القائمة الرئيسية

الصفحات



قرار المجلس الدستوري بخصوص مدى دستورية القوانين المتعلقة بالتقاعد.




المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملف عدد: 16/1485
قرار رقم: 16/ 1015 م. د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على رسالة الإحالة المسجلة بأمانته العامة في 9 أغسطس 2016 التي يطلب بمقتضاها 43 عضوا بمجلس المستشارين من المجلس الدستوري التصريح بعدم مطابقة كل من القانون رقم 71.14 بتغيير وتتميم القانون رقم 011.71 بتاريخ 12 من ذي القعدة 1391 (30 ديسمبر 1971) المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، والقانون رقم 72.14 المحددة بموجبه السن التي يجب أن يحال فيها على التقاعد الموظفون والمستخدمون المنخرطون في نظام المعاشات المدنية، والقانون رقم 96.15 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.216 الصادر في 20 من شوال 1397 (4 أكتوبر 1977) المتعلق بإحداث نظام جماعي لمنح رواتب التقاعد، لأحكام الدستور؛
وبعد الاطلاع على المذكرة الوصفية المقدمة من طرف السيد رئيس مجلس المستشارين المسجلة بالأمانة العامة المذكورة بتاريخ 15 أغسطس 2016؛
وبعد الاطلاع على مذكرة ملاحظات السيد رئيس الحكومة المرفقة بكتابه المسجل بنفس الأمانة العامة في 16 أغسطس 2016؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لاسيما الفصلان 132 و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبعد الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف، وعلى باقي المستندات؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر، والمداولة طبق القانون؛
أولا- من حيث الشكل:
حيث إن رسالة الإحالة إلى المجلس الدستوري قدمت قبل إصدار الأمر بتنفيذ القوانين المذكورة من طرف 43 عضوا بمجلس المستشارين، الأمر الذي تكون معه الإحالة مستوفية للشروط المقررة في الفقرة الثالثة من الفصل 132 من الدستور؛
ثانيا – من حيث الموضوع:
حيث إن رسالة الإحالة تهدف إلى التصريح بعدم مطابقة كل من القانون رقم 71.14 والقانون رقم 72.14 والقانون رقم 96.15 لأحكام الدستور، وذلك بعلة:
- أن مكتب مجلس المستشارين اتخذ قرارا بإحالة مشاريع هذه القوانين على الجلسة العامة داخل أجل شهر مخالفا بذلك أحكام الفصل 82 من الدستور وكذا مقتضيات المادة 189 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين؛
- أن اجتماعات لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية لم تكن سرية إذ كانت مفتوحة ولم يتم ضبط الحضور فيها، إضافة إلى تسريب فيديو اجتماعها المنعقد بتاريخ 13 مايو 2016، مما يشكل خرقا للفصل 68 من الدستور والمادة 61 من النظام الداخلي للمجلس؛
- أن دعوة اللجنة المعنية لانعقاد اجتماعها بتاريخ 26 مايو 2016 لم يتم فيه احترام الأجل المنصوص عليه في المادة 60 من النظام الداخلي للمجلس؛
- أن هذه اللجنة عقدت اجتماعا يوم الثلاثاء 21 يونيو 2016 لدراسة مشاريع القوانين وهو اليوم الذي تعقد فيه الجلسة العامة في مخالفة لمقتضيات المادة 61 من النظام الداخلي للمجلس؛
- أن الآجال القانونية المتطلبة، طبقا للمادة 190 من النظام الداخلي للمجلس، لم يتم احترامها في توزيع تقارير اللجنة على أعضاء المجلس قبل الشروع في مناقشتها في الجلسة العامة؛
لكن،
حيث إن رسالة الإحالة ترتكز، من جهة، على خرق أحكام الفصلين 82 و 68 من الدستور، ومن جهة أخرى، على مخالفة بعض مقتضيات النظام الداخلي لمجلس المستشارين؛
وحيث إن الفصل 82 من الدستور المستدل به لا يتعلق بعمل اللجن وإنما بكيفية وضع مكتب كل من مجلسي البرلمان لجدول أعمال جلساته العامة؛
وحيث إن الفصل 68 من الدستور ينص في فقرته الثالثة على أن "جلسات لجان البرلمان سرية، ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلمان الحالات والضوابط التي يمكن أن تنعقد فيها اللجان بصفة علنية"؛
وحيث إنه، تطبيقا لأحكام هذه الفقرة، نص النظام الداخلي لمجلس المستشارين في الفقرتين الأولى والثانية من مادته 61 على أن "اجتماعات اللجن الدائمة للمجلس سرية، ويمكنها أن تعقد اجتماعات علنية بخصوص قضايا وطنية وجهوية تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني لا تتعلق بالأمن الداخلي أو الخارجي للدولة، بناء على طلب معلل من رئيس المجلس أو مكتبه، أو رئيس فريق، أو من الحكومة، أو من ثلث أعضائها، أو بمبادرة من مكتبها؛
تقرر مكاتب اللجن الدائمة في الطلبات المذكورة، وتسهر على ترتيب وتأمين انعقاد اجتماعاتها العلنية"؛
وحيث إن الإحالة المقدمة إلى المجلس الدستوري تتعلق بمراقبة دستورية القوانين؛
وحيث إن مراقبة دستورية القوانين تشمل مراقبة القانون في إجراءاته وفي جوهره؛
وحيث إنه، لئن كان الدستور يحيل، لتطبيق بعض أحكامه، على النظام الداخلي لمجلسي البرلمان تكريسا لاستقلالهما وضمانا لحسن ممارستهما للمهام المنوطة بهما في عدة مجالات، فإنه، فيما يخص البت في مطابقة أو عدم مطابقة قانون للدستور لا يعتد إلا بأحكام ومبادئ هذا الأخير وتلك التي تعلو القانون وتعد في حكم الدستور؛
وحيث إن النظام الداخلي لمجلسي البرلمان، مع مراعاة قوته الإلزامية بالنسبة لأجهزة المجلس المعني وأعضائه، لا يُنَزَّل منزلة أعلى من القانون، الأمر الذي لا يبيح فحص دستورية هذا الأخير في ضوء مقتضيات واردة في النظام الداخلي لأحد مجلسي البرلمان، ما عدا إذا جاءت هذه المقتضيات تطبيقا مباشرا لقاعدة دستورية يتوقف إعمالها وجودا وعدما على ضوابط أسند الدستور تحديدها إلى نظام داخلي، ويؤدي الإخلال بها إلى الإخلال بالقاعدة الدستورية نفسها؛
وحيث أشار السادة المستشارون أصحاب الإحالة إلى أن لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، لم تطبق المادة 61 من نظامه الداخلي، وأن محاضر وتسجيلات اجتماع اللجنة تبين أنه لم يتم ضبط الحضور وأنها كانت مفتوحة، كما تم تسريب فيديو الاجتماع المنعقد بتاريخ 13 مايو 2016 بمناسبة دراسة مشاريع القوانين موضوع الإحالة؛
وحيث إنه، بصرف النظر عن كون تسريب فيديو أحد اجتماعات اللجنة المذكورة لا يعد دليلا على أنه لم يحترم فيه مبدأ السرية، فإنه يبين من الاطلاع على تقرير اللجنة المذكورة - خلافا للادعاء - أن حضور أعضائها تم ضبطه من خلال لوائح التوقيعات، وأن هذا التقرير خال مما يفيد أن اجتماع اللجنة كان مفتوحا، وليس فيه أيضا ما يفيد أن المستشارين أصحاب الإحالة أثاروا أثناء انعقاد اجتماع هذه اللجنة ما ادعوه من عدم تقيدها بمبدإ سرية اجتماعاتها؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن ما ادعي من خرق أحكام الفصل 68 من الدستور لا يستند على أساس؛
وحيث إن باقي المآخذ المتعلقة بادعاء مخالفة مقتضيات المواد 60 و61 (الفقرة الثالثة) و189 و190 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، لا تهم ضوابط تعتبر تطبيقا مباشرا لقاعدة دستورية يؤدي عدم التقيد بها إلى الإخلال بالقاعدة الدستورية نفسها، الأمر الذي لا يجوز معه الاستناد إلى هذه المقتضيات للتصريح بمطابقة أو بعدم مطابقة القوانين المذكورة للدستور؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون الأسباب المستدل بها للطعن في دستورية القوانين المذكورة لا تنبني على أساس دستوري صحيح؛
لهذه الأسباب:
أولا- يصرح بأن مسطرة إقرار القانون رقم 71.14 بتغيير وتتميم القانون رقم 011.71 بتاريخ 12 من ذي القعدة 1391 (30 ديسمبر 1971) المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، والقانون رقم 72.14 المحددة بموجبه السن التي يجب أن يحال فيها على التقاعد الموظفون والمستخدمون المنخرطون في نظام المعاشات المدنية، والقانون رقم 96.15 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.216 الصادر في 20 من شوال 1397 (4 أكتوبر 1977) المتعلق بإحداث نظام جماعي لمنح رواتب التقاعد، ليس فيها ما يخالف الدستور؛
ثانيا - يأمر برفع قراره هذا إلى علم جلالة الملك، وبتبليغ نسخة منه إلى السيد رئيس الحكومة والسيد رئيس مجلس النواب والسيد رئيس مجلس المستشارين، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الجمعة 15 من ذي القعدة 1437
(19 أغـسـطـس 2016)
الإمضاءات:
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي
عبد الرزاق مولاي ارشيد محمد الصديقي محمد أمين بنعبد الله
محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين

تعليقات