفهومي حق الشعوب في الكفاح المسلح من أجل تقرير المصير والإرهاب الدولي، كتاب أبحاث مؤتمر اتحاد المحامين العرب السادس عشر، المنعقد في الكويت 1987، الجزء الثاني.

2. أبو سخيلة، محمد عبد العزيز، المسؤولية الدولية عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الجزء الأول النظرية العامة للمسؤولية الدولية، دار المعرفة الكويت (بلا.ت).

3. إسرائيل والأراضي المحتلة، الاستخدام المفرط للقوة المميتة، اكتوبر / تشرين أول سنة 2000م، رقم الوثيقة MDEIS14/00.

4. الأشعل، عبدالله، المركز القانوني الدولي لمنظمة التحرير الفلسطينية، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 1988.

5. بسيوني، محمود شريف، التجريم في القانون الجنائي الدولي وحماية حقوق الإنسان. مجلدات حقوق الإنسان، المجلد الثاني، دار العلم للملايين، ط1، حزيران، يونيو، 1989.

6. التل، أحمد يوسف، الإرهاب في العالمين العربي والغربي، بدون دار نشر، ط1، عمان، الأردن، 1998.

7. جاد، محسن علي، معاهدات السلام في القانون الدولي العام، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1987.

8. الجهماني، ثائر إبراهيم، مفهوم الإرهاب في القانون الدولي، دار حوران للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ط1، 1998.

9. حريز، عبدالناصر، النظام السياسي الإرهابي الإسرائيلي دراسة مقارنة، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 1997م.

10. حلمي، أحمد نبيل، الضفة وغزة بين الحكم الذاتي وتقرير المصير، مجلة السياسية الدولية القاهرة، العدد 59 يناير، 1980.

11. درعاوي، داود، تقرير حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية (مسؤولية إسرائيل الدولية عن الجرائم خلال انتفاضة الأقصى) الهيئة المستقلة لحقوق المواطن سلسلة التقارير القانونية رقم 24، رام الله فلسطين، آب 2001.

12. الدويك، موسى، حقوق الإنسان وحرياته، مطبعة الموقف، القدس، 1986.

13. الدويك، موسى، محاضرات في القانون الدولي العام، دار الحسن للطباعة والنشر، الخليل، فلسطين 87، 1981.

14. رفعت، أحمد محمد، والطيار، صالح بكر، الإرهاب الدولي، مركز الدراسات العربي والأوروبي، ط1 فبراير، شباط، 1998.

15. رفعت، أحمد محمد، الفوارق القانونية بين الكفاح المسلح المرتبط بحق تقرير المصير والإرهاب الدولي، كتاب أبحاث مؤتمر اتحاد المحامين العرب السادس عشر المنعقد في الكويت، 1987، الجزء الثاني.

16. رفعت، أحمد محمد، مقدمة لدراسة القانون الدولي لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985.

17. سرحان، محمد عبد العزيز، حول تعريف الإرهاب الدولي وتحديد مضمونه من واقع قواعد القانون الدولي وقرارات المنظمات الدولية، المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد 29، 1973.

18. سرحان، محمد عبد العزيز، مقدمة لدراسة الدولة الفلسطينية، دار النهضة العربية القاهرة، 1989.
19. سليمان، عصام، تحريم العنف والإرهاب في المواثيق والاتفاقيات الدولية دراسة منشورة في مجلة الفكر العربي، مجلة الاتحاد العربي للعلوم الإنسانية، بيروت العدد 65، تموز يوليو، سبتمبر، 1991.

20. شعبان، إبراهيم محمد، الانتفاضة الفلسطينية في عامها الأول دراسة في ضوء أحكام القانون الدولي العام القدس، 1989.

21. شكري، عزيز محمد، الإرهاب الدولي، دراسة قانونية ناقدة، دار العلم للملايين بيروت، لبنان ط1، 1991.

22. شلبي، صلاح عبدالبديع، حق الاسترداد في القانون الدولي دراسة مقارنة في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، الناشر المؤلف، ط1، 1983.

23. الشيخ، فتح الرحمن عبدالله، قضايا عربية في القانون الدولي المعاصر، مركز الدراسات السودانية، القاهرة، ط1، 1996.

24. عامر، صلاح الدين، المقاومة الشعبية المسلحة في القانون الدولي العام مع إشارة خاصة إلى أسس الشرعية الدولية للمقاومة الفلسطينية، دار الفكر العربي القاهرة، (بلا.ت).

25. عبدالخالق، محمد عبدالمنعم، الجرائم الدولية، دراسة تأصيلية للجرائم ضد الإنسانية والسلام وجرائم الحرب، ط1، 1989، دون دار نشر.

26. علي، جعفر عبدالسلام، بين جريمة القرصنة وجرائم الإرهاب الدولي، كتاب أبحاث مؤتمر اتحاد المحامين العرب السادس عشر المنعقد في الكويت، 1987، الجزء الثاني.

27. علي، جعفر عبدالسلام، معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية دراسة تأصيلية وتحليلية على ضوء أحكام القانون الدولي، دار نهضة، مصر للطباعة والنشر، 1980.

28. العنزي، رشيد محمد، محاكمة مجرمي الحرب في ظل قواعد القانون الدولي، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، السنة الخامسة عشرة، العدد الأول، مارس 1991.

29. الفار، عبد الواحد محمد يوسف، أسرى الحرب دراسة فقهية وتطبيقية في نطاق القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية، عالم الكتب القاهرة، 1975.

30. فان غلان، جيرهارد، القانون بين الأمم، تعريب عباس نمر، دار الأفاق الجديدة، بيروت، ط1، 1970.

31. فرج الله، سمعان بطرس، الجرائم ضد الإنسانية إبادة الجنس البشري وجرائم الحرب وتطور مفاهيمها، دراسات في القانون الدولي الإنساني اعداد نخبة من المتخصصين والخبراء صدر عن بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقاهرة، الناشر دار المستقبل العربي واللجنة الدولية للصليب الأحمر ط1، 2000.

32. القراعين، يوسف محمد، حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير، دار الجليل للنشر، عمان، الأردن، ط1، 1981.

33. كامل، حسن المحامي، حق تقرير المصير القومي، المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد الثاني عشر، يناير، 1956.

34. كوركيس، داود، الجريمة المنظمة، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2001م.

35. الكيلاني، هيثم، الإرهاب يؤسس دولة (نموذج إسرائيل)، دار الشروق، القاهرة، ط1، 1997.

36. مؤسسة الحق، تصفية قوات الاحتلال الإسرائيلي للمواطن الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤسسة الحق، رام الله، فلسطين، شباط 2001م.

37. محب الدين، محمد مؤنس، الإرهاب في القانون الجنائي، كلية الحقوق جامعة المنصورة، 1983.

38. محمود، عبد الغني، المطالبة الدولية لإصلاح الضرر في القانون الدولي والشريعة الإسلامية، (بلا.ت)، ط1، 1986.

39. المحمودي، عمر محمود، قضايا معاصرة في القانون الدولي العام، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 1989.

40. النابلسي، تيسير، الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية دراسة لواقع الاحتلال الإسرائيلي في ضوء القانون الدولي، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1975.

41. النقيب، عدنان عباس، تغير السيادة الإقليمية وأثارها في القانون الدولي، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1989.

42. الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، التقرير السنوي السادس، حالة المواطن الفلسطيني، 1 كانون الثاني 2000 – 31 كانون أول 2000، الهيئة، شباط 2001، رام الله، فلسطين.




ثانيا: باللغة الانجليزية

1. Bin Talal, Hasan. Palestinian Self – Determination: A Study of the West Bank and Gaza Strip, London, Quartet Book, 1981.

2. Chadwick, Elizabeth. Self Determination, Terrorism and International Humanitarian Law of Armed Conflict. Published by Matinus Nijhoff, 1996.

3. Harris, D.J. Cases and Materials on International Law, Third edition, published by sweet and Maxwell 1983.

4. Hiller, Tim. Source Book on Public International Law, Carendish Publishing, London, 1988.

5. Noone, Michael, F. and Yonah, Alexander, Cases and Materials on Terrorism, Three Nations' Response.Published by Kluwer Law International, 1997.

6. Wilson, Heather A. International Law and the Use of Force by National Liberation Movements.Clarendon Press, Oxford, 1988.

7. Health Care Under Siege II, The Health Situation of the Palestinian during the     first 7 Months of the Intifada 2000 April 28 2001 Health development Information.

8. Report of the meeting of "Ad hoc" group of experts on International co-operation for the prevention and control of the various manifestations of crime including terrorism, Siracusa, Italy 20-24 January 1988.

9. The Rights of Self Determination of the Palestinian People, prepared for and under the guidance of the committee on the exercise of the Inalienable Right of    the Palestinian People, United Nations, New York1979, Document No     t/SG/SER/F13,

 
10. The Use of Force by the Israeli Security Forces, A Legal Reflection, A1 – Haq, Ramallah, May2000.


تعليقات